يلفت النظر في الفترة الأخيرة حدة الخلاف والتشجنات بين من يعتقد نفسه تيار إسلامي أو من يعتبر نفسه ليبرالي.
لكني أظن أن أي صاحب فكر يجب أن يناقش بهدؤ بحثاً عن نقاط إتفاق يمكن معها أن يصل لتحقيق أهدافه عبر جعلها أهدافاً مشتركة مع أخرين,,,, إن كان حقاً يسعى لهذه الأهداف والمثل العليا ويؤمن بها.
لذلك عندما يعارض أي شخص دولة الديموقراطية والعدالة والحرية بدعوى إنها ضد الإسلام فهي أكبر دليل على أنه لا يعرف أي شئ عن الإسلام بل ولا ينتمي له ولا يعرف جوهره ومحور رسالته.
فالإسلام لم يكون يوماً ضد العدالة ولا ضد الحرية.
نعم لم يكن الإسلام يوماً ضد الحرية. وهناك الكثير من الأحاديث والأيات - التي لا مجال لذكرها هنا - التي تخبرنا أن المضطر أو المقهور لا يحاسب على تصرفاته ولكن يحاسب الإنسان الحر الذي أختار أراءه وتصرفاته بحرية وقناعة.
فما جدوى أن يساق البشر إلى المساجد إن لم يكن ذلك نابعاً عن قناعة أو عميق إيمان وماجدوى أن تجبر المرأة على الحجاب بينما هي تمارس الدعارة...وماجدوى أي شئ أو تصرف يقوم به الإنسان لا ينبع من قناعة وإيمان عميق.
لذلك يسعدني كثيراً عندما أجد من يفهم هذا التصور من الطرفين وسوف أنقل لكم هنا بعض التصريحات من أحد من يُعتقد أنهم من المتطرفين ولكنهم أكثر فهماً من كثير ممن يتحدثون بإسم الإسلاميين سواءَ هنا في المنتدى أو في واقع حياتنا.
إقرأوا معي تصريحات ناجح إبراهيم - المتحدث أو ربما المنظر- للجماعة الإسلامية وبعدها تصريحات الحمزاوي لتعرفوا لأي مدى يطالب الجميع بنفس المطالب ولكنهم يسيئون فهم بعضهم البعض أحيانا ربما عن جهل وأحيانا أخرى ربما عن جهل أيضاً.
كتب عمر القليوبي
أكد الدكتور ناجح إبراهيم، المنظر الفكري لـ "الجماعة الإسلامية"، أن "الإسلام لا يعرف اسم الدولة الدينية لأنها تعني أن الحاكم معصوم بل وتصل لدرجة أن يكون الرئيس متحدثا باسم الإله، وهذا مخالف للدين الإسلامي الذي يحدد شكل الدولة الإسلامية التي تتحدث باسم القرآن والسنة دون أن يتحدث الحاكم باسم الإله".
وأضاف متحدثًا خلال ندوة "الاختلاف بين الدولة الدينية والمدنية"، التي نظمها شباب حزب "الوفد" بساقية الصاوي، إن الإسلام هو المعصوم، لكن الحركة الإسلامية غير معصومة لأن عملها بشري محض، وتابع: يجب أن يعلم قادة التيار الإسلامي إننا دعاة لا قضاة نعمل فقط في مجال الدعوة وليس الحكم علي الناس.
وذكّر أن الشورى هي أمر ملزم ومن ثوابت الإسلام، لكن آلية تحقيقها يتغير علي مر العصور، لأن الحرية ليست مضادة للشريعة والأمة هي مصدر السلطات، لأنها تحاسب السلطة إذا خانت.
ورأى أن الليبرالية بها حسنات كثيرة تتوافق مع الشريعة الإسلامية لذلك لابد أن نبحث في الوقت الراهن عن ليبرالية إسلامية تتوافق مع طبيعة المجتمع المصري، متهمًا النظام السابق بأنه قام بتجريف الحياة السياسية، عن طريق التشوية والتقليل من دور الأزهر الذي كان يرعى التعددية الدينية التي تحترم الآخر.
وطالب منظر "الجماعة الإسلامية" بضرورة طرح المبادئ الدستورية للاستفتاء الشعبي والموافقة عليها، كشرط للقبول بها، معتبرًا أن كثيرًا من الإشكاليات المطروحة حاليا بين القوي السياسية هي شكلية ووهمية.
من جانبه، قال الدكتور عمرو حمزاوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن هناك مشتركًا واضحًا بين الإسلاميين والليبراليين، وهو أن الطرفين يبحثان عن دولة سيادة القانون والمواطنة وتحقيق تداول السلطة وهذه الأرضية المشتركة موجودة, إلا أن جميع أطراف العمل السياسي دفعت _بطريقة مقصودة _ إلى التصعيد ووضعت في غيبوبة لكي تفقد كل القوي القواسم المشتركة فيما بينها.
وقال حمزاوي إن الدولة التي يجب أن نؤسسها بعد الثورة هي الدولة التي تحترم الإرادة الشعبية وتطبق مبادئ الحرية المنضبطة بالصالح العام, موضحًا أن الدعوة لوضع مبادئ فوق دستورية هو أمر لا يصادر على الإرادة الشعبية، لأنه "لن يأتي إلا بالتوافق المبدئي بين القوي السياسية ثم عرض هذه المبادئ التي تم التوافق عليها للتصويت من الرأي العام في استفتاء حر".
وانتقد حمزواي القوى السياسية التي تطالب بإعلان دستوري أو مبادئ فوق دستورية دون العودة للإرادة الشعبية, قائلا: "لا يحق لأي قوة أن تتجاهل الإرادة الشعبية لكنني أيضا ضد المصادرة علي المبادئ بحجة الإرادة الشعبية يجب أن نتوافق علي شكل المبادئ ثم نطرحها على الشعب".
بدوره، قال الدكتور وحيد عبد المجيد الخبير السياسي بمركز الدراسات الاستراتيجية بـ "الأهرام"، إنه لا يوجد تعارض بين الدولة المدنية والإسلام, وهناك انسجام كبير بننا, لكن القوي السياسية تستدرج حاليا لصراع علي هوية الدولة رغم أن الذي حفظ هوية الدولة إسلامية لم يكن الإسلاميون لانه عندما وضع دستور 23 كان تعبيرا عن الرأي العام لدى الشعب المصري، والتيار الليبرالي آنذاك هو الذي أكد ضرورة الحفاظ على هوية مصر الإسلامية.
وعاب عبد المجيد على التيارات الإسلامية الحالية أن الشريعة الإسلامية تحولت على يديها إلى "شعار يرفع بلا معنى أو مضمون, بالرغم من أن الشريعة تتسع من الاجتهادات مالم ينته اليوم القيامة, فضلاً عن أن الشريعة ملك لجميع التيارات وليس الإسلاميين فقط"، بحسب قوله.
واعترض على وضع وثيقة المبادئ الحاكمة فوق الدستورية، وأضاف: لسنا في حاجة إلى المبادئ فوق الدستورية طالما تتوافق جميع التيارات السياسية علي قواعد لن يحيد عنها الدستور.