قرن من الجهاد - ثورات شعب فلسطين - ونكباته - الصفحة 2 - منتديات المطاريد
بسم الله الرحمن الرحيم
وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84) وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) "الزخرف"

منتديات المطاريد | الهجرة الى كندا | الهجرة الى استراليا

 


DeenOnDemand


BBC NEWS

    آخر 10 مشاركات
    تعديل اسم التسجيل
    (الكاتـب : Clinical chemist ) (آخر مشاركة : Calvinses)
    ذكرى من أكتوبر
    (الكاتـب : blue bird ) (آخر مشاركة : Calvinses)

    Arabic Discussion Forum with a Special Interest in Travel and Immigration

    Immigration to Canada, Australia, and New Zealand

    Egypt and Middle East Politics, History and Economy

    Jobs in Saudi Arabia, USA, Canada, Australia, and New Zealand

    العودة   منتديات المطاريد > سياسة واقتصاد > فلسطين أرض الرباط

    فلسطين أرض الرباط    FREE PALESTINE

    فلسطين أرض الرباط

    قرن من الجهاد - ثورات شعب فلسطين - ونكباته


    الهجرة إلى كندا والولايات المتحدة واستراليا

    مواقع هامة وإعلانات نصية

    إضافة رد
     
    أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
    قديم 9th November 2009, 01:42 AM أسامة الكباريتي غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 11
    أسامة الكباريتي
    Field Marshal
     






    أسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond repute

    أسامة الكباريتي's Flag is: Palestinian

    افتراضي

    أنا : أسامة الكباريتي




    أهم المعارك التي خاضها الثوار في مرحلة المد

    امتدت تلك المرحلة الممتدة من صيف 1937 وحتى خريف 1938 و بدأت بمقتل لويس أندروز و الخطوات البريطانية التي جاءت كرد على ذلك وبين تولي الجنرال ويفيل، القائد الأعلى للقوات البريطانية في الشرق، قيادة القوات البريطانية في فلسطين.

    معركة صيدا : 17/10/1937

    جرت هذه المعركة في المنطقة الواقعة بين قريتي دير الغصون و صيدا ( قضاء طولكرم) وذلك عندما حاولت قوات بريطانية تطويق ومحاصرة قوة من الثوار، كان يقودها عبد الرحيم الحاج محمد، كان قوامها ستين ثائراً، وكانت ترابط في منطقة النزلات.
    علم الثوار بأمر الحصار من ضابط عربي كان مجنداً في قوات " الزنّار الأحمر " فبدأوا بالانسحاب، وعند مرور الثوار في الوادي الواقع بين صيدا ودير الغصون، بدأت طائرة بريطانية بقصفهم، وتبادلوا النار مع بعض قوات الفرسان التي حاولت إدراكهم. نجح الثوار، وعلى رأسهم القائد عبد الرحيم الحاج محمد، بالإفلات من الطوق مستعينين بالظلام الذي كان قد حل. و قد جرح في هذه المعركة ثائران. ( هذا حسب رواية شفوية لشاهد عيان على المعركة وهو الحاج أبو غالب كتانة، مختار النزلة الشرقية في حينه) . في حين إدعت المصادر العسكرية بأنه لم تقع إصابات في صفوف قواتها . ( أرشيف وزارة المستعمرات البريطانية، ملف رقم C.O.733 \352|3 ) .

    معركة النزلة الشرقية : 16/12/1937

    جرت هذه المعركة في قرية النزلة الشرقية، حين استطاع البريطانيون هذه المرة مباغتة الثوار الذين كانوا مرابطين هناك. أحكم البريطانيون الطوق، بشكل أجبر الثوار على التحصن في مواقعهم. وهذه المرة أيضاً ساعد المجندون العرب في الجيش البريطاني، عندما فتح بعضهم ثغرة في الطوق استطاع معظم الثوار الإفلات من خلالها تاركين وراءهم أربعة شهداء، أما عبد الرحيم الحاج محمد فقد جرح في المعركة، في ذراعه الأيسر، وقام مختار القرية، الحاج أبو غالب كتانة، بإخفائه في أحد الكهوف، ولم يستطع الإنكليز اكتشافه.
    نقل عبد الرحيم الحاج محمد من باقة الغربية إلى ميسر و من هناك إلى قفين و أم القطف و عارة و عرعرة حيث كان يقيم متخفياً في كل قرية من هذه القرى بضع ليال، ثم كان ينتقل إلى قرية أخرى إلى أن تم نقله عبر إحدى العبارات على نهر الأردن إلى شمال الأردن ومن هناك إلى دمشق حيث عولج فيها مدة ثلاثة أشهر.
    (مقابلة مع عطية نايف غزالة، كفر اللبد 1999 .3 .31) .
    وبعد انتهاء عمليات التفتيش، التي دامت ساعات طويلة، نقل إلى باقة الغربية التي مكث فيها واحداً وعشرين يوماً، كان يأتي إليه الطبيب فؤاد دعدس من طولكرم متخفياً في ثوب بائعة لبن كانت تدخل إلى البيت الذي اختبأ فيه القائد العام. حيث كان يغيّر له الضمادات التي لف بها الجرح.

    ومن الجدير ذكره هنا التنويه للدور الذي لعبه الأطباء العرب أثناء الثورة لتقديم العلاج اللازم للثوار الذين أصيبوا في المعارك، ولم يرغبوا بأن يعالجوا بالمشافي الحكومية كي لا يتم اعتقالهم من قبل السلطات. فقد كان قادة الفصائل يبعثون الرسل إلى الأطباء كي يحضروا إلى رؤوس الجبال لمعالجة الجرحى. وفي الحالات الحرجة، كان الجريح يجلب إلى بيت أو العيادة الشخصية للطبيب كي يتم علاجه.
    وكان في ذلك مخاطرة كبيرة على الجريح نفسه وعلى الطبيب الذي كان، إذا ما أكتشف أمره، عرضة للطرد من وظيفته وحتى الاعتقال. وفي المنطقة التي نحن بصددها، حري بنا أن نذكر الدور المميز الذي لعبه الدكتور فؤاد دعدس، الطبيب في المستشفى الحكومي في طولكرم، والطبيب أديب الخرطبيل وهو طبراني الأصل والذي عمل مديراً للمستشفى الحكومي في طولكرم أثناء إضراب و ثورة 1936 -1939. في حين كان لزوجته اللبنانية الأصل دور مهم في تنظيم الفعاليات الشعبية والنسائية في منطقة طولكرم وقضاها أثناء الثورة.
    وفي هذا السياق يمكن أن نذكر الدور المميز الذي لعبه الصيدلي منير السختيان، صاحب صيدلية السختيان في طولكرم، والذي كان يجهز الثوار في المنطقة بما يلزمهم من الأدوية بشكل مجاني أو بمبلغ رمزي. وقد كان يلعب في بعض الحالات دور الطبيب الجراح والمضمد إذا عز على الثوار إحضار طبيب لمعالجة الجرحى.
    وقد تقودنا قصة نجاح الأجهزة اللوجستية للثورة، مع وسائلها وآلياتها المتواضعة، إلى عبرة مفادها أن الجماهير الفلسطينية في هذه الفترة من الثورة كانت تتمتع بقسط كبير من الرغبة والإستعداد للتضحية في سبيل خدمة الصالح العام، في حين تراجعت، إلى حد كبير، ظاهرة العمالة والمخبرين العرب الذين كانوا على استعداد للتعاون مع البريطانيين وجهات أخرى ضد مصلحتهم الوطنية، مقابل أرباح شخصية يجنونها من هذه الجهة أو تلك.

     

     


     
    رد مع اقتباس

    قديم 9th November 2009, 05:32 PM مصرية غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 12
    مصرية
    Platinum Member
     





    مصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond reputeمصرية has a reputation beyond repute

    مصرية's Flag is: Egypt

    افتراضي

    أنا : مصرية





    حاج أسامة تسلم إيدك على هذا المجهود والتجميع لمعرفة تاريخنا العريض والذي يحاول الغرب محوه حتى من عقولنا نحن أنفسنا وإدخال غيره في كتب التاريخ.

    اقتباس
    مشاهدة المشاركة المشاركة الأصلية كتبت بواسطة على عينه
    اخى العزيز حاج اسامة الكباريتى


    كم احوجنا نحن الشعوب العربية واقول مرة ثانية الشعوب العربية واضع تحتها مليون خط للتأكيد على تلك الاواصر التى تجرى فى دمائنا ويريد البعض منا ان نتنصل من عروبتنا ونرى ان آخرين ليس بينهم اى رابط او لغة فيلتف بعضهم مع بعض ويكونون اتحادات بينهم اما نحن فيخرج الينا من يخرج ليعطينا دروس فى الانهزامية والتقوقع والتشرزم ونسوا او تناسوا انه لن تقوم لنا قائمة الا بالتقارب والتوحد بعضنا البعض فليذهبوا لنشر تعاليمهم حيث وجدت اتحادات اوروبية ; ارجع الى الخلف لاقول نحتاج نحن العرب لقراءة هذا التاريخ المشرف والذى يمتلئ بكل مايجعلنا نرفع رؤوسنا عالية لا ان نمشى مخزولين منكسى الرؤوس , لا لن يحدث هذا وسوف تقوم دولة فلسطين شاءت اسرائيل ام لم تشأ , وشاءت معها امريكا ام بغت وبالمرة شاءت دول اوروبا ام عندت فسوف نستعيد الحقوق مهما كان الثمن غاليا وسوف اقرأ مع القارئين واعتقد انه سوف يكون بيننا نقاشا طويلا ; تحيتى اليك اخى الكريم

    أستاذ على عينه
    أوافقك على كل ما قلت وأزيد "ورغما عن الدول العربية ذات المصالح ورغما عن كل منافق نسي أرضه وقضيته"

     

     


     
    رد مع اقتباس

    قديم 10th November 2009, 05:21 PM محمد المرى غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 13
    محمد المرى
    Golden Member
     






    محمد المرى has a reputation beyond reputeمحمد المرى has a reputation beyond reputeمحمد المرى has a reputation beyond reputeمحمد المرى has a reputation beyond reputeمحمد المرى has a reputation beyond reputeمحمد المرى has a reputation beyond reputeمحمد المرى has a reputation beyond reputeمحمد المرى has a reputation beyond reputeمحمد المرى has a reputation beyond reputeمحمد المرى has a reputation beyond reputeمحمد المرى has a reputation beyond repute

    محمد المرى's Flag is: Egypt

    افتراضي

    أنا : محمد المرى





    بصراحة ياحاج اسامة تاريخ مشرف وتاريخ مليئ بالتضحيات ولذلك اقول على كل فلسطينى ان يفتخر بهذا التاريخ , لم تكن فتح موجودة ولم تكن حماس موجودة كنتم تقاتلون جميعا جنبا الى جنب اما الآن فسادت المصالح مكان الهدف الاسمى وربما يكون كل له استراتيجيته والتى هو مقتنع انه بهذة الاستراتيجية سوف يحقق الهدف المنشود
    اهم مايمكن ان نتعلمه هذة المسميات اليهودية والتغيير من حائط البراق الى حائط المبكى
    علينا ان نحترس نحن المسلمين ان تعود الاسماء الى اصلها وعلينا ان نحاول ان نجد قرارات الامم المتحدة والمتعلقة اساسا بانه لا يحق لهم حتى وضع الكراسى امام الحائط اما الآن فهم يفعلون بالاقصى مايروون انه مناسب لكى تطمس معالمه ويختفى الى الابد ونحن عنه لا نملك الا الكلمات والهتافات ,,,لبيك يا أقصى ,,,, وان سقط الاقصى فلن نستطيع ان نقيمه ولكننى واثق ان الله هو المنتقم ممن اوصل شعوبنا الى هذة الدرجة من التخاذل ومن فقد الكرامة
    كان لى سؤال ياحاج اسامة
    لماذا دائما فى الاوقات الصعبة نجد ان القيادات الوطنية هى التى تحاول تهدئة المواقف , طبعا انا لا ازايد على وطنية عائلة الحسينى مثلا فتاريخهم فى الحقيقة يجعلنا نرفع رؤوسنا دائما الى الاعلى

     

     


     
    رد مع اقتباس

    قديم 11th November 2009, 01:13 AM أسامة الكباريتي غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 14
    أسامة الكباريتي
    Field Marshal
     






    أسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond repute

    أسامة الكباريتي's Flag is: Palestinian

    افتراضي

    أنا : أسامة الكباريتي




    فتش عن الكرسي ياحاج ..
    فتش عن الانجليز يا حاج ..

    فتش عن سذاجة السياسيين يا حاج ..


    التناحر العائلي على الزعامة كان من الأسباب يا حاج ..

    وسذاجة من تصدروا الصفوف بالطرابيش وأحسنوا الظن:
    مرة بالانكليز ووعودهم الكاذبة ..
    ومرارا بالحكام العرب .. الذين ساعدوا الانكليز حتى يساعدوهم في التشبث بالكراسي ..

    في النهاية
    كانت عروش حديثة العهد بعضها من صنع الانكليز 100% وشرط تمرير قيام الكيان الصهيوني مقابل العرش بات معروفا للقاصي والداني ..

    في بلادنا يا حاج تفنى الأمة فداءا للعرش والكرسي ..

     

     


     
    رد مع اقتباس

    قديم 11th November 2009, 01:26 AM أسامة الكباريتي غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 15
    أسامة الكباريتي
    Field Marshal
     






    أسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond repute

    أسامة الكباريتي's Flag is: Palestinian

    افتراضي

    أنا : أسامة الكباريتي




    !For Medical Professionals Only

    تطور المشروع الصهيوني في فلسطين


    (1939 – 1947)


