أرقام عن الإنتاج الصناعي والقومي ... من خطاب عبد الناصر ٩/٧/١٩٦٠

[د. يحي الشاعر]

الصحف المصرية والعربية

أرقام عن الإنتاج الصناعي والقومي
...
خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى افتتاح المؤتمر العام للاتحاد القومى
٩/٧/١٩٦٠

من خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى افتتاح المؤتمر العام للاتحاد القومى ٩/٧/١٩٦٠

أين الأرقام والإحصاءات المصرية ... وماذا حدث لهذه الصناعات القومية المصرية .....؟؟؟؟



د. يحي الشاعر

اقتباس وصلنا - أيها الإخوة - إلى نهاية عام ١٩٥٩ وقد زادت قيمة إنتاجنا الصناعى فى الإقليم المصرى إلى ٥٠٥ مليوناً من الجنيهات فى السنة بعد أن كانت ٢٣٩ مليوناً من الجنيهات سنة ١٩٥٢. ولقد سجل إنتاجنا الصناعى زيادة باهرة فى نواحى مختلفة؛ لقد زاد إنتاجنا من سنة ٥٢ إلى سنة ٥٩، زاد إنتاجنا من غزل القطن بنسبة ٧١%، وزاد عدد مغازلنا بنسبة ٣٤٠%، وزاد إنتاجنا من السماد الآزوتى ١٣٥%، وزاد إنتاجنا من الأسمنت ٥٦%، وزاد إنتاجنا من السكر ٧٠%، وزاد إنتاجنا من الورق ١٤١%، وزاد إنتاجنا من البترول ٤٨%، وزاد إنتاجنا من غزل الصوف ٢٣٥%، وزاد إنتاجنا من نسيج الصوف ١٨٠%، وزاد إنتاجنا من غزل الحرير الصناعى ٢٠٠%، وزاد إنتاجنا من نسيج الحرير الصناعى ٩١%، وزاد إنتاجنا من غزل الجوت ٢٢٣%، وزاد إنتاجنا من صناعة الزجاج والبلور ٢٦٣%، وزاد إنتاجنا من البطاريات السائلة ٣٧٢%، وزاد إنتاجنا من المصابيح الكهربائية ٢٠٠%، وزاد إنتاجنا من خامات الألوان ٣٨٠%. كذلك - أيها الإخوة - استحدثت على إنتاجنا الوطنى أنواعاً من المصنوعات كنا نستوردها من قبل ولا نصنعها فى بلادنا، وفى خلال العام الماضى وحده أنتجنا فى بلادنا من هذه الأصناف التى لم يكن لنا سابق عهد بإنتاجها ١٦ ألف و٢٧ طن من ألواح الصاج المسحوب ، ٢٨.٢٧٣ طن من قضبان السكك الحديد ، ٤٥٠ عربة من عربات السكة الحديد ، ١٧٠٠ طن من الأدوية ، ٥٠٠٠ طن من المبيدات الحشرية ، ٢٩٥ ألف إطار من إطارات كاوتشكوك السيارات ، ٥٢.٩٤٣ وحدة من تيل الفرامل ، مليون من أقلام الرصاص ، ٢١.٢٢٧ من أجهزة البوتاجاز ، ٥٢.٩١٣ من اسطوانات البوتاجاز ، ٤٠٠٠ ثلاجة كهربائية ، ٤٠٠٠٠ عداد كهربائى ، ٢٠٠٠ جهاز لتكييف الهواء ، ٣٠ ألف جهاز راديو. كذلك - أيها الإخوة - خرجت إلى السوق فعلاً خلال الشهور التى مضت أنواع أخرى من منتجاتنا؛ خرجت سيارة نقل الركاب العربية ، وخرجت سيارة نقل البضائع العربية، بل إنه ليسعدنى - أيها الإخوة المواطنون - أن أعلن الآن أن أول طائرة نفاثة صنعت فى الإقليم المصرى قد طارت بالفعل فى الجو العربى منذ عشرة أيام لأول مرة، وأن هذه الطائرة قد أثبتت صلاحيتها الممتازة للتدريب على الطيران النفاث، وأن إنتاجنا منها يكفى حاجتنا، ويكفى حاجة أى بلد عربى يريد تجربتها واستعمالها.

خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى افتتاح المؤتمر العام للاتحاد القومى

الأجزاءالمدة ث : ق : سرقم الجزءاستمع لهذا الجزء ٥٩ : ٥٨ : ٠٠جزء ١استمع لهذا الجزء ٢٧ : ٤٤ : ٠٠جزء ٢


د. يحي الشاعر

 

[د. يحي الشاعر]

خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى افتتاح المؤتمر العام للاتحاد القومى

٩/٧/١٩٦٠

خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى افتتاح المؤتمر العام للاتحاد القومى

الأجزاءالمدة ث : ق : سرقم الجزءاستمع لهذا الجزء ٥٩ : ٥٨ : ٠٠جزء ١استمع لهذا الجزء ٢٧ : ٤٤ : ٠٠جزء ٢

اقتباس خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى افتتاح المؤتمر العام للاتحاد القومى ٩/٧/١٩٦٠ أيها المواطنون أعضاء المؤتمر العام للاتحاد القومى للجمهورية العربية المتحدة: فى أروع اللحظات من عمر أمتكم تعيشون الآن، وعلى نقطة الحسم والفصل من قدرها تقفون هذا الموقف، وعلى آثار خطاكم من هنا سوف يتحدد المستقبل، ويتقرر مصير وطنكم العربى سواء فى قوته الذاتية، أو فى مكانته بين أوطان غيركم من الشعوب. لقد دخلت معكم إلى هنا، إلى هذه القاعة التى تجلسون فيها الآن، تيارات تاريخية كبرى، بل إن هذه التيارات هى التى دفعت بكم إلى هذا المكان، سواء منكم هؤلاء الذين وصلوا إلى هنا باعتبارهم ممثلين للقاعدة الشعبية، أو الذين وصلوا إليه باعتبارهم ممثلين لاتجاهات الفكر البارزة فى البلاد. لقد دخلت معكم - بل دخلت بكم إلى هنا - ثلاث ثورات مجيدة عاشتها الأمة العربية، عاشتها وعاشت لها، كافحت فيها وكافحت من أجلها، ناضلت وصمدت، قاست وصبرت، شدها العذاب فى بعض الأحيان، ودفعها الأمل فى كل الأحيان، حتى قطعت الطريق الطويل إلى هنا، حيث تلتقى الثورات الثلاث لكى تتفاعل معاً وتنسجم، ولكى تكون نقطة لقائها لحظة البعث الجديد لأمتنا، ولتخرج من بين آثار التاريخ وذكرياته حياة جديدة خصبة وخلاقة. أيها المواطنون: لقد دخلت معكم - بل دخلت بكم إلى هنا - ثلاث ثورات مجيدة؛ ثورة وطنية فى كل قطر عربى، تحفزه إلى مجابهة الاستعمار وإلى قتاله، حتى تسقط أعلامه الدخيلة ولا تعود ظلالها القاتمة تفرض الظلام على أرضه. ثورة عربية فى كل قطر عربى تحفزه إلى تخطى الأسوار، وإلى كسر الحواجز؛ سواء منها الأسوار والحواجز المادية التى تتمثل فى الحدود التى اصطنعها الدخيل الغاصب، أو الأسوار والحواجز المعنوية التى تتمثل فى الشكوك التى زرع بذورها نفس الدخيل الغاصب. ثورة اجتماعية فى كل قطر عربى تحفزه إلى طلب الحياة لكل فرد من أفراده تحقيقاً للعدل، إيماناً بأن العدل الاجتماعى هو الركيزة الوحيدة التى يمكن أن يستقر عليها الكيان الوطنى لأى شعب من الشعوب. هذه - أيها الإخوة المواطنون - هى الثورات الثلاث التى دخلت معكم.. دخلت بكم إلى هنا. وهذا هو المعنى الحقيقى لهذه اللحظات التى تعيشونها الآن، وتلك هى القيمة الغالية لنقطة الحسم والفصل التى تقفونها، ومن هنا بالتالى خطورة المسئولية التى تتلقاها أيديكم، هذه الأيدى التى يتعين عليها أن تشكل ملامح المستقبل فى الجمهورية العربية المتحدة.. وطننا؛ الذى هو فى نفس الوقت طليعة النضال العربى الحر، وقاعدته وقلعته؛ من المحيط إلى الخليج. ذلك أنه عليكم - بوصفكم السلطة العليا فى هذه الجمهورية العربية المتحدة - أن تحولوا الطاقات الروحية الهائلة لهذه الثورات الثلاث المجيدة إلى واقع حى، يصون لها جميعاً أهدافها، ويكرم إلى الأبد أبطالها حين يضمن أن التضحيات التى بذلها هؤلاء الأبطال بقيت لأمتهم آثارها، ثم ليكون هذا الواقع الحى شعاعاً هادياً لنضال غيرنا من الشعوب العربية التى تحاول الآن بكل قواها لكى تدفع الظلام النازل عليها حتى تجد لنفسها مكاناً تحت الشمس. ..... ..... ...

