شريفة

[إكرام يوسف]

الصحف المصرية والعربية

نشر للمرة الأولى في أواخر فبراير 2008 بملحق "حياتنا" الذي كان يصدر بجريدة العالم اليوم






شريفة!




إكرام يوسف
الحوار المتمدن - العدد: 2207 - 2008 / 3 / 1
المحور: الادب والفن



رشحتها إحدى المعارف لمساعدتي في أعمال المنزل.. ربة بيت صعيدية، لم يسبق لها العمل خارج بيتها.. دفعتها ظروف الحياة وضغوطها، وجدعنة فطرية تتمتع بها المرأة المصرية، للكفاح إلى جانب الزوج لمواجهة أعباء الحياة.. لاحظت أنها تتمتع بسذاجة منقطعة النظير لا تتناسب مع عمرها.. زالت دهشتي عندما عرفت أنها لم تعرف في حياتها سوى بيت أبيها حتى تزوجت في الثالثة عشر من ابن عمها، وجاءت لتقيم معه في إحدى ضواحي المدينة، ومن يومها لم تبارح البيت.. ربما لهذا السبب لم تستطع المدينة أن تلوثها، فاحتفظت بنقاء قلبها، وأصالة أخلاق تربت عليها في قريتها البعيدة.. نظافتها الشخصية لا تفوقها إلا نظافة يدها..أمانة منقطعة النظير، وعفة نفس، وترفع عن الحرام؛ قل أن تجد مثيلها لدى بعض أصحاب المناصب العليا.. المرة الأولى التي رافقتني فيها لشراء بعض مستلزمات المنزل، هالني انبهارها البالغ بما تراه في متجر كبير تدخله للمرة الأولى رغم أن العاصمة تزخر بالعشرات من أمثاله.. لن أنسى ما حييت هلعها وصراخها وتوسلاتها التي لفتت أنظار المتسوقين عندما جذبتها لنصعد على السلم الكهربائي!
خطر في بالي أن محو أميتها ربما يساعدها على تحصيل بعض ما فاتها من معرفة، ويزيد قدرنها على استيعاب ماحولها.. عرضت عليها الفكرة فابتسمت في حيرة، ثم قالت "ينفع يعني؟".. أجبتها "ولم لا.. تعالي نكتب اسمك.. شادية". كتبت لها حروف اسمها، وطلبت منها أن ترددها لتحفظها.. طريقة رسمها للحروف جعلتني أسرح بفكري.. ربما خسرنا رسامة مبدعة كان من المفترض أن تكون؛ لو لم تحرم في طفولتها من التعليم!.. فكرت أيضا في عدد المواهب ولعقول المبدعة التي كان من الممكن أن تكون لدينا لولا الأمية.. لعنة الله عليها وعلى أسبابها ومسببيها.
في اليوم التالي جاءت تعرض علي "كراسة الواجب"، قررت أن أمتحنها وطلبت منها أن تتهجى حروف اسمها.. قالت "شين، ألف، دال، ييه ،عين مربوطة" قلت لها غاضبة "الحرف الأخير غلط !".. قالت "ميم مربوطة".. كررت "غلط !" قالت "دال مربوطة"..ثم بنفاذ صبر وبلهجة صعيدية غاضبة "على فكرة بجى أنا ما اسميش شادية خالص"..فوجئت "أمال اسمك إيه؟"..ردت "أنا فعلا كان اسمي شادية في شهادة الميلاد.. لكن لما جم يجوزوني وعندي تلاتاشر سنة عملولي شهادة تسنين باسم شريفة عشان يعملوا سني 16".. وسألتها "يعني اسمك في قسيمة الزواج شريفة؟" ردت "أيوة"، سألت "وفي شهادات ميلاد أولادك؟" قالت: "شريفة".. تذكرت في جزع أنني شجعتها على عمل بطاقة شخصية حتى تستطيع فتح دفتر توفير.. وطلب منها الموظف شهادة ميلادها، فأطاعته وأحضرت شهادة ميلادها الحقيقية، وصدرت البطاقة باسم شادية!.. فكرت في مصيبة كونها تحمل الآن شهادة ميلاد تختلف عن اسمها في قسيمة الزواج.. أسرعت إلى التليفون أتصل بمحام صديق لأطلب منه إيجاد حل قانوني لتصحيح الاسم، كنت أتكلم معه بعصبية راجعة لإحساسي بالورطة التي أوقعت نفسها فيها.. وأنا أسهب في شرح الموقف للمحامي وأطلب منه سرعة التحرك.. وجدتها واقفة عند باب الحجرة تقول بلهجة أهل المنيا ذات الحروف الممطوطة "داني ماصدجت حفظت شادية.. هي شريفة فيها نوجاط (نقط)؟" .. بصوت يملؤه السخط، جاوبتها "فيها نجط وعين مربوطة كمان!"..
شريفة الآن تحمل بطاقة شخصية سليمة، وتستطيع أن تذهب إلى أي مكان وحدها، وتستخدم مترو الأنفاق دون خوف من السلم الكهربائي؛ بعدما تعلمت القراءة والكتابة.. بل أنها وعدتني أنها ستواصل المذاكرة حتى تستطيع أن تحمل عني عبء كتابة المقالات التي ترهقني!

