في خطوة أثارت غضب واستنكار أعضاء مجلس النواب، قرر رئيس مجلس النواب الإيطالي روبيرتو فيكو، تعليق «كل أشكال العلاقات الدبلوماسية» مع البرلمان المصري إلى حين التوصل إلى «نقطة تحول حقيقية» في التحقيقات الخاصة بوفاة الإيطالي جوليو ريجيني في مصر عام 2016.
القرار مثّل مفاجأة للبرلمان المصري، الذي اعتبره يمثل قفزًا على نتائج التحقيقات في القضية التي لا تزال قيد التحقيق، محذرًا من أن «التصرفات الأحادية لا تحقق مصلحة البلدين، ولا تخدم جهود كشف الحقيقة والوصول للعدالة».
وجاء القرار على الرغم مما تشهده العلاقات من استقرار، والإدلاء بتصريحات رسمية من الجانبين تشير إلى أن التحقيقات في القضية تسير في الوجهة الصحيحة، وأنهم على وشك التوصل لمرتكبي الجريمة الحقيقيين.
وقال الدكتور عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن القرار الذي اعتبره «ليس النهاية وإنما هو البداية»، جاء «تحت ضغط الإيطالية من أسرة ريجيني، والرأي العام الإيطالي والمنظمات الحقوقية والمختصة هناك».
وأضاف في تصريحات إلى «المصريون»، أن «الخطوة القادمة التي قد تقدم عليها إيطاليا ستكون غالبًا مطالبة البرلمان الإيطالي الاتحاد البرلماني الدولي، بإسقاط عضوية مجلس النواب المصري، ما يعني أن جميع برلمانات العالم ستقاطعه، وهذه خطوة خطيرة لابد أن تتجنبها مصر».
واعتبر أن «الحل الوحيد للخروج من الأزمة هو إعلان مصر أسماء الجناة بشكل رسمي، وعقد لقاء قمة على مستوى رئيسي البلدين، لأن تجاهل مصر لتلك الخطوة سيعرضها لضغوط وأزمات كما حدث مع السعودية في أعقاب مقتل الصحفي جمال خاشقجي».
فيما حاولت «المصريون»، التواصل مع أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان؛ للتعليق على القرار، ولمعرفة الإجراءات التي سيتم اتخاذها للرد على الجانب الإيطالي، لكن هناك من أحجم عن التعليق، فيما لم يرد آخرون على الهاتف.
وفي بيان رسمي له، أعرب مجلس النواب، عن أسفه لاستباق مجلس النواب الإيطالي الأحداث، «ومحاولة القفز على نتائج التحقيقات المتعلقة بقضية مقتل الطالب ريجيني، من خلال قراره بقطع العلاقات مع نظيره المصري».
مجلس النواب، أكد التمسك بسيادة القانون وعدم التأثير أو التدخل في عمل سلطات التحقيق، لاسيما أن الإجراءات الأحادية لا تحقق مصلحة البلدين، ولا تخدم جهود كشف الحقيقة والوصول للعدالة.
وأضاف أن «التصريحات الصادرة مؤخرًا عن رئيس مجلس النواب الإيطالي، والتي أشار فيها إلى تعليق العلاقات البرلمانية، تُعد استباقية وتقفز على نتائج التحقيقات».
وأشار إلى أنه «في ظل العلاقات التاريخية والقوية بين مصر وإيطاليا على كافة المستويات، فإنه يعبر عن استغرابه الشديد من صدور تلك التصريحات، وأسفه لهذا الموقف غير المبرر من جانب مجلس النواب الإيطالي، خاصة أنها تأتي عقب اجتماع مشترك بين النيابة العامة المصرية والنيابة العامة الإيطالية، لاستكمال التعاون المشترك في التحقيقات المتعلقة بقضية ريجيني».
وقال إن «الاجتماع أكد خلاله الطرفان أنهما تبادلا وجهتي النظر في جو من الإيجابية، وأن التحقيقات تسير بشكل بناء، كما أكدا عزمهما الاستمرار في التعاون المتبادل حتى الوصول إلى نتيجة نهائية وقرار مناسب، وفقا لما تسفر عنه الجهود القضائية في المستقبل القريب».
وعبر مجلس النواب المصري عن تمسكه بمبدأ سيادة القانون، وضرورة الحرص على سير التحقيقات بنزاهة وحيادية، وعدم تسييس المسائل القانونية.
وأضاف أنه يرى أن ما صدر عن رئيس مجلس النواب الإيطالي يعتبر تصرفًا أحاديًا، يمثل استباقًا للتحقيقات ولا يخدم مصالح البلدين، ولا يسهم في الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة، خاصة مع وجود تعاون تام ومتميز وغير مسبوق بين النيابتين المصرية والإيطالية.
وشدد على أن الدولة المصرية هي صاحبة مصلحة أكيدة في الكشف عن ملابسات واقعة مقتل ريجيني، باعتبار أن الواقعة حدثت على أراضيها، وهو الأمر الذي أكدته على كل المستويات.
من جهته، قال نائب رئيس الوزراء الإيطالي، لويجي دي مايو، إن حكومة بلاده «حاولت طريق الحوار في الأشهر الأخيرة مع مصر»، التي «يتعين عليها تقديم إجابات عن مقتل جوليو ريجيني».
وأضاف دي مايو في تصريح للصحفيين: «إننا نتوقع أجوبة ليس فقط إلى النيابة العامة، والتي أشكرها على ما تقوم به من عمل، ولكن أيضا من جانب دولة طمأنتنا على تقديم إجابات شافية كان من المنتظر أن تصل إلينا في هذه الفترة، ولكنها لم تأت بعد».
بينما قال رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي، إنه لا يعلم الأسباب التي دعت رئيس مجلس النواب في بلاده روبيرتو فيكو، إلى تعليق العلاقات مع مجلس النواب المصري.
وأوضح في تصريح إلى الصحفيين، من بيونس آيريس، حيث يشارك في اجتماعات قمة مجموعة العشرين: «لم أتحدث إلى فيكو، ولا أعرف لماذا قرر تعليق العلاقات مع البرلمان المصري»، وفقًا لما ذكرته وكالة «آكي» الإيطالية.
ونوه رئيس الوزراء الإيطالي، بأنه أجرى على هامش مؤتمر باليرمو حول الأزمة الليبية، اجتماعًا ثنائيًا وقمة غير رسمية مع الرئيس السيسي، قائلًا «ناقشت جميع القضايا التي هي قريبة من قلوبنا، بما في ذلك التحقيقات في قضية ريجيني وأعدت التأكيد على الحاجة للتوصل إلى الحقيقة في القضية».
وريجيني 28 عامًا، طالب دراسات عليا في جامعة كامبريدج البريطانية، كان يجري أبحاثًا حول نقابات العمال المستقلة في مصر، لكنه أثناء ذلك اختفى يوم 25 يناير 2016، وظهرت جثته عقب عشرة أيام من اختفائه على إحدى الطرق الصحراوية، وعقب تشريح الجثة تبين أنه تعرض للتعذيب لعدة أيام قبل وفاته.
وتتهم وسائل إعلام إيطالية وبعض الدوائر هناك أجهزة الأمن في التورط في قتله، وهو ما تنفيه مصر.
تقرير لحسن علام 02 ديسمبر 2018 - 04:25 م - جريدة المصريون
https://goo.gl/MxJCbm