اتهام المجلس العسكري بسوء النية
وتكفير الناس في الثورة
والتواطؤ مع السعودية وأمريكا
حسنين كروم
2011-11-15
القاهرة - 'القدس العربي' أهم خبر وموضوع في صحف مصر أمس كان الحكم الذي أصدرته المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة بإلغاء حكم المحكمة الإدارية في المنصورة، ببطلان ترشيح ستة من أعضاء الحزب الوطني السابق لانتخابات مجلس الشعب، وصدر حكم الإدارية العليا برئاسة المستشار مجدي العجاتي، نائب رئيس مجلس الدولة وهو نفسه الذي أصدر الحكم بحل الحزب الوطني واتهامه بالفساد والإفساد، وجاء حكم إلغاء حكم العزل السياسي للمرشحين الستة في المنصورة، متضمنا أن العزل السياسي غير دستوري، ويستلزم صدور حكم قضائي نحو الشخص المتهم، وبهذا الحكم تم ايقاف حالة القلق التي انتابت الجميع من أن يؤدي حكم محكمة المنصورة، وعشرات القضايا الأخرى المرفوعة الى تأجيل الانتخابات وإثارة الفوضى.
وبطبيعة الحال وكما قلنا سابقا أكثر من مرة، فانه يستحيل الحديث عن ديمقراطية حقيقية وفي نفس الوقت نقوم بحرمان أناس من ممارسة حقوقهم السياسية دون ان تثبت عليهم تهم جنائية بأحكام قضائية نهائية تمس نزاهتهم أو ذممهم، أو غير ذلك، مما يمنعهم من ممارسة العمل السياسي، ولم يكن كل أعضاء أو قيادات الحزب الوطني فاسدين أو لصوصا.
والظاهر - والله أعلم - أن هذا الحكم شجع أحد الفلول على مواصلة حملته الانتخابية كما علم بذلك زميلنا الرسام في 'الوفد' عمرو عكاشة، وأخبرنا به امس - وكان المرشح يكاد يموت من شدة الفرحة وهو يكتب في يافطة الدعاية، انتخبوا فلول الجنة عبر صندوق الانتخاب، رمز العبّارة.
والمرشح الفل يقصد العبارة السلام 98 وصاحبها رجل الأعمال والقيادي بالحزب الوطني وعضو مجلس الشورى الهارب في لندن ممدوح إسماعيل، وغرق ألف وثلاثمائة مصري في البحر الأحمر، كما استمرت الاحوال الجوية في السوء، ودعايات المرشحين ومحاولات لايجاد حل وسط بين المؤيدين للوثيقة التي قدمها نائب رئيس الوزراء علي السلمي، والمعارضين لها والذين هددوا بمليونية يوم الجمعة القادم، بأن تكون استرشادية وحذف المواد المثيرة للمعارضة، كما واصل أهالي دمياط التظاهر للمطالبة بالإغلاق النهائي لمصنع موبكو للكيماويات.
وإلى بعض مما عندنا:
تواضع التفكير السياسي
لجنرالات المجلس العسكري
ونبدأ بالمعارك الدائرة بسبب المجلس العسكري، هجوماً عليه أو دفاعاً عنه، ومن المهاجمين كان زميلنا وصديقنا عبد الحليم قنديل رئيس تحرير 'صوت الأمة' - الأسبوعية المستقلة - الذي قال بهدوء وابتسامة خبيثة، تتناقض تماما مع عنف كلامه، وهو: 'ما يفسر تواضع التفكير السياسي لجنرالات المجلس العسكري الحاكم الآن، وتواضع مقدرتهم على الإلمام بأصول إدارة دولة بحجم مصر، وسهولة التغرير بهم من جانب أحزاب وجماعات أو بنصائح إسكافية وترزية القوانين، هذا بالطبع فضلا عن التواء القصد وسوء النية، والرغبة الظاهرة في تكفير الناس بالثورة وسيرتها، نتحدث هنا، بالطبع، عن سياسة المجلس العسكري، وليس عن دوره كقيادة عسكرية للجيش المصري العظيم، وهو ما لا نعلق عليه ولا نتدخل فيه، وليس من دورنا تقييمه، فالأمر متروك لأهله، وما يهمنا هو سياسة المجلس العسكري، والتي كنا نود أن نحسن الظن بها، لكن ما ثبت إلى الآن شيء آخر مختلف، فبعض جنرالات المجلس العسكري متعاطفون حقاً مع الثورة، لكن سياسة المجلس العسكري، في جملتها معادية للثورة بالجملة، وأدخلت البلد في النفق المظلم، وبأسوا مما كان يفعله حسني مبارك نفسه، وبمزيج من الغفلة والتواطؤ مع الرغبات الأساسية للأمريكيين والسعوديين بالذات.