    أولاً: الموقف الصهيوني من سياسة الكتاب الأبيض والتعاون مع بريطانيا عشية اندلاع الحرب
    عندما أعلنت الحكومة البريطانية كتابها الأبيض عام 1939، جاء رد الفعل الصهيوني على المستويين الشعبي والرسمي سريعاً وغاضباً، ففي 18 مايو (في اليوم التالي لإعلان ذلك الكتاب) اندلعت المظاهرات اليهودية الغاضبة في فلسطين تعلن تصميم التجمع اليهودي في البلاد (الييشوف) على رفض ما جاء في ذلك الكتاب وعزمهم على مقاومته مهما كانت التضحيات، وأعلن بن جوريون رئيس اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية تأييده لهذه المظاهرات في رسالة وجهها إلى قائد القوات البريطانية في فلسطين، أكد له فيها البيان الرسمي للوكالة اليهودية، الذي أعلنت فيه رفضها لما جاء في الكتاب الأبيض واستعداد اليهود لمقاومته فهم "لن يقبلوا بغلق أبواب فلسطين أمامهم ولن يقبلوا تحويل وطنهم إلى جيتو آخر".
    أما الرد الرسمي للمنظمة الصهيونية العالمية فقد عبر عنه "حاييم وايزمان" رئيس المنظمة في رسالة بعث بها إلى المندوب السامي البريطاني في فلسطين جاء فيها "إن الوطن القومي (اليهودي) يفقد معناه في اللحظة التي يصبح فيها دخول اليهود إليه ممنوعاً إلا بموافقة العرب"، وهدد وايزمان في رسالته باستعداد اليهود لمقاومة سياسة الكتاب الأبيض إذا ما جرى تنفيذها.
    وعندما عقد المؤتمر الصهيوني الحادي والعشرون في جنيف خلال الفترة من 16 إلى 25 أغسطس 1939 (قبل أقل من أسبوع من اندلاع الحرب العالمية الثانية) كان على هذا المؤتمر أن يضع أسس العمل الصهيوني في ظل احتمالات اندلاع الحرب. وكان التعاون مع بريطانيا وسياسة الكتاب الأبيض أحد البنود الرئيسية في جدول أعمال ذلك المؤتمر، الذي أسفرت مناقشاته عن رفض ما جاء في ذلك الكتاب، وصوَّت المؤتمرون بالنفي على صلاحيته كأساس للنقاش، إلا أنهم تركوا الباب مفتوحاً أمام الحكومة البريطانية لتعديل ما جاء فيه.
    أما بالنسبة إلى التعاون مع بريطانيا، فقد اتجهت الآراء الرئيسية في ذلك المؤتمر إلى ثلاثة اتجاهات:
    الاتجاه الأول، ويتزعمه "حاييم وايزمان"، وكان يرى ضرورة التعاون مع بريطانيا، وأن التحالف معها مسألة حيوية بالنسبة إلى الحركة الصهيونية. وأنه "بقدر ما هي بريطانيا ضرورية للصهيونية فإن التطور الصهيوني لفلسطين يبدو حيوياً لبريطانيا.
    بينما كان الاتجاه الثاني، والذي تزعمه "بن جوريون"، يرى أن الوقت قد حان لإلغاء سياسة وايزمان الخاصة بالتعاون التام مع سلطات الانتداب أو التخفيف مها. وكان من رأي أصحاب هذا الاتجاه "أن اليهود في فلسطين قد أصبح لهم كيان خاص يؤهلهم لأن يكون لهم دولة، وعليهم أن يتصرفوا كما لو كانوا كذلك".
    أما الاتجاه الثالث، والذي كان يمثل أغلبية المؤتمر، فكان يسعى إلى حل وسط بين الاتجاهين السابقين، ويرى ضرورة الاستمرار في تنفيذ الأهداف الصهيونية، مع مراعاة الاستمرار في التعاون مع بريطانيا، وعدم مقاومتها إلا كحل أخير لا وجود لغيره، وقد مثل هذا الرأي "بيرل كاتزنلسون" إلا أنه في النهاية جاءت قرارات المؤتمر معبرة عن الاتجاه الأخير.
    وحتى لا يتعرض العمل الصهيوني للخلل إذا ما وقعت الحرب، قام المؤتمر الصهيوني الحادي والعشرون باختيار مجلس عام من 72 عضوا، على أن يختار ذلك المجلس ـ من أجل تنفيذ المهام العاجلة ـ مجلساً داخلياً مكوناً من ثمانية وعشرين عضواً. وعند اختيار المجلس الأخير فاز حزب المباي بثلاثة عشر عضواً وبذا أصبح المجلس الصهيوني مع اللجنة التنفيذية للمنظمة (وكان أغلب أعضائها من يهود فلسطين)، هم صانعو القرارات الصهيونية خلال الحرب العالمية الثانية بالنسبة إلى الأمور الملحة، الأمر الذي نقل سلطة القرار الصهيوني من المؤسسات الصهيونية الخارجية إلى المؤسسات الصهيونية في فلسطين، وهو ما قوَّى من نفوذ بن جوريون رئيس اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية في القدس، وجعله منافساً قوياً لحاييم وايزمان رئيس المنظمة الصهيونية في ذلك الوقت.
    وبانتهاء المؤتمر الحادي والعشرين، قام حاييم وايزمان بإبلاغ الحكومة البريطانية في التاسع والعشرين من أغسطس بأن اليهود يقفون إلى جانب بريطانيا العظمى، وسوف يحاربون إلى جانب الديمقراطية، وعرض وضع الإمكانات البشرية والمادية اليهودية تحت طلب الحكومة البريطانية، رغم الخلاف حول الكتاب الأبيض، وقد رد "نيفل تشمبرلين" رئيس الحكومة البريطانية مرحباً بذلك العرض ومؤكداً على أنه بالرغم من الخلاف بين اليهود وحكومته، فإنه يعتقد في إمكانية اعتماد بريطانيا على الوكالة اليهودية.
    وترجع وقفة المنظمة الصهيونية إلى جانب بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية – بالرغم من اتجاه بريطانيا إلى تطبيق سياسة الكتاب الأبيض عام 1939 ـ إلى سببين رئيسيين هما:
    1. سياسة ألمانيا النازية المعادية لليهود، سواء داخل ألمانيا نفسها أو في البلاد التي ضمتها حتى ذلك الوقت (تشيكوسلوفاكيا ـ النمسا)، مما كان يُنذر بالخطر والقضاء على المشروع الصهيوني لو قُدِّر لألمانيا النازية كسب الحرب.
    2. رؤية القيادة الصهيونية للحرب ووقوف اليهود إلى جوار بريطانيا في صراعها ضد النازية فرصة مواتية لتحقيق هدفين هما:
    أ. تدريب وتسليح قوة يهودية بموافقة السلطات البريطانية ومعاونتها، تكون نواة الجيش اليهودي في فلسطين.
    ب. تطويق عنق بريطانيا بجميل يسمح للقيادة الصهيونية بطلب المزيد من المكاسب منها بعد انتهاء الحرب كما حدث في الحرب العالمية الأولى (تصريح بلفور)، فضلاً عن غض البصر ـ خلال الحرب ـ عن أعمال الهجرة اليهودية (غير الشرعية)، والتي كانت المنظمة الصهيونية مصرة على استمرارها رغم سياسة الكتاب الأبيض.
    ثانياً: التعاون العسكري الصهيوني البريطاني ودعم القوة العسكرية اليهودية
    لتحقيق أهداف التعاون مع بريطانيا عقدت اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية برئاسة بن جوريون اجتماعاً في الثامن من سبتمبر 1939 ـ بعد أسبوع من اندلاع الحرب ـ حضره قادة الهجناه، لتحديد خطة العمل على ضوء الموقف الدولي الجديد. وفي هذا الاجتماع وجَّه بن جوريون حديثه للحاضرين قائلاً: "لقد تمخضت الحرب العالمية الأولى عن وعد بلفور، أما الحرب العالمية الثانية فلابد أن تأتي بالدولة اليهودية، وحدد بن جوريون هدفين مباشرين للعمل هما:
    1. إنشاء الجيش اليهودي.
    2. إنشاء الدولة اليهودية.
    وأوضح بن جوريون للحاضرين، أن ذلك سوف يترتب عليه حرب واسعة النطاق، وطالب قادة الهجناة بما يلي:
    1. التخلي عن الدفاع الثابت والخروج لمواجهة العدو أبعد ما يكون عن أهدافه وأقرب ما يكون من قواعده.
    2. تشكيل جيش يكون في مقدوره مواجهة الجيوش العربية النظامية.
    3. إقامة صناعة للأسلحة تتسم بفعالية أكثر.
    4. الحصول على أسلحة ثقيلة.
    وتحقيقاً لنفس الأهداف قدمت اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية إلى سلطات الانتداب البريطانية كشوف المسجلين لديها للخدمة الوطنية حتى سبتمبر 1939 (136043 رجل وأمرأة تراوح أعمارهم ما بين 18 و35 عاماً)، من أجل الخدمة العسكرية في فلسطين. وأرفقت عرضها باقتراح تشكيل وحدات عسكرية يهودية مستقلة ومعترف بها من الأعداد السابقة، إلا أن طلبها رُفض منذ البداية.
    وكان الموقف الرسمي لحكومة تشمبرلين في ذلك الوقت، هو تشجيع اليهود على الانضمام إلى القوات البريطانية كأفراد، وليس تشكيل وحدات يهودية مستقلة، خوفاً من إثارة العرب، سواء داخل أو خارج فلسطين في وقت هي أحوج ما تكون فيه إلى تسكين الأوضاع في تلك المنطقة.
    وما أن تولى ونستون تشرشل رئاسة الوزراء القومية في العاشر من مايو 1940، حتى تجددت المطالبة اليهودية بإنشاء جيشهم الخاص، ورغم تأييد تشرشل لمطالب الزعماء الصهيونيين وتعاطفه معهم، إلا أن هذه المطالب لاقت نفس المعارضة التي لاقتها في عهد تشمبرلين ولنفس الأسباب من الوزراء والقادة العسكريين البريطانيين، وخاصة من لهم علاقة بالشرق الأوسط. إلا أن تشرشل كان له رأي آخر، فقد أرسل ـ بعد أقل من أسبوعين من توليه منصبه ـ إلى اللورد لويد وزير المستعمرات الجديد يخبره "إن هدفنا الوحيد في فلسطين الآن هو تحرير (سحب) إحدى عشرة كتيبة من خير جنودنا فيها، لذا يجب تسليح اليهود وتنظيمهم بأسرع ما يمكن، إذ لا يمكن تركهم دون سلاح".
    وسرعان ما أدى دخول إيطاليا الحرب وتهديدها لمصر، وحاجة القيادة البريطانية في الشرق الأوسط إلى قواتها الموجودة في فلسطين لتدعيم الدفاع عن قناة السويس، إلى رضوخ الوزراء والقادة البريطانيين لضغوط تشرشل فيما يتعلق بنقل جزء من القوات البريطانية في فلسطين للدفاع عن قناة السويس، وإحلال قوة يهودية محلها.
    وفي 23 أغسطس 1940 أبلغ وزير المستعمرات البريطانية حاييم وايزمان بقرار مجلس الوزراء البريطاني بالاستفادة من اليهود في كل مسرح الحرب وليس في فلسطين وحدها. ورأى وزير المستعمرات أن يكون حجم القوات اليهودية في فلسطين في حدود كتيبة واحدة (500جندي)، مع استخدام ما يزيد عن هذا العدد من المتطوعين كقوة يهودية خارج فلسطين مع عدم حملها علماً أو إشارة مميزة.
    ولما كان تشكيل الكتيبة اليهودية المشار إليها لا يحقق المطامع الصهيونية في إنشاء الجيش اليهودي،خاصة وقد سُمح لعرب فلسطين بتشكيل قوة مماثلة[1]، فقد لجأ وايزمان إلى تشرشل مرة أخرى. ورغم ضغوط الأخير على وزرائه، إلا أنها لم تسفر عن استجابة فورية لمطالب وايزمان، الذي أخطر في 4 مارس 1941 بتأجيل مشروع الجيش اليهودي ستة أشهر. وقد عللت بريطانيا تأجيل المشروع بحجة نقص المعدات العسكرية في ذلك الوقت[2]. إلا أنه مع تدهور الأوضاع العسكرية البريطانية في الشرق الأوسط في ذلك الوقت، كان للقيادة الصهيونية في فلسطين شأن آخر، فقد كان ذلك الموقف يحمل الكثير من النذر إلى تلك القيادة، وجعلها تشعر بالقلق خوفاً من احتلال الألمان لسورية وفلسطين. ففي مسرح شمال أفريقيا والبحر المتوسط، نجح روميل في استرداد برقة والوصول إلى الحدود المصرية في 12 أبريل 1941. كما نجحت القوات الألمانية في احتلال اليونان، وحشدت فيها الفيلق الحادي عشر و1280 طائرة، وأسطولاً ضخماً من سفن النقل خلال شهر أبريل وأوائل مايو. أما سورية التي كانت تحتلها حكومة فيشي، فقد أصبحت مسرحاً لنشاط عملاء المحور وطائرات النقل الألمانية، كما تحركت قوات فيشي إلى الحدود الفلسطينية، في الوقت الذي اندلع فيه القتال بين القوات البريطانية وحكومة رشيد عالي الكيلاني – الموالية للمحور ـ في العراق.
    ومن ثم "عقدت القيادة العليا للهجناة اجتماعاً سرياً لاستعراض الموقف واحتمالاته، ولم يكن الموقف او احتمالاته تبعث على الاطمئنان. وعلى ضوء تقدير الموقف، "كان هناك حاجة ملحة لإنشاء قوات عسكرية تكون خاضعة خضوعاً مباشراً وخالصاً لقيادة الهجناة ويمكن الاعتماد عليها لمواجهة أو لتعويق الغزو النازي لفلسطين".
    وعلى ذلك أصدرت القيادة الصهيونية قرارها بإنشاء قوات البلماخ (القوة الضاربة) في الرابع عشر من مايو 1941. وجاء تشكيل البلماخ مواكباً لقرار قيادة الحلفاء غزو سورية ولبنان في أغسطس من نفس العام. وقد شاركت سرايا البلماخ في هذا الغزو بالقيام بأعمال الارشاد والتخريب والاستطلاع خلف خطوط قوات حكومة فيشي. "ومنذ ذلك الوقت وحتى انتصار قوات الحلفاء في العلمين استمر التعاون غير الرسمي، الذي انطوى على اعتراف بريطاني غير مباشر بقوات البلماخ". وطبقاً لرواية إيجال آلون قائد البلماخ آنذاك، فإن ذلك التعاون مع البريطانيين أتاح لقواته فرصة فريدة لتلقي تدريب أفضل معترف به على أيدي بريطانيين متخصصين في أعمال التخريب والمخابرات والاستطلاع والاتصالات. وتحت ستار المئات من قوات البلماخ ـ التي اعترف بها البريطانيون وموّلُوها ـ تلقى آلاف من قوات الهجناه تدريباً وخبرة مماثلة كما وُضعت نواة لقوة جوية وأخرى بحرية.
    أما بالنسبة إلى القوة اليهودية الرسمية التي كانت القيادات الصهيونية تلح على تشكيلها منذ بداية الحرب، فلم تسمح بها الحكومة البريطانية إلا في 20 سبتمبر عام 1944، عندما وافق البريطانيون في النهاية على تشكيل لواء مشاة من يهود فلسطين قوامه خمسة آلاف فرد، وأعطيت هذه القوة فرصة الاشتراك في عمليات إيطاليا في ربيع عام 1945 تحت علمها الخاص.
    ولم تقتصر مشاركة يهود فلسطين في الحرب إلى جوار بريطانيا على قوات البلماخ (3000 مقاتل) واللواء اليهودي (5000 مقاتل) فقد تطوع أيضاً في القوات البريطانية ما يقرب من 22600 يهودي كان توزيعهم كما يلي:
    4800 فرد في وحدات المشاة.
    3300 فرد في وحدات المهندسين.
    4400 فرد في وحدات النقل.
    1250 فرد في وحدات الأسلحة والمعدات.
    1100 فرد في وحدات خدمة الجيش.
    2000 فرد في الوحدات الجوية.
    1100 فرد في الوحدات البحرية.
    4000 متطوعة في وحدات وخدمات الاحتياط.
    ولم يقتصر التعاون العسكري اليهودي مع بريطانيا على نشاط القوات السابقة، فقد امتد ذلك التعاون ليشمل عدة مجالات أخرى مثل استخدام معامل الجامعة العبرية في الأبحاث اللازمة للقوات البريطانية في المنطقة، وإنشاء الورش والمصانع الحربية اليهودية لإصلاح وصيانة الأسلحة والمعدات وتصنيع الذخائر والمهمات. وبذلك تكون السلطات البريطانية قد أسهمت ليس فقط في تنمية القوة المسلحة اليهودية وزيادتها، بل إنها أتاحت الفرصة أيضاً لتطوير وتنمية القدرات اليهودية في فلسطين في مجالات البحث العلمي العسكري والصناعات الحربية.
    ثالثاً: مقاومة سياسة الكتاب الأبيض
    لم تر القيادات الصهيونية أي تعارض بين سياستها الرامية إلى التعاون مع بريطانيا خلال الحرب ومقاومتها لسياسة الكتاب الأبيض الذي أصدرته حكومة الأخيرة. وقد عبر بن جوريون عن موقف اليهود من هذه المعادلة الصعبة عند اندلاع تلك الحرب بقوله "سنحارب مع البريطانيين ضد هتلر كما لو لم تكن هناك ورقة بيضاء، وسنحارب الورقة البيضاء كما لو لم تكن هناك حرب".
    وفي إطار محاربة الكتاب الأبيض تحركت الوكالة اليهودية والمنظمات الصهيونية في عدة اتجاهات كان أبرزها ما يلي:
    · استغلال الثغرات في النظام الجديد لانتقال الأراضي لزيادة رقعة الأرض اليهودية في فلسطين.
    · استغلال مشكلة اللاجئين اليهود في أوروبا لتهجيرهم إلى فلسطين بدلاً من استيعابهم في البلاد الأخرى.
    · تنظيم الهجرة غير الشرعية لإدخال مزيد من المهاجرين اليهود إلى فلسطين أكثر مما حدده الكتاب الأبيض لعام 1939.
    · تبديل الجياد ونقل ثقل النشاط الصهيوني إلى الولايات المتحدة للضغط على بريطانيا من أجل إلغاء سياسة الكتاب الأبيض.

    · اللجوء إلى الإرهاب الدولي للضغط على الحكومة البريطانية لإنهاء الانتداب وإقامة الدولة اليهودية.
    1. محاولة زيادة رقعة الأرض اليهودية في فلسطين
    عند عرض نظام انتقال الأراضي الجديد على مجلس العموم البريطاني تحركت القوى الصهيونية في المجلس وخارجه ضد هذا النظام، واتهم رئيس حزب العمال وزارة المستعمرات بأنها ابتعدت في سياستها عما جاء في صك الانتداب البريطاني على فلسطين، وقدَّم نائب عمالي آخر اقتراح يلوم الحكومة لأنها تجاهلت موقف اللجنة الدائمة للانتدابات من الكتاب الأبيض لعام 1939، الذي تحفظت عليه تلك اللجنة، كما سارع بن جوريون إلى توجيه كتاب إلى المندوب السامي في فلسطين، أشار فيه إلى أن نظام انتقال الأراضي الجديد يعني أن أي يهودي لن يتمكن من حيازة أي قطعة صغيرة من الأرض أو البناء في أي منطقة سوى المدن وجزء صغير من البلاد، وأن هذا النظام يُنكر على اليهود المساواة أمام القانون ويفرق بين السكان على أسس عنصرية، إلا أن الضغوط الصهيونية لم تثن الحكومة البريطانية عن سياستها الجديدة تجاه انتقال الأراضي العربية إلى اليهود، مع بعض الاستثناءات التي ترتبت على السلطات الخاصة للمندوب السامي البريطاني على نحو ما سبق ذكره.
    وعندما تقدمت الوكالة اليهودية في مايو 1944 بطلب لإقامة مستعمرات زراعية يهودية في أراضي الدولة تخصص للجنود اليهود المسَّرحين من الجيوش البريطانية، رفض المندوب السامي وقتئذ ذلك الطلب بالنسبة إلى المنطقتين (أ) و(ب)، إلا إذا كان إقامة هذه المستعمرات سيتم على أرض يملكها اليهود فعلاً، أو إذا كان انتقالها لا يتعارض مع أحكام نظام انتقال الأراضي الصادر عام 1940.
    ولما كانت اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية تعلم أن أراضي الدولة مستثناة من أحكام ذلك النظام، فقد طالبت بتهيئة جزء من تلك الأراضي في المنطقتين (أ) و(ب) لتوطين الجنود المسرحين. وفي نوفمبر عام 1944 عاودت اللجنة التنفيذية للوكالة طلبها الخاص بتوطين الجنود اليهود المسرحين من الجيوش البريطانية، وبعد دراسة الموقف وافقت حكومة الانتداب على تخصيص 42500 دونم من أراضي الدولة لاستيطان اليهود في المنطقة الحرة.
    ولم تتوقف نتيجة الاستثناءات الممنوحة للمندوب السامي على انتقال الأراضي التي سبقت الإشارة إليها إلى أيدي اليهود بعد العمل بنظام الأراضي الجديد، فقد وافق المندوب السامي أيضاً ما بين عامي 1941، 1946 على انتقال 2514 دونم في المنطقة (أ) و10837 دونم في المنطقة (ب) إلى أيدي اليهود كان بعضها بقصد التبادل لتجميع الممتلكات العربية واليهودية والبعض الآخر عن طريق البيع، فضلاً عن الأراضي التي كانت ضمن صفقات عُقدت وسُجلت في سجلات الأراضي قبل إعلان النظام الجديد، ويوضح (جدول مساحة الأراضي العربية واليهودية المزروعة وتوزيعها على المناطق المختلفة طبقاُ لإحصاء عام 1945) توزيع الأراضي العربية واليهودية المزروعة طبقاً لإحصاء حكومة الانتداب عام 1945.0

    2. استغلال مشكلة اللاجئين اليهود في أوروبا لتهجيرهم إلى فلسطين
    عندما فاضت أوروبا باللاجئين اليهود خلال السنوات الأولى للحرب، عقد مؤتمر في جزيرة برمودا في أبريل عام 1943 لبحث إغاثة المنكوبين عموماً، وقد رَكز ذلك المؤتمر على الجوانب الإنسانية للمشكلة، ولم يربط إغاثة اللاجئين بالأهداف الصهيونية لإقامة الدولة العبرية في فلسطين، وعلى ذلك أصدر المؤتمر قراراته المتعلقة بتشكيل وكالة إغاثة اللاجئين وإعادة توطينهم UNRWA، دون أن يربط التوطين بفلسطين، مما أغضب القيادات الصهيونية.
    وقد توافق تأسيس وكالة إغاثة اللاجئين المشار إليها مع إنشاء هيئة لاجئي الحرب الأمريكية في أواخر عام 1943، وأعلنت تلك الهيئة أن الحكومة الأمريكية أصدرت تعليماتها لممثليها الدبلوماسيين في العالم بإعطاء الأولوية القصوى لإنقاذ الذين يواجهون الخطر على حياتهم في المناطق التي يسيطر عليها النازيون، والاتصال بالدوائر المختلفة لإزالة أية عقبات في طريق إنقاذ هؤلاء الناس، إلا أن القيادات الصهيونية كانت ترى أنه لا يكفي إرسال الطعام إلى اللاجئين اليهود وعدم وضع العراقيل في وجه الفارين من السيطرة النازية وتأمين انتقالهم عبر البلدان المحايدة، فلا قيمة لذلك في نظرها إذا لم يتم تهجير هؤلاء اللاجئين إلى فلسطين. وأعلن بن زيفي رئيس المجلس الوطني اليهودي في ذلك الوقت أن إنقاذ اليهود يعني إدخالهم إلى فلسطين ولا حل غير ذلك، وأنه إذا لم يتحقق هذا الغرض فلا معنى لذلك الإنقاذ.
    وعندما تفاقمت مشكلة اللاجئين اليهود في أوروبا، طلب الرئيس الأمريكي "روزفلت" من "موريس ارنست" أحد مستشاريه اليهود بحث برنامج محدد لإنقاذ نصف مليون من اللاجئين اليهود في أوروبا واستيعابهم في مختلف بلدان العالم، وما أن أعلن موريس أرنست ـ بعد بحثه للموضوع ـ أن بريطانيا على استعداد لقبول مائة وخمسين ألف لاجئ إذا قبلت الولايات المتحدة مثل هذا العدد وتم توزيع الباقي على دول العالم، حتى هاجمته القيادات الصهيونية كما لو كان خائناً، لأنها رأت في برنامج الرئيس الأمريكي وما أعلنه موريس أرنست تخريباً للصهيونية السياسية ومشروع الدولة اليهودية في فلسطين.
    وبالنسبة إلى الوكالة اليهودية فإنها حاولت منذ البداية استغلال مشكلة اللاجئين اليهود لتجاوز عدد المهاجرين الذي حددهم الكتاب الأبيض، فعندما اندلعت الحرب ألحت الوكالة اليهودية على حكومة الانتداب من أجل تهجير كل اليهود الذين تمكنوا من الهرب من ألمانيا والبلاد الواقعة تحت الاحتلال إلى المعسكرات الذي سارعت الوكالة بإقامتها في البلاد المحايدة، غير أن الحكومة البريطانية لم تقبل تهجير أكثر من 9600 يهودي على نحو ما سبق، ومن ثم عمدت الوكالة اليهودية إلى عمليات الهجرة غير الشرعية لتحقيق غايتها.
    ومع تقدم الحرب وتراخي الحكومة البريطانية في تطبيق مبدأ رفض هجرة المنتمين إلى دول المحور والبلاد الواقعة تحت الاحتلال، عمدت الوكالة اليهودية إلى استغلال هذا التراخي لتهجير آلاف اليهود تحت دعوى جمع شمل الأسر اليهودية، كما طالبت بالسماح بتهجير أعداد أخرى من اليهود ادعت أن بعضهم كانوا من المواطنين الفلسطينيين والبعض الآخر كن زوجات لمواطنين فلسطينيين، وأخريات كن زوجات ليهود يقيمون في فلسطين ولم يكن أهلاً للمواطنة الفلسطينية، وقد طالبت الوكالة اليهودية بوضع هؤلاء في قائمة تبادل المواطنين بين ألمانيا وبريطانيا بحجة أنهم كانوا في زيارة أقربائهم عندما احتجزتهم سلطات الاحتلال الألماني، وقد استجابت الحكومة البريطانية من ناحيتها لذلك الطلب إلا أن السلطات الألمانية وضعت العقبات في طريق التنفيذ، فلم يُسمح إلا بتبادل الرجال والنساء الذين تجاوزت أعمارهم سن التجنيد العسكري.
    وخلال المفاوضات التي دارت بين الوكالة اليهودية و الحكومة البريطانية في ربيع عام 1944 حول الهجرة اليهودية، طالبت الوكالة بالسماح لليهود الهاربين من "بلاد العدو" أو البلاد التي حررتها "قوات حكومة صاحب الجلالة" بالهجرة إلى فلسطين، ومنح اللاجئين اليهود الذين أبعدتهم السلطات البريطانية إلى جزيرة موريشوس الحق في دخول فلسطين، إلا أنه إزاء تصاعد عمليات الإرهاب الصهيوني في فلسطين في ذلك الوقت، رفضت الحكومة البريطانية في البداية المطالب اليهودية السابقة، إلا أنه إزاء الضغط الصهيوني قبلت الحكومة البريطانية في سبتمبر عام 1944 تخصيص شهادات هجرة لنحو 10300 يهودي من اللاجئين في دول البلقان وإيطاليا وفرنسا وسويسرا وهولندا وعدن وتركيا.
    وقُرب نهاية الحرب عام 1945 قامت أجهزة الوكالة اليهودية في البلدان الأوروبية بحصر اليهود اللاجئين في تلك البلاد، وأنتهت عملية الحصر إلى وجود ربع مليون لاجئ في البلدان التي تم تحريرها في وسط وشرق أوروبا والاتحاد السوفيتي، وكان من الواضح للمسؤولين في الوكالة أن سياسة الكتاب الأبيض لن تسمح بتهجير كل هؤلاء اللاجئين، ما لم تتحول الحكومة البريطانية عن تلك السياسة.
    وفي 18 يونيه عام 1945 تقدمت الوكالة اليهودية بطلب إلى المندوب السامي البريطاني في فلسطين تدَّعي فيه أنه بعد دراسة مسائل الإيواء والإعاشة فإنه أصبح في الإمكان تهجير مائة ألف يهودي إلى البلاد منهم خمسة عشر ألف من الصبية الذين فقدوا الوالدين وستة وأربعين ألف من القادرين على العمل وخمسة وثلاثين ألف من المعالين، إلا أن حكومة الانتداب رفضت طلب الوكالة اليهودية، وإن سمحت في سبتمبر من نفس العام بدخول المهاجرين غير الشرعيين التي كانت تلك الحكومة قد أبعدتهم إلى جزيرة موريشوس في نهاية عام 1940.
    3. تنظيم الهجرة غير الشرعية والإشراف عليها
    كانت الهجرة غير الشرعية هي الوسيلة الرئيسية للوكالة اليهودية والمنظمات الصهيونية الأخرى للتغلب على قيود الهجرة التي فرضها الكتاب الأبيض وتهجير أعداد من اليهود أكبر مما حددته الحكومة البريطانية في ذلك الكتاب، ولم يكن هذا النوع من الهجرة جديداً على الوكالة اليهودية والمنظمات الصهيونية الأخرى، فقد بدأت تلك الهجرة منذ أواخر العشرينيات، إلا أنه في الوقت الذي كانت فيه الوكالة تشجع هذه الهجرة سراً فإنها كانت تدَّعي عدم مسؤوليتها عن حدوثها، مشيرة إلى أن هذا النوع من الهجرة يحدث غالباً من العرب.
    غير أن تقرير الحكومة البريطانية إلى مجلس عصبة الأمم عن إدارتها لفلسطين خلال عام 1934 يؤكد على أن سلطات الانتداب كانت تُولي اهتماماً خاصاً للاستيطان غير الشرعي الذي يقوم به اليهود في أغلب الأحوال، وأن عدد هؤلاء المستوطنين قد بلغ 22400 يهودي خلال عامي 1932 و1933، وقد اعترفت الوكالة اليهودية في تقاريرها عام 1935 بهذه الهجرة معللة حدوثها بأن اليهود الذين لم يمكنهم انتظار دورهم في الحصول على شهادات الهجرة الرسمية كانوا يبحثون عن أي وسيلة تمكنهم من دخول فلسطين.
    وكانت الهجرة غير الشرعية موضع بحث لجنة بيل مع الوكالة اليهودية عام 1936 بعد أن تبين لتلك اللجنة أن عدد المهاجرين اليهود غير الشرعيين خلال عامي 1933، 1934 وحدهما قد بلغ 40300، وكان هؤلاء المهاجرون يدخلون فلسطين براً عبر حدود الدول العربية المجاورة، وبحراً في سفن خُصصت لهذا الغرض بمساعدة المنظمات الصهيونية في فلسطين وخارجها، وقدرت حكومة الانتداب عدد المهاجرين اليهود الذين دخلوا فلسطين بطرق غير شرعية بما يراوح بين ثلاثين ألف وأربعين ألف يهودي.
    وعندما أعلن الكتاب الأبيض لعام 1939، قامت الوكالة اليهودية نفسها بالإشراف المباشر على تنظيم الهجرة اليهودية غير الشرعية، وقد برر بن جوريون هذه الهجرة بأنه في الوقت الذي حدَّ فيه الكتاب الأبيض من الهجرة اليهودية الشرعية إلى فلسطين، فإن بلدان العالم الأخرى أقفلت أبوابها أمام الهجرة اليهودية بعد أن فاضت أوروبا باللاجئين اليهود.
    وتوضح تقارير وزارة المستعمرات البريطانية أن المنظمة الصهيونية العالمية كانت تخصص عدداً من السفن التي تجوب البحر الأبيض لنقل هؤلاء المهاجرين من الموانئ التي يتجمعون فيها، ثم يتم نقلهم إلى الشاطئ الفلسطيني بواسطة قوارب صغيرة تسمح بتسربهم خلسة إلى تلك البلاد.
    ومع تزايد الهجرة اليهودية غير الشرعية في أولى سنوات الحرب، اتخذت حكومة الانتداب إجراءات مشددة ضد المهاجرين غير الشرعيين منها سجن المهاجر لمدة 6 أشهر مع دفع غرامة تعادل مائة جنيه استرليني ومصادرة السفن الصغيرة التي تحمل هؤلاء المهاجرين، إلا أن الإجراءات السابقة لم تردع الوكالة اليهودية والمنظمات الصهيونية عن الاستمرار في تنظيم تلك الهجرة، فاتخذت حكومة الانتداب قراراً في 13 أغسطس عام 1940 يقضي بحرمان المهاجرين غير الشرعيين الذين يضبطون من البقاء في فلسطين وإبعادهم إلى قبرص أو أي مكان آخر حتى يتم اتخاذ قرار بشأنهم، مع تغريم صاحب وسيلة النقل المستخدمة في نقل المهاجرين غير الشرعيين وكذلك الذين ساعدوا على وصولهم إلى الأراضي الفلسطينية بغرامة تساوي ألف جنيه فلسطيني أو السجن لمدة ثماني سنوات.
    وبالرغم من تشديد الرقابة البريطانية على الحدود الفلسطينية خلال سنوات الحرب، فقد بلغ عدد المهاجرين غير الشرعيين من اليهود19965 مهاجراً خلال تلك الفترة وحتى مارس 1944.

