الحايك الجزائري .. رمز الحشمة والأناقة للمرأة الجزائرية
بقلم: جميلة خياري
يعتبر اللباس التقليدي الأصيل جزء هام من تاريخ و أصالة الجزائريين والتي مازال موجود إلى يومنا هذا، كما أنه أحد أهم المقومات الثقافية للفرد الجزائري الذي يحاول الحفاظ عليها من الزوال وأيضا من أجل أبراز مدى تمسكه بهويته وتراثه، والحايك جزء من أصالة و ثقافة المجتمع الجزائري و رمز لزينة و حشمة المرأة الجزائرية التي يزيدها سحرا و جمالا ينبع من تاريخها العريق وهويتها الوطنية .
الحايك هو نوع من اللحاف أو قطعة من القماش مصنوع من خيوط الحرير يغطي جسم المرأة بالكامل لسترها، يعود تاريخ اللحاف للمرأة الجزائرية إلى سنة 1792 خلال الفترة العثمانية بقرار من باي قسنطينة، وسرعان ما أنتشر ارتداء الحايك عبر مختلف ربوع الوطن مع الاختلاف في التسمية من منطقة لأخرى حسب الخصوصية الثقافية و الاجتماعية لكل منطقة، ففي الغرب الجزائري يسمى "الكسا " أو "الملحفة" أما في منطقة الشرق و الوسط يسمى "بالحايك "، وهناك عدة أنواع للحايك منها الحايك السفساري الذي انتشر بمنطقة الشرق الجزائري مع قدوم اللاجئين الأندلسيين للمنطقة وأصبح هذا اللباس يعرف بلباس "نساء الحواضر " في مدن الشرق الجزائري آنذاك و هو مصنوع من الحرير أو القطن ، لونه مزيج بين الأبيض و الأصفر ، بينما انتشر الحايك العشعاشي بمنطقة الغرب الجزائري و تحديدا في تلمسان لونه ابيض و يتخلله اللون الأصفر ، في حين أنتشر ما يعرف بحايك المرمة في أواخر القرن 19 واشتهرت به نساء العاصمة و ضواحيها ، وهو من أجود أنواع الحايك حيت كان يقتصر على الطبقة المخملية و الراقية نظرا لغلاء سعره لأنه مصنوع من الحرير الخالص و لونه شديد البياض تتباهى النسوة بارتدائه عكس الحايك العادي الذي هو ابيض اللون فقط ، وكان حايك المرمى مصدر إلهام العديد من الشعراء و مغني الشعبي آنذاك ، ولا يمكن لبس الحايك دون العجار و هو قطعة قماش مطرزة تشبه النقاب تربط رأس المرأة و تغطي كامل الوجه ماعدا العينين الذي عرفت به نساء العاصمة و ضواحيها، في حين انتشر ما يعرف "بحايك بوعوينة " بالبليدة و تلمسان ووهران .
ولا تزال المرأة الجزائرية محافظة على هذا الموروث الثقافي وأكبر دليل على ذلك أن العروس العاصمية لا تخرج من بيت والدها إلى بيت زوجها إلا و هي مرتدية الحايك
و للحايك أيضا قصة مع الثورة الجزائرية فقد كان لباس المجاهدين في بعض المدن للتخفي و التظاهر بأنهم نسوة حتى لا يتم تفتيشهم من طرف سلطات الاحتلال الفرنسي لتمرير الأسلحة و أيضا القيام بالعمليات الفدائية .
ظلت المرأة الجزائرية محافظة على ارتداء الحايك إلى غاية نهاية الثمانينات ، بعد ذلك و نظرا للتغييرات الاقتصادية و الاجتماعية التي شهدتها الجزائر في تلك الفترة ، بدأت النساء في التخلي عن هذا اللباس شيئا فشيئا و تعويضه بالحجاب .
و للحفاظ على هذا الموروث الثقافي من الزوال تقوم بعض الجمعيات الثقافية و التراثية بتنظيم مسيرات لنسوة و فتيات من مختلف الأعمار يرتدين الحايك في العديد من المدن الجزائرية على غرار الجزائر العاصمة ، قسنطينة ، جيجل و هران، و جاء ت هذه المبادرة من أجل بعث الروح من جديد و أحياء هذا الموروث الثقافي التقليدي الأصيل الذي يعكس جمال و أناقة هذا البلد .
رابط المقالة الأصلية