 

[fatfouta]

ربنا يكرمك يا اكرام يارب
عجبتنى جدااا بحب انا الحاجات الانسانية دى جدااا جدااا
تسلم ايدك بجد مقال شيق

 

 

[bond]

هههههههه
برافو الحقيقة انك عملتى لها البطاقة عشان تعرف تشارك فى الانتخابات
وكده لها اسمين يعنى لها صوتين
عظيمة يامصر 40 % من الاصوات الصحيحة
زى شريفة كده لا للبرادعى نعم للاستقرار
لا للسلم الكهربى

 

 

[مودة]

دعوه لموضوعي

مدونة مودتي بلا حدود

الله يامدام اكرام قصة من الواقع تحمل في طياتها الكثير
طيب ودلوقت المشكلة اتحلت ولا ايه اللي حصل
هي كل مشكلتها في نقاط حرف الشين والعين المربوطة
مدام اكرام اسلوبك رائع في القصة القصيرة
خدي دول مني ممكن

 

 

[Bahy]

قصة شيقة جدا وواقعية وواضح فيها خفة دم حضرتك فعلا مشكلة الامية دى ما بتقتصرش على القراية و الكتابة بس دى بتاثر على اسلوب حياة كامل انا بحب اوى اسلوب الكتابة ده :)

 

 

[إكرام يوسف]

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة fatfouta ربنا يكرمك يا اكرام يارب عجبتنى جدااا بحب انا الحاجات الانسانية دى جدااا جدااا تسلم ايدك بجد مقال شيق

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bond هههههههه برافو الحقيقة انك عملتى لها البطاقة عشان تعرف تشارك فى الانتخابات وكده لها اسمين يعنى لها صوتين عظيمة يامصر 40 % من الاصوات الصحيحة زى شريفة كده لا للبرادعى نعم للاستقرار لا للسلم الكهربى

يا راجل؟ بقى انت تصدق اني أعمل كده؟ لأ طبعا وحدنا المسائل وخدت منها بطاقة شادية ومش معاها غير بطاقة واحدة دلوقت

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مودة الله يامدام اكرام قصة من الواقع تحمل في طياتها الكثير طيب ودلوقت المشكلة اتحلت ولا ايه اللي حصل هي كل مشكلتها في نقاط حرف الشين والعين المربوطة مدام اكرام اسلوبك رائع في القصة القصيرة خدي دول مني ممكن

الحمد لله حلينا المشكلة.. واتعلمت تقرا وتكتب لدرجة اني لما سافرت بعتت لي جواب مليان اخطاء إملائية لكن أهو جواب.. وهي قعدت معايا أكتر من 17 سنة لدرجة اني كنت سايبة معاها مقتاح الشقة، واسافر وابقى مطمنة على انها حتروح للأولاد.. تنضف لهم الشقة وتعمل لهم الأكل وتغسل هدومهم أحيانا وهمه نايمين أو وهمه برة الشقة.. وبقوا يسيبولها على باب أوضتهم ورقة بالطلبات اللي عايزينها.. تقرا وتنفذ... الكلام ده من كام سنة وبقيت اجيب لها قصص اطفال تقراها وهي مستمتعة.. لكن هي بتحب القراءة اكتر من الكتابة.. ودلوقت جوزت ولادها وكبرت ومابقتش محتاجة شغل كتير بتروح تنضف مكتب زياد بس مرة في الأسبوع على قدها لان المكتب صغير ومفروش موكيت ومش محتاج مسح ولا دعك بس عرفت انها نسيت الكتابة تقريبا لكن لسة بتفك الخط وبتقرا عناوين الشوارع وأسامي محطات المترو واسامي المحلات

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Bahy قصة شيقة جدا وواقعية وواضح فيها خفة دم حضرتك فعلا مشكلة الامية دى ما بتقتصرش على القراية و الكتابة بس دى بتاثر على اسلوب حياة كامل انا بحب اوى اسلوب الكتابة ده :)

فعلا اتضح ان العلم نور بجد..بعد ما بقت تفك الخط دماغها صحصحت أكتر.. أول ما جت كنا ساكنين في أول فيصل وما كانتش تقدر تروح لغاية ميدان الجيزة لوحدها.. بعد كده أنا رحت أكتوبر واتهيألي انها مش حتعرف تيجي، قلت لجوزها يركبها المايكروباس من فيصل وانا استناها عند موقف المايكروباصات في اكتوبر، يومين والتالت اتصلت بيا وقالت لي ما تستنينيش أنا عرفت البيت لوحدي.
بعد كده عزلنا جنب جنينة الحيوانات جت ورايا.. وكانت حامل لقيتها طالعة السلم للدور الخامس عشان خافت من الأسانسير ..خدتها وقعت اطلعها وانزلها بالأسانسير لغاية ما بقت فوريرة.. ولما اتنقلنا العجوزة بقت تيجي بالمترو لغاية الدقي، وقالت لي انها بقت بتحب السلم الكهربائي وبتزعل لما يكون عطلان.. مع انها أول مرة شافته رقعت بالصوت ولمت علينا أمة لا إله إلا الله وهي عمالة تقول"لا والنبي يا أستاذة.. حاطلع عالسلم يا أستاذة.. والنبي بلاش يا أستاذة" لدرجة الناس اتلموا وافتكروني بأذيها... وأنا كنت واقفة زيالست الناظرة ابص لها بحزم واقول لها "لو صرختي تاني حتطلعي وتنزلي لوحددك تاني"
أول ما عرفتها ما كانتش بتعرف تمسك المكنسة العادية أم عصاية طويلة.. وكانت عايزاني اجيب لها مقشة من بتاعة ليف النخيل الحمرا.. اللي بيكنسوا بيها الأراضية الترابية.. كانت أول مرة تتعامل مع أرضية بلاط..دلوقت بقت تعرف تتعامل مع المكنسة الكهربائية واشترت مؤخرا غسالة فول اوتوماتيك لنفسها.. وبقت تعرف تطبخ اصناف من الأكل تغيظ بيها حماتها
نسيت أقول لكم انها بقت تعرف تسافر بلدها في المنيا لوحدها.. وتروح لخواتها في حلوان..وكمان ابتدت تتمرد على جوزها لأنه مستعبط وعايز يقعد وهي تصرف عليه.. وخلاها تجهز البنتين من غير ما يجيب معلقة في الجهاز.. بقت تعرف تغضب وتسيبله البيت وتسافر هههههه

 

 

[bond]

من كتر ما بتغيرى مكان الاقامة ابتدت احس انك ساكنه فى العربية
ركنتى فى فيصل وبعدين وقفتى شوية فى اكتوبر وبعدين طلعتى على الجيزة ودلوقت راكنه فى العجوزة!!!!!!!

 

 

[Eng Hesham]

حماتها عمرها ما هاتسامحك على السطر الاخير دا يا استاذه اكرام

كله كوم و انها تدوق ابنها اكل احسن من اكلها كوم تاسع

 

 

[سيد جابر]

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مودة الله يامدام اكرام قصة من الواقع تحمل في طياتها الكثير طيب ودلوقت المشكلة اتحلت ولا ايه اللي حصل هي كل مشكلتها في نقاط حرف الشين والعين المربوطة مدام اكرام اسلوبك رائع في القصة القصيرة خدي دول مني ممكن

يعنى ده مش رأيى انا بس يا أستاذه .
إمتى بقى نخلص صحافه وترجمه ونتفرغ للإبداع .

