منتديات المطاريد - عرض مشاركة واحدة - ذرات ملح على جراح لا تندمل .. قصتي مع الثورة
عرض مشاركة واحدة
قديم 16th February 2009, 02:31 PM أسامة الكباريتي غير متواجد حالياً
  رقم المشاركة : 13
أسامة الكباريتي
Field Marshal
 






أسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond repute

أسامة الكباريتي's Flag is: Palestinian

افتراضي

أنا : أسامة الكباريتي





معسكر الهامة

لم يطل بي المقام في مصر بعد ذلك، فقد شاهدت اسمي على لوحة إعلانات الكلية ضمن الناجحين ..
مغفل !!!
صديق لي رحمه الله كان في السنة الثانية بالكلية عندما التحقت بها، وتركته وهو في السنة الثالثة وغادرت مسرعا !! واحد بيستمتع بالمرحلة الجامعية حتى آخر قطرة .. مش بيجري مثلي .. زي اللي لاحقينه بكرباج !!!!!!!

المهم أني توجهت فورا إلى مكتب فتح بشارع عدلي حيث كان أبو الهول في مكتبه هناك وأبلغته بالنتيجة، وذكرته بالوعد، أن يرسلني إلى حيث رفاقي قد سبقوني .. مجموعة من خريجي الجامعات المصرية شكلوا جهازا فريدا من نوعه في معسكر الهامة بالقرب من دمشق (12 كم غربي دمشق على طريق بيروت القديم).
كانت المرة الثانية في حياتي التي أدخل فيها دمشق، من المطار استقليت سيارة أجرة وهمست : الهامة
اجابني: معسكر الهامة رددت بنعم
وصلت المعسكر في المساء، وحسب الوصف جعلته يدخل من المدخل الشرقي القريب من مقر مجموعتي المرتقبة ..
استقبلت بالأحضان، عدد من المتواجدين كانوا إما زملاء في جامعات اخرى أو رفاق نضال في التنظيم .. والباقون كانوا قادمين من محافظات اخرى .. جمعهم مبدأ وشفافية منقطعة النظير ..
رفاقي ممن سبقوني أسسوا قاعدة فرعية في معسكر الهامة استولوا خلالها على مقر أبو علي إياد (ال17) وبعض الغرف الخشبية المتنقلة (بركسات = Portable cabin) .. منذ ان وفدوا على الهامة رفضوا التسجيل في ذاتية الحركة والحصول على مخصصات رسمية .. اكتفوا بمصروف جيب اسبوعي بسيط (25 ليرة سورية) كانت تكفي معظمهم وبخاصة من غير المدخنين، فيما كان المدخنون يحصلون على الفائض لتغطية تكاليف السجائر .

مع وصولي أصرت القيادة على تسجيلنا رسميا .. استصدرنا بطاقات بأسماء وهمية خلاف الاسم الحركي المتداول .. ورفضنا الرتب العسكرية، جميعنا سجلنا برتبة "مناضل" ماعدا عدد من الضباط الذين هم أصلا من خريجي الكليات الحربية وحاصلين على دورات تخصصية، فهؤلاء كان لهم وضعهم الرسمي ..
كان جهازنا (الخدمة الخاصة) يتبع حركيا للجنة المركزية ويمثلها تجاهنا أبو ماهر (محمد غنيم) .. وهذا لم يمنع آخرين من اللجنة المركزية من الاتصال بنا مباشرة كل لغرض معين يريده، فكان من الطبيعي أن يفاجئنا الشهيد كمال عدوان أو الشهيد أبو إياد بزيارة خاطفة، وكنا نحظى برعاية واهتمام خاصين، فقد كنا متفردين في سلوكياتنا وأعمالنا ..
العمل بصمت .. نحيا حياة الخفاش، فنعمل طوال الليل فيما الناس نيام، وننام بعيد شروق الشمس وأداء تمارين الصباح الجماعية على سفح جبل مجاور ..
فالمعسكر كان يعج نهارا بالزوار والمراجعين، ففيه بالإضافة إلى جهازنا كل من الدائرة العسكرية للحركة، وقيادة قوات الكرامة (تشمل معظم قوات العاصفة في سوريا)، فكنا نضع اللثام على وجوهنا إذا ما اضطررنا لمغادرة غرفنا نهارا لأي شأن كان ..

الشتاء في سوريا زمهريرا .. برد لا يطاق .. وكنا نسمر في أعمالنا حول الصوبا (الدفاية التي تعمل بالكيروسين)، أوتدرون أجمل عشاء أو لِنُسِمِّه تدفئة للمعدة، كثيرا ما كان قائد الجهاز يفاجئنا بطبق معدني مملوء بزيت الزيتون وقد أسقط فيه حبات الزيتون التونسي، فيضعه على فوهة المدفأة فيما نقوم بتحميص الخبز بإلصاقه على جسم المدفأة لبضع ثواني .. نغمس الخبز الأبيض السميك (سمكه حوالى بوصة كاملة) في الزيت الساخن، ونلتقط بمهارة حبة زيتون من الطبق ..

لم نكن نشعر بأية رتابة في حياتنا، فالمهام تتجدد وتتعدد لكل مجموعة في الجهاز ..
توليت بالإضافة إلى عملي مسؤولية مالية الجهاز .. حصلنا على سلفة مستديمة 5000 ليرة سورية .. كان علينا استعاضة ما ننفقه شهريا .. المشكلة أننا لم نكن نجد ما ننفقه فلا نذهب للاستعاضة .. الشباب الذين يذهبون إلى لبنان في مهمات عمل تستمر لعدة أيام، كانوا ينامون في السيارة اللاندروفر البوكس توفيرا لأجرة الفندق ولأسباب امنية أيضا.
فاتورة إصلاح إطار (بنشر) بليرتين لبنانيتين، أبلغني النقيب صلاح بأن العامل عرض عليه إصدار فاتورة بثمن إطار داخلي Tube ب15 ليرة، ولما استفسر منه عن سبب العرض المغري أجابه بكل بساطة: كلهم سواقين الحركة هيك بيطلبوها حتى يتسببوا بقرشين !!!
نفس العرض نتلقاه من عامل محطة البنزين!!!
معروف الرصافي (الشاعر العراقي المشهور) له قصة طريفة .. فيما كان يتمشى في سوق السمك أمسك بسمكة وراح يتشممها من ناحية الذيل ..
قالوا له ماذا تفعل يا صاح
أجابهم: أريد أن أرى إذا ما كانت السمكة فاسدة ام سليمة
قيل له: لكن من أراد أن يفحص السمكة يشم الرأس
اجاب ساخرا: نحن نعلم بفساد الرأس، نريد أن نرى إذا ما كان الفساد قد طال الذيل
نسيت أن أقول لكم بأن معسكر الهامة هو أول معسكر في التاريخ لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" لهذا تجدون أن لاسمه وقع خاص لدى السامع الفلسطيني، وبخاصة قدامى أبناء فتح ورجالاتها ..

القطيعة السورية لفتح
مضى على الشباب وقت طويل منذ أن شاهدوا "أبو عمار" لآخر مرة، فمنذ انعقاد المؤتمر العام للحركة في الزبداني فيما أذكر (كان ذلك قبيل تفرغي في الحركة) حيث تولى شباب الجهاز بقيادة "مجيد" تأمين المؤتمر وتوفير الحماية التامة له .. لم يقم أبو عمار بزيارة معسكر الهامة، وكنا كثيرا ما نتعجب من ذلك، فمعسكر الهامة له شأن خاص لدى القائد العام.

عصر ذات يوم، شعرنا بحركة غير طبيعية في المعسكر، أبو عمار في الدائرة العسكرية، انطلقنا جميعا للسلام عليه، تحلقنا من حوله في ساحة الدائرة .. وتجرأ احد الشباب من المعاقين من مخلفات معارك أيلول/سبتمبر في الأردن وتساءل: لماذا لم نعد نراك ياأخ أبو عمار في الهامة؟، لماذا هذه القطيعة؟

اجاب أبو عمار بعدما أوجز لنا الوضع العام للحركة والحالة السياسية العربية والعالمية فيما يتعلق بقضيتنا: إننا نتنفس هنا من رئة معطوبة في سوريا ..