الانتخابات البرلمانية، إن جرت، لا تقودنا إلى منفعة للثورة، ولا للبلد، فهي انتخابات تكفين الثورة، وبرلمانها ليس للثورة، بل عليها، وسيكون في جملته برلمانا للثورة المضادة، برلمانا لليمين الإسلامي والليبرالي، وعينا حارسة لمصالح مليارديرات المال الحرام، وأسوأ من برلمان أحمد عز، والأسباب ظاهرة جدا، فقد مضت سياسة المجلس العسكري في الطريق الخطأ، وعن عمد، وضعت العربة أمام الحصان، وقلنا لهم، حين كنا نحسن الظن، إن 'الدستور أولا يا جنرالات' وان انتخاب جمعية تأسيسية أو مجلس تأسيسي هو الخطوة الأولى، وتلك بديهية معروفة في سيناريو مراحل الانتقال، وداس الجنرالات على البديهيات، وساندتهم ذقون ثقيلة، جعلت من سياسة المجلس العسكري أقصر طريق لدخول الجنة '!'.
وادخلوا البلد الى الجحيم، وأهدروا تسعة شهور كاملة في كلام فارغ، والتعاون مع جماعة مبارك باعتبارها الجناح السياسي للمجلس العسكري، وإضافة المؤلفة قلوبهم من أحزاب وجماعات اليمين الإسلامي والليبرالي، وهكذا تكاملت المصالح، وفضل الكل غض الطرف عن حكاية الفلول التي صارت أصولا، بعدها كانت التواطؤات تمشي سراعا، وبتصميم أسوأ نظام انتخابي عرفته تجارب الدنيا الديمقراطية كلها، فلا هم أخذوا بالنظام الفردي المفهوم للمصريين بحكم العادة، ولا هم أخذوا بالنظام النسبي، هل هناك حل؟ نعم، وخلاصته ثورة سلمية ثانية تحطم هيمنة المجلس العسكري وأحزابه وجماعاته، وفي ذلك فليتنافس المخلصون لقضية الثورة المغدورة'.
وخطأ قنديل هنا، هو في اعتقاده أن لدينا مؤلفة قلوبهم، صحيح ان القرآن ذكر ان لهم نصيباً من الغنائم، لكن سيدنا عمر بن الخطاب - الخليفة الثاني - رضي الله عنه وأرضاه، الغى العمل بالنص، ولا أظن ان المجلس العسكري سيعيده.
عقيدة جيشنا الوطني
قائمة على حماية الشعب لا قمعه
ومن الذين غضبوا في نفس اليوم - الأحد - من المجلس العسكري كان زميلنا وصديقنا ووكيل نقابة الصحافيين جمال فهمي وقوله في 'التحرير': 'معالي المجلس المذكور 'مع كامل التقدير لاحترام عقيدة جيشنا الوطني القائمة على حماية الشعب لا قمعه بدا غير مقتنع وغير قادر على ابتلاع حقيقة أن ثورة شعبية عارمة قامت في البلاد، وأنها كأي ثورة في الدنيا، لها احتياجات ومتطلبات عاجلة وضرورية، أهمها تطهير الحاضر من 'زبالة' الماضي حتى يمكن الشروع في بناء صرح المستقبل على نظافة.
والحال أن المجلس العسكري لم يفعل شيئاً من ضرورات التطهير هذه إلا بالعافية وفي أضيق نطاق، وبعد إهدار وقت ثمين في مراوغات ممضة وتلكؤات مضنية ومن ثم بقيت قائمة طويلة من مخلفات النظام المدحور، قائمة راسية على قلوبنا ومعششة في أغلب مفاصل الدولة الحساسة، فلما اتت الانتخابات 'دعك من كيف أتت' رأينا كيف أن أغلب معطيات الواقع التي تسمح بتشويه وتزوير إرادة الناخبين من المنبع ما زالت كما هي، ولم يمسسها تغيير يذكر، بل إن بعض التغيير كان للأسوأ 'كالتغاضي مثلا عن حكم القانون والسماح بتأسيس أحزاب تتسربل علنا بعباءة الدين'، وفي المقابل عاند أخونا العسكري عنادا شديدا وامتنع بإباء وشمم عن تطبيق قواعد 'العدالة الانتقالية' التي صارت مفهوما قانونيا إنسانيا مستقرا ومعترفا به في الدنيا كلها، ومن هذه القواعد فرض نوع من العزل السياسي المؤقت على رموز وأركان النظام الساقط كإجراء احترازي يحول بينهم وبين استغلال بقايا نفوذهم الهائل وثرواتهم الطائلة التي راكموها باللصوصية والفساد في إعادة إنتاج الحالة المزرية نفسها التي ثار الشعب وضحى بأرواح المئات من أجمل شبابه، لكي ينهيها مرة واحدة وإلى الأبد'.
ليس ثمة خطر عسكري يواجه
مصر وبالتالي لا حاجة لحكم العسكر
كما تعرض المجلس في ذات اليوم - الأحد - إلى هجوم ثالث في 'المصري اليوم' من الدكتور محمود خليل الاستاذ بكلية إعلام القاهرة قال فيه: 'لم تقم الثورة لأن الإسلام في مصر كان في حاجة الى نصرة، أو لأن هناك من يضاده أو يريد النيل منه، كذلك لم تقم ثورة المصريين بسبب وجود تهديد عسكري يفرض علينا الارتماء في أحضان أصحاب نظرية 'السلام' من القيادات التي نسيت معنى 'الحرب' واستطابت الترف داخل الفيلات والقصور، فقد شهدت الأعوام الثلاثون من حكم المخلوع انكفاء مصرياً كاملاًً أمام إسرائيل، وسارعت السلطة الى تحويل أحلام تل أبيب إلى أوامر.
وبالتالي فليس ثمة خطر عسكري يواجه مصر يدعو شعبها إلى الرضاء بفكرة الحاكم 'العسكري'، ودعونا نقلها بصراحة: إن ثورة 25 يناير في جوهرها هي ثورة ضد فكرة الحكم العسكري الذي كرسته حركة يوليو 1952 ،إذن لم تقم الثورة رافعة شعار الدولة الإسلامية أو شعار الدولة العسكرية، بل إن المواطن يكاد يضج وهو يرى أن أمر السلطة في مصر قد انتهى إلى حالة من التصارع ما بين الطرفين الديني والعسكري، ومن عجب أن أياً من الطرفين لم يسهم بقليل أو بكثير في تفجير الثورة'.
الرئيس القادم جزء من تكوين المؤسسة العسكرية
لا، لا، هذا كلام، سواء من قنديل أو جمال أو خليل لم يعجب صاحبنا الوفدي المهندس إبراهيم تاج الدين، كما لم تعجبه الهجمات التي تعرض لها المجلس العسكري بسبب وثيقة نائب رئيس الوزراء الدكتور علي السلمي بشأن ضرورة الاتفاق على ضوابط على عمل لجنة المائة التي سيتم انتخابها من أعضاء مجلسي الشعب والشورى، لوضع الدستور، والدعوة من جانب الإخوان والسلفيين وغيرهم لمليونية يوم الجمعة القادم ضد الوثيقة، وتوعد المجلس العسكري فقال إبراهيم يوم الأحد في 'الوفد': 'نعلم جميعاً أن رئيس جمهورية مصر بحكم الدستور هو القائد الأعلى للجيش، فالرئيس القادم هو جزء من تكوين المؤسسة العسكرية وفي الوقت نفسه هو رئيس الدولة، وهذا عبء ثقيل، فالشعب بعد 25 يناير يرفض تكوين مؤسسة رئاسية مرة أخرى تحتوي الرئيس والجيش معاً، لذلك فلن تكون هناك مؤسسة رئاسة ولكن كيان يحدده الدستور القادم الذي