أودى زلزال بقوة 7 درجات على مقياس ريختر، ضرب وسط العاصمة الهايتية بحياة المئات وشرد الالاف، كما دمر مقر بعثة الأمم المتحدة وقصر الرئاسة الأبيض، وبينما نجا الرئيس الهايتي من الموت المحقق، ما زالت عمليات البحث والانقاذ عن المئات جارية وسط الركام والبيوت المهدمة.
بور او برنس: ضرب زلزال عنيف الثلاثاء هايتي مسببا دمارا كبيرا لحق حتى بالقصر الرئاسية في في مدينة لا تملك شيئا لانقاذ الضحايا الذين قد يبلغ عددهم مئات. وأمضى العديد من الهايتيين ليلتهم في العراء بعد الزلزال الطويل الذي بلغت شدته سبع درجات ووقع عند الساعة 16,53 (21,53 ت.غ) على بعد 15 كلم غرب العاصمة المكتظة بالسكان، في انتظار حلول الصباح للبدء باحصاء القتلى وتقييم الخسائر.
وقال طبيب اصيب بجروح في ذراعه اليمنى، وقد غطته الدماء ان "القتلى سيكونون بالمئات عندما نتمكن من بدء الاحصاء". وتلت الزلزال حوالى ثلاثين هزة ارتدادية قوية التي بلغت شدة بعضها 5,9 درجات، واكد المعهد الاميركي للجيوفيزياء ان هايتي لم تشهد هزة بهذه القوة منذ قرن واحد على الاقل.
وخلف الزلزال دمارا كبيرا اذ انهار عدد من المباني العامة بما فيها القصر الرئاسي والبرلمان ووزارات عدة وكنائس في افقر دولة في الاميركيتين. واكد سفير هايتي في المكسيك روبرت مانويل ان رئيس هايتي رينيه بريفال وزوجته "على قيد الحياة"، مشيرا الى ان "الوضع خطير جدا". وفي باريس قال وزير الدولة الفرنسي لشؤون التعاون آلان جويانديه ان حوالى مئتي شخص يعتبرون في عداد المفقودين بعدما طمروا تحت انقاض فندق كبير في العاصمة الهايتية.
واوضح الوزير "وصلتنا معلومات بان فندق لو مونتانا انهار وانه كان في داخله حوالى 300 شخص وانه خرج منه فقط مئة شخص، وهذا الامر يثير قلقنا الشديد". كما عبر عن قلقه على مصير 1400 فرنسي يعيشون في هايتي يقيم معظمهم في العاصمة. ودمر مقر بعثة الامم المتحدة لاحلال الاستقرار في هايتي التي تضم حوالى احد عشر الف شخص. وقال رئيس بعثات حفظ السلام في الامم المتحدة آلان ليروا ان مقر البعثة "دمر وهناك العديد من الاشخاص المفقودين".
وذكرت الصحف الصينية ان ثمانية من جنود حفظ السلام الصينيين طمروا تحت الانقاض بينما هناك عشرة آخرون مفقودون. وسبب الزلزال اضطرابات كبيرة في بلد يملك بنى تحتية بدائية جدا مما يجعل نقل جرحى الى مراكز طبية ما زالت قائمة، شبه مستحيل.
من جهة اخرى، قام لصوص بنهب سوبرماركت في شمال بور او برنس. وقال صحافية من وكالة فرانس برس ان الزلزال العنيف جدا استمر لاكثر من دقيقة وقذف السيارات في الشوارع وادى الى سحابة هائلة من الغبار الابيض فوق المدينة التي تضم مليوني نسمة. وصرح احد السكان مشى عدة كيلومترات ليعود الى منزله وسط موجة ذعر ان "وسط بور او برنس دمر. انها كارثة حقيقية".
وكان عدد من طلاب جامعة خاصة عالقين تحت انقاض مؤسستهم. وقال مسؤول الجامعة لاذاعة "سينيال اف ام" في بيتيون فيل شرق بور او برنس "تمكنا من انتشار بعض الاشخاص من تحت الانقاض وهناك عدد كبير من الجرحى".
كما دمرت مراكز جامعية اخرى مثل المعهد الوطني للادارة وجامعة الوكالة الجامعية للفرنكوفونية. وقال الرئيس الهايتي السابق جان برتران اريستيد في جوهانسبورغ حيث يقيم منذ مغادرته البلاد في 2004 "انها فاجعة تفوق التصور"، معبرا عن تعازيه لمواطنيه.
وقال سفير هايتي في الولايات المتحدة ريمون السيد جوزف لشبكة سي ان ان انها "كارثة كبرى" للبلاد. وفي واشنطن اكد الرئيس الاميركي باراك اوباما ان الولايات المتحدة "مستعدة لمساعدة الشعب الهايتي". وعرضت دول عدة مساعدات بينها فنزويلا وكندا. من جهته، دعا البابا بنديكتوس السادس عشر الجميع الى تقديم "مساعدة سخية من اجل التعبير عن التضامن العملي والدعم الفعال للاسرة الدولية مع اخوتنا واخواتنا الذين يعيشون لحظة عوز والم".
كما طلب من المؤمنين"الانضمام الى صلاته" من اجل "الضحايا والذين يبكون خسارة". وسترسل فرنسا طائرتين تنقلان عشرات المسعفين وكلابا متخصصة في البحث عن الاشخاص العالقين تحت الانقاض والانقاذ. وبثت شبكة سي ان ان الاميركية مشاهد للزلزال ظهرت فيها سحابة كبرى من الغبار ترتفع من عشرات المباني المنهارة.
وتم اصدار انذار باحتمال حدوث تسونامي لكنه الغي سريعا. ويستخدم معهد الجيوفيزياء الاميركي المقياس الآني لتحديد شدة الزلازل. ويعتبر هذا المقياس زلزالا من الدرجة السادسة قويا. وهايتي التي تعتبر الدولة الافقر في الاميركيتين سبق ان شهدت سلسلة من الكوارث في الاونة الاخيرة. فقد ضربتها ثلاثة اعاصير وعاصفة استوائية في 2008 ما ادى الى مقتل 793 شخصا وفقدان اكثر من 300 آخرين بحسب ارقام الحكومة.
كما شهدت البلاد توترا سياسيا في العام 2008 نجمت عنه اعمال شغب اثر رفع اسعار المواد الغذائية في العام 2008. ويعيش قرابة 70% من شعب هايتي بأقل من دولارين في اليوم، فيما تشمل البطالة نصف عدد سكانها البالغ عددهم 8,5 ملايين نسمة.
وفي بيان وصل نسخة منه إلى "إيلاف" أعربت المديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا، اليوم، عن الصدمة التي تلقتها وعن قلقها العميق إزاء الدمار الذي سببه الزلزال الذي ضرب هايتي، وتعهدت بتقديم الدعم من قبل اليونسكو لضحايا الكارثة. "إن التقارير حول الدمار الناجم عن الزلزال مروعة" ، قالت بوكوفا وتابعت: "أود أن أعرب عن قلقي العميق وتعاطفي مع شعب هايتي، وأتعهد بأن تقوم منظمتنا بكل ما هو ممكن في مجالات عملها لمساعدة السكان على مواجهة هذه المحنة الرهيبة". "كما أتسقط بمنتهى القلق أخبار فريق اليونسكو الذي يعمل في مدينة "بورت أو برانس"...".
وتتابع اليونسكو، التي لديها مكتب في عاصمة هايتي، بورت أو برنس، عن كثب الوضع هناك، وتعمل مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لضمان التحرك السريع والأكثر فاعلية. وحتى الان لم يعرف شيئاً عن مصير 14 موظفاً يعملون في مكتب اليونسكو في "بورت أو برنس".
مقتل 11 برازيليا على الاقل من جنود حفظ السلام في هايتي
وفي نيويورك، اكد مسؤول كبير في الامم المتحدة الاربعاء مقتل خمسة اشخاص على الاقل نتيجة انهيار مقر بعثة الامم المتحدة في بور او برانس جراء الزلزال المدمر الذي ضرب هايتي الثلاثاء. واعلنت الامم المتحدة انها "تعاني من مشاكل للاتصال" مع ممثليها في هايتي حيث ادى الزلزال الى قطع الاتصالات مع الجزيزة. وقال رشماني دومرسانت مدير العمليات في جماعة (الطعام للفقراء) لرويترز "المدينة كلها يعمها الظلام والاف من الناس يجلسون في الشوارع ولا يجدون مكانا يذهبون اليه." واضاف قوله "الناس يجرون ويصرخون ويصيحون". وقال دومرسانت انه في ضاحية بتيونفيل لم يرَ أثرًا للشرطة او مركبات الانقاذ.
وأضاف قوله "رأيت سبعة مبان او ثمانية من المباني الادارية الى الفنادق والمراكز التجارية انهارت ... واعتقد ان القول بان هناك مئات الاصابات تهوين من حجم الكارثة."
وقال مسؤولو الامم المتحدة ان الاتصالات العادية انقطعت وان الوسيلة الوحيدة للتحدث مع الناس على الارض هي من خلال الهاتف الذي يعمل عبر الاقمار الصناعية. ومع حلول الظلام وسط مشاهد الفوضى وصرخات الملتاعين من الضحايا راح السكان يجاولون يائسين النبش بين الحطام لاخراج الناجين أو يبحثون عن أقاربهم المفقودين في الشوارع التي تناثرت فيها الانقاض.