البابا شنودة فى آخر حوار تلفزيونى قبل وفاته لـ "لميس الحديدى": الملف القبطى ليس بحاجة

[د. يحي الشاعر]

البابا شنودة فى آخر حوار تلفزيونى قبل وفاته لـ "لميس الحديدى": الملف القبطى ليس بحاجة إلى التدويل.. لست ديكتاتوراً ولا أستطيع تكميم أفواه أقباط المهجر.. وكلمات الإثارة لا تهزنى

الخميس، 26 أبريل 2012 - 13:42

البابا شنودة
كتب إسماعيل رفعت

* كلمات الإثارة لا تهزنى وهناك من يريد تهييج الرأى العام على الأقباط
* لا أعرف موريس صادق ولم أقابله ورأيه لا يعبر عن الكنيسة القبطية
* المظاهرات لا يتم علاجها بالعنف بل بحل الأسباب التى تخرج من أجلها
وهناك من استغل مظاهرات الأقباط والعنف ليس من شيمهم
* لا أراجع الأزهر فى قراراته والانسحاب من حوار الأديان ليس حلاً
* الأمن كان سبباً فى عدم وفاء السادات بعهده معى فيما يخص بناء الكنائس.. والشباب القبطى لا يعزل نفسه واسألوا عن عدد الأقباط فى الفريق الوطنى لكرة القدم

أذاعت الإعلامية لميس الحديدى عبر قناة "سى بى سى" الحوار الأخير الممنوع للبابا شنودة الذى تعذر إذاعته عبر التلفزيون المصرى فى يناير 2011، حيث تم تسجيل الحوار قبل الثورة بثلاثة أيام فقط وتحديدا 22 يناير 2011، لبرنامج "من قلب مصر" الذى كانت الحديدى تقدمه بالتلفزيون المصرى، وجاء فيه الكثير من الكلمات للبابا وتوقعاته بالثورة وتحذيره من غضب الشباب المصرى ضد الحكومة وتزايد تدخلات الأمن فى كل شىء.. وكان هذا الحوار..

• قداسة البابا هل التقيت خلال رحلتك بأبنائك من أبناء المهجر؟

- بالطبع التقيت بأبناء لى فى بلاد المهجر لكن اللقاءات كانت وفقط للاطمئنان على صحتى ولم ألتق بأية منظمات ولم نتطرق إلى شىء سوى سؤال أبنائى على صحتى فقد ذهبت إلى الولايات المتحدة للعلاج وحسب .

* سمعت مؤخراً من الجمعيات القبطية لأقباط المهجر أنهم يطالبون تدويل الملف القبطى وكانوا منذ أيام فى شهادات للكونجرس الأمريكى يطالبون بلجنة دولية للتدخل لعلاج المشكلة القبطية، ما رأيك فى ذلك ؟

- ما دام الأمر هكذا إذا الموضوع مُدول بالفعل وليس بحاجة إلى أخبار لتدويله لأن أخبار الملف يعلمها العالم كله وليست فى حاجة إلى أحد لتعريف العالم به لأن فى المرحلة الحالية لا يوجد حدث فى العالم يمكن أن نسميه حدثاً محلياً فالأحداث يعلمها الجميع ويعلق عليها الجميع ودون تدخل من أقباط المهجر فى شىء .

* هناك من يطالبون بهذه اللجنة الدولية وأنا أسأل قداستك هل توافق على وجود هذه اللجنة أم تعتبرها تدخلا فى أمر داخلى ؟

- هناك فرق بين حدث داخلى عادى وحدث آخر يهز الضمير العالمى كالمذابح التى تحدث فى العراق على سبيل المثال وكذلك أثناء احتفال الأقباط بأعياد رأس السنة الميلادية ثم يقتل 24 قبطياً وأكثر من 80 إلى 90 جريحا فهل يعتبر هذا حدثاً داخلياً أم حدثا خطيرا يهز الضمير العالمى كله .

* بالطبع ما حدث يعتبر حدثا إرهابيا ولكن سؤالى هلى توافق على تحقيق لجنة دولية فى هذا الحدث أم يتم التحقيق فيه داخلياً؟

-أنا لم أطالب بشىء وأريدك أن تحدثينى عن أفعالى فقط ولكن ما يحدث فى العالم لا أستطيع التحكم به أو السيطرة عليه فطريقة تفكير أقباط المهجر تختلف عن عقليتنا فهم يتمتعون بقدر كبير من الحرية التى تتيح لهم الانتقاد بشكل كبير ولهذا فأنا لا أستطع تكميم الأفواه فهم يقولون إذا كنتم فى مصر لا تستطيعون الكلام فدعونا إذاً نتكلم نحن وهذا يجعل موقفى ضعيفاً أمامهم ولا أستطيع إسكاتهم " بالريموت كونترول".