 

 

[د. يحي الشاعر]

خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى افتتاح المؤتمر العام للاتحاد القومى

٩/٧/١٩٦٠

خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى افتتاح المؤتمر العام للاتحاد القومى

الأجزاءالمدة ث : ق : سرقم الجزءاستمع لهذا الجزء ٥٩ : ٥٨ : ٠٠جزء ١استمع لهذا الجزء ٢٧ : ٤٤ : ٠٠جزء ٢

اقتباس ..... .... ... أيها المواطنون: على أننا لا نحتاج إلى المعجزات لكى نقدر على الوفاء بما هو واجب علينا تجاه مسئولية التاريخ أو تجاه مسئولية المستقبل، إنما الشىء الوحيد الذى نحتاجه هو العمل.. عمل يقوده الوعى المستنير، وتدفعه الإرادة المصممة. وإذا كنا نشفق على أنفسنا من مواجهة تبعات هذا العمل الضخم الذى فرضته علينا مسئولية ثلاث ثورات فى وقت واحد معاً، فإن علينا أن نذكر أن أمتنا عاشت هذه الثورات معاً فى ظروف أبلغ صعوبة وأشد خطراً. لقد كانت أمتنا خلال ثورتها الوطنية تحارب معارك ثورتها العربية، وتخوض فى نفس الوقت غمار ثورتها الاجتماعية. كانت حربنا من أجل الاستقلال تدور على نفس الجبهة مع حربنا من أجل الوحدة ومع حربنا طلباً للعدالة الاجتماعية. وكانت جماهيرنا تدرك بوعيها الأصيل وفطرتها السليمة أن هذه الثورات الثلاثة لا انفصال بينها، وكان مما يعزز هذا الإدراك أن الذين كنا نحارب معارك ثوراتنا الثلاثة ضدهم، جمعهم معاً ترابط مصالحهم وتشابك مطامعهم. هكذا حاولوا جبهة واحدة أن يتصدوا لزحفنا. وهكذا حاولت ثوراتنا الثلاث صفاً واحداً أن تقتحم لتنتصر. ولقد أكدت تجارب كفاحنا هذه الحقيقة. فلقد كانت كل هزيمة للاستعمار فى الثورة الوطنية من أجل الاستقلال هى انتصار للثورة العربية طلباً للوحدة، وهى انتصار للثورة الاجتماعية تحقيقاً للعدل. وكانت كل هزيمة لدعاة الفرقة بناة الحواجز المصطنعة، هى انتصار للثورة الوطنية من أجل الاستقلال، وهى انتصار للثورة الاجتماعية تحقيقاً للعدل. وكانت كل هزيمة للإقطاع وللاستغلال ولسيطرة رأس المال هى انتصار للثورة الوطنية والثورة العربية. ولقد كان نجاح الشعب السورى فى انتزاع استقلاله من فرنسا - وسط الظروف المخيفة للحرب العالمية الثانية - مثالاً رائعاً لقدرة الشعوب المؤمنة على تحقيق أهدافها فى أشد الظروف قسوة وأكثر الطرق وعورة ووحشة. ولقد كان هذا النجاح الرائع مقدمة لما بعدها خارج حدود سوريا، فلم تكد الحرب العالمية الثانية تضع أوزارها حتى كانت الموجة العارمة الهادرة من أجل الاستقلال تغمر العالم العربى كله وتدفع قوى الاحتلال إلى البحر. كذلك لم يكد الشعب السورى ينتزع استقلاله حتى بدأت مقاومته العنيدة ضد الإقطاع، إلى أن حقق هذا الشعب العظيم أحد آمال كفاحه الكبرى بصدور قانون الإصلاح الزراعى وتطبيقه فى سوريا بعد الوحدة؛ إرساء لقواعد العدالة الاجتماعية. وكذلك كان نجاح الطلائع الأولى للثورة الاجتماعية فى مصر، بصدور قانون الإصلاح الزراعى الذى حطم الإقطاع الذى كانت الأسرة المالكة تمثل قمته، هو المقدمة المنطقية للانتصار فى الثورة الوطنية التى استطاعت إخراج جيش الاحتلال البريطانى من قاعدة قناة السويس. وإذا كان كسر السلاح - لإقامة الجيش الوطنى القوى - مشهداً من مشاهد المعركة الوطنية فى مصر ضد تحكم الاستعمار، فلقد كان فى نفس الوقت مشهداً رائعاً من مشاهد الهزيمة الساحقة التى لقيها حلف بغداد فى محاولته لتطويق البلاد العربية، كذلك كان فى نفس الوقت حماية لابد منها للثورة الاجتماعية حتى لا تسقط ثمراتها ونتائجها كغنائم الحرب فى يد إسرائيل التى جعلها الاستعمار ترسانة للسلاح وسط بلادنا العزلاء. ولقد كان التفكير فى بناء السد العالى جزءاً من العمل الثورى فى معركتنا من أجل العدل الاجتماعى، ولكن تصدى الاستعمار لهذا العمل حول النضال من أجله إلى المجال الوطنى؛ فلقد تخلت أيدينا عن أحجار البناء لتمسك بالقنابل، ونزل شبابنا من الجرارات ليقودوا الدبابات، وتركنا عملية تمهيد الأرض التى كنا نريد أن نعدها انتظاراً لمياه السد لكى ننطلق إلى جبهة القتال نحفر الخنادق انتظاراً للعدو. وكان أكبر عون لنا أن الثورة العربية أكدت أصالتها، فإذا معركتنا الوطنية تتحول إلى حرب عربية شاملة، ولم تعد قوانا وحدها هى التى تواجه الغزو، بل أصبحت كل قوى الأمة العربية تخوض معنا المعركة، وأصبحت البلاد العربية كلها على كل شبر من امتداد أرضها ميداناً للقتال. وعلى هذا الأساس فإن تأميم قنال السويس الذى كان من ناحية التوقيت طلقة فى معركة الكرامة الوطنية، كان من ناحية الهدف طلقة فى معركة العدل الاجتماعى حين رصد دخل القناة للبناء والتصنيع والتطوير، كذلك كان من ناحية المعنى طلقة فى معركة الوحدة حين أثبت للأمة العربية أن شعوبها إذا ما استجمعت إرادتها، وإذا ما استوحت ضميرها، قادرة على أن تتحدى جبروت الاستعمار، قادرة على أن تعيد كتابة تاريخها، قادرة على أن تعيد رسم خريطة أرضها. كذلك كان نجاح الشعب السورى الرائع فى الحفاظ على استقلاله فى مواجهة المؤامرات والمناورات من حلف بغداد سبباً فى احتفاظ هذا الشعب المجيد بإرادته الحرة التى استطاع بها أن يفرض التجربة الأولى للوحدة العربية وذلك بإقامة الجمهورية العربية المتحدة. وكانت تلك بدورها هى المقدمة المنطقية لثورة شعب العراق وجيش العراق فى ١٤ يوليو، هذه الثورة التى انتهى بها حلف بغداد الاستعمارى، وانتهى بها فى نفس الوقت بعض الذين انحرفوا بكفاح الأمة العربية وهبطوا به من الذروة التى رفعته إليها تضحيات الشباب العربى المؤمن، وحولوه إلى تسول للعروش واستجداء للتيجان منة من المستعمر ومنحة وأجراً. هكذا ترون كيف امتزجت معارك ثورتنا داخل كل جزء من الوطن العربى، وهكذا ترون كيف امتزجت على اتساع الكل من أرجاء الوطن العربى. هكذا يثبت لنا أيها الإخوة: - أن أمتنا العربية التى عاشت ثوراتها الثلاث معاً قادرة على أن تواجه مسئوليات هذه الثورات الثلاثة فى نفس الوقت. - أن الجمهورية العربية المتحدة بوضعها الطليعى تتحمل اليوم مسئولية كبرى تجاه النضال العربى كله. - أن مؤتمركم - بوصفه السلطة العليا فى هذه الجمهورية العربية المتحدة - يتحمل اليوم مسئولية ما استطاعت معارك الثورات الثلاث أن تبلوره وتحدده لكى يمضى بها إلى غاياتها الكبرى. ولقد تبلورت الثورة الوطنية وتحددت فى عقيدة الحياد الإيجابى وعدم الانحياز باعتباره طريقاً إلى السلام العالمى. وتبلورت الثورة العربية وتحددت فى عقيدة القومية العربية باعتبارها طريقاً إلى الوحدة العربية. وتبلورت الثورة الاجتماعية وتحددت فى عقيدة الاشتراكية الديمقراطية التعاونية باعتبارها طريقاً إلى العدل الاجتماعى. أيها المواطنون: ولقد كان المعنى الحقيقى لهذا الذى بلورناه وحددناه هو أن تجاربنا الثورية العظيمة وصلت بنا إلى عقائد واضحة تحتاج منا الآن إلى أن نضع فى خدمتها كل قوة الدفع الثورى لدينا لكى تصبح هذه العقائد هى حركتنا الدائمة إلى أهدافنا. إن تجربتنا الثورية الوطنية ضد الاستعمار جعلتنا دعاة سلام، وتجربتنا الثورية العربية ضد الفرقة جعلتنا دعاة وحدة، وتجربتنا الثورية الاجتماعية ضد الاستغلال جعلتنا دعاة عدل. ولقد وجدنا عقيدة الحياد الإيجابى وعدم الانحياز طريقنا إلى طلب السلام، بعد معارك مريرة ضد الاستعمار بأقنعته المختلفة ابتداءاً من الاحتلال السافر، إلى معاهدات التحالف الثنائية غير المتكافئة، إلى الأحلاف العسكرية ومناطق النفوذ. ولقد خاض شعبنا طوال أجيال متصلة حربه المقدسة دون توقف، ضد كل هذه الأشكال والصور، ولما أرغم الاحتلال الفرنسى على الخروج من سوريا وأرغم الاحتلال البريطانى على أن يوقع صك خروجه من مصر استجمع شعبنا العربى كل يقظته وانتباهه لكى لا يسمح للاستعمار أن يدخل من النافذة بعد أن اضطر للخروج من الباب. ورغم كل محاولات الإغراء، ورغم كل محاولات الضغط ورغم كل محاولات التهديد، بل رغم العدوان والحرب الدموية، فإن شعبنا كان رائعاً فى صلابته وإصراره على أن يحمى الاتجاهات الوطنية لثورته السياسية. ولقد كان إيماننا الذى أكدته التجارب أن الشعوب لا تستطيع أن تبنى مستقبلها بالحياة تحت أقدام الدول الكبرى أو بالاستكانة والخضوع لأسوار مناطق النفوذ، وإنما كان يقيننا أن الشعوب لا يبنيها إلا تحرير إرادتها، وإلا تكريسها هذه الإرادة المتحررة لإعادة بناء نفسها، وإلا إيمانها برسالتها الإيجابية باعتبارها عضواً فى المجتمع الدولى تتأثر به وتؤثر فيه، تأخذ منه وتعطيه؛ حتى تستطيع أن تؤدى دورها فى هذا المجتمع الذى تشتد به الحاجة إلى مشاركة واسعة من كل أفراده تمكيناً للحرية وتدعيماً للسلام. هكذا كان اتجاهنا؛ اتجاه ثورتنا الوطنية بعد حروب الاستقلال، بل حتى خلالها، هو عدم الانحياز والحياد الإيجابى. ولم يكن ذلك الطريق هو أسهل الطرق كما يبدو للوهلة الأولى وإنما كان أصعبها؛ ذلك أن عدم الانحياز ليس نظرة أنانية إلى أحداث العالم لا تحفل بما يجرى حولها، وإنما كان عدم الانحياز والحياد الإيجابى أن يكون لنا رأينا المتحرر من أى التزام فى كل مشكلة تواجه عالمنا، رأياً يستهدف السلام ويجعل ميثاق الأمم المتحدة - نصاً وروحاً - طريقاً إلى هذا السلام. وكان معنى ذلك أن لا يكون صوتنا فى المحافل الدولية مجرد صوت يحسب تلقائياً مع رصيد كتلة من الكتل، ويجمع أو يطرح من قائمة الحساب على أساس موقف دولة من الدول الكبرى متزعمة سياسة المعسكرات. وكان هذا - أيها الإخوة المواطنون - يستتبع أن نمد أيدينا لجميع دول العالم؛ سواء فى ذلك دوله الكبرى أو الدول الصغرى الناشئة. هكذا مددنا أيدينا بالرغبة فى التعاون إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ومددنا أيدينا بالرغبة فى التعاون مع الاتحاد السوفيتى بوصفهما أكبر الدول فى زماننا الذى نعيش فيه. ولقد كان سرورنا عظيماً أن يدنا الممدودة بالرغبة فى التعاون مع الاتحاد السوفيتى لقيت استجابة حارة استطعنا بها إقامة علاقات من الصداقة الوثيقة المتكافئة بين الشعب العربى وبين شعوب الاتحاد السوفيتى؛ هذه الصداقة التى أكدتها تجارب التعاون الاقتصادى الوثيق الذى بلغ ذروته باشتراك الاتحاد السوفيتى معنا فى بناء السد العالى، كما أكدتها وقفة الاتحاد السوفييتى الحازمة تأييداً لنا فى معركتنا الكبرى ضد الاستعمار. وبنفس القدر كان أسفنا عظيماً أن يدنا الممدودة بالتعاون إلى الولايات المتحدة الأمريكية لم تجد ما كنا نتمناه من استجابة؛ بسبب ارتباطات السياسة الأمريكية مع دول الاستعمار التى جربنا استبدادها بنا ونهمها الدائم إلى السيطرة علينا، كذلك كانت ارتباطات السياسة الأمريكية بالصهيونية العالمية عقبة مستمرة فى وجه كل محاولاتنا للتفاهم مع الولايات المتحدة. ولقد كان من دواعى الأسف أن الولايات المتحدة لم تستطع أن تقدر أصالة القوة النامية للشعوب العربية، ومن ثم وجدنا السياسة الأمريكية فى منطقتنا تتخبط إلى غير نتيجة تصل إليها، اللهم إلا ارتباطها بالاستعمار والصهيونية ثم ببعض العملاء من الرجعيين وجلادى شعوبهم. وبرغم أن الصف الأول من هذه المجموعة من العملاء قد سقط أمام زحف الشعوب الواعية فى عدد كبير من العواصم العربية؛ فإن السياسة الأمريكية لم تدرك بعد درس الحوادث، وهو أنه يتعين على الذين ينشدون التعاون مع العالم العربى أن يفهموا أن الشعوب العربية وحدها هى مالكة قدرها صانعة مصيرها. وإنه لمن واجبات الإنصاف على أى حال أن نسجل للولايات المتحدة موقفها ضد العدوان على مصر سنة ٥٦ هذا بصرف النظر عن أن السياسة الأمريكية لم تلبث بعد العدوان إلا قليلاً حتى عادت تحاول تنفيذ نفس أهداف العدوان، وإن اختلفت الوسائل. ..... ..... ...

