للسياسيين حكايات - بنات الملك فاروق يطالبن باسترداد قصور وأراضٍ - دعوي قضائية ايدتها المحكمة الدستورية في مصر -
بنات الملك فاروق يقمن دعوي لاسترداد عقارات قصر الطاهرة وأراضيه بنزلة السمان بالجيزة وههيا بمحافظة الشرقية والمحكمة الدستورية العليا تؤيد مطالبهم.
في عام 1953 أي منذ مايقرب من سبعة وأربعين عاماً صدر قانون رقم 598 لسنة 53 والذي تم بموجبه مصادرة أملاك أسرة محمد علي والتي تشمل العقارات والأراضي واعتبر الجميع أن تلك القضية انتهت عند هذا الحد خاصة بعد هجرة معظم أفراد اسرة محمد علي إلي الخارج ورحل البعض الآخر ولكن يبدو أن عقارب الزمن عادت مرة أخري إلي الوراء، فمع اتجاه الدولة إلي خصخصة القطاع العام وإعلان الرئيس مبارك أن القانون هو الفيصل في المنازعات بين الأفراد والدولة وأنه لا أحد فوق سيادة القانون بدأ عدد من الإقطاعيين والأجانب ممن صادرت الدولة ممتلكاتهم في رفع دعاوي أمام المحاكم للمطالبة باسترداد ممتلكاتهم ونجح بعضهم بالفعل في تحقيق هذا الهدف ويبدو أن هذا أغري الآخرين في رفع دعاوي مماثله وكان من بينهم بنات الملك فاروق ــ آخر الملوك الذين حكموا مصر ــ الثلاث فريال وفادية وفوزية اللائي قمن برفع دعوي للمطالبة باسترداد ممتلكاتهم والتي تشمل أراضي صودرت تمت مصادرتها بمنطقة الشرقية والجيزة ولم يكتفين بهذا بل طالبن أيضاً بالحصول علي قصر الطاهرة رغم ما يمثله هذا القصر من أهمية أثرية.
ومنذ خمس سنوات بدأت بنات فاروق رحلتهن مع المحاكم بعد أن قدمن كافة الأوراق والمستندات التي تثبت أحقيتهن في تلك الممتلكات وبعد مرور عامين وفي 18 آذار (مارس) عام 1997 أصدرت محكمة أول درجة حكمها بعدم سماع الدعوة وإلزام الأميرات بالمصاريف إلا أن هذا لم يدفعهن الي اليأس وأعدن المحاولة مرة أخري بعد أن قام محامي الأميرات محمود دردير هاشم بالاستئناف وبالفعل تم قيد الاستئناف بجداول المحكمة برقم 5498 لسنة 114 قضائية متضمناً دعوي بإلغاء الحكم الصادر من محكمة أول درجة والطعن في دستورية بعض مواد القانون رقم 598 لسنة 53 والذي ينظم أعمال المصادرة والتي تمت في أعقاب قيام ثورة يوليو خاصة تلك المادة التي تمنع أي متضرر من المطالبة بما يراه حقه إلا في خلال عام واحد من صدور القانون ولا يجوز قبول الشكوي إلا بعد عام إلا بعذر قهري تقبله لجان المصادرة المشكلة بموجب قرار من وزير العدل وفي 2 تشرين الاول (أكتوبر) عام 1999 أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 12 القانون 598 لسنة 53 والخاص بأموال أسرة محمد علي، وهو الحكم الذي يعطي للأميرات الثلاث حق المطالبة بما يرينه من أملاكهن ولم تكد الأميرات يحصلن علي هذا الحكم الذي يعد خطوة هامة في سبيل الحصول علي أملاكهن ــ حتي ظهرت مفاجآت أخري لم تكن في الحسبان فلقد تقدمت للمحكمة سيدة تدعي نعمة الله الخواص لديها العديد من العشرات من المستندات والعقود التي تثبت أحقيتها في الأملاك التي تدعي بنات فاروق بأنها ملكهن، وقالت تلك السيدة في المحكمة أن تلك الأملاك هي ملك لها ولأسرتها والتي تنتمي إلي عائلات المحروقي والسلاموني والشبراخيتي التي امتلكت تلك الأملاك منذ عشرات السنين ثم أوقفوها علي ورثتهم وأعمال الخير واضطرت المحكمة أمام تلك المستجدات إلي تأجيل الحكم لسماع أقوال الشهود.
ومن المنتظر أن تستغرق تلك القضية وقتاً طويلاً لصعوبة الحكم باسترداد تلك الأملاك والتي وزع بعضها علي صغار الفلاحين طبقاً لقانون الإصلاح الزراعي. كما أن بعض تلك الأملاك مثل قصر الطاهرة اصبح من ضمن المناطق الأثرية والتي يصعب التفريق فيها وفي حالة صدور حكم لصالح الأميرات فإن الحكم المتوقع هو تعويض مالي قد لا يتناسب مع قيمة تلك الممتلكات وخاصة ان التعويضات التي حصل الأمراء السابقون قد كلفت خزانة الدولة مبالغ طائلة. وتشير الإحصائيات الرسمية الي جملة التعويضات التي أصدرتها المحاكم لعائلات الباشوات وورثتهم قدرت بنحو (500 مليون جنيه) وهو يعني أن هذه التعويضات التي تم صرفها 5 ملايين جنيه لورثة أحمد الوكيل شقيق زينب الوكيل كما حصل ياسين سراج الدين علي حكم بإعادة أراضيه المصادرة وفي حزيران (يونيو) عام 96 اعتمد د. يوسف والي وزير الزراعة دفعة جديدة من التعويضات لملك مصر السابق فاروق و12 من إخوته وأبنائه الخاضعين لأحكام القانون 178 لسنة 52 وجاءت جملة التعويضات 7 ملايين و 68 ألف جنيه وتشمل التعويض والفوائد.
