ثانياً: نظر الاقتراحات المحالة إلى اللجنة :
سبقت الإشارة إلى تشكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية لجنة فرعية من بين أعضائها وفقاً لحكم المادة (54) من اللائحة الداخلية، عهدت إليها ببحث الاقتراحات المحالة في شأن طلب التعديل.
وبتاريخ 31 مارس 2019 عقدت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية اجتماعاً، ناقشت فيه الملاحظات العامة التي أبدتها اللجنة الفرعية حول الاقتراحات المحالة إلى اللجنة، حيث قررت تكليف اللجنة الفرعية ذاتها باستكمال دراستها لمجمل الاقتراحات المحالة إليها من أعضاء المجلس ومن الجهات والأشخاص خارجه، وذلك في ضوء نتائج جلسات الاستماع والحوار المجتمعي التي عقدتها لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، وإعداد مشروع تقرير مبدئي بذلك للعرض على اللجنة.
وبتاريخ 9، و10 أبريل 2019عقدت اللجنة اجتماعين برئاسة الـأستاذ الدكتور رئيس المجلس، نظرت فيهما الاقتراحات المقدمة من بعض السادة الأعضاء، وكذا المقترحات الواردة من بعض الجهات والمواطنين ونتائج جلسات الاستماع. كما ناقشت اللجنة تقرير اللجنة الفرعية في هذا الخصوص .
وقد تحدث خلال هذين الاجتماعين (45) عضواً من مقدمي الاقتراحات والسادة الأعضاء، وذلك على النحو التالي:الاجتماع الأول عقد في مساء يوم الثلاثاء 9 أبريل 2019، وتحدث فيه (21) عضواً، والاجتماع الثاني عقد في مساء يوم الأربعاء 10 أبريل 2019، وتحدث فيه (24) عضواً.
ثالثاً: صياغة مشروع التعديل، ومشروع التقرير المبدئي:
في الاجتماع الذي عُقد في 10 أبريل 2019، قررت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية تشكيل لجنة فرعية وذلك لصياغة مشروع أولى لمواد التعديل، وإعداد مشروع التقرير المبدئي للجنة الشئون الدستورية والتشريعية في شأن طلب تعديل الدستور، برئاسة الأستاذ الدكتور علي عبد العال رئيس المجلس، وعضوية هيئة مكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية.حيث عقدت اللجنة الفرعية اجتماعين لهذا الغرض، وخلصت فيه إلى إعداد مسودة للنصوص الدستورية المقترح تعديلها وصياغة مشروع تقرير اللجنة.
رابعاً: اجتماع اللجنة الأخير:
عقدت اللجنة اجتماعاً مساء يوم الأحد الموافق 14 إبريل 2019، نظرت خلاله مشروع تقريرها الذي أعدته اللجنة الفرعية، حيث حضر هذا الاجتماع العلني والعام أكثر من ثلثي أعضائها وفقاً لحكم المادة (138) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب.
القسم الثالث: رأي اللجنة
انطلاقا من قناعة لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بأهمية وخطورة المسألة الدستورية بصفة عامة، وعلى الأخص ما يتعلق منها بإدخال تعديلات على الوثيقة الدستورية، فقد توسعت في دراستها طلب التعديل المطروح لتشمل جميع محاوره وتأثيراته المباشرة وغير المباشرة في النظام الدستوري المصري. ومن ثم فقد بحثت اللجنة المبادئ الدستورية التي يؤسس لها طلب التعديل، والغايات التي تقف وراءه، كما أولت اللجنة عناية فائقة لدراسة جميع الآراء والاجتهادات والاقتراحات سواء تلك التي طرحت خلال جلسات الاستماع أو التي قدمها أعضاء المجلس، أو تلك المقدمة من جهات وأشخاص خارج البرلمان، حتى يتسنى للجنة تحديد مجموعة الأسس والمبادئ العامة التي اهتدت بها في التوصل إلى اقتراح صياغة منضبطة ودقيقة للمواد المطلوب تعديلها. وتؤكد اللجنة على أن القواعد الدستورية إنما هي في حقيقتها انعكاس للأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع، تؤثر فيها وتتأثر بها، وبما أن هذه الأوضاع في تطور وتغير مستمر، بات لزاماً على القواعد الدستورية مواكبة التطورات المختلفة التي ترافق المجتمع، وذلك بإجراء التعديلات الدستورية الضرورية والتي تفرضها سُنة التطور.وتأسيساً على ذلك، فقد أصبح تعديل الدستور ضرورة سياسية وواقعية، لأن مهمة الدستور وضع القواعد الأساسية للدولة وفقاً لأوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وقت صدوره، وهذه الأوضاع بطبيعة الحال تشهد تطورات وتغيرات، وبالتالي لا يمكن تجميد نصوص الدستور تجميداً أبدياً، بل يلزم إتاحة الفرصة لتعديلها كلما اقتضت الضرورة ذلك، حتى تتلاءم مع المتغيرات التي تطرأ على الدولة.
إن غالبية الفقه الدستوري على الصعيدين المحلي والدولي يكاد يتفق على أن جميع النصوص التي تحظر تعديل الدساتير هي نصوص لا تتمتع بقيمة قانونية أبدية، كونها تتعارض وتتنافى مع طبيعة القواعد القانونية وقابليتها للتعديل والتبديل، ذلك بأن الجمود المطلق للدستور يتنافى مع مبدأ سيادة الشعب الذي من حقه التغيير والتعديل في كل وقت.وترى اللجنة أن طلب تعديل الدستور المعروض يرتكز على واقع جديد تعيشه البلاد وخاصة بعد أن اجتازت مصر سنوات البناء الصعبة لمؤسسات الدولة وفقاً لمبادئ ثورتي 25 يناير و30 يونيو، حيث أصبح من الضروري مراجعة بعض أحكام الدستور، لا سيما تلك التي كشف التطبيق العملي لها عن عدم مناسبتها للأوضاع المستقرة للبلاد بعد تجاوز مرحلة تثبيت أركان الدولة. وتقوم فلسفة طلب تعديل الدستور المعرض على بناء مؤسسات قوية ومتوازنة وديمقراطية تستطيع القيام بمسئولياتها بكفاءة، دون المساس بالضمانات الأساسية التي كفلها الدستور.وتؤكد اللجنة أن التعديلات لم تمس الباب الأول في الدستور المعنى بشكل الدولة، ولا الباب الثاني المعني بالمقومات الأساسية للمجتمع سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية، ولا الباب الذهبي للدستور المتعلق بالحقوق والحريات والواجبات العامة، ولا أيضاً بالباب الرابع المتعلق بسيادة القانون، إنما تركزت التعديلات بشكل أساسي على بعض مواد باب نظام الحكم وهو الباب الخامس، وهذا كله مما يجب إيضاحه للسادة النواب والمواطنين.
هذا، وتتمثل الأسس والمبادئ التي تستند عليها التعديلات المقترحة فيما يلي:
أولا: المادة (102):
1- كوتة المرأة: تعديل الفقرة الأولى من المادة (102) :
استعرضت اللجنة المقومات والأسس التي يستند إليها تعديل الفقرة الأولى من هذه المادة وتتعلق بوضع حد أدني لعدد مقاعد المرأة في مجلس النواب، وأن تعديلها يمثل تفعيلاً للمادة (11) من الدستور ذاته، وبالتالي فهو استحقاق دستوري يتوجب استيفاؤه، بالإضافة إلى دور المرأة العظيم في إثراء الحياة السياسية وبعد أن أثبتت مشاركتها الفاعلة في الحياة السياسية ودورها العظيم في هذا الشأن، وأن وضع عدد من المقاعد المحجوزة للمرأة يمثل فرصة لتطوير بعض العادات والتقاليد والتي آن لها أن تتغير.وتشير اللجنة إلى أن هذا التعديل يتسق مع التوصيات التي أقرها مؤتمر الاتحاد البرلمانى الدولى مع هيئة الأمم المتحدة بأنها لاحظت أنه فى عدد من الدول ومنها دول شمال أفريقيا والمنطقة العربية لا تتجاوز نسبة مساهمة المرأة فى البرلمانات 15 إلى 15.5%.وتشير اللجنة إلى أن عدداً من المسائل الفرعية قد أُثيرت خلال نظرها التعديل المقترح على الفقرة الأولى من المادة (102) من حيث تحديد مقدار النسبة المحجوزة لمقاعد المرأة، ومدى استمرارية التمثيل أو تأقيته، وبدء العمل بهذه النسبة وسريانها، يمكن مناقشتها على النحوالتالي:
(أ) تحديد النسبة المحجوزة لمقاعد المرأة:
حدد طلب تعديل الدستور المقدم من أكثر من خُمس عدد أعضاء المجلس نسبة لا تقل عن 25% من إجمالي عدد المقاعد تخصص للمرأة، وأثناء جلسات الحوار المجتمعي واجتماعات اللجنة طلبت بعض المداخلات تخفيض هذه النسبة إلى 15% أو 20%، في حين ظهرت مطالبات أخرى بأن تكون نسبة المقاعد المخصصة للمرأة 35% أو 40% من مقاعد مجلس النواب. كما اتجه رأي آخر إلى أن تشمل النسبة المحجوزة المقاعد المخصصة للمرأة والشباب معاً.وبعد المناقشات والمداولات خلصت اللجنة إلى ما يلي:إن تخصيص مقاعد للمرأة لا يتعارض مع مبدأ المساواة، بل هو نوع من التمييز الإيجابي المستحق للمرأة المصرية.لا يتعارض تخصيص مقاعد للمرأة مع مبدأ تكافؤ الفرص، وإنما هو نوع من المساواة الرافعة.إن التمييز الإيجابي لا يعتبر بذاته أمراً محظوراً إذا كانت الإجراءات التشريعية المتخذة بناء عليه تهدف إلى ضمان المساواة الفعلية في الحظوظ والمعاملة وذلك في مواجهة عدد من العادات والقيم والتقاليد التي آن لها أن تتغير وأن تتبدل بتمكين المرأة وإعطائها المجال والمساحة لاتخاذ القرار والمشاركة في تحمل المسئولية التشريعية والرقابية.وبناء على ما تقدم، فقد خلصت اللجنة إلى الإبقاء على النسبة المخصصة لمقاعد المرأة كما اقترحها مقدمو طلب تعديل الدستور (25%) من إجمالي عدد مقاعد مجلس النواب.
(ب) استمرارية التمثيل المحجوز للمرأة: (التمثيل الدائم/ التمثيل المؤقت):
أثناء جلسات الحوار المجتمعي ظهرت عدة آراء تنادي بأن يكون تخصيص نسبة من مقاعد مجلس النواب مؤقتاً وليس دائماً، بحيث يمكن العمل بهذا التمييز لمدة فصلين تشريعيين أو ثلاثة ثم تعود بعدها الأمور إلى القواعد العامة في الترشح والانتخاب.وقد تدارست اللجنة هذا الرأي، وارتأت أن التمييز الإيجابي عادة ما يكون مؤقتاً وهذا بالفعل صحيح، لكن تصدق هذه القاعدة عندما يكون التمييز الإيجابي وارداً في القانون، أما وأن المقترح وارد في صلب الدستور، فإن الدستور يستطيع أن يضع هذه القاعدة، ما دامت ليس فيها ما يخالف المبادئ الدستورية العامة أو يتعارض مع المواثيق الدولية أو التزامات مصر مع الدول الأخرى، بل على العكس يتفق التمييز الإيجابي في هذه الحالة مع الاتجاهات العالمية نحو ترسيخ تمكين المرأة وإفساح الفرصة والمجال لها.ومن ثم، فقد انتهت اللجنة إلى أنه من المناسب أن يكون التمييز الإيجابي للمرأة دائماً. وتشير اللجنة في هذا الخصوص إلى أنه في ظل تزايد المطالبات بتبني دستور جديد للبلاد، فمن المحتمل وضع دستور جديد، وعندها يمكن إعادة النظر في هذه المسألة.
(ج) بدء سريان هذه النسبة والعمل بها:
أثناء المناقشات في اجتماعات اللجنة، طرح بعض النواب تساؤلاً حول أثر إقرار التعديل المقترح على الفقرة الأولى من المادة (102) على تشكيل واستمرار المجلس الحالي، والعمل به من تاريخ إعلان موافقة الشعب، وهل يترتب علي ذلك أن يصبح مجلس النواب بتشكيله الحالي غير متفق مع نص الدستور، حيث تقل فيه نسبة مقاعد المرأة عن 25% (حالياً هي 15% تقريباً) وبالتالي قد يترتب على ذلك حل هذا المجلس بقوة الدستور.وقد تدارست اللجنة هذا الطرح وانتهت بإجماع أراء أعضائها إلى أن هذه النتيجة ليست من النتائج المقصودة وليست من أهداف النص على الإطلاق، بل إن المنطق القانوني السليم في فهم الحكم الدستوري المقترح للنص بعد تعديله يقطع بأن يسري العمل به ابتداء من الفصل التشريعي التالي للفصل التشريعي القائم.ومنعاً لأي خلاف في التفسير، وتجنباً لأي جدل، فقد انتهت اللجنة إلى ضرورة النص على أن يكون وقت العمل بتخصيص مقاعد المرأة من الفصل التشريعي التالي للفصل القائم
على نحو صريح ويكون ذلك من خلال مادة انتقالية مستحدثة.وتؤكد اللجنة على أن استحداث هذه المادة الانتقالية لا ينطوى على أي مخالفة للدستور أو لائحة المجلس الداخلية، حيث إن مقتضيات حسن الصياغة التشريعية تحتم عدم وضع حكم انتقالي في ثنايا حكم دائم، وأن موجبات حسن الصياغة التشريعية وأفضل ممارساتها تفرد نصوصاً انتقالية لمثل هذه الأحكام المؤقتة، وليس في ذلك استحداث لحكم جديد على خلاف ما أقره المجلس عند موافقته على مبدأ التعديلات، بل هو في صلب وفي نطاق مفهوم التعديل المقترح.
2- حذف المغايرة بين عبارتى "التمثيل العادل للسكان" و "التمثيل المتكافئ للناخبين":
(أ) تنص الفقرة الثالثة من المادة (102) من الدستور على أن: "ويبين القانون شروط الترشح الأخرى، ونظام الانتخاب، وتقسيم الدوائر الانتخابية، بما يراعى التمثيل العادل للسكان، والمحافظات، والتمثيل المتكافئ للناخبين، ويجوز الأخذ بالنظام الانتخابي الفردي أو القائمة أو الجمع بأي نسبة بينهما".
يهدف التعديل المقترح لهذه الفقرة إلى إلغاء المغايرة بين عبارتي "التمثيل العادل للسكان" و "التمثيل المتكافئ للناخبين" في مسألة تقسيم الدوائر الانتخابية نظراً لما أفرزه الواقع العملي من وجود أكثر من تفسير لها، وصعوبة تطبيقها وتفادياً للطعن بشبهة عدم الدستورية مستقبلاً.واستعرضت اللجنة الأعمال التحضيرية لقانون تقسيم الدوائر الانتخابية لمجلس النواب، فتبين لها أن هذه العبارة حملت تفسيرات وتأويلات كثيرة، بالنظر إلى المغايرة بين كلمتي "السكان" و "الناخبين"، فعدد السكان وفقاً لآخر التقديرات كان 97 مليون نسمة تقريباً، في حين أن عدد الناخبين وصل وفق آخر إحصاء لقاعدة بيانات الناخبين بالهيئة الوطنية للانتخابات بلغ 59078138 تقريباً (في الانتخابات الرئاسية أبريل 2018).وحيث استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن: التمثيل العادل للسكان يعني أن يمثل النائب في أية دائرة من الدوائر الانتخابية ذات العدد من الناخبين الذي يمثله باقي النواب في الدوائر الأخرى مما مؤداه وجوب مراعاة التمثيل المتكافئ الناخبين في المجالس النيابية، ولا يعني هذا المبدأ أن يكون التساوي بين أعداد من يمثلهم النائب في كل دائرة تساوياً حسابياً مطلقاً، لإستحالة تحقق ذلك عملياً، وإنما يكفي لتحقيق هذا المبدأ أن تكون الفروق بين هذه الأعداد وبين المتوسط العام لأعداد من يمثلهم النائب على مستوى الدولة في حدود المعقول.
(قرار المحكمة الدستورية العليا في الطلب المقيد برقم 3 لسنة 35 ق "رقابة سابقة")
والحقيقة أن "التمثيل المتكافئ" يعني أن يكون لكل ناخب صوتاً واحداً يتساوى مع غيره من الناخبين دون زيادة أو نقصان طبقاً لقاعدة One person, One Vote وهي أن يكون للناخب الواحد صوتاً واحداً، غير أن المغايرة بين لفظي "السكان" و "الناخبين" هي التي فتحت الباب لأكثر من تفسير وتأويل، وهو ما يحسن تجنبه.
