سلسلة الحقد الصهيوني
نشرة خاصة في ذكرى صبرا وشاتيلا تصدر عن اللجنة الثقافية بمجلس طلاب الجامعة الإسلامية
يا قدس صبي من دماك على دمي - ودعي البكـاء وكبـري ملء الفم
وتضمخــي بدم الشهادة وارفعي - هـام الكرامة في الصبـاح الغائم
ولتشعلي فينـا المحـبة والـهوى - ولتغرسينـا فـي ضجيـج عارم
ما عاد يرهبنا الرصاص ولا الردى - هــذي ذراك مليئـة بـرواجم
هـذي مواكبنــا بصـدر أعـزل - راحت تزود عن الحمـى بعزائم
ولنا كلمة:
وتتواصل المجازر … ويواصل السفاح شارون وأبناء جنسه من أحفاد القردة والخنازير وأعوانهم من المتعاونين الخونة ممارسة حقدهم وغطرستهم ونفث سمومهم ضد أبناء شعبنا. مجازر تتلوها مجازر … ومذابح تتبعها مذابح … وإرهاب وعنف وقصف للبيوت وتدمير للمنازل وقلع للأشجار وذبح وقتل للأطفال والنساء والشيوخ … حلقات متشابكة متواصلة ومسلسلات من الإرهاب الصهيوني لا يتوقف ولا يعرف حد ؛ إرضاءاً لغريزة الحقد والكراهية في نفوسهم .
فعلى مر تاريخ الصراع الصهيوني الفلسطيني ارتكب اليهود مجازر كثيرة فمن دير ياسين إلى صبرا وشاتيلا … ومن تل الزعتر إلى قبية … ومن قانا إلى مجازر القدس الشريف … إلى ما يرتكبه السفاح شارون في وقته الحاضر خلال هذه الانتفاضة المباركة فهو يمارس سياسته .. وينفث سمومه ضد أبناء شعبنا ويحاول أن يطبق سياسته الرامية إلى القضاء على الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته ولكن أنا له ذلك .. فإن شعبنا سوف يبقى صامداً على أرضه مدافعاً عنها مهما كلفه ذلك من تضحيات … وما يحدث خلال هذه الانتفاضة المباركة لهو خير دليل على ذلك وعلى أن سياسة شارون ليس لها أي أمل في النجاح ، وأن مصيرها لا بد إلى فشل ذريع وأن ما حدث عام 48 من تهجير للشعب الفلسطيني ونفيه عن أرضه لن يحدث أبداً لأن أبناء الإسلام قد أخذوا زمام المبادرة لدحر الاحتلال والقضاء على شوكته .
وفيما يلي استعراض لمذبحة أخرج فيها شارون وقومه إبداعاتهم في الحقد والكراهية ومارسوا جميع أنواع الإرهاب والعنف من خلال هذه المذبحة .
مخيما صبرا وشاتيلا:
اثنان من 12 مخيما في لبنان ، تم إنشاؤها عام 1948 لتوفير المسكن للاجئين الفلسطينيين الذين طردهم اليهود من مدنهم وقراهم ، والمخيمان متلاصقان ، ويبعدان عن وسط بيروت حوالي ميلين ، ويحتل المخيمان مساحة تقدر بـ 3 كيلومترات مربعة ، كان يسكن فيهما قبل الغزو الإسرائيلي عام 82 حوالي 90 ألف نسمة . يقع شاتيلا في الجزء الجنوبي من مدينة بيروت ، ويشكل الأطفال دون سن البلوغ فيه نسبة 47% من السكان ، ونسبة الأمية تقل عن 25% ، وفيه أكثر من 1410 مسكنا ، منها 89% إسمنتية والبقية من الطين والخشب .
المجزرة :
الخطة : لقد وضعت خطة اقتحام مخيمي صبرا وشاتيلا منذ اليوم الأول لغزو لبنان عام 1982 ، بهدف إنهاء وجود الفلسطينيين في بيروت ، ودفع الفلسطينيين إلى الهجرة إلى خارج لبنان. وقد اقترح السفاح أرييل شارون الذي كان يشغل منصب وزير حرب إسرائيل في ذلك الوقت على بشير الجميل قائد الكتائب في الجنوب اللبناني بعد تسلمه الرئاسة في لبنان أن تتولى القوات الكتائبية اقتحام المخيمات لتنفيذ المجزرة بحجة البحث عن مقاتلين فلسطينيين لم يغادروا بيروت ، وأن إسرائيل ستؤمن لهم تطويق صبرا وشاتيلا ، ويبدوا أنه رفض ذلك ، ولكن بعد اغتياله بساعات قليلة بدأت عملية اقتحام بيروت الغربية فجر الأربعاء 15 سبتمبر 1982 ، وقد سميت خطة الاقتحام التي وضعها أرييل شارون ورفائيل ايتان رئيس الأركان بخطة (( الدماغ الحديدي )) ! ، وتم بعد ذلك إغلاق مداخل المخيمات والطرق المؤدية إليها .
كيف نفذت الخطة والمذبحة ؟ … لقد نفذت المذبحة على ثلاث مراحل :
المرحلة الأولى :
عقد اجتماعات تخطيط وترتيب بين شارون وايتان الساعة 8:30 مساء 14 سبتمبر للتخطيط لاقتحام المخيمين من قبل القوات الكتائبية ، وفجر الأربعاء 15 سبتمبر اقتحمت إسرائيل بيروت الغربية وطوقت المخيمات ، وعقد اجتماع عال في صباح الخميس 16 سبتمبر 1982 مثُّل إسرائيل فيها الجنرال أمير دروري القائد الأعلى لقوات الشمال ، وقد كلف بتنفيذها ايلي حبيقة من كبار المسؤولين الأمنيين في القوات اللبنانية ، وتم ذلك بحضور فادي افرام قائد القوات اللبنانية .
المرحلة الثانية :
تنفيذ الاقتحام مساء يوم الخميس 16 سبتمبر 1982 ، حوالي الساعة الخامسة مساء ، فمنذ الصباح الباكر يوم 16 سبتمبر بدا الاستعداد لاقتحام المخيمين ، وتم ذلك بالتنسيق بين ايتان ودروري وشارون ، وفادي افرام قائد القوات اللبنانية ، وتحرك 1500 مسلح من الكتائب إلى بيروت الغربية ، وكان قد تم الانتهاء من وضع خطة الاقتحام في الساعة الثالثة بعد الظهر ، وقبل غروب الشمس يوم الخميس 16 سبتمبر بدأت عملية الاقتحام. لم يكن يعرف بالعملية قبل بدايتها إلا كل من بيغن وشارون وشامير وايتان ، وقد أيدت الحكومة الإسرائيلية العملية بعد ذلك. واستمرت المجزرة حوالي 36 ساعة ، حيث كان الجيش الإسرائيلي يحاصر المخيمين ، بل ويطلق القنابل المضيئة ليلا لتسهيل مهمة المليشيات ، كما تعاون معهم في إخفاء العدد الكبير من الجثث بعد انتهاء العملية ، وبالبلدوزرات الإسرائيلية .
ويقدر سكان المخيم عدد قوات الكتائب الذين اقتحموا المخيم بحوالي 12 الف مسلح وعدد قوات سعد حداد 600 جندي معظمهم من الشيعة ، بالإضافة إلى آلاف الإسرائيليين الذين كانوا يشكلون الدعم اللوجستي للعملية. وفي صباح الجمعة 17/9 كان الجنود اليهود يتفرجون بالمناظير على المذابح التي ينفذها الكتائب في المخيمين ، وقال جنود وحدة مدرعة قريبة أنهم شاهدوا القتل في المدنيين بدون تمييز من الرجال والنساء والأطفال .
وفي التاسعة صباحا يوم الجمعة دخل عقيد اسرائيلي في سلاح المظلات وعدد من رجاله إلى مخيم صبرا ليشاهدوا الأحداث الدامية ، وكان الجنود اليهود يمنعون اللاجئين من الخروج من المخيمين ، وقد أعادوا 500 لاجئا حاولوا الهرب إلى داخل المخيم تحت تهديد الرشاشات والدبابات! وظهر الجمعة هنأ رفائيل إيتان قيادة القوات اللبنانية على ما قامت به من عمل في المخيمات ، واتفق معهم على أن يغادروا المخيمين صباح السبت 18 سبتمبر ، كما طلب إليه شارون أن يهنئهم على العمل وهو يصادف عيد رأس السنة العبرية لليهود حيث تبدأ يوم السبت 18 سبتمبر 82. وبدأ تسرب المعلومات عن المجزرة بعد هروب عدد من المدنيين من الأطفال والنساء إلى المستشفى غزة في شاتيلا حيث أبلغوا الأطباء بالخبر …
ووصلت أنباء المذبحة إلى بعض الصحفيين الأجانب صباح الجمعة 17 سبتمبر ، حيث يقول مراسل نيوز ويك الامريكية أنه وصل إلى المخيم ظهر الجمعة 17/9 وسأل أحد رجال الميليشيات : ماذا يجري في المخيم ؟ فرد عليه إننا نقوم بعملية ذبح !! )).
وبرغم الضغوط الأمريكية على الإسرائيليين لوقف المذبحة إلا إنها استمرت حتى ظهر السبت 18 سبتمبر وقد قتل فيها ما بين 3000 - 3500 مدني فلسطينيا ولبنانيا معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ .
المرحلة الثالثة :
وقد بدأت في وقت متأخر من ظهر الجمعة 17 سبتمبر ، واستمرت إلى ما قبل ظهر السبت 18 سبتمبر ، حيث تعاون الإسرائيليون مع المليشيات لإخفاء عدد كبير من الجثث ، ويقال بأن ضابطا إسرائيليا برتبة كولونيل يتكلم العربية شارك مع المجموعة في عمليات القتل والذبح ويقول ايتان بأنه أبلغ قادة الكتائب أنه سيوكل لهم مهمة تمشيط المخيمات يوم15/سبتمبروقد كانت الأوامر بعد التمييز بين الأطفال والنساء والرجال في القتل حسب شهادة يارون أمام لجنة تحقيق كاهان .
ليلة المذبحة:
غرق سكان المخيم ليلة 15 سبتمبر في نوم عميق كما اعتادوا لأسابيع خلت ، على أصوات الحروب والمدافع في وسط بيروت التي تبعد عنهم قرابة الميلين ، وقد أصابت بعض الشظايا بعض سكان المخيم ، ولكن في الساعة 2 بعد ظهر الخميس 16 سبتمبر قامت إسرائيل بقصف المنطقة الجنوبية من مخيم شاتيلا بمدافع الميدان ومدافع الدبابات ، وقد حاول سكان المخيم الاختباء من القصف حتى يهدأ ، لكن وفي حدود الساعة 5 بعد الظهر - حسب رواية ربة بيت فلسطينية تسكن في هذه المنطقة - ، قررت وزوجها الهرب من المنطقة مع أولادهما، وبالفعل تم ذلك حتى وصلوا إلى الشارع الرئيسي في شاتيلا ، وقبل السادسة مساء عاد زوجها إلى البيت ليحضر بعض الحليب المجفف لأولادهما لكنه لم يعد أبدا ، ووجد مقتولا في البيت لاحقا ، وقضى رجال الميليشيا الليلة وهم يمارسون المجزرة ويطلبون المزيد من القنابل المضيئة من الإسرائيليين ، وما بين الساعة 5:30 مساء وحتى الساعة 11:00 مساء من نفس اليوم كانت القوات قد ذبحت حوالي 300 من السكان المدنيين حسب مكالمة هاتفية لقيادة الجيش الإسرائيلي في لبنان .
قصة المذبحة :
امرأة ترويها فتقول : كنا وزوجي وطفلي نهم بالنوم ليلة 15 سبتمبر بعدما انتهينا من ترتيب الأغراض التي خربها القصف ، وكنا نعيش حالة من الاطمئنان لأن الجيش اللبناني - حسب ظنها - يطوق المخيم … لكن الهول كان قد اقترب إذا دخل عشرات الجنود والمقاتلين يطلقون النار ويفجرون المنازل فخرجنا نستطلع الأمر ولما رأينا ما رأينا حاولنا الهرب لكنهم استوقفونا ، ودفعوا زوجي وأبي وأخي وأداروا ظهورهم إلى الحائط وأجبروهم على رفع أيديهم ، ثم أمطروهم بوابل من الرصاص فسقطوا شهداء ، ولما صرخنا أنا وأمي شدونا من شعورنا باتجاه حفرة عميقة أحدثها صاروخ ، لكن أوامر صدرت لهم بالحضور إلى مكان آخر فتركونا دون أن يطلقوا النار علينا ثم هربنا ... وتروي امرأة أخرى كيف دخلوا بيتها وعندها طفل من الجيران فانهالوا عليه بالفأس فشقوا رأسه قسمين وتقول : لما صرخت أوثقوني بحبل كان بحوزتهم ورموني أرضا ثم تناوب ثلاث منهم على اغتصابي ، وتركوني في حالة غيبوبة لم استفق إلا في سيارة إسعاف الدفاع المدني ، ويقول عجوز في الستين من عمره فقد كل عائلته : ما فائدة الحياة بدونهم ؟ ليتني مت معهم ! .
كان بعض الرجال الميليشيات يسحقون الفلسطينيين بالسيارات العسكرية حتى الموت ، وكانوا يرسمون الصليب على جثث القتلى ، وقد قام مصور تلفزيوني دانمركي يدعى (( بترسون )) بتصوير عدد من الشاحنات المحملة بالنساء والأطفال والمسنين متجهة إلى جهة مجهولة. وقد تم قتل الناس بدون تمييز ، كما تم اغتصاب عدد كبير من النساء، هناك العديد من الناس رفع الأعلام البيضاء كناية عن الاستسلام خصوصاً النساء والأطفال غير أنهم كانوا من الضحايا الأوائل في المذبحة، بما في ذلك أكثر من خمسين امرأة ذهبن للتعبير عن الاستسلام وأنه ليس هناك مسلحون بالمخيم فقتلوهن جميعا.
الهجوم على مستشفى عكا كان صباح الجمعة الساعة 11:30 صباحا ، حيث تمت عمليات قتل للأطباء والمرضى ، وممرضة فلسطينية تدعى انتصار إسماعيل - 19 عاما - تم اغتصابها عشر مرات ثم قتلت وعثر على جثتها بعد ذلك مشوهة ، وقد قتلوا العديد من المرضى والجرحى وبعض العاملين والسكان الذين لجأوا إليه ثم اجبروا أربعين مريضا على الصعود في الشاحنات ولم يعثر لهم على أثر ، وقتل الطبيب علي عثمان ، والطبيبة سامية الخطيب داخل المستشفى ، وأفرغوا الرصاصات في رأس طفل جريح يرقد في السرير وعمره 14 عاما ويدعى موفق أسعد. وقامت البلدوزرات بحفر المقابر الجماعية في منتصف النهار جنوب شاتيلا تحت سمع وبصر الإسرائيليين ، كما هدموا العديد من المنازل بالبلدوزرات ، وقد تمت هذه المذبحة في مناسبة السنة العبرية الجديدة !
المجرمون يتفاخرون بفعلتهم النكراء:
مناحيم بيغن يقول عن رجال المقاومة الفلسطينية (أنهم حيوانات تسير على ساقين اثنين) 8/6/1982 - أمام الكنيست الإسرائيلي، ضابط كتائبي يقول بعد إعلان نبأ المذابح: (إن سيوف وبنادق المسيحيين ستلاحق الفلسطينيين في كل مكان، وسنقضي عليهم نهائياً) وقال شهود عيان أن المذبحة بدأت قبل غروب الشمس في حي إرسال أمام مقر القيادة الإسرائيلية. ضابط كتائبي صرح لمراسل أمريكي: لقد انتظرنا سنوات طويلة كي نتمكن من اقتحام مخيمات بيروت الغربية،لقد اختارنا الإسرائيليون لأننا أفضل منهم في هذا النوع من العمليات: من بيت إلى بيت ((وعندما سأله الصحفي إذا كانوا أخذوا أسرى، أجابه: ((هذه العمليات ليست من النوع الذي تأخذ فيه أسرى)).
راديو لندن نقل عن مراسله قوله: ((أنه بينما كانت عمليات القتل مستمرة طوق الجنود الإسرائيليون المخيمات بالدبابات وأطلقوا النار على كل شئ يتحرك)). وقد اعترف ارييل شارون أنه اتخذ قرار السماح للكتائب بدخول المخيمين، وأن الحكومة اتخذت قراراً منتصف ليلة 14 سبتمبر باقتحام بيروت، وأنه اتخذت قراراً يوم 15 سبتمبر بإشراك المليشيات في الدخول إلى بيروت وزعم عدم علمه بما يجري في المخيمين على أيدي الكتائب من فظائع ، وقد جاء ذلك في شهادته أمام لجنة كاهان في 26/أكتوبر 1982.
ولكننا نقول …
" ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار "
اللجنة الثقافية بمجلس طلاب الجامعة الإسلامية - غزة