مشاركة الشعب فى القضاء... هل هذا ممكن؟

[محمود تركى]

الصحف المصرية والعربية

القضاء, و ثورة 25 يناير 2011

الزميلات و الزملاء الأعزاء,

فى موضوع نشر حديثا فى أحد المنتديات, علّقت على مطلب يحدد بعض الإصلاحات القانونية و الإجتماعية , و من ضمنها نظام المحلفين المطبق فى أغلب الدول الأنجلوساكسونية, و بعض الدول الأوروبية و الأسيوية.

و قد قمت برد قصير يتضمن أن نظام المحلفين ليس مطبقا حاليا فى مصر, و ذكرت بعض الأسباب.

و لكنى بعد فترة تفكير, تذكرت أن نظام المحلفين كان مطبقا فقط فى المحاكم المختلطة فى مصر أثناء تواجد الإحتلال البريطانى , والتى تم الغاؤها عام 1949.

و قد قامت أثناء الثورة الحالية بعض القوى الوطنية بتشكيل محكمة ثورة, ذكرنى تشكيلها بنشأة نظام المحلفين فى انجلترا, و كيف تحول من نظام تكوين رأى و تزكية, إلى أن أصبح ركنا هاما فى القضاء الأنجلوساكسونى.

و لكن نجاح هذا النظام فى أى دولة يتوقف على عدة عوامل , منها ديموجرافية الشعب, و نظام حكم الدولة السياسى, و نظامها القانونى القضائى.

و لأن الدولة المصرية الحديثة قد بدأت بوادرها بانتخاب رئيس لجمهوريتها, فإن مناقشة مستقبل القانون و القضاء فى مصر أصبح أمرا واردا و ضروريا.

لهذا, سأكتب فى هذا الموضوع عن نظام المحلفين القضائى, و مدى صلاحيته للتطبيق فى مصر, و ذلك فى ضوء التغيرات التى سنتوقعها فى السنوات القادمة.

و إلى اللقاء فى الفقرة الأولى من هذا الموضوع, و عنوانها:

ما هو " نظام المحلفين".

و قبل أن أغادر هذه الصفحة, أود الإشارة أن المرحوم الدكتور محمود الأفوكاتو, و الدكتور ياسر محمود عبد المجيد ( حرفوش) قد كتبا كثيرا عن هذا الموضوع فى الواحة, و فى منتدى محاورات المصريين, لذا لزم التنويه.

تقبلوا أسمى تحياتى.

 

[محمود تركى]

السيدات و السادة أعضاء الواحة الكرام,

قبل أن أقوم بتعريف نظام المحلفين المطبق حاليا فى اول النظم القانونية الأنجلوساكسونية, و بعض دول الكومنولث, و بعض الدول الأسيوية, رأيت أن أطلعكم أولا على مقدمة بحث فى حكم الأسلام فى (القضاء الشعبى, الذى كان ثمرته نشأة نظام المحلفين فى الغرب), و التى يعدد فى مقدمتها الأستاذ دكتور فؤاد عبد المنعم اهمية مساهمة الشعب فى إدارة العدالة فى المجتمع الذى يعيش فيه.

و إليكم, فى الفقرة التالية, مقدمة البحث التى أستكمل بعدها نظرتى فى مدى صلاحية هذه المساهمة فى نظم مصر ما بعد ثورة 25 يناير, بصورة أو بأخرى, و مدى احتمال نجاحها.

و إليكم نص المقدمة: حكم الإسلام في القضاء الشعبي (بحث مقارن)أ. د. فؤاد عبدالمنعم أحمد

مقدمة عامة

1- أهمية الموضوع:

إن إسهام الشعب في إدارة العدالة مطروح للبحث والمناقشة، والقائد الحكيم هو من جعل الأمر شورى، يشارك فيه أهل العلم؛ ذلك أن الحكم علم يحتاج إلى الدراسة، وفن تلزمه الموهبة.وقد قال الرئيس الراحل محمد أنور السادات في دعوته لدراسة إمكانية تطبيق القضاء الشعبي والمحلفين في مصر: "يجب أن تترك هذه المشكلة ليقوم بدراستها أهل المهنة بأنفسهم ولا نفرض عليهم شيئًا، ويكون هدفنا الأول أن نبني نظامًا قضائيًا جديدًا، يبنيه أهل المهنة أنفسهم ليحصل كل مواطن في هذا الشعب على العدالة بأسرع ما يكون"

وقد وجدت من واجبي كرجل من رجال القضاء والقانون، ومن المهتمين بالدراسات الدستورية والقانونية من وجهة النظر الإسلامية مع مقارنتها بالأنظمة الحديثة، أن أبين حكم الإسلام في القضاء الشعبي خاصة وان دستور جمهورية مصر العربية الصادر في 11 سبتمبر 1971م يقر بإيمان الشعب بتراثه الروحي الخالد وينص في مادته الثانية على أن الإسلام هو دين الدولة، وان مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع، وهو توكيد لحكم المادة السادسة من دستور الجمهوريات العربية ونصها:

" تؤكد دولة الإتحاد على القيم الروحية وتتخذ الشريعة الإسلامية مصدرًا رئيسيًا للتشريع".

وقد فهم مجلس الثورة الليبية روح هذا النص فأصدر معمر القذافي قرارًا بتشكيل لجان لمتابعة التشريعات وتعديلها وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية ونصت المادة الأولى في فقرتها الثانية "ويجب مراعاة التزام المبادئ الأساسية للشريعة الإسلامية في كل مايصدر من قوانين وتشريعات أخرى"، ويعني ذلك أن دولة الاتحاد حكومة وشعبًا تلتزم بالإسلام ومبادئه كمنهج للحياة..

كما أن جميع الدساتير العربية نصت على أن الإسلام هو دين الدولة واعتبرت الشريعة الإسلامية مصدرًا أو المصدر الرئيسي للتشريعات باستثناء دستور دولة لبنان.ولما كانت المكتبة العربية تفتقر إلى كتاب يتناول وجهة نظر الإسلام ف القضاء الشعبي، رأيت أن أقوم بدراسة هذا الموضوع دراسة مقارنة تنشد الحقيقة دون تحيز مستمتعًا بحرية البحث العلمي التي كفلها الدستور المصري للباحث (م 49)، الذي يقدم ما يراه صالحًا لمن يريد الإصلاح والبناء.

هنا تنتهى مقدمة الأستاذ الدكتور فؤاد عبد المنعم أحمد,((العالم الفقيه المحقق، الأستاذ بقسم العدالة الجنائية، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية)...
لفكرة المشاركة الشعبية فى شئون القضاء و العدالة الشعبية.

و للموضوع بقية


تقبلوا التحية

 

 

[محمود تركى]

بقية

نبذة عن تطور نظام المحلفين فى انجلترا:

قبل الحديث عن تطور نظام المحلفين فى انجلترا, فإنه من المهم أن نشرح طرق الإثبات التى كانت تستعمل فى العصور الوسطى, إلى عام 1066, وهو عام غزو الفرنسيون ( النورمانديون) لإنجلترا, و الذى نتج عنه تغير جوهرى فى النظام القضائى البريطانى.

و قد كانت عملية استخلاص الاعتراف, أو التوصل إلى الحقيقة تتم بواسطة بعض الإجراءات التى تعتبر فى وقتنا الحاضر أساليب همجية متخلفة.و كان التعذيب هو أسلوب مفضل للحصول على " الحقيقة",

و قد تعددت اساليب التعذيب طبقا للزمان, و المكان, و سأشرح بأيجاز بعض تلك الأساليب التى اتسمت بعضها بالوحشية المستعملة لاستخلاص الحقيقة, و أقلها وحشية هو الأسلوب الآتى:

Trial by compurgation المحاكمة بإثبات الإيمان:

و هذا الأسلوب يعتمد على المشاعر الدينية, فالمتهم بتهمة ما يمكنه حشد عدد من كبار, أو علية القوم , لكى يزكونه, و يؤكدون إيمانه و نزاهته, و أنه لا يمكن أن يرتكب الأفعال المنسوبة إليه.و لكن بقية وسائل الإثبات الأخرى التى كانت متبعة, لم تكن بمثل هذا التسامح, بل كانت قاسية, و لكن رغم ذلك, استمر استعمالها لمدة تقرب من المائة عام.

و إليكم بعض هذه الوسائل:

1- التعذيب بالماء البارد:

و يتم ذلك بقذف المتهم فى مياة النهر أو البركة الباردة, فإذا غاص إلى القاع, كان بيئا, و إذا طفى على السطح, أعتبر مذنبا, و يتم إعدامه فورا. و لكن الشخص المفترض براءته قد يموت أيضا, حيث أنه أثناء مظاهر الفرح ببراءته, ينساه الناس, و يظل فى القاع إلى أن يموت غرقا, و لكن على الأقل مات... شريفا.

2- التعذيب بالماء الساخن:

و يكون ذلك بوضع يد المتههم لبعض دقائق فى وعء ماء يغلى, فإذا تم شفاء جلد اليد بعد دهانه بزيوت " مباركة" خلال ثلاثة أيام, فيعتبر بريئا, أما إذا لم يشفى الجلد بعد تلك المدة, فيعتبر ذلك دليل على أنه مذنب, و يستحق العقاب المقرر.

3- التعذيب بالنار:

و ذلك بإجبار المتهم بالقبض على قضيب حديدى ملتهب لدرجة الإحمرار, أو المشى على على جمرات من النار, وهو مغصوب العين, فإذا لم تشفى يده أو أقدامه بعد ثلاثة أيام بعد دهانها بالزيت " المبارك", فإن هذا يعد إثباتا للجرم. و يتم عقابه.

4- التعذيب بتناول أو تعاطى الخبز:

و يتم ذلك بدفع قطعة من الخبز و بها قطعة من الجبن, فى فم المتهم, فإذا تمكن من ابتلاعها, فهذا دليل على أن " ريقه جارى", و هذا هو عنوان الحقيقة, أما إذا اختنق و مات, فهذا دليل على أن جفاف ريقه( ريقه ناشف خوفا من كشف حقيقته) يدل على أنه مذنب, لذا وجب موته اختناقا.كانت هذه عينة من أساليب التوصل إلى الحقيقة فى العصور الوسطى,

و لكن عام 1066 كان عام بداية النهضة القانونية و القضائية فى انجلترا, و بقية الدول التى تتبع النظام الأنجلوساكسونى, كما سأشرح فى الفقرة التالية.

و إلى اللقاء فى أقرب فرصة

 

 

[waleedelrefiey]

موضوع جميل كمل يا ريس

تحياتي محمود باشا

 

 

[محمود تركى]

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة waleedelrefiey موضوع جميل كمل يا ريس تحياتي محمود باشا

شكرايا أستاذ وليد,

لكن لا دعى لحكاية " ريس" لأنها تسبب لى أرتيكاريا سياسية.

كما أنى لست "باشا", و آخر لقب عثمانى حصلت عليه وذُكر فى شهادتى الإبتدائية عام ,1945 كان "محمود أفندى".

أما الان فليس لى غير لقب أكاديمى واحد, و لا أستعمله, و إن كان غيرى مصرون العكس.

شكرا على متابعتكم الكريمة, و تقبل تحياتى.

 

 

[محمود تركى]

فلسفة أستعمال نظام المحلفين فى الغرب تشبه مبدأ الشورى فى الفكر الإسلامى.

و لكن:

ما هى الحكمة وراء إستعمال هذا النظام فى بعض الدول الغربية؟

سأبدأ بشرح ميكانيكية هذا النظام, ثم نقوم بتقييم هذا النظام فى الدول التى تستعمله, و أخيرا, نصل إلى السؤال:

هل يصلح هذا النظام للتطبيق فى مصر خاصة بعد ازدياد عدد من يؤمنون بمبدأ الشورى فى الإسلام؟

بدأت فكرة إشراك ا لمواطنين فى تحديد جرم أو براءة المتهم , منذ العصور الوسطى فى إنجلترا.

و طبعا كانت هناك وسائل أخرى طريفة, ذكرناها عاليه, منها إثبات الجرم عن طريق الإغراق فى الماء, و عن طريق الإمساك بالجمر أو الحديد الملتهب, و عن طريق النزال الحربى, و عن طريق إبتلاع خبز و جبن جاف, و عن طريق النزال الكلامى( المقارعة)و لكن هنا ليس المجال لسرد مزيد من شرح هذه المعلومة, و يمكن لمن يريد منى الإفاضة, أن يذكر ذلك حتى يمكن إفراد مقال مستقل لهذه المعلومات.

كانت المحاكم الدورية تجتمع فى القرى و الريف الإنجليزى, , التى يرأسها قاض متجول, يزور القرية أو البلدة مرتين فى السنة, و يكون جميع المتهمين جاهزين للمحاكمة.

و نظرا لأن المجتمع كان محدودا, و الكل يعرف الكل, فقد كان من المطلوب من أهل القرية أن يحضروا المحاكمة, ثم يقوم القاضى بسؤالهم عن مدى صحة ما يقول المدعى, و ما يقول المتهم دفاعا نفسه, و على ضوء ما يسمعه القاضى, يتحدد الحكم.

و بعد الغزو النورماندى ( الفرنسى) لإنجلترا عام 1066, تم تعديل النظام القضائى, و رغم وعد الملوك النورمانديين بعدم تغيير قوانين البلاد, إلا أنهم كإداريين قدراء, ابتدعوا مبدأ تدوير القضاة, بحيث يتعرض كل قاض للقوانين المحلية للقرى و الإقطاعيات, و يتم انتقالهم من كفر إلى آخر, و من نجع إلى آخر, ثم يعودوا إلى مسقط رأسهم بعد فترة معينة, بحيث يصبحوا على دراية بعادات و تقاليد و قوانين كل أهل البلاد.

أى أن قانون البلاد لم يُمس, بل تم توافقه ليطبق على الجميع ببقدر متساوى.

مع مرور الزمن, تحددت معالم هذا النظام, و أصبحت له فلسفة تهدف الى تحقيق ديمقراطية إجراءات التقاضى, بحيث يكون أعضاء المجتمع الذى يعيش فيه المتهم, هم جزء من هيئة القضاء.

و شرح ذلك,

تكون فى الماضى مبدأ يؤكد أن الشخص الذى يرتكب جرم, يجب أن يُعاقب بمعرفة أقرانه, أى بمعايرهم, فإذا رأوا أن ما أرتكبه هو خطا, وجدوه مذنبا, و عاقبوه, و إذا رأوا أنه لم يرتكب خطأً, برءوه, و أطلقوا سراحه.

و نظام المحلفين حاليا يُستعمل فى إنجلترا, الولايات المتحدة, أستراليا, نيوزيلاندا, و بعض دول الكومنولث فى آسيا و أفريقيا, و الخليج الكاريبى.

و يستعمل نظام المحلفين فى القضايا المدنية و الجنائية, و لكن ليس على جميع مستوياتها, كما أن المتهم فى قضايا جنائية من حقه أن يختار محاكمة بمحلفين, أو بدونهم.

و فى القضايا البسيطة, يُفضل المدعى عليه, أو المتهم, تفادى المحلفين, حيث أن تكاليفهم فى القضايا المدنية يدفعها الخاسر, كما أنه فى القضايا الجنائية, تمتد المحاكمة الى مدد طويلة.

و للحديث بقية

 

 

[محمود تركى]

القراء الأعزاء,

سوف أقوم بشرح مبسط لنظام المحلفين كما يطبق فى الدول التى تتبع النمط الأنجلوساكسونى, بدون الدخول فى تفاصيل دقيقة, حيث سأشرح بعد ذلك مزايا و عيوب نظام المحلفين, ثم نلقى نظرة على إمكانية إدخاله فى نظامنا القضائى.

و تسمية مجموعة من الأفراد بكلمة "المحلفون" سببها أنهم يقومون "بحلف" اليمين بأداء المهمة بأمانة و إخلاص, و هذه الكلمة مترجمة من الفرنسية و التى تعنى نفس الشيئ, و اقتبسها الإنجليز لأن تطورهم القانونى منذ القرن الحادى عشر كان بفضل الفرنسيين الذين غزوا انجلترا عام 1066 كما ذكرت عاليه.

يتم اختيار هؤلاء الأفراد من الكشوف الإنتخابية, و هناك شروط يجب أن تتوافر فيهم, و لن أحاول شرح هذه الشروط , حيث أن المناقشات التالية ستتضمن شرحا ضمنيا.

و وجود المُحلفين ليس ضروريا فى جميع القضايا, و لكنه أكثر أهمية فى القضايا الجنائية من المدنية. كما أن عدد المحلفين المطلوبين فى القضايا المدنية يكاد يكون نصف عددهم فى القضايا الجنائية.

و تكون مهمة المُحلّفين, بعد اختيارهم, أن يستمعوا للمرافعات الجارية فى المحكمة, بعد إفهامهم ما هى مهامهم, و المطلوب منهم أن يكوّنوا رأيا مبنيا على الأدلة المقدمة من ممثل الإتهام أو الإدعاء, و كذلك أدلة النفى التى يقدمها المدعى عليه, أو المتهم, ثم يُقيموا مدى صحة الأدلة المقدمة فى القضايا الجنائية , و يصدرون قرراهم ببراءة أو جرم المذنب بالإجماع ( فى القضايا الجنائية) أو الحكم لصالح طرف ضد الطرف الآخر( فى القضاء المدنى), و لكن القرار فى القضايا المدنية, يكون بالأغلبية, و ليس بالإجماع.

هذا هو ملخص عمل المحلفين, الذى له فى التطبيق مزايا و عيوب.

لهذا, سأورد شرحا لهذه المزايا و العيوب, و على ضوئها, يمكننا مناقشة إمكانية إدخال هذا النظام فى نظامنا القضائئ, كواجب مدنى إجتماعى, يمثل وسطية الشعب, و إحساسه الغريزى بالصواب و الخطأ, مع قدر من الإجماع, و تطبيقا لمبدأ مشاركة الشعب فى الحكم و تطبيق العدالة.

فى الفقرة التالية, سأقدم لكم مزايا نظام المحلفين, ثم أتبعه بفقرة أخرى مخصصة لعيوب هذا النظام, و أخيرا سنناقش مدى نجاح هذا النظام فى التوصل إلى مستوى راق من العدالة, التى يرى البعض أنه لا يجب أن يقررها شخص القاضى بمفرده, حيث أن رؤية القاضى للأحداث قد لا تتناغم مع رؤية رجل الشارع, الذى يعيش الواقع, و لا يسكن فى برج عاجى.

إلى اللقاء فى الفقرة التالية.

تقبلوا تحياتى.

 

 

[محمود تركى]

تكملة:

مزايا نظام المحلفين:

1- تعتبر طريقة إختيار المحلفين من ضمن كشوف جداول الإنتخابات, هى أفضل طريقة لتمثيل جميع طبقات الشعب فى مهمة مساعدة القضاء أثناء سماع الدعوى, و هذا الإختيار العشوائى هو خير ضمان أن المتهم فى جناية, سوف يتوقف مصيره على ما يعتبره أقرانه, أى المحلفون,عدلا. فهم من عامة الشعب, و يشعرون ما يشعر, و يعيشون فى ظروف مماثلة لظروف معيشته.

2- يُعتبر إستعمال نظام المحلفين هو خير وسيلة لإشراك المجتمع فى نظام الحكم, فعندما يشارك رجل الشارع العادى فى الوصول الى حكم قضائى, , يجعله هذا يحس بأهميته كمواطن, و يزيد من إحترامه للقانون و العدالة

3- يضمن إستعمال نظام المحلفين أن تتوزع مسئولية الحكم فى القضايا الجنائية, فلا يتحمل القاضى وحده وزر الحكم, شديدا كان أم خفيفا, و تتوزع المسئولية على كاهل كلا من القاضى, و المحلفين

4- يُعتبر إستعمال نظام المحلفين خير ضمان على أن أحكام القضاء تتماشى مع مبادئ و أفكار أفراد الشعب العادى, بدون التأثر بأفكار الطبقات العليا.

5- كذلك يعتبر هذا النظام خير وسيلة للحد من الإستئثار بالسلطة, فلا تصبح وقفا على قاض قد يكون منحرفا, أو فاسدا.

6- يُجبر إستعمال المحلفين القضاة الى إستعمال لغة قانونية سهلة, مما يجعل لغة المحاكم فى متناول فهم العامة, مما يزيد من فهمهم و احترامهم للقانون و العدالة.

أما عيوب هذا النظام فتتلخص فى الآتى:



1- حيث أن المحلفين يتم إختيارهم من متوسط الشعب, فهنا مشكلة عدم فهمهم الأدلة القانونية و الفنية التى تتعامل معها المحكمة فى القضايا الجنائية, و خاصة أمور الطب الشرعى, و كذلك اللغة المستعملة فى مناقشة القضايا المالية, مثل التهرب من الضريبة, و قضايا التربح, و الإختلاس.

2- هناك دائما رهبة عند ممارسة واجبات المُحلف, فهو لا يعرف شيئا عن الإجراءات القضائية, و لا تكفى الدقائق التى يتولى خلالها القاضى شرح واجبات المحلف, لكى تجعله يفهم ماذا يدور حوله.

3- رغم طلب رئيس المحكمة من المحلف أن يقتصر فى تكوين رأيه على الأدلة التى يسمعها فى المحكمة فقط للوصول الى قراره, فإن المحلف, مازال بشرا يتأثر بما تنشره وسائل الإعلام, مما قد يجعله يحكم مسبقا على القضية قبل سماع الدفاع و الأدلة.

4- إستعمال محام بارع, كلامه مؤثر و عاطفى, قد يؤثر على المحلف الذى ينبهر بنعومة حديث الدفاع, و يندمج معه عاطفيا, متجاهلا قوة الأدلة المطروحة.

5- لا يتطلب هذا النظام من عضو لجنة المحلفين تقديم الأسباب التى أدت الى وصوله الى قراره النهائى, أى أنه ليس مطلوب منه تبرير سبب قراره سواء أثناء, أو بعد الحكم.

6- تضطر بعض المحاكمات الى حجز عضو لجنة المحلفين مددا طويلة, بل أحيانا يستغرق التداول عدة أيام, يظلون فيها مغلقين فى فُندق . يسبب ذلك أحيانا رغبة المحلف فى الوصول الى قرار متسرع, حتى تنتهى المهمة, و يعود المحلف الى بيته و أولاده.

7- نظرا لأن المحلف ممنوع من الذهاب الى العمل فترة خدمته كمحلف, فإن المحكمة تدفع مبالغ طائلة للمحلفين, لكى يقوموا بعملهم. و هذا يرفع تكلفة التقاضى , و خاصة فى القضايا المدنية.

8- لوحظ أن كثيرا من القضايا التى يشارك فيها محلفون , تكثر نسبة الحكم فيها بالبراءة, و ذلك لأن المحلف يشعر بالذنب إذا دفع بالمتهم الى السجن.

9- يُصاب عديد من المحلفين بأمراض نفسية, نتيجة الإحساس بالذنب, و خاصة إذا ثبت فى المستقبل أن المتهم الذى وجوه د مذنبا, كان فى الحقيقة بريئا.

للموضوع بقية

 

 

[محمود تركى]

هذه كانت المزايا و العيوب,

و لكن هذا لا يعنى أنه إذا طغت إحداهما على الأخرى, خسرت الأخرى السباق.

فالعبرة هى تقبل المجتمع الذى يستعمل هذا النظام.

و هذا يقودنى لمناقشة صلاحية هذا النظام فى المجتمعات الشرقية, و خاصة فى مصر.

وقبل ان نفعل ذلك, دعونا ندرس مدى تقبل المجتمع المصرى لهذا النظام, لكى نحكم على مدى نجاحه أو فشله:

1- يتطلب هذا النظام نسبة عالية من الثقافة العامة بين أفراد الشعب العادى.

2- يتطلب النظام معرفة معقولة بالقانون .

3- يتطلب النظام القدرة على التفكير الموضوعى, و عدم التأثر بالإعلام أو الإشاعات.

4- يتطلب النظام حرية الرأى

5- يتطلب النظام قبول هذه المهمة كمهمة وطنية, وكجزء من مباشرة حقوقه المدنية.

6- يتطلب النظام أن يشعر جميع من وقع عليهم الإختيار أنهم على قدم المساواة, و أن الفروق الإجتماعية لا تتواجد داخل المحكمة.

7- يتطلب النظام قدرة المحلف على فهم الأدلة المقدمة فى القضية, و أن يكون لديهم قدر واسع من المعلومات العامة, و القدرة على متابعة المناقشات الطويلة.

8- يتطلب النظام المساواة بين الرجل و المرأة, أثناء مباشرة هذا الواجب.

9- يتطلب النظام الغياب عن المنزل لفترات طويلة, بغية الوصول إلى قرار.

10- يتطلب النظام مناقشة عاقلة هادئة, و أن يكون المنسق فيها هو شخص ينتخبه أعضاء الهيئة عند بدأ تشكيلها, و أن يتكلم كل فى دوره, وأن يقبل الجميع حكم الأغلبية فى القضايا المدنية, و التصويت بالإجماع فى القضايا الجنائية.

11- يتطلب النظام قدرة المواطن على رفض الرشوة, و الإبلاغ عن من يحاول التأثير على قرار المحلفين

12- من يقع عليه الإختيار, و يرفض أداء هذا الواجب, ستوقع عليه غرامة مالية.
بعد عرض ما تقدم, أترك لكم حرية إبداء رأى فى صلاحية هذا النظام للتطبيق فى مجتمعنا.

تقبلوا أسمى التحيات.

 

 

[waleedelrefiey]

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمود تركى شكرايا أستاذ وليد, لكن لا دعى لحكاية " ريس" لأنها تسبب لى أرتيكاريا سياسية. كما أنى لست "باشا", و آخر لقب عثمانى حصلت عليه وذُكر فى شهادتى الإبتدائية عام ,1945 كان "محمود أفندى". أما الان فليس لى غير لقب أكاديمى واحد, و لا أستعمله, و إن كان غيرى مصرون العكس. شكرا على متابعتكم الكريمة, و تقبل تحياتى.

و لا يهمك محمود باشا

ايه هو اللقب الأكاديمي ده يا ريس

تحياتي ... نقولها محمود بس