 

 

[د. يحي الشاعر]

خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى افتتاح المؤتمر العام للاتحاد القومى

٩/٧/١٩٦٠

خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى افتتاح المؤتمر العام للاتحاد القومى

الأجزاءالمدة ث : ق : سرقم الجزءاستمع لهذا الجزء ٥٩ : ٥٨ : ٠٠جزء ١استمع لهذا الجزء ٢٧ : ٤٤ : ٠٠جزء ٢

اقتباس ..... .... ... ولقد كان من أبرز خطوات ثورتنا الوطنية - أيها الإخوة - هو الاهتمام الذى أولته شعوبنا لقضية التضامن الإفريقى - الآسيوى، فلقد كانت شعوبنا من الرواد الأول لبلورة فكرة هذا التضامن وإبراز وجوده، ثم كانت من رواد العمل لتدعيم روح باندونج، وذلك بجهودها فى مناصرة الحرية وبالاستعداد الدائم لكل عمل يتجه إلى تطوير الحياة بالقارتين العظيمتين، وكان الأمل الكبير أن تتمكن هذه الدول الصاعدة - ونظرتها إلى المسائل متقاربة بتشابه ظروفها سواء فى ماضى كفاحها أو فى مستقبل تطلعها إلى حياة أفضل - من أن تقوم بدور إيجابى من أجل السلام، وذلك بأن تحاول مع غيرها من دول العالم غير المتحيزة أن تخلق تياراً عاماً يكون بمثابة الضمير الذى يواجه المشاكل بميزان متحرر، ويصدر فيها رأيه المنزه عن الهوى والغرض. ولقد كان ذلك دور تحتمه مصلحة السلام العالمى وتفرضه فى جو استحكم فيه الخلاف بين الدول الكبرى، وزادت حدة الحرب الباردة وتكدست أسلحة الدمار الذرى فيه، تملأ المخازن والقواعد المنتشرة يواجه بعضها بعضاً، ويتربص بعضها للبعض الآخر. فى وسط هذا الجو كانت حاجة العالم ماسة إلى ضمير يهتف فى وجدانه بنداء الحق الخالص المجرد، كذلك كان وجود عدد غير منحاز من الدول، فضلاً عن قيمته كضمير يصنع من ناحية أخرى أرض لقاء بين المعسكرات، وجسراً يفتح أبواباً للأمل وسط سدود الشكوك والأحقاد التى انتهت إليها سياسة الكتل، وكان مما يشجع تفانينا فى العمل من أجل السلام أن هذا السلام وإن كانت ضرورته للبشرية كلها لا تحتاج إلى جدل، فإن استقراره بالنسبة لنا يحمل قيمة حيوية خاصة؛ ذلك أنه فى جو السلام وحده تستطيع الدول التى لم تستكمل نموها الاقتصادى أن تباشر تطورها موجهة إليه كل جهودها حتى تستطيع أن تعيش فى القرن العشرين على مستوى الحياة اللائق بالقرن العشرين. ولقد كان انتصاراً لثورتنا الوطنية فى اتجاهاتنا البعيدة العريضة أن نرى الدول التى تمثل ضمير العالم وقد اتسعت دائرة دعوتها وزادت فاعلية وعمقاً. كذلك كان انتصاراً لثورتنا الوطنية أن نرى المبادئ التى آمنا بها داخل حدودنا - والاستقلال وعدم الانحياز رأس القائمة بينها - تكسب أرضاً جديدة كل يوم، وتجتذب إليها قوى شعبية ضخمة، كذلك كان انتصاراً لثورتنا الوطنية أن نشعر بالأثر الواسع المدى لتأميم قناة السويس فى كل بلدان آسيا وإفريقيا؛ سواء من ناحية صمودنا للتجربة أو من ناحية انتصار قوى الخير لنا. لقد كانت هذه الخطوة مثالاً حياً ونابضاً على قدرة الشعوب الصغيرة على أن تنتصر بحقها، وعلى أن تهزم بإيمانها جيوش الدول الكبرى وأساطيلها، كذلك كانت هذه الخطوة مثالاً حياً ونابضاً على التأييد العظيم الذى يمكن أن يلقاه كل المدافعين عن حريتهم وكرامتهم، وكان هذا المثال نقطة تحول بارزة فى تاريخ الكفاح الإفريقى أسرعت بعده الحوادث، وخفقت مع رياحه أعلام الحرية والاستقلال فى بلاد كثيرة ونائية فى قلب القارة المجاهدة، كذلك كان انتصاراً لثورتنا الوطنية أن نشعر بالتأييد الواسع المدى لمعارك الحرية، وإن التأييد العالمى الذى يلقاه كفاح الشعب الجزائرى الحر لمقياس ظاهر فى هذا المجال. كذلك كان انتصاراً لثورتنا الوطنية أن نرى هذا الضغط العالمى الذى يوجه ضد التفرقة العنصرية، والضغط العالمى الذى يوجه ضد إجراء التجارب على الأسلحة النووية فضلاً عن استعمالها فى حرب مدمرة، كذلك كان انتصاراً لثورتنا الوطنية أن نرى بوادر وعى عالمى بمشاكل الدول التى تتطلع إلى تطوير نفسها؛ استجابة لنداء الشعوب الآسيوية - الإفريقية بأن السلام لا يمكن أن يستقر مع وجود تفاوت مخيف بين مستويات المعيشة فى الدول التى استكملت حظها من النمو وبين مستوياتها فى الدول التى مازالت تتطلع بعد إلى هذا الأمل. أيها الإخوة المواطنون: كانت تلك هى حصيلة ثورتنا الوطنية ضد الاستعمار؛ هذه الثورة التى تركزت بالتجارب فى طلب السلام، وجعلت العمل من أجله والحركة الدائبة فى اتجاهه عقيدة من عقائدنا. وننتقل الآن - أيها الإخوة المواطنون - إلى العقيدة الثانية؛ عقيدة القومية العربية باعتبارها طريقاً إلى الوحدة، وإنه ليشرفنا - أيها الإخوة المواطنون - أن نكون دعاة وحدة عربية شاملة تستمد مقومات وجودها من الطبيعة ذاتها، ولسنا فى حاجة إلى أن نعد الأسانيد والحجج التى تجعل من هذه الوحدة غاية حتمية لابد أن يصل إليها كفاحنا من أجل القوة، وإنما يعنينا أن نؤكد حقيقتين حاسمتين: أولاهما: أن الأمة العربية برغم الحدود المصطنعة عاشت تاريخاً واحداً. والثانية: أن الأمة العربية برغم اختلاف الغزاة احتفظت بلغة واحدة، وإذا كان تاريخ أى أمة هو صانع ضميرها؛ فإن لغة أى أمة هى صانعة فكرها، فإذا كانت للعرب وحدة الضمير ووحدة الفكر؛ فمعنى ذلك بوضوح هو أن العرب أمة واحدة. هكذا.. فنحن دعاة وحدة.. دعاة حقيقة، إن ثورتنا العربية التى تبلورت فى عقيدة القومية العربية - باعتبارها طريقاً للوحدة العربية - كانت فكراً واعياً بقدر ما هى طبيعة أصيلة، هكذا تحدد عملنا من أجل الوحدة بمبادئ تصونه وتحفظه: أولها: أن يكون الاختيار الحر المستقل طريق أى شعب من شعوب الأمة العربية إلى الوحدة. ثانيها: أن يكون هذا الشعب العربى قد استكمل مقومات وحدته الوطنية داخل حدوده القائمة قبل أن يدخل فى ارتباط أوسع مدى من هذه الحدود. ثالثها: أن يكون هذا الشعب قد عقد إجماعه على طلب الوحدة، وتثبت من يقينه رغبة فيها. وعلى هذه الأسس فإننا نؤمن أن الوحدة ينبغى أن تكون تطوراً دائماً، ولا يجب أن تتم بالانقلاب، وعلى هذه الأسس أيضاً فإننا نناصر كل وحدة عربية على أى مدى، وإلى أى درجة يتفق عليها إجماع أى شعب عربى مع أى شعب عربى آخر؛ إيماناً صادقاً منا أن الوحدة العربية هى أعلى مراحل الوطنية العربية وأعز غاياتها فهى مفتاحها إلى القوة، مفتاحها إلى الحياة. أيها الإخوة المواطنون: تبقى تجربتنا الثورية الاجتماعية ضد الاستغلال؛ هذه التجربة التى تبلورت حصيلتها وتحددت فى عقيدة الاشتراكية الديمقراطية التعاونية، هذه العقيدة التى تمثل اتجاهنا الدائم فى طلب العدل الاجتماعى. وإنكم - أيها المواطنون - لتعرفون حق المعرفة بوصفكم مواطنين تعيشون حياة هذا الشعب وتلمسونها بأيديكم، وبوصفكم ممثلين للقاعدة الشعبية التى أعطتكم أصواتها أو سلمتكم قيادة تيارات الفكر فيها.. تعلمون مرارة الحياة التى عاشتها الأغلبية العظمى من شعبنا. لقد تكالبت ظروف عديدة عبر أحقاب طويلة من الزمان على تبديد الثروة القومية لشعبنا؛ لقد كان هناك استغلال المماليك على اختلاف دولهم، وكان هناك استغلال الملوك والأمراء الدخلاء الذين لم تكن بلادنا تعنى بالنسبة لهم إلا كونها ملكاً خاصاً ينفقون خيراته حيث حلا لهم، وكان هناك استغلال الحكم العثمانى الذى أعمل السلب والنهب لحساب أمير المؤمنين، كما كان السلاطين من آل عثمان يسمون أنفسهم، وكان هناك الاستنزاف المروع الذى تعرضت بلادنا له خصوصاً فى الإقليم الجنوبى من الجمهورية العربية المتحدة، ذلك الاستنزاف الذى قام به عدد من أصحاب البنوك فى أوروبا، هؤلاء الذين حولوا مصر وقتها إلى حقل كبير للقطن يكدح فيه العبيد، ثم ينتهى جهدهم الذى بذلوا فيه العرق بل الدم ذهباً خالصاً فى أيدى هؤلاء المستغلين. وكانت هناك أيضاً أعباء الحروب الصليبية، وكانت هناك أعباء غزوات محمد على التى لم تستهدف إلا الفتح لتوسيع الإمبراطورية لحساب آل عثمان أو آل محمد على، وكانت هناك أعباء حفر قناة السويس التى تحولت نقمة على الذين دفعوا ثمنها.. نعمة على الذين فازوا فى خاتمة المطاف - حتى سنة ١٩٥٦ - بكل إيراداها. ثم كان هناك أخيراً فى عصرنا الحديث استغلال الاستعمار وجشعه؛ الاستعمار البريطانى فى مصر والاستعمار الفرنسى فى سوريا، وكان الفائض الذى يتبقى فى البلاد من فتات ما ترك الاستعمار لا يترك للشعب وإنما يترك معظمه للذين يخدمون الاستعمار من غير أبناء البلاد، أو للذين خانوا كفاح شعبهم من أبناء البلاد وباعوا أمانيه الوطنية لعدوه مقابل اقتسام الجزء التافه من الغنائم. وفى سنة ١٩٥٢ كان الدخل القومى فى الإقليم المصرى مثلاً لا يكاد يصل إلى ٧٠٠ مليون جنيه؛ أى ما متوسطه ثلاثة جنيهات فى الشهر لكل فرد من أبناء الشعب، وفى نفس الوقت كان هناك ظلم فادح فى توزيع هذا الدخل القومى الضئيل، فلقد انفردت بالجزء الأكبر منه أقلية من أبناء الشعب، وكانت النتيجة أن الغالبية الساحقة أرغمت على الحياة تحت حد متوسط الدخل القومى بكثير. ولقد كانت النتيجة الطبيعية لذلك أن القلة التى تملك معظم الثروة الوطنية هى التى حكمت، وهى التى أمسكت بزمام القوة. ولم تكن الأحزاب فى مصر مثلاً قبل الثورة تمثل إلا مجموعات من كبار ملاك الأراضى ليس بينهم من خلاف على الهدف، وإن كانت كل مجموعة منهم تحاول أن تنفرد وحدها بالحكم، ولكنهم كانوا جميعاً يلتقون فى مقاومة أى تغيير جذرى فى الأوضاع، وكانوا جميعاً يقفون فى وجه التطور، ويعرقلون مجراه بما فى أيديهم من أسباب القوة الموروثة، وكان الشعب يحاول مستبسلاً أن يشق للتطور الحتمى مجراه بكل ما فى يده، ولم يكن فى يد الشعب إلا أن يدفع الدم والأرواح فداء لما يتمناه، ولقد دفع الشعب من دمه وروحه. ولقد كان واضحاً أن الشعب قد ضاق صدره بهذه الأوضاع، وكان واضحاً أن الشعور الشعبى يضج بالحاجة إلى علاج ثورى لهذا الحال، ولقد كانت النذر من قبل الثورة واضحة لمن يريد أن يدرس بواطن الأمور ولا يكتفى منها بالشكل العارض. وإنكم - أيها المواطنون - لتذكرون جميعاً حريق القاهرة الشهير فى ٢٦ يناير سنة ٥٢، ولقد كان منظر العاصمة العظيمة وهى تحترق من أبشع المناظر فى كفاحنا، ولكن الواجهة البشعة لم تكن إلا الستار الخارجى، وكانت الحقيقة أن الجماهير التى اشتركت فى هذا المشهد البشع إنما عبرت من غير رأى عما يعتمل فى نفسها من الغضب والحقد. كذلك كانت هناك قبل الثورة تلك الحوادث المتكررة للصدام بين الفلاحين والإقطاعيين من كبار ملاك الأرض، ولقد كان العلاج الوحيد الذى تصوره الحكام لمواجهة حريق القاهرة هو إعلان الأحكام العرفية ومنع التجول، كذلك كان العلاج الوحيد الذى تصوره الحكام لمواجهة قلق الفلاحين هو السجن والمحاكمات وإحاطة ما وقع بأحراز الكتمان. ولكن هذه الإجراءات كلها ما كانت لتجدى فى علاج الموقف، وكان مؤكداً أن استمرارها سيؤدى إلى بلبلة شعبية واسعة المدى تتمكن معها أية عناصر انتهازية من أن تمسك قياد الجماهير، كذلك كان هذا كله سيؤدى فى النهاية إلى انفجار مدمر عنيف. ومن المذهل حقاً أن تصرفات الحكم الرجعى بعد حريق القاهرة لم يظهر عليها أى أثر يدل على فهمها لما جرى حولنا من النذر؛ استمر القصر يملك ويحكم، واستمرت الوزارات تروح وتجئ بالمصالح الشخصية والدوافع الشخصية وحدها، حتى أن تغيير الوزارات أصبح يحدث بناء على رغبة من يدفع الثمن، وتحولت الشعارات الوطنية إلى تجارة، وبلغ الاستهتار الشخصى والعام فى هبوطه هاوية سحيقة مظلمة، ووصل الغليان الشعبى إلى أقصى مداه، ولم تكن مبادرة الجيش فى ٢٣ يوليو سنة ٥٢.. ولم تكن مبادرة الجيش فى ٢٣ إلى التدخل غير تعبير عن هذا الغليان. ..... ..... ...

