تقسيم كوريا بعد الحرب العالمية الثانية
في 10 اغسطس1945 ومع استسلام اليابان الوشيك لم تكن الحكومة الأمريكية واثقة من التزام السوفيت بإقتراح الولايات المتحدة حيث أنه قبل ذلك بشهر قام كلاً من الكولونيل دين راسك وبونستيل -و في جلسة مقتضبة دامت حوالي نصف ساعة- برسم الخط الفاصل بين القوات الأمريكية والسوفيتية عند خط عرض 38 متخذين خريطة لمنظمة ناشيونال جيوغرافيك كمرجع لهم وقد علّق راسك - الذي أصبح وزيراً للخارجية بعد ذلك - معللاً ” ان القوات الأمريكية المتواجدة هناك تواجهها صعوبات تتمثل في عاملي الزمان والمكان مما يعوق أي تقدم نحو الشمال دون أن تسبقهم القوات السوفيتية ”و لقد اوضح التاريخ أن السوفيت قد اوفوا بإلتزاماتهم وتوقفوا عند خط عرض 38 رغم قدرتهم على احتلال كل الأراضي الكورية، وقبل السوفيت هذا التقسيم مع القليل من التساؤلات لدعم موقفهم في التفاوض بشأن أوروبا الشرقية.
و طبقاً لهذا التقسيم يقوم اليابانيون شمال هذا الخط بالاستسلام للاتحاد السوفيتي وفي الجنوب للقوات الأمريكية وهكذا ودون استشارة الكوريين تقاسمت القوتان العظمتان شبه جزيرة كوريا لتتحول إلى منطقتي احتلال واضعين الأساس لحرب أهلية لا مناص منها ورغم أن السياسات والأفعال التي تمت قد ساهمت في ترسيخ انقس كان أول قرار إتخذه الأمريكيون هو إعادة عدد كبير من الإداريين اليابانيين ومساعديهم الكوريين الذين كانوا في السلطة أثناء الفترة الاستعمارية كما رفضت الإدارة الأمريكية الإعتراف بالتنظيمات السياسية التي أنشأها الشعب الكوري, وقد أدت هذه الإجراءات إلى الغير مفهومة والغير شعبية بالنسبة للكوريين الذين عانوا من الاضطهاد الياباني الرهيب إلى عدد من الإنتفاضات والإحتجاجات الشعبية والعمالية
اتفق الجانبان الأمريكي والسوفيتي في ديسمبر1945 على إدارة البلاد بما وصف باللجنة الأمريكية السوفيتية المشتركة - والتي خرج بها اجتماع موسكو لوزراء الخارجية - وانه بمرور 4 سنوات من الحكم الذاتي تحت الوصاية الدولية ستصبح البلاد حرة مستقلة، وبالرغم من أن كلاً من الولايات المتحدةوالاتحاد السوفيتي قد اتفقا على أن كل قسم سوف يُحكم تحت قيادة الكوريين إلا أن كل قوة عملت على إقامة حكومة موالية لأيدلوجيتها السياسية وقد رفض غالبية الشعب الكوري لكثير من هذه الترتيبات مما ساعد على قيام سلسلة من التمردات الدموية في الجانب الشمالي وإضرابات في الجانب الجنوبي، سعت الحكومة العسكرية الإمريكية في الجنوب إلى منع الإضرابات في 8 ديسمبر وأصدرت قرارا باعتبار الحكومة الثورية واللجان الشعبية خارجة عن القانون في 12 من الشهر نفسه, وتطورت الأمور بسرعة فقد شن عمال سكك الحديد الكوريون في بوسان إضرابا في 23 سبتمبر 1946 سرعان ما مس معضم مدن الجنوب. في الفاتح من أكتوبر1946 قامت الشرطة بقمع الإحتجاجات الشعبية وقتلت ثلاثة طلبة وجرحت عدد أخر مما أدى إلى قيام إنتفاضة دايغو حيث هاجم المتظاهرون مقرات الشرطة وقتلوا 38 شرطيا. ومن المهم أن نذكر أن معظم أفراد الشرطة الذين كانوا آنذاك هم ممن عمل أثناء فترة الاحتلال الياباني. وقد جعل وقوف الأمريكيين إلى جانب هؤلاء الخونة الكوريين يرونهم كمحتل لا يختلف عن اليابان. في 3 أكتوبر هجمت عدد من المتظاهرين(حوالي.10.000)في ييونغ شيون على مقر للشرطة وقتلوا 40 شرطيا ورئيس المحافظة كما قتل في هجمات أخرى 20 من ملاك الأراضي والمتعاونين السابقين مع اليابان ورد الأمريكيون بإعلان الأحكام العرفية مطلقين النار على جموع المتظاهرين لتقتل عددا غير معروف منهم.
في كوريا الجنوبية عارضت مجموعة يمينية مناهضة للوصاية تُعرف بالمجلس التمثيلي الديمقراطي كل الاتفاقيات التي دعمتها الولايات المتحدة بالرغم من أن هذه الجماعة نشأت بمعاونة من القوات الأمريكية المتواجدة هناك ونظراً لأن الكوريين ذاقوا مرارة الاحتلال الياباني لكوريا من 1910 إلى 1945 فقد عارض معظمهم فترة أخرى من السيطرة الاجنبية مما دفع الولايات المتحدة إلى التخلي عن اتفاقيات موسكو ولم يرغب الامريكان في وجود حكومة ذات ميول يسارية في كوريا فقامت بتغيير موقفها ودعت إلى انتخابات كورية وحينئذ ايقن السوفيت خسارة رجلهم في كوريا كيم ايل سونغ نظراً لأن سكان الجنوب ضعف سكان الشمال لذلك اُجريت الانتخابات في الشطر الجنوبي فقط بدعم من الأمم المتحدة والولايات المتحدة حيث تم استبدال اللجنة السوفيتية الأمريكية المشتركة بلجنة مؤقتة تحت رعاية الأمم المتحدة للإشراف على الانتخابات.
سهلت القوات الأمريكية وصول العديد من الكوريين للسلطة كجزء من برنامج احتلالي بالرغم من أن الكثير من الكوريين كانوا ينظرون إليهم كخونة لشعبهم لتعاونهم مع اليابانيين فكانت النتيجة النهائية لنظام حكم يفتقد الدعم الكامل من غالبية المواطنين ويفتقد الشرعية ان قامت سلسة من الشغب واجتاحت الاضرابات البلاد وتمردات شملت جزيرة جوجو ويوسو ومناطق أخرى ولقى أكثر من 100,000 كوري جنوبي خلال هذه الفترة حتفهم كنتيجة لاستخدام القوة العسكرية التابعة للنظام والمدعومة من قبل القوات الأمريكية.