* ولكن هناك تحقيقات من الدولة وأحيل الأمر بالفعل إلى القضاء ؟

- أحب أن أكون صريحاً معك بطء الإجراءات فى بلادنا من الأخطاء التى تقع فيها الدولة وهذا يبدو واضحا فى قضية نجع حمادى، حيث كانت واضحة للجميع حيث قتل مسجل خطر أشخاصاً وظهر من الطلقات الموجودة فى أجسادهم وأجساد الجرحى أنها أُطلقت من سلاحه ومع ذلك يستمر التحقيق أكثر من سنة فالتحقيق السريع هنا كان سيهدئ الجميع.

* ولكن فى النهاية تم الحكم فى القضية ؟ وأخذ العدل مجراه ؟

- كلمة فى النهاية تعنى إغفال عامل الصبر طوال هذه المدة وكيف أثر ذلك على المكلومين من أهالى الضحايا وعلى نفوسهم فمراعاة الشعور الإنسانى أمر جوهرى فى هذه القضية ولم تكن أمام المحكمة أيضاً قضايا عديدة تشغلها وهذا أمر غير مقبول.

* ألا يرى قداستكم أن تدويل هذه القضية يثير بشكل ما مشاعر المسلمين من التدخل الخارجى فى هذه القضية الداخلية ؟

- أريد أن أسأل هل كل شىء يحدث يجب أن يلقى على عاتق أقبط المهجر دون تحقيق فهذا ليس عدلاً لأن القضية إنسانية كما قلت مسبقا وأثارت الضمير العالمى فهل حرك أقباط المهجر الاتحاد الاوروبى أو البابا فى روما عندما انفعل بالقضية ونلقى باللوم على أقباط المهجر برغم اختلافى معهم فى قضايا كثيرة ولكن الضمير هو ما حرك البابا فى روما للكلام عن المسيحية بوجه عام حينما قتل كاثوليكيون فى العراق أيضاً وكان ضمن القتلى طفل عمره 13 عاماً.

* ولكن الغريب هنا أن البابا فى روما لا يتحدث حينما يضطهد المسيحيون فى القدس ؟

- أنا لا أعلم هل تحدث أم لا، والأحداث التى حدثت صعبة أكثر مما يحدث هناك لأن فى القدس طرفين متصارعين ولكن فى أحداث العراق ومصر ما الذنب الذى اقترفه المصلون.

* وهل ما اتخذ من إجراءات ومواقف للدولة والموقف الشعبى ومواقف وسائل الإعلام تجاه هذا الحادث لم تعتبره قداستك كافياً؟

* نحن نشكر كل هؤلاء من قلوبنا ولا ننكر تعاطف الجميع فى حادث الإسكندرية ولا تنسى أن هناك لجنة قبطية تكونت لعلاج المصابين وتحملت حملاً صعباً هل كل هذا لا يحرك الضمير العالمى.

* ألم تقابل موريس صادق فى واشنطن ؟

- لم أقابله قط ولا أعرفه لكنى أسمع عنه فقط ولم يطلب المقابلة قط ولكن هناك كلام صحفى يلقى بلا مبالاة .

* وهل سمعت عن مطالبته بتكوين دولة قبطية ؟

- هذا اتجاه فردى لشخص يتحدث بصفته الفردية لا تسانده مجموعات قبطية أو تسانده الكنيسة القبطية أو تفكر به يوماً .

* حديث بابا الفاتيكان بعد الحادث أغضب الكثيرين وجعل مؤسسة الأزهر تقطع حواراته مع الفاتيكان حول الأديان ما رأيك ؟

- الأزهر حر فى قراراته وأنا لا أعقب على قرارات الأزهر لكن ما أحب أن أقوله إن قطع العلاقة ليس علاجاً للمشكلة فالمناقشة أفضل فى هذه الأحوال.

* إذا كان موريس صادق يتحدث بشكل فردى فلماذا لا يتم شلحه بعد تصريحاته ومساواته بما حكمتم به على جورج بباوى، وقال وقتها بباوى إنه لم يدافع عن نفسه ؟

- هل تريدون أن أتحول إلى ديكتاتور، كل شخص حر فيما يقول وفى تصرفاته وأنا لم أحكم على جورج بباوى وإنما جورج بباوى هو من حكم على نفسه فهو لم يطلب الانضمام إلى الكنيسة القبطية بعد عودته من الكنيسة الروسية، فبباوى هو من تركنا وكتب ذلك بنفسه فى السيرة الذاتية الخاصة به وهذا لم نعترف به عندنا وبالنسبة لأحكام القضاء فهذا خلط للأمور فنحن نخضع للقانون فى أمورنا الإدارية لكننا لا نخضع له فى أمورنا الكنسية إلى القضاء مطلقاً وليست الأمور الكنسية من شأنه وذلك فيما يخضع له المسلمون فى شعائرهم فليس من حق القضاء التدخل فى ذلك.

