نشرتمجلة "سلايت" في نسختها الفرنسية تقريرا، سلطت فيه الضوء علىوضعية عاملات المنازل في لبنان، وعلى عدم تمتعهن بالحماية القانونية في ظل نظامالكفالة.
وقالتالمجلة في تقريرها، الذي ترجمته "عربي21"، إن 250 ألف عاملة منزلية مهاجرةتعمل في المنازل اللبنانية، حيث يرتبطن بأرباب عملهن بواسطة نظام الكفالة، الذي لا يضمن لهن أي نوع من الحقوق.
وأشارتالمجلة إلى أن لويز (اسم مستعار لإحدى عاملات المنازل) كانت قد صرحت أنها حين وصلتإلى المنزل الذي تعمل فيه، عمد مشغلوها إلى التخلص من حقيبتها، وافتكاك أوراقهاوأمتعتها، كما قدموا لها صابونا، طالبين منها الذهاب للاستحمام. ولمدة ساعتينكاملتين، كان عليها أن تغتسل بحضور أفراد العائلة؛ صاحبة المنزل، وابنتها،وحفيدها.
وتطرقتالمجلة إلى أنه قبل ثلاث سنوات ونصف، غادرت لويز وطنها توغو للعمل في لبنان. وقدعرض عليها أحد رجال قريتها السفر والحصول على وظيفة في مكان تواجد والدتها،كخادمة. وكان من المتوقع أن تتلقى أجرا شهريا قيمته 200 دولار، وهو مايكفي لمساعدة عائلتها. وقد دفعت ربة عملها ثلاثة آلاف دولارلإحضارها. تجدر الإشارة إلى أنه عادة ما تتوجه العائلات التي تبحث عنعاملات المنازل إلى وكالات، وتدفع لها ثمن تذكرة الطائرة، وتكلفة الملف، وعمولةتختلف بحسب موطن "الخادمة".
وأوضحتالمجلة أن "الكفالة" تعد نظاما متطورا في لبنان، ذلكأنها ساهمت في تطور اقتصاد كامل قائم على هجرة عاملات المنازل، اللاتي غالبا مايصلن إلى البلاد عبر شبكات تشرف عليها وكالات مختصة. وترتبط هذه الوكالات بعلاقةشراكة مع المديرية العامة للأمن العام. وتعمل حوالي 400 وكالة منها تحت إشرافوزارة العمل بشكل رسمي، في الوقت الذي تنشط فيه نحو 400 وكالة أخرى بطريقة غيرقانونية.
وأردفتالمجلة بأن عددا من العاملات يعملن لدى العائلة ذاتها لأكثر من 20سنة. أما البعض الآخر، فينتقل من عائلة إلى أخرى. كما تتخلى أخريات عنالعمل في المنازل للالتحاق بخدمة الفنادق أو لامتهان بعض الأعمال التجاريةالبسيطة، في حين يسلك عدد آخر منهن طريق البغاء للبقاء على قيد الحياة. وفيالأثناء، ما زال هناك عاملات منازل في لبنان يُطردن، بسبب عجزهن عن تسوية وضعيتهن القانونية، ذلك أن منيكفلهن والمسؤولون عنهن يحتفظن بأوراقهن لديهم.
وأفادتالمجلة بأنه منذ سبعينيات القرن العشرين، وعموما بعد الحرب الأهلية وخلال التسعينيات، نمت ظاهرة هجرةعاملات المنازل في لبنان. وحتى ذلك الحين، كانت عاملات المنازل فتياتلبنانيات أساسا، قدمن من قرى أو مناطق ريفية إلى المدن للاستقرار في إحدى الأسر،أو أنهن فلسطينيات وسوريات. ومن ثم، باتت التوجهات تميل إلى استقدام نساء مندول غير عربية، على غرار سريلانكا أو الفليبين.
وبما أنالمادة السابعة من قانون العمل اللبناني لا تنطبق على عاملات المنازل، سواء كنلبنانيات أو مهاجرات، فإن وضعهن يعتمد بشكل كلي على نظام الكفالة. وبناء على هذاالنظام، يكون الوصي هو رب العمل. ونظريا، تنظم حقوق تلك العاملات بواسطة عقد مبرمبين الطرفين، يكتب بالعربية، ونادرا ما تتم ترجمته. بناء على ذلك،لا تستطيع الأجنبيات فهمه.
وبينتالمجلة أنه على رب العمل توفير السكن والتأشيرة والتأمين الصحي والضرورياتالأساسية وجملة من الحاجيات للعاملة المنزلية. فضلا عن ذلك، يجب أن يتم تقسيم وقتهذه العاملة المنزلية إلى ثماني ساعات من العمل، وثماني ساعات تتصرف فيها كما تشاء، وثماني ساعات راحة يوميا، علاوة على تمتعها بيوم عطلة أسبوعيا. أما بقية التفاصيلالأخرى، فهي من مسؤولية رب العمل، الذي يتحمل أيضا مسؤوليته المدنية.
وفيمعظم الأحيان، إذا قدّمت عاملة في إحدى المنازل شكوى ضد رب العمل، فهو عادةما يستخدم نظام الكفالة ليسحب ضمانه القانوني لها. وقد صرحت تالة حسن، الباحثة فيمجال تنظيم الجاليات الإثيوبية بالتعاون مع مركز الأجانب اللبناني، بأنه"واقعيا، يستحيل على عاملات المنازل تقديم شكوى إلى الأمن العام، هذا إنكن يُدركن أصلا أن لهن الحق في القيام بذلك". فنادرا ما يُسمح لهن باستعمالالهواتف، كما أن مناسبات خروجهن من المنازل التي يعملن فيها محدودة.
وأكدتالمجلة أنه بالنظر إلى أن الدولة اللبنانية لا تضمن حقوق هذه العاملات،تُوفر سفارات بلدان المنشأ، أو المنظمات غير الحكومية، أو شبكات تضامن غير رسميةمكونة من هؤلاء النساء أنفسهن، الدعم والحماية لتلك العاملات المهاجرات.وفي السنة الماضية، منعت دولة ساحل العاج مواطنيها من الحصول علىتأشيرات عاملات منازل في لبنان.
وأضافتالمجلة أن ساحل العاج كانت قد ادعت أنها تهدف من وراء ذلك إلى وضع حدلظاهرة الهجرة وحماية مواطنيها. وقد تم فرض قرارات مماثلة في كل من إثيوبياومدغشقر والفلبين ونيبال. ولكن، كانت هذه الإجراءات، التي يسهل خرقها، محدودةالنتائج، ولم تنجح في وقف هذه الظاهرة.
وفيالختام، بينت الصحيفة أن الصلاحيات التي يتمتع بها رب العمل والوصي، في ظل الكفالة، يغذي النظامالذكوري في المجتمع. كما يُعزز هذا النظام الممارسات العنصرية، المقبولةاجتماعيا، التي يدعمها غياب الحماية القانونية للعمالالمهاجرين، وبالتالي، يُمثل التمييز العنصري أبرز نقاط ضعف النظام القضائياللبناني.
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا
مزيد من التفاصيل