قبل ما يقارب الأربعة أشهر، قامت قناة "لنا" السورية، ببرمجة مجموعة من البرامج القصيرة ضمن برنامجها اليومي، لتشكل هذه البرامج فواصل تعرضها بين المسلسلات الدرامية السورية، التي تشكل الكتلة الكبرى من زمن العرض. ومن بين هذه البرامج: برنامج "منقدر"، وهو برنامج قصير، لا تتجاوز مدة الحلقة منه 6 دقائق، من إعداد وتقديم علي بوشناق الذي حظي بشهرته قبل أعوام، بعد أن شارك ببرنامج "آرابز غوت تالنت".?
تقوم فكرة البرنامج على سرد حكاية أحد المشاهير، الذين عانوا كثيراً في حياتهم قبل الوصول إلى القمة، بهدف بث الأمل والتفاؤل في قلوب السوريين، ولتكون العبرة من هذه الحكاية أن حالة الضيق التي يمر بها السوريون، لن يكون بعدها إلا الفرج. إلا أن الأسلوب المباشر الذي يستخدمه بوشناق للتعبير عن الهدف من سرده لهذه الحكايات، يجعلها تفقد الكثير من قيمتها، ولاسيما أنه يصب جميع حكاياته بقالب واحد، ويعقب عليها بأسلوب ساخر وسمج لا ينسجم مع طبيعة القصة، ولا يرتقي لمحاكاتها. ورغم أن حضور بوشناق يبدو ثقيل الظل ومستفزاً بسبب التذاكي الذي يمارسه بكل لحظة من لحظات البرنامج، إلا أن مشكلة البرنامج الكبرى لا تكمن بتلك الحلقات التي يتناول بها بوشناق حكايات المشاهير وقصص نجاحهم، وإنما بالحلقات التي يخرج فيها عن هذا السياق، وسنذكر ثلاثة نماذج لهذه الحلقات:
النموذج الأول هو الحلقة التي أعدها بوشناق بنفسه للاحتفال بعيد ميلاده، واستثمر بوشناق هذه الحلقة ليمتدح متابعيه ومحبيه ويسخر من منتقديه ويسمهم بالغباء والتفاهة، من خلال استعانته بشخصيتين كرتونيتين كنماذج توضيحية، هما: "المحقق كونان" و"سبونج بوب".
والنموذج الثاني هو سلسلة الحلقات التي أعدها بوشناق لدعم المنتخب السوري في مشواره بكأس آسيا، والتي استخدم فيها بوشناق نبرة خطابية مباشرة تعكس فكرا سياسيا طوباويا، يُنهي الحرب السورية بانتصار رياضي.
وأما النموذج الثالث، والذي يعتبر الأسوأ من الناحية الإنسانية، فهو الحلقة الأخيرة التي قدمها بوشناق قبل ثلاثة أيام، والتي تناول فيها أزمة الغاز كموضوع لحلقته، وقام بتتفيه المشكلة التي يعاني منها السوريون بالداخل وسخر منها، وحمّل الشعب السوري المنكوب وزر الأزمة. وبيّن من خلال الحلقة أن الأجدى بالسوريين اليوم، بدلاً من التذمر ومهاجمة السلطات المقصرة بحق الشعب، أن يبحثوا عن حلول بديلة ويشغلوا عقولهم ويخترعوا حلولاً غير نمطية، وأنه يستوجب على السوريين أن يدركوا أن الحاجة هي أم الاختراع، وأن يبتكروا طاقة بديلة من خلال النفايات بدلاً من الاستياء من الحكومة. ويقوم بوشناق في نهاية المطاف بإلقاء سلسلة من الحكم والمواعظ التعليمية، والتي تبدو مسيئة بحق السوريين، عن ضرورة الاستفادة من فضلاتهم بإنتاج طاقة بديلة، وأنه من الممكن أن تنتج جرة غاز شهرياً من فضلات بقرة واحدة! ليبدو بوشناق مستعداً في سبيل تبرئته للحكومة السورية من أخطائها المسؤولة عنها، أن يحول منازل السوريين إلى معامل لإعادة تدوير الفضلات.
وأسوأ ما في الأمر أن بوشناق يتعامل مع برنامجه بوصفه برنامجاً تعليمياً ذا مغزى، ويتوقع أن البرنامج سيجعل منه رائد فكر، وسيسهم من خلاله بتغيير العقلية السورية، وذلك ما يبدو واضحاً من خلال المنشورات التي يقوم بمشاركتها عبر حسابه الرسمي على "فيسبوك"، حيث نشر ذات مرة: "عم تستفيدو من هالبرنامج ولا عم غني بالطاحون لحالي"!.
مزيد من التفاصيل