Mohammed Abd En-nasser
صحيح أن حكومة الأوامر العسكرية وإدارة "تمام يا افندم" يمكنها أن تنجز المشاريع العملاقة التي تحتاج إلى سنوات طويلة في سنة واحدة فقط.. لكن المشكلة هي أنها تنجزها خطأ..!
المشروع الوحيد الذي يتحقق بهذا الشكل هو المشروع الدعائي السياسي.. لكن الأمور لا تجري كذلك في أرض الواقع.
جريدة الأهرام المصرية الرسمية نشرت عن هيئة قناة السويس إعلانها (قبل افتتاح المشروع بثمانية وثلاثين يومًا) أنه تم الانتهاء الآن من الوصول بالغاطس إلى عمق 24 قدما أي حوالي 8 أمتار في مسافة ثلاثين كيلو متر هي طول تفريعة امتداد البلاح التي حفرناها هذا العام، وسُميت إعلاميا بقناة السويس الجديدة. [المصدر في أول تعليق]
المعروف أن طول قناة السويس هو 193 كيلو متر، وعمقها 24 مترا، لكي تسمح بعبور السفن العملاقة ذات غاطس 66 قدما أي 22 مترا، وهي ما لا يمكنها بأي حال من الأحوال العبور في التفريعة الجديدة بحالتها الحالية.
لقد سبق أن تحدثت وتحدث آخرون عن أن الازدواج الجديد المحدود لن يحقق المرجو من جعل طول المجرى الملاحي لقناة السويس مزدوجا لعبور قافلتي الجنوب والشمال معا في وقت واحد، ووضحنا أن هذا سيقلل وقت الانتظار فقط.. في حال الاحتياج إلى ذلك إذا زاد حجم التجارة العالمية إلى أكثر بكثير من الحجم الحالي (قناة السويس اليوم لا تعمل بكامل طاقتها ومازالت قادرة على استيعاب زيادة حجم التجارة العالمي لسنوات بعيدة).
وبالتالي فنحن حفرنا تفريعة غير قابلة للاستخدام حاليا، وإذا صارت قابلة للاستخدام فلن تدر علينا دخلا ولا يوجد احتياج جاد لها لا الآن ولا على المدى القريب والمتوسط؟
فلماذا أنفقنا 60 مليار جنيه على هذا المشروع واستئجرنا معظم كراكات العالم؟ لماذا فعلنا ذلك؟!
حتى تقوم صفحات مؤيدي السيسي على الفيسبوك بالكتابة عن المنجز العظيم الذي نجح السيسي في سنته الأولى في عمله بالاسم الإعلامي البراق "مشروع قناة السويس الجديدة"؟!
لو كنا في مكان آخر في العالم وفي ظروف أخرى ونعيش وسط بشر يتحلون بالمسؤولية لكان هناك من يجب أن يُحاسب على هذه الأموال..! لكننا احترفنا المكايدة السياسية، والتزييط الدعائي، وتخوين كل صوت معارض أو عاقل، والتعامل مع كل من يطرح أسئلة عما نحن فيه على أنه جاسوس وعدو للبلد وللجيش وإرهابي متنكر.. وسلمنا أمر تسعين مليون مصري إلى ضابط مشاة هاوٍ.. لا يفهم في
الإدارة ولم يمارس السياسة في حياته، لكي يتحكم بقراره الفردي المزاجي الارتجالي فيما لا يفهم فيه، ويقدم كلمته على كلام الخبراء والمختصين، ويتصرف في مليارات الشعب المصري (والشعوب المجاورة) كما شاء وشاء له الهوى، من أجل أن يحتفل ونحتفل معه بانتصاراته التليفزيونة الجبارة..!
عجيبٌ أمركم أيها المصريون..!!