كيف أستقبلت دمشق عبد الناصر( ايام امجادالوحده العربيه)
الزحف إلى دمشق
"فجأة هبطت طائرة فى المطار ونزل منها عبدالناصر.. والمسئولون السوريون صرخوا من هول الحدث: "يا خبر.. دمشق لن تنام الليلة" " سوريا كلها تزحف إلى دمشق لترى رئيس الجمهورية العربية المتحدة "مئات الآلاف تجمعوا فور تسرب الخبر.. وحملوا سيارة عبدالناصر على الأكتاف "مظاهرات حاشدة ترفع المشاعل حتى الفجر أمام قصر الضيافة تنادي: طل علينا يا جمال " كتل شعبية تعبر حدود سوريا من البلاد العربية لتقابل عبدالناصر " مدن سوريا وقراها تتصل بدمشق: هل سيجيء إلينا أم سنجيء إليه؟ " عبدالناصر من شرفة رئاسة الجمهورية فى دمشق: انتصرت إرادة العرب ولا فراغ فى الشرق الأوسط ولا مناطق نفوذ.. والبادى أظلم تدافعت الأحداث على صفحات الجرائد المصرية، كاشفة عن تهديدات ومخاطر يوم 02 فبراير 8591..
العنوان الرئيسى لـ "الأهرام": "أسرار أزمة الحدود"، مجموعة عناوين بعرض الصفحة الأولي: 5 احتمالات لحل الأزمة، محجوب يتصل بعبدالله خليل بالتليفون مرتين أمس، زكريا محيى الدين يقدم اعترافا رسميا من حكومة السودان، وزير خارجية السودان يعود إلى الخرطوم مساء أمس. أزمة بدت مفتعلة مع مصر وتوقيتها غريب، ففى الصفحة الأولى لذات الصحيفة كان هناك خبر آخر: غدا الاستفتاء ـ كيف تبدى رأيك فى الوحدة وفى رئاسة الجمهورية؟.
فى ذلك اليوم البعيد ـ منذ (05) عاما بالضبط ـ كانت مصر وسوريا تستعدان لفتح صفحة جديدة فى التاريخ العربى، ولكن القوى الكبرى أخذت تحرض ضد الوحدة محاولة جر مصر إلى أزمة مع السودان على الحدود، مصر تتكلم عن إلغاء الحدود بين الدول العربية وبناء قوة عظمى على مسارح التاريخ. يحاولون جرنا إلى الخلف، يحاولون ذلك دون جدوى بإثارة ـ أزمة الحدود. فى الصفحة الأولى لـ "الأهرام" كان هناك خبر دال: قاعدة جوية أمريكية فى منطقة الفاشر السودانية.
الأحداث تجاوزت سريعا "الأزمة المفتعلة" وبدا أن دمشق وفى هذا اليوم ـ "قلعة العرب" والتعبير لمحمد حسنين هيكل. فى صحافة يوم الخميس 02 فبراير إعلانات عن "أورينتال" وهى ماركة ألمانية للآلات الكاتبة، وعن كتاب جديد "السفر إلى الكواكب" ولكن سفرا آخر إلى التاريخ والحلم والوحدة كان أكثر إثارة. فى هذا اليوم البعيد نجا (31) راكبا فى تحطم طائرة قادمة من بيروت..
كأن الأقدار حفظت حياتهم ليروا فى القاهرة عاصمة الجمهورية العربية المتحدة مصائر جديدة تعلن عن نفسها. السبت إجازة فى سوريا. والمفاجأة التى لم يعرفها أحد أو يتوقعها أن الرئيس عبدالناصر سيصل دمشق فى هذا السبت..
الرئيس لم يكن قد زار دمشق أو وطأ أرضها قبل ذلك. وقد دخلها للمرة الأولى وكان رئيسها. فى اليوم التالي: "نعم.. نوافق على الوحدة"، هذا هو العنوان الرئيسى للأهرام يوم الجمعة 12 فبراير التى وصفت الاستفتاء بالتاريخى، وأنه ينذر بتحول كبير فى المنطقة العربية.
وقد وضعت صورة للرئيس جمال عبدالناصر فى شمال الصفحة الرئيسية وبطول الصفحة. وأكدت "الأهرام" أن أكثر من ستة ملايين من مواطنى مصر وسوريا سيتجهون إلى صناديق الاستفتاء للإجابة عن سؤالين: الأول: هل توافق على الوحدة بين مصر وسوريا فى الجمهورية العربية المتحدة؟ والثاني: هل توافق على انتخاب جمال عبدالناصر رئيسا للجمهورية العربية المتحدة؟. وتعاملت "الأهرام" مع الاستفتاء بأن نجاحه مؤكد، ولهذا أعلنت أن رئيس الجمهورية العربية المتحدة سوف يلقى خطابا سياسيا فى حشد شبابى يقدر بنصف مليون شاب.
وقد حث شيخ الأزهر الإمام الأكبر عبدالرحمن تاج المسلمين على الذهاب إلى صناديق الاقتراع، مع ضرورة"الموافقة" لأنها تعنى استعادة العرب وحدتهم . الانبا اثناسيوس بطريرك الأقباط الأرثوذكس للأقباط فى بيانه قال إن البلاد تمر فى هذه الآونة بمرحلة من أمجد مراحلها لتجنى أبرك الثمرات بالوحدة العربية.
وكان الرئيس جمال عبدالناصر قد أصدر قرارا بأن يوم السبت الموافق 22 فبراير إجازة رسمية بالبلاد. وأعلنت "الأهرام" أن الرئيس السورى شكرى القوتلى سوف يدلى بصوته فى الاستفتاء بدمشق. وتصدرت العناونين الرئيسية للأهرام، الاتصالات التى أجراها إسماعيل الأزهرى رئيس الحزب الوطنى الاتحادى بالسودان مع "ناصر" بأن مشكلة الحدود هى مسألة عربية ويجب أن تحل بالطرق السلمية وهو ما أاتفقت عليه الأحزاب السودانية بعد أن أقدم السودان على تقديم شكوى إلى مجلس الأمن يطالبه بالتدخل لحل النزاع الحدودى بين البلدين، وهو الطلب الذى رفضته الأحزاب السودانية وفق طلب كتابى إلى الحكومة المصرية برفضها التدخل الدولى فى مسألة عربية، وقد بحثت السودان إعلان الطوارئ على خلفية هذه الأزمة بعد أن ادعت الحكومة هناك قيام حشد عسكرى مصرى بالحدود مع السودان وهو ما نفته مصر ـ جملة وتفصيلا ـ
وأعلنت أن قيام مصر بتكوين جيش عسكرى على مستوى عال الهدف منه حماية الأمة العربية، لا الاعتداء عليها وهو التصريح الذى لاقى قبولا من جميع الحكام والشعوب العربية، وعلى رأسهم الشعب السودانى.
السبت 22 فبراير، العنوان التمهيدي: الدلائل كلها فى مصر وسوريا تؤكد.. وجاء العنوان الرئيسى للأهرام: الاجماع حاملا بنط 82، وجاءت العناوين الخمسة الأخرى كالآتي: جمهورية عربية متحدة وجمال عبدالناصر رئيسها..
الرئيس يلقى اليوم خطابا سياسيا مهما.. بدء المشاورات لتأليف الوزارة الاتحادية والمجلسين التنفيذيين، وزارة سوريا تقدم استقالتها للرئيس بعد الاستفتاء..
الوزراء المصريون يقدمون استقالاتهم، والرئيس يطالبهم جميعا بالبقاء فى مناصبهم حتى تتم تشكيلات الحكم الجديد. القوتلى أدلى بصوته بالموافقة نعم للوحدة، مضيفا فى تصريحاته بقوله: اللهم فاشهد، وقدأدلى الرئيس جمال عبدالناصر بصوته فى الساعة الرابعة بمدرسة "الخلفاء"الاعدادية بنين بمصر الجديدة. وحول علم الجمهورية المتحدة لم تتضح بعد الصورة النهائية، فى الوقت الذى طالب فيه جمال عبدالناصر بالإبقاء على علمى سوريا ومصر، وكما هو دون تعديل حتى يتم الاتفاق النهائى على العلم الموحد. وهو الأمر الذى ينطبق أيضا على السلامين الوطنيين.
وقد أدلت السيدة حرم الرئيس شكرى القوتلى بصوتها بالموافقة وصرحت للصحافة المصرية بقولها: إن عبدالناصر أخى وزعيمى وقائدى وبأنها فخورة أن يكون عبدالناصر رئيسها. وفى الصفحة الرئيسية للأهرام أيضا، أشارت بعنوان رئيسى وانتهت أزمة الحدود، مصر تعلن أن جيش مصر لا يهدد السودان وإنما جيش مصر مستعد للدفاع عن السودان.
الأزهرى يقول: مصر فوتت الفرصة على الاستعمار، وفى السياق ذاته مجلس الأمن لم يتخذ قرارا فى شكوى السودان ضد مصر، أعضاء المجلس يوصون بحل المسألة بالمفاوضة بين البلدين.
وقد أثبتت دار المعارف البريطانية الحقوق التاريخية للمنطقة الحدودية المتنازع عليها، فى الوقت الذى قامت فيه السلطات السودانية باحتجاز عوامتين وباخرة مصرية. "ريفو يزيل الآلام بسرعة وأمان".. هذا هو الإعلان بالأهرام بصفحته الأولى. الأحد 32 فبراير.. "بعون الله" قامت الجمهورية العربية المتحدة.. هذا هو العنوان الرئيسى..
جمال عبدالناصر يتكلم للمرة الأولى بعد انتخابه رئيسا للجمهورية العربية المتحدة، دول العالم تتسابق على الاعتراف بالجمهورية.. المشير يعين قائدا عاما للقوات المسلحة للجمهورية العربية المتحدة. وقد تم إبلاغ جامعة الدول العربية بالوحدة مع سوريا..
وكان أول المهنئين بالوحدة شكرى القوتلى وأعلن لـ جمال عبدالناصر بقوله: اخترناك إعرابا عن طموحنا فى مستقبل عربى "زاهر". وقد ألغت مصر تأشيرات السفر بالبلدين، واعتبرت البطاقة الشخصية هى الجواز الرسمى لزيارة أى من القاهرة أو دمشق.
وألقى جمال عبدالناصر خطابا سياسيا بدأه بالحمد لله، كررها ثلاث مرات، مذكرًا الجماهير بخطابه التاريخى يوم 62 يوليو 6591 بالإسكندرية عندما أمم قناة السويس، وأن فكرة الوحدة مع سوريا كانت تراوده منذ ذلك التاريخ الذى تحقق بالأمس فقط. جمال عبدالناصر فى دمشق.. تصدر خبر زيارة عبدالناصر المفاجئ إلى سوريا صدر الصفحة الرئيسية للأهرام يوم الثلاثاء 52 فبراير. محمد حسنين هيكل يراسل الأهرام بالتليفون..
ويضيف فى وصفه للزيارة التاريخية للرئيس جمال عبدالناصر الذى وصل إلى سوريا للمرة الأولى فى حياته. وبحسب وصف هيكل، رأيت دمشق كما لم أرها فى عمرى، والتعبير مألوف استعمل عشرات المرات قبل أن استعمله ـ أعرف ذلك، ولكن ماذا أصنع والأحداث التى تجرى أمامنا الآن أكبر من الألفاظ وليس فى طاقتنا أن نصنع فى كل مرة من الحوادث ألفاظا.
لقد كان وصول جمال عبدالناصر اليوم إلى دمشق مفاجأة تمت فى سرية تامة. فى الصباح الباكر سارت سيارات متتابعة فى الطرق إلى مطار الماظة. ولم يفطن الذين شاهدونا إلى أن حدثا كبيرا يجرى أمامهم، كان فى هذه السيارات جمال عبدالناصر فى طريقه إلى دمشق ومعه المشير عبدالحكيم عامر وعبداللطيف البغدادى وأنور السادات وعبدالقادر حاتم وحلقت الطائرة فى سماء ألماظة فى الساعة السابعة صباحا متجهة إلى دمشق، ثم بدأت تمر فى وسط السحب بمحاذاة شاطئ إسرائيل.
وأطل جمال عبدالناصر من النافذة على الأرض التى انتخبته رئيسا فى سوريا حيث لم يكن رآها من قبل. وهبطت الطائرة فى مطار دمشق وكان فى مقدمة مستقبلى عبدالناصر قادة الجيش السورى بينهم اللواء عفيفى البزرى والزعيم أمين النافورى والقائمقام عبدالمحسن أبوالنور الملحق العسكرى المصرى فى دمشق. وكان اللواء البزرى أول من أفاق من هول الصدمة، حينما رأى جمال عبدالناصر يهبط من الطائرة، البندرى صاح يا خبر..
وهبط الرئيس عبدالناصر ووطأت قدماه أرض دمشق وهرول الجميع إليه لتحيته، وركب عبدالناصر السيارة وكان أمامه اللواء البزرى أمامها يفسح الطريق أمام سيارة الرئيس، ولم يكن شكرى القوتلى يعلم بالمفاجأة حيث كان لايزال بمنزله بالطابق العلوى، وفجأة أخطرت الحراسة منزل القوتلى بأن الرئيس جمال عبدالناصر ينتظره بصالون منزله!.
وبسرعة ارتدى القوتلى ملابسه ونزل لتحية ضيفه الرئيس عبدالناصر والتقى الرجلان وتعانقا بحرارة. فى الوقت نفسه كان الشارع السورى يستعد لتحية واستقبال الزعيم. وقد أرسل السفير الروسى بالقاهرة رسالة تهنئة للرئيس جمال عبدالناصر.. وقد تصدرت الصفحة الرئيسية بالأهرام صورة بصدر الصفحة احتشدت عشرات الآلاف من الجماهير أمام قصر عابدين، انصتوا إلى خطاب الرئيس عبدالناصر عن الوحدة.
وقد اهتمت وسائل الإعلام الأمريكية بنتائج الاستفتاء. الاثنين 42 فبراير الأهرام علق بعنوان رئيسي: المشاورات تبدأ. القوتلى يشترك فى مشاورات تأليف الوزارة الاتحادية..
جمال عبدالناصر يقول: أمس انتصرت إرادة العرب.. لا فراغ فى الشرق الأوسط ـ لا مناطق نفوذ ـ انتهى الضعف وبدأت القوة.. 32 دولة تعترف بالجمهورية فى 42 ساعة. عبدالناصر يعلن من شرفة قصر رئاسة الجمهورية: أيها المواطنون بمصر وسوريا لقد انتهى عهد الضعف وبدأ عهد القوة..
وقد تصدرت صور عبدالناصر المؤسسات والمصالح الحكومية السورية بوصفه رئيسا للجمهورية.. وفى الولايات المتحدة الأمريكية كانت صورة الرئيس جمال عبدالناصر تتصدر جميع الصحف الأمريكية. وانتشرت إعلانات التهانى بالأهرام من الشركة الشرقية للبترول بمصر لتهنئة عبدالناصر بانتخابه رئيسا للجمهورية المتحدة..
وأيضا هنأت الشركة العامة للأدوية شعبى مصر وسوريا بالوحدة. وبدأ أول اجتماع غير رسمى للحكومة السورية لتصريف بعض الأمور. وقد أصدرت مصر قرارا بإعفاء التحويلات إلى سوريا من ضريبة الـ01% إلى جانب أن يكون الاستيراد بالجنيه المصرى. وقد هتفت القوات المسلحة للجمهورية العربية للمرة الأولى..
وانتهت الصفحة الأولى بالأهرام بالتنبؤ عن أحوال الطقس ووصفته بالدافئ على مستوى الجمهورية. حارس دار القوتلى ويدعى كمال يونس أذهلته المفاجأة، فقد وقفت سيارة أمامه لينزل منها جمال عبدالناصر.. الرئيس يقول فى دمشق واجبى وواجبكم أن نعمل سياسيا لتحقيق الأهداف ونعمل اجتماعيا لنحقق حياة ترفرف عليها السعادة والرفاهية، الرئيس يبدأ اتصالات من دمشق.. السوريون تركوا أعمالهم للترحيب بالرئيس جمال عبدالناصر. اللبنانيون يفدون إلى سوريا للترحيب بالزعيم..
أول فوز للفريق السورى لكرة السلة يوم زيارة عبدالناصر لدمشق، حينما فازت سوريا على منتخب بورسعيد. وواصل الأهرام تغطيته المصورة فى الاقليم السورى. حيث أفاد أن 001 ألف سورى يستقبلون الرئيس بعد دقائق من وصوله. الرئيس يعلن دمشق قلب العروبة النابض ففيها تتفاعل القومية العربية ومنها تتصاعد مثل القومية العربية..
شكرى القوتلى كان أول من تكلم معى فى الوحدة العربية بعد نجاح الثورة مباشرة.. لقد قامت الجمهورية العربية لترفع راية السلام وراية القوة والعمل والإقدام..
القوتلى يقول: هذا هو اليوم الخالد الذى تنتظرونه لتروا حلما "جال" بخاطركم لتروا رئيسكم ورئيس الجمهورية العربية المتحدة. جمال عبدالناصر.. عبدالناصر يقول: كنت أتمنى أن أرى دمشق واتحدث إلى أهالى الاقليم السورى وكنت اتفاعل معها حينما استشعر بالوحدة العربية..
وقد غادر عبدالناصر والقوتلى إلى دار الضيافة بعد أن ألقيا الخطابين السياسيين.. وسار الموكب وسط الحشود السورية بصعوبة بالغة. الأربعاء62 فبراير واصلت الأهرام رصد تحركات الشارع السورى، إضافة إلى قيام الرئيس جمال عبدالناصر بصفته رئيسا للجمهورية المتحدة بتكثيف اتصالاته ومشاوراته لتشكيل الحكومة مع إضافة مواد دستورية جديدة..
وكان بالصفحة الرئيسية بالأهرام عنوان يحمل أربع كلمات.. زحف عام على دمشق.. إضافة إلى عناوين أخرى من بينها كتل بشرية تعبر حدود سوريا من البلاد العربية لتقابل عبدالناصر.. وفود لبنان والعراق والأردن تصل دمشق رغم كل العقبات.. مشاورات تشكيل أجهزة الحكم الجديد تبدأ اليوم.
وقد ردد شباب المقاومة الشعبية فى العرض الذى أقاموه القسم العظيم أمام جمال عبدالناصر وأصدر رئيس الجمهورية العربية المتحدة قرارا بتخفيض سعر المكالمة الهاتفية إلى 04 قرشا و 01مليمات للكلمة التلغرافية.. وتم تخصيص مقر رئيس الجمهورية المتحدة ليكون القصر الجمهورى بدمشق..
واعترفت الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة جمال عبدالناصر للجمهورية المتحدة وتوجه السفير إلى مدير المراسم بوزارة الخارجية المصرية مقدما تهنئة بلاده واعترافها بالجمهورية وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكى ايزنهاور اعتمد ريموند هير سفيرا لبلاده فى الجمهورية الجديدة. عبدالناصر يقف خمس ساعات متواصلة على قدميه ومعه شكرى القوتلى والمشير عامر وأنور السادات وعبداللطيف البغدادى لاستقبال الوفود الأجنبية والعربية التى جاءت مهنئة بالوحدة..
وقد امتلأ القصر الجمهورى بالورود احتفالا بالمناسبة الأناقة سبيلك للنجاح "إعلان" الأهرام عن أصواف جديدة بالأسواق المصرية والتى وصفتها بـ "القنبلة" والتى تقدمها محال بولس عزيز غزال بشارع 62 يوليو.. وفى المقابل بذات الصفحة الرئيسية قدمت الشركة الشرقية للسيارات ايست وهى شركة مصرية مساهمة سيارة اوستين موديل 8591 واعتبرتها مفاجأة العصر.
وفى تغطيتها لزيارة الرئيس جمال عبدالناصر للعاصمة دمشق والتى وصفتها "الأهرام" بعاصمة الأمويين تتحول إلى مشهد حى من التاريخ وعبدالناصر يعلن: لن يعود الاستعمار ولن تعود السيطرة الأجنبية فلا حكم فى هذه الجمهورية إلا للشعب.. والمشير عامر يعلن: سنحمل هذه الجمهورية على أكتافنا وسنحميها جيشا وشعبا وما الجيش إلا الشعب وما الشعب إلا الجيش الكبير.
ومن الأحداث التى وقعت بعد إعلان الوحدة: لبنانى يموت ويوصى بدفنه بالجمهورية المتحدة. الجو لطيف ليلا ونهارا فى جميع أنحاء الجمهورية، هذا ما أشارت إليه "الأهرام" عن أحوال الطقس فى ذلك اليوم. واستكملت "الأهرام" تغطيتها الصحفية فى دمشق بلقاءات متعددة مع مختلف فئات الشعب السورى والذين اجمعوا على تأييد الوحدة، معتبرين إياها رمزا جديدا للتصدى للهيمنة الغربية، وكانت راهبات الأديرة بسوريا أعلن مبايعة جمال عبدالناصر رئيسا للجمهورية المتحدة، وقام تجار سوق حلب برفع لافتات ترحيب بالرئيس الجديد، وقاموا بخفض الأسعار تكريما وتحية للرئيس جمال عبدالناصر.
................."
د. يحي ألشاعر
