دماغ القلب أم قلب الدماغ !

[NazeeH]

أكثر من دماغ:
من المبادئ الموضوعية الخالدة ما نسبه افلاطون في كتابه "الجمهورية" لاستاذه سقراط:
"أن نتبع الدليل الى حيث يقودنا We must follow the argument wherever it leads". وتأتي أهمية هذا المبدأ من كونه قاعدة ذهبية من قواعد البحث العلمي الرصين.
غير ان كُثر يشترطون -ضمنا- ان يكون الدليل منسجما مع تصوراتهم الراكدة المسبقة، فإن جاء الدليل بخلاف منظورهم تجاهلوه او تنكروا له أو سارعوا الى تكذيبه بلا تحقيق او تمحيص..
هذا بعض مما يخبرنا به استاذ امراض القلب الكندي الدكتور "آندرو آرمو" أحد مؤسسي علم أعصاب القلب Neuro-cardiology، وذلك بعد ان كشفت ابحاثه عام 1994 عن أن للقلب جهازا عصبيا خاصا يستحق ان يسمى "المخ الصغير" قياسا على "المخ الكبير" في أدمغتنا.
وقد جاء في البحث ان ذلك الجهاز العصبي القلبي يتركب من حوالي 40 الف خلية عصبية، بالاضافة الى الانواع المختلفة من الخلايا الداعمة التي تشبه مثيلتها في المخ، كما انه يستخدم نفس الناقلات العصبية الكيمائية والبروتينات التي يستخدمها المخ.
وقد شبّه البعض هذا الجهاز بجزيرة صغيرة انفصلت عن المخ الأم واستقرت في القلب.
وكشف البحث بان هذا المخ الصغير قادر على ان يقوم بتنظيم أداء القلب بمعزل عن الجهاز العصبي في الدماغ، وكانت هذه الخاصية وراء إمكانية اجراء جراحات نقل القلب، حيث يتم قطع الاعصاب التي يتواصل بها القلب مع المخ وقتيا.
ولا يقف الامر عند هذا الحد، فقد بيّن الباحثون ان "المخ الصغير" يمكن ان يشارك في توجيه "المخ الكبير" وذلك ان التجارب لتنشيط العصب نظير "البارسمبثاوي" في القلب أدى الى تهدأة النشاط الكهربائي للمخ بنسبة 50% تقريبا.
وفي أبحاث مشابهة أعلن عن أن الـتأثير بين الدماغ والقلب تبادلي وليس باتجاه وحيد من الدماغ الى القلب كما كان يعتقد، وان ذلك التأثير المتبادل يتم عن طريق أربعة آليات: آلية عصبية (وقد تحدثنا عن شيء منها) وآلية كهرومغناطيسية (وفيها تفصيل يرتبط بالتجاذب والتنافر والذي يؤثر على لمشاعر والعواطف الانسانية) وآلية ميكانيكية (وهي المشهورة بعمل القلب كمضغة للدم، ولكن التفاصيل تبين ما هو اكثر من ذلك فيها) وآلية كيميائية (وفيها يعمل القلب عمل الغدة الصماء حيث يفرز ست هرومنات على الاقل جميعها تؤثر في الجسم والدماغ).
فهم اهل الاختصاص هذه المجال واخذوا يتوسعون في التحقق منه والتعمق فيه، بينما أنبرى ادعياء العلم الى التخريص والتكذيب، ولا غرابة في ذلك فهذا هو الديدن تجاه كل ما هو غير مألوف