    4. نقل ثقل النشاط الصهيوني إلى الولايات المتحدة الأمريكية
    مع دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب قدَّر زعماء الحركة الصهيونية أنه سيكون لها الكلمة الأولى في السياسة الدولية بعد الحرب، ومن ثم قرر هؤلاء الزعماء نقل ثقل النشاط الصهيوني إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فاجتمعت كل المنظمات والجماعات الصهيونية في أول مؤتمر للحركة الصهيونية الأمريكية بفندق "بلتيمور" في نيويورك خلال الفترة من 9 إلى 11 مايو 1942، للحصول على تأييد الحكومة الأمريكية من أجل إلغاء الكتاب الأبيض، وفي هذا المؤتمر تمت الموافقة على المشروع الذي عرف فيما بعد باسم "برنامج بلتيمور" جاء فيه:
    "أن النظام الجديد للعالم، الذي سيجئ في أعقاب النصر، لا يمكن أن يستقر على أساس من السلام والعدل والمساواة ما لم تُحل مشكلة اليهود المشردين بشكل نهائي، ويستحث المؤتمر:
    أ. فتح أبواب فلسطين للهجرة اليهودية.
    ب. تخويل الوكالة اليهودية الإشراف على الهجرة إلى فلسطين والسلطة اللازمة لبناء الإقليم بما في ذلك تطوير أراضيه غير المحتلة وغير المنزرعة (المزروعة).
    ج. قيام فلسطين باعتبارها كومنولث يهودي يدخل في تكوين العالم الديمقراطي الجديد".
    وكانت القرارات السابقة بمثابة انتصار لتوجهات بن جوريون الداعية إلى الإسراع بإقامة الدولة اليهودية في فلسطين على عكس سياسة التدرج التي كان يتبعها حاييم وايزمان، وقد نجح بن جوريون بعد عودته من مؤتمر بلتيمور في الحصول على موافقة المجلس التنفيذي الصهيوني على قرارات ذلك المؤتمر، وبذلك أصبحت تلك القرارات هي البرنامج الرسمي للوكالة اليهودية والحركة الصهيونية. كما كان مؤتمر بلتيمور بمثابة المحطة التي غيرت فيها الحركة الصهيونية جيادها، فاستبدلت الجواد البريطاني العجوز الذي استنفذ أغراضه بالجواد الأمريكي ـ الذي تنبأت بخروجه من الحرب أقوى المنتصرين – ليحملها خلال مرحلة إنشاء الدولة اليهودية.
    وقد ظهر النشاط الصهيوني والنفوذ اليهودي في الولايات المتحدة في سلسلة الحملات الإعلامية التي شنتها وسائل الإعلام الأمريكية خلال الحرب لاثارة تعاطف الشعب الأمريكي مع المطالب الصهيونية، باستغلال اضطهاد النازي لليهود في أوروبا والمبالغة في أحداث هذا الاضطهاد، وتنظيم قوة ضغط يهودية كانت بداية اللوبي (جماعات الضغط) الصهيوني الأمريكي فيما بعد.
    وقد نجحت الحملات الإعلامية وصفقات المصالح الذي عقدها زعماء الحركة الصهيونية في الولايات المتحدة مع عدد من السياسيين وأعضاء الكونجرس الأمريكي في تشكيل قوة ضغط على الإدارة الأمريكية لمساندة المطالب اليهودية والمشروع الصهيوني في فلسطين، وتوضح الوثائق الأمريكية المنشورة الجهود التي بذلتها تلك الإدارة لإقناع زعماء الكونجرس الأمريكي بعدم اتخاذ قرارات مساندة للمطالب الصهيونية المتطرفة، كانت تهدف إلى إلغاء القيود على الهجرة اليهودية وإنشاء الدولة العبرية على كل التراب الفلسطيني فور انتهاء الحرب، خوفاً من ردود الفعل العربية والإسلامية التي يمكن أن تضر المصالح الأمريكية بمنطقة الشـرق الأوسط.
    وقد ظل موقف الرئيس روزفلت بعد مؤتمر بلتيمور غامضاً، وقد وصف بن جوريون ذلك الموقف بقوله أن روزفلت "كان حساساً تجاه مأساة يهود أوروبا، وربما كان يعطف على الطموحات الصهيونية، ولكنه لم يعتقد يوماً بأن فلسطين الصغيرة يمكن أن تشكل حلاً للشعب اليهودي".
    وحاول الرئيس الأمريكي أن يكون رأياً محايداً تجاه القضية الفلسطينية فأرسل مندوبين عنه إلى المنطقة في ربيع عام 1943 لاستطلاع الموقف والآراء فيها بشكل مباشر بعيداً عن الدعايات الصهيونية هما الجنرال "باتريك هاركي" والكولونيل "هوسكنس"، وأوضح الأول في تقريره المؤرخ في مايو 1943، أن المطالب الصهيونية تهدف إلى إقامة دولة يهودية تشمل كل فلسطين وربما شرق الأردن، مع نقل السكان الفلسطينيين العرب إلى العراق، والهيمنة الاقتصادية على كل الشرق الأوسط، أما الكولونيل هوسكنس فقد نصح ـ على ضوء ما شاهده وسمعه خلال زيارته للمنطقة ـ بعدم اتخاذ قرار بشأن فلسطين إلا بعد الحرب وبعد مشاورات بين العرب واليهود، وهو الرأي الذي جنح إليه الرئيس روزفلت وتبلور في رسالة بعث بها إلى الملك عبدالعزيز آل سعود في 5 يونيه 1943 يوضح فيها رغبته في توصل العرب واليهود إلى تفاهم ودي حول فلسطين، ومؤكداً على موقف الولايات المتحدة الأمريكية الذي يرى عدم اتخاذ أي قرار يغير من وضع فلسطين الأساسي دون استشارة كاملة مع العرب واليهود.
    وظل ذلك هو الموقف الأمريكي المعلن حتى عام 1944 الذي رشح فيه الرئيس الأمريكي نفسه للمرة الرابعة على نحو غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة، في الوقت الذي بلغت فيه حملات الدعاية الصهيونية والضغوط اليهودية قمتها، وتسابق مجلساً الشيوخ والنواب في اتخاذ القرارات المؤيدة للمطالب الصهيونية، وإزاء الضغوط اليهودية ومطالب حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية وجَّه الرئيس روزفلت في 15 أكتوبر من ذلك العام رسالة إلى السناتور "روبرت واجنر" رئيس الجمعية اليهودية الأمريكية، بمناسبة انعقاد المؤتمر السابع والأربعين للمنظمة الصهيونية الأمريكية، أعلن فيها تأييد الحزب الديمقراطي لفتح أبواب فلسطين للهجرة غير المحدودة والاستيطان اليهودي فيها.
    وقد أثار موقف الكونجرس والرئيس الأمريكي خلال عامي 1944 و1945 ردود فعل عربية واسعة، تمثلت في حملة ضغط عربية مضادة للحد من تأثير الضغوط السياسية الأمريكية تجاه فلسطين، وتشير الوثائق الأمريكية المنشورة إلى الرسائل المتبادلة بين الرئيس روزفلت والملوك والرؤساء العرب حول هذا الموضوع. ولما كانت وزارتا الخارجية والحربية الأمريكية وأصحاب شركات البترول يلفتون نظر الرئيس الأمريكي إلى أهمية المصالح الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة العربية، فقد حاول الرئيس روزفلت أن يتخذ لنفسه موقفاً وسطاً، فلم ينفذ ما وعد به الجمعية اليهودية الأمريكية بعد انتخابه وأعاد تكرار وعده للملك عبدالعزيز عند عودته من يالتا، في 14 فبراير 1945 بعدم اتخاذ قرار حاسم بشأن المشكلة الفلسطينية، إلاّ بعد التشاور مع العرب واليهود.

    5. اللجوء إلى الإرهاب للضغط على الحكومة البريطانية
    عندما صدر الكتاب الأبيض، في مايو 1939، هددت الوكالة اليهودية باللجوء إلى العنف لمقاومة تنفيذ السياسة البريطانية لذلك الكتاب، وبدأت منظمة الأرجون المعارضة للوجود البريطاني في فلسطين عملياتها الإرهابية ضد العرب في البداية ثم ضد حكومة الانتداب ومنشآتها بعد ذلك، إلا أن الوكالة اليهودية التي كانت ترفض علميات الإرهاب ضد البريطانيين والمرافق العامة علناً لم تتورع عن دعمها وتشجيعها سراً قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية، كما نظمت الوكالة عمليات تهريب السلاح من المستودعات البريطانية وتوزيعه على المستعمرين اليهود وقوات الهجناه.
    ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية جَّمدت المنظمات اليهودية نشاطها الإرهابي تماشياً مع السياسة اليهودية تجاه التعاون مع البريطانيين خلال تلك الحرب، إلا أنها سرعان ما استأنفت نشاطها فور انحسار التهديد الألماني ومطاردة القوات البريطانية لقوات روميل في شمال أفريقيا عام 1943، وقد أدى التزام منظمة الأرجون بوقف الأعمال الإرهابية خلال المرحلة الأولى من الحرب إلى انشقاق بعض أعضائها الذين كونوا عصابة إرهابية أخرى بزعامة "إبراهام شتيرن" رفضت الالتزام بوقف الأعمال الإرهابية خلال الحرب.
    وقد تفاوتت مواقف وسياسات المنظمات الصهيونية من الإرهاب خلال السنوات الأخيرة من الحرب، حيث قررت منظمة الأرجون ـ بعد تولي مناحم بيجين قيادتها ـ استئناف نشاطها اعتباراً من عام 1943 والتعاون من منظمة شتيرن في شن حملة إرهابية ضد الوجود البريطاني في فلسطين الذي عدته هاتان المنظمتان احتلالاً للبلاد ضد رغبة التجمع اليهودي فيها (الييشوف)، متجاهلين أن بريطانيا هي التي عملت على زرع هذا التجمع في فلسطين منذ ظهور الحركة الصهيونية.
    وقد فسر مناحم بيجين في مذكراته فلسفة حملة الإرهاب ضد حكومة الانتداب بقوله "إن البريطانيين يعتمدون في حكمهم للشعوب المتخلفة على نفوذ هيبتهم، وقد اقتنعنا من التاريخ وتجاربنا بأننا إذا تمكنا من تحطيم هيبة الحكومة البريطانية، فإن زوال حكمها سيتبع ذلك تلقائياً، ولذلك هاجمنا باستمرار نقطة الضعف هذه".
    وشهد عام 1944 وحتى نهاية الحرب تزايداً كبيراً في العمليات الإرهابية لمنظمتي الأرجون وشتيرن، وأمتدت أيدي الإرهاب الصهيوني إلى كبار رجال حكومة الانتداب في فلسطين، ولم ينج المندوب السامي "السير هارولد ماك مايكل" وزوجته من الموت إلا بأعجوبة، كما حاول الإرهابيون اغتيال عدد من كبار المسؤولين البريطانيين خارج فلسطين، ونجح بعض أعضاء منظمة شتيرن في اغتيال "اللورد موين" في القاهرة في نوفمبر عام 1944.
    أما بالنسبة إلى الوكالة اليهودية ومنظمتها الهجناه، فقد اصطنعت موقفاً معارضاً للنشاط الإرهابي لمنظمتي الأرجون وشتيرن منذ عام 1943، في الوقت الذي كانت تشجع فيه نشاطات هاتين المنظمتين بالنسبة إلى التسلح والتدريب العسكري وتنظيم الهجرة غير الشرعية، إلا أن موقف حكومة الانتداب المتشددة تجاه الإرهاب الصهيوني بعد مقتل اللورد موين وحملات الاعتقال والنفي التي لجأت إليها تلك الحكومة لقمع ذلك الإرهاب أثارت يهود الييشوف ضد الإرهابيين ودفع الوكالة اليهودية إلى التعاون مع سلطات الانتداب لمقاومة الإرهاب ومحاولة إقناع قادة منظمتي الارجون وشتيرن بالإقلاع عن العمليات الإرهابية.
    وأصدرت الوكالة اليهودية بياناً تستنكر فيه أساليب الأرجون في السطو على المصارف والمؤسسات الحكومية وفرض الإتاوات على أثرياء اليهود، كما أصدرت الهجناه منشوراً هاجمت فيه منظمتي الأرجون وشتيرن، ووجَّهت إليهما تُهَم قطع الطرق والاتجار في المخدرات والسوق السوداء.
    وأعرب بن جوريون عن الموقف الجديد للوكالة اليهودية تجاه إرهاب منظمتي الارجون وشتيرن في خطبة مفصلة ألقاها في مؤتمر الهستدروت آنذاك بقوله "أنه لا يوجد أي سبب يمنع اليهود من أن يتعاونوا مع السلطات البريطانية في سبيل الهدف المشترك "، وقدم بن جورين في هذا المؤتمر برنامجاً لمكافحة الإرهاب يرتكز على أربع نقاط هي:
    أ. الطرد من العمل لكل من يعمل أو يتعاون مع منظمتي الارجون وشتيرن.
    ب. عدم إيواء أو حماية أي إرهابي حتى لو كان في أحلك الساعات.
    ج. عدم الرضوخ للتهديد والابتزاز الذي يصدر من هاتين المنظمتين.
    د. التعاون مع سلطات الانتداب لقمع الإرهاب.



    .
    --------------------------
    [1] كان دور الكتائب محصوراً في الدفاع المحلي وحراسة المنشآت والمرافق في داخل الأراضي الفلسطينية.


    [2] نجحت ضغوط القيادات الصهيونية ومساندة تشرشل لها، في تشكيل القوة اليهودية في النهاية في شكل لواء مشاة عام 1944.

     

     


     
    رد مع اقتباس

    قديم 11th November 2009, 01:25 PM أسامة الكباريتي غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 16
    أسامة الكباريتي
    Field Marshal
     






    أسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond repute

    أسامة الكباريتي's Flag is: Palestinian

    افتراضي

    أنا : أسامة الكباريتي




    تطبيق الكتاب الأبيض وتطور الموقف العربي


    (1939 – 1947)