3- هل الأدق استخدام كلمة التمثيل العادل (للسكان) أم (للناخبين):
كما سبقت الإشارة، توجد مغايرة بين عدد السكان وعدد الناخبين (الأول 97 مليون تقريباً، والثاني 59 مليون تقريباً).استعرضت اللجنة ما انتهت إليه المحكمة الدستورية العليا في قرارها في الرقابة السابقة على قوانين تقسيم الدوائر الانتخابية طبقاً لدستور 2012 (والذي تتماثل عبارته مع العبارة الواردة في دستور 2014)، والذي خلصت فيه المحكمة الدستورية العليا في قرارها الصادر في السابع عشر من فبراير سنة 2013 في القضية المقيدة برقم 1 لسنة 35 قضائية "رقابة سابقة" إلى أن:المقصود بعدالة تمثيل الناخبين ألا تزيد الفوارق بين كل مقعد انتخابي وآخر عن الحدود المعقولة التي يقدرها المشرع مع مراعاة المناطق الحدودية وغيرها عن الحدود المعقولة. One person, One Voteالمقصود بالتمثيل العادل للمحافظات ألا تحرم أي محافظة من محافظات الجمهورية حتى وإن قل عدد سكانها عن الحد الأدنى المقرر لمتوسط المقعد الانتخابي.وانتهت المحكمة وعلى ما سبقت الإشارة إليه إلى أن المقصود بلفظ (السكان) أنهم (الناخبون) وليس إجمالي عدد السكان، ومن خلال عدد الناخبين وحدهم يتم تحديد الوزن النسبي للمقعد وعدد الناخبين الذين يمثلهم المقعد الواحد، وهذا مما يجب اثباته في مضابط الأعمال التحضيرية للتعديلات الدستورية.تأسيساً على كل ما تقدم، انتهت اللجنة بإجماع أراء أعضائها إلى الموافقة على
حذف عبارة "التمثيل المتكافئ للناخبين" نظراً لما أثارته من غموض وعدم وضوح لاستخدام لفظ الناخبين مع التمسك بقاعدة تساوي الثقل والقيمة القانونية لأصوات الناخبين وفقاً لقاعدة one person, one vote، وإثباتها في الأعمال التحضيرية للتعديلات الدستورية.
ثانيا: المادة 140 والمادة الانتقالية:
يهدف التعديل المقترح على الفقرة الأولى من المادة (140) من الدستور إلى زيادة مدة تولي منصب رئاسة الجمهورية لتصبح ست سنوات بدلاً من أربع سنوات، حيث طالب مقدمو طلب التعديل أن يصبح النص على النحو الآتي: " يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة ست سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز أن يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين."وقد أكدت مناقشات اللجنة على ما انتهى إليه رأي اللجنة العامة من أن التعديل المتقدم غير مخاطب بحظر التعديل الوارد في عجز المادة (226) من الدستور، حيث كشفت المناقشات عن اتفاق أعضاء اللجنة على أن الحظر المشار إليه ينصب على زيادة عدد مدد الرئاسة إلى أكثر من مدتين اثنتين، ولا يتطرق إلى زيادة أمد المدة الواحدة من حيث عدد السنوات، وهو الرأي الذي قال به بالفعل بعض الفقهاء في القانون الدستوري.
وترى اللجنة أن الواقع العملي أظهر عدم ملائمة مدة السنوات الأربع للواقع المصري نظراً لقصرها الشديد، وأنها مدة غير واقعية وغير كافية إطلاقًا لتحقيق أبعاد التنمية الشاملة والمستدامة والتي تستغرق فترة أطول وخاصة في مراحل إعادة بناء الدولة في أعقاب الثورات في ظل أوضاع إقليمية غير مستقرة.وقد اطلعت اللجنة على التنظيم المقارن لمدة ولاية رئيس الدولة في عدد من النظم الرئاسية والمختلطة، بالنظر إلى أن نظام الحكم في جمهورية مصر العربية -وفقاً لما تقضي به أحكام الباب الخامس من الدستور- يندرج ضمن النظام المختلط أو شبه الرئاسي الذي يكون فيه رئيس الجمهورية رئيساً للسلطة التنفيذية ويتقاسم أعمالها مع حكومة مسئولة أمام البرلمان.
وتشير الدراسات المقارنة إلى أن مدة الولاية الرئاسية في عدد كبير من الدول تتراوح بين خمس وست سنوات، فيما حددت عدد أقل من الدول مدة الرئاسة بأربع سنوات أو سبع سنوات.ومن أمثلة ذلك أن مدة الولاية الرئاسية خمس سنوات في كل من فرنسا والجزائر وتونس وكرواتيا، وست سنوات في كل من روسيا والمكسيك وفنزويلا والفلبين.
في حين تكون المدة أربع سنوات في النظم الدستورية لكل من الولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل والأرجنتين وتشيلي ، وذهبت نظم قليلة إلى جعلها سبع سنوات مثل اليمن.