الخميس 26.12.2013 - 10:07 ص
حزب "طــــــــــــــــــــز"
رانيا رفاعي
هل خلقنا أفواهاً بلا آذان؟ ربما كان هذا هو السؤال الأكثر إلحاحا بشأن طبيعة المصريين من بعد ثورة يناير. و إذا كانت الإجابة على هذا السؤال مؤسفة، فالأكثر أسفا منها أن تسأل ماذا فقد المصريون أيضا بعد أن فقدوا آذانهم.
وفيما يلي أحداث قصة حقيقية وقعت حين خرج مترو حلوان من محطته الأولي وبداخله العشرات في يوم يشبه أي يوم آخر.. كل يقصد وجهته وعلي وجهه علامات لا مبالاة وكأنه أعلن انتمائه لحزب "طز" الذي أسسه محجوب عبدالدايم في فيلم القاهرة ٣٠ رغم أننا اليوم في ٢٠١٣. وحتى بعد قيام ثورة شعبية لا زال حزب "طز" يتمتع بالشعبية الأكبر بين المصريين بلا منازع حتى يخيل إليك أنه قد يحظى بالأغلبية الساحقة في انتخابات مجلس الشعب القادمة نظرا لقدرته علي الحشد والتنظيم.
وقبل إغلاق أبواب المترو بثوانٍ معدودة قفز إليها شاب لم يكن ليلتفت إليه أحد إلا بفضل رائحته الكريهة. أما صاحبها فهو رجل رسمت مطواة على وجهه خريطة غير واضحة المعالم من كثرة خطوطها وتقسيماتها. وفي يديه "شومة" لا معني لوجودها سوى أنه بلطجي شبيح لا يعرف قانونا أو حلالا أوحراما أوعيبا أوحياء.
ورغم حالة غياب الوعي شبه الكلية التي كانت تسيطر علي هذا الشبيح - بفعل كم المخدرات والمسكرات التي لابد وأن يكون أمثاله يتعاطونها - إلا أن ثمة لغة ما كانت متبادلة بينه وبين الركاب الضحايا جعلته يفهم بما لا يدع مجالا للشك أنهم الآن تحت السيطرة.
وماذا بعد السيطرة؟! اتخذ البلطجي قرارا بالتحرش.. فعربة المترو مختلطة نساء ورجالا. وكان يجلس على إحدى المقاعد الطويلة رجلا ومعه خمس سيدات من أقاربه كلهن محجبات واثنتان منهن منتقبات. فالتصق البلطجي بإحداهن أو قل جميعهن. كاد الرجل الذي يصطحب النساء أن يجن وأخذ يحيط بهن ويتنقل من مكان لآخر حتي يقف في وجه، لكن ماذا كان سيفعل أمام البطجي وشومته؟!
وأخيرا سمع صوتا في المترو، حيث صعد إليه بائع متجول يبيع "المقوار السحري" للباذنجان والكوسة والبطاطس.. وعلي الفور تعرض له البلطجي وحاول تفتيش الحقائب التي يحمل فيها بضاعته، إلا أن البائع كان يحمل مطواة، وبالتالي فإن موازين القوى هنا تقاربت مما يبعد أي احتمال للمواجهة.
واستمرارا لحالة العجز التي كان يعانيها الرجل الذي يصطحب السيدات الخمس اشترى الرجل ستة مقاويير وأعطى كل واحدة منهن مقوارا لتدافع به عن نفسها، لكن ضعف الرجل وضعف سلاحه لم يزد البلطجي إلا التصاقا بالسيدات الخمس، فقام الرجل هو ومن معه وترك له المترو بما فيه.
وما هي إلا محطة أخرى وهبط البلطجي هو الآخر ومعه شومته، وبمجرد أن أغلق الباب تنفس الجميع الصعداء وعلا صوت نقاشهم بعد أن كنت تحسبهم أمواتا منذ لحظات. وفي غمضة عين أصبحوا جميعا محللين سياسيين يعلقون على الأوضاع الأمنية قبل وبعد الثورة.. وكأنهم كانوا أسودا قبل قليل.
الحقيقية هي أن البلطجي لم يكن يتحرش بالنساء، هو تحرش بكل الرجال الذين كانوا في عربة المترو وكأنه يقول لهم: أروني ما في وسعكم؟ سأتحرش بنسائكم أمام أعينكم ولا أحد يستطيع أن يقف في وجهي!!
لم نفقد آذاننا فحسب وإنما فقدنا أشياء أخرى كنا نتميز بها عن التيوس.
التعليق:
بلا خيبة يا ست رانيا حافظ أنتي عرضتي المشكلة وتركتيها بدون حل جذري ...تعرضتي للقشور وتركتي اللحوم الحمراء والبيضاء الجامدة منها وما بالك بالطرية!...
لماذا هذا الرجل أبو خمسة حريم يركب معهم في العربات العامة لماذا لا يترك حريمه الخمسة يركبن العربات المخصصة للسيدات فقط فدائما هذه العربات فيها متسع للإوكسجين النقي! ....