جاء موقفه حازماً بشأن مناداة رجال الأعمال في المغرب بمحاصرة القطاع غير الرسمي، فهو لا يرى أن الظروف الحالية التي تشهدها البلاد في ظل تداعيات جائحة كورونا تتطلب حلولا من أجل الإنقاذ، وأيضا التخفف من توصيات صندوق النقد الدولي.
أحمد الحليمي العلمي، المندوب السامي للتخطيط في المملكة، هذا الثمانيني، الذي عايش التطورات التي عرفها الاقتصاد الوطني منذ الستينيات من القرن الماضي، لم يتردد منذ بداية انتشار الجائحة وما فرضته من حجر صحي، في التأكيد أن العام الحالي، سيكون أسوأ عام بالنسبة للاقتصاد المغربي منذ أكثر من عشرين عاما، مشددا على أن الفيروس كشف مكامن الهشاشة في ذلك الاقتصاد وعدم جدوى الوصفات النيوليبرالية التي يفرضها صندوق النقد.
الحليمي، الذي يحتل مرتبة وزير منذ 2003، هو من الموظفين السامين في المغرب، الذين يتوفرون على خلفية سياسية راسخة، فقد كان أحد قيادات حزب الاتحاد الاشتراكي، ومثله في حكومة التناوب التي قادها عبد الرحمن اليوسفي بين 1998 و2002، حيث كان وزيراً للاقتصاد الاجتماعي والشركات الصغرى والمتوسطة والصناعة التقليدية والشؤون العامة للحكومة.
التجربة التي راكمها على مدى عقود ساعدته على أن يطبع المندوبية السامية للتخطيط بشخصيته، حيث لا يتردد في التنبيه، بلغة واضحة، إلى مكامن الخلل التي يراها في الاقتصاد الوطني. وقد تمكنت المندوبية خلال وبعد الحجر الصحي، من إنتاج العديد من التقارير التي تتناول تأثير الفيروس على الاقتصاد والشغل والبطالة، كما سعى إلى رصد مدى فعالية التعليم عن بعد وتأثير الحجر على العلاقات داخل الأسر ومع الجيران، بل إن المندوبية اهتمت بإيرادات واستهلاك الأسر خلال فترة الحجر.
يلح الحليمي الذي تنتج مندوبيته تقارير لا تروق في بعض الأحيان للحكومة، على أن النمو الاقتصادي لا يحفزه التصدير بشكل حاسم، بل بالطلب الداخلي الذي تعبر عنه الأسر في الأعوام الأخيرة، والاستثمارات التي تنجزها الدولة، هذا ما يجعله متشددا في ربط الاستدانة بتمويل مشاريع استثمارية منتجة للقيمة المضافة.
لم يتردد منذ بداية انتشار جائحة كورونا وما فرضته من حجر صحي، في التأكيد على أن العام الحالي، سيكون أسوأ عام بالنسبة للاقتصاد المغربي منذ أكثر من عشرين عاما، مشددا على عدم جدوى الوصفات التي يفرضها صندوق النقد الدولي، فقد دأب في الأعوام الأخيرة على الدعوة إلى التخفف من القاعدة التي يوصي بها الصندوق، والتي تقضي بحصر عجز الموازنة في حدود 3%، فهو يعتقد أن الإنفاق العمومي يمثل الأداة الوحيدة التي تتيح للدولة مواجهة متطلبات مختلف القطاعات الاجتماعية.
يتصور الحليمي أنه ليس النمو الاقتصادي ما يطرح مشكلا بالنسبة له، بل الآثار التي سيخلفها الانكماش على الاقتصاد العالمي، وكيفية التعاطي معه على صعيد المغرب، مع التفكير في ما بعد الأزمة والتفكير في كيفية الاستفادة من القفزة الاقتصادية التي يمكن أن تحدث، معتبرا أنه يتوجب التركيز على تحديد الوسائل التي تتيح دعم الطلب والاستهلاك واستهداف الفئات الهشة (الفقيرة) ودعم القطاعات المتضررة.
يرى أن أزمة كورونا أطاحت بنموذج النمو الاقتصادي العالمي، معتبرا أنه بعدما دمرت الطبيعة وفاقمت الفوارق الاجتماعية، وجدت العولمة المظفرة نفسها عاجزة عن مواجهة الأزمة، ما يدفع الناس إلى إعادة تشكيل الرابط الاجتماعي كي يستمروا في العيش، مشيرا إلى أنه من أجل ذلك يجب على الدولة أن تلعب دورها الطبيعي.
يرى أن توصيات صندوق النقد الداعية إلى تحرير سعر صرف العملة، والتبادل الحر وخصخصة الخدمات العمومية لم تتغير منذ خمسين عاما، كما لو أن العالم لم يتغير أو لم تتطور تطلعات الشعوب.
عندما يوصي صندوق النقد الدولي بتحرير سعر صرف العملة مثلا، من أجل مواجهة الصدمات الخارجية، يتساءل أحمد الحليمي حول ما إذا معدل الصرف سينقذ الاقتصاد في ظل الأزمة الحالية. هو يعتبر أن صندوق النقد لا تتوفر لديه إجابة على هذا التساؤول. مشيرا إلى أن الأولوية ليست التعاطي مع الصدمات الخارجية، فالمغرب اعتاد على تدبير تقلبات سعر النفط، فما يشغله كثيراً هي الصدمات الداخلية مثل ضعف الصحة والتعليم.
مزيد من التفاصيل