كلام غاية في الصراحة والمباشرة، فمنذ ان تولى حافظ الأسد الحكم بانقلابه العسكري قرر مقاطعة قيادة فتح بالمطلق، وصدر تعميم داخلي سوري بعدم مقابلة أي مسؤول من فتح ..

ذات يوم طلب الأخ الشهيد أبو جهاد (رحمه الله) مقابلة رئيس الأركان السوري بصفة مستعجلة .. ولمل لم يتلقى ردا على طلبه وضع ما جهزه من وثائق ومستندات في مغلف امام الأخ أبو الصلح مدير مكتب القائد العام العام (مكتب 23) -والذي يعرف عنه صلاته الطيبة مع القيادات السورية .. بمعنى أنه رجلهم في مكتب القائد العام – وختم المغلف بالشمع الأحمر ووقع عليه وأودعه في خزنة أبو الصلح آمرا إياه بعدم تسليمه إلا إليه شخصيا أو لأبي عمار ..

ويذهب الرئيس السوري حافظ الأسد في زيارة رسمية إلى الكويت، وضمن مراسم الزيارة كان عليه زيارة مجلس الأمة الكويتي، وإلقاء كلمة أمام الأعضاء ..

انبرى له أعضاء المجلس متسائلين عن سبب قطيعته لقيادات فتح!! بل وطالب الأعضاء بتجميد المساعدات الكويتية لسوريا -دعما لصمودها- حتى تتصالح سوريا مع فتح ..

أنكر حافظ الأسد أية قطيعة مع فتح، إن هي إلا إشاعات مغرضة، وعاد إلى بلاده يتميز غضبا، طلب اللقاء مع أبي عمار في أسرغ وقت، تهرب أبو عمار من المقابلة، وصار يمضي جل وقته في بيروت والجنوب اللبناني، وإذا ما حضر إلى سوريا دخل من الطريق الرسمي عبر "جديدة يابوس" فيبلغه المسؤولين هناك بأن الرفيق الرئيس يريد مقابلتك، ويرد عليهم بأنه ذاهب لهذا الغرض، يقضي غرضه من الزيارة متعجلا ثم يغادر عبر الطريق العسكري (طريق عير منطقة دير العشاير يستخدمه رجال المقامة ولا يمر بأي مركز حدودي سوري أو لبناني) ..
حتى إذا ما بلغ السيل الزبا ذهب أبو عمار وبرفقته أبو جهاد لمقابلة الرفيق الرئيس الأسد بشكل رسمي ..

عاتبه الرئيس الأسد على ما يشعونه عن قطيعة مدعاة لا أساس لها من الصحة، ورد عليه أبو عمار بأن واقع الحال ينم عن قطيعة مطلقة، كيف ذلك؟
منذ المؤتمر العام للحركة لم أتمكن من الحصول على موعد لمقابلة سيادتك أو العماد مصطفى طلاس وزير الدفاع ..
ومنذ ستة أشهر طلب الأخ أبو جهاد وعبر الأطر الرسمية مقابلة عاجلة مع رئيس الأركان وحتى اليوم ينتظر تحديد موعد، طلبه كان ومازال ملحا، فقد اكتشفنا ثغرة خطيرة في دفاعات الجيش السوري يمكن للجيش الصهيوني الوصول عبرها إلى دمشق دون عناء يذكر خلال أقل من نصف ساعة ..

ذهل الرئيس الأسد من المعلومة، وطلب أبو عمار من مدير مكتبه عبر الهاتف أن يحضر المغلف المختوم وعليه تاريخ ختمه والمحفوظ لديه في خزنته الحديدية ..

وفض المغلف امام الرئيس الذي استدعى على عجل وزير دفاعه ورئيس الأركان ..
خرائط عسكرية تبين مواقع الجيش السوري بالقرب من الحدود السورية اللبنانية .. وقد بدت الثغرة المريعة فيها .. وعلى الخرائط وضعت نقاط ملاحظة ورصد لحركة فتح للتبليغ بأية تحركات غير اعتيادية للقوات الصهيونية في المنطقة ..
إننا لم نركن إلى تبرئة ذمتنا بوضع المغلف في الخزنة .. بل تصرفنا بما استطعنا وما زلنا نراقب المنطقة بشكل دائم ..

