فوضى الفوضى
من اهم اسباب انتشار حالة الفوضى فى مصر.. ليس فقط الانفلات الامنى..
وعدم عودة وزارة الداخلية الى حالتها الطبييعية ..اووجود عدد كبير من البلطجية فى الشوارع..وانهيار الحالة الاقتصادية.. خاصة بالنسبة للاحياء الفقيرة والعشوائيات والتى تدنى الدخل.. فيها للاسرة الى ما لايمكن تصوره.. الا فى حالات المجاعات حيث تجاهد هذه الاسر الى ما يسد الرمق من الخبز فقط....رغم معاناة الحصول عليه...فى ظل انتشار البطالة..
وشيوع الازمات فى الكثير. من السلع..بدءا من العيش ومياه.الشرب..الى. انابيب البوتجاز مع زيادة اسعار الانبوبة..وازمة السولار والبنزين المستمرة منذ عدة شهور...
.وانقطاع الكهرباء..رغم زيادة اسعارها.. الى الضعف تقريبا..
وكذا زيادة اسعار ما يقرب من مائة سلعة.. زادت من الاعباء المعيشية للاسر الفقيرة والمتوسطة...
كل هذه الاسباب.. ادت الى حالة الفوضى.. ولكن باعتبارها اسباب ثانوية..
وليست اسباب رئيسية.. .اذ ان العامل الدينى لازال متمكن من نفوس هؤلاء الخارجين سواء فى الشارع او فى الميادين.. بالرغم من حاجتهم الملحة..
وبالتالى فان تعديهم.. اقتصر على منشئات الشرطة. وسيارات الشرطة وافرادها.
باعتبار ان الشرطة.. تمثل الدولة وتدافع عنها.. بكل الوسائل..
والدولة هنا بمعناها الضيق.. اى الحكومة..رغم انها اى الحكومة فشلت
فى كل شيئ.. حتى فى المحافظة على رصيد البنك المركزى.. وبالتالى فان
الشرطة.. بتصديها للمظاهرات تتحمل عبء هذا الفشل .. وتدافع عن اخطاء.. الوزارات الاخرى..
وهى فى سبيل ذلك ترتكب بنفسها ولنفسها اخطاء مثل قتل بعض المتظاهرين او جرحهم..
مما يزيد من استمرار حالة الاحتقان واستمرار المظاهرات....
اما.. العوامل الرئيسية فى اثارة الفوضى فكانت.. من وجة نظرى....
هى بصفة اساسية فى الضعف السياسى والدبلوماسى التى تتصف به مؤسسة الرئاسة..والحكومة.. والتى لم تستطع التوافق مع المعارضة او احتواء بعض من طلباتها بالاضافة .الى احداثها حالات من الارتباك السياسى لم تخرج منها بعد .....كان اولها...
فى تعدى الرئيس محمد مرسى على السلطة القضائية..وتدخله فى شئونها وتحصين قراراته..عن المتابعة القانونية.. والرقابة القضائية..
هذه التصرفات.. التى اعادت مفهوم الدولة.. الى القرون الوسطى ..بالمعنى الذى قاله لويس الرابع عشر ...انا الدولة.والدولة انا....هى اهم اسباب الخروج على النظام العام فى جميع الاحوال....اذ ان الفصل بين السلطات من النظام العام...الذى يحفظ للدولة شكلها...
ولذا فان رئيس البلاد الذى يعتبر القدوة لجميع الافراد...اذا. لم يحترم..بصفته رئيس الجمهورية.. النظام العام.. وتعدى على السلطات ..فمن باب اولى ستخرج الافراد مثله.. على اى نظام .كان.. وفى اى مكان وزمان..
اذ كان.. لتدخله بالغاء حكم المحكمة الدستورية.. الصادر بحل مجلس الشعب لكونه باطلا منذ انتخابه.. ثم اصداره الاعلان الدستورى الاول.. والثانى.. بالتدخل فى احكام المحاكم.. واقالة النائب العام ..وتعين نائب عام اخر...وتحصين مجلس الشورى.. عن الحل رغم الطعن فيه باالبطلان امام القضاء.الادارى فى الدعاوى المنظورة امامه ..وتحصين اللجنة التاسيسة.. لصياغة الدستور ..ضد احكام القضاء الادارى.. رغم مخالفة تشكيلها ..
هذه الاجراءات..الغير موفقة...افرغت الدولة من شكلها.. ومضمونها ...
واصبحت مصر شيئا اخر ..غير ان تكون دولة.. بمفهومها الحديث....لذلك ظهرت ردود فعل الشارع بالمظاهرات امام قصر الاتحادية وفى ميدان التحرير ..لاعادة ..مصر الدولة..
