رجل من أشرف الرجال .. هو ابن فتح الأصيل .. رفض الانغماس في مخازي قيادة السلطة وقبل التكليف بالواجب الوطني فتولى قيادة الشرطة الفلسطينية في الوقت الذي كان كلاب السلطة يفرون إلى رام الله..
اللهم تقبله شهيدا ..
نحسبه كذلك ولا نزكي على الله احدا..
إذا حاولنا أن نتأمل درب المجد سنجده طريق إسفلتي عريض مخضب بالدماء كطرق غزة وتراب فلسطين الذي عجن بدم الشهداء الأحرار فأكسبها عبيرا وقدسية على درب المجد، كان هناك أقوام صرعى احدهم مقطع الأذرع يحتضن بعضديه لواء والآخر يحمل قصيدة أو قلما وكتابا أو سيفاً و مصحفاً ..........
وكان على درب المجد اللواء توفيق جبر رأيناه صريعاً بالقضية الكبرى التي يحملها واللواء الذي كان يرفعه بتأسيس جهاز الشرطة الفلسطينية بشكل مهنى .
الولادة والنشأة
ولد الشهيد توفيق جبر محمد يوسف في مدينة رفح ( جنوب قطاع غزة ) في عام 1954 م , حيث ترعرع وعاش بها أيام فقرها قبل أن يغادرها إلى صفوف الثورة الفلسطينية في الخارج.
- انتمى لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) منذ انطلاقتها عام 1961، وتنقل مع قياداتها حيثما رحلت والى أي مكان، في بيروت ورومانيا وعدد كبير من الدول الشرقية والأوربية .كما عمل أيضا مع قيادات بارزة في فتح في المنافي .
- عمل في الاتحاد العام لطلبة فلسطين وكان احد ابرز نشطائه في الخارج .
- كان اللواء توفيق جبر من أبناء فتح المخلصين، ولذلك كانت ساحات عمله مختصة في جهاز الأمن الفلسطيني فعمل مع أبو إياد ومع أبو جهاد ومع عدد من القادة الفلسطينيين , حتى قال عنه الراحل ياسر عرفات في احد المناسبات ( لو وقف توفيق لينظم السير لأجبر الدبابات على التوقف )
- عمل جبر عقب عودته لغزة عام 1994 مسئولا في جهاز المخابرات العامة (مدير المنطقة الجنوبية في المخابرات) الذي كان يقودها حينها أمين الهندي، تم انتقل بعد خلافات مع رجال السلطة إلى جهاز الشرطة (إدارة العلاقات العامة) الذي كان يقوده في حينها غازي الجبالي.
بداية الخلافات
-اعتقل من قبل الرئيس الراحل ياسر عرفات لأسباب غير معروفة،و قبل رحيل الرئيس أبو عمار كان لتوفيق جبر رحلة خلاف معه نسجت من الخلافات الداخلية فتوترت العلاقات مع ياسر عرفات الذي أمر بسجنه في مقر الشرطة الفلسطينية وهنالك كان مكانه مزارا لكل الوجهاء والمختارين والفعاليات الشعبية الذين ساندوه في محنته ثم أفرج عنه فتولى إدارة العلاقات العامة في الجهاز، وبعدها انتقل للعمل مديرا لشرطة محافظة رفح .
- قبل الحسم كان الشهيد توفيق جبر على خلاف مع قيادة فتح على كل المستويات اذ كان صاحب نظرة ثاقبة حول مصير الحركة ومستقبلها وكما كان يقول دوما هذه ليست فتح التي عرفت وناضلت معها إنها حركة مخطوفة. وقد تغيرت مواقفه السابقة من حركة حماس وخصوصا بعد اقتناعه بمواقفها الوطنية ومنهجها القائم على كتاب الله وسنة نبيه , وإيمانها بان الأرض لن تتحرر إلا بمقاومة المحتل .. وأن حركة فتح ممثلة بقياداتها الموجودة الحالية أصبحت أكثر فسادا ولم تعد تسير على الخطى الوطنية الشريفة , كما أنها قد رسمت في ذهن الكثيرين من أبناء الشعب الفلسطيني صورة مغايرة للحقيقة عن حركة المقاومة الإسلامية حماس .
بعد الانتخابات التشريعية
- بعد الانتخابات التشريعية وفوز حركة المقاومة الإسلامية حماس وتم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية (العاشرة ) برئاسة إسماعيل هنية , فقد تم تعيينه مديرا للمباحث العامة في قطاع غزة ثم انتقل للعمل على رأس جهاز الشرطة الفلسطينية وحتى إقالة هذه الحكومة من قبل سلطة رام الله .
- بعد عملية الحسم العسكري في الرابع عشر من يونيو 2006م , وبعد تفكك الأجهزة الأمنية وفرارها , قررت السلطة الوطنية في رام الله , ممثلة في رئيس السلطة السابق محمود عباس وبإيعاز من اللواء كمال الشيخ ( مدير الشرطة الفلسطينية في رام الله ) بطرده من السلك العسكري وتنزيل رتبته الى جندي بعد ان رفض الانصياع لأوامر السلطة بعدم التعاون مع حكومة الوحدة الوطنية والتمرد عليها وبمقاومة حركة حماس ومنعها من السيطرة على القطاع . حيث بقي في قطاع غزة مع من بقي مع المخلصين والوطنين أمثاله وأمثال العقيد حسين أبو عاذرة ( رئيس جهاز الأمن الوطني في قطاع غزة حالياً ) . وعلى الرغم من الخلافات الكبيرة التي ازدادت حينها بينه وبين حركة فتح التي تربى في أكنافها , فقد كان يردد دوما خلال لقاءاته الصحفية أنه ابن فتح الشرفاء.
- بعد تلك الأحداث التي حدثت في قطاع غزة , وفي إطار خطة إعادة هيكلة وتشكيل الأجهزة الأمنية على أسس وطنية ومهنية , قررت الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة دمج القوة التنفيذية بجهاز الشرطة الفلسطينية , حيث فوجئ الكثير من سكان القطاع بأن الحكومة الفلسطينية قد اختارت الشهيد توفيق جبر ( الذي ينتمي لحركة فتح ) لتولي قيادة الشرطة الفلسطينية من جديد .
خلال هذه الفترة وجد الشهيد توفيق جبر نفسه هذه المرة يعمل جنبا إلى جنب مع الشهيد / الوزير سعيد صيام عدد آخر من قيادات حركة حماس، فما كان من رئيس الحكومة الفلسطينية إسماعيل هنية إلا أن رفع درجته العسكرية إلى رتبة لواء ردا لاعتباره وتقديرا لوطنيته ولإخلاصه لشعبه .
موعد مع الشهادة
في أواخر أيام حياته .. وفي أحد المقابلات التلفزيونية , صرح الشهيد جبر بأنه قد طلب من وزير الداخلية الشهيد / سعيد صيام , اعفاءه من منصبه أكثر من مرة لأنه لم يعد يخشى على هذا الجهاز الذي أسس على حرفية ومهنية عالية وأصبح أفراده على أعلى المستويات العلمية والتدريبية والخبراتية ولكن رفض طلبه , كما أشار بأنه كان يقوم بترتيب وتنظيف مكتبه بنفسه دليلا على تواضعه واخلاصه الجم .
- في أول قصف صهيوني في الهجوم الواسع على قطاع غزة يوم السبت 27/12/2008 وأثناء رعايته حفل تخريج عناصر من الشرطة في مقر الجوازات (الصواب هو المشتل كما في الفيديو) بغزة استشهد اللواء توفيق جبر عن عمر يناهز 55 سنة واستشهد معه العشرات من رجال الشرطة ومن بينهم رئيس جهاز الأمن والحماية العقيد / إسماعيل الجعبري . حيث أكد العديد من شهود العيان بأنه قد خرج من المقر بعد أول قصف ولكن اثر إلا أن يعود لإنقاذ المصابين والشهداء في القصف , فما كان إلا أن عاجلته صواريخ الغدر في القصف الثاني ليسقط شهيداً مضرجا بدمائه .. (الذي أعلمه انه كان من اوائل من استشهدوا في القصف الأول..وقد جرح أحد أنسبائي في القصف الثاني خلال مشاركته في الإنقاذ)..
- في اليوم التالي 28 /12/ 2008 م خرج الآلاف في تشييع جثمانه في مدينة رفح مسقط رأسه .
- تقديرا لمجهوداته طوال فترة عمله ولسيرته ولكفاحه ولإخلاصه ولوطنيته . فقد قررت الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة ترقيته إلى رتبة ( فريق)
المصدر: منتديات طيور الجنة - من قسم: منتدى فلسطين والقضية
ووقف فعلا ينظم المرور قبيل استشهاده بأيام: