المصدر
https://www.alfikralarabi.org/modules.php?name=News&file=article&sid=2973
....
....
....
التاريخ - السبت 12/1/1974
المكان- منزل رئيسة الوزراء - القدس
- كيسنجر..كيف حالك (مائير)؟ تبدين أحسن صحة مما توقعت (كانت مريضة).
- رئيسة الوزراء.. حتى أمس كان الألم شديدا جدا,لم أكن قادرة على الجلوس,كنت أحس بالراحة فقط أفقيا عندما أرقد على ظهري.كيف حال السادات؟.
- كيسنجر هو أيضا مريض,أصيب بالأنفلونزا.حتى الآن قابلت كل الحكام العرب,وأعتقد أن السادات أسهلهم في التفاوض.
- رئيسة الوزراء..هل هذا صحيح؟.نحن لم نضع له أهمية كبيرة.
- كيسنجر.. السادات قال لي رأيه في الروس.ربما كذب علي.لكنه أمر بإلغاء زيارة...
- رئيسة الوزراء (مقاطعة)..تقصد إلغاء زيارة وزير الخارجية فهمي إلى موسكو؟.
- كيسنجر.. نعم,نحن نتسلم تقارير من وكالات إستخباراتنا عن السادات وعن رأي زملائه العرب فيه.الرئيس الأسد يقول أنه...(شتيمة).زملاؤه الحكام العرب يقولون أنه يريد إنسحاب القوات الإسرائيلية من قناة السويس,ثم إنسحابا من صحراء سيناء,ثم تحويل سيناء إلى منطقة منزوعة السلاح.وهكذا يكون إخراج مصر من مسلسل الحرب مع إسرائيل,ويكون وجد عذرا لعدم دخول مصر في حرب أخرى معها.(وهذا ما طرحه الأمريكان سنة 1968 كما ذكرنا بلا قتال).
- مائير.. عندي سؤال عن موضوع آخر,وهو..قرأت في الصحف أن الروس رحبوا بتعيين اسماعيل فهمي وزيرا لخارجية مصر.
هل هذا دليل على حبهم له؟...
- كيسنجر.. الروس لا يقدرون على الإعتراض على كل شخص,ولا بد أن يقبلوا بمن يقدرون على قبوله.الروس لا يريدون أن يفقدوا كل شخص في مصر في هذه الظروف الحساسة,ماذا حدث لك؟ ماذا حدث لذكائك؟.الروس يخافون من فقدان نفوذهم,وأنا قلت لك في مناسبة سابقة أن فهمي (وزير الخارجية) والجمسي (وزير الدفاع) اختلفا حول اتفاقية فك الإشتباك بين القوات الإسرائيلية والمصرية,والجمسي غضب غضبا شديدا,ورفض التوقيع على الإتفاقية,وقال أن فيها تنازلات كثيرة لإسرائيل,رغم أنه يعرف أن السادات يؤيدها,والجمسي قال لفهمي..(أنت تقدر على إقناع من تريد,لكن أنا لا أقدر على إقناع جنودي).قال ذلك وخرج من الاجتماع,وذهب لمقابلة الرئيس السادات,لكن السادات لم يؤيده.وعندما قابلت السادات,قال لي أنه مع الإتفاقية,وأنه يريد مني أن أقول لك ذلك. وفهمت أن الجمسي خسر الجولة.
- وعن رسائل السادات- ....
- كيسنجر لمائير..السادات قال لي..أنا جاد في حديثي,وهذه رسالة رسمية مني إلى إسرائيل.. وقال..أنا جاد في ما أفعل,عندما قدمت مبادرة في سنة 1971 كنت جادا (مبادرة 04/02/1971),وعندما أعلنت الحرب كنت جادا,وعندما وافقت على السلام كنت جادا,وعندما جاء إلى مصر هنري كيسنجر وزير خارجية أميركا,قلت إن هذه فرصة تاريخية ولا بد أن أستفيد منه لتحقيق ما أريد..عندما قال السادات ذلك,أنا سألته..إذا كانت هذه رسالتك إلى مائير,هل تقبل أن أعود بالرد؟ وأجاب السادات..نعم أقبل.
- مائير..أنا سعيدة بسماع ذلك.
- كيسنجر..هناك شيء آخر قاله السادات لي,قال..قل لغولدا مائير أن السادات تعهد بسحب كل الدبابات المصرية من شرق قنال السويس,بعد تحقيق فك الإشتباك بين القوات المصرية و الإسرائيلية,وقال..لكن لا بد أن تعترف إسرائيل كتابة,بأن مصر تملك حق بقاء قواتها في شرق قناة السويس.وبعد ذلك سأسحبها.
- مائير..هل السادات جاد؟.. سوف نرى.
- كيسنجر.. رأيي هو أن السادات ربما أكثر الناس ثقة في نفسه,وأنه حقيقة يعني ما يقول,لكنه إذا تراجع أو غير رأيه أو قصد أن يكون الموضوع كله خدعة,سيفقد الكثير,سيفقدنا نحن في المكان الأول.
- مائير..نعم سيفقدكم.
- كيسنجر..لكني أقول أن اقتراح السادات مفيد بالنسبة,لكن,سياسيا وعسكريا.السادات يريد التعاون معكم,ويريد أيضا التقرب نحونا,وهو قال لي أنه يريد ربط مكتبه بأمريكا بالقمر الفضائي,ويريد منا أن نقدم له نصائح عن طريقة حماية نفسه.(لا تعليق).
- مائير..هل يخاف من خطر ضده؟.
- كيسنجر.. يبدو ذلك,وهو قال لي أنه يريد شرطة أميركية لتفتيش مكتبه,لأنه يعتقد أن هناك أجهزة تنصت وقنابل,وقال لي أنه مستعد للموافقة على إرسال خبراء من الاستخبارات الأميركية للإطلاع على الصواريخ الروسية المضادة للدبابات والموجودة في مصر.(يكشف مكتبه و ترسانته واسرار بلده لحليف عدوه وهو على مسافة كيلومترات من عاصمته وما يزال على أرضه).
- ماذا قالت مائير عن تنازلات السادات والثغرة -.
- كيسنجر..السادات,كما قلت,مستعد لتقديم تنازلات,وربما يوافق على بقاء القوات الإسرائيلية في شرم الشيخ,تحت رقابة الأمم المتحدة,على شرط ألا تأمر مصر سحب هذه القوات في المستقبل.
- مائير..أنا دائماً أسأل نفسي..لماذا يفعل السادات كل هذا؟ لماذا يقدم كل هذه التنازلات؟.(حتى مائير العدوة تستغرب).
- كيسنجر.. إذا أراد السادات أن يؤذيكم,ما كان سيطالب بإنسحابكم من غرب قناة السويس.كان سيترككم هناك,ويعلن عليكم الحرب,ويستعدي عليكم المجتمع الدولي,بأنه يريد تحرير أرضه.(فقرة معادة حفاظا على لب الموضوع).
- مائير.. لكننا نعرف أننا لا يمكن أن نستمر في المواقع التي سيطرنا عليها غرب قنال السويس.(فقرة معادة حفاظا على لب الموضوع).
- طرحت نقاطا مختصرة ورؤوس أقلام,جعلتنا إضافة الى كل ما قرأناه نعتقد ان السادات كان متجها نحو (تسوية) بأي ثمن مع ما يسمى بإسرائيل,ما كان ضروريا طالما اتخذا هذا القرار,أن يضحي بآلاف الشهداء,وأن إدارته للمعركة وفق ما تبين كانت كارثة,وللمفاوضات,فردية,سريعة,وعشوائية,ولقد كانت لشهادة بطرس غالي الأثر الكبير في تقييمنا لتلك المعاهدة وكواليسها وطريقة خوضها واعتمادها,التي أدت الى شرخ الصف العربي والتخلي عن المقاومة والتفريط بالثوابت,وإجتياح لبنان سنة 1978 ثم 1982,وغيرها من الأحداث والكوارث,وصولا الى اجتياح العراق وتشتيت أهله وناسه,واستعمار الأمة العربية ونهب ثرواتها بالبارود والخيانة.
يرفض أنصار كامب ديفيد النقاش,مفترضين ان انتقاد السادات هو إهانة لمصر,كأن مصر هي هبة السادات,وكأنهم يريدون تكريس قوله المعروف,(أنا
مصر,أو نحن أنور السادات),يعتبرون المعاهدة نصرا وانجازا عظيما,لكنهم لم يجيبوا حتى اليوم عن الإستراتيجية الصهيونية التي نشرت سنة 1982 في مجلة كيفونيم,يؤكد فيها الصهاينة عزمهم على تقسيم مصر واضعافها,رغم كامب ديفيد وكل التنازلات المصرية,ولم يقولوا لنا عن سبب الإنهيار الإقتصادي الذي وصلت اليه البلاد,فمنذ ال 73 لا حرب,ولا قومية عربية,ولا دعم لحركات تحرر,ولا إنشاء مصانع,ولا جيش,ولا منح دراسية للعرب والمسلمين,ولا بعثات خارجية,ولا سد عالي,ولا تأميم قنال,ولا عدوان ثلاثي ,ولا نكسة, ولا إستنزاف,ولا حلوان,ولا أسوان,ولا غيرها من الأحداث الجسام والمشاريع الضخمة والهائلة,ومع ذلك ما زالو يتهمون عبد الناصر بقصورهم وفشلهم وتدمير البلاد.
إن تصدع الجدار العربي والتباعد جعل منا شعوبا وقبائلا متخلفة فقيرة متناحرة,بعدما كنا قبل كامب ديفيد أمة واحدة تسعى نحو حقها ومكانتها تحت الشمس,وإنني أقول لمن أراد أن يسمع,,,لن تحصلوا على حبة من تراب إلا بالقوة,وما حصل مقابل اعادة سيناء التي عرضت كما رأيتم سلما قبل ال 73,هو الذل بعينه والتدمير الإقتصادي بحذافيره والإمعان في القضاء على امتنا بحد ذاته ,والحقيقة,أن (ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة),وليست القوة نوعا واحدا فقط,ولا تعني حصرا النار والمدفع.
.....
.....
...
[/QUOTE]
د. يحي الشاعر