إقالة اول رئيس للجمهورية اللواء محمد نجيب ..
ىقصتى مع "عبدالعزيز برغوت".. !!!
لبستها كــ "ألشوال" ولا ذنب لي فيها
صـــور "انقضت" ولكنها ستبقى فى أذهاننا للذكرى ...
قصة لا ذنب لى فيها .. ولكن لبستها كالشوال
أتذكر ، وضع طريف ... لم يكن لى فيه من الطور أو الطحين ... ولكننى لبستها مثل الشوال ... وليس الجوال
أايام فبراير 1954 ، وكنت فى السنة الثالثة بمدرسة بورسعيد الثانوية ...
كان ناظر المدرسة ، الأستاذ العظيم عبد الحميد حسين ... قاس ولكنه عادل ...
وكما تعلمون ، كنت باشجاويش التدريب العسكرى فى المدرسة ...
ما كدت أدخل أعبر بوابة المدرسة لى ساحتها حتى أخبرنى "عم عوض" .. البواب الحنون ، بأن زميلى وصديقى "عبد العزيز برغوت" يقوم بأضراب .وعتصام فى غرفة الفصل مع زملائه ..... وأنه أغلق الباب ... ولا يود التحدث مع أحد ...!!!!
كانت غرفتا فصلنا "ثالثة علمى" فى الدور الأول ... وكان يفصل غرفة فصلى عن فصله غرفتان ...
صعدت للدور الأول ... طرقت على الباب ... فلم يفتح ... ناديت على "عبد العزيز" .. فلما سمع صوتى .. أجابنى بأنه يعتصم ..وأنهم ....فى القاهرة قد أقالوا "اللواء محمد نجيب ... !!!
كنت ومثلى الملايين ، نعشق "اللواء نجيب " .. وكالعديد مثلى .. لم نكن نشعر وقتــها ... !!!! بأى إنجذاب لعبدالناصر .. بل كان يجذبنا الصاغ صلاح سالم والقائمقام أنور السادات ... ؟؟؟؟
المفاجأة االأولى ...
طلب منى "عبدالعزيز برغوت" أن أتحدث له من خلال نافذة الفصل ... "بينما قام فى هذا الوقت ... مخبرى "المباحث العامة" وجنود البوليس بمحاصرة المدرسة .. فقد كانوا يخشون أن تنتقل شرارة الى مدرسة الصنائع الثانوية .. !!!!
المهم ... تطلعت من الشباك .. وتحدثنا ... وطلب منى "عبد العزيز" الحضور اليه فى غرفة الفصل ...
تشاورنا ، وقررت ... التقدم والذهاب اليه مستخدما الشريط البنائى الموجود على الحائط الخارجى ... " ويمكنكم مشاهدته حتى الآن عند تمعن الحائط الجنوبى للدور الأول فى المدرسة ... "
فعلا .. تسلقت من النافذة ... وبدات فى الزحف بكل حذر اليه ...
.... ولـــكن ....
شاهدنى مخبر المباحث ... "كان يلبس جلابية مخططة .. وجاكته .. حتى لا يعرف الناس أنه مخبر مباحث ... بينما نسى ... أن يتخلى عن لبس "الحذاء العسكرى الميرى" الضخم ... وكنا نعرفهم ونكشفهم بالنظر الى أحذيتهم ...
أسرع مخبر المباحث ، ليخبر الناظر .... !!!!
دخلت الى فصل عبدالعزيز برغوت ... "ولأقسم بشرفى لم يكن لى لا فى الطور ولا فى الطحين" اذ لم أكن قد سمعت الأنباء وقتها ...
... وتأييدا لصديق كنت أحبه من قلبى ... "كان لاعب باسكت بول عظيم .. " أبديت له تأييدى ... فى الأعتصام ... وبدأنا مع باقى الطلبة .. نضع مكاتب المزدوجة من الباب حتى الحائط .. بحيث لا يمكن بالمرة أقتحام الباب من الخارج ...
ثم تسلقت من الشباك ... راجعا الى غرفة فصلى التى كان بابها ما يزال مفتوحا ... فإغلقناه تضامنا مع زملائنا فى فصل عبد العزيز ..... !!!!
المفاجأة الثانية ...
لم تبدأ القصة بعد ...فهــنا .... أتت المفاجأة الثانية ...
كان طلبة المدرسة قد بدأوا يجتمعون فى الساحة ... ويتكلمون بصوت عال " الشاعر وبرغوت عاملين إعتصام ... الشاعر وبرغوت عاملين إعتصام ... ايه اللى حصل ؟؟؟
الشاعر وبرغوت عاملين إعتصام ... ... ايه اللى حصل ؟؟؟ "
... ايه اللى حصل ... ايه اللى حصل ؟؟؟ "
.... هـــكذا ... للتضامن ... البوليس بره ... المخبرين بيراقبونا ... الموقف خطير .. ومش راح نسيهم لوحدهم ....
... ده كان التضامن ... كلنا لواحد ... وواحد للجميع ...
يعنى أضرب ... وبعدين ...أسأل .... !!!
شباب ... وطيش ... !!!
وبدأ الموقف يحتد ..... !!!!!
المفاجأة الثالثة ...
أتت المفاجأة الثالثة ... دون أنتظار طويل
... فقد طلب الناظر عبد الحميد حسين من الطلبة الدخول الى فصولهم ... فـــرفضوا ... ونادوا... " الشاعر وبرغوت عاملين إعتصام ... .ايه اللى حصل .. ؟؟؟ "
ايه اللى حصل .... .ايه اللى حصل .. ؟؟؟ "
فقد كنت خلال هذه السنوات أقف كل صباح أمام الطلبة من أجل الصف .. وتحية العلم ... وهتاف .. تـــحـــيـــا مـــصـــر ... يعنى بشكل آخر كنت علاوة على ذلك .. متكلم بإسم الطلبة وممثلهم ... لكن فين .... ؟؟؟
.... ولا حاجة .... الناحية العسكرية ... بس وخلاص ... !!! ولم أتدخل فى السياسة ... "ممـــــنوع للعسكرية أن تتدخل فى السياسة .... أوامر تتبع .... !!!!
إغتاظ الناظر لرفض الطلبة الأسطياع الى أوامره ولعدم تلبية ندائه...
كان رحمه الله ... صــارما ... ولكن عادل ...
المفاجأة الرابعة ...
أتت المفاجأة الرابعة ... بقرار لم ننتظره ......!!!!
فجأة ... سمعنا صوت الناظر فى الميكروفون يعلن ... أن المدرسة "مغـــلقة" بعد الظهر وأن الطلاب عندهم أجازة بعد الظهر ...وطلب منهم مغادرة حوش المدرسة ... فـــورا ...
هلل بعض الطلبة ... ولكن إنتبه الآخرون الى المناورة .. ... فـــرفضوا مغادرة المكان ...
وهتفوا... " الشاعر وبرغوت عاملين إعتصام ... .ايه اللى حصل .. ؟؟؟
.... يالله جيبوا الصنايع ..."
... .ايه اللى حصل .. ؟؟؟ .... يالله جيبوا الصنايع ..."
يقصدون مدرسة طلاب الصنائع من أجل القيام بمظاهرة أحتجاج "
فقد كان شقيقى محمود رحمه الله يدرس فى مدرسة الصنائع الثانوية ، وكانوا يحبونه ، ... علاوة على أن شقيقى محمود كان زميلى فى فدائيى الحرس الوطنى وكان برضه رئيس طلبة الصنايع ... "بس أنا كنت أقدم منه... هوه كان الدورة السادسة ,,, ولكننى .. كنت الدورة الأولى ... يعنى من جذورها فى البداية ... ولازم يقف قدامى إنتباه ... رغم أنه أكبر منى بثلاث سنوان .... حلوة دى ... ؟؟؟ وكنت دائما أحركشه بها ... أيام شباب ... وأيام ... !!! الله يرحمه ويحسن اليه ويحعل اراضيه الجنة يارب ... !!!!"