ينص من خلاله على حدود ومهام وصلاحيات تحدد العلاقة بين رئيس الدولة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة وآلية هذا التعامل حتى يحدث توازن بينهما ولا يطغى الرئيس القادم لمصر ويتلاعب بمقدرات المؤسسة العسكرية على مزاجه وهواه أو يزج بالجيش وأبنائه في حروب لا داعي لها، والتاريخ منذ 1952 ماراً بحربي 56، 67 وحرب اليمن فيه الكفاية، وفي المقابل الشعب والرئيس لا يريدان أن تتحكم فيه العسكر مما يؤدي للحكم العسكري، هذا هو الضمان الذي نطلبه، المجلس العسكري اليوم وهو في موقع الحاكم الشرعي بعد 25 يناير لأنه بعد الانتقال الشكلي الكامل للجمهورية المصرية الثانية سوف يتخلى عن تلك الصفة ويصبح المجلس الأعلى للقوات المسلحة فقط وتنتقل الشرعية للرئيس والحكومة لينظمها الدستور القادم. إن التوازن بين المجلس العسكري، كبار ضباط وقيادات الجيش فيما بعد وبين رئيس الدولة القادم أمر في غاية الأهمية ومن لا يدرك متطلبات هذا الأمر، لن يقبله، فهل بعد أشهر قليلة من مساعدة الجيش وموقف مشرف دخل به تاريخ مصر الحديث.
يجوز أن يعلن مرشحان محتملان للرئاسة: 'سحب الثقة من المجلس العسكري صاحب شرعية الحكم في البلاد'؟!
وإن لم يكن الخروج في '18 نوفمبر الحالي بمليونية' خروجاًَ على الشرعية؟! فماذا يمكن تسميته؟! ولي الأمر فينا اليوم بعد 25 يناير، هو صاحب الشرعية التي منحها له الشعب بعد ثورته، هو المجلس العسكري الحاكم'.
تسعة شهور على الثورة والوضع على حاله
لكن كلام إبراهيم بدوره لم يعجب صديقنا الإعلامي الكبير حمدي قنديل فقال عنه في اليوم التالي - الاثنين - في 'المصري اليوم': 'أمر غريب حقاً أن تهب الثورة في يناير من هذا العام، وأن تمضي شهور تسعة على قيامها بينما نحن في الوضع نفسه، الطريق هو الطريق، والسند هو السند، القضاء هو الذي اصدر حكمه بحل الحزب الوطني وتصفية أمواله ورد ممتلكاته للدولة، وهو الذي أصدر حكمه بحل المجالس المحلية، وهو الذي أصدر حكمه بتمكين المصريين المقيمين في الخارج من التصويت، وهو الذي أصدر الحكم الأخير يوم الخميس الماضي بمنع الفلول من الترشح في انتخابات البرلمان، صحيح أن الحكومة لم تطعن في الأحكام، أي أن المجلس العسكري لم يأمر الحكـــومة بالطعن في الأحكام، أي أن المجلس العسكري لم يأمر الحكومة بالطعن ولكنه أيضاً لم يبادر باتخاذ القرار ويعفينا من ضياع الوقت والجهد، امتناع المجلس عن اتخاذ المبادرة لتحقيق مطالب الثورة أمر يثير الدهشة، موقف المجلس الباهت المائع الغامض بين الثوار وبين نظام مبارك أصبح في حاجة إلى إيضاح وحسم، أظن أن الأوان قد آن لصياغة علاقة قائمة على أسس جديدة بين المجلس العسكري والثورة، تلبية مطالب الشعب هي الشرعية الوحيدة للحكام'.
أمين يتهم طنطاوي بالوقوف وراء
حملة ترشيحه للرئاسة والتشبه بمبارك
وأما زميلنا وصديقنا بـ'الوفد' محمد أمين، فكان الأشد عنفاً في الهجوم المباشر على المشير طنطاوي، وقوله عنه أمس - الثلاثاء - في 'المصري اليوم': 'لا يمكن أن تكون حملة المشير رئيساً بعيدة عن المشير نفسه، ولا يمكن أن تكون دون علمه، وبالتالي نحن أمام حاجة من اتنين: إما أنها حملة بعلم المشير، وإما أنها حملة بعلم المشير، لا شيء آخر، وهنا نصبح أمام سؤالين الأول: هل المشير يدفع في سكة تولي رئاسة الجمهورية'، والثاني: هل ما قاله المشير عن عدم ترشحه للرئاسة كان مجرد كلام ابن عمر حديث؟!