 

 

[بندق]

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إكرام يوسف يا راجل؟ بقى انت تصدق اني أعمل كده؟ لأ طبعا وحدنا المسائل وخدت منها بطاقة شادية ومش معاها غير بطاقة واحدة دلوقت الحمد لله حلينا المشكلة.. واتعلمت تقرا وتكتب لدرجة اني لما سافرت بعتت لي جواب مليان اخطاء إملائية لكن أهو جواب.. وهي قعدت معايا أكتر من 17 سنة لدرجة اني كنت سايبة معاها مقتاح الشقة، واسافر وابقى مطمنة على انها حتروح للأولاد.. تنضف لهم الشقة وتعمل لهم الأكل وتغسل هدومهم أحيانا وهمه نايمين أو وهمه برة الشقة.. وبقوا يسيبولها على باب أوضتهم ورقة بالطلبات اللي عايزينها.. تقرا وتنفذ... الكلام ده من كام سنة وبقيت اجيب لها قصص اطفال تقراها وهي مستمتعة.. لكن هي بتحب القراءة اكتر من الكتابة.. ودلوقت جوزت ولادها وكبرت ومابقتش محتاجة شغل كتير بتروح تنضف مكتب زياد بس مرة في الأسبوع على قدها لان المكتب صغير ومفروش موكيت ومش محتاج مسح ولا دعك بس عرفت انها نسيت الكتابة تقريبا لكن لسة بتفك الخط وبتقرا عناوين الشوارع وأسامي محطات المترو واسامي المحلات فعلا اتضح ان العلم نور بجد..بعد ما بقت تفك الخط دماغها صحصحت أكتر.. أول ما جت كنا ساكنين في أول فيصل وما كانتش تقدر تروح لغاية ميدان الجيزة لوحدها.. بعد كده أنا رحت أكتوبر واتهيألي انها مش حتعرف تيجي، قلت لجوزها يركبها المايكروباس من فيصل وانا استناها عند موقف المايكروباصات في اكتوبر، يومين والتالت اتصلت بيا وقالت لي ما تستنينيش أنا عرفت البيت لوحدي. بعد كده عزلنا جنب جنينة الحيوانات جت ورايا.. وكانت حامل لقيتها طالعة السلم للدور الخامس عشان خافت من الأسانسير ..خدتها وقعت اطلعها وانزلها بالأسانسير لغاية ما بقت فوريرة.. ولما اتنقلنا العجوزة بقت تيجي بالمترو لغاية الدقي، وقالت لي انها بقت بتحب السلم الكهربائي وبتزعل لما يكون عطلان.. مع انها أول مرة شافته رقعت بالصوت ولمت علينا أمة لا إله إلا الله وهي عمالة تقول"لا والنبي يا أستاذة.. حاطلع عالسلم يا أستاذة.. والنبي بلاش يا أستاذة" لدرجة الناس اتلموا وافتكروني بأذيها... وأنا كنت واقفة زيالست الناظرة ابص لها بحزم واقول لها "لو صرختي تاني حتطلعي وتنزلي لوحددك تاني" أول ما عرفتها ما كانتش بتعرف تمسك المكنسة العادية أم عصاية طويلة.. وكانت عايزاني اجيب لها مقشة من بتاعة ليف النخيل الحمرا.. اللي بيكنسوا بيها الأراضية الترابية.. كانت أول مرة تتعامل مع أرضية بلاط..دلوقت بقت تعرف تتعامل مع المكنسة الكهربائية واشترت مؤخرا غسالة فول اوتوماتيك لنفسها.. وبقت تعرف تطبخ اصناف من الأكل تغيظ بيها حماتها نسيت أقول لكم انها بقت تعرف تسافر بلدها في المنيا لوحدها.. وتروح لخواتها في حلوان..وكمان ابتدت تتمرد على جوزها لأنه مستعبط وعايز يقعد وهي تصرف عليه.. وخلاها تجهز البنتين من غير ما يجيب معلقة في الجهاز.. بقت تعرف تغضب وتسيبله البيت وتسافر هههههه

هل تغيير السكن المتوالى كان القصد منه تعليمها كيفية الحركة ولا تدويخها؟ ولا ايه بالظبط

تحياتى يا أستاذة