 

 

[د. يحي الشاعر]

خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى افتتاح المؤتمر العام للاتحاد القومى

٩/٧/١٩٦٠

خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى افتتاح المؤتمر العام للاتحاد القومى

الأجزاءالمدة ث : ق : سرقم الجزءاستمع لهذا الجزء ٥٩ : ٥٨ : ٠٠جزء ١استمع لهذا الجزء ٢٧ : ٤٤ : ٠٠جزء ٢

اقتباس ..... .... ... ولقد كان تدخل الجيش يوم ٢٣ يوليو هو بمثابة فتح الباب أمام العمل الثورى، ولقد كان تصورى الشخصى كواحد من الذين اشتركوا فى أحداث ٢٣ يوليو أن الشعب متحفز إلى ثورة وأن العقبة الوحيدة هى أن القلة الحاكمة - سواء فى ذلك الاستعمار أو القصر أو الأحزاب الرجعية - ترهب جموع الشعب بسيطرتها على الجيش، وبسلطتها فى إصدار الأمر إليه بقمع كل ثورة يختلج بها الكيان الشعبى. وكانت خطة ٢٣ يوليو ببساطة تتجه فى عملها إلى مجرد أن يعلن الجيش موقفه بوضوح فى الصراع الذى يمزق الوطن، وكان النجاح العظيم يوم ٢٣ يوليو وخلوده.. كان هذا النجاح كبداية للثورة ومدخل لها؛ إن الجيش أدرك مكانه وهو أنه جزء من هذا الشعب، وبالتالى أظهر إرادته كجزء من الإرادة الشعبية. ولم يكن الأمر بعد ذلك فى حاجة إلى عناء كبير، فإن القلة الرجعية الحاكمة وجدت نفسها تواجه الزحف الشعبى الكاسح من غير سلاح فى يدها تصوبه إلى صفوفه. هكذا - أيها الإخوة - سقط الملك، وسقط الحكم الملكى بعد أيام من إعلان الجيش لموقفه، وهكذا - أيها الإخوة - سقط الإقطاع، وسقطت سيطرة رأس المال على الحكم، وفقدت الأحزاب القائمة مقومات وجودها، وهكذا أصبح الطريق مفتوحاً لتصحيح الأوضاع. ولقد كان مستحيلاً أن تبقى الفرصة حكراً بالوراثة لقلة من المواطنين، وكان مستحيلاً أن يبقى الغنى حكراً بالوراثة لقلة من المواطنين، وكان مستحيلاً أن يبقى الجهل والمرض والضعف حكراً بالوراثة لكثرة من المواطنين، وإنما كان محتماً أن نفتح الطريق أمام العدل، ولقد كان ذلك يقتضى أن نسير فى طريقين: أولاً: تنمية الاقتصاد القومى حتى تتسع آفاقه إلى حد يسمح لكل مواطن بأن يملك نصيباً منه. ثانياً: محاولة تقليل حدة الفوارق بين الناس إحقاقاً لمبدأ العدل الاجتماعى، وتمكيناً للاستقرار داخل الوطن. ولقد كان هذا - أيها الإخوة المواطنون - يحتم وجود خطة شاملة يجرى التطوير الاقتصادى والاجتماعى وفقها وعلى أساسها. ولكن وضع خطة شاملة كان يتطلب أن تستبين الصورة كلها وتدرس دراسة مفصلة، وفى نفس الوقت كانت الظروف تحتم بدء العمل دون أى تأخير. ولقد وضعت بعض المشروعات الحيوية كالحديد والصلب والسماد واستخراج الكهرباء من خزان أسوان موضع التنفيذ على الفور. كانت هذه المشروعات أمانى شعبية طالما شدت الخيال إليها وكان وضعها موضع التنفيذ الفورى تطلعاً نبيلاً إلى الأمام وحافزاً صاعداً إلى أعلى، ثم وضع بعدها أول مشروع للسنوات الخمس فى الإقليم المصرى، وكان مما أكد إقبالنا على العمل وقدرتنا على تحمل مشاقه أن هذا المشروع تم بالفعل فى سنتين. هكذا وصلنا - أيها الإخوة - إلى نهاية عام ١٩٥٩ وقد زادت قيمة إنتاجنا الصناعى فى الإقليم المصرى إلى ٥٠٥ مليوناً من الجنيهات فى السنة بعد أن كانت ٢٣٩ مليوناً من الجنيهات سنة ١٩٥٢. ولقد سجل إنتاجنا الصناعى زيادة باهرة فى نواحى مختلفة؛ لقد زاد إنتاجنا من سنة ٥٢ إلى سنة ٥٩، زاد إنتاجنا من غزل القطن بنسبة ٧١%، وزاد عدد مغازلنا بنسبة ٣٤٠%، وزاد إنتاجنا من السماد الآزوتى ١٣٥%، وزاد إنتاجنا من الأسمنت ٥٦%، وزاد إنتاجنا من السكر ٧٠%، وزاد إنتاجنا من الورق ١٤١%، وزاد إنتاجنا من البترول ٤٨%، وزاد إنتاجنا من غزل الصوف ٢٣٥%، وزاد إنتاجنا من نسيج الصوف ١٨٠%، وزاد إنتاجنا من غزل الحرير الصناعى ٢٠٠%، وزاد إنتاجنا من نسيج الحرير الصناعى ٩١%، وزاد إنتاجنا من غزل الجوت ٢٢٣%، وزاد إنتاجنا من صناعة الزجاج والبلور ٢٦٣%، وزاد إنتاجنا من البطاريات السائلة ٣٧٢%، وزاد إنتاجنا من المصابيح الكهربائية ٢٠٠%، وزاد إنتاجنا من خامات الألوان ٣٨٠%. كذلك - أيها الإخوة - استحدثت على إنتاجنا الوطنى أنواعاً من المصنوعات كنا نستوردها من قبل ولا نصنعها فى بلادنا، وفى خلال العام الماضى وحده أنتجنا فى بلادنا من هذه الأصناف التى لم يكن لنا سابق عهد بإنتاجها ١٦ ألف و٢٧ طن من ألواح الصاج المسحوب، ٢٨.٢٧٣ طن من قضبان السكك الحديد، ٤٥٠ عربة من عربات السكة الحديد، ١٧٠٠ طن من الأدوية، ٥٠٠٠ طن من المبيدات الحشرية، ٢٩٥ ألف إطار من إطارات كاوتشكوك السيارات، ٥٢.٩٤٣ وحدة من تيل الفرامل، مليون من أقلام الرصاص، ٢١.٢٢٧ من أجهزة البوتاجاز، ٥٢.٩١٣ من اسطوانات البوتاجاز، ٤٠٠٠ ثلاجة كهربائية، ٤٠٠٠٠ عداد كهربائى، ٢٠٠٠ جهاز لتكييف الهواء، ٣٠ ألف جهاز راديو. كذلك - أيها الإخوة - خرجت إلى السوق فعلاً خلال الشهور التى مضت أنواع أخرى من منتجاتنا؛ خرجت سيارة نقل الركاب العربية، وخرجت سيارة نقل البضائع العربية، بل إنه ليسعدنى - أيها الإخوة المواطنون - أن أعلن الآن أن أول طائرة نفاثة صنعت فى الإقليم المصرى قد طارت بالفعل فى الجو العربى منذ عشرة أيام لأول مرة، وأن هذه الطائرة قد أثبتت صلاحيتها الممتازة للتدريب على الطيران النفاث، وأن إنتاجنا منها يكفى حاجتنا، ويكفى حاجة أى بلد عربى يريد تجربتها واستعمالها. ..... ..... ...

 

 

[د. يحي الشاعر]

خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى افتتاح المؤتمر العام للاتحاد القومى

٩/٧/١٩٦٠

خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى افتتاح المؤتمر العام للاتحاد القومى

الأجزاءالمدة ث : ق : سرقم الجزءاستمع لهذا الجزء ٥٩ : ٥٨ : ٠٠جزء ١استمع لهذا الجزء ٢٧ : ٤٤ : ٠٠جزء ٢

اقتباس ..... .... ... أيها الإخوة المواطنون: تم وضع الخطة الشاملة للتنمية ومضاعفة الدخل القومى فى عشر سنوات، ومن الناحية الاقتصادية كان هدف الخطة هو مضاعفة الدخل القومى فى عشر سنوات. ومن الناحية الاجتماعية فلقد كان القضاء على الاستغلال وإتاحة الفرصة المتكافئة أمام كل مواطن، واستثارة حوافز التقدم والرقى الكامنة فى قلب كل فرد هى المعالم البارزة للاتجاه الجديد، ولقد كان التلازم الحيوى بين التطوير الاقتصادى والاجتماعى هو التطبيق العملى لأملنا فى إقامة مجتمع ديمقراطى اشتراكى تعاونى. لم يكن الهدف من الخطة هو مجرد زيادة الدخل القومى، وإنما كان لابد أن يتلازم مع هذه الزيادة أن تتجه آثارها بحيث تتيح الفرصة لمن عزت عليهم الفرصة، وأن تتيح الامتلاك للذين عاشوا حياتهم كلها أجراء؛ وكان ذلك - أيها الإخوة - يستتبع بالتالى أن يقوم القطاع العام بدور حيوى فى التطوير الصناعى، وأن يقوم التعاون بنفس الدور الحيوى فى التطوير الزراعى. ولقد بدأ وجود القطاع العام على نطاق متسع فى الصناعة فى أعقاب الخطوة الرائعة التى تعتبر من أبرز مكاسب حرب تثبيت الاستقلال سنة ٥٦؛ وأعنى بها خطوة تمصير الجزء الأكبر والأهم من الممتلكات البريطانية والفرنسية فى مصر، فإنه بعد تمصير هذه الممتلكات التى كانت تسيطر على المراكز الحساسة من اقتصادنا، كان اتجاهنا أن تكون هذه الممتلكات امتداداً للقطاع العام فى الاقتصاد القومى وتوسيعاً لمجال نشاطه. وكان هناك من يتصور أن واجب الحكومة هو أن تبيع هذه الممتلكات إلى الشركات أو الأفراد الذين يمارسون نفس نوع نشاطها، وكان ذلك خروجاً عن التصور الاشتراكى الذى تحتمه ظروفنا؛ ذلك أن الحكومة إذا باعت ما أصبح تحت إشرافها بعد التمصير، فإن النتيجة المحتمة لذلك هو مجرد إتاحة الفرصة للذين يملكون فعلاً لكى يملكوا مرة أخرى؛ ذلك أن الذى سيقدر على شراء المصنع المعروض للبيع هو ذلك الذى يملك بالفعل مصنعاً، كما أن الذى سيشترى السهم الجديد هو نفس حامل السهم القديم، ولم يكن ذلك منطق العدل، إنما منطق العدل كان أن يملك هؤلاء الذين لم تتح لهم فرصة التملك. من هنا - أيها الإخوة - من هنا كانت ضرورة وجود القطاع العام الذى يملكه الشعب كله، وإلى الشعب كله يعود نشاطه وفائض غلته؛ هكذا لم تكن الحكومة بوجود القطاع العام هى التى ملكت، وإنما الشعب عن طريق حكومته هو الذى ملك ما عز على الغالبية الكبرى من أبنائه أن يملكوه أفراداً. وإذا كان التمصير هو بداية اتساع القطاع العام وتقوية نشاطه، فلقد كان من أهداف الخطة - بل وكان أيضاً من ضمانات نجاحها - أن تزداد قوة هذا القطاع العام الذى يملكه الشعب بمجموعه. ولم يكن ما تم تحقيقه بالفعل - مما سمعتم نماذج منه - مستطاعاً، ولا كان من المستطاع أن تعقبه الخطة الشاملة لمضاعفة الدخل القومى فى عشر سنوات بما تتطلبه من جهود هائلة، وبما تتجه إليه من أهداف اجتماعية عظيمة، إلا بقيام رأس المال العام بدوره الخطير. وليس يخالجنا شك أن رأس المال الخاص قد أدى دوره فيما وصلنا إليه بالفعل من النتائج، كذلك فإن لرأس المال الخاص دوراً بارزاً فى الخطة الشاملة، وإننا لنوفر لرأس المال الخاص كل الضمانات التى تكفل له مباشرة نشاطه، فإن رأس المال الخاص إذا ما التزم طريقه دون رغبة فى الاستغلال أو الاحتكار، إنما هو كرأس المال العام سواء بسواء ثروة قومية يتحتم الحرص عليها وصيانتها وتوفير كل أسباب الحماية لها. ولقد كان من الملامح الباعثة على الأمل فى تطورنا هو ذلك الانسجام بين رأس المال العام ورأس المال الخاص، ذلك الانسجام الذى تجلى واضحاً فى العديد من المشروعات الكبيرة التى قامت بالتعاون المشترك بين رأس المال الخاص ورأس المال العام، وهو ما يعبر عنه بالاقتصاد المختلط. ولقد كان محتماً - أيها الإخوة المواطنون - أن يقوم نفس التلازم الحيوى بين الناحية الاقتصادية والناحية الاجتماعية فى مجال التطوير الزراعى، على أساس الخطة الشاملة. ولقد كانت دواعى الاقتصاد البحت تقضى بأن تبيع الحكومة على الفور كل الأراضى الجديدة المستصلحة لمن يدفع ثمنها؛ حتى تسترد الحكومة ما تكلفته فى سبيل إصلاحها، ولكن ذلك وإن كان يبدو منطقياً من الناحية الاقتصادية، فإنه يفقد الخطة أساسها الاجتماعى؛ ذلك أن عرض الأراضى الجديدة للبيع معناه ألا يتقدم للشراء غير القادرين على دفع الثمن، ولسوف يكون القادر على شراء الأرض الجديدة هو ذلك الذى يملك بالفعل من الأرض القديمة. ولم يكن ذلك منطق العدل، وإنما كان منطق العدل أن تكون الملكية الجديدة لهؤلاء الذين حرموا العمر كله أن يتملكوا الأرض، ذلك أنه لا يمكن أن يكون هدف الخطة تحويل الملاك الحاليين إلى إقطاعيين، وإنما هدف الخطة - وكذلك ينبغى أن يكون - هو تحويل الأجراء الحاليين إلى ملاك. هكذا - أيها الإخوة - وضعت الخطة على أساس استصلاح الأرض وتوصيل المياه إليها، وبناء مسكن لكل مالك جديد لقطعة منها، ثم توزيع هذه الأرض على هؤلاء الملاك، وعدم مطالبتهم بشىء من ثمنها قبل عدد من السنين، تكون بعده أرضهم الجديدة قد تحولت إلى قوة منتجة، وحتى ذلك أيضاً - تحويل الأرض الجديدة إلى قوة منتجة - لم يكن ليتحقق إلا على أساس التعاون، ذلك أن الأجير الذى يبدأ حياته الجديدة كمالك فى حاجة إلى رأس المال الذى يوظفه فى أرضه، إنه فى حاجة إلى سماد وإلى بذور وإلى آلات، لابد أن تتوفر له دون أن يعتمد على جشع المرابين والمستغلين، كذلك هو فى حاجة بعد المحصول إلى تسويق اقتصادى لا تدفعه إليه حاجة عاجلة للمال، أو ضغط تفرضه عليه تيارات السوق المتضاربة. وإذا ما سارت الخطة فى تحقيق أهدافها - وهو ما يتحتم أن يحدث - فإن الأرض الجديدة التى سيتم استصلاحها - والتى تزيد خلال السنوات العشر القادمة عن المليونين من الأفدنة فى الإقليم المصرى وحده، كما أن الأراضى الشاسعة التى يجرى الآن تحويلها إلى الزراعة بالرى المستديم فى الإقليم السورى تثبيتاً لاقتصادياتها - سوف تخلق فى مجتمعنا خلقاً جديداً يتمثل فى مئات الألوف من الملاك الجدد. ولقد كان تطوير الصناعة، وتطوير الزراعة على أساس اقتصادى واجتماعى سليم يقتضى بالتبعية أن تطور التجارة نفسها على ذات الأسس الاقتصادية والاجتماعية، وكان يتحتم ألا تصبح التجارة استغلالاً أو مضاربة، وإنما كان يتحتم أن تلتزم التجارة وظيفتها الاجتماعية باعتبارها نقل السلع من مراكز الإنتاج إلى مراكز الاستهلاك وحسن توزيعها. ..... ..... ...

 

 

[د. يحي الشاعر]

خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى افتتاح المؤتمر العام للاتحاد القومى

٩/٧/١٩٦٠

خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى افتتاح المؤتمر العام للاتحاد القومى

الأجزاءالمدة ث : ق : سرقم الجزءاستمع لهذا الجزء ٥٩ : ٥٨ : ٠٠جزء ١استمع لهذا الجزء ٢٧ : ٤٤ : ٠٠جزء ٢

اقتباس ..... .... ... من ذلك كله - أيها الإخوة المواطنون - يتضح أنه إذا كان هاماً بالنسبة لنا أن تنجح الخطة فى أهدافها بمضاعفة الدخل القومى فى عشر سنوات، فلقد كان أكثر أهمية أن تنجح الخطة فى أهدافها الاجتماعية، كان عليها أن تكون أداة إنتاج وفى نفس الوقت كان عليها أن تكون أداة عدل، أداة إقامة مصانع جديدة، أداة توسيع للاشتراك العام فى ملكيتها، أداة استصلاح أرض بكر، أداة خلق ملاك جدد، أداة تشجيع لرأس المال الخاص، أداة توجيه له بعيداً عن الاستغلال والاحتكار. وما كان يمكن أن تكون هناك خطة اقتصادية دون هدف اجتماعى، بل لقد كان يمكن أن تؤدى الخطة إلى عكس المقصود منها؛ إذا كان الاهتمام يوجه إلى ناحيتها الاقتصادية مجرداً من كل وعى اجتماعى. كانت الخطة فى تلك الحالة لا تصنع إلا أن تزيد الأغنياء غنى، وتزيد الفقراء فقراً؛ وتزيد بالتالى الهوة التى تفصل بين الذين ملكوا الغنى بالوراثة وبين الذين لم يملكوا بالوراثة غير الفقر؛ وبالتالى يضيع أساس الاستقرار الوطنى الوحيد، وهو العدل الاجتماعى. كذلك - أيها الإخوة - فقد كان مستحيلاً بدون خطة اقتصادية واجتماعية فى نفس الوقت، أن نطور الخدمات العامة كما طورنا وسائل الإنتاج. وإن نظرة عابرة على بعض الأرقام المتصلة بالخدمات فى الميزانية الجديدة للجمهورية العربية المتحدة تكفى لكى تضع أمامنا صورة مما يجب علينا أن نحققه لمجتمعنا الجديد. إننا فى هذا العام الذى بدأناه سوف نصرف على المواصلات فى إقليمى الجمهورية ما يبلغ المائة مليون من الجنيهات. إننا فى هذا العام الذى بدأناه سوف نصرف على التعليم فى إقليمى الجمهورية ما يبلغ الثمانين مليوناً من الجنيهات. إننا فى هذا العام الذى بدأناه سوف نصرف على الرعاية الصحية فى إقليمى الجمهورية العربية المتحدة ما يبلغ الأربعين مليوناً من الجنيهات. تلك - أيها الإخوة - مجرد نماذج عابرة، كل قيمتها أنها تذكرنا بهذا الميدان الواسع الفسيح وما ينتظرنا فيه من جهد، وما يتعين علينا أن نقدمه وراء هذا الجهد من إمكانيات النجاح. والمجتمع الذى ترفرف عليه الرفاهية هو المجتمع الذى يستطيع فيه المواطن أن يلقى خدمة المدرسة، وخدمة المستشفى خدمة المسكن، خدمة الطريق، خدمة الأمن، هو المجتمع الذى يشعر أفراده بالطمأنينة والمساواة إذا مرضوا، إذا فاجأتهم الحوداث، إذا تقدمت بهم السن، أو إذا حاصرتهم البطالة. أيها المواطنون أعضاء المؤتمر العام للاتحاد القومى للجمهورية العربية المتحدة: ولقد كان التحدى الكبير الذى يواجهنا بعد أن تبلورت عقائدنا - حصيلة ثوراتنا الثلاث - هو أن نجد الإطار الذى تستطيع فيه هذه العقائد أن تباشر حركتها وتصنع أثرها وتؤدى بالتالى رسالتها بتحقيق أهدافها. وكانت أمام شعبنا أكثر من طريق.. كان أمامنا مثلاً طريق سيطرة الدولة وأن يفرض الجهاز الحاكم وصايته على الشعب ويملى عليه اتجاه خطاه. وكان واضحاً أن شعبنا لا يرتضى هذا الطريق. كان واضحاً أن شعبنا يؤمن بحق أن الحكومة لا يمكن أن تكون إلا تعبيراً شعبياً، أو إرادة شعبية أو أداة منفذة لمطالب الشعب. وإذا فقدت أى حكومة سندها الشعبى فإن الحكام مهما صدقت نواياهم لا يمكن أن تكون لهم أكثر من قيمتهم الشخصية كأفراد، ثم يصبح الحكم نفسه انعكاساً لهذه الشخصية الفردية، كما يصبح المصير الوطنى كله مقامرة على هذا العنصر الفردى محفوفة بالخطر. ولقد كان تقديرنا أن حماية المصير الوطنى إنما تتوقف على الشعب باعتباره التيار الدائم المتدفق الخالد الذى لا ينتهى ولا يحول. وكان أمامنا مثلاً - أيها الإخوة المواطنون - طريق تعدد الأحزاب ولكن الأحزاب لا يمكن أن تكون إلا تعبيراً عن أوضاع اجتماعية، وعلى هذا الأساس فإن تعدد الأحزاب فى بلدنا مع ازدياد الفوارق بين الطبقات ووجود تخلف يحدد للدخل القومى نطاقه فى نفس الوقت، سوف يصنع هوة سحيقة بين هذه الأحزاب لا سبيل إلى اجتيازها، كما أنه فى محاولة القلة التى تملك الاحتفاظ بما تملكه، وفى محاولة الكثرة التى لا تملك الفرصة المتكافئة أن تستعيد حقها، يصبح الصراع الدموى أمراً محتماً باعتباره الطريق الوحيد إلى التغيير، ثم يكون ما يستتبع ذلك من الناحية الخارجية حين يحاول الذين يملكون أن يجدوا السند من خارج بلادهم، كما يحاول غيرهم أن يواجه هذا السند الخارجى، بسند خارجى مضاد له. وهكذا يصبح الوطن ميداناً للحرب الأهلية بين أبنائه على أسوأ الظروف، أو يصبح ميداناً للحرب الباردة بين الكتل الخارجية، دون أن يخطو خطوة واحدة إلى الأمام. وكان أمامنا - أيها الإخوة - مثلاً طريق الحزب الواحد، ولكن الحزب - حتى بالمعنى الحرفى للكلمة - إنما يمثل جزءاً من الشعب، والحزب الواحد على هذا الأساس هو احتكار العمل السياسى لقسم من الشعب دون المجموع. ولقد كان رأى شعبنا أن هذه الطرق كلها قد تصلح لكفاح شعوب غيرنا فى ظروف مختلفة وفى أطوار متفاوتة فى نموها، ولكن رأى شعبنا فى نفس الوقت، أن هذه الطرق كلها لا تلائم ظروفه الخاصة والمرحلة الحاضرة فى نموه القومى. هكذا - أيها الإخوة - أنطلق شعبنا يبحث عن طريق جديد، ولم يكن هم شعبنا فى بحثه عن الطريق أن يتقيد بالأشكال المألوفة وإنما كان البحث عن الحقيقة ذاتها هو أعظم ما يعنيه. وكانت هناك نجوم هادية على الأفق يسترشد بها شعبنا فى بحثه عن الحقيقة أولها أن هناك امتزاجاً كاملاً بين الاشتراكية والديمقراطية. بدون الاشتراكية - التى هى فى مضمونها تحرير الفرد من الاستغلال - لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية. كما أنه بدون الديمقراطية - التى هى فى مضمونها إشراك كل فرد فى التوجيه - لا يمكن أن تكون هناك اشتراكية. وكيف يمكن أن تعيش الديمقراطية، إذا كان الإقطاع يباشر تحكمه، وإذا كان رأس المال يسيطر، وإذا كان مصير أى فرد يحدده وضعه الموروث؟ كذلك كيف كان يمكن أن تتحقق الاشتراكية، إذا تحكمت الأقلية التى ورثت الفرصة، وإذا أبعدت الأغلبية عن تقرير الأمور ووضع السياسات ورسم الخطط؟ هناك إذن - أيها الإخوة - اتصالاً عضوياً بين الاشتراكية والديمقراطية حتى ليصدق القول بأن الاشتراكية هى ديمقراطية الاقتصاد، كما أن الديمقراطية هى اشتراكية السياسة. وثانيها - ثانى هذه النجوم الهادية - أن الوحدة الوطنية هى الضمان الوحيد لسلامة العمل القومى ونجاح أهدافه فى كل المجالات فيما نواجه من ظروف. ولقد كانت الوحدة الوطنية وحدها سلاحنا فى إجلاء الاحتلال من أرضنا، كما كانت فرقتنا سبيله إلى البقاء فى وطننا ما بقيه من سنين. كذلك كانت الوحدة الوطنية أعظم دروعنا فى صد العدوان سنة ٥٦. كذلك فإنه فى إطار الوحدة الوطنية الواعية يمكن أن يجرى تفاعل الطبقات وتقاربها تجنباً للصراع الدامى المحتم، إذا ما بقيت الفوارق الواسعة وإذا ما بقيت الفرقة العميقة. وثالثها - أن التعبئة الوطنية لكل الطاقات هى الوسيلة الوحيدة لدفع التطور فى جميع مجالاته بسرعة وكفاية، ذلك أن العالم يتقدم بخطى واسعة تضاعف كل يوم، بل ساعة، من الفوارق بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة. كذلك فإن وسائل المواصلات وتقدمها الخيالى، وما ترتب على ذلك من الاتصال الفكرى المباشر على النطاق العالمى، مضافاً إليه ضغط المبادئ المختلفة التى تسندها الدول الكبرى بالأشكال المختلفة من فنون الحرب الباردة، ذلك كله جعل السرعة فى العمل أمراً لا يقل أهمية عن العمل ذاته. لقد أصبح لازماً علينا أن نعمل بسرعة مضاعفة لكى نعوض ما فات من ناحية، ولكى نلحق بهذا الذى تتفتح له آفاق المعرفة كل يوم من ناحية أخرى. هكذا - أيها الإخوة المواطنون - وصلنا إلى فكرة الاتحاد القومى.. ديمقراطية تقوم على وضع قاعدة شعبية، ليس حكومة تفرض على الشعب إرادتها، وإنما شعب يصنع بنفسه حكومته ويجعل منها إرادته المنفذة لمطالبه. ليس حزباً يحتكر لأفراده حق العمل السياسى، وإنما هو بناء شعبى قام بالانتخاب الحر؛ لكى يمارس الشعب كله فى حماه واجب العمل السياسى، ثم هو إطار يصون الوحدة الوطنية. إن مجرد قيامه لا يحل المتناقضات فى مجتمعنا؛ إنه لا يمنع تصادم المصالح ولا تعارض الآراء، إنما هو مجرد إطار من الوحدة القومية يسمح للمتناقضات أن توازن نفسها، ويسمح للمصالح المتصادمة والآراء المتعارضة أن تجد نقطة لقاء بينها فى حماية الوحدة الوطنية، وبطريقة تتلاءم مع طبيعة شعبنا. ولقد كان إيماننا أنه يمكن فى إطار الوحدة الوطنية أن تتفاعل الطبقات بما يقرب بينها، وأن يقل التناقض بطريقة سلمية، لا مصادرة فيها ولا سفك دماء، وأن يتم الاتجاه إلى الاستقرار الوطنى القائم على العدل الاجتماعى، بوحى من الوعى المدرك لمعنى التعاون ومعنى التكافل الاجتماعى ومعنى المحبة بين الناس. وفى داخل هذا الإطار يمكن أن تصبح الديمقراطية معنى كما هى شعار، ويمكن أن تصبح الاشتراكية حقيقة كما هى أمل، ويمكن أن يصبح التعاون واقعاً كما هو هدف. هكذا - أيها الإخوة المواطنون - أقام الشعب اتحاده القومى، أرسى قواعده ودعائمه ورسم حدوده ووضع التفاصيل، ثم بدأ الشعب يبنى ويعلو بالبناء. اختار الشعب ممثليه للقيادات الشعبية، واجتمع بالفعل مؤتمر الاتحاد القومى لكل إقليم من إقليمى الجمهورية العربية المتحدة وناقش وقرر. ثم كان دور مؤتمركم الكبير ليكون السلطة العليا للجمهورية العربية المتحدة، وليكون التجسيد الحى لإرادة شعبنا فى تحريك التطور ودفعه وزيادة فاعليته. إن أمل شعبكم فى مجتمع ديمقراطى اشتراكى تعاونى قد أصبح مسئوليتكم العظمى. كذلك فإن حصيلة كفاحه التى بلورتها التجارب عقائد واضحة تكفل لكم اليوم أن تجدوا الطريق. وعليكم الآن أن تكونوا طليعة الزحف المقدس، وعليكم كذلك أن تكونوا حماة القافلة الزاحفة؛ ذلك أنه ليس يكفى أن نجد الخطى إلى الأمام، وإنما يتحتم أن يكون الحذر وأن يكون التنبه الذكى منا على أهبة الاستعداد الدائم. علينا أن نذكر دائماً أن الاستعمار وإن حلت به الهزيمة تلو الهزيمة على يد أمتنا العربية، لم يتخل عن آماله فى أن يستعيد يوماً ما فقده.. إنه مازال بعد من حولنا يجرب أن يعوق سير التاريخ. ومازالت شعوب من أمتنا تخوض معارك الحياة والموت معه. فالاستعمار يدرك أن جمهوريتكم العربية المتحدة هى طليعة النضال العربى وقاعدته وقلعته، ومن ثم فسوف يظل هدفه دائماً أن يقهر هذه الطليعة ويحطم هذه القاعدة ويجرد القلعة من سلاحها بكل أسلوب من الأساليب؛ حتى يتخلص منها، ومن ثم يقدر على إخماد كل نفس فى العالم العربى يتردد بمقاومته والتصدى له. ..... ..... ...

 

 

[د. يحي الشاعر]

خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى افتتاح المؤتمر العام للاتحاد القومى

٩/٧/١٩٦٠

خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى افتتاح المؤتمر العام للاتحاد القومى

الأجزاءالمدة ث : ق : سرقم الجزءاستمع لهذا الجزء ٥٩ : ٥٨ : ٠٠جزء ١استمع لهذا الجزء ٢٧ : ٤٤ : ٠٠جزء ٢

اقتباس ..... .... ... علينا أن نذكر - أيها الإخوة - دائماً أنه مازالت هنا فى منطقتنا بقايا رجعية تتمنى لعقارب الساعة أن تعود إلى الوراء، ويرجع الماضى ويتوقف سير التطور. علينا أن نذكر دائماً أن دورنا كطليعة للنضال العربى، يحتم علينا أن نرتفع أحياناً بمشاعرنا إلى ما يبدو أنه فوق طاقة البشر. سوف تواجهنا عناصر الخيانة وسوف يسقط فى المنطقة من حولنا ضعاف النفوس بغية مصلحة، أو اتقاء مشقة كفاح. ولقد يتخلى عنا بعض الذين لم نتخل عنهم، وقد يصبح حرباً علينا بعض من حاربنا من أجلهم، ولكن علينا دائماً أن نذكر أن مسئولياتنا ليست تجاه هؤلاء الأفراد الذين تجوز عليهم الخيانة أو التخاذل أو الردة، إنما مسئولياتنا هى تجاه الأمة العربية كلها والأمة العربية لا تخون، ولا تتخاذل، ولا ترتد. علينا أن نذكر دائماً وجود إسرائيل، وأن ندرك دائماً أن إسرائيل ليست أمامنا وحدها، وإنما إسرائيل رأس جسر للاستعمار، ومركز أمامى لأطماع الصهيونية العالمية فى وطننا. وعلينا أن ندرك أن استعادة حقوق شعب فلسطين ليس مجرد أمنية قومية وإنما هو ضرورة حيوية لسلامة الأمة العربية كلها، وهو الطريق الوحيد لقهر الخطط الصهيونية وأحلامها التوسعية. وإنه لمن الحق علينا أن ندرك أن كل تقدم تحرزه الأمة العربية وكل فعالية تعطيها من نفسها لعقائدها سوف تجعلها فى المركز الأقوى، وسوف تجعلها أكثر قدرة وتمكناً على مواجهة إسرائيل، وما يسندها من قوى الاستعمار والصهيونية العالمية. وعلينا أن نذكر دائماً أن العدو قد لا يستعمل معنا سلاح المواجهة، وإنما سوف يحاول عدونا أن يتسلل وأن ينال منا من وراء الأستار والحجب. سوف يستعمل عدونا الأسلحة النفسية بدل ما خاب فى يده من الأسلحة المادية؛ إنه قد يستعيض ببذور الشك عن بث الألغام، إنه قد يستعيض بالكذبة لتغنيه عن القنبلة، إنه قد يستعيض بالإشاعة لتصنيع تأثير طلقة الرصاص، إنه قد يستعيض بالعملاء عن القواعد العسكرية. علينا - أيها الإخوة - أن نذكر دائماً أن عقائدنا هى حصيلة كفاح طويل تحملت أمتنا مرارته وأن صياغة هذه العقائد النابعة من ضميرنا وتطويرها وتجديد خلاياها هو واجب أصيل. وإن أمانة التاريخ وأمانة المستقبل تحتم علينا أن نحمى هذه العقائد، وأن نقوم كل محاولة للانحراف بها، وأن ننفض عنها الجمود؛ لكى لا تتحول من حياة متجددة إلى أثار متحجرة. وعلينا - أيها الإخوة - أن نذكر دائماً أن ظروفنا لا تتحمل أى تردد أو أى انتظار. إن خطة مضاعفة الدخل القومى فى عشر سنوات فى الجمهورية العربية المتحدة لابد أن تنجح، وينبغى أن تعقبها دائماً خطط متتابعة لإعادة مضاعفة الدخل القومى كل عشر سنوات أو أقل. ذلك أنه من المحتم علينا أن نحقق انطلاقة واسعة المدى تضع تطورنا سابقاً على الزيادة المنتظرة فى عدد السكان؛ وإلا فإن كل أمانينا سوف يصيبها الشلل إذا ما كان السبق لزيادة عدد السكان على سرعة النمو الاقتصادى والاجتماعى. كذلك علينا - أيها الإخوة - فى هذا المجال ألا نتصور بحال من الأحوال أن مهمتنا هى الاحتفاظ بالحالة الراهنة. إن أى تنظيم شعبى ديمقراطى يتخيل أن واجبه هو الاحتفاظ بالأحوال كما تسلمها إنما يفقد أصالته الشعبية والديمقراطية. علينا أن ندرك بوعى أن مهمة التنظيم الشعبى هى تنظيم الدفع الثورى وتجديد قواه، وهى استمرار الحركة فى إطار العقائد القومية نحو مزيد من العدل الاجتماعى. كذلك فإنه من المحتم علينا ألا ننسى أنفسنا. إن القيادات الشعبية يجب ألا تنعزل بأى حال من الأحوال عن قواعدها، فإنها إذا فعلت ذلك وقعت فى الخطأ الذى يقع فيه من يتصور أن الشجرة الخضراء الكبيرة اليانعة تقدر على الحياة إذا فقدت الصلة بجذورها. ومن ثم فإن القيادات الشعبية ينبغى عليها دائماً أن تذكر سر قوتها، ولسوف يبقى الشعب دائماً هو سر القوة الخالدة. كذلك فإنه من أعظم ضمانات بقاء الصلة بين القيادات الشعبية وقواعدها أن تدرك القيادات بوضوح أن القيادة خدمة عامة وليست انتفاعاً شخصياً. أيها الإخوة المواطنون: إن المسئولية التى استقرت اليوم فى أيديكم مسئولية هائلة، إن هذه الأيدى يتعين عليها اليوم أن تشكل ملامح المستقبل فى الجمهورية العربية المتحدة، وطننا الذى هو فى نفس الوقت طليعة النضال العربى الحر، وقاعدته، وقلعته من المحيط إلى الخليج. لقد وصلت إليكم فى فترة حاسمة من التطور البشرى أمانة كفاح أجيال متلاحقة، وصلت إليكم آمال كبرى وعقائد واضحة ترسم الطريق إلى هذه الآمال. لقد كافحت أجيال من أمتكم لكى تحدد لكم الطريق إلى المستقبل، وكافحت أجيال من أمتكم لكى تقدم اقترابكم منه خطوة بعد خطوة، وكافحت أجيال من أمتكم لكى تصلوا إلى نقطة بدايته، وكافحت أجيال من أمتكم لكى ترسم لكم معالمه، هدى يقود خطاكم عليه وعقائد تدفع وصولكم إلى أهدافه. أيها الإخوة المواطنون: لقد انتظرت هذا اليوم طويلاً، وعملت بجهدى وطاقتى حتى تجئ لحظة الزحف المقدس. وكمواطن من أبناء هذه الأمة العربية فإنى قد أعطيت هذه التجربة الرائعة التى بدأتها أمتنا، إيمانى كله، جهدى كله، دمى كله، إذا اقتضى الأمر. وإنى لأعلم علم اليقين أننى لن أكون على هذا الطريق وحدى، ولن تكونوا معى وحدكم؛ إنما سنكون شعباً بأسره، أمة بأكملها، تعلى مشيئة الله بحفظ كرامة الإنسان. والسلام عليكم ورحمة الله.

د. يحي الشاعر

 

 

[ميزوبوتاميا]

نعم ياريس تعلي مشيئة اللة بحفظ كرامة الانسان هكذا كنت معنا دائما وكنا معك نستمع إليك وتقودنا الى شاطىء

الامان هكذا كنت ياريس دائما البطل المغوار الشهم الصعيدى من بني مر شهامة وكرامة وعزة نفس ورفعة راس

ياأحلى عبد الناصر رأينا وعشنا معك أحلى الايام واللحظات بمرها وحلوها وكنت دائما السباق الى تقديم العون

لكل إخوانك في الوطن العربي وتحملت كل الالام لاجلنا لاجل الامة العربية لاجل الوطن العربي من المحيط الى

الخليج ، خليجنا العربي الذي غيروا اسمة اليوم الى الفارسى ويا خوفي أن يغيرونا من عربا الى أعاجم .

لك الرحمة ولك الخلود ولك كل الحب ياأبا خالد ياأبو العرب يافارس بنى مر ياساكن أعماق قلبي ولست في منشية

البكري يا نا ئما بين الجفون وصوتا عـذبا قويـا يتخلل الى المسامع (أيها الأخوة المواطنون )

نعم نعم أنت أخونا وحبيبنا وزعيمنا ورائدنا وقا ئد نا وأبونا وريسنـا وريســنا وريســنا ياأزكى من الفل .

 

 

[ehabtaher]

فترة حكم جمال عبد الناصر

قاد عبد الناصر مجموعة من المفاوضات لخروج الإنجليز من مصر، حيث نجح فى ذلك عام 1954. وبعد أن رفض البنك الدولى تمويل مشروع بناء سد أسوان، قام عبد الناصر بتأميم قناة السويس للإنفاق من عائداتها على مشاريع تنمية البلاد. مما أثار غضب بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وقاموا بمهاجمة مصر فيما عرف بالعدوان الثلاثى! ثم قام جمال عبد الناصر بدمج مصر مع سوريا، فيما عرف بإسم الجمهورية العربية المتحدة. ورغم أنها استمرت ثلاث سنوات فقط، إلا أن مصر احتفظت بنفس الإسم لعدة سنوات قادمة. وفى عام 1962، اشتركت مصر فى حرب اليمن لمساندة الحركة الجمهورية، مما أدى الى إنفاق الكثير من الأموال وخسارة الكثير من الأرواح فى هذه الحرب.
وفى عام 1967 قامت إسرائيل بمهاجمة وتدمير الطيران المصرى فيما يسمى بنكسة 1967. وأدت الى وصول الجيش الإسرائيلى فى الضفة الشرقية للقناة واحتلالهم شبة جزيرة سيناء. ثم مات عبد الناصر عام 1970 وخلفه محمد أنور السادات.