ومن المؤكد أن هناك أسئلة أخرى أكثر خطورة، منها: هل المشير لا يعلم بما يجرى؟ وهل هناك نية للانقلاب على الثورة؟ وهل هناك اتجاه لعسكرة الحكم من جديد؟.
الآن، لا عمرو موسى، ولا البرادعي، ولا العوا، ولا غير هؤلاء، يستطيع أن يلعب، لا مجال للعب ولا للترشح للرئاسة، إذا نزل المشير طنطاوي الملعب من جهة لأن اللعبة محسومة ولأن المعركة غير متكافئة، ومن جهة أخرى لأن المشير يلعب ومعه السلطة والسيف والذهب، ولهذا شعرنا بالقلق يوم نزل المشير وسط البلد ببدلة مدنية، وقلنا دولة مدنية حقيقية لا بدلة مدنية!
وأظن أن الذين يديرون حملة 'المشير رئيساً' لا يستوعبون حجم الغضب فيما لو ترشح المشير، ليس لأن هناك خلافاً على شخص المشير بقدر ما هو خلاف على المبدأ، وهو فكرة عسكرة نظام الحكم، وأكاد أفهم الآن لماذا قال كثير من المقربين إن المرشح الحقيقي للرئاسة لم يظهر بعد؟
وأكاد أتصور أنها كانت بالونات اختبار، ليس هدفها التشكيك في المرشحين المحتملين، وإنما القطع بأن هناك مرشحاً يختبىء في الذرة، كل ما فعله أن يصمت قليلاً، ويتفرج ويسخر قائلاً للمرشحين: 'خليهم يتسلوا'!، المقولة الشهيرة والمدرسة الشهيرة، وهي مدرسة مبارك!'.
معركة وثيقة الدستور
وعدم انتخاب اغلب اعضائها
وإلى معركة أخرى ليست بعيدة عن المجلس العسكري خاصة بالوثيقة التي قدمها نائب رئيس الوزراء الدكتور علي السلمي، للاتفاق على طريقة تشكيل لجنة المائة التي ستضع الدستور بعد الانتهاء من انتخابات مجلسي الشعب والشورى، فبدلا مما جاء في الإعلان الدستوري الذي أعلنه المجلس العسكري بأن يقوم أعضاء المجلسين بانتخابهم، فان الوثيقة طالبت بانتخابات عشرين فقط، والثمانون يتم اختيارهم من هيئات ونقابات تمثل المجتمع، وكذلك وضع الجيش، مما تسبب في معارك طاحنة ما بين مؤيد ومعارض.
وكان الإجماع الوحيد حول رفض المواد التي تعطي للجيش وضعاً متميزا بعيدا عن رقابة البرلمان، وقاد الإخوان المسلمون وأحزاب أخرى المعارضة والتهديد بمليونية جديدة يوم الجمعة القادم إذا لم يتم سحب الوثيقة، التي قال عنها يوم الاثنين زميلنا محمد مصطفى أحد مديري تحرير 'الحرية والعدالة'، وهي الناطق باسم حزب الإخوان الحرية والعدالة: 'لم يعط الشعب أحدا 'شيكاً على بياض'، لا المجلس العسكري، ولا الليبراليين ولا القوميين ولا السلفيين ولا الصوفيين ولا الإخوان ولا 'الجن الأزرق!'.
قال الشعب، وإذا قال الشعب فليصمت أي حزب أو تيار أو شخص: إنه اختار إجراء انتخابات برلمانية ثم اختيار لجنة تأسيسية لصياغة دستور جديد للبلاد وإجراء انتخابات الرئاسة.
من يجد في نفسه الشجاعة ليخرج على الملأ ليقول: إنه لا يعبأ برأي الشعب ولا يثق في حسن اختياره، ولا يطمئن لسلامة قواه العقلية والتصويتية، فليخرج ليقل هذا الكلام بوضوح، حتى نحترمه - لأنه واضح - ونناقشه لأنه يستحق المقارعة السياسية، أما أسلوب تسريب الوثائق، وجس النبض، والميوعة السياسية فلا تستحق عناء الرد'.
يتبع.........................