الحرب والمصالحة .. في ذكرى انطلاقة حركة حماس : ما هي خيارات الحركة المستقبلية للخروج من الأزمة ؟
تاريخ النشر : 2013-12-14
غزة - خاص دنيا الوطن
تتجه منطقة الشرق الاوسط الى منحنى خطير ,اختلف حوله الكتاب والمحللين السياسيين على كافة المستويات ,عدة منعطفات كان من شأنها أن تغيير عدد من الادوار في المنطقة ,ورسمت سياسات لم يتضح فيها بعد البعد الاقليمي والدولي لها ,وفي كل لحظة يتغير المشهد السياسي ويبرز على الساحة الدولية لاعبيين جدد ,الدب الروسي الذي ازاح القطب الامريكي بقوة وتصدر للعالم في قضية الصراع السوري واعاد رسم ملامح المنطقة من جديد وغيّر حسابات كل قادة الشرق الاوسط والعالم الغربي "اوروبا وامريكيا" ,مما حذا ببعض الدول العربية ان تغيير من سياستها خصوصا بعد ان سقطت بعض النخب الحاكمة المرتبطة بالولايات المتحدة الامريكية نتيجة ثورات الربيع العربي وما أنتجه من افكار وخرائط جديدة اسقطت المشروع الامريكي برمته.
حركات التحرر ودورها بعد ثورات الربيع العربي وفشل "الاخوان" في مصر وتونس من ادارة الحكم وتأثير ذلك على الحركات التي تتبع المنظومة الدولية للاخوان وضعها في منعطف خطير وركنت في الزاوية تحاول الدفاع عن نفسها من شدة الركلات التي تواجهها من عدة جهاد .
حركة المقاومة الاسلامية حماس والتي وصلت الى الحكم مؤخرا بانتخابات تشريعية وسيطرت على قطاع غزة وتديره الان من خلال حكومة فلسطينية يرأسها احد قادة الحركة في غزة أ.اسماعيل هنية باتت تعاني من حصار خانق اثر على دورها الريادي في تقديم الخدمات للمواطنين في قطاع غزة ,وفي بعض الاحيان وصل بها الى العجز ن توفير بعض الخدمات الاساسية "كالكهرباء" فما هي بدائل وخيارات الحركة القادمة ؟
دنيا الوطن ناقشت القضية المحورية بوضوح كامل مع احد قادة الحركة د.احمد يوسف والمستشار السياسي لرئيس الوزراء في حكومة غزة اسماعيل هنية الذي تحدث عن الخيارات البديلة للحركة ودو الحركة من التحالفات الاقليمية الجديدة وكيفية الخروج من الازمة الراهنة .
حول خيارات الحركة البديلة في ظل المتغيرات الدولية أوضح د.أحمد يوسف في تصريح خاص "لدنيا الوطن" ان كل هذه التحولات التي عصفت بالمنطقة جاءت بعد ثورات الربيع العربي , واشار الى ان الحركة ابدت تفاؤلا كبيرا في هذا الاتجاه الذي سرعان ما انتكس وتغير في مصر وسوريا دون ان يأخذ مجراه الحقيقي ..
واكد انه كلما اشتدت الازمة كلما لاحت في الافق بوادر الحل , واشار الى ان الحركة تعكف منذ شهرين على اشراك الجميع في ادارة قطاع غزة والتفكير بحل للخروج من الازمة التي يعاني منها قطاع غزة ,كما اوضح ان الحركة بادرت أكثر من مرة على لسان رئيس الوزراء هنية الذي دعا أكثر من مرة في لقاءاته ومؤتمراته الى العودة من حيث انتهت المحادثات في الدوحة او القاهرة لاستكمالها ,وايضا هناك عدة مبادات صدرت من عدة اطراف وطنية تحاول الوصول الى حل برعاية مصرية يخرج الطرفين من الازمة وانجاز المصالحة .
واضاف ان حماس تحرص على ان تنجز مصر ملف المصالحة , وبلا شك كان هناك مناشدات عبر عدة قنوات للتدخل من اجل انهاء حالة القطيعة الموجودة والتي طالت اكثر من اللازم واضعفت الموقف الفلسطيني وجعلت اسرائيل تزيد من تعنتها في المفاوضات ,الامر الذي حدا بالمفوض الفلسطيني الخروج دون انجاز .
وبين يوسف ان الظروف هذه السنة من اصعب الظروف التي مرت على الشعب الفلسطيني فكل الاحداث ومتغيراتها كانت لغير صالح القضية الفلسطينية ,منوها الى ان الموقف الامريكي لازال منحازا لاسرائيل . وفيما يتعلق بالمستقبل اكد يوسف :"لازال الغموض سيد الموقف", وكل الخيارات باتت محدودة جدا حتى خيارات الرئيس ابو مازن باتت محدودة بشكل عام واصبحنا كالضعيف الذي لا يستطيع تغيير شيء في المعادلة الدولية .
وحول علاقات الحركة الدولية وخصوصا روسيا التي احتضنت الحركة اول فوزها في الانتخابات التشريعية في الوقت الذي كانت تحارب فيه دوليا أفاد المستشار السياسي لرئيس الوزراء "يوسف" بأن الخريطة السياسية ومعادلة التوازن في القوى في المنطقة اختلّت ,واضاف ان روسيا اليوم تقف الى جانب سوريا وايران ,وهنا تساءل "يوسف" ما الذي تمتلكه حركة حماس للدخول في معترك للدفاع عن مواقفها ؟
وشدد على ان العلاقات الروسية السورية ودعم روسيا للنظام السوري الذي يرتكب مجازر ضد شعبه هى حالة غير مريحة للحركة ولا للشارع العربي ,برغم حاجتنا الى كل من يستطيع التدخل من اجل التخفيف عن معاناة الفلسطينيين ,موضحا الى ان كل هذه الامور جعلنا نتراجع في طلب يد العون او المساعدة من روسيا.