    أولاً: السياسة البريطانية وتطبيق الكتاب الأبيض
    عندما ظهرت بوادر الحرب العالمية الثانية، كانت فلسطين تمثل في الإستراتيجية البريطانية العمق اللازم لدفاعاتها في مصر والقاعدة البديلة عن منطقة قناة السويس لحماية خطوط مواصلاتها الإمبراطورية وخطوط النفط عبر المنطقة، ومن هذا المنطلق جاء حرص الحكومة البريطانية عام 1939 على تسكين الأوضاع في فلسطين وتهدئة الرأي العام العربي بإصدارها كتابها الأبيض، الذي أعلنت إصرارها على تنفيذه بالرغم من الرفض الذي واجههه ذلك الكتاب على الساحتين العربية واليهودية. إلا أن قيام الحرب وتطوراتها لم تسمح للحكومة البريطانية إلا بتنفيذ جزئي لسياسة الكتاب الأبيض بشأن انتقال الأراضي العربية إلى أيدي اليهود والهجرة اليهودية إلى فلسطين.
    وعلى أثر انسحاب قوات المحور من مصر تحت ضغط قوات الحلفاء في خريف عام 1942، عُهد إلى لجنة التخطيط المشتركة في وزارة الحرب القيام بدراسة متطلبات بريطانيا في الشرق الأوسط بعد انتهاء الحرب، وعندما استعرضت اللجنة دول المنطقة، وجدت أن نظام الانتداب البريطاني القائم في دول شرق البحر المتوسط يفسح المجال لقيام أنظمة عربية مستقلة ترتبط بمعاهدات مع بريطانيا، وبالنسبة إلى فلسطين رأت اللجنة "أن احتياجات بريطانيا الإستراتيجية ـ في حالة إجراء أي تعديل للانتداب ـ ترتكز على ميناء حيفا مما يستلزم الحصول على تسهيلات لحماية طريق حيفا/ بغداد وأنابيب النفط الممتدة من كركوك إلى حيفا، بالإضافة إلى المنشآت البترولية في حيفا ذاتها. كما أشارت اللجنة إلى حاجة بريطانيا إلى تطوير قاعدة بحرية في حيفا وضرورة الإشراف على خط حديد حيفا/ القنطرة وعلى قواعد برية وجوية في المنطقة".
    وفي يوليه عام 1944 شكَّلت الحكومة البريطانية لجنة لدراسة أوضاع فلسطين بعد انتهاء الحرب والتوصل إلى حل لمشكلاتها على المدى البعيد وإبلاغه إلى رئاسة الأركان الإمبراطورية، وقد رأت تلك اللجنة ضرورة المحافظة على المصالح البريطانية الإستراتيجية في فلسطين، فيما لو جرى تقسيمها، بتوقيع معاهدتين مع دولتي التقسيم تعطي الحكومة البريطانية حق إنشاء المطارات والمنشآت اللازمة لقواتها وتحريك تلك القوات دون معوقات داخل حدود الدولتين، كما اقترحت اللجنة أن تتمتع القدس باستقلال ذاتي تحت سيطرة المندوب السامي وضم القسم العربي من فلسطين إلى شرق الأردن، إلا أن اعتراض مخططي الإستراتيجية البريطانية على تقسيم فلسطين ظل حجر الزاوية بالنسبة إلى الخطط المتعلقة بمستقبل فلسطين.
    وعندما اتخذ الكونجرس الأمريكي قرارين في أواخر يناير 1944 يطالب فيهما الحكومة الأمريكية بالعمل على فتح أبواب الهجرة اليهودية إلى فلسطين وإقامة دولة يهودية فيها، لفتت الحكومة البريطانية نظر حليفتها إلى "أن الموضوع الذي تعرضت له قرارات الكونجرس يتضمن التزامات كبيرة منها التزامات عسكرية، وإن القرار البريطاني في هذا الشأن سوف يكون متماشياً بالطبع مع الرغبات الأمريكية، لكن ذلك يقتضي أن تكون حكومة الولايات المتحدة على علم بالأعباء المترتبة على ذلك".
    ومع تزايد الضغط الأمريكي على بريطانيا عام 1945، من أجل فتح أبواب فلسطين للهجرة اليهودية وانتقاد سياستها بهذا الشأن، سأل "ونستون تشرشل" رؤساء الأركان عشية تركه الحكم لحزب العمال عن السبب الذي يدعو بريطانيا إلى التمسك بهذا المكان شديد الصعوبة في الوقت الذي لا تقتصر فيه الولايات المتحدة الأمريكية على موقفها السلبي، بل توجه الانتقاد تلو الانتقاد، ملمِّحاً إلى رغبته في ترك مسؤولية فلسطين إلى الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن تلميحه لاقى معارضة شديدة، كما كانت وزارة الخارجية البريطانية ترى أن ذلك سيفسر في الشرق الأوسط على أنه دليل على تخلي بريطانيا عن دورها كدولة عظمى، وقد يستتبع ذلك انهيار نفوذها في شتى أنحاء المنطقة، وهو ما دعا رئيس الوزراء البريطاني إلى تنحية الرغبة التي راودته جانبا، إلى أن جاء حزب العمال إلى الحكم برؤيته الجديدة بعد الحرب.
    1. تقييد انتقال الأراضي العربية إلى اليهود
    كان تقييد انتقال الأراضي العربية إلى اليهود جزءاً أساسياً من سياسة الكتاب الأبيض بعد أن أجمعت تقارير الخبراء البريطانيين على أنه في ضوء النمو الطبيعي في أعداد الفلسطينيين، في الوقت الذي استمرت فيه عمليات انتقال الأراضي إلى أيدي اليهود دون قيود خلال السنوات السابقة، فإنه لم يعد هناك أراض في بعض المناطق يمكن أن تنتقل إلى أيدي اليهود، وأنه لابد من فرض قيود على بيع الأراضي العربية إليهم إذا كانت هناك نية للحفاظ على مستوى معيشة العرب آنذاك، وعدم تزايد أعداد المعدمين بينهم.
    وإزاء اندلاع الحرب العالمية الثانية في سبتمبر من نفس العام وتخوف الحكومة البريطانية من تهديد مصالحها في الدول العربية والإسلامية فيما لو استمرت في سياستها السابقة تجاه تهويد فلسطين، أصدرت حكومة الانتداب في 28 فبراير 1940 تعليمات جديدة للحد من انتقال الأراضي العربية إلى أيدي اليهود، وقد برر رئيس الوزراء البريطاني أمام مجلس العموم إصدار هذه التعليمات بما يلي:
    أ. ضمان عدم انحياز حكومة الانتداب لأيٍّ من الجانبين العربي واليهودي.
    ب. تهيئة الظروف الملائمة للقوات البريطانية من أجل تحقيق النصر ضد النازيين.
    ودعم رئيس الوزراء البريطاني وجهة نظره بتقارير الخبراء البريطانيين عن الأوضاع في فلسطين، ومساندة العرب للفلسطينيين والرسائل التي تلقاها من بعض زعماء المسلمين التي تدعوه إلى إيجاد حل عادل للأوضاع في فلسطين.
    وقد أوضح البيان التفسيري لتعليمات انتقال الأراضي، أنها صدرت وفقاً للسلطات المخولة للمندوب السامي بمقتضى الكتاب الأبيض، وحدد ذلك البيان منطقتين في فلسطين تخضع فيهما عمليات انتقال الأراضي لرقابة الحكومة مع مراعاة أحكام المادة السادسة من صك الانتداب هما المنطقة (أ) والمنطقة (ب)، أما في غير هاتين المنطقتين فلم يكن هناك أية قيود على انتقال الأراضي.
    وتشمل المنطقة الأولى الأراضي الجبلية بوجه عام مع بعض المناطق في قضاءي غزة وبئر السبع، حيث أصبحت الأراضي المتوفرة غير كافية لإعالة سكان تلك المنطقة وقتئذ، وعلى ذلك تقرر منع انتقال الأراضي فيها لغير عرب فلسطين، إلا في الأحوال الاستثنائية التي وضع لها أحكام خاصة في تلك التعليمات.
    كما تضم المنطقة الثانية "مرج ابن عامر" وشرقي الجليل والسهول الساحلية الواقعة بين حيفا والطنطورة وبين الحد الجنوبي لقضاء الرملة وبير طوفيا والقسم الجنوبي من قضاء بئر السبع، وقد نصت المادة الرابعة من التعليمات الجديدة على حظر انتقال الأراضي العربية الواقعة في تلك المنطقة إلى غير عرب فلسطين، إلا في حالة الحصول على موافقة من المندوب السامي الذي له حق القبول أو الرفض.
    إلا أن الثغرات في هذه التعليمات ـ المترتبة على سلطة الاستثناء المعطاة للمندوب السامي البريطاني ـ سمحت للصندوق القومي لليهود بشراء ما يقرب من اثنين وثمانين ألفاً وخمسمائة دونم من الأراضي في المنطقتين (أ)، (ب) خلال السنوات السبع التالية لصدور ذلك النظام، وكان أغلب هذه الأراضي في مناطق الحدود التي رُسمت في مشروع التقسيم الذي سبقت الإشارة إليه، كما سمح المندوب السامي بانتقال 2514 دونم في المنطقة (أ) و10837 دونم في المنطقة (ب) إلى أيدي اليهود ما بين عامي 1940 و1946.
    وتوضح إحصائيات حكومة الانتداب عام 1945 أن مساحة فلسطين (بعد استبعاد البحر الميت وبحيرتي طبرية والحولة) هي 26323023 دونم، وأن تلك المساحة كانت موزعة عند إجراء ذلك الإحصاء كما يلي:

    أ. الحيازات العربية 12766524 دونم تمثل 48.5% من الأراضي الفلسطينية.
    ب. الحيازات اليهودية 1491699 دونم تمثل 5.67% من الأراضي الفلسطينية.
    ج. الأراضي العامة 1491690 دونم تمثل 5.67% من الأراضي الفلسطينية.
    د. منطقة بئر السبع والنقب غير المزروعة 10573110 دونم تمثل 40.16% من الأراضي الفلسطينية.
    وبالرغم من أن الحيازات اليهودية السابقة كانت تمثل أقل من 6% من إجمالي الأراضي الفلسطينية في ذلك الوقت، إلا أن نسبة حيازات اليهود في الأراضي الزراعية كانت تقرب من 13% من جملة تلك الأراضي التي كانت مساحتها 9205538 دونم عند إجراء ذلك الإحصاء.
    2. الحد من الهجرة اليهودية إلى فلسطين
    أوضحت الحكومة البريطانية عند إصدارها كتابها الأبيض عام 1939، أنه ليس في وسعها وقتئذ فتح أبواب فلسطين على مصاريعها أمام الهجرة اليهودية ـ حسبما تطالب المنظمات الصهيونية والوكالة اليهودية ـ لأن ذلك يخالف روح المادة الثانية والعشرين من ميثاق عصبة الأمم والتزاماتها قبل العرب بموجب صك الانتداب، كما أنه ليس من سياستها إيقاف تلك الهجرة نهائياً إذا تبين أن ذلك من شأنه إلحاق الضرر بالأوضاع الاقتصادية في فلسطين.
    وقد وجدت الحكومة البريطانية أن تلك الأوضاع تسمح بتهجير نحو 75000 مهاجر يهودي خلال السنوات الخمس التالية اعتباراً من أول أبريل عام 1939، على أن ينظم دخولهم فلسطين بواقع عشرة آلاف كل سنة تبعاً لقدرة البلاد على الاستيعاب، مع إضافة 25 ألف مهاجر آخرين، من قبيل المساهمة في حل مشكلة اليهود في أوروبا عندما يرى المندوب السامي أن وسائل إعاشتهم واستيعابهم أصبحت مكفولة.
    وفي تنفيذها للسياسة السابقة قررت حكومة الانتداب وقف إصدار شهادات الهجرة خلال الستة أشهر التي تبدأ في أكتوبر عام 1939 نتيجة لارتفاع معدلات الهجرة اليهودية غير الشرعية إلى فلسطين خلال الفترة السابقة، إلا أنه عندما قامت الحرب سمحت تلك الحكومة بقبول 9600 مهاجر يهودي من الذين تمكنوا من الفرار من ألمانيا والبلاد الأوروبية التي وقعت تحت الاحتلال، وعندما طالبت الوكالة اليهودية بتهجير كل اليهود الذين تمكنوا من الهرب إلى البلاد المحايدة، رفضت حكومة الانتداب هذا الطلب لدواعي الأمن التي فرضت عدم السماح لأي يهودي من "بلاد الأعداء" بالهجرة إلى فلسطين خوفاً من تسلل العملاء بينهم.
    وبدأت الحكومة البريطانية منذ ديسمبر 1939 في تنفيذ نظام جديد للهجرة اليهودية يخضع لضوابط معينة فرضتها ظروف الحرب، كان منها رفض تهجير اللاجئين اليهود الألمان أو الذين ينتمون للأراضي التي احتلتها ألمانيا عدا الذين يحملون منهم شهادات الهجرة إلى فلسطين، وعندما فاضت أوروبا بأعداد كبيرة من اليهود الألمان الذين كانوا يحملون تلك الشهادات، اضطرت الحكومة البريطانية إلى رفض تهجيرهم إلى فلسطين، ومع تقدم الحرب شهد الالتزام بمبدأ رفض هجرة الذين ينتمون إلى "بلاد العدو" نوعاً من التراخي، حاولت الوكالة اليهودية استغلاله لتهجير أكبر عدد ممكن من اليهود إلى فلسطين، وكانت تلك الوكالة تطالب منذ مايو 1940 بإعفاء ثلاث فئات من اليهود في البلاد الواقعة تحت سيطرة قوات المحور من قرار حظر قبول المهاجرين، إلا على حاملي شهادات الهجرة: هم الأطفال والزعماء اليهود البارزون، والقائمون على أمر مكاتب فلسطين الذين بقوا في مواقعهم حتى فقدوا فرصة الرحيل إلى فلسطين، إلا أن الحكومة البريطانية لم توافق إلا في ربيع عام 1942 على تهجير الأطفال دون سواهم، ثم وافقت بعد ذلك على تخصيص خمسة في المائة من شهادات الهجرة لرجال الدين والأطباء ورجال الأعمال الذين يقع عليهم اختيار الوكالة اليهودية.
    ومع نهاية عام 1943 أوضحت سجلات إدارة الهجرة لحكومة الانتداب "أن عدد المهاجرين اليهود الشرعيين المفروض قبولهم خلال السنوات الخمس التي تنتهي في 31 مارس 1944 ـ طبقاً لما جاء في الكتاب الأبيض ـ لم يصل إلى خمسة وسبعين ألفاً، وقد عزا وزير المستعمرات هذا النقص في بيان ألقاه أمام مجلس العموم البريطاني في 10 نوفمبر 1943 ـ إلى ظروف الحرب التي وقفت حائلاً دون تحقيق البرنامج الذي رسمه الكتاب الأبيض، وقدر عدد اليهود الذين دخلوا البلاد سواء بالطرق الشرعية أو غير الشرعية – حتى آخر سبتمبر عام 1943 بنحو 43922 مهاجر"، وهو ما يعني أن على الحكومة البريطانية الموافقة على هجرة 31078 يهودياً حتى آخر مارس 1944.
    ودارت في ربيع عام 1944 مفاوضات بين الوكالة اليهودية والحكومة البريطانية حول الهجرة اليهودية إلى فلسطين بعد نهاية السنوات الخمس المشار إليها، انتهت بموافقة الأخيرة على هجرة 10300 من اللاجئين اليهود في دول البلقان وإيطاليا وفرنسا وسويسرا وهولندا وعدن وتركيا، على ألا يسمح بتهجير أكثر من 1500 مهاجر شهرياً اعتباراً من أول أكتوبر 1944. وبنهاية عام 1944 كان عدد المهاجرين اليهود إلى فلسطين ابتداءً من عام 1939 وحتى ذلك التاريخ قد بلغ 75031 مهاجراً.
    ولما لم تكن تلك الأعداد كافية في نظر الوكالة اليهودية فإنها قامت بإعداد الخطط لاستقبال مائة ألف مهاجر يهودي فور انتهاء الحرب العالمية الثانية، ومع بدء إحداق قوات الحلفاء بألمانيا في شتاء عام 1945، قامت الوكالة اليهودية بتقديم خطط الهجرة التفصيلية للأعداد السابقة إلى حكومة الانتداب، إلا أن الأخيرة رفضت طلبات الوكالة اليهودية وخططها، وكل ما سمحت به في مايو 1945 هو قبول هجرة ثلاثة آلاف يهودي إلى فلسطين، كما سمحت في سبتمبر من نفس العام بعودة المهاجرين غير الشرعيين الذين سبق أن أبعدتهم سلطات الانتداب إلى جزيرة "موريشوس" وظلو محجوزين هناك.
    وبنهاية عام 1945 كانت أعداد المهاجرين اليهود الذين وصلوا إلى فلسطين خلال الحرب وحتى ذلك التاريخ قد بلغت 92 ألف مهاجر، الأمر الذي يعود بدرجة كبيرة إلى نشاط الهجرة غير الشرعية في ذلك الوقت التي أصبحت تشرف عليها الوكالة اليهودية على نحو ما سيأتي فيما بعد.

    ثانياً: تطور الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية
    شهد صيف عام 1939 تآكل الثورة العربية في فلسطين نتيجة لسياسة القمع الوحشية التي اتبعتها حكومة الانتداب والقوات البريطانية التي أعادت غزو فلسطين عند اشتعال الثورة وتناميها، فضلاً عن جسامة التضحيات التي تكبدها الشعب الفلسطيني وتشتت قياداته خارج البلاد، بعد أن عدَّتها السلطات البريطانية خارجة على القانون.
    ومع بداية الحرب العالمية الثانية سعت الحكومة البريطانية إلى تهدئة الأوضاع في البلاد، وشجعت الزعماء الفلسطينيين المنفيين على العودة إلى البلاد ووعدتهم بإسقاط التهم الموجهة إليهم إذا لم يشتركوا في أية نشاطات سياسية، وقد قبل عدد من هؤلاء الزعماء العودة، إلا أن الحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين ورئيس اللجنة العربية العليا المنحلة لم يثق في الوعود البريطانية واستمر يتنقل من بلد إلى آخر هرباً من الاعتقال، مبتعداً بنفسه عن مناطق انتشار القوات البريطانية في الشرق الأوسط، وفي النهاية وجد أنه من الضروري أن يلوذ بالأراضي الواقعة تحت احتلال قوات المحور، طالباً المساعدة الألمانية ضد بريطانيا، عملاً بالقول "عدو عدوي يمكن أن يكون صديقي". وقد شجع المفتي على هذا التوجه اعتقاده بأن الحرب ستنتهي لصالح دول المحور بعد النجاح الذي حققته قواتها في المسارح المختلفة خلال المرحلة الافتتاحية للحرب.
    ولكن جهود المفتي السابقة لم يكن لها أي تأثير على الشعب الفلسطيني الذي أنهكته الثورة المستمرة طوال السنوات الثلاث السابقة، حيث اتجه المعتدلون من قياداته العائدة إلى مهادنة الإنجليز، وفي عام 1943 كان هناك نحو ثمانية آلاف من عرب فلسطين يعملون في القوات البريطانية في فلسطين، وفي ظل اعتماد القوات البريطانية في سد بعض احتياجاتها على الصناعات المحلية، فقد أدى ذلك إلى نمو نسبي في الصناعات العربية والطبقة العاملة الفلسطينية، وانحصر الكفاح الفلسطيني خلال سنوات الحرب في المقاطعة اليهودية الشاملة، والحيلولة دون تسرب الأراضي للمستوطنين اليهود. وشكَّلت الحركة الوطنية "صندوق الأمة" لجمع الأموال والعمل على إنقاذ الأراضي العربية التي كانت تنوء تحت عبء الضرائب والحفاظ على ملكيتها العربية.
    وعلى الصعيد السياسي ظل التنافس على الزعامة هي الآفة التي رسخت الفُرقة بين الأحزاب الفلسطينية خلال الحرب بعد هروب الحاج أمين الحسيني، وقام زعماء حزب الاستقلال عام 1943 بمحاولات لتشكيل لجنة موحدة إلا أن مشايعي آل الحسيني والأحزاب الأخرى عرقلوا قيام ذلك الاتحاد حينما كان ذلك ممكناً، إلا أن الزعماء العرب الذين كانوا يسعون إلى إنشاء الجامعة العربية عام 1944 شجعوا فكرة إحياء اللجنة العربية العليا. وفي سبتمبر من نفس العام زار فلسطين بعض الزعماء العرب لإقناع القيادات الفلسطينية بتوحيد صفوفها، وبالرغم من فشل هذه الجهود، فقد أبدى أنصار الحاج أمين الحسيني استعدادهم لإرسال مندوب فلسطيني للاشتراك في المشاورات الخاصة بإنشاء الجامعة العربية، وتم تفويض موسى العلمي للقيام بهذه المهمة.
    وخلال الاجتماعات التي جرت في الاسكندرية لإعداد برتوكول جامعة الدول العربية رفض العلمي حضور تلك الاجتماعات بصفته مجرد مراقب وأصر على أن يتمتع بالعضوية الكاملة وتمثيل كل عرب فلسطين الذين لم يتفق قادتها على من يمثلهم، وأيده في ذلك مندوبو العراق وشرق الأردن، وعلى ذلك تم التوصل إلى حل وسط عند صياغة الملحق الخاص بفلسطين في المسودة النهائية لميثاق الجامعة الذي نص على قيام مجلس الجامعة العربية بتعيين ممثل عن عرب فلسطين يشترك في أعماله وله حق التصويت في ظروف معينة دون التوقيع على القرارات.
    ونظراً لاستمرار الخلافات الحزبية بين الفلسطينيين وغياب القيادات الفعالة، انتقلت المبادرة بالنسبة إلى القضية الفلسطينية بصورة متزايدة إلى الحكومات العربية في السنوات الأخيرة للحرب، وتزايد هذا الاتجاه بعد إنشاء جامعة الدول العربية في شهر مارس 1945، وقد تضمن ميثاق تلك الجامعة فصلاً مستقلاً يسمح للفلسطينيين بالمشاركة في اجتماعات الجامعة لحين حصولهم على العضوية الكاملة بعد استقلال فلسطين.
    وقدمت بعض الحكومات العربية مشروعات لحل القضية الفلسطينية في إطار عربي مثلما حدث عندما قدم نوري السعيد رئيس الوزراء العراقي مشروع الهلال الخصيب إلى "ريتشارد كيزي" وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط في ديسمبر عام 1942، حيث وجد نوري السعيد في ذلك المشروع حلاً للقضية الفلسطينية على أساس قيام اتحاد فيدرالي يضم العراق وسورية ولبنان وإمارة شرق الأردن وفلسطين، على أن يتمتع اليهود باستقلال إداري في إطار هذه الدولة العربية المتحدة بحيث لا يشكل المجتمع اليهودي المستقل إدارياً خطراً على هذه الدولة العربية المتسعة على عكس الوضع لو كانت فلسطين دولة قائمة بذاتها.
    إلا أن مصر عارضت مثل هذه الاتحادات الإقليمية الجزئية ورأت أنها تلتف حول المشكلة الفلسطينية ولا تحلها، وأنه من الأفضل السعي لإيجاد حل ملائم لتلك القضية في إطار عربي شامل بتأسيس اتحاد عربي يضم كل الدول العربية المستقلة، وهو ما انتهى إلى قيام جامعة الدول العربية.
    وعندما اجتمعت اللجنة التحضيرية للتوقيع على بروتوكول إنشاء الجامعة العربية بالإسكندرية في أكتوبر 1944 شرح موسى العلمي مندوب فلسطين المراحل التي مرت بها القضية الفلسطينية، وفي نهاية كلمته طرح سؤالين أمام الحاضرين كان نصهما "هل ستبقى فلسطين عربية؟ وهل سيظل عربها آمنين في ديارهم؟ ورداً على هذين السؤالين اختصت فلسطين بقرار خاص في بروتوكول الإسكندرية قررت فيه اللجنة التحضيرية" أن فلسطين ركن مهم من أركان البلاد العربية، وأن حقوق العرب لا يمكن المساس بها من غير إضرار بالسلم والاستقرار في العالم، كما ترى اللجنة أن التعهدات التي ارتبطت بها الدولة البريطانية والتي تقضي بوقف الهجرة اليهودية والمحافظة على الأراضي العربية والوصول إلى استقلال فلسطين هي من حقوق العرب الثابتة التي تكون المبادرة إلى تنفيذها خطوة نحو الهدف المطلوب وكذا استتباب السلم وتحقيق الاستقرار، وتعلن اللجنة تأييدها لقضية عرب فلسطين بالعمل على تحقيق أمانيهم المشروعة وصون حقوقهم العادلة.
    واتساقاً مع الموقف العربي السابق من القضية الفلسطينية، مارست الدول العربية – فرادى وجماعات – الضغط الدبلوماسي على بريطانيا والولايات المتحدة دفاعاً عن عرب فلسطين، وهو ما ظهر جلياً في المواقف التي اتخذتها تلك الدول في مواجهة قرارات وتصريحات أعضاء الكونجرس والرئيس الأمريكي المنحازة لليهود والحركة الصهيونية خلال عامي 1944، 1945.
    فعلى أثر مناقشة الكونجرس الأمريكي في أواخر يناير 1944 لمشروع قرار يطالب الحكومة الأمريكية "بالقيام بكافة الخطوات الضرورية لفتح أبواب هجرة اليهود إلى فلسطين، وأن يكون لهـم الحق في استعمار هذه البلاد وإنشاء دولة يهودية حرة ديمقراطية فيها"، طالبت مصر والعراق في 9 فبراير من الحكومة الأمريكية إيضاحات حول هذا الموضوع على ضوء تأكيدات الرئيس الأمريكي السابقة أن موضوع فلسطين سوف يؤجل إلى ما بعد انتهاء الحرب.
    وفي 24 فبراير قدمت الحكومة السورية احتجاجاً للحكومة الأمريكية جاء فيه "إن قرارات الكونجرس الأمريكي بشأن قيام دولة يهودية في فلسطين توجه ضربة مميتة إلى الحقوق العربية، وأن الدول العربية جميعها التي وضعت مواردها في خدمة الحلفاء لتحقيق النصر تشعر بالخيانة من أثر هذه القرارات التي تراها مخالفة لكل المبادئ المعلنة في ميثاق الأطلسي، إن إعطاء ميزة لليهود على حساب العرب لا يمكن تبريره أو قبوله، ونحن نطالب أن توضع الحقوق العربية في فلسطين موضع اعتبار قبل أي قرار"، ثم انضمت المملكة العربية السعودية ولبنان وشرق الأردن إلى مصر وسورية والعراق في ضغطها على الحكومة الأمريكية مما أعطى الموقف العربي وزناً إضافياً وحوله إلى إجماع عربي.
    وفي محاولة لإزالة آثار الضغط العربي السابق قام الحاخامان "ستيفن وايز" و"أباهيلل سيلفر" نيابة عن الحركة الصهيونية بمقابلة الرئيس روزفلت يوم 9 مارس 1944وخرجاً من عنده يعلنان على لسان الرئيس الأمريكي "أن أبواب فلسطين سوف تفتح الآن أمام اللاجئين اليهود، وعندما يجئ الوقت لتقرير شؤون منطقة الشرق الأوسط، فإن الحقوق العادلة سوف تتأكد لكل هؤلاء الذين يطالبون بوطن قومي لليهود في فلسطين، إن ذلك هدف تنظر إليه الحكومة والشعب الأمريكي بعطف عميق".
    وكان للتصريح السابق المنسوب إلى الرئيس الأمريكي صداه السيئ في العالم العربي وكانت مصر أول من تحرك، فاستدعى مصطفى النحاس باشا رئيس الوزراء المصري الوزير المفوض الأمريكي في القاهرة وأبلغه أستياء الشعب المصري كله من التصريح المنسوب إلى الرئيس الأمريكي وطلب إيضاحاً جديداً من الحكومة الأمريكية حول ذلك الموضوع.
    وفي 15 مارس أرسلت وزارة الخارجية الأمريكية توضح للحكومة المصرية "أن البيان المنسوب للرئيس الأمريكي تحدث عن وطن قومي لليهود في فلسطين طبقاً لوعد بلفور، ولم يتحدث عن دولة يهودية في فلسطين كما جاء في قرار الكونجرس"، وأكدت الحكومة الأمريكية مرة أخرى، أنها "لن تحدث تغييرات أساسية بالنسبة إلى سياستها في فلسطين بدون تشاور كامل مع كل من اليهود والعرب.
    وشهدت الشهور الأولى من عام 1945 ضغطاً عربياً متزايداً لمقاومة المشروع الصهيوني في فلسطين وخاصة من جانب المملكة العربية السعودية، فخلال الأسبوع الأول من يناير 1945، طالب الملك عبدالعزيز بضرورة إنشاء تحالف عسكري بين الدول العربية يحميها إذا دعت الضرورة، والحصول على "تعهدات أمريكية بالدفاع عن العرب الفلسطينيين ضد الصهيونية"، وبالسلاح إذا اقتضى الأمر".
    وعند استقباله للضباط الأمريكيين الملحقين على المفوضية الأمريكية بجدة يوم 31 يناير أدلى الملك عبدالعزيز بتصريح أكد فيه مرة أخرى الدعم العربي للفلسطينيين، فقد أوضح الملك لهؤلاء الضباط "أن الأمة العربية تواجه تهديدين: أولهما الضغط الفرنسي على سورية، والثاني (هو) الضغط اليهودي على فلسطين .. وفيما يتعلق بفلسطين، فإن أمريكا وبريطانيا أمامهما حرية الاختيار بين عالم عربي هادئ ومسالم أو دولة يهودية غارقة في الدم.
    "إننا نطلب من أمريكا تسوية مشكلة فلسطين على أساس تقاليد العدل الأمريكي، وإذا اختارت أمريكا أن تمالئ اليهود الملعونين في القرآن إلى آخر الدنيا، فإنها تكون بذلك خسرت صداقتها معنا وسوف تندم على ذلك، إن الاختيار على أي حال لأمريكا، ونحن قلنا رأينا، ونرغب منكم أن تنقلوه إلى حكومتكم".
    وقد أكد الملك عبدالعزيز موقفه الصلب من المشروع الصهيوني والهجرة اليهودية للرئيس روزفلت نفسه عندما التقى بالأخير على ظهر الطراز "كوينسي" في مياه البحيرات المرة المصرية يوم 14 فبراير من نفس العام، فعندما طلب الرئيس الأمريكي التشاور مع الملك بشأن مشكلة اليهود الذين طردوا من ديارهم في أوروبا، كان رد الملك عبدالعزيز: "أنه لا يجد سبيلاً لحل هذه المشكلة إلا أن يعود هؤلاء المطرودون إلى بلادهم الأصلية التي طُردوا منها، أما اليهود الذين لا يستطيعون العودة إلى بلادهم الأصلية، فإنه يمكن توطينهم في بلدان المحور التي اضطهدتهم".

    وعندما ضرب الرئيس الأمريكي المثل بما حدث لليهود على أيدي الألمان في بولندا في محاولة لإثارة عطف الملك وقبوله لتوطين بعض اللاجئين اليهود في فلسطين، أدرك الملك عبدالعزيز ما يرمي إليه الرئيس روزفلت، وأوضح للأخير قضية عرب فلسطين وحقوقهم المشروعة في أراضيهم، وأكد للرئيس الأمريكي استحالة التعاون بين العرب واليهود، ولفت نظره إلى التهديد المتزايد الذي يتعرض له وجود العرب، والأزمة التي نجمت عن استمرار الهجرة اليهودية وانتقال الأراضي العربية إلى أيدي اليهود، فطمأن الرئيس الأمريكي الملك عبدالعزيز وأكد له أنه "لن يفعل شيئا لمساعدة اليهود ضد العرب، كما لن يقوم بأي تحرك معاد للشعب العربي"، موضحاً "أن تأكيده هذا يتعلق بسياسته هو مستقبلاً كرئيس للسلطة التنفيذية في الولايات المتحدة الأمريكية".

    وعندما التقى الملك عبدالعزيز بونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني في الفيوم بعد أسبوع من لقائه بالرئيس روزفلت لم يكن الملك أقل صلابة بالنسبة إلى القضية الفلسطينية، فعندما طلب تشرشل أن يساعده الملك في موضوع فلسطين بقيادة المعتدلين من العرب إلى حل وسط مع الصهيونيين، وتهيئة الرأي العام العربي لقبول تنازلات لصالح اليهود، كان رد الملك عبدالعزيز أن ما يطلبه تشرتشل "عمل من أعمال الخيانة لرسول الله ولكل المسلمين المؤمنين، ولو أني أقدمت عليه لأضعت شرفي ودمرت روحي، وأنا لا أوافق على أي تنازل للصهيونيين فضلاً عن أن أقنع به غيري، وحتى إذا قبلت أن أفعل ذلك، فلن يكون ما أفعله مساعدة لبريطانيا وإنما سيكون عبئا عليها، لأن تأييد المطامع الصهيونية من أي جهة سوف يؤدي إلى إراقة الدماء، وسوف ينشر الفوضى في العالم العربي، وهذا لن يكون في صالح بريطانيا".

    وإزاء استمرار تصريحات السياسيين الأمريكيين المؤيدة للمطامع الصهيونية استمر الضغط العربي المضاد على الإدارة الأمريكية حتى الأيام الأخيرة للرئيس روزفلت، ففي العاشر من مارس 1945، أرسل كل من الملك عبدالعزيز والأمير عبدالإله الوصي على عرش العراق رسالة إلى الرئيس روزفلت يوضح فيها كل منهما المخطط الصهيوني في فلسطين وخطره على البلدان العربية ووحدتها إذا ما سقطت فلسطين في أيد غير عربية، ويحذران من الآثار الدامية التي ستترتب على قيام الدولة اليهودية في فلسطين "فإن العرب فُرادى وجماعات يعتبرون أن مستقبل فلسطين قضية حياة أو موت".

    ورداً على هاتين الرسالتين أعاد الرئيس روزفلت تأكيد موقفه من القضية الفلسطينية، وأنه لن يتخذ حيالها أي قرار يؤثر على الوضع الأساسي في هذه البلاد دون استشارة كل من العرب واليهود، وأنه لن يقوم بأي عمل من شأنه أن يثير عداء الشعب العربي.


    .
    ترى أهناك من يقرأ او يهتم !!

     

     



    التعديل الأخير تم بواسطة أسامة الكباريتي ; 11th November 2009 الساعة 01:52 PM
     
    رد مع اقتباس

    قديم 12th November 2009, 01:35 AM أسامة الكباريتي غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 17
    أسامة الكباريتي
    Field Marshal
     






    أسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond repute

    أسامة الكباريتي's Flag is: Palestinian

    افتراضي

    أنا : أسامة الكباريتي




    التدخل الأمريكي وتحويل القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة



    (1945 – 1947)


    أولاً: التدخل الأمريكي في القضية الفلسطينية
    في الوقت الذي اقتصر فيه التدخل الأمريكي في القضية الفلسطينية خلال الحرب على القرارات والبيانات والتصريحات المؤيدة للموقف الصهيوني والضغط على الحكومة البريطانية من أجل فتح أبواب فلسطين للهجرة اليهودية، فقد تصاعد هذا التدخل بعد الحرب إلى مستوى المشاركة في بحث مستقبل هذا البلد والضغط من أجل فتح أبوابه للهجرة اليهودية وقيام الدولة العبرية فيه، وقد ساعد على ذلك الحالة الاقتصادية السيئة لبريطانيا وحاجتها الماسة للدعم الأمريكي من ناحية، واتجاه حكومة العمال الجديدة إلى تحميل الولايات المتحدة الأمريكية نصيبها من المسؤولية تجاه القضية الفلسطينية من ناحية أخرى.
    فعندما تولى حزب العمال الحكم في بريطانيا في نهاية يوليه عام 1945، خلفاً لحكومة المحافظين، شكل مجلس الوزراء لجنة لبحث سياسة الحكومة في الشرق الأوسط بوجه عام وفي فلسطين بوجه خاص، وقامت اللجنة بعملها خلال شهر أغسطس، وقدَّمت تقريراً في شهر سبتمبر أكدت فيه على "أنه لتلبية متطلبات الإستراتيجية البريطانية في المنطقة فإنه من الضروري المحافظة على صداقة العرب وتوحيد المشرق العربي في ظل ميثاق أمن إقليمي يقوم على أساس المشاركة بين الأنداد".
    أما بالنسبة إلى فلسطين فقد أوصت اللجنة المشار إليها بما يلي:
    1. مواصلة تطبيق سياسة الكتاب الأبيض فيما يتعلق بالهجرة اليهودية مؤقتاً حتى يتم إقرار سياسة جديدة للمستقبل، مع بذل كل جهد ممكن لإقناع العرب بالموافقة على استمرار الهجرة بالمعدلات المعمول بها وقتئذ (1500 مهاجر شهرياً) حتى يتم إقرار السياسة الجديدة.
    2. إبلاغ حكومة الولايات المتحدة الأمريكية ـ قبل الاتصال بالعرب ـ بأن الحكومة تدرس وضع سياسة جديدة بعيدة المدى بالنسبة إلى فلسطين تزمع عرضها على المنظمة العالمية (الأمم المتحدة) في الوقت المناسب.
    وفي الوقت التي كانت فيه اللجنة البريطانية السابقة لازالت تبحث الموقف في فلسطين لتحديد السياسة البريطانية تجاهها بعد الحرب، كانت الحركة الصهيونية التي أصاب زعماءها القلق من عدم إعلان الحكومة البريطانية الجديدة نواياها تجاه فلسطين قد وصلت إلى الرئيس الأمريكي الجديد "هاري ترومان" بواسطة "إيلي جاكسون" صديقه الحميم وشريكه السابق في محل خردوات في "مينسوتا" قبل انتخاب ترومان عضواً في الكونجرس واختياره نائباً لروزفلت. وعلى ذلك تجاهل الرئيس ترومان آراء معاونيه بعدم اتخاذ قرارات تؤثر سلباً على المصالح الأمريكية النامية في الشرق الأوسط، وطلب من الحكومة البريطانية السماح بتهجير مائة ألف لاجئ يهودي أوروبي إلى فلسطين، ولما كان طلب الرئيس الأمريكي لا يتمشى مع التوجهات البريطانية الجديدة، فقد كان رد الحكومة البريطانية هو طلب تشكيل لجنة برلمانية مشتركة (إنجليزية/ أمريكية) تكون مهامها كما يلي:
    1. بحث الإجراءات الكفيلة بتحسين أوضاع اليهود في البلدان الأوروبية التي تعرضوا فيها للاضطهاد النازي والفاشي.
    2. بحث الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في فلسطين من حيث علاقتها بالهجرة اليهودية، وبحث الإجراءات الكفيلة بالسماح بنسبة معقولة من الهجرة اليهودية إلى فلسطين في المستقبل القريب.
    3. بحث احتمال حل مشكلة اللاجئين اليهود في أوروبا بفتح أبواب الهجرة إلى بلدان أخرى منها الولايات المتحدة الأمريكية ودول الكومنولث البريطاني.
    وقد واجه اقتراح تشكيل اللجنة المشتركة الرئيس ترومان بمشكلة دقيقة في الوقت الذي كان فيه الرأي العام الأمريكي ـ الذي تأثر بالدعاية اليهودية ـ يساند المطالب الصهيونية، والبلاد مقبلة على انتخابات مجلس النواب والتجديد النصفي لمجلس الشيوخ، إلا أن الرئيس ترومان اختار الموافقة على تشكيل اللجنة المشتركة حتى لا ينفرد البريطانيون بتقرير السياسة التي يرونها تجاه فلسطين.
    وفي 13 نوفمبر 1945 أوضح أرنست بيفن وزير الخارجية البريطانية في مجلس العموم أن الحكومة ستنفذ توصيات اللجنة المشتركة إذا ما جاءت بالإجماع، كما أعلن قرار الحكومة باستشارة العرب حول ضمان المحافظة على عدد المهاجرين المسموح شهرياً (1500مهاجر)، وكان ذلك العدد مرتبطاً باستكمال الأعداد التي قررت في الكتاب الأبيض (75 ألف مهاجراً أصلياً بالإضافة إلى 25 ألف آخرين للمساهمة في حل مشكلة اللاجئين اليهود في أوروبا إذا ما كانت الحالة الاقتصادية تسمح بالأعداد الأخيرة).
    وتشكلت اللجنة البرلمانية المشتركة من اثنى عشر عضواً نصفهم من الإنجليز والنصف الآخر من الأمريكيين، وعلى ضوء مشاورات اللجنة مع كل من العرب واليهود في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفلسطين والمشرق العربي، فإنها وضعت في 20 إبريل 1946 تقريرها الجماعي الذي ضمنته عدة مبادئ هي:
    1. عدم انفراد اليهود أو العرب بالسيطرة على فلسطين.
    2. عدم تحول فلسطين إلى دولة عربية أو دولة يهودية.
    3. أن يوفر شكل الحكومة التي ستقوم في فلسطين ـ وفقاً لضمانات دولية ـ الحماية التامة للديانات والمقدسات الإسلامية والمسيحية واليهودية في البلاد.
    وانتهت اللجنة في تقريرها إلى رفض تقسيم فلسطين، وأكدت على أن "أي محاولة في ذلك الوقت أوفي المستقبل القريب لإقامة دولة فلسطينية مستقلة أو دولتين فلسطينيتين مستقلتين (إحداهما يهودية والأخرى عربية) لابد أن تؤدي إلى حرب أهلية قد تهدد السلام العالمي". وخلصت اللجنة إلى ضرورة بقاء فلسطين دولة موحدة ثنائية القومية تحت الانتداب البريطاني تمهيداً لوضعها تحت وصاية الأمم المتحدة، ومطالبة الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأخرى بفتح أبوابها لاستقبال عدد من اللاجئين اليهود.