(الزمان الجديد) التقت المحامي محمود دردير هاشم حيث دار معه هذا الحوار:
كيف تعرفت بالأميرات؟ ولماذا اخترنك للدفاع عن تلك القضية؟
ــ في الواقع لا توجد صلة مباشرة بيني وبين الأميرات بل انني لم أرهن علي الطبيعة، ولكن الصلة جاءت عن طريق وكيلهم في مصر السيد عبد الفتاح والذي كان يسكن معي في احدي عمارات الأسكندرية حيث عرض علي توكيلي للترافع عن تلك القضية وبعد أن اطلعت علي الأوراق والمستندات التي قدمت لي قررت قبول هذا التوكيل.
ما الدفوع التي استندت إليها في تلك الدعوي؟
ــ قدمت للمحكمة مستندات تثبت أحقية الأميرات في مساحة قدرها خمسون فداناً من أصل 1744 فدان و23 قيراط و13 سهماً طبقاً لقانون الإصلاح الزراعي بموجب حجة وقف رسمية ومشهرة برقم 52 صفحة 15 بالمضبطة المخصصة لوقف الملك فاروق لزوجته فريدة ثم لبناتها فريال وفوزية وفادية من بعدها وتشمل تلك الأراضي المباني والأشجار الكائنة بناحية السكاكرة وشرشيمة مركز ههيا بالشرقية كما قدمت للمحكمة أيضاً عقدا مسجلا يحمل رقم 10301 لسنة 51 الذي يثبت ملكية الملكه فريده لقطعة أرض معدة للبناء مساحتها ثلاثة أفدنه و18 قيراط وخمسة أسهم تعادل 15 ألف و792 متراً كائنة بزمام نزله السمان بالجيرة أما بالنسبة لقصر الطاهرة فلقد وهبه جدهم يوسف باشا ذو الفقار للملك فاروق بعد زواج الملك من ابنته الملكة فريدة بعقد هبه مسجل ومؤرخ في كانون الاول (ديسمبر) عام 1944م إلا أن يوسف باشا ذو الفقار رجع عن تلك الهبة قبل وفاته وعند طلاق الملكة عام 1948م وعندما صدر القانون 598 لسنة 53 والخاص بمصادرة أموال وأملاك أسرة محمد علي فان هذا القانون لا ينطبق علي الملكة فريدة التي انضمت للأسرة بعد زواجها من الملك ولكنها بعد الطلاق أصبحت مواطنة عادية ولكن ينطبق عليها قانون تحديد الملكية ولذلك طعنت في المحكمة الدستورية العليا في عدم دستورية مواد بعض هذا القانون خاصة تلك المادة التي تمنع أي متضرر من المطالبة بما يراه حقه إلا في خلال عام واحد من صدور القانون علي اعتبار أن الدستور ينص علي أن الملكية حق مقدس لا يسقط بمرور الزمن وفي 2 تشرين الاول (اكتوبر) عام 1999م أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكماً تاريخياً بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 12 من القانون 598 لسنة 53 وأكدت المحكمة أن حق الملكية معه دائم لا يزول بعدم الاستعمال حتي لو خرج الشئ المملوك من حيازة المالك وأيضاً التقاعس عن استعمال حق الملكية ومن حق الشخص أن يقيم دعواه للمطالبة بها مهما طال الزمن.
ولكن هناك بعض الممتلكات والتي يطالبن بها مثل قصر الطاهرة أصبحت من المناطق الأثرية والتي يصعب التفريط فيها فما هو الموقف منها؟
ــ في هذه الحالة نحن نقبل بتعويض مادي معقول.
ما رأيك في الدعوي التي أقامتها احدي السيدات والتي تطالب بأحقيتها في تلك الممتلكات باعتبارها وقفاً لأجدادها؟
ــ نحن نمتلك مستندات مؤكدة ومسجلة في الشهر العقاري والتي تثبت أحقيتنا في تلك الممتلكات ولولا هذا لما قبلت المحكمة دعوانا.
وقال المستشار هاني محمد علي نائب رئيس هيئة قضايا الدولة قال نحن نطالب المحكمة بعدم سماع الدعوي لأن المادة 14 من القانون 598 لسنة 53 بشأن أموال أسرة محمد علي قضت بأنه لا يجوز للمحاكم علي اختلاف أنواعها ودرجاتها سماع الدعاوي المتعلقة بالأموال التي صدر قرار مجلس قيادة الثورة في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1953م بمصادرتها وأن طلب الأميرات بأحقيتهن في الأراضي الكائنة بنزله السمان ومركز ههيا بالشرقية قد تم حله بالقانون رقم 180 لسنة 52 الذي جعل الوقف ملكاً لمستحقيه أمام قصر الطاهرة فكان مملوكاً للملك فاروق ومن ثم فجميع ما تطالب به الأميرات مملوك لأسرة محمد علي ويسري عليه أمر المصادرة أياً كان السبب الذي آلت به هذه الأموال إليهم.
والسؤال المطروح الآن لماذا تذكرت الأميرات بعد هذه المدة الطويلة الآن هذا الموضوع؟ إنه لغز يحتاج إلي إجابة...