العودة الغامضة لزوجة حبيب العادلي.. إلهام شرشر تصدر جريدة أسبوعية
في العمق
محمد هشام عبيه
2016 May 31 | PM 3:35
•يتعاون معها مكرم محمد أحمد ومفيد فوزى وخالد الجندى
• نجت بأموالها من قضايا الكسب غير المشروع بفضل فريد الديب.. وحفظ التحقيقات فى «اختفاء رضا هلال» جعلها خارج السجن
• توقعات بأن تكون جريدة شرشر واجهة لعودة حبيب العادلى.. والصفحات الأولى دومًا مخصصة للرئيس
• الصحفية العجيبة طليقة أشرف السعد وزوجة حبيب العادلى ونافست سوزان مبارك على لقب «السيدة الأولى»
لا تتوقف الدراما فى حياة هذه السيدة قط.
جمعت فى زواجها بين عدوين لدودين، رجل الأعمال «الإسلامى» أشرف السعد، ووزير الداخلية المتهم بتعذيب المجندين وقتل المتظاهرين والتنكيل بالمعارضين «حبيب العادلى». ظهرت على غلاف مجلة نصف الدنيا النسائية فى زمن مبارك باعتبارها «السيدة الثانية» وهى تجلس فى منزل فخم وترتدى ثياب أنيقة وتصفف شعرها بعناية، ثم اتجهت بعد ذلك إلى «الدروشة»، وباتت تقدم نفسها باعتبارها «الكاتبة الإسلامية» وقد ارتدت حجابا أبيض اللون، ممزوجا فى ذات الوقت بماكياج صارخ.
وبعد طول اختفاء، عقب التحقيق معها فى مايو من عام 2011، فى جهاز الكسب غير المشروع، باعتبارها زوجة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، الذى تضخمت هو وزوجته ثروتهما بشكل لافت، ها هى إلهام شرشر تعود مرة أخرى للأضواء، وذلك عبر إصدارها لجريدة أسبوعية باسم «الزمان» صدر منها حتى الآن ثلاثة أعداد، وقد حملت شرشر صفة «رئيس مجلس
الإدارة ورئيس تحرير الجريدة»، مما يطرح تساؤلا منطقيا مهما عما إذا كانت الجريدة الوليدة هى واجهة لوزير الداخلية الأكثر شراسة فى الربع قرن الأخير «حبيب العادلى»، وبابًا للعودة إلى العمل العام مرة أخرى، خصوصا أن العادلى خرج من السجن بعد أربع سنوات قضاها على ذمة قضايا مختلفة، بالإضافة إلى تنفيذه حكما بالسجن لثلاث سنوات فى قضية «سخرة المجندين» خلال بنائهم فيلا تابعة له.
الجريدة التى تصدرها زوجة حبيب العادلى، يظهر فى صفحتها الأولى أن الكاتب الصحفى «مكرم محمد أحمد»، يعمل فيها بصفته «مستشار تحرير»، ويبدو لافتا أن صحفيا عمره فى بلاط صاحبة الجلالة ما يقرب من نصف قرن وشغل من قبل مناصب عدة بارزة من بينها نقيب الصحفيين لعدة دورات ورئيس تحرير لمجلة المصور لسنين طويلة، يوافق على أن يتم وضع اسمه أسفل اسم صحفية عابرة لا يعرف لها أحد أى منجز صحفى، بل ويوافق أن يكتب اسمه بحجم أصغر بكثير من حجم هذه الصحفية، حتى ولو كانت هذه الصحفية مالكة الجريدة أو زوجة وزير داخلية سابق.
وفى الأعداد الثلاثة التى ظهرت فى الأسواق حتى الآن من جريدة «زوجة حبيب العادلى»، هناك حرص واضح على وضع صورة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى الصفحة الأولى، ففى العدد الأولى جاءت صورة الرئيس مع أحد أبناء شهداء الشرطة تحت عنوان «إنسانية قائد»، وفى العدد الثانى كان العنوان الرئيسى «السيسى.. وعد فأوفى»، أما العدد الثالث فكان العنوان الممزوج بصورة الرئيس السيسى كالعادة هو «المشروعات القومية تهزم قوى الشر»، وهو أداء «حكومى» لا تقوم به حتى الصحف القومية، كما أنه يستخدم مرادفات صحفية تعود إلى زمن مبارك.
اللافت أن شرشر تكتب نحو ثلاث صفحات من إجمالى الجريدة التى تصدرها -بأموالها ربما، وبأموال حبيب العادلى ربما أيضا- من بينها صفحتان يبدو أنهما تقصد بهما الكتابة الدينية، إذ كتبت فى العدد الثالث صفحة كاملة بعنوان «لهفة قلب فى ليلة النصف» عن فضل ليلة النصف من شعبان، كما تتذيل كل صفحة من صفحات الجريدة الستة عشرة، ما يمكن وصفه مجازا بـ«الحكمة» التى تنتهى بتوقيع إلهام شرشر، وهى عادة ما تكون عبارة عن جملة مفككة وغير مترابطة أو مفهومة بالأساس مثل «من أركان القيادة الناجحة و
الإدارة المتميزة، المتابعة التى تدفع الناجح وتحاسب المقصر»، وفى كل الأحوال فإن اسم إلهام شرشر ظهر فى جريدتها 16 مرة، بينما ظهرت صورتها ثلاث مرات «اثنتان بالألوان وواحدة بالأبيض والأسود»، فى مخالفة فجة لأى تقاليد صحفية متبعة.
مكرم محمد احمد
ولا يشارك زوجة حبيب العادلى فى جريدتها الخاصة كاتب مثير للجدل والعجائب مثل مكرم محمد أحمد وحسب، بل يكتب معها أيضا كاتب آخر لا يقل إثارة للجدل هو «مفيد فوزى»، وقد تبدو علاقة مفيد فوزى بزوجة حبيب العادلى مفهومة، كون أن مفيد فوزى كان صاحب آخر حوار تليفزيونى ظهر فيه العادلى قبل ثورة يناير بأيام قليلة، وحاول فيه مفيد فوزى إظهار العادلى باعتباره «وزير الداخلية الإنسان الذى يطبق القانون»، كما أن ابنته الصحفية «حنان مفيد فوزى»، كانت الصحفية الوحيدة التى أجرت حوارا مع إلهام شرشر باعتبارها «السيدة الثانية» عام 2005 وتصدرت حينها صورة إلهام شرشر غلاف المجلة النسائية الأولى التى تصدرها مؤسسة الأهرام، مما يشى بأن العلاقة بين أسرة حبيب العادلى «الوزير وزوجته» وأسرة مفيد فوزى ممتدة ووثيقة ومتشابكة.
خالد الجندي
أما ثالث الرجال الذين يكتبون فى صحفية زوجة حبيب العادلى، فهو الشيخ خالد الجندى، وهو بدوره داعية لا يقل عن الصحفيين مكرم محمد أحمد ومفيد فوزى فى وضع علامات استفهام عدة عليه. وطوال سنوات احتلال حبيب العادلى لوزارة الداخلية فى عهد مبارك، لم يظهر أبدا أن خالد الجندى فعل ما يستدعى أن يدخل فى خصام مع العادلى، بل على العكس ظهر خالد الجندى لأكثر من مرة على الشاشات مدافعا عن دولة مبارك بأكملها، دون أن يخفى أبدا أنه يقوم بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية مثله فى ذلك مثل باقى دعاة هذا الزمن.
ووفقا لقانون الصحافة المعمول به حتى الآن، فإن إلهام شرشر تحتاج إلى تأسيس شركة برأسمال نصف مليون جنيه، من أجل إصدار صحيفة أسبوعية، لكن المال ليس العائق الوحيد فقط، إذ يجب أيضا أن تخوض سلسلة من الإجراءت الإدارية الروتينية الطويلة، قبل أن تفوز بترخيص قانونى من المجلس الأعلى للصحافة، وهو الأمر الذى يستغرق عادة شهورا وربما سنوات، لكن يبدو أن نفوذ زوجة وزير الداخلية السابق، ودعمها من نقيب صحفيين سابق مثل مكرم محمد أحمد مكنها من تنفيذ الأمر فى سرعة.
ويبدو تاريخ إلهام شرشر مثيرًا للتساؤلات دوما، كما أن قصة زواجها من حبيب العادلى ملتبسة جدا، إذ إنها بالأساس عملت كصحفية فى قسم الحوادث بجريدة الأهرام، منذ أوائل الثمانيينات، وخلال عملها تعرفت على رجل الأعمال «الإسلامى» أشرف السعد، صاحب أمبراطورية توظيف الأموال، وتزوجت منه، وعندما انقلبت الدولة على السعد، وأصبح مطاردا بعدما كان الوزراء والمسئولون يستثمرون أموالهم فى شركاته، هرب السعد فى منتصف التسعينيات من القرن الماضى إلى لندن، واستقر هناك، ثم انفصل بعدها عن إلهام شرشر، التى فازت من زواجها بثروة لا بأس بها، وفى عام 1998، التقت إلهام حبيب العادلى بحكم الجيرة فى إحدى عمارات المهندسين حسب ما هو متداول بين عدد من ضباط الشرطة، وكان وزير الداخلية قد خرج للتو من محنة وفاة زوجته الأولى والدة بناته الثلاث، واستشعر بالانجذاب تجاه إلهام التى تتمتع بقدر جيد من الجمال، لكن أزمة زواجها وطلاقها من أشرف السعد وقفت حائلا ضد زواج وزير الداخلية من طليقة رجل أعمال «إسلامى» متهم بالنصب، وبعد مواءمات مع قيادات الدولة، تزوج العادلى من إلهام شرشر فى عام 2000، وفى العام التالى، نالت زوجة وزير الداخلية إجازة من العمل بمؤسسة الأهرام، ثم أنجبت للعادلى نجله الوحيد «شريف»، وظلت متوارية عن الأنظار باستثناء ظهوره على غلاف مجلة نصف الدنيا عام 2005، وهو الظهور الذى يتردد أنه تسبب فى أزمة مع سوزان مبارك كونه وصف إلهام شرشر بـ«السيدة الثانية»، بينما عرفت سوزان دوما بأنها «السيدة الأولى».
بعد أربع سنوات من الحوار فى الأزمة، ظهرت إلهام شرشر من جديد ولكن بلوك إسلامى هذه المرة وقد ارتدت ملابس بيضاء وحجابًا يظهر مقدمة رأسها، وأفردت لها جريدة الأهرام منذ مارس 2009 وفى عهد رئيس التحرير أسامة سرايا، صفحة كاملة أسبوعيا فى عدد الجمعة الذى يعد الأكثر مبيعا بين كل الأيام التى تصدر فيها الجريدة.
وكان أول مقال تم نشره لإلهام شرشر على صفحات الأهرام فى عدد 12 مارس 2009 بعنوان «فارس للأبد»، قاصدة الرئيس الأسبق حسنى مبارك، واصفة إياه بـ«فارس معركة البناء.. حيث وجدوا ووجدنا معهم جميعا التليفونات الأرضية بصورة دائمة وغير ذلك ثم السيطرة على المجارى فى الشوارع فى كل مكان بعد أن كانت مستنقعات عائمة. والطرق والكبارى وحركة القطارات التى كانت أحلاما بعيدة لا تتعدى الخيالات فى مجلتى (ميكى وسمير) كانت تعادل الصعود إلى الفضاء.. وإيجاد فرص عمل كثيرة.. واتسعت المدارس، وتعددت المستشفيات.. وعلى صعيد آخر وجدنا زوجا رائعا.. وهو يعهد إلى زوجته بكل الحب والثقة بنفسه وبها ووجدنا الاحترام.. كى تقود حركات نسائية إنسانية فى مصر فى كل المجالات».
واستمرت شرشر فى كتابة ما يمكن وصفه بالمقال أسبوعيا فى أعرق صحيفة بالشرق الأوسط، لمدة 22 شهرا متصلا، حتى كان آخر مقالاتها فى السابع من يناير عام 2011 بعنوان «يا أولى الألباب.. إنها الصهيونية معقل الإرهاب»، وفى العموم فإن معظم إن لم تكن كل كتابات زوجة حبيب العادلى، تتصف بالركاكة والضعف، والأسلوب المفكك وغياب المعلومات بشكل تام.
وعقب ثورة يناير تم استدعاء إلهام شرشر مرتين للتحقيق معها فى قضيتى الكسب غير المشروع، واختفاء الصحفى «رضا هلال»، وذلك بعدما اتهمها شقيق الصحفى المختفى بأنها قامت بتهديد شقيقه قبل اختفاء بأيام قليلة فى مكالمة مسجلة على التليفون، وذلك بعدما توصل رضا هلال إلى مستندات تثبت تورط حبيب العادلى فى قضية غسيل أموال، وفى التحقيقات، نفت إلهام شرشر أن يكون الصوت المسجل هو صوتها، لكن خبيرا بالإذاعة والتليفزيون منتدب للقضية أثبت أن الصوت صوتها بالفعل، لكن القضية فى نهاية الأمر تم حفظها لعدم ورود أدلة جديدة. وفى قضية الكسب غير المشروع التى ترافع عنها فيها المحامى فريد الديب، نجت إلهام شرشر بثروتها أيضا من أى تحفظ أو مصادرة، لتختفى عدة سنوات، قبل أن تعود من جديد، بواجهة إعلامية، يبدو أنها تمهد لشىء ما ليس لها فحسب، بل للرجل الأكثر خطورة فى سنوات مبارك الأخيرة.. حبيب العادلى.