كما نوه الى ان القضية الفلسطينية لم تعد تتصدر القضايا الدولة مشيرا الى انه فور انتهاء الملف السوري ستعود القضية الفلسطينية لتتصدر المحافل الدولية الامر الذي يبعث الاطمئنان ,وان التغيرات التي تحدث في المنطقة هي مسألة وقت لا أكثر .
وبالاشارة الى اتصال "هنية" بوزير الخارجية الروسي وهل هو تمهيد للعلاقات بين الحركة وروسيا اكد "يوسف" انه اتصال جاء في سياق عدة اتصالات اجراها "ابو العبد" مع عدد من الدول المتنفذة ليضعهم في صورة الوضع الراهن والماساوي الذي يمر به الفلسطينيين ومحاولة طلب التدخل لرفع الحصار عن غزة .
واضاف: لازالت الابواب مواربة في علاقاتنا مع روسيا ونتمتع بعلاقات جيدة معها ,وفي هذا الشأن يقول يوسف :"باعتقادي ان روسيا تستطيع ان تصنع شيء بتواصلها مع الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي بالضغط على اسرائيل من اجل فك الحصار".
وحول ما دار في الاتصال من وعودات روسية تجاه الفلسطينيين قال: "كالمصطلح الدارج في العلاقات الدولية والوعود ببذل الجهود , واشار الى ان هناك جهد دولي تقوم به روسيا مع المجتمع الدولي لتخفيف من معاناة الفلسطينيين ولو برفع الحصار جزئيا عن الشعب الفلسطيني."
وفي اشارة اخرى اكد ان رئيس وزراء حكومة غزة اجرى عدد من الاتصالات مع عدد من الدول من بينها قطر وتركيا لتغطية كلفة السولار الصناعي للمحطة .
وبالاشارة الى الازمات الاقليمة قال: "يوسف" اننا نعيش في عدة ازمات تمر بها المنطقة والمطلوب الخروج منها في ظل ان الخيارات والبدائل بالغة الصعوبة ,كالذي يمر في نفق وفي نهايته قد يجد الانسان طريق الخلاص.
واضاف : اتمنى ان تنتهي حالة الانقسام السائد واعلان المصالحة الوطنية , كما اتمنى على الحركة من خلال انطلاقتها ان تقوم بمراجعة التاريخ منذ انطلاقتها قبل 26 سنة عما انجزته , وهي فرصة للمراجعة وايضا الاخوة في حركة فتح اتمنى عليهم اعادة النظر في ذكرى انطلاقتهم لكي نتوصل الى نقطة انطلاق نتجاوز فيها خلافاتنا "حركتي فتح وحماس".
وفي معرض حديثه قال "نحن كالذي يمر في نفق مظلم" فهل خيار الحرب سيكون مطروحا في ظل حصار خانق ؟ اجاب: "يوسف":" لا استبعد خيار الحرب اذا استمر الحصار ومحاولة "حشر" الحركة والحكومة في الزاوية ان تفلت الامور ",متسائلا لماذا نتحمل كل هذه العذابات في المقابل ان العدو الاسرائيلي ينعم بالراحة والاستقرار ؟؟
واضاف: اعتقد اننا سنصل الى اللحظة التي تنفجر فيها الامور في وجه الاحتلال ولتفعل اسرائيل ما تشاء.,مشيرا الى ان الحركة سوف تفعل ما بوسعها ليعيش الشعب بكرامة .
وفي نظرة سريعة على تطورات الامور مع القاهرة اوضح "يوسف" ان هناك وفد مكون من عدد من الشخصيات الوطنية والاسلامية والذي شارك في مهرجان المصالحة مع مصر حمل عدة رسائل من غزة الى القاهرة ونحن بانتظار الرد ,مشيرا الى حرص الحركة على العلاقات الاخوية والاستراتيجية مع الشقيقة مصر .
يشار الى حركة حماس تعيش عزلة دولية منذ اشهر ,الامر الذي وضعها ووضع قطاع غزة بالكامل في حصار دولي خانق يعاني من عدة ازمات متلاحقة كان اخرها ازمة الكهرباء والتي القت بظلالها على كافة مناحي الحياة الفلسطينية , وتسعى الحركة الى وجود عدد من البدائل والخيارات في محاولة للخروج من الازمة الراهنة.
تعقيب:
عندما يتحدث د. أحمد يوسف، أشعر بأنني أمام مراقب محايد يقلب الأمور بهدوء تام بعيدا عن الضوضاء التي تجلجل من حوله..
على الرغم من أنه في قلب الحدث، ولا يمكن استثناءه من بين صناع القرار الفلسطيني، فإنه يجد طرقا متجددة للبحث في الاستراتيجيات والتنقيب بين حطام العلاقات عن حبل مقطوع يعمل بتؤدة على إعادة اللحمة إليه.
صراحته لا تزعجني، فأنا لست ممن يتعلقون بالأوهام، بل أجدني قريبا جدا ممن يبحثون عن الحقيقة مهما كانت مؤلمة ..
والمؤلم اليوم أن قضيتنا لم تعد تراوح في مكانها كما في سنوات قريبة خلت، بل إنها وبفعل عوامل داخلية صرفة، وعوامل إقليمية محيطة، جعلت العامل الدولي -الذي لا نعول عليه كثيرا- يتراجع عشرات الأميال إلى الوراء، فالعدو الصهيوني هو المتصدر للمشهد العربي اليوم ويجد له أكثر من ممثل في جامعة الدول العربية ينقل وجهة نظره بل ويتحدث علانية بلسان عبري فصيح..