رغم إعلان رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي،أن تأجيل القمة الثلاثية بين العراق الأردن ومصر يأتي تضامنا مع الأخيرة بعدحادثة اصطدام القطارين، إلا أن مراقبين رجحوا أن سببا آخر وراء إرجاء القمة التي كانمن المقرر فيها إطلاق مشروع "المشرق الجديد".
مراقبون رأوا أن السبب المحتمل لتأجيل القمةكان الاستعراض العسكري الذي أجرته مليشيات "ربع الله" المولية لإيرانوسط بغداد، قبل انعقاد القمة بيومين، وتزامنا مع زيارة وزير خارجية قطر إلى بغداد،وكذلك الاجتماع الافتراضي بين الكاظمي مع الملك السعودي.
شروط للقمة
من جهته، قال عضو لجنة العلاقات الخارجيةببرلمان العراق، مختار الموسوي، لـ"عربي21"، إن "كل الأسباب التيذكرت لتأجيل القمة واردة، لكن السبب الرئيس باعتقادي هو أن الشعب العراقي غير مهيألعقد قمة عربية، وإنما هذا قرار انفرادي لحكومة الكاظمي، بعيدا عن القوىالسياسية".
واتهم النائب عن تحالف "الفتح"، الذييعتبر الجناح السياسي لفصائل الحشد الشعبي، هذه الدول بأنها "كانت داعمةللإرهاب في العراق، وأن الشعب العراقي رأى الويلات أيضا من دول الخليج منذ 2003وحتى القضاء على تنظيم الدولة بعد عام 2014".
وبخصوص من يقول إن إيران ربما تقف وراء توجيهالمليشيات للاستعراض لعرقلة انفتاح العراق على العالم العربي، قال الموسوي:"إيران ليس لها أي علاقة في إعاقة مثل هذه الأمور، ونحن في تحالف الفتحوالحشد الشعبي لا نتعامل مع طهران إلا بما يصب في صالح بلدنا وشعبنا".
وأردف: "نحن نؤيد عودة العراق إلى محيطهالعربي، وفتح صفحة جديدة مع دول الخليج، لكن شريطة اعتذارهم عن السيارات المفخخةوتصدير الإرهابيين الذين استهدفوا العراقمنذ عام 2003، وتسببوا بسقوط الكثير من الضحايا".
وبحسب النائب عن تحالف "الفتح"، فإن"الدول العربية والخليجية هي من ساعدت القوات الأمريكية على ضرب العراق،وكذلك معاقبة الشعب العراقي عقب غزو الكويت، حيث جرى تحميلنا خطأ صدام، وفرض الحصارعلى الشعب العراقي، فالعراقيون رأوا الويلات من هذه الدول العربية والخليجية، سواءمصر أو الأردن أو الخليج".
استعراض متعمد
وفي المقابل، رأى المحلل السياسي العراقي، كاظمياور، في حديث لـ"عربي21"، أن "القمة الثلاثية التي كان منالمزمع عقدها في بغداد السبت الماضي، بين العراق ومصر والأردن، كان ملفها الرئيسيالجانب الاقتصادي والتنسيق السياسي في المنطقة".
وأضاف: "أهمية انعقاد القمة الثلاثية فيبغداد تكمن في إعادة العراق إلى محيطه العربي والإقليمي، لكن مشاكل العراقالداخلية المزمنة بهذا الصدد من عدم وجود أمان دبلوماسي واستهداف البعثاتالدبلوماسية ببغداد حالت دون ذلك، واعتقد أن استعراض الفصائل كان معتمدا في هذاالوقت".
"ياور" رأى أن "القمةالثلاثية بين العراق ومصر والأردن حُسبت على محور معين في المنطقة، لذلك كانتالاستعراضات العسكرية من الفصائل المسلحة، وبالتالي وصلت رسائل غير مطمئنة لهذهالدول وغيرها".
وتابع: "لو نظرنا إلى القمة بكل حياد، وتساءلنا: هل بالإمكان أن تخرج العراق من أزماته الاقتصادية والسياسية والأمنية؟فالجواب هو أن مصر والأردن في هذا الوقت الحساس لا يمكن لهما خدمة العراق، لذلككان الأولى بحكومة الكاظمي دراسة الموضوع بشكل أعمق، وإشراك السعودية وتركيا، حتىتكون القمة أكثر فاعلية ومثمرة للشعب العراقي".
ولم يستبعد ياور أن يكون توقيت خروج هذهالمليشيات إلى شوارع بغداد هو لعرقلة مشروع "المشرق العربي"، الذي كان منالمقرر أن يعلن كأحد مخرجاتها، لأن "هناك بعض الفصائل أعلنت أن هناك مشروعا مضادا لما بنيت عليه العملية السياسية في العراق بعد 2003 وفق نهج معيّن، وهذه إشاراتمنها إلى دول أخرى".
ونوه إلى أن "المحادثات العراقيةالأمريكية في نيسان/ أبريل المقبل، فمن الممكن أن تستثمر إيران الحالة السياسيةوالأمنية في العراق، من أجل فرض بعض أجندتها على طاولة المفاوضات مع الجانبالأمريكي من خلال إرباك المشهد الأمني والسياسي العراقي".
وأعرب ياور عن اعتقاده بأن "عقد القمةالثلاثية من عدمها يتوقف على المحادثات الأمريكية- العراقية في نيسان/ أبريلالمقبل، حيث ستحدد المحادثات بعدها ملامح قدرة الأطراف الثلاثة (العراق، مصر،الأردن) على عقد القمة بأقرب وقت أو إلغائها".
تصفية حسابات
وعلق رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي،السبت، على استعراض العسكري لهذه المليشيات في بغداد، بالقول إن "ما حصل هيمحاولة بائسة من مجموعة من الشباب -إحدى ضحايا الحروب في العراق- لإرباك الوضعالأمني في البلد، وإن الهدف من الاستعراض هو تصفية حسابات مع رئيس الوزراء وليس معأطراف أخرى".
وأضاف الكاظمي، في مقابلة مع الإعلامي المصريعمرو أديب، إن "العراق يعيش في مرحلة استعادة الدولة، ونحن قررنا منذ اليومالأول لتسلمي المنصب بأن لا وجود لمن يريد أن يكون خارج الدولة، والسلاح فقط معالدولة، ولن نسمح لأي سلاح خارج إطار الدولة، وهذا يحتاج وقتا؛ لأن مؤسساتناالأمنية في حالة بناء وإعادة اعتبار الجيش الذي ظلم بعد عام 2003".
وأردف الكاظمي قائلا: "الاستعراض هو حالةطبيعية لبلد يعاني من ارتدادات ما بعد التحرير من تنظيم الدولة، فهذه الجماعاتساهمت في بعض الأحيان في الحرب ضد التنظيم، لكن هذا السلاح يبحث عن دور فيالمشاركة، ونحن طرحنا حوارا وطنيا إستراتيجيا لكل العراقيين، ندعوهم إلى طاولةالحوار، لأن البلاد خسرت الكثير من الدماء بسبب السلاح، ويجب البحث عن فرصةللحياة".
وخرجت مليشيا "ربع الله" (جماعةالله) باستعراض عسكري في مناطق متعددة وسط بغداد، الخميس الماضي، مستخدمة أسلحةخفيفة ومتوسطة وثقيلة، ملوّحة بـ"قطع أذن رئيس الحكومة"، وتعليقها علىأبواب المنطقة الخضراء، شديدة التحصين، وسط جملة انتقادات.
وعرفت "ربع الله" الموالية لإيرانبتبنيها مهاجمة محال بيع المشروبات الكحولية، ومؤسسات إعلامية، ونواد ليلية، وأخرىللمساج، وكذلك حرق مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في بغداد على خليفة انتقادالقيادي فيه هوشيار زيباري للحشد الشعبي في 17 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
مزيد من التفاصيل