• وهل لا يضايق سيادتكم القول إن الكنيسة لا تحترم القانون ؟

- كلمات الإثارة لا تثيرنى فهناك من يريد تهييج الناس على الأقباط بهذه التعبيرات وعكس ذلك يكتب وفقط فى موضوعات الإنشاء وهو ما يؤدى إلى الاحتقان لدى الأقباط الذى يغذيه هذا الشحن سواء من الإعلام أو من بعض المفكرين .

• ولكن ألا تعتقد أن هناك آراء متطرفة من الجانبين تؤدى إلى الاحتقان؟

- بكل صراحة هناك من استغل مظاهرات الأقباط واندس بينهم، وقام بعمليات عنف ليست من شيم أو طبائع الأقباط وذلك من أحزاب أو هيئات معينة وطوائف معينة ومسلمين واضحين، فهناك من يقول إن 25 يناير ستقوم مظاهرات ومعروف ما سبب المظاهرات من غلاء وأعباء وبطالة ونحن نريد السلام للبلد ولا نوافق عليها، لكن المظاهرات لا تقف بالعنف بل السبيل معرفة أسباب المظاهرات ومعالجتها لأن العنف لا يحل مشاكل قائمة بالفعل لا تُحل بالعنف ولدى حل لكل هذه المشاكل، أن الدولة تصارح بعدم قدرتها على حل كل هذه الأمور وتؤجل مشروعات تصرف عليها المليارات وتسد رمق الناس واحتياجاتهم لأن فى هذا زعزعة لاستقرار الدولة، وأن هناك أولويات .

• ما رأيك قداستكم فى فكرة الأزهر بما أسماه بيت العائلة ؟

- القصد طيب والمهم التنفيذ ولا أشكك فى التنفيذ، بل أطلب التنفيذ المنتج فنحن لم نذهب للاجتماع لأننا لم نعلم جدول الأعمال الخاصة به، فالاتجاه العام شىء وتعيين لجنة تأسيسية لتنفيذ برنامجه شىء آخر، فنحن نريد ترتيب الأمور قبل أن نجلس فى هذا الاجتماع .

• هل أستشعر أن هناك قدرا كبيراً من الغضب فى قلب قداسة البابا شنودة؟

- لا أحب استعمال كلمة الغضب، لكنى أحب الصراحة وهى أقرب طريق للتوصل إلى التفاهم لأن الصراحة ليست غضباً فأنا أتحدث عن مشاكل الشارع وليست مشاكل الأقباط وحدهم، فأنا لا أحب المجاملة لأنها استخفاف بعقول الناس وأحب قول الحق .

• أريد العودة لقضية نجع حمادى هل شعرت بالراحة بعد حكم القضاء؟

- أشعر بأن الحكم معقول لأن الكمونى المتهم الرئيسى حُوِل إلى المفتى، والاثنان الباقيان شركاء لكن الحكم على الكمونى حكم عادل، ولا نعلم كيف سيقضى على الاثنين الباقيين
.
• هل تشعر بالاطمئنان تجاه التحقيق فى الأحداث الأخرى مثل حادث الإسكندرية وسمالوط وأنها ستلاقى نفس الاهتمام والجدية ؟

- قضية الإسكندرية، هناك مشكلة قائمة وهى هل الذى قام بالمذبحة شخص واحد بحزام ناسف أم هناك أكثر من شخص وهو صلب المشكلة فكثيرون يقولون إن القتلى والإصابات أكبر بكثير من ضحايا لحزام ناسف والمتهم فى هذه الحالة سيكون ميتاً وشهود العيان، قالوا إن هناك أكثر من انفجار لكننا لا نوافق على أن الحادث مجرد شخص نسف نفسه وانتهى الأمر .

• ما هو طلبات الأقباط بالنسبة لما يخص بناء الكنائس، هل تريدون قانوناً موحداً لدور العبادة أم تطلبون قانونا جديدا لبنائها؟

- نحن لا نطلب مطلباً محدداً ولكن ما يتعبنا الروح السائدة بقبول بناء الكنائس، وهى تختلف من محافظة إلى أخرى، ومن مسئول لآخر بحسب قبوله لبناء الكنائس والموظف المعتدل يجد حلا لكل مشكلة وغير المعتدل يجد مشكلة لكل حل .

