حكايات من زمن فات - عصر الملك فاروق

[brain]

الصحف المصرية والعربية

الكثير من الناس و المؤرخين يؤمنون بالعباره الاشهر
" التاريخ يعيد نفسه "
و قد كانت هذه المقوله مصدر الهام للكثير من المهتمين بالتاريخ لمحاوله الربط بين الاحداث التاريخيه التي حدثت في زمن ما و تلك التي حدثت في ازمان اخرى
وانا من الناس الذين يؤمنون بأن جزء من هذه المقوله حقيقي
لا اتحدث عن تكرار للتاريخ و لكن تكرار للكثير من مظاهره و اشكاله و احواله
تختلف الظروف و تختلف المسميات
و لكن تبقى الاطر العامه للازمنه المتشابهه موجوده لا تتغير
في الفتره الاخيره قرانا طبعا من الكثير من الكتاب عن وجود تشابه كبير بين احوال مصر الحاليه و احوالها ما قبل الثوره
هذا التشابه دفعني لقراءه مستفيضه في الكثير من احداث مصر قبل الثوره
في هذا الموضوع ساحاول ان اقدم ايجاز بسيط لبعض الاحداث اراها هامه و مؤثره في توضيح بعض من احوال مصر قبل الثوره
في بعض هذه الايجازات وضعت تعليقا بسيطا و في بعضها لم اضع مكتفيا بالحدث يتحدث عن نفسه

 

[brain]

كلنا نعلم اشهر " قبله " في تاريخ الحياه البرلمانيه المصريه
فربما هي القبله الوحيده التي ذكرت في مضبطه البرلمان المصري
حينما وقف رئيس الوزراء السابق عاطف صدقي امام البرلمان يقول
" واحد بيبوس واحده في بير السلم ......... و انا مالي يا حكومه "
متحدثا عن الفضيحه الشهيره و التي اطاحت بالكثير من قيادات وزاره الداخليه و حتى بوزير الدفاع المصري الاقوى ابو غزاله
لكن ما لا يعلمه الكثيرون ان هذه القبله رغم شهرتها لم تكن اشهر قبله في تاريخ الحياه السياسيه المصريه
و الغريب ان هذه القبله لم يكن طرفاها رجل و امراه
بل كان طرفاها رجلان
احداهما شيخ و الاخر شاب لم يتعدى الثلاثين من عمره
كان طرفا هذه القبله الشهيره
زعيم الامه مصطفى النحاس باشا
و ملك مصر و السودان فاروق الاول
ولنبدأ من بدايه القصه :
الزمان كان بدايه العام 1950
كانت وزاره حسين سري باشا قد فشلت في تحقيق الرغبه الملكيه بالحيلوله دون اكتساح الوفد لانتخابات الاول من يناير عام 1950 و هو الامر الذي وضع الملك فاروق امام حقيقه انه ليس امامه الا ان يستدعي النحاس - عدوه اللدود - الى قصر عابدين و يكلفه بتشكيل الوزاره الجديده مهما كان هذا مرا
و لكن في الوقت ذاته كانت هناك اشارات و تلميحات واصله الى القصر تؤكد انه هذه المره سوف يلتقي " بمصطفى باشا " لم يتعرف عليه من قبل لانه في هذه اللحظه رجل جديد تماما مستعد للخدمه بدون تحفظات مفتوح القلب متخفف من كل اثقال الماضي و رواسبه
و بعد قليل لم يعد الامر مجرد اشارات و تلميحات لان قرينه زعيم الوفد "زينب هانم " انتهزت مناسبه اجتماعيه التقت فيها مع "سعديه هانم" قرينه " حسن يوسف باشا " وكيل الديوان الملكي و اذ هي تطلب منها توصيل رساله من زعيم الوفد الى وكيل الديوان مؤداها ان جلاله الملك لن يندم اذا اتاح" لرفعه الباشا "فرصه جديده يثبت فيعا ولاءه للعرش و "اخلاصه لمولانا " و ان صفحه بيضاء لابد ان تفتح بين جلاله الملك و مصطفى باشا دون ان تترك مجالا للدساسين الذين عاشوا و حققوا مأربهم باللعب على الحبال بين القصر و الوفد
فوجئت" سعديه هانم" بما سمعته من "زينب هانم" لانها لم تسمح لنفسها ابدا بالخروج عن دور الزوجه
و عندما نقل حسن يوسف باشا الى الملك فاروق ما سمعته زوجته من زوجه زينب هانم ابدى فاروق تشككه و كان تعليقه " هيقول كلام النهارده و يرجع فيه بكره "
وحانت لحظه الحقيقه
عندما دخل النحاس باشا الى مكتب الملك ليتلقى التكليف هم فاروق واقفا مبادره بعباره " مبروك يا باشا ثقه الناس فيك و ان شاء الله تحقق لهم (هذه المره) ما ينتظروه "
رد النحاس باشا " انه قبل ان يتكلم في اي شئ فان لديه عند مولانا طلب هو مصمم عليه و لن يحيد عنه "
فرد عليه الملك " خيرا يا باشا - تفضل " و قال الملك فيما بعد انه توجس عندما سمع كلام النحاس و قال في سره " ابتدينا "
فقال النحاس " انه يريد ان ياذن له الملك بتقبيل يده الكريمه تأكيدا و تعزيزا لولاءه للعرش و للملك فاروق "
و فوجئ الملك و كان رده بسرعه " العفو يا رفعه الباشا "
لكن النحاس باشا اصر و مد يده و امسك يد الملك الذي حاول ان يسحبها و لم يستطع بسبب حرصه على الا يشتد في المقاومه مع رئيس وزراءه الشيخ
بعدها استغرقت المقابله وقتا عرض فيه النحاس باشا افكاره عن تشكيل وزارته و عملها
و لكن فاروق لم يستوعب شيئا مما قاله النحاس لان فكره كان مشغولا بالمشهد الافتتاحي للقاء
و ذكر فاروق بعد المقابله ما معناه " ان فكره شرد لبعض اللحظات و تمنى لو ان روح الوالد الملك فؤاد كانت موجوده في المكتب لترى كيف نجح الابن - فيما عجز عنه الاب طوال سنوات جلوسه على العرش - في تأديب زعيم الوفد المشاكس و العنيد "

