على مدى مباراتي الذهاب والإياب بين فريقي
ريال مدريد وباريس سان جرمان في ثمن نهائي "رابطة الأبطال الأوروبية"، يمكن القول إن
الفريق الإسباني خطف ورقة الترشّح من نظيره الفرنسي، الذي سيطر على مباراة "حديقة الأمراء" في ظلّ الخطة الدفاعية للنادي "الملكي" في الذهاب، ثم عرَف كيف يُحبط الدخول القوي لزملاء ماركو أسينسيو في الإياب، بل استغلّ الموقف وسجّل هدفاً وضع به قدماً في الدور الربع نهائي.
لكن ربع ساعة كانت كافية كي يقلب كريم بنزيمة الترشّح الهادئ لباريس سان جرمان ويحوّله إلى كابوس، في سيناريو شبيه بمباراة من عام 2018، في الدور نفسه، تقدّم فيها الفريق الفرنسي بهدف سجّله رابيو في الشوط الأوّل، قبل أن يقلب الريال الطاولة في الدقائق الأخيرة حين سجّل كريستيانو رونالدو ومارسيلو هدفين متتاليين فتحا الطريق لعبور الفريق الملكي نحو لقب أوروبي جديد.
تذكّرنا هبّة ريال مدريد أمس، أيضاً، بآخر مباراة خاضتها كتيبة أنشيلوتي. فيوم السبت الماضي وضمن منافسات الدوري، كانت المواجهة ضد ريال سوسييداد أشبه ببروفة لما سيحدث في مباراة سهرة الأربعاء، إذ تقدّم الفريق "الباسكي" منذ الدقائق الأولى بهدف، وبدا أن النادي "الملكي" غير قادر على التعويض.
فجأة، وبداية من الدقيقة الأربعين، انقلب كل شيء رأساً على عقب وكأن الأمر يتعلّق بالتحوّل الذي نشاهده مع الأبطال الخارقين في السينما. بتسديدة قوية، سجّل إدواردو كامافينغا هدف التعادل، وبعد دقيقة أحرز بنزيمة هدفاً ألغاه الحكم إثر العودة إلى تقنية الفار، لكن الهجمات "المدريدية" تواصلت ولم تمض دقيقة حتى سجّل لوكا مودريتش الهدف الثاني لينتهي الشوط الأوّل بفوز الفريق الملكي الذي دعمه بهدفين آخرين في الشوط الثاني. هكذا يبدو ريال مدريد وقد تدرّب على قلب الموازين في بضع دقائق قبل منازلة العيار الثقيل ضد باريس سان جرمان.
يمكن إعادة هذه المقدرة إلى عاملين، يتعلّق أوّلهما بالسن المتقدّمة لنجوم ريال مدريد هذا الموسم، وخصوصاً صانع الألعاب الكرواتي لوكا مودريتش، وهو في الـ37 من عمره، وهدّاف الفريق كريم بنزيمة في الـ34، ومن هذا المُنطلق ربما يكون المدرب الإيطالي أنشيلوتي قد فكّر في تطوير هذه الكفاءة لدى فريقه كي يجعل منها سلاحاً يستثمر فيه طاقة اللاعبين في وقت محدود، إلى جانب عناصر أخرى كقوة الخيارات المتوفّرة لديه على بنك الاحتياط.
أما ثاني العوامل فهو بالتأكيد ما يمكن تسميته بتقاليد ريال مدريد في قلب المباريات إلى صالحه، وهو في ذلك ينتمي إلى نوادٍ نادرة من الفرق التي باتت متخصّصة في مواجهات "الريمونتادا" (ريال مدريد، برشلونة، ليفربول...).
وهذا الأمر لا يتعلّق فقط بشخصية اللاعبين، أو القدرات التكتيكية للمدرّب، بل يستند أيضاً إلى إيمان جمهور ملعب "سانتياغو برنابيو" بأن فريقه قادر على الوصول إلى الانتصار مهما سارت مجريات المباراة ضدّه. وذلك سرّ آخر من أسرار ريال مدريد.
مزيد من التفاصيل