• سمعت من وزير الأوقاف حمدى زقزوق أن هناك قرارا سوف يصدر لتنظيم بناء المساجد وسيتم إصدار قرار موازٍ لبناء الكنائس.. هل عُرض على قداستكم مثل هذا القرار؟ وهل تقبلون ببعض الضوابط للبناء ؟

- لا لم يعرض علينا ذلك برغم تقديرى لوزير الأوقاف ولم يطلب رأينا فيه والمساواة بيننا وبين المسلمين فيما يخص المساحة غير عادل لأن المسلمين بإمكانهم الصلاة فى الشوارع ونحن لا نستطيع ذلك، وصدقونى هناك من لا يستطيعون فى النجوع عدم ممارسة شعائرهم الكنسية، أما ما يخص صناديق النذور فهى للفقراء والدولة يجب عليها تسهيل الأمور ولا يوجد رقابة على صناديق النذور فى أى دولة، والدولة المدنية لا تعنى إلغاء الدين وحالياً توجد لجنة مشتركة للعمل معاً من وزارة الأوقاف وهيئة الأوقاف القبطية، لكننى لم أسمع بأية رقابة مالية على أوقاف الأقباط ونحن نقبل فى كل الأحوال بالمناقشة فى كل الأمور .

• البعض يرى وجود الكنيسة بوضعها الحالى عزل الشباب القبطى عن الشباب المسلم ؟

هل قيام الجمعيات بإنشاء أندية مثلاً يسمى عزلاً، وهل الأقباط هم من يعزلون أنفسهم، وأسأل ما هو تمثيل الأقباط فى الفرق الرياضية مثلا.ً

• هل تقبلون بفكرة طلب تقدمونه ببناء عدد من الكنائس فى أول العام إلى لجنة ما؟

هذا الاقتراح عرضه السادات علىَ فى ديسمبر 72، وقال لى إنه يرى أن الأقباط يبنون الكنائس بطريقة تثير المسلمين، وطلب منى تقديم طلب بعدد الكنائس المطلوب بنائها أول العام، وقال إنه سيزيد عليها عشرة ولم ينفذ الاتفاق لتدخل الأمن أحياناً .

* بالنسبة لما يخص قانون الأحوال الشخصية، هل تم التوافق عليه من كل الطوائف المسيحية ؟

- الأعضاء الذين حضروا مناقشة قانون الطوائف الرئيسية منهم البروتوستانت والكاثوليك والأرثوذكس ولم يعرض على الهيئة التشريعية حتى الآن.

* هل وافق قداستكم بالفعل على سفر أحد الرعايا إلى القدس للعمل ؟

- نعم فهذا الرجل يعانى صعوبة المعيشة وهذه حالة فردية لكن القضايا العامة لا أغير فيها رأيى مطلقاً .

* لماذا لم تسافر إلى الإسكندرية منذ فترة طويلة، وما صحة ما يتردد عن عدم سفرك حتى يتم تغيير المحافظ ؟

- لا أذهب إلى الإسكندرية لبرودة الجو !! ولن أقول غير ذلك.

* ما الرسالة الذى كان البابا يريد توصيلها إلى الشباب القبطى من اعتكافه؟

- أعتكف حينما أواجه مشاكل كبيرة طالباً من الله الحل وذلك ليس له علاقة باعتراضى على تعيين جمال أسعد فى مجلس الشعب لأنه يهاجم الكنيسة منذ سنوات طويلة وهذا ما يثير اندهاشى .

* ما رأى قداستك فى التجاوزات التى تحدث على صفحات الإنترنت بين الشباب المسلم والقبطى ؟ وهل تطالب الكنيسة بالتوعية ؟

- ليس لدى وقت لمتابعة هذا ولكننى أسمع هذا أحياناً وهذا يتطلب التهدئة من الجانبين، وهذه المسألة كما قلت مسبقاً تجعل من البابا ديكتاتورا يكمم الأفواه، ولكن الحل الحقيقى هو حل المشكلات على قواعد وأسس سليمة لأننا نطالب الجميع بالهدوء

• كلمة أخيرة توجهها للشباب المسلم والقبطى سواء بسواء ؟

- أقول لكم هذا الوطن وطنكم وسلامته سلامتكم، فعلينا جميعاً أن نعمل على سلامته وسمعته فى الخارج، لأن أية أحداث تسىء إليه فى الخارج .





د. يحي الشاعر