وتحقق شيئا منها بسحب الاعلان الدستورى الاول جذئيا ..ولكنه ليس كافيا...لان تعود مصر الدولة حقيقة.وفعلا ....والذى لم يحدث الى الان..
..بدليل.. قيام مجموعات...بحصار المحكمة الدستورية العليا..وعدم تمكين القضاه من دخولها...رغم استغاثة القضاة... بمؤسسة الرئاسة والحكومة ووزارة الداخلية ..دون جدوى.. ودون ما تحقيق فى واقعة.. حصار المحكمة الدستورية.. وتحديد المسؤلية..
..بل وتم التدخل فى نقل بعض قضاتها.. وتعين غيرهم...كما ولو كان القضاة.. مجرد موظفين اداريين. تابعين لاى مصلحة حكومية..
.دون ما مراعاة الى انهم ينتمون الى سلطة من السلطات الثلاث وهى السلطة القضائية والمفترض انها...سلطة.. مستقلة....
وحصار مدينة الانتاج الاعلامى.. لعدة ايام ايصا.. والتعدى على بعض رجال الاعلام...
دون ما اى اجراء للتحقيق.. فى واقعة الحصار والتعدى .. وتحديد المسؤلية..
والتعدى على المحاكم ..وحرق ملفات القضايا المهمة..يثير علامات استفهام كبيرة..
كل ذلك وغيره ..جعل من العدالة.بالنسبة للشارع.. محل نظر...
وطالما ان العدالة.. صارت محل نظر.. اى مشكوك فى عدالتها....تصبح الفوضى او فوضى الفوضى امرا واقعا...يتولى الافراد بنفسهم.. الحصول على حقوقهم بايديهم..
بل الاكثر من ذلك ...فان هؤلاء الافراد .يقومون باعمال الدولة..لا باعتبارهم يمثلونها اى موظفين فعلين ينوبون عن الدولة..بل يقومون بافعالهم هذه با عتبارهم هم فعلا.. الدولة البديلة او الدولة الواقعية.. اذ انهم يملكون.. الشارع..بعد ان غابت الدولة عن الشارع..واصبحت محل ..شك..
ويشير الى ذلك.. ما صرح به السيد المستشار.. وزير العدل.. لوكالة الاناضول التركية..والمنشور فى جريدة الاهرام...من عدة اسابيع.. والذى جاء فيه...ان تطبيق المواطنين لحد الحرابة بانفسهم على البلطجية وقطاع الطرق...هو علامة من علامات وفاة الدولة..مضيفا على حد قولة ..بان الحكومة التى تسمح بذلك.. هى حكومة ظالمة.. لانها لا توفر الحماية.. لمواطنيها....ولا نعرف سبب بقاء السيد المستشار فى الحكومة ..الظالمة..
والجدير بالذكر.. ان عدد الحالات التى اعلنت عنها الدولة.. والتى قامت الاهالى بتطبيق حد الحرابة.. عليها بلغ ثلاثون.. حالة ما بين قتل وحرق وسحل للمجرمين..
منهم اربعة عشر حالة.. فى محافظة الشرقية وحدها.. اخرهم ما حدث فى قرية الجندية منذ شهر تقريبا من قبضهم على لص.. وبعد ان اوسعوه ضربا .. ولفظ انفاسه.. علقوا جثته على احدى الاشجار.. ولا يعرف بعد ما اتخذته الدولة.. حيال هذه الحالات سواء من الناحية القانونية.. او الشرعية..
هذا بالاضافة.. الى اصرار مؤسسة الرئاسة.. على ابقاء حكومة الدكتور هشام قنديل رغم رفض الشعب لها ..وعدم قبولها ..وفشلها فى ادارة البلاد ..ووقوع العديد من حوادث القطارات والطرق .والحرائق . وانهيار العمارات ..والتراجع الاقتصادى ..وتحقيق ارقام قياسية فى عجز الموازنة العامة....وانعدام. رؤيتها للواقع ..وكيفية علاجه...
علما بان وقوع اى حادثة من هذه الحوادث كفيل باقالة اى حكومة فى اى دولة من دول العالم اذا لم تتقدم هى باستقالتها ..مسبقا...
ورغم المظاهرات المستمرة من عدة شهور مطالبة باقالة الحكومة....والاعتصامات المستمرة..
فان الاصرار على التمسك بها والابقاء عليها ..رغما عن ارادة الشعب..يعد سببا من اسباب الفوضى.....
وربما فى استمراراها.. بالاضافة الى.. اسباب اخرى لاثارة اعمال الفوضى......
لكن ماسبق كان من اهمها...
كلماتى وبقلمى
محمد جادالله محمد الفحل