طيب أنا هاكون صريحه معاك شويّه و يا رب صراحتى لا تضايقك
أنا استغربت أوى طرحك أنت تحديدا للموضوع .. قول لى ليه
أقول لك عشان أنت -حسب ما قرأته لك من مداخلات- توجّهك فى الحكم على الأمور توجّه دينى
ومن ثمّ موضوع بلدى و وطنى و الحاجات دى لم تكن من الأشياء التى تخيّلت أنّك تهتم بها !!
من زمان جدّا و أصحاب التوجّه الدينى عندهم موقف ضد موضوع الوطنيه و القوميه .. خاصة و هناك آيات من القرآن الكريم تحث المستضعفين على الهجره فى أرض الله الواسعه كما أن مفهوم الدوله و الوطن مفاهيم حديثه جدّا ليس لها محل للإعراب من وجهة نظر الشرع و الدين .. ده اللىّ أنا فهمته يعنى ومن ثمّ استغربت جدّا طرحك أنت للموضوع
نأتى لفحوى الموضوع ذاته وهو لماذا يفكّر الناس فى الهجره !! خاصة المقيمين فى دول الخليج
أظن طالما هناك اعتقاد ان الأحوال الماديّه لشريحه لا بأس بها من العاملين بالخليج احوال مقبوله نوعا ما تتدرّج حتى تصل للوفره و الثراء .. كما ان الهجره لأوربا أو أمريكا و كندا لا تعد بتوفير أو ادّخار يبقى بديهى يكون السبب شئ آخر أهم من الأموال و أظن بما أنّك قرأت موضوعات الهجره فى "المحاورات" -باعتبار "الكندى" إن شاء الله أحد الأعضاء هناك- فالأسباب التى يطرحها الحالمون بالهجره واضحه و معروفه ..
حسب فهمى المتواضع لهذه الأسباب هى تتلخّص فى الإحساس بالآدميه و العدل و المساواه .. تتلخّص فى الاحتياج للشعور بأننّا جميعا سواء أمام القانون .. الشعور بقدر من الاطمئنان للمستقبل .. تفتكر إيه اللىّ يخلّى واحد يضحّى بالاطمئنان المادى للمستقبل و الذى يمثّله البقاء فى الخليج إلاّ شئ آخر بدأ يستشعر أنّه أكثر أهميّه ..
تفتكر حادث مثل حادث "الدويقه" يمكن أن يقع فى مكان يحترم آدمية مواطنيه ليخرج رئيس الدوله و يمنّ عليهم قائلا : هاتاخدوا شقق الإيواء من غير ما تدفعوا مقدّم أو أقساط !! أو يخرج رئيس الحكومه ليقول لمن تشرّدوا و أصبحوا بلا مأوى : الحصول على الشقّه بموجب بطاقة الرقم القومى أو وصل النور أو فاتورة التليفون !!
تقدر تقول لى اللىّ هيهاجر ده هيتمنظر على مين أصلا ولاّ مين هيفكّر فيه بعد ما يركب الطيّاره و يرحل إلى غياهب المجهول !!
ممكن تقول أن احتمال المنظره ممكن يبدأ بعد سنوات طويله قاسيه فى الهجره مشروطه بتحقيق قدر معقول من النجاح و الاستقرار و إن كنت أظن بعد هذا العدد من السنوات سيتراجع كثيرا احتمال المنظره بعد أن تتّضح الرؤيه و يعرف من هاجر ما الذى ضحّى به فعلا و ما الذى اكتسبه حقّا مقابل هجرته و ساعتها أعتقد رغبته فى المنظره -إن كانت موجوده أصلا- ستكون قد انكسرت و تلاشت ..
من أسابيع قليله كنت فى مصيف متوسّط الحال ب "مرسى مطروح" .. و كان أحد الأطفال يطلب من شاب صغير يعمل فى الأمن إنّه يزق له المرجيحه !! و الشاب رفض لأن هذه ليست وظيفته و فوجئت بالطفل يقول له إنت مجرّد حارس أمن و لازم تزقّنى أحسن لك !! عيّل مفعوص زى ده أهله من هذا السن يربّوه على هذه الفوارق الطبقيه المقيته و على نظام "إنت مش عارف بتكلّم مين" رغم إن اهله قد يكون حالهم ليس أفضل كثيرا من حال أهل هذا الشاب لكن أهو كلّه بيتنطّط على كلّه !! الحقيقه أن الهجره يمكن يكون سببها الرغبه فى الهرب من حالة المنظره الحقيقيه التى يعيشها المصريون و العرب و ليس العكس .. الحقيقه إن إحنا اللىّ مرضى بالمنظره فى أوطاننا العربيه وليس من يفكّرون فى الهجره
المشكله إنّنا من أيّام فيلم "الأفوكاتو" اللىّ أخت البطل فيه بتنام و تصحى تحلم بسفر زوجها إلى "ليبيا" أو "السعوديه" لادّخار بعض المال للزواج متخيّلين إن الناس مش بتهاجر و تسيب أهلها و وطنها غير عشان الفلوس و بس و من ثمّ لو توافرت الفلوس يبقى مفيش داعى للسفر و الشحططه !! و الفكره دى مش منزله ولا الفلوس و الاستقرار المادّى بتشكّل السبب الوحيد للهجره .. بالعكس يمكن هجرة من هم بوضع مادّى مستريح بالفعل تضحد هذه الفكره و تنفيها تماما و تدفع للتفكير فى أسباب أخرى أكثر وجاهه
أعتذر للإطاله