    وتقدمت اللجنة بعدد من التوصيات الخاصة بتطوير فلسطين من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية، كما أوصت بإصدار مائة ألف تصريح هجرة إلى فلسطين تمنح قدر الإمكان خلال عام 1946" والإسراع بخطى الهجرة بالشكل الذي تسمح به الظروف، وخضوعها في المستقبل إلى اتفاق وسط بين العرب واليهود، وطلبت اللجنة في تقريرها أن تبادر الوكالة اليهودية إلى التعاون الفعال مع دولة الانتداب في قمع الإرهاب والهجرة غير الشرعية".
    وقد تفاوتت ردود الفعل البريطانية والأمريكية تجاه التوصيات السابقة التي أجمعت عليها اللجنة البرلمانية المشتركة، فبالنسبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية تجاهل الرئيس ترومان رغبة الحكومة البريطانية في العمل المشترك تجاه القضية الفلسطينية وأصدر تصريحاً، أعده له مساعده اليهودي الصهيوني ديفيد نايلز، رحب فيه بتوصية اللجنة حول هجرة المائة ألف يهودي إلى فلسطين وتجاهل باقي التقرير ـ الذي حاولت اللجنة أن تجعله متوازناً حتى يحظى بموافقة إجماعية من أعضائها ـ مشيراً إلى أن باقي التوصيات تحتاج دراسة متأنية. أما بالنسبة إلى بريطانيا، فقد صرح "كلمنت أتلي" رئيس وزرائها في مجلس العموم في أول مايو 1946 بأن التقرير يتضمن التزامات على المدى البعيد لا ترغب الحكومة البريطانية في الاضطلاع بها قبل أن تتأكد من مدى استعداد الولايات المتحدة الأمريكية للاشتراك في تحمل المسؤوليات العسكرية والمالية المترتبة عليها، كما أعلن أن الحكومة البريطانية لن تسمح بهجرة مائة ألف يهودي إلى فلسطين إلا إذا جرى نزع سلاح المقاتلين العرب واليهود وحل المنظمات الإرهابية الصهيونية وأبدت الوكالة اليهودية استعدادها للتعاون في هذا الشأن.
    وقد هدد موقف الرئيس الأمريكي من تقرير اللجنة وعدم رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في تحمل أية أعباء عسكرية في فلسطين توصيات اللجنة البرلمانية المشتركة[1] بالتجميد، لولا أن اتفقت في النهاية الحكومتان الأمريكية والبريطانية على مجموعة من الإجراءات تساعدهما على تقريب وجهات النظر وتحديد مواقفهما النهائية من توصيات اللجنة البرلمانية، وقد تلخصت تلك الإجراءات فيما يلي:
    1. قيام كل من الحكومتين باستطلاع رأي الحكومات العربية واليهودية حول ما جاء في تقرير اللجنة البرلمانية المشتركة.
    2. التقاء وفدين من خبراء الحكومتين لبحث المطالب المترتبة على توصيات اللجنة البرلمانية وخاصة ما يتعلق منها بالالتزامات العسكرية والمالية.
    3. تضع الحكومة الأمريكية نصب عينيها اقتراح الحكومة البريطانية بعقد مؤتمر تحضره كل الأطراف المعنية في المرحلة الثالثة من المشاورات.
    وشكلت الحكومة الأمريكية وفدها برئاسة "هنري جريدي" نائب وزير خارجيتها كما شكلت الحكومة البريطانية الوفد المناظر برئاسة "هربرت موريسون" رئيس مجلس العموم وبدأت المباحثات بين الوفدين في لندن في يوليه 1946، في الوقت الذي تزايدت فيه القلاقل في فلسطين ووصل الإرهاب اليهودي مداه، وخلال أسبوعين توصل الجانبان إلى صيغة تقرير قدم إلى الحكومتين وعرف باسم "خطة جريدي ـ موريسون"، وكانت تلك الخطة تقضي بتحويل فلسطين إلى دولة إتحادية من ثلاث مناطق إحدها عربية وأخرى يهودية ومنطقة خاضعة للسيطرة البريطانية تشمل منطقتي القدس والنقب، مع تحول الانتداب إلى وصاية بريطانية ووجود حكومة مركزية تشرف على شؤون الدفاع والسياسة الخارجية والجمارك ورسوم الإنتاج، على أن تشرف الحكومتان العربية واليهودية على شؤون الإدارة المحلية والزراعة والصحة العامة والتجارة والصناعة. وأوصى الوفدان في تقريرهما أنه إذا تمت الموافقة على خطتهم وقبلت الولايات المتحدة الأمريكية المشاركة في التكاليف المالية المترتبة عليها فسوف يُسمح بدخول مائة ألف يهودي إلى فلسطين خلال العام الأول، وبعد ذلك يتحدد العدد الذي يُسمح به من المهاجرين على ضوء طاقة الاستيعاب الاقتصادية للبلاد، كما قدم الوفدان خطة لتطوير فلسطين والبلدان المجاورة اقتصادياً، واقترح الوفد الأمريكي أن يطلب الرئيس ترومان من الكونجرس 300 مليون دولار من أجل هذا التطوير.
    وقد رأت الحكومة البريطانية في هذه الخطة حلاً متوازناً للقضية الفلسطينية في ضوء الاعتبارات التالية:
    1. تحقق تلك الخطة وضعاً شبيهاً بالاستقلال لخمسة وسبعين في المائة من السكان العرب.
    2. توفر الخطة ضمانات فعالة للأقلية العربية في المنطقة اليهودية.
    3. تسمح هذه الخطة بمنح اليهود قدراً من الإشراف على الهجرة وتنمية الأراضي داخل المنطقة اليهودية بحيث يمكنهم تطوير مشروع الوطن القومي فيها دون قيود.
    4. يمكن تنفيذ هذه الخطة تحت إشراف الدولة المنتدبة دون اللجوء إلى الأمم المتحدة.
    5. تضمن الخطة نواة التطور الدستوري على أساس إمكان توسيع منطقتي الحكم الذاتي بالتدريج بنقل السيطرة فيها من الحكومة المركزية إلى الحكومتين في هاتين المنطقتين.
    6. إلغاء الانتداب على فلسطين على المدى البعيد إما بتقسيمها أو تكوين نظام فيدرالي يشمل كل المناطق تبعاً لما يسفر عنه تنفيذ تلك الخطة.
    أما في الولايات المتحدة الأمريكية فقد رفض الرئيس ترومان الخطة برمتها، وقرر السير في طريق منفصل بعيداً عن بريطانيا بالنسبة إلى معالجة القضية الفلسطينية وعدم المشاركة في المرحلة التالية الخاصة بعقد مؤتمر في لندن يحضره كافة الأطراف المعنية، في الوقت الذي أصر فيه على إدخال المائة ألف يهودي إلى فلسطين أرضاءً ليهود الولايات المتحدة الأمريكية، وهكذا ترك ترومان بريطانيا تتخبط وحدها وتجني الثمار المرة لقطعها وعد بلفور ودعمها للمشروع الصهيوني في فلسطين.
    ثانياً: فشل الحلول البريطانية وتحويل القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة
    قررت الحكومة البريطانية في صيف عام 1946 التشاور مع كل من العرب واليهود على ضوء ما انتهى إليه وفداً الخبراء الإنجليز والأمريكيين، وكانت الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية قد تلقت طلباً من الحكومتين البريطانية والأمريكية لإبداء رأيها فيما جاء بتقرير اللجنة البرلمانية الإنجليزية الأمريكية الذي أعلن في ربيع ذلك العام وأثار سخط العرب، لأنهم شعروا أن ذلك التقرير يلغي ما جاء بالكتاب الأبيض لعام 1939 الذي انعقدت عليه آمالهم.
    ولم يكن اليهود أقل سخطاً على ذلك التقرير، لأنه لم يعترف بقيام الدولة اليهودية في فلسطين، وفرض قيود على الهجرة اليهودية إليها، كما طالب بحل المنظمات شبة العسكرية.
    ولم يمنع الموقف العربي والصهيوني المعلن من تقرير اللجنة البرلمانية المشتركة الحكومة البريطانية من توجيه الدعوات في 25 يوليه 1946 إلى دول الجامعة العربية و الوكالة اليهودية والهيئة العربية العليا لحضور مؤتمر في لندن يعقد في سبتمبر من نفس العام، في محاولة أخيرة لحل المشكلة الفلسطينية عن طريق التفاوض، وبينما قبلت الدول العربية الدعوة فقد رفضتها الهيئة العربية العليا لفلسطين لأنه لم يُسمح للحاج أمين الحسيني برئاسة وفدهم، كما رفضت الوكالة اليهودية الحضور لعدم قبول الحكومة البريطانية ضم الزعماء الصهيونيين المعتقلين إلى وفد الوكالة، أما حكومة الولايات المتحدة الأمريكية فقد اعتذرت عن أن يمثلها في المؤتمر مندوبون بصفة مراقبين.
    وعندما بدأ مؤتمر لندن أعماله في لانكستر هاوس يوم 9 سبتمبر، بادر الوفد البريطاني إلى طرح خطة الاستقلال الذاتي الإداري باعتبارها أول البنود في أجندة المؤتمر، إلا أن الوفود العربية هاجمت تلك الخطة لأنها ستؤدي في النهاية إما إلى تقسيم فلسطين أو سيطرة اليهود عليها، لأن السماح بهجرة غير مقيدة في القسم اليهودي الوارد في تلك الخطة سيؤدي إلى تزايد إعداد اليهود بما يحقق لهم الأغلبية العددية ومن ثم السيطرة على الحكم في البلاد.
    وعندما رأى الوفد البريطاني إجماع الوفود العربية على رفض خطة الاستقلال الذاتي الإداري فإنه طالبهم بتقديم مقترحات بديلة على أساس عدم التزام الحكومة البريطانية بالخطة التي عرضتها، فقدمت الوفود العربية خطتها البديلة التي تقوم على العناصر التالية:
    1. قيام دولة موحدة في فلسطين تضم أغلبية عربية دائمة وتحصل على استقلالها بعد فترة انتقال قصيرة (سنة أو سنتين) تحت الانتداب البريطاني، يجرى فيها الحكم بموجب دستور ديموقراطي.
    2. يحصل اليهود ممن يتمتعون بالمواطنة الفلسطينية الكاملة على الحقوق المدنية الكاملة على قدم المساواة مع مواطني فلسطين الآخرين.
    3. توفير ضمانات خاصة لحماية الحقوق الدينية والثقافية للأقلية اليهودية.
    4. ضمان سلامة الأماكن المقدسة وحرية الممارسات الدينية في كل أنحاء فلسطين.
    5. منح الأٌقلية اليهودية نسبة من عدد مقاعد المجلس التشريعي تتمشى مع نسبة عدد المواطنين اليهود إلى إجمالي المواطنين الفلسطينيين.
    6. ضرورة حصول أي تشريع خاص بالهجرة وانتقال الأراضي على موافقة الأغلبية العربية في المجلس التشريعي.
    7. عدم تعديل الضمانات الخاصة بالأماكن المقدسة إلا بموافقة الأمم المتحدة، وضرورة الحصول على موافقة أغلبية الأعضاء اليهود في المجلس التشريعي لتعديل أي ضمانات تتمتع بها الأقلية اليهودية.
    8. عقد معاهدة تحدد العلاقة المستقبلية بين الحكومة البريطانية وحكومة الدولة الاتحادية.
    فطلبت الحكومة البريطانية مهلة لدراسة الخطة العربية البديلة، ومن ثم تأجل استئناف المباحثات لمدة شهرين (حتى يناير عام 1947). والحقيقة أن تأجيل المؤتمر لم يكن لدراسة الخطة العربية فحسب، فقد آثرت الحكومة البريطانية الانتظار حتى ينتخب المؤتمر الصهيوني الثاني والعشرون مجلساً تنفيذياً جديداً كان يُؤمل أن يكون أكثر اعتدالاً من سابقه، بما يسمح بالمشاركة اليهودية في المؤتمر، إلا أن بريطانيا واجهت خلال هذه الفترة مزيداً من الإرهاب الصهيوني، وتعرضت سياستها في فلسطين لنقد شديد من كل من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية.
    وتحت ضغط المنظمات الصهيونية الأمريكية أصدر الرئيس ترومان بياناً في الرابع من أكتوبر 1946، يستعرض فيه جهود إدارته تجاه القضية الفلسطينية ويطالب بريطانيا بفتح أبواب فلسطين لاستقبال المهاجرين اليهود على الفور دون انتظار حل القضية الفلسطينية، وأبدى استعداد الحكومة الأمريكية للمساعدة في هذا الشأن، كما طالب بتحرير قوانين الهجرة في البلاد المختلفة لحل مشكلة اللاجئين في أوروبا، وأشاد بتقرير اللجنة البرلمانية المشتركة التي أخذت بتوصيته الخاصة بتهجير مائة ألف لاجئ يهودي من أوروبا إلى فلسطين، كما أشار إلى تأييد الرأي العام في الولايات المتحدة الأمريكية لإنشاء دولة يهودية في منطقة كافية من فلسطين.


    (((تصريح رئيس الولايات المتحدة (مستر ترومان)

    فى 4 أكتوبر 1946



    لقد عرفت بمزيد الأسف بأن اجتماعات مؤتمر فلسطين المنعقد فى لندن قد أجلت وبأنها لن تستأنف حتى السادس عشر من ديسمبر 1946 وعلى ضوء هذا الوضع فان من المناسب فحص سجل جهود الادارة فى هذا الموضوع، هذه الجهود التى دعمها - داخل الكونجرس وخارجه - أعضاء كلا الحزبين السياسيين وأن أدلى بآرائى عن الموقف كما هو قائم الآن.

    ومما يدعو الى التذكر أنه عندما قدم ايرل هاريسون تقريره فى 29 سبتمبر 1945 بشأن حالة الأشخاص المشردين فى أوروبا طلبت حالا اتخاذ الخطوات لتخفيف حالة هؤلاء الأشخاص الى حد أقصاه قبول 100.000 يهودى للدخول الى فلسطين.

    وتلبية لهذا الاقتراح دعت الحكومة البريطانية حكومة الولايات المتحدة لتتعاون فى تكوين لجنة تحقيق انجلو- امريكية مشتركة، تلك الدعوة التى كانت هذه الحكومة سعيدة فى قبولها، آملة أن مشاركتها من شأنه أن يساعد على تخفيف وضع اليهود المشردين فى أوروبا وأن يساعد على ايجاد حل لمشكلة فلسطين الصعبة والمعقدة فى حد ذاتها.

    وان السرعة التى نظرت بها الحكومة الى القضية نفسها نراها منعكسة فعلا فى مهلة المئة وعشرين يوما التى حددت لاتمام مهمة اللجنة.

    ان تقرير لجنة التحقيق الانجلو- أمريكية - وضع بالاجماع فى العشرين من ابريل سنة 1946.

    ومن دواعى سرورى أن أشير الى أنه من بين التوصيات المتضمنة فى التقرير كانت احداها اقرار لاقتراحى السابق ألا وهو قبول 100.000 يهودي للدخول الى فلسطين. والادارة اهتمت حالا باستنباط الطرق والوسائل لنقل 100.000 مشرد والاعتناء بهم عند وصولهم. وعلى هذا الأساس أرسل الخبراء الى لندن فى يونيو 1946 لاجراء تدابير السفر الفعلى بصورة مؤقتة.)))

    وقد ساهمت الحكومة البريطانية مع هذه الجماعة لكنها أوضحت بأن التقرير فى نظرها يجب أن يعتبر ككل وأن موضوع المئة ألف مشرد لا يمكن اعتباره أمرا منفصلا.

    وقد كان لبيان الرئيس ترومان أسوأ الأثر في فلسطين والبلاد العربية، حيث شجع ذلك البيان المنظمات الإرهابية اليهودية على تشديد ضغطها على حكومة الانتداب، كما اندلعت المظاهرات في البلدان العربية ضد الولايات المتحدة الأمريكية واحتجت حكوماتها على ذلك البيان، كما أرسل الملك عبدالعزيز آل سعود خطاباً إلى الرئيس ترومان يبدي فيه دهشته من البيان المشار إليه الذي يتعارض مع الوعود التي قطعها الرئيس روزفلت له، وأوضح للرئيس ترومان الظلم الذي يمكن أن يحيق بالعرب نتيجة للسياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية والذي يمكن أن يؤثر على العلاقات العربية تجاه الولايات المتحدة الأمريكية.
    ولم يكن الرئيس الأمريكي وحده الذي خذل الحكومة البريطانية في هذه المرحلة الحرجة من معالجة القضية الفلسطينية، ففي ديسمبر من نفس العام خيب المؤتمر الصهيوني الثاني والعشرون أيضاً ظن الحكومة البريطانية وأسقط آمالها التي عقدتها عليه بانحيازه الكامل إلى فريق المتشددين الذي كان يتزعمه بن جوريون.
    وقبل أن يستأنف مؤتمر لانكستر هاوس أعماله في 21 يناير 1947 ناقش مجلس الوزراء البريطاني مذكرة وضعها وزير الخارجية حول الحلول الثلاثة المقترحة للمشكلة الفلسطينية حتى يقرر المجلس الحل الذي يتم عرضه على كل من العرب واليهود عند استئناف المؤتمر لأعماله[2] ، وقد تلخصت تلك الحلول فيما يلي:
    1. تنفيذ التقسيم وفق ما طالب به اليهود دون حاجة إلى فترة انتقال يقوم خلالها نظام الاستقلال الذاتي الإداري.
    2. إقناع العرب بقبول حصة نهائية وإن كانت كبيرة من المهاجرين اليهود مقابل إقامة دولة موحدة مستقلة وفق ما طالب به العرب في المؤتمر.
    3. تطبيق نظام الاستقلال الذاتي الإداري في إطار دولة ثنائية القومية طبقاً لخطة اللجنة البرلمانية المشتركة خلال فترة انتقال يتم بعدها تقسيم فلسطين إلى دولتين إحداهما عربية والأخرى يهودية.
    وقد وافق مجلس الوزراء البريطاني على الحل الأخير كأساس للمناقشات مع الوفود العربية عند استئناف المؤتمر، على أن يكون مفهوماً أن هذا الحل سيؤدي في النهاية إلى الاستقلال بشرط الحفاظ على حق بريطانيا في وضع قواتها في فلسطين إلا أن الحكومة الأمريكية تمسكت بالتقسيم الفوري ـ الذي رأته أسهل الحلول من حيث التنفيذ وأقلها ضرراً ـ وإن أبدى وزير خارجيتها استعداد حكومته لمساندة قيام دولة ثنائية تمهيداً للتقسيم إذا ما فشلت الحكومة البريطانية في الحصول على موافقة كل من العرب واليهود.
    وفي محاولة للتوفيق بين المطالب العربية واليهودية التي تساندها الولايات المتحدة الأمريكية، توصل وزير الخارجية البريطانية إلى صيغة ظن أنها قد ترضي الطرفين أطلق عليها اسم "خطة بيفن". وقد نصت تلك الخطة على قيام دولة اتحادية تتمتع بالحكم الذاتي المباشر تحت الوصاية البريطانية لمدة خمس سنوات تحصل بعدها على الاستقلال المباشر، مع السماح بدخول أربعة آلاف يهودي شهرياً لمدة سنتين وتوفير ضمان للأقلية اليهودية بعد الاستقلال.
    وعندما عُرضت "خطة بيفن" على اليهود، يوم 10 فبراير، وعلى العرب، بعد ذلك بيومين، رفضها الجانبان من دون نقاش، وعلى حين عاد اليهود إلى خيارهم الثاني وهو العودة إلى أوضاع، الانتداب عام 1939 (قبل إصدار الكتاب الأبيض)، طالب بعض العرب بالانسحاب البريطاني الفوري من فلسطين مؤكدين أنهم سيضعون حلاً نهائياً للمشكلة خلال الصدام المحتوم، إلا أن مجلس الوزراء البريطاني رفض الاقتراح اليهودي بالعودة إلى أوضاع ما قبل الحرب لأنها ستؤدي إلى استلام اليهود للسلطة في فلسطين، كما رفض المطالب العربية.
    وإزاء الضغوط الأمريكية والصهيونية وفشل الحكومة البريطانية في التوصل إلى حل يرضي الطرفين وضغوط الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعرضت لها بريطانيا عام 1947، قررت الحكومة البريطانية تخفيف مسؤولياتها في الشرق الأوسط، وعلى ذلك قررت تحويل المشكلة الفلسطينية برمتها إلى الأمم المتحدة.
    وأوضح ارنست بيفن وزير الخارجية البريطانية أمام مجلس العموم يوم 23 فبراير 1947 الأسباب التي دعت الحكومة إلى اللجوء إلى الأمم المتحدة بقوله "لقد عجزت بريطانيا عن التوفيق بين السماح لليهود بغزو فلسطين، وبين مراعاة صك الانتداب في عدم الإضرار بمصالح سكانها الآخرين، وقد أصدرت بريطانيا الكتاب الأبيض الذي حدد الهجرة إلى فلسطين ليوقفها فيما بعد، وأقر المجلس الموقر هذا الكتاب الذي أثار معارضة اليهود وتشدد العرب وإصرارهم على الاستقلال الكامل، ومما زاد تعقيد القضية أن أمريكا زجت بنفسها فيها، وأخذ الرئيس ترومان يوالي تصريحاته عنها، ولو وقف أمر هذا التدخل عند إدخال مائة ألف مهاجر يهودي إلى فلسطين لكان في الإمكان معالجته، ولكن الحديث يدور حول المجئ بالملايين، وليس من العدل المساواة بين مصالح العرب أصحاب البلاد وبين اليهود الطارئين على فلسطين، إلا أن بريطانيا لا تستطيع أن تفرض حلاً نهائياً بالقوة لأنها دولة منتدبة، ولذا أصبح من واجبها أن ترفع الأمر إلى الأمم المتحدة، لتقر وتفرض الحل الذي تراه".
    وفي 12 أبريل 1947 طلبت الحكومة البريطانية رسمياً من السكرتير العام للأمم المتحدة أن يدعو لعقد دورة طارئة للجمعية العامة بقصد تشكيل لجنة خاصة تقوم بالإعداد لبحث المشكلة الفلسطينية في الدورة العادية التالية للجمعية العامة.

    خارطة التقسيم (قرار التقسيم -مجلس الأمن 1947):




    ----------------------

    [1] ناقشت هيئة الأركان الأمريكية المشتركة موضوع إرسال قوات أمريكية إلى فلسطين، ثم نصحت في 21 يونيه بعدم اشتراك الولايات المتحدة الأمريكية عسكرياً لتنفيذ توصيات اللجنة المشتركة لأن ذلك سيؤدي إلى تهديد المصالح الأمريكية في المنطقة.

    [2] نتيجة لرفض الوكالة اليهودية حضور مؤتمر لانكستر هاوس بالشروط البريطانية، فقد أجرت الحكومة البريطانية معهم مباحثات غير رسمية أثناء المؤتمر بواسطة وزير المستعمرات.

     

     


     
    رد مع اقتباس

    قديم 12th November 2009, 12:43 PM أسامة الكباريتي غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 18
    أسامة الكباريتي
    Field Marshal
     






    أسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond repute

    أسامة الكباريتي's Flag is: Palestinian

    افتراضي

    أنا : أسامة الكباريتي




    تطور الموقف بعد الحرب العالمية الثانية


    أولاً: تطور الموقف الصهيوني بعد الحرب

    في الوقت الذي كانت فيه حكومة حزب العمال تبحث الموقف في فلسطين خلال شهر أغسطس عام 1945، دُعي المؤتمر الصهيوني للانعقاد في لندن في أول اجتماعاته بعد الحرب، وقد حذر ذلك المؤتمر من أن اليهود في فلسطين سوف يلجأون إلى العنف ضد الحكم البريطاني إذا لم تتخل الحكومة البريطانية عن سياسة الكتاب الأبيض.

    وما أن تبلورت السياسة الجديدة لحكومة العمال تجاه فلسطين، حتى قررت الوكالة اليهودية وقف تعاونها مع حكومة الانتداب وزيادة معدلات الهجرة غير الشرعية بالشكل الذي يهدم هذه السياسة، كما قرر قادة الهجناه أن الوقت قد حان لتحدي الحكم البريطاني، وهو ما أدى إلى تصاعد الأعمال الإرهابية ضد حكومة الانتداب بشكل أكثر عنفاً بعد أن توحدت جهود الهجناه ومنظمتا الأرجون وشتيرن في هذا المجال، وهو ما عبر عنه "مناحيم بيجن" في مذكراته بقوله "في تلك الفترة انتهت حملة اليهود ضدنا، وولدت حركة النضال الموحد وقمنا بعمليات مشتركة رائعة".
    وقد اتخذت المواجهة الصهيونية للحكم البريطاني خلال هذه المرحلة أربعة محاور للعمل تصاعدت نشاطاتها حتى تم إحالة القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة في أبريل عام 1947، وهذه المحاور هي:


    1. الإسراع بمعدلات الهجرة غير الشرعية
    أوكلت مهمة تهجير اللائقين من المهاجرين اليهود في أوروبا والشرق الأوسط إلى جهاز الموساد الذي أسسته الوكالة اليهودية خلال الحرب العالمية الثانية. وكانت عمليات الهجرة غير الشرعية تعتمد في مراحلها الأولى على الجنود اليهود المتطوعين في القوات البريطانية ووحدات اللواء اليهودي في أوروبا، حيث كان يتم نقل كل مجموعة من المهاجرين في عربات عسكرية يمكنها أن تعبر نقاط التفتيش عبر الحدود الأوروبية، ثم يتم نقلها إلى مناطق للتجمع، ترسل منها إلى موانئ الإبحار، وكانت كل رحلة تستدعي الحصول على المستندات والمؤن بشكل يحقق الاكتفاء الذاتي لكل قافلة وشراء أو استئجار السفينة التي ستقوم بعملية النقل وإخفاء معالمها وكان على كل سفينة أن تجد طريقها إلى فلسطين بعيداً عن السفن والطائرات البريطانية، حيث تقابلها فرق الإنزال التابعة للهجناه عند النقطة المحددة على الساحل الفلسطيني، ومنذ صيف عام 1945 وحتى نهاية عام 1947 وصل إلى فلسطين سبعون سفينة تحمل المهاجرين اليهود.

    وقد وصل إلى فلسطين بعض هذه السفن خلال الشهور الأولى بعد الحرب أكثر من ألف يهودي، ثم تزايدت أعدادهم بعد ذلك إلى ما يقرب من 22 ألف مهاجر، وفي أوائل عام 1947 ارتفع العدد إلى 40 ألف يهودي، وفيما بين صيف عام 1945 ونهاية عام 1947 وصل إلى فلسطين بطريقة غير مشروعة واحد وسبعون ألف مهاجر من معسكرات اللاجئين في أوروبا.


