عدوان اسرائيلي بالتقسيط على غزة
رأي القدس
2010-12-21
الغارات الجوية الاسرائيلية على قطاع غزة باتت روتيناً يومياً، فلا يمر يوم دون ان يسقط شهداء او جرحى من جرائها، ناهيك عن ترويع المحاصرين البسطاء من اصواتها الرعدية نتيجة لكسر حاجز الصوت.
الذرائع التي تتذرع بها السلطات الاسرائيلية هي اطلاق صواريخ وقذائف من قطاع غزة، باتجاه المستعمرات الاسرائيلية في النقب او شمال قطاع غزة، وهي الصواريخ التي يسقط معظمها في اماكن مفتوحة، ولم تقتل حتى الآن اسرائيلياً واحداً.
من الواضح ان القيادة الاسرائيلية تعمل على تفجير الاوضاع في قطاع غزة، من خلال خلق الذرائع، واستفزاز حركات المقاومة للاقدام على ردود على هذه الغارة، الامر الذي يمهد او يبرر، من وجهة النظر الاسرائيلية، غزواً جديداً للقطاع على غرار غزو عام 2007 الذي تصادف ذكراه الثالثة هذه الايام.
الاوضاع كانت هادئة في القطاع بحكم منع حركة 'حماس' اي محاولة لاطلاق صواريخ باتجاه اهداف اسرائيلية، لقطع الطريق على مخطط الغزو الاسرائيلي المذكور، وهو هدوء ازعج الاسرائيليين ولذلك اقدموا على نسفه من خلال اغتيال احد قادة تنظيم اسلامي سلفي، قالت انه يتبنى افكار وايديولوجية تنظيم 'القاعدة' الاصولي.
عودة الاسرائيليين الى سياسة الاغتيالات لقادة فصائل المقاومة في قطاع غزة ودون اي مبرر هي استفزاز مقصود ومدروس بعناية لدفع هذه الفصائل الى الاقدام على ردود انتقامية ثأرية، وهذا ما يفسر موجة الصواريخ والقذائف الاخيرة التي انطلقت من القطاع مؤخراً بعد غياب استمر ثلاث سنوات تقريباً.
الجنرال غابي اشكنازي رئيس هيئة اركان الجيش الاسرائيلي توعد يوم امس بشن هجمات شديدة ضد قطاع غزة، ونقل عنه موقع الجيش الاسرائيلي قوله في اجتماع للجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست الثلاثاء 'ان الواقع في غزة قد يصبح هشاً، وقابلاً للانفجار، وليس لدينا ضمان بان الوضع لن يتدهور'.
تصريحات اشكنازي هذه اذا ما نظرنا اليها في ظل الغارات اليومية على القطاع، ونشر تقارير عن امتلاك حركة 'حماس' صواريخ مضادة للدبابات، تصب في مجرى التحليل الذي يتوقع اجتياحاً اسرائيلياً جديداً للقطاع، ربما يتزامن مع عدوان آخر على لبنان.
المقاومة الاسلامية في قطاع غزة لا تملك صواريخ مضادة للدبابات متطورة او متأخرة، فكيف ومن اين ستحصل عليها وهي محاصرة لا تستطيع ادخال كيس اسمنت واحد لاعمار عشرات الآلاف من البيوت المدمرة من جراء العدوان الاسرائيلي الاخير؟
لا يوجد اصلاً ميزان قوى بين اسرائيل الدولة الاقليمية العظمى المدججة بالاسلحة والمعدات الامريكية الحديثة، وفصائل المقاومة المجردة من جميع الاسلحة غير سلاح الايمان، والرغبة في الشهادة والانتقال من دار الفناء الى دار البقاء.
الاجتياح الاسرائيلي لو تم فعلاً سيكون مثل الاجتياح السابق، اي طريق من اتجاه واحد، قصف اسرائيلي من البر والبحر والجو على اناس عزل محاصرين في مساحة لا تزيد عن 150 ميلاً مربعاً اسمها قطاع غزة.
الشعب الفلسطيني سيقاوم العدوان الجديد في حال حدوثه، مثلما قاوم العدوان السابق بما لديه من امكانيات محدودة. فالجيش الاسرائيلي اعتمد القصف الجوي والبري والبحري والقنابل الفوسفورية المحظورة عالمياً لتجنب وقوع خسائر في صفوف قواته، وهذا يعني الجبن بعينه. فماذا يفعل المدافعون العزل في مواجهة دبابات حديثة وطائرات اكثر حداثة، وزوارق حربية مدججة بالصواريخ؟
اسرائيل ارتكبت مجزرة في قطاع غزة راح ضحيتها حوالى 1400 شخص من بينهم 450 طفلاً، ومن المؤكد ان هذا الرقم على ضخامته سيكون متواضعاً في ظل عدوان جديد تشنه اكثر الحكومات يمينية وتطرفاً في تاريخ اسرائيل.
المؤلم ان العدوان الجديد سيقابل بالتجاهل نفسه الذي واجهه العدوان السابق من قبل انظمة عربية تدير وجهها الى الناحية الاخرى، وتتصرف وكأن الامر لا يعنيها وكأن الضحايا من غير صنف البشر، وليسوا عرباً ومسلمين.
فاسرائيل لم تعد عدواً للكثير من الحكومات العربية، وما هو اخطر من ذلك، ان هذه الحكومات العربية تعتبر عدو اسرائيل هو عدوها والعكس صحيح.