اعتبر المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، في مقال نشره اليوم الخميس، أن الأزمة المالية المرتقبة للسلطة الفلسطينية، على أثر قرار الكابينت الإسرائيلي في فبراير/ شباط الماضي، باقتطاع ما تدفعه السلطة الفلسطينية من مخصصات مالية للأسرى وعائلات الشهداء من الأموال المستحقة للسلطة، والرد الفلسطيني على هذا القرار برفضه والامتناع عن استلام الضرائب التي تجيبها سلطات الاحتلال، ستكون بمثابة تحد كبير لرئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولدولة الاحتلال عموما.
وأشار هرئيل إلى أن الحديث يدور عن نحو 9 مليارات شيقل، يضاف إليها مبلغ مليار شيقل تقريبا من الأموال التي كانت الولايات المتحدة تحولها للسلطة الفلسطينية، ولوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بما يعادل نصف الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية، الأمر الذي يضعها أمام أزمة خانقة، ولا سيما أنها قامت بصرف نصف راتب لموظفيها البالغ عددهم نحو 160 ألفا.
ومع اقتراب شهر رمضان، واتجاه السلطة الفلسطينية إلى اقتطاع نصف رواتب العاملين فيها، فإن من شأن ذلك أن يزيد من سوء الأوضاع الاقتصادية في الضفة الغربية المحتلة، التي استفادت في العقد الأخير من حالة من الاستقرار الاقتصادي خلافا لقطاع غزة.
ويرى هرئيل أن هذا كله سيزيد من حدة الاحتقان في أراضي السلطة الفلسطينية، وأن نتنياهو الذي تمكن خلال المعركة الانتخابية من تجنب انفجار "ثلاثة ألغام موقوتة"، هي المواجهة على حدود غزة، وملف الأسرى، وملف الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، قد يواجه صعوبة في إبطال مفعول "هذا اللغم الذي كان هو بنفسه من قام بزرعه"، في إشارة إلى قرار الكابينت السياسي والأمني الإسرائيلي في فبراير/ شباط الماضي.
وبحسب المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، فقد كانت القرارات المذكورة للكابينت السياسي والأمني نابعة من جملة من الاعتبارات السياسية والحزبية الداخلية، وتحت ضغوط شركاء نتنياهو في الائتلاف الحكومي السابق (أصبح الآن حكومة انتقالية)، على الرغم من تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية بأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا يستطيع التنازل عما يعتبر في الشارع الفلسطيني مبدأ وطنيا مقدسا، وهو دعم الأسرى وعائلات الشهداء.
وأشار هرئيل إلى أنه على ضوء الضرر الذي قد يلحقه هذا القرار، في حال الإصرار عليه، على التنسيق الأمني بين الاحتلال والسلطة، وقد يسرّع اندلاع مواجهة عنيفة في الضفة الغربية المحتلة، إلا أن جهات في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ترى أن هناك فرصة لتفادي هذا التصعيد، من خلال اتجاه نتنياهو لوقف تجميد نقل الأموال، مستغلا حقيقة كون الحكومة انتقالية والدعم الشعبي الذي حظي به في الانتخابات الأخيرة.
ويحذر هرئيل أن من شأن حالة الغرور في صفوف اليمين الإسرائيلي، بفعل الدعم الأميركي المطلق لنتنياهو، وما يثيره ذلك من مخاوف وقلق في الجانب الفلسطيني، أن تدفع الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة إلى التصعيد عاجلا أم آجلا.
ويستشهد هرئيل بتحذيرات الجنرال احتياط ميخائيل ميلشطاين، الذي كان حتى قبل عام مسؤول الشأن الفلسطيني في قسم أبحاث شعبة الاستخبارات العسكرية، إذ يحذر الأخير من خطر انفجار قادم في الضفة الغربية المحتلة، ومن "انضمام مئات الشباب الفلسطيني لعمليات مقاومة ومواجهات عنيفة" مع جنود الاحتلال.
وبحسب ميلشطاين، فإن على حكومة الاحتلال أن تعتمد سياسة البراغماتية نفسها التي تتبعها تجاه غزة أخيرا، وإلا "فمن شأن الأوضاع الأمنية أن تتدهور سريعا".
مزيد من التفاصيل