    2. إقامة المستعمرات في المناطق التي حرَّمها الكتاب الأبيض
    اتجهت الوكالة اليهودية بعد الحرب إلى إنشاء المستعمرات الدفاعية ـ التي سبقت الإشارة إليها ـ في المناطق المحظورة لتحقيق هدفين هما:

    أ. السيطرة على مراكز حيوية في المناطق ذات الأهمية الإستراتيجية.

    ب. إحباط سياسة الكتاب الأبيض الرامية إلى إبقاء الجزء الأكبر من فلسطين خارج الدولة اليهودية.


    وطبقاً لرواية آلون كانت إقامة المستعمرات الدفاعية بالنسبة إلى الهجناه أيسر من تنظيم الهجرة غير الشرعية والإشراف عليها، فلم يكن الأمر يتطلب أكثر من "اختيار الموقع المطلوب وإعداد مستعمرة أو قرية كاملة التجهيز ثم القيام بعملية النقل وترتيب الدفاع والتعاون بين الجنود والمدنيين".


    وقد لعبت هذه المستعمرات الدفاعية غير المشروعة التي أنشئت في هذه المرحلة دوراً حيوياً عند اندلاع الحرب العربية الإسرائيلية الأولى (1948 ـ 1949)، وخاصة في منطقة النقب حيث أنشئ ست وعشرون مستعمرة.


    3. الهجوم على الأهداف الحكومية العسكرية والمرافق الإستراتيجية
    استهدفت الهجمات اليهودية الضغط على الحكومة البريطانية بتقويض هيبة الحكم ومركز البريطانيين وإحساسهم بالأمن في فلسطين، وإقناعهم بأنه بدون موافقة اليهود لن تستطيع الحكومة البريطانية الاحتفاظ بهذا البلد كقاعدة آمنة في الشرق الأوسط.

    وقد اتسمت تلك الهجمات بطابع الإغارة على أهداف مختارة مثل "السكك الحديدية والجسور والعربات ومراكز الشرطة والقواعد العسكرية، بالإضافة إلى محطات الرادار وزوارق الدوريات المسلحة والسفن في فلسطين وقبرص.


    وفي إطار تنسيق العمل بين المنظمات الصهيونية تولت قوات الهجناه المهام ذات الطابع العسكري مثل مهاجمة المنشآت العسكرية والأهداف الحيوية التي تشدد حكومة الانتداب الحراسة عليها، بينما اختصت الأرجون بأعمال النسف والتدمير، في حين انفردت شتيرن بأعمال القتل والاغتيال.

    وقد دفع النشاط الإرهابي السابق وزير الخارجية البريطانية إلى إرسال مذكرة إلى نظيره الأمريكي في 6 نوفمبر 1945 يلفت نظره فيها إلى تصاعد أعمال العنف التي تقوم بها القوات الصهيونية في فلسطين، مشيراً إلى أن الحركة الصهيونية تريد دفع الأمور بأسرع مما هو لازم، الأمر الذي يضع سلطات الانتداب والقوات البريطانية في فلسطين تحت ضغوط شديدة، وأرفق بيفن بمذكرته بيان حجم القوات الصهيونية المسلحة في فلسطين والتي أجملها فيما يلي:


    أ. قوات الهجناة: ما بين 60 ألف إلى ثمانين ألف جندي مسلح بما فيها قوات البالماخ ووحدات الكوماندوز وقوامها ستة آلاف جندي.


    ب. قوات الأرجون: الأكثر تعصباً وعددها يقدر بما بين ستة آلاف إلى سبعة آلاف مقاتل.


    ج. عصابة شتيرن الإرهابية: وتضم عدة مئات من الإرهابيين المدربين.

    كما لفت بيفن نظر حاييم وايزمان وموشي شرتوك (شاريت) إلى خطورة لي ذراع السلطات البريطانية، لأن ذلك سوف يؤدي إلى تعقيدات هم في غنى عنها.


    ولم يسفر التحذير البريطاني عن تهدئة الأوضاع في فلسطين، حيث تشير الوثائق البريطانية إلى تزايد مشاركة الآلاف من يهود المستعمرات والمدن في النشاطات الإرهابية والعسكرية. فعندما تصاعد النشاط الإرهابي عام 1946، صدر بيان بريطاني في 24 يوليه من ذلك العام يحدد التنظيمات الارهابية اليهودية في التشكيلات التالية:

    أ. قوات الهجناه والبالماخ غير المسموح بها قانونياً، وتعمل تحت قيادة مركزية يتبعها ثلاث قيادات إقليمية، وتشكل البالماخ قوة عاملة متفرغة من ستة آلاف فرد.


    ب. قوة مستقرة تضم أربعين ألف فرد من سكان المستعمرات والمدن.


    ج. قوة شرطة المستوطنات وهي قوة نظامية مدربة قوامها ستة عشر ألف فرد.


    د. الارجون تسفاني ليئومي، وهي عصابة سرية تضم ما ين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف فرد.


    هـ. جماعة شتيرن، وهي عصابة تضم ما بين مائتين وثلثمائة من الرجال الخطرين، وهي أكثر التصاقاً بالأرجون.


    وإزاء هذا النشاط الإرهابي المتزايد تحت إشراف الوكالة اليهودية وبتوجيهاتها، بدأت حكومة الانتداب في إلقاء القبض على عدد من زعماء اليهود، واتخاذ إجراءات حاسمة ضد الوكالة اليهودية فضلاً عن إلقاء القبض على كثير من أفراد المنظمات السابقة المشتبه في تورطهم في الأعمال الإرهابية، ونفي بعضهم خارج فلسطين.

    وقد أثارت المواجهة البريطانية العنيفة لإرهاب المنظمات الصهيونية ردود فعل غاضبة لدى جماعات الضغط اليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية، وهددت تلك الجماعات بدعوة الكونجرس إلى رفض قرض أمريكي مقترح كانت بريطانيا في أمسِّ الحاجة إليه، ومن ثم وجد المسؤولون البريطانيون أنفسهم مضطرين إلى وقف الإجراءات التأديبية وقصر ردود فعل قواتهم على مجرد الدفاع عن النفس، مما شجع المنظمات الصهيونية على تصعيد أعمالها الإرهابية إلى حد لم يعد يمكن السكوت عليه، مثل نسف فندق الملك داود ـ الذي كان مقراً لقيادة القوات البريطانية في فلسطين ـ وما ترتب على ذلك من خسائر فادحة في الأرواح (93 قتيلاً و3 جرحى)، مما دفع السلطات البريطانية إلى استئناف سياسة القمع، وهو ما أدى إلى إضعاف موقف المعتدلين ودعم موقف المتطرفين، سواء في الوكالة اليهودية أو المنظمة الصهيونية العالمية، كما أدى إلى تدهور العلاقات الإنجليزية اليهودية.


    وعندما اجتمع المؤتمر الصهيوني الثاني والعشرون في بال (بسويسرا) خلال شهر ديسمبر 1946، ثار خلاف في الرأي بين حاييم وايزمان (رئيس المنظمة الصهيونية) وبين دافيد بن جوريون (رئيس المجلس التنفيذي للوكالة اليهودية في ذلك الوقت) حول العلاقات مع البريطانيين، فبينما كان وايزمان لازال يتشبث بالعلاقة مع بريطانيا ويطالب بالعمل على تقويتها، كان بن جوريون يرى تركيز الجهود الدبلوماسية الصهيونية على الولايات المتحدة الأمريكية بدلاً من انجلترا، وقد انحاز المؤتمر لرأي بن جوريون ولم يعاد انتخاب وايزمان لرئاسة المؤتمر الصهيوني مرة أخرى.


    4. دعم القوة العسكرية اليهودية في فلسطين
    قامت الوكالة اليهودية ـ فور انتهاء الحرب العالمية الثانية ـ بتكثيف جهودها لدعم القوة العسكرية اليهودية في فلسطين استعداداً للمواجهة المنتظرة مع الجيوش العربية عند انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، "وهذا يعني أولاً وقبل كل شيء الحصول على جميع أنواع الأسلحة"، "فالقوة العسكرية هي التي ستقرر نتيجة النضال". وعلى ذلك اتجهت جهود الوكالة اليهودية إلى الحصول على الأسلحة الثقيلة، وإنشاء المصانع الحربية لإنتاج الذخائر والأسلحة الخفيفة، استكمالاً لجهودها في مجال التصنيع الحربي الذي بدأته خلال الحرب العالمية الثانية[1].

    ففي 15 مايو 1945 ـ فور انتهاء الحرب في أوروبا ـ توجه "بن جوريون" ومعه "اليعازر كابلان" أمين صندوق الوكالة اليهودية إلى الولايات المتحدة الأمريكية لعقد صفقة ضخمة تهدف إلى إقامة صناعة للذخيرة في فلسطين والحصول على الآلات اللازمة لإنشاء مصانع السلاح.

    ونجح بن جوريون في جمع عدة ملايين من الدولارات من يهود الولايات المتحدة الأمريكية لشراء الاحتياجات المطلوبة ونقلها إلى فلسطين، ومع كل الجهد الذي كانت تبذله الحكومة البريطانية بحثاً عن الأسلحة في المستعمرات اليهودية خلال هذه الفترة فإنها لم تستطع اكتشاف طبيعة هذه الآلات والغرض منها.


    وخلال وجوده في الولايات المتحدة الأمريكية، في صيف عام 1945، طلب بن جوريون من بعض أعضاء المنظمة الصهيونية الأمريكية تكوين لجنة سرية في الولايات المتحدة الأمريكية تتولى تدبير الأموال اللازمة للحصول على الأسلحة من القارة الأمريكية وتدبير وسائل نقلها إلى فلسطين سراً. "وقد تكونت بالفعل هيئة سرية أُطلق عليها اسم "مؤسسة (سونبرن)" تولت جمع ملايين الدولارات وأنشأت مكاتب لشراء الأسلحة وشركات وهمية تتولى شحنها ونقلها بعد شرائها. وقد شملت هذه الأسلحة المشتراة على عدد من الدبابات الخفيفة والمدفعية الخفيفة والمتوسطة والسيارات المدرعة الخفيفة وسيارات النقل".


    وكان يجرى فك أجزاء هذه الأسلحة وشحنها بالسفن والطائرات بواسطة مؤسسة سونبرن على أنها آلات زراعية، وتم تهريب هذه الأسلحة إلى فلسطين بالرغم من الرقابة التي فرضتها حكومة الانتداب في ذلك الوقت.

    وعندما عقد المؤتمر الصهيوني الثاني والعشرون في ديسمبر 1946 لفت بن جوريون نظر المجتمعين إلى مشكلة الأمن كما يراها، فقد يواجه المجتمع اليهودي في فلسطين "البيشوف" جيوش الدول العربية التي قد تُرسل للقضاء على ذلك المجتمع، وعلى ذلك "ينبغي أن تأخذ الأهبة لذلك الاحتمال، باستغلال قدراتنا الفنية والمالية إلى أقصى حد ... إن الدول العربية لم تستكمل بعد أهبتها إلا أننا قادمون على فترة تحول عنيف، ويتحتم علينا ألا نغفل الأخطار التي تنتظرنا، ولابد أن نتأهب من فورنا وبأكبر درجة ممكنة، إن هذا من وجهة نظرنا هو أخطر واجب تواجهه الصهيونية اليوم".


    وفي نهاية المؤتمر كُلف بن جوريون بمهام الدفاع، بالإضافة إلى مهمته كرئيس للمجلس التنفيذي، فقام بدراسة أوضاع الهجناه ومدى إمكاناتها لمواجهة الاختبار المنتظر، وطالب قيادتها بتجنيد كل الضباط وضباط الصف اليهود ـ الذين اكتسبوا خبراتهم في الحرب العالمية الثانية ـ لمدة عامين في قوات الهجناه وخاصة في القوة الجوية والبالماخ.

    وعندما قام بن جوريون بدراسة موقف الأسلحة المتاحة للهجناه في أبريل 1947، وجد أن هناك حاجة ماسة للحصول على مزيد من الأسلحة وخاصة الدبابات والعربات نصف جنزير وقطع المدفعية الثقيلة والهاون لدعم الوحدات البرية، بالإضافة إلى الطائرات المقاتلة لإنشاء القوة الجوية وزوارق الطوربيد والغواصات والسفن الأخرى اللازمة للبحرية، وعلى ذلك تم اعتماد المبالغ اللازمة لشراء مزيد من الأسلحة الثقيلة من تشيكوسلوفاكيا وفرنسا بالإضافة إلى ما سبق الحصول عليه من الولايات المتحدة الأمريكية.


    وطبقاً لرواية بن جوريون بلغت جملة الأسلحة التي تم شراؤها في تلك الفترة ما يلي:


    أ. الأسلحة البرية
    40 دبابة، 144 عربة (مدرعة) نصف جنزير، 416 قطعة مدفعية، 24 هاوناً ثقيلاً، 158 رشاشاً ثقيلاً، 1417 رشاشاً متوسطاً، 6034 رشاشاً خفيفاً 52391 بندقية، 523 بندقية آلية، 1752 مسدساً.


    ب. الأسلحة الجوية
    44 طائرة منها 20 طائرة خفيفة من المخلفات البريطانية في فلسطين (من طراز اوستر).


    ج. الأسلحة البحرية
    59 سفينة مختلفة الأنواع،
    وقد نجحت الوكالة اليهودية في تهريب نسبة كبيرة من هذه الأسلحة إلى فلسطين قبل اندلاع الحرب العربية الإسرائيلية الأولى عام 1948، إلا أن الأسلحة الثقيلة مثل الطائرات والدبابات تأخر دخولها فلسطين إلى ما بعد إنهاء الانتداب رسمياً في 14 مايو 1948.


    وفي 18 يونيه 1947 وجه بن جوريون تعليماته إلى قيادة الهجناه لافتاً أنظارهم إلى المخاطر المنتظرة كما يراها، وقد شدد على أن الييشوف يقف أمام جبهتين معاديتين: البريطانية والعربية، "ولكن يجب التمييز بين هاتين الجبهتين، وهذا التمييز حيوي، فالمعركة الدائرة بين الصهيونية وسياسة الكتاب الأبيض، هي في أساسها سياسية وليست عسكرية.. ويختلف الأمر في الجبهة العدوانية العربية، فالمنظمة (الهجناه) هنا هي العامل الرئيسي والحاسم، وإزاء هجوم مسلح من جانب العرب، لا مفر من الحسم عن طريق القوة، حسم عسكري يهودي، وإذا لم تُعدَّ المنظمة لتصبح قادرة على أداء هذه المهمة، فإنها تكون قد ابتعدت عن هدفها الأساسي، ويصبح صميم وجود الييشوف والمشروع الصهيوني عُرضة لخطر الدمار"[2].


    وبعد عرض بن جوريون للقوة العسكرية العربية ـ كما قدرها ـ أكد على أن المهمة الأولى للمنظمة (الهجناه) هي إعداد نفسها لمواجهة هذه الجبهة العربية، ومن أجل ذلك "، يجب إحداث تحسن كبير في تدريباتها ونظامها، وتخطيطها، وتثقيفها الصهيوني والعسكري، وقدرتها على العمل، وقوتها الضاربة … ويجب ملاءَمة بنيتها مع الظروف الجديدة، ومع الحاجات المتفاقمة في خطورتها، من خلال الإفادة الكاملة من الخبرة العسكرية التي اكتسبناها واكتسبها آخرون من الحرب العالمية الأخيرة، ومن خلال استخدام منجزات العلم والتكنولوجيا الحديثة لأغراض الدفاع عن أنفسنا".


    واتساقاً مع تعليمات بن جوريون أعلن قائد الهجناه في العاشر من أكتوبر 1947، إنشاء "شيروت هافير" (سلاح الطيران)، ومع إنشاء هذا السلاح الجديد، عُدت القوة الجوية تشكيلاً مستقلاً، وفي أوائل عام 1948، كان هذا السلاح مزوداً بثمان وعشرين طائرة منها 27 طائرة خفيفة وطائرة ذات محركين، كما توفر له آنذاك ما بين 50 و60 طياراً يهودياً، منهم عشرون طياراً خدموا في القوات الجوية الملكية البريطانية أثناء الحرب، فضلاً عن ألفين من الفنيين في التخصصات المختلفة ممن جُندِّوا في تلك القوات.



    ثانياً: تطور الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية بعد الحرب

    إزاء استمرار الخلاف بين حزب الاستقلال والحزب العربي الفلسطيني، الذي أحياه أنصار الحاج أمين الحسيني، قرر مجلس الجامعة العربية في دورته الثالثة (31 أكتوبر ـ ديسمبر 1945)، إرسال جميل بك مردم رئيس الوزراء السوري إلى فلسطين للمساعدة في إنهاء الخلاف بين الزعماء الفلسطينيين، وقد نجح رئيس الوزراء السوري في التوفيق بينهم وتكوين هيئة موحدة من 12 عضواً تمثل مختلف الاتجاهات عُرفت باسم الهيئة العربية العليا.

    وقد حاولت الجامعة في البداية ترك اختيار رئيس الهيئة للزعماء الفلسطينيين إلا أنهم انشقوا مرة أخرى فقررت الجامعة تعيين جمال الحسيني – الذي نجحت وساطتها لدى الحكومة البريطانية في عودته من منفاه ـ نائباً للرئيس، وترك منصب الرئاسة شاغراً احتراماً للحاج أمين الحسيني الذي كان لازال متخفياً في أوروبا لاتهامه بالتعاون مع المحور، واعترفت الحكومة البريطانية والأمم المتحدة بالهيئة العربية العليا بصفتها ممثلة للشعب العربي في فلسطين، واعتبرتها الحكومة البريطانية الهيئة المناظرة للوكالة اليهودية.

    وعندما لجأ الحاج أمين الحسيني إلى مصر ضيفاً على الملك فاروق عام 1946، بدأ يوجه نشاطات الهيئة العربية العليا من القاهرة والعواصم العربية الأخرى التي كان يتنقل بينها. وأضاف إليها أعضاء جدداً وفرض عليها اتجاهاته المتطرفة، إلا أنه عندما اقترح على الجامعة العربية إعلان دولة عربية في فلسطين تشرف عليها الهيئة العربية العليا رفضت الجامعة الاقتراح.

    أما على صعيد الدول العربية، فإنه إزاء الخلافات الفلسطينية السابقة، تزايد دور هذه الدول تجاه القضية الفلسطينية وسياسة الحكومتين البريطانية والأمريكية حيالها. فعندما أعلن هاري ترومان الرئيس الأمريكي في أواخر سبتمبر 1945 تصريحاً يطالب فيه الحكومة البريطانية السماح بهجرة مائة ألف يهودي بالهجرة إلى فلسطين ونفى وجود تعهد من الرئيس روزفلت بخصوص الأوضاع في فلسطين، بعث إليه الملك عبدالعزيز برسالة عبَّر فيها عن دهشته لصدور مثل هذا البيان في ظل التعهد الذي قطعه له سلفه الرئيس روزفلت بشأن عدم اتخاذ أي قرار يتعلق بفلسطين قبل التشاور مع العرب كطرف معني بقضيتها، وطالبه بالبحث عن الخطاب الذي أكد فيه الرئيس روزفلت هذا التعهد بتاريخ 5 أبريل 1945 ونشر ذلك الخطاب.

    وعندما أعلن تقرير اللجنة البرلمانية الإنجليزية الأمريكية المشتركة حول المشكلة الفلسطينية دعا الملك فاروق ملوك ورؤساء دول الجامعة العربية (المملكة العربية السعودية وسورية ولبنان والعراق وشرق الأردن واليمن) لأول مؤتمر قمة عربية. وعندما عُقد المؤتمر يومي 28 و 29 مايو 1946 في انشاص اتخذ الملوك والرؤساء العرب عدة قرارات يمكن اعتبارها بداية عمل عربي مشترك لمواجهة المشروع الصهيوني في فلسطين، حيث شملت تلك القرارات ما يلي:
    1. رفض توصيات اللجنة البرلمانية الإنجليزية الأمريكية بفتح أبواب فلسطين لمزيد من الهجرة اليهودية، وعدِّ أي سياسة تهدف إلى تنفيذ هذه التوصيات بمثابة عمل عدائي ضد الدول العربية.

    2. التمسك بعروبة فلسطين والعمل على استقلالها وتشكيل حكومة تضمن حقوق جميع سكانها الشرعيين دون تفرقة بين عنصر أو مذهب.

    3. اتخاذ كل التدابير الممكنة للدفاع عن الكيان الفلسطيني ـ كجزء لا يتجزأ من كيان البلاد العربية ـ ضد أي سياسة عدوانية يواجهها.

    4. دعم الشعب العربي في فلسطين للدفاع عن نفسه إذا ما استمر الغزو الصهيوني لفلسطين.

    5. تقديم الدعم المالي للشعب العربي في فلسطين بما يساوي واحداً في المائة من الدخل القومي لكل دولة عربية.

    6. النظر إلى الصهيونية كخطر داهم يجب أن تعمل الدول العربية والشعوب الإسلامية على مواجهته والتصدي له.

    وبعد عشرة أيام من انتهاء مؤتمر أنشاص عقد مجلس الجامعة العربية دورة طارئة في فندق بلودان قرب دمشق في المدة من 8 إلى 12 يونيه 1946 لبحث القضية الفلسطينية في ضوء تقرير اللجنة البرلمانية الإنجليزية الأمريكية وقرارات الملوك والرؤساء العرب في مؤتمر أنشاص، وعندما بدأ المؤتمر أعماله شكل لجنتين: الأولى للشؤون الداخلية ومهمتها بحث المساعدات التي على الدول العربية أن تقدمها للشعب العربي في فلسطين، والثانية للشؤون الخارجية ومهمتها بحث الرد على ما جاء في المذكرتين البريطانية والأمريكية اللتين تلقتهما دول الجامعة العربية بخصوص تقرير اللجنة البرلمانية الإنجليزية الأمريكية.

    وبحثت اللجنتان ما أوكل إليهما، ونجحت أولاهما في دفع القيادات الفلسطينية نحو الاتفاق وتشكيل الهيئة العربية العليا لفلسطين على نحو ما سلف، كما بحثت استخدام القوة في مواجهة تطورات المشروع الصهيوني، إلا أن اللجنة رفضت اقتراحاً تقدم به جمال الحسيني "كان يقضي بتشكيل جيش عربي يحتل فلسطين ويكسر شوكة الصهيونيين "، وانقسمت اللجنة حيال تدخل الجيوش العربية في فلسطين إلى فريقين: الأول يميل إلى التدخل وكان من أنصار هذا الرأي كل من شرق الأردن وسورية ولبنان والعراق وفلسطين، والثاني يرفض ذلك التدخل، وكان أنصار هذا الرأي كل من مصر والمملكة العربية السعودية. وقد "تأثر موقف الدول العربية بموقف مصر التي كانت حريصة على ألا يؤثر موقفها من التطورات في فلسطين على العلاقات بينها وبين بريطانيا، ومحاولاتها التوصل إلى نتائج إيجابية في المفاوضات من أجل الجلاء عن مصر، خاصة وأن بريطانيا كانت تقيم سياستها على أساس الربط بين الموقف في فلسطين والموقف في مصر".

    وبحثت لجنة الشؤون الخارجية التدابير الواجب عملها فيما لو أخذت بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية بتوصيات اللجنة البرلمانية الإنجليزية الأمريكية، وطالبت اللجنة الحكومات العربية جماعات وفُرادى بمطالبة الحكومة البريطانية بالتفاوض لإنهاء الوضع القائم في فلسطين، وعرض القضية الفلسطينية على الأمم المتحدة إذا لم تنته المفاوضات إلى حل مُرضٍ قبل أول سبتمبر من نفس العام.

    وناقش المؤتمرون في بلودان توصيات اللجنتين وانتهوا إلى مجموعتين من القرارات، الأولى علنية والأخرى سرية للعمل بها فيما لو تفاقم الموقف في فلسطين، ولم تسجل القرارات السرية في محاضر الجلسات وإنما صاغها عبدالرحمن عزام باشا الأمين العام لجامعة الدول العربية في ذلك الوقت وسلم لكل من رؤساء الوفود العربية في المؤتمر نسخة منها.

    وكان أبرز ما جاء في القرارات العلنية لمؤتمر بلودان ما يلي:
    1. رفض كل أشكال تقسيم فلسطين وأي مزيد من الهجرة إليها.

    2. مطالبة الحكومة البريطانية بفتح باب المفاوضات لإنهاء الوضع القائم في فلسطين، ونزع سلاح وتسريح الجماعات اليهودية المسلحة في تلك البلاد لوقف اعتداء هذه الجماعات على السكان العرب.

    3. تشكيل لجنة عربية عليا لمتابعة تطورات القضية الفلسطينية والتنسيق مع الهيئة العربية العليا لفلسطين التي يوجهها الحاج أمين الحسيني.

    4. إنشاء لجان دفاع عن فلسطين ومكاتب للمقاطعة في كل دولة عربية، ومنع تصدير المواد الأولية المساعدة للإنتاج اليهودي ومقاطعة المؤسسات الصهيونية.

    5. إنشاء صندوق عربي تساهم فيه كل الدول العربية لمساعدة الفلسطينيين.

    أما القرارات السرية للمؤتمر فقد تضمنت الإجراءات التي على الدول العربية القيام بها إذا ما قبلت الحكومتان البريطانية والأمريكية توصيات اللجنة الصهيونية المسلحة والشعب العربي في فلسطين، وبالنسبة إلى الرد على الاحتمال الأول الخاص بتبني الحكومتين البريطانية والأمريكية لتوصيات اللجنة البرلمانية نصت القرارات السرية على ما يلي:
    1. العمل على عدم السماح للدولتين أو إحداهما أو رعاياهما بأي امتياز اقتصادي جديد.

    2. عدم تأييد مصالحهما الخاصة في أية هيئة دولية.

    3. المقاطعة الأدبية.

    4. النظر في إلغاء ما يكون لهما من امتيازات مع الدول العربية.

    5. الشكوى إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة".

    أما بالنسبة إلى مواجهة الاحتمال الثاني وهو تطور الموقف في فلسطين إلى صِدَام بين المنظمات اليهودية المسلحة وعرب فلسطين، فقد أشارت القرارات السرية إلى سماح الحكومات العربية لشعوبها "بالتطوع بجميع الوسائل لنُصرة عرب فلسطين بالمال والسلاح والمجاهدين".

    وفور انتهاء مؤتمر "بلودان" أرسلت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وحكومات تلك الدول مذكرات إلى الحكومة البريطانية تطالبها بفتح باب المفاوضات حول مستقبل فلسطين، إلا أنه كان على الجامعة العربية ودولها الانتظار حتى تقوم لجنة الخبراء الإنجليز والأمريكيين التي سبقت الإشارة إليها بتسوية الخلاف بين الحكومتين البريطانية والأمريكية حول توصيات اللجنة البرلمانية. وما أن رفض الرئيس ترومان خطة الخبراء المشار إليه (خطة جريدي ـ موريسون)، حتى اضطرت الحكومة البريطانية إلى المضي وحدها بحثاً عن حل للمشكلة الفلسطينية، ومن ثم وجهت الدعوة في 25 يوليه 1946 إلى الأطراف العربية واليهودية لحضور مؤتمر لانكستر هاوس في لندن على نحو ما سبق ذكره.

    وعندما عُقد المؤتمر السابق في 9 سبتمبر رفضت الوفود العربية مشروع الاستقلال الذاتي الإداري الذي اقترحه الوفد البريطاني وقدموا مشروعهم البديل الذي سبقت الإشارة إليه، وطالب المندوبون العرب بوضع دستور لفترة الانتقال يتمشى مع الأسس الواردة في مشروعهم، وهو ما يقتضي في البداية تشكيل حكومة مؤقتة تضم سبعة من الوزراء العرب وثلاثة من اليهود لوضع الترتيبات اللازمة لانتخاب مجلس تأسيسي لوضع الدستور المطلوب، على أن تقوم الحكومة المؤقتة بإصدار ذلك الدستور إذا عجز المجلس التأسيسي عن إصداره نتيجة لعدم تعاون الأعضاء اليهود والعرب، وما أن يتم إقرار ذلك الدستور حتى تُجرى انتخابات المجلس التشريعي ويعُين أول رئيس للدولة الفلسطينية المستقلة الذي تُنقل إليه سلطة المندوب السامي، وتُعقد معاهدة تحدد العلاقات المستقبلية بين الحكومة البريطانية وحكومة فلسطين، في الوقت الذي يُعقد فيه اتفاق عسكري يوفر للحكومة البريطانية التسهيلات التي تحتاجها في أراضي الدولة الفلسطينية.

    وعندما انتهى مؤتمر لندن بالفشل كفت الحكومة البريطانية الدول العربية اللجوء إلى الأمم المتحدة ـ طبقاً لما جاء في قرارات بلودان السرية ـ لأنها قامت بنفسها بنقل القضية إلى تلك المنظمة الدولية.


    ثالثاً: تطورات القضية الفلسطينية في الأمم المتحدة

    1. لجنة تحقيق الأمم المتحدة
    عندما اجتمعت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 28 أبريل 1947 لبحث المشكلة الفلسطينية، فإنها قررت تشكيل لجنة تحقيق من مندوبي إحدى عشرة من الدول الأعضاء (استراليا، كندا، تشيكوسلوفاكيا، جواتيمالا، الهند، إيران، هولندا، بيرو، السويد، أوروجواي، يوغسلافيا)، وبدأت اللجنة عملها بجولة كبيرة بدأتها من نيويورك وطافت بعدها ببعض الدول الأوروبية وزارت فيها معسكرات اللاجئين، كما استمعت إلى وجهات نظر زعماء اليهود وممثليهم، ثم زارت القدس وانتقلت إلى بيروت حيث استمعت إلى وجهة النظر الموحدة للدول العربية عرضها عليها السيد حميد فرنجية وزير الخارجية اللبنانية باسم هذه الدول بعد أن قاطع الفلسطينيون تلك اللجنة.

    وعند وضع اللجنة لتقريرها في 21 أغسطس اتفق أعضاؤها على مجموعة من التوصيات العامة، منها إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وإعلان استقلالها (في أول فرصة مواتية) والحفاظ على وحدتها الاقتصادية، وسلامة الأماكن المقدسة وضمان الوصول إليها، وعدم النظر إلى حل المشكلة الفلسطينية على أنه حل لمشكلة اللاجئين اليهود في أوروبا، إلا أن اللجنة انقسمت حول طريقة تنفيذ هذه التوصيات إلى فريقين: الأول ويمثل سبع دول (السويد، كندا، أوروجواي، بيرو، هولندا، جواتيمالا، تشيكوسلوفاكيا) والثاني ويمثل ثلاث دول (إيران، الهند، يوغسلافيا)، أما استراليا فقد وقفت موقفاً محايداً ولم تشترك في توصيات أي الفريقين، وبينما أوصى فريق الأغلبية تقسيم فلسطين إلى دولتين وإدارة مستقلة لمدينة القدس، فقد أوصى فريق الأقلية بقيام دولة اتحادية تشمل كيانين يتمتع كل منها بالاستقلال الذاتي، وعلى ذلك اتفق أعضاء اللجنة على قيام كل فريق بوضع تقرير خاص بتوصياته.

    2. بحث توصيات لجنة التحقيق في اللجنة الخاصة واللجان الفرعية

    عندما انعقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها العادية في الأول من سبتمبر 1947 كان أمامها تقريران: الأول يوصي بتقسيم فلسطين إلى دولة عربية وأخرى يهودية، وإنشاء نظام دولي خاص بمنطقة القدس، وعقد معاهدة بين الدولتين العربية واليهودية لإنشاء وحدة اقتصادية بينهما، والثاني ويمثل رأي الأقلية ويوصي بتكوين دولة اتحادية من دولتين إحداهما عربية والأخرى يهودية يتمتعان بالحكم الذاتي بعد فترة انتقال، مدتها ثلاث سنوات، ويرأس تلك الدولة رئيس واحد له نائب، فإذا كان الرئيس عربياً يكون نائبه يهودياً، وبالعكس، كما كان أمامها طلب مشترك تقدمت به المملكة العربية السعودية والعراق لإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وإقامة دولة مستقلة موحدة فيها.

    وجاء رد الفعل العربي والصهيوني تجاه تقريري لجنة التحقيق متفاوتاً، فبينما استنكر العرب المشروعين التقسيم والدولة الاتحادية وهددوا بالمعارضة المسلحة تجاه أي محاولة لتنفيذ أي من المشروعَيْن، فقد رفض المجلس الصهيوني العام مشروع الدولة الاتحادية من أساسه، وأعرب عن الارتياح المتحفظ تجاه مشروع التقسيم الذي أوصت به أغلبية اللجنة لصغر مساحة الأراضي التي خصصها المشروع للدولة اليهودية بالنسبة إلى ما يطمعون فيه، وقرر المجلس انتظار قرار الجمعية العامة قبل الحكم النهائي على المشروع.

    أما بالنسبة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة فقد شكلت لجنة خاصة لبحث القضية الفلسطينية Adhoc من 55 عضواً من أعضاء المنظمة الدولية برئاسة وزير خارجية استراليا ، وقامت اللجنة بتشكيل ثلاث لجان فرعية من أعضائها، ودعت لحضور مداولاتها كلاً من الهيئة العربية العليا لفلسطين والوكالة اليهودية.

    وقد تشكلت اللجنة الفرعية الأولى من تسع دول مؤيدة للتقسيم منها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي[3]، وأسند إلى تلك اللجنة الفرعية مهمة وضع خطة تفصيلية لمشروع التقسيم الذي قدمه فريق الأغلبية في لجنة التحقيق.

    كما شكلت اللجنة الفرعية الثانية من تسع دول تعارض التقسيم منها ست دول عربية[4]، وأسند إلى تلك اللجنة الفرعية مهمة وضع خطة تفصيلية لمشروع دولة مستقلة موحدة طبقاً للاقتراح الذي تقدمت به المملكة العربية السعودية والعراق.

    أما اللجنة الفرعية الثالثة فقد شكلت من استراليا وسيام وايسلاندا بغرض التوفيق بين الجانبين المتعارضين، إلا أن هذه اللجنة كانت موضع نقد شديد من جانب بعض الدول مثل فرنسا وكولومبيا لأنها لم تمارس مهامها بجدية ولم تشكل أية جماعة لبحث توصيات فريق الأقلية في لجنة التحقيق والتي كانت تقضي بإقامة دولة اتحادية في فلسطين أو أي حل وسط آخر.

    وعلى ذلك فإن الجمعية العامة وجدت نفسها في النهاية مضطرة إلى اتخاذ قرار خطير حول مستقبل فلسطين على أساس أي من اقتراحي اللجنتين الفرعيتين فقط واللتان تمثلان موقفين مختلفين كل الاختلاف، إلا أنه قبل أن تقدم اللجنة الخاصة توصياتها إلى الجمعية العامة دعت ممثلي الهيئة العربية العليا والوكالة اليهودية لعرض وجهة النظر العربية واليهودية أمام تلك اللجنة، فشرح جمال الحسيني القضية شرحاً وافياً وفنَّد المزاعم الصهيونية وأوضح أن حقوق عرب فلسطين قد تعرضت لما لا يقل عن ثمانية عشر تحقيقاً خلال ربع قرن ولم تؤد كلها إلى شئ بعد أن تجاهلت حكومة الانتداب تلك الحقوق، وأكد جمال الحسيني على أن عرب فلسطين سيقاومون التقسيم حتى آخر قطرة في دمائهم، أما "جولدا مايرسون" (التي عرفت فيما بعد باسم جولدا مائير) ممثلة الوكالة اليهودية، فقد كررت أمام اللجنة الخاصة المزاعم الخاصة بالحقوق التاريخية والسياسية في فلسطين وعارضت بشدة مشروع الدولة الموحدة على أساس أن اليهود سيصبحون فيها أقلية مثلما هو عليه الحال في أي مكان آخر، كما لن يكون فيها ثمة مجال للوافدين الجدد من اليهود كما هو الحال في مشروع التقسيم.

    وأثناء بحث التقسيم في اللجنة الفرعية الأولى علمت الوكالة اليهودية أن التعليمات الصادرة للوفد الأمريكي تقضي باستثناء النقب أو معظمه بما في ذلك منطقة العقبة من الدولة اليهودية لتعويض العرب. وبعد التشاور بين أعضاء المجلس التنفيذي للوكالة تقرر أن يتوجه الدكتور حاييم وايزمان إلى واشنطن لمقابلة الرئيس الأمريكي ويطرح عليه أهمية النقب واتصال الدولة اليهودية بالبحر الأحمر، وقد نجح وايزمان في إقناع الرئيس ترومان بوجهة النظر الصهيونية وسرعان ما تعدلت التعليمات الصادرة إلى الوفد الأمريكي لإدخال النقب في الدولة اليهودية لمشروع التقسيم.

    وخلال المناقشات التي دارت في اللجنة الخاصة لم يلق العرب تأييداً ملحوظاً لآرائهم إلا من باكستان والهند وأفغانستان وإيران والصين وكوريا وتركيا والسلفادور، وعندما عرض مشروع القرار الذي تقدمت به الدول العربية لإقامة الدولة الموحدة في فلسطين وحماية حقوق الأقلية والأماكن المقدسة للتصويت لم يلق التأييد الكافي من أعضاء اللجنة الخاصة، كما رفضت تلك اللجنة بأغلبية صوت واحد التوصية التي تقدمت بها اللجنة الفرعية الثانية لعرض القضية على محكمة العدل الدولية لتدلي برأيها حول صلاحية الأمم المتحدة "لاقتراح أو فرض أي حل لا يتمشى مع رغبات سكان فلسطين".

    والحقيقة أن الجهود الأساسية للدول العربية والدول الصديقة الأخرى التي ساندتها لم تكن تستهدف التمهيد لقبول مشروع الدولة الموحدة ـ الذي كانت تلك الدول تدرك أن الفرصة ضئيلة لتمريره ـ بقدر ما كانت تهدف إلى هزيمة مشروع التقسيم الذي قدمته اللجنة الفرعية الأولى، فعندما عرض المشروع الأخير للتصويت في اللجنة الخاصة لم يحظ ذلك المشروع إلا بأغلبية 25 صوتاً ضد 13 صوتاً وامتناع 17 عضواً عن التصويت، وهو ما يعني أن ذلك المشروع لم يحظ إلا بأقل من نصف أصوات اللجنة الخاصة بينما كان يحتاج إلى ثلثي أصوات الجمعية العامة حتى تجيزه المنظمة الدولية.

    3. بحث مشروع قرار التقسيم في الجمعية العامة
    في صباح يوم 26 نوفمبر 1947 اليوم المحدد لمناقشة مشروع التقسيم في الجمعية العامة والتصويت عليه كان مندوبو الدول العربية متفائلين بالنسبة إلى النتيجة النهائية، فمن ناحية التصويت كانوا يعتقدون أن المشروع لن يحظى بأغلبية الثلثين اللازمة لإجازته، ومن ناحية أخرى كان العرب راضيين عن موقف بريطانيا السلبي تجاه مشروع التقسيم وامتناعها عن التصويت عليه في اللجنة الخاصة، لاسيما وأن مندوبها في تلك اللجنة أعلن قبول حكومته لإنهاء الانتداب على فلسطين ومنحها الاستقلال التام، كما أكد على عدم استعداد تلك الحكومة لاستخدام القوة لتنفيذ أي قرار يتعلق بمصير فلسطين.

    إلا أنه سرعان ما بدأ القلق يساور مندوبي الدول العربية عندما أشار الدكتور "أزولد أرنها" رئيس الجمعية العامة إلى أنه سوف يلغي الجلسة المسائية المقررة ويطلب التأجيل في نهاية جلسة بعد الظهر إلى يوم الجمعة 28 نوفمبر أي اليوم التالي لعيد الشكر عند الأمريكيين. وقد ناشد ممثلو الدول العربية رئيس الجمعية عدم إلغاء الجلسة المسائية لأنهم كانوا يعلمون أن كثيراً من وفود الدول التي لم تؤيد مشروع التقسيم في اللجنة الخاصة يتعرضون لضغوط وإغراءات شديدة للعدول عن موقفهم، وأن التأجيل سيفسح الفرصة لمزيد من الضغوط على تلك الوفود لإقرار مشروع التقسيم.

    4. التصويت على قرار التقسيم
    فيما بين يوم 26 و28 نوفمبر تعرضت اثنتا عشرة دولة لضغوط شديدة من الحكومة الأمريكية والمؤسسات الصهيونية ومشايعيها، وطبقاً لرواية "سمنر ويلز" وكيل وزارة الخارجية الأمريكية في ذلك الوقت، "أن المسؤولين الأمريكيين استخدموا ـ بأمر مباشر من البيت الأبيض ـ كل أنواع الضغط المباشر وغير المباشر للتأثير على البلدان الواقعة خارج العالم الإسلامي، والتي عُرف أنها مترددة أو معارضة للتقسيم، واستخدام مندوبين ووسطاء من لدن البيت الأبيض للتأكد من الحصول على الغالبية الضرورية على الأقل".

    ولم تكن الدول السابقة وحدها التي تعرضت للضغوط والغواية لمساندة مشروع التقسيم، بل إن الرئيس الأمريكي نفسه تعرض أيضاً لضغوط وغواية لا قِبَل له بها من جانب المؤسسات الصهيونية، وطبقاً لرواية الرئيس ترومان نفسه في مذكراته "الحقيقة أنه لم تمارس الضغوط فقط حول الأمم المتحدة كما لم تمارس من قبل، وإنما تعرض البيت الأبيض أيضاً لموجات قوية متواصلة، ولا أظن أنني تعرضت من قبل لضغط ودعاوة (وغواية) موجهين إلى البيت الأبيض كما تعرضت في ذلك الوقت، وقد ازعجني وأقلقني إلحاح بعض الزعماء الصهاينة المتشددين، مجسداً بحوافز سياسية، ومرتبطاً بتهديدات سياسية، حتى أن بعضهم كان يقترح علينا أن نضغط على أمم ذات سيادة لتقترع إلى جانبهم في الجمعية العامة".

    وبالرغم من نفي الرئيس الأمريكي لأي أثر للضغوط السابقة عليه، فإن الرواية السابقة لوكيل وزارة الخارجية الأمريكية توضح تماماً استجابة الرئيس ترومان لتلك الضغوط وهو ما يؤكده تحول الدول المترددة وبعض الدول التي كانت تعارض مشروع التقسيم في اللجنة الخاصة إلى تأييد المشروع عند التصويت عليه في الجمعية العامة، وقد أفرد "الفريد ليلينتال"عدة صفحات في كتابه "ثمن إسرائيل" ليوضح الضغوط التي مارسها العديد من الشخصيات السياسية وخاصة مستشاري الرئيس ترومان، وأعضاء الكونجرس ورجال المال لضمان حصول مشروع التقسيم على الأغلبية المطلوبة[5].

    وعلى الجانب الآخر ناشدت الوفود العربية ووفود الدول الإسلامية مندوبي عدد من الدول الصغرى ومنهم مندوبو بعض دول أمريكا اللاتينية أن يصوتوا ضد مشروع التقسيم أو يمتنعوا عن التصويت.

    وعندما عادت الجمعية العامة للاجتماع صباح الثامن والعشرين من نوفمبر، اتهمت الوفود العربية ومندوباً كولومبياً وفرنسا اