منتديات المطاريد - عرض مشاركة واحدة - ♥ أنـــــــت لــــــي ♥
عرض مشاركة واحدة
قديم 9th June 2011, 06:07 AM مدى غير متواجد حالياً
  رقم المشاركة : 29
مدى
Brigadier General
 






مدى has a reputation beyond reputeمدى has a reputation beyond reputeمدى has a reputation beyond reputeمدى has a reputation beyond reputeمدى has a reputation beyond reputeمدى has a reputation beyond reputeمدى has a reputation beyond reputeمدى has a reputation beyond reputeمدى has a reputation beyond reputeمدى has a reputation beyond reputeمدى has a reputation beyond repute

افتراضي تكملة الحلقة السابعة

أنا : مدى




وقفت جامدا في مكاني ، و أنا أراقب عمّار يترنح ، ثم يهوي ، و تسكن حركاته ...
كان دوي الطائرة يزلزل طلبتي أذني ... دققت النظر إليه ... لم يحرّك ساكنا
رفعت قدمي بصعوبة و حثثتها على السير نحو عمّار
بصعوبة وصلت قربه فرأيت عينيه مفتوحتين ، و الدماء تسيل من أنفه ، و صدره ساكنا عن أية أنفاس ...
أدركت ... أنه مات ... و إنني أنا ... من قتله
استدرت للخلف و عيناي تفتشان عن رغد ...
صغيرتي الحبيبة ...
مدللتي الغالية ...
مهجة قلبي ...
رأيتها تقف بذعر عند سيارتي ، و تنظر إلي و دموعها تنهمر بغزارة ، فيما يستلقي حزامها القماشي على الرمال الناعمة بكل هدوء ...

بتثاقل و بطء ، بانهيار و ضعف شديدين ، سرت باتجاهها ...

نفذ كل ما كان في جسدي من طاقة ، فكأنما كنت أعمل على بطارية انتزعت مني و تركتني بلا طاقة و لا حراك ...

في منتصف الطريق ، انهرت ...


خررت على الأرض كما تخر قطعة قماش كانت متدلية كالستار المثبت إلى الحائط و ارتطمت ركبتاي بالرمال ... و هبطت أنظاري برأسي نحو الأرض ...

رفعت رأسي بصعوبة و نظرت إلى رغد ، و هي لا تزال واقفة في نفس الموضع و الوضع ...
بصعوبة فتحت ذراعي قليلا ، و قلت بصوت مخنوق خرج من رئتي :

" تعالي ... "


رغد نظرت إلي دون أن تتحرك ، فعدت أقول :


" تعالي ... رغد "


الآن ، أقبلت نحوي بسرعة ، و بقوة ارتمت في حضني و كادت تلقيني أرضا ...

طوّقتني بذراعيها بقوة ، و حين حاولت تطويقها أنا عجزت إلا عن رمي ذراعي المنهارتين حولها بضعف

بكيت كثيرا ... و كثيرا جدا ...

لما ضاع ... و لما انتهى ..
و لما هو آت و محتوم ...

بقينا على هذا الوضع بضع دقائق ، لا أقوى على قول أو فعل شيء ... و السكون التام يسيطر على الأجواء ...


كان طريقا بريا موحشا ، و لم تمر بنا أية سيارة حتى الآن ...


استعدت من القوة ما أمكنني من تحريك يدي قليلا ، فجعلت أمسح على رأس طفلتي و أنا أقول بحرقة و مرارة :


" سامحيني يا رغد ... سامحيني ... "


رغد استردت أنفاسها التائهة ، و قالت و وجهها لا يزال مغمورا في صدري :


" دعنا نعود للبيت "


أبعدت رأسها قليلا عني و سمحت لأعيينا باللقاء ... و أي لقاء ؟؟

لقاء مبلل بسيول عارمة من الدموع الدامية
لم يجد لساني ما يستطيع النطق به ...
حاولت النهوض أخيرا ، و ذراعاي تجاهدان من أجل حمل الصغيرة ، ففشلت

أطلقت صيحة حسرة و ألم مريرة تمنيت لو أنها زلزلت الكون كله ، و حطمت كل الأجرام و الكواكب و من عليها ... و محت الدنيا من الوجود ...


و طفلتي الصغيرة تبكي على صدري مذعورة فزعة ... و عدوّي الوغد جثة هامدة تقطر دما ... و حلمي الكبير قد ضاع و تلاشى كغبار عصفت به ريح غادرة ...

و مصيري المجهول البعيد ... كما وراء الأفق ... و الساحة الخالية إلا من رغد وأنا ... و الشمس تشهد ما حدث و يحدث ... رفعت يدي إلى السماء ... و صرخت :

" يا رب .... "


استطعت أخيرا أن اشحن بالطاقة الكافية ، لأنهض و أحمل صغيرتي على ذراعي ، و أسير بها نحو السيارة ...


لم أجلسها على المقعد المجاور لا ، بل أجلستها ملتصقة بي ، فأنا لا أريد لبضع بوصات أن تبعدها عني ...


رن هاتفي المحمول ، و الذي كان في السيارة ، ألقيت نظرة لا مبالية على اسم المتصل الظاهر في الشاشة ، كان صديقي سيف ، أخذت الهاتف و أسكته ، و ألقيت به جانبا ... فكل شيء قد انتهى ...


انطلقت بالسيارة ببطء ، و أنا لا أعرف إلى أين أتجه ... فكل شيء أمامي كان مبهما و مجهولا ...


قطعت مسافة طويلة في اتجاهات متعددة ، و نار صدري تتأجج ، و دموعي عاجزة عن إطفاء شرارة واحدة منها ...


صغيرتي ، ظلت متشبثة بي ، لا تتكلم ، و تنحدر دمعة من عينها تخترق صدري و تمزق قلمي قبل أن ينتهي بها المصير إلى ملابسها المتعطشة لمزيد من الدموع ...


بعد فترة ، مررت في طريقي بحديقة عامة


و تصورا أي تصرف لا يمت لوضعي بصلة ، هو الذي بدر مني دون تفكير !


" رغد عزيزتي ، ما رأيك باللعب هنا قليلا ؟ "


رغد رفعت بصرها إلي ببراءة و شيء من الاستغراب ... فحتى على طفلة صغيرة محدودة المدارك ، لا يبدو هذا تصرفا طبيعيا ..


" سأشتري بعض البوضا لنا أيضا ! هيا بنا "


و أوقفت السيارة ، و فتحت الباب ، و نزلت و أنزلتها عبر الباب ذاته .


أمسكت بيدها و حثثتها على السير معي نحو مدخل الحديقة


هناك ، كان العدد القليل جدا من الناس يتنزهون ، مع أطفالهم الصغار ، فهو نهار يوم دراسي و حار ...


إنني أعرف أن صغيرتي تحب الأراجيح كثيرا ، لذا ، أخذتها إلى الأرجوحة و بدأت أؤرجحها بخفة ...



تخلخل الهواء ملابسها الغارقة في الدموع ، فجففها ، و صافحت وجهها الكئيب فأنعشته ...


تصوروا أنها ابتسمت لي !


عندما كانت رغد تبتسم ، فإن الدنيا كلها ترقص بفرح في عيني ّ و البهجة تجتاح فؤادي و أي غبار لأي هموم يتبعثر و يتلاشى ...


أما هذه الابتسامة ... فقد قتلتني ...


لم أع لنفسي إلا و الدموع تقفز من عيني ّ قفزا ، و أوصالي ترتجف ارتجافا ، و قلبي يكاد يكسر ضلوعي من شدة و قوة نبضاته ...


تبتسمين يا رغد ؟ بكل بساطة ... و كأن شيئا لم يكن !؟


ألا يا ليتني ... قتلتك يا عماّر يوم تعاركنا ...


ليتني قضيت عليك منذ سنين ...


ليتني أحرقتك قبل أن تحرق قلبي و تدمر ماضي و مستقبلي ... و تحطّم أغلى ما لدي ...


" وليد "


انتبهت على صوت رغد تناديني ، و أنا غارق في الحزن المرير ...


مسحت دموعي بلا جدوى ، فالسيل منهمر و الدمعة تجر الدمعة ...


" نعم غاليتي ؟ "


" هل نشتري البوضا الآن ؟ "


أغمضت عيني ...


و أوقفت الأرجوحة شيئا فشيئا ، فنزلت و استدارت إلي ... فأخذتها في حضني و قلت باكيا و مبتسما :


" نعم يا صغيرتي ، سنشتري البوضا و أي شيء تريدينه ... و كل شيء تتمنينه ...

أي شيء أيتها الحبيبة ... أي شيء ... أي شيء ... "

و انخرطت في بكاء قوي ...


رغد ، تبدلت تعابير وجهها و قالت و هي تندفع للبكاء :


" لا تبكي وليد أرجوك "


و أجهشت بكاءا هي الأخرى ...


جذبتها إلى صدري و طوقتها بحنان و عاطفة ممزقة ... و بكينا سوية بكاءا يعجز اللسان عن وصفه ...


و القلب عن تحمله ..


و الكون عن استيعاب فيض عبره


و امتزجت دموعنا ...


و لو مر أحد منا لبكى ...


و لو شهدتم بكاءنا لخررتم باكيين ...


ألا و حسبنا الله و نعم الوكيل ....



يتبع.,

 

 


 
رد مع اقتباس