مساء ذلك اليوم شهدنا ناقلات الدبابات تنقل دبابات -من قواعد سرايا الدفاع التابعة لرفعت الأسد التي تحيط بدمشق حماية لها من الانقلابات العسكرية التي اعتادتها سوريا منذ الأربعينيات- ترافقها أرتال من الجيش السوري متجهة عبر طريق دمشق – بيروت (القديم) للتمركز حيث أشارت الخرائط ..

هل انتهت القطيعة؟ شكليا نعم .. أما عمليا فقد ازداد الحقد البعثي على فتح، واستمرت الضغوط النفسية والمضايقات للمقاتلين والقيادات معا ..

سيارة بلا هوية
سحبت قيادة قوات الكرامة السيارة اللاندروفر التي كنا نقتبسها من القيادة كلما احتجنا إلى خدماتها .. فقد توتر الوضع بين نائب قائد القوات (أبو العز – منذر الدجاني) وبين أعضاء الجهاز الذين كانوا يحيطون بمكتبه ليل نهار .. كان ذلك بسبب سوء فهم تولد لديه نجم عن قرار مركزي بتبعيتنا إداريا لقيادة قوات الكرامة تسهيلا لحصولنا على الخدمات اللوجستية وخلافه، مع تبعيتنا تنظيميا وعملياتيا للجنة المركزية مباشرة ..

عصر ذات يوم توجهت مع مجيد إلى كراج فتح في دمشق، إذا لم تخني الذاكرة فإنني أذكر أنه كان قريبا من باب توما ..
تفقدنا كراج الحركة بحثا عن هدف معين نضمره ..
وجدنا عددا من السيارات ملقاة في حوش الكراج وقد شطبت من سجلات الحركة لعدم صلاحيتها من الناحية الفنية ..

كان قرارنا الذاتي بألا نقتني سيارة جديدة، مع العلم بسهولة حصولنا عليها لأننا لم يكن مسجلا على كادرنا أية سيارة .. مجيد فضل التوفير بإحياء سيارة مشطوبة ..
بالفعل وجدنا ضالتنا .. سيارة فولكسواجن بيتلز 1300 كانت تتبع اللجنة المركزية وتمت إحالتها إلى التقاعد حيث ان محركها قد أصيب بالسكتة القلبية ..
دفعتها مع مجيد – ساعدنا في ذلك بعض العاملين – ووجهناها صوب قسم السمكرة والدهان.. وكنت قد تفاهمت مع احد العاملين في قسم الميكانيك الذي أخبرني بوجود ماكينة احتياط لسيارات اللجنة المركزية لكنها للطراز 1500، لا بأس سوف يزيد ذلك من قوة السيارة .. عندئذ توجهنا إلى مكتب الأخ جمال مسؤول الكراج حيث طلبنا منه إصدار التعليمات بتجهيز السيارة في قسم السمكرة ريثما ينتهي توضيب الماكينة في المخرطة .

أحلام مجيد أوامر .. فالكل يعرف ماضيه العتيد في استخبارات الحركة بعمان .. ويظنون بأنه عائد لممارسة ذات الدور بشكل مختلف ..

خلال أيام قليلة تم إعداد السيارة وإعارتها الماكينة الاحتياطية مؤقتا – المؤقت هو الأكثر دواما في كل مكان - وعدنا بالعروس بثوب العرس الأبيض إلى قاعدتنا بمعسكر الهامة ..
عزيزة كانت تتلألأ .. وتحمل لوحة أرقام تابعة للجنة المركزية مثلنا تماما .. لكنها تسير بإطارات ممسوحة تماما .. ولا تملك أوراق تسجيل .. فقد صدرت لها شهادة وفاة رسمية .. وبالتالي لا يمكننا تزويدها بالوقود من المحطات التي تتعامل معها الحركة .. فكان علينا أن نذهب بها إلى كراج فتح لتسول الوقود لها من محطته الداخلية .. ولاستبدال الإطارات واستصدار أوراق ثبوتية لعزيزة قصة أخرى ..

 

 


 
رد مع اقتباس