حذر خبراء اقتصاد وقيادات عمالية مصرية منتداعيات فرض حظر التجول، ضمن سلسلة القرارات الاستباقية والاحترازية، لمواجهةفيروس كورونا، على الطبقات العاملة، دون وضع خطط حقيقية لتعويضهم، أو تقليل أثرها عليهم.
وفي حديثهم لـ"عربي21" عن تداعياتحزمة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية، الثلاثاء، أشاروا إلى أن الحظر علىتلك الفئات العاملة يمتد إلى غلق المطاعم والمقاهي وغيرها، وهي أماكن رزقهم.
وقالوا القرارت، رغم أهميتها، لم تراع الحفاظعلى فرص عمل وأرزاق الناس، ولم توضح كيف ستعوض ملايين المتضررين من هذا الإغلاق،ولم تأخذ في الاعتبار أصحاب ملايين الأعمال اليومية في بلد يضم 100 مليون نسمة.
وأعلنت السلطات المصرية، بداية من الأربعاء،حظر تجول من السابعة مساءً وحتى السادسة صباحاً لمدة أسبوعين، وغلق كافة المحالالتجارية والحرفية بما فيها محال بيع السلع وتقديم الخدمات والمراكز التجارية" المولات التجارية" خلال أيام الأسبوع فيما عدا يومي الجمعة والسبتفيكون الغلق على مدار الـ 24 ساعة.
وكذلك غلق جميع المقاهي والكافيتريات والكازينوهاتوالملاهي والنوادي الليلية وما يماثلها من المحال والمنشآت والمحال التي تقدمالتسلية أو الترفيه، وغلق جميع المطاعم وما يماثلها من المحال والمنشآت التي تقدمالمأكولات ووحدات الطعام المتنقلة أمام الجمهور.
وعقد وزيرا القوى العاملة والسياحة والآثار،اجتماعاً، الاثنين، لإعداد التدابير اللازمة لمواجهة أوضاع العاملين المترديةبقطاع السياحة لتخفيف الأعباء عن كاهل هذا القطاع المهم، ومراعاة العاملين به دونالإعلان عن وضع آليات دعم هذا القطاع في هذه المرحلة.
دعم ضئيل وفقراء بالملايين
وفي وقت سابق أعلنت وزارة القوى العاملة، عنصرف منحة 500 جنيه (32 دولار) للعمالة غير المنتظمة المسجلة لديها، والبالغ عددهم400 ألف عامل، هم من سيحصلون على المنحة من بين نحو 12 مليون عامل غير نظامي.
وتبلغ نسبة العمالة غير المنتظمة 46.1%، أي نحو12 مليون عامل، من أًصل 25.7 مليون مشتغل، ما يعني أن من سيحصلون على منحة وزارةالقوى العاملة يشكلون ما يقرب من 1.6% فقط من العمالة غير المنتظمة.
وتبلغ نسبة الفقر بين المصريين 32.5%، في2017-2018، وهو عدم القدرة على توفير الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية للفرد أوالأسرة، كالطعام والمسكن والملابس وخدمات التعليم والصحة والمواصلات، وفق جهازالتعبئة العامة والإحصاء.
ويعتمد الجهاز مؤشر أخر للفقر، وهو الفقرالمدقع، والذي يقول إنه "نسبة السكان الذين يقل استهلاكهم الكلي عن خط الفقرالغذائي"، حيث ُتظهر البيانات أن 6.2% من السكان في مصر (أي نحو ستة ملايينونصف مواطن) يعانون من الفقر المدقع.
إجراءات ذو حدين
وصف القيادي العمالي السابق، سيد حماد،الإجراءات بأنها ذو حدين؛ لإنها "تفتقر لاستراتيجية واضحة لمساعدة الطبقاتالعاملة والفقيرة، والاكتفاء بإعلان الحظر وغلق أماكن الرزق، وما أعلنه وزير القوىالعاملة الأسبوع الماضي عن صرف إعانة استثنائية للعمالة غير المنتظمة 500 جنيه (30دولارا) لنحو 400 ألف عامل فقط، يفتقر للمنطق والعدل".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أن"غالبية العمالة لا تملك رفاهية الدخول موقع الوزارة وتسجيل بياناتهم،وغالبيتهم أميون، وهم الأكثر تضررا، وهم أصحاب الحرف، والمحلات التجارية، وعمالالمطاعم والمقاهي والنوادي، وسائقوا السيارات، والتوك توك، والعاملون في الأسواقوالحمالون، والعاملون في مجال المقاولات وجميعهم يعتمدون على العمل اليومي".
وأوضح القيادي العمالي السابق أن "صندوقالطوارئ الخاص بالعمال هو عبارة عن أموال الغرامات و التبرعات، أي ليس هناك أعباء على الدولة، ومع ذلك فإن الإعاناتالممنوحة متدنية بمقارنة بدول تدفع أضعافهذه الإعانات، ولا توفر حياة كريمة لأحد".
المتضررون 3 أقسام
وقسّم الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى شاهين، المتضررين من حزمةالإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة المصرية إلى ثلاث فئات، قائلا:"هناك الأقل تضررا وهم فئة الموظفين بنحو 6 ملايين موظف، ثم القطاع الخاص،العمالة المنتظمة، ثم الفلاحين الذين يعتمدون على الأرض، والأكثر تضررا هم العمالةغير المنتظمة، والعاطلين عن العمل، هم الأسوأ حالا".
وأضاف شاهين لـ"عربي21": "لا نسى أنفي مصر 32 مليون شخص فقير، بحسب الأرقام الرسمية، ولكنها في الواقع تتخطى هذا الرقمبكثير لعدة أسباب؛ لإنها إحصائية قديمة منذ 2017-2018، ولم تأخذ في اعتبارها آثارالتعويم الذي خفض أعداد الطبقة المتوسطة، وأفقر الملايين".
وطالب الخبير الاقتصادي بضورة الأخذ فيالاعتبار "كل ما سبق ذكره من الفئات العاملة والكادحة التي تقتات يوما بيومسواء من عمل في مصنع أو مقهى أو محل أو ورشة أو كشك صغير، أو حتى توك توك وصرفمعونات حقيقية لإعانتهم".
مزيد من التفاصيل