... .ايه اللى حصل .. ؟؟؟ يالله جيبوا الصنايع ..."
وتصاعدت الهتافات
... سمع العديد من زملائى فى مدرسة الثانوية الهتافات ...
وشاهدوا البوابة تقفل خلفهم ... فأستنتجوا شرا ... !!!!
ولــم يتوانوا ... "مسحيين ، أقباط ... مسلمين ... وبدأوا يرجعوا..... العديد من الذين غادروا المكان الى المدرسة ...
ولكن البوابة كانت قد أقفلت خلفهم ... ومافيش فليدة يخلوا حوش المدرسة ... وعبدالعزيز و"فصله ثالثة أول" وأنا وفصلى ثالثة ثانى ...فى الفصول ... مقفلين على نفسنا ... ومعتصمين ....
ومخبرين المباحث ... إتجمعوا خرج السور ... وحنود بلوكلت النظام بالعصاية والخرزانة بدأوا يعملوا "كردون" حول المدرسة ، علشان يمنعوا ... الخروج .... " كان وجههم ناحية سور المدرسة ، وظهرهم للميدان .... !!!! ؟؟؟؟ "حظنا"
العمل .. ؟؟؟
انتبهوا لما حدث .... ورجعوا بسرعة ... الى أسوار المدرسة ... الغربية والشمالية ... والجنوبية ... وتفادوا الجهة الشرقية ...
تسلقوا على الأسوار وقفزوا فوقهم ... الى المدرسة .. الى الفصول ... وخرجوا من ابواب الفصول فى الدور الأرضى الى داخل حوش المدرسة مرة أخرى ...
الناظر شاف اللى بيحصل قدام عينيه ... موقف ... قد يفلت من الأيادى .. "ولم يكن لى فيه أى تدخل ....
الله يجازيك خير ياعبد العزيز ... !!! "ألله يرحمه ويدخله واسع جناته وويحسن إليه"
كان فى إمكانه .. أدخال العساكر الى داخل المدرسة .. يعنى راح تحصر "مجزرة ..." ، وكان العديد من زملائى ... برضه فى التدريب العسكرى ... وأنا الباشجاويش ... وكنا متدربين كويس ...
وبعدين ... مصر كلها كانت مظاهرات .... وبتخاف "وقتها" من مظاهرات الطلاب ...
ولكن الناظر الشريف ... الصارم ... الحازم ... القاسى علينا لمصلحتنا .. والعادل معنا كأبناءه ... رغم أنه لم يخلف أحدا من السيدة الفاضلة "قرينته" الأنجليزية "المصرية" ... رفض ....
... رفض أن نتعرض للضرب ... رفض أن نتعرض للأهانة ... وفضل أن يتصرف على مسئوليته ...
المفاجأة الخامسة ....... إعقل ياشاعر وبلاش جنون
أتت المفاجأة الخامسة ...فجأة ... ليسمعها جميع الطلبة زملائى ...
"صوت الناظر ... الصارم ... الحازم ... وكنا نخشى نظراته ... فما بالك بصوته ... وعلى الميكرفون ...
...........
....
... سمعنا صوت الناظر فى الميكروفون ينادينى بأسمى ويوجه الى الرسالة التالية
" .... إعقل ياشاعر وبلاش جنون .... فــــك الأعـتـصـام ده ... !!!!
ا
لقاهرة راح ترجعه تانى ...... سيبكم ياأولاد من الـــهـــبـــل ده ... !!!!
الرئيس نجيب راح يرجع تانى ...
ثم أزادت حدة صوته .... !!!
.... يـــاشـــاعر إعـقل وفـك الأعتصام ...
ماتخليكش مجنون ...!!!!
يالله أخــــــــرج ... يـــــــاااا شـــــااااعر ... !!!!
يـــــــاااا شـــــااااعر ...
يا شاعر ...
.
...........
يا شاعر ... !!!!
ودوى صداء الميكروفون فى ميدان المحافظة ... وسمعه العديد من الطلبة والمواطنيين .. بدأو يتجمعوا أمام المدرسة ..
"وأقسم لكم بشـــرفى ... بأننى لم أكن أعلم حتى هذه اللحظة بما حدث فى القاهرة قبلها ... أو بعدهــا"
ضـحـك "عبدالعزيز " بصوت عالى وقهقه ... قائلا لى ...أديك لبستها ياعم بقى ... يبقى واصلهــا وكملها .....!!!.
وقهقه .... وقهقه .... مرت بصوت عــــــــال ..... !!!
ولم يكن ذلك عن نية سيئة ... ولكن فرح من أعماق قلبه ... بأنه سيشاركنى زنزانة سجن واحدة أنشاء الله ... شقاوة الطلبة ...
... يخرب شيطانك ياعبود ... !!!
.... ولم يتبقى لى أى إختيار .... ولبستـها زى البدلة المفصلة .... !!!
وما زلت أعتقد ، بأن الناظر عبد الحميد قد سمع القهقهة وظنها منى ...
المهم ...
فعلا .. أستمرينا فى الأعتصام ... حتى الساعة حوالى السادسة الخامسة مساء ... وجاءت الأنباء الينا بأن مجلس الثورة أرجع نجيب ... كرئيس لجمهورية مصر ...
وغادرنا غرفة الصف ... حوالى الساعة الخامسة والربع مساء ...
وأنسحبنا بهدوء ... متفاديين نظــرات ناظر المدرسة ....
وذهب كل منا الى عائلته ...
بينما كان اللواء أ ح محمد نجيب قد رجع الى رئاسة الجمهورية ...
وعلمت فى المنزل بأحداث اليوم ...
الزملاء لا بد أن يقضوا حاجتهم ...
المهم ... كان بعض الزملاء لا بد أن يقضوا حاجتهم ... ولم يتبقى لنا فى هذه الأزمة "النفـسـيـة" سوى حيطان غرفة الفصل ... !!! ويمكنكم أن تتصوروا " رائحة الغرفة يومها وفى اليوم التالى ...
ولم تنته القصة .. الزملاء والهتالف .... تحيا مصر .... يــحــى الشاعر ... !!!!
...
عندما وقفت فى الصباح التالى أمام الطلبة .. للأنتظام وتحية العلم وللهتاف بأسم "تحيا مصر" .....
أنفجرت صفوف الطلاب بالتصفيق ... والهتاف .... تحيا مصر .... يــحــى الشاعر ... !!!!
وانبهر ناظر المدرسة ... وأنبهر المدرسون ... وأنبهرت شخصيا ...
دوســـيه ثميـــك فى "مباحث بورسعيد ... !!!!...
سمع مخبرى المباحث "الحاج حسن ... وزميله ما يحدث فى حوش المدرسة ... صباحا .. الهتافات ..
فكان ذلك فرصة لهما "جنازة ويشبعوا فيها لطم " وكتبوا تقارير ... تقارير ... تقارير ... ولكن وهــــكذا .... فتح لى بعدهم "دوســـيه ثميـــك فى أرشيف "مباحث بورسعيد "
ومازلت حتى الأى أسمع صديد ضحك "عبد العزيز برغوت وهو يقول ..." ... أديك لبستها بقى "
وكلما أتذكر هذه الحاثة ... أضحك من أعماق قلبى ...
"القصة لها تكملة .... فكان لازم عبد العزيز وأنا نحضر والدنا الى الناظر ... ... ؟؟؟؟؟؟
... ده ماكانش بعد تحية العلم .... أو يومها ... ولكنه أنتظر .... يومين ....
... وعرفنا أن نهايتنا سوده .... !!!!
.... العمل ... ؟؟؟؟؟
طبعا "عبدالعزيز برغوت كان عنده حـــل ذكى .... جــدا .... !!!
...
......
...
لأ... بأخليها دى بقى لقصة تالية .... لآنها بتضحك ...
وما زلت أقصها لآولادى وأصدقائى ...
يحى الشاعر