 

 

[brain]

نتذكر جميعا الفنان محمد عبد الوهاب و هو يغني اغنيته الشهيره " محلاها عيشه الفلاح " هذه الاغنيه التي توضح كلماتها كيف ان الفنان يحسد الفلاح على هدوء البال و الراحه التي ينعم بها و التي يتمنى المطرب ان يكون هو من يعيش هذه الحياه

و ايضا لا يمكن ان ننسى بعض المنظرين للملكيه الذين تحدثوا عن كذب ما قيل بعد الثوره من سوء حاله الفلاح و كيف ان الفلاح كان يعيش منعما سعيدا و هانئا

فهل يا ترى كان هذا الوضع صحيحا ام ان الامر غير ذلك ؟

لنتابع مع التاريخ

الحاله الثوريه هو اللفظ الذي اختاره السفير الامريكي لشرح حاله مصر في صيف 1951 و كان اخطر ما في هذه الحاله هو ما راح يجري على نطاق واسع في الريف المصري و اثار اكبر قدر من القلق لدى العائدين من اجازات الصيف في اوروبا و يرجع ذلك لانه سواء بالنسبه للقصر او بالنسبه للوفد كانت ملكيه الارض الزراعيه هي الاساس المضمون للثروه لان الريف المصري هو دائما العملاق النائم و الذي يتبدى مستسلما لمقاديره فاذا تململ او تحرك وقع المحظور

في صيف 1961 كان ظاهرا للعيان ان هناك بوادر تمرد في الريف المصري

فقد تطاير الشرر لافتا للنظر في بلده " كفور نجم " في محافظه الشرقيه حيث يوجد تفتيش مساحته 750 فدان مملوك للامير محمد علي ( ولي العهد وقتها ) و اشتكى مدير النتفتيش للبوليس ان الفلاحين دأبوا على تأخير سداد ايجار الارض و هنا قام البوليس بحمله اعتقالات واسعه ( اثبتت تحقيقات النيابه فيما بعد انهم قاموا بحلق روؤس الفلاحين و ارغموهم على ان يأكلوا شعورهم المحلوق ثم البسوا عدد منهم ازياء النساء و استعملوا عصيهم "خوازيق" اجلسوا عليها من ظهرت عليهم امارات التحريض على التمرد)

و في مزارع البدراوي باشا في بلده "بهوت" اندلعت اضطرابات سببها ان وكلاء الباشا اخذوا من الفلاحين مصاغ زوجاتهم رهنا لسداد الايجار ثم ان دائره الباشا طلبت سداد الايجار بتوريد حبوب حددت الدائره سعرها و اندلعن اضرابات ظهرت على صفحات الاهرام اواخر يونيو تحت عنوان " معركه في عزبه البدراوي – تبادل النار بين الاهالي و البوليس اضران النار باجران القمح – قتلى و جرحى في بهوت "

و قام السيد عبد العزيز البدراوي – و هو شقيق " سكينه هانم " قرينه فؤاد سراج الدين باشا – بعمليه هجوم مضاد على الفلاحين و عذره انهم حرقوا بعض سيارات الاسره احتجاج على تصرفات وكلائها و كان ان " عبد العزيز البدراوي " امر باطلاق النار على الفلاحين و قاد حمله التأديب ضدهم بنفسه و نقلت عنه مجله المصور قوله

" ليس هناك في الدنيا مخلوق العن من الفلاح انه لا يقدر العطف و اذا اظهرنا الرحمه عليه اصابه الطمع و تحين الفرصه لكي ينهبنا و تلك طبيعه العبيد لقد بنيت للفلاحين مسجدين و اقمت لهم مستشفى و مع ذلك استطاع بعض الاشرار الذين اندسوا وسطهم ان يجروهم فاذا بهم ينقادون خلفهم دون تبصر "

و كان المشهد المفاجئ الذي وقع ردا على حمله التأديب ان مئات الفلاحين زحفوا في الليل على " قصر البدراوي باشا " رافعين المشاعل و هناك كسروا ابواب القصر و احرقوا الستائر و طبقا لبلاغ من وكيل الدائره الى البوليس فأن " الفلاحين نهبوا الصالونات و الفضائيات و الاثاث "

ما اشبه اليوم بالبارحه !!!!!!!!!!!!!!!!!

 

 

[ماتريكس دوت نت]

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .