"منجم السكرى".. هو المنجم الذى قرر الملك فاروق إغلاقه للاحتفاظ به للأجيال القادمة، إلى أن أعيد فتحه مرة أخرى فى عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك.
ويقع المنجم بالصحراء الشرقية، على بعد 30 كم من مدينة مرسى علم، وهو منجم فرعونى قديم، وتدل الآثار على استغلال الفراعنة والرومان له، كما عمل الإنجليز على استغلاله.
توقف الإنتاج به عام 1954 وتبلغ أبعاد الجبل نحو 3 كم طولاً، بعرض 500م ومتوسط ارتفاع 285 مترًا، ووقعت الهيئة مع الشركة الفرعونية لمناجم الذهب اتفاقية عام 1994، بلغت تكلفة المشروع ما بين ٢٦٥ و٤٣٠ مليون دولار أمريكى حتى يناير ٢٠١٠.
وتم الإعلان عن الكشف التجارى للذهب وتأسيس شركة العمليات تحت مسمى "شركة السكرى لمناجم الذهب"، وبدأت فى الإنتاج اعتبارًاً من مارس 2010، وتبلغ العمالة المباشرة فيه 1500 عامل، أما العمالة غير المباشرة حوالى 3000 ألاف.
الذهب المستخلص من "السكرى" يكون بنسبة 92 % وحتى يتم بيعه يجب أن تبلغ قيمته 99.99 % وعدد الجهات التى تحوله لـ 99.99 % محدودة فى العالم ومصر متعاقدة مع
كندا لتحويله ثم نبيعه.
كما أن إنتاجه فى تزايد مستمر، حيث بدأ بـ100 ألف أوقية ثم العام التالى بـأكثر من 200 ألف ثم العام التالى أكثر من 300 ألف والعام قبل الماضى 2015 تخطى الـ400 ألف أوقية ووصل لأكثر من 600 ألف أوقية ذهب فى 2016.
والمنجم به احتياطى يكفى لـ25 عامًا لاستخراج 500 ألف أوقية فى العام الواحد، كما أن ذهب هذا المنجم بالتحديد نظيف جدًا وعالمى ويوجد به نسبة ضئيلة من الفضة والحديد، حيث إن نسبة الذهب تبلغ 92%، و3% فضة والبقية حديد والمنجم يعد أحد أكبر 10 مناجم حول العالم.
وتبلغ احتياطيات المنجم 15.7 مليون أوقية وهى من أكبر الاحتياطيات فى العالم حيث سيتم تعدين 1300 مليون طن على مدار عمر المنجم.
تستغل المنجم شركة السكرى وهى شركة مشتركة ما بين وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية و«سنتامين مصر» الّتى يملكها رجل الأعمال سامى الراجحى ومركز الشركة الرئيسى فى استراليا.
وانتشرت الأقاويل حول تفاصيل الصفقة، التى عقدتها الشركة مع الدولة لمنحها حق استغلال ذلك المنجم، خاصة أنه يخرج خارج مصر وبالتحديد إلى
كندا لاستخلاصه، ولا أحد يعلم هل يعود مرة أخرى أم لا، وما أوجه استفادة الدولة المصرية من ثرواته.
صرح رئيس شركة "سنتامين" سامى الراجحي، بأن المنجم بدأ العمل به منذ 4 سنوات وحتى الآن وأمد مصر بحوالى 33 مليار جنيه، وحوالى 5 مليارات جنيه سنويًا.
فيما كشف تقرير أعده الدكتور محمود عبد العظيم أستاذ التعدين والبترول بجامعة قناة السويس٬ أن القيادات البترولية لهيئة الثروة المعدنية فرضت حصارًا شديدًا على مفتشى المناجم فى أثناء متابعة مراحل إنتاج الذهب من منجم السكرى.
وأشار التقرير، إلى أن اقتصار دور الرقابة على حضور مندوب من الهيئة فى أثناء عملية صب الذهب وتحديد وزنه والتوقيع على محضر الصهر مع غياب أفراد الهيئات الرقابية مثل الدمغة والموازين والمالية، مما أدى إلى عدم معرفة ما تنتجه شركة "سنتامين" وما تصرفه فعليًا مما أهدر المال العام نتيجة عدم المتابعة المتعمدة من قبل الجهات المختصة وذلك بحسب ما ذكره التقرير.
وأوضح، أنه بعد قيام ثورة يناير طالب العاملون بتشكيل لجنة دائمة تقف على المتابعة الحقلية لمراحل إنتاج الذهب ومعرفة نصيب الهيئة من هذا الإنتاج، إلا أن رئيس الثروة المعدنية و
الإدارة المركزية للمناجم والمحاجر لم يمكن المفتشين من ذلك بل تم تضخيم مصروفات واستثمارات السكرى.
وأكد التقرير، أن الغرض من تعظيم المصروفات هو استمرار منح الدولة حق 3% إتاوة من إنتاج الذهب لهذه الشركات لأطول فترة ممكنة، وبالتالى لا يمكن إعطاء الحكومة المصرية نسبة 50 % من الأرباح حسب بنود الاتفاقية، ولم يقتصر الأمر عند هذا بل تعدى استخراج الذهب وتهريبه خارج البلاد عن طريق ميناء مرسى علم.
ونوه التقرير، إلى أن الطواحين التى تستخدمها شركة "سنتامين" قامت بطحن 5 ملايين طن فى 2011 و10ملايين طن صخور حاملة للذهب فى 2012 مما يعنى أن إجمالى المنتج من الذهب من طحن 7جرامات فقط فى الطن٬ يعنى 70 مليون جرام ذهب.
وصدر تقرير لهيئة المساحة الجيولوجية "usgs" فى2005، يؤكد أن احتياطى خام الذهب فى مصر يصل إلى 79,6 مليار كجم، وأن الاحتياطى فى 2012 وصل لـ10مليارات كجم بعد الوصول إلى الاحتياطى فى المناجم تحت السطحية مما يعنى الوصول إلى 2 تريليون ونصف التريليون جنيه مصرى احتياطى الذهب فى منجم السكرى .
وأوضح أن رأسمال شركة سنتامين أصبح 2,2مليار دولار، علمًا بأن صاحب الشركة "الراجحى" فى تقرير مودع فى بورصة لندن أكد أن الشركة بدأت بـ3 ملايين دولار فى مصر، وهو ما أثار التساؤل "من أين لها بهذه المليارات على الرغم من أن الكشف التجارى لخام الذهب بدأ عام 2009".
أثبتت الأبحاث، أن منجم "غزال" التابع لشركة السكرى يحتوى على ذهب بـ 6,440جرام فى الطن مما يؤكد أن احتياطى الذهب فى مصر بنسب عالية.
وعند سؤال صاحب الشركة "الراجحي"، عن استخدام مواد ضارة وخطرة ومسرطنة فى عملية استخراج الذهب؟ كانت إجابته، "كل العالم يستخدم هذه المواد وهى ليست خطرة ولا تقتل إلا إذا تناولها العامل عن طريق الشرب والسيانيد يستخدم لاستخلاص الذهب ثم يترك فى الشمس لساعتين ويتحطم وينتهى".
مصير غنائم "السكرى" ما مدى استفادة مصر من المنجم هل يعود مرة أخرى بعد خروجه خارج مصر، وما نسبة أرباح مصر من صفقتها مع شركة "سنتامين؟، أسئلة طرحتها "المصريون"؟.
وأجاب عنها خبير التعدين، الدكتور رمضان أبو العلا، قائلاً: إن الذهب يعود إلى مصر مرة أخرى عقب استخلاصه، مشيرًا إلى أن حجم إنتاج المنجم ليس بالصورة التى يبرزها المسئولون.
وفى تصريحات خاصة لـ"المصريون"، أكد "أبو العلا"، أن الأرباح الأكثر تكون للشركة المستخرجة وهى "سنتامين"، موضحًا أن الذهب المستخرج لا يمكنه أن يساهم فى زيادة نسبة الاحتياطى خاصة وأنه يتم استغلاله حسب رغبة أصحاب الشركة.
وأشار إلى أن مصر ستبدأ اقتسام الأرباح مع شركة "سنتامين" هذا العام، ومن المتوقع أن يكون نصيب مصر 70 مليون دولار أرباحًا سنوية.
فيما تساءلت النائبة فايقة فهيم،:"أين وزير البترول من مافيا منجم السكري؟، مشيرة، إلى أن مصر فى خلال 5 سنوات من 2011 حتى 2015 لم تحصل سوى على 70 مليون دولار فقط، مما يؤكد هيمنة شبكات المافيا على المنجم" حسب كلامها.
وأوضحت، أن هناك نهبًا منظمًا للمنجم فى ظل غياب رقابة من الحكومة، حيث إن مصر تحصل على نسبة ما بين 20 و 25% فقط من جملة الإيرادات فيما تذهب حوالى 80% إلى الشركة التى تغالى بشدة فى رفع تكاليف الاستخراج حتى تحقق أعلى قدر من الأرباح فى ظل وجود مسئولين فاسدين يتورطون فى تعاقدات مجحفة بالجانب المصرى- على حد قولها.
وفى سياق مختلف، كشف يوسف الراجحى المدير العام لشركتى "سنتامين إيجبت"، والعضو المنتدب لشركة السكرى لمناجم الذهب، عن أن الشركة ستبدأ اقتسام أرباح الإنتاج مع مصر بدءاً من العام المالى الجارى، حيث إن الشركة تجرى كشفًا استرداديًا كل 6 شهور وحتى نهاية يونيو الماضى لم تكن الشركة استردت كل التكاليف.
وأشار "الراجحى"، إلى أن الشركة سددت للهيئة للدولة 6 ملايين و670 ألف دولار من الأرباح، مشيرًا إلى أنه من الصعب تحديد حصة مصر من الأرباح سنويًا لأن هناك عوامل تتحكم فى ذلك وهى كمية الإنتاج وسعر الذهب، ولكن ستكون فى حدود 200 مليون دولار سنويًا حسب سعر الذهب عالميًا.
وقال، إن تكلفة مشروع منجم السكرى 1.1 مليار دولار، موضحًا أنه تم سداد 81 مليون دولار لهيئة الثروة المعدنية و28 مليونًا 750 ألف دولار من تحت حساب الأرباح لترتفع إلى 35 مليونًا و420 ألف دولار .
ونوه إلى أن قيمة مبيعات الذهب منذ الإنتاج بلغت 2.86 مليار دولار، مشيرًا إلى أنه بذلك يصبح الإجمالى بتكلفة المشروع 4 مليارات دولار 85% منها ما تم صرفها داخل مصر مصاريف تشغيل وعمالة وموردين ومقاولين.
ولفت إلى أن الشركة سددت 330 مليون ضرائب وتأمينات للدولة بمتوسط 4.5 مليون جنيه شهريًا وذلك منذ عام 2010 وحتى نهاية أغسطس الماضى.
https://goo.gl/06twrW