تحليل مكاسب وخسائرحرب العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956 لجميع الأطراف
الخميس, 05 مارس 2009 20:15
لقد تميزت حرب العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956 بأنها الحرب التي كسبها سياسيا أحد جانبيها المتضادين ( مصر ) بينما كسبها عسكريا الجانب الآخر ( إنجلترا وفرنسا وإسرائيل )
|
اقتباس |
|
|
|
|
|
|
|
|
أما بالنسبة لأطراف التواطؤ الثلاثة فقد كانت بريطانيا هي التي نزلت بها أفدح الخسائر لعدة أسباب :
1. أثار التواطؤ جدلا سياسيا صاخبا بين الأحزاب السياسية وطوائف الشعب البريطاني إنقسم بسببة الرأي العام العالمي الى أقسام متناوئة أفسدت التجانس القومي وأشعلت نيران العداوة والبغضاء بين الجماهير ثم أسقطت حكومة أنتوني إيدن في يناير 1957.
2. فقدت بريطانيا إحترام الرأي العام العالمي وأدانت الأمم المتحدة عدوان بريطانيا على مصر وأجبرتها على إيقافة وسحب قواتها المسلحة من مسرحه.
3. خسرت بريطانيا قاعدتها المسلحة الضخمة في قناة السويس وكل ما كانت تحتوي علية من عتاد ضخم.
4. تدهور مركز بريطانيا السياسي والأدبي كما إستحكمت أزمتها الإقتصادية بتدهور قيمة الجنيه الإسترليني بالقدر الذي دفعها للإستدانة من الولايات المتحدة الأمريكية لتنقذ إقتصادها من الإنهيار
5. زادت الأعباء المالية والإدارية على الجهاز الحكومي بالقدر الذي دفعه الى تقليص وجوده في الشرق الأوسط وجنوب آسيا فيما عرف بسياسة شرق السويس.
أما فرنسا فالموقف لها كان كالتالي:
1. فقدت ممتلكاتها ونفوذها في مصر والعالم العربي بما إضطرها الى الجلاء عن الجزائر وتونس والمغرب كما فقدت مستعمراتها في غرب أفريقيا وعن أفريقيا الاستوائية.
2. سقطت الإمبراطورية الفرنسية الرابعة نتيجة الأحداث الدامية التي وقعت في الجزائر وقيام مجموعة من الجنرالات الفرنسيين بشق عصا الطاعة على الحكومة الشرعية مما ترتب علية عودة الجنرال ديجول لتولي السلطة في الجمهورية الفرنسية الخامسة التي انتهجت منح المستعمرات الفرنسية استقلالها.
3. اضطرت فرنسا الى البحث عن وسيلة جديدة للإحتفاظ باستقلال قرارها السياسي كدرس مستفاد من العدوان الثلاثي الذي نال من حريتها في إدارة الأزمات وفق المصالح الوطنية الفرنسية. وهكذا ولدت قوة الضرب الفرنسية المستقلة التي دخلت بها فرنسا النادي النووي.
أما إسرائيل فالموقف لها كان كالتالي:
1. هزيمة الجيش المصري وتدمير جزء كبير من سلاحة الشرقي وما ترتب على ذلك من اكتساب قواتها المسلحة مكانة عسكرية عالمية ورفعت من معنويات الشعب اليهودي كما وثقت ارتباطات الجاليات اليهودية بدولة اسرائيل وذادت من تدفق التبرعات والهبات المادية والعينية عليها
2. نفذت إسرائيل الى الترسانة العسكرية الفرنسية حيث حصلت منها على نوعيات من الطائرات النفاثة الأسرع من الصوت وأنواع متطورة من الدبابات والمجنزرات علاوة على حصولها على المفاعل النووي الشهير الذي أهلها لدخول النادي النووي العالمي وكان مهندس هذه العملية كما هو معروف شيمون بيريس.
3. حققت اسرائيل حرية الملاحة في خليج العقبة لسفنها الحربية والتجارية كما ربطت ميناء ايلات بالطرق البحرية التجارية العالمية ( وهذه النقطة بالذات هي مدخل حرب 67 ).
وأنا أعتبر أن هذه من أهم النقاط التي تم كسبها في تلك الحرب ..
أما المجال الدولي فالموقف له كان كالتالي:
1. كانت تلك الحرب بمثابة فصل الختام للحروب الإستعمارية وناهية لدبلوماسية مدفع السفينة كما أنها أكدت إستحالة اشتعال حروب نووية وانتهاج الدول لاستراتيجية الدمار الشامل المتبادل.
2. لم تكن حرب العدوان الثلاثي على مصر علامة بارزة فحسب في سجل تخلص حركات التحرير الإفريقي من الإستعمار بل كانت المعول الذي حطم بقايا هياكل الإمبراطوريات الإستعمارية الكثيرة في العالم.
3. إقتنعت الكثير من الدول بأن التدخل المباشر السافر ضد الآخرين ينطوي على مخاطر جسيمة بينما يستطيع العمل الغير مباشر أن يحقق الأهداف المنشودة .
أما مصر فالموقف لها كان كالتالي:
1. إنهاء مشكلة تأميم شركة قناة السويس بما يحفظ لمصر حقوقها المشروعة
2. إلغاء المعاهدة المصرية البريطانية وتحطيم آخر الأغلال التي كانت تقيد حرية مصر وتربطها بالإستعمار الغربي وتفقدها جزء من ملكيتها على ترابها الوطني ليقيم عليه هذا الإستعمار قواعده .
3. إستيلاء مصر على القاعدة العسكرية البريطانية على ضفتي القناة بكل ما تحويه من أسلحة ومعدات وذخائر ضخمة .
4. تمصير الإقتصاد المصري .
5. إعلاء شأن مصر إقليميا ودوليا وتبؤها مركز الصدارة والريادة للعالم العربي بصفة خاصة والعالم الثالث بصفة عامة .
6. أصبحت القومية العربية حقيقة على أرض الواقع وليس شعار .
7. بتأميم قناة السويس فتح بنكا يدر على مصر أرباح تتضاعف سنويا على مر الزمن بمعدل نمو كبير يصل الى 6% سنويا ، لقد كان دخل القناة سنة 1955 حوالي 35 مليون جنيه أي 100 مليون دولار وفقا لقيمة الجنيه المصري حين ذاك كانت مصر تتقاضى مليون جنيه فقط أي ثلاثة مليون دولار سنويا ، وفي سنة 2004 أصبح دخل القناة 17 مليون دولار يوميا .
وبذلك أصبح جمال عبد الناصر مشاركا مشاركة فعلية وعملية في تنمية مصر حتى بعد رحيلة وهذه نقطة تحسب له رغم إختلافي الجزئي معه سياسيا وفي طريقة التنفيذ .
|
|
|
|
|
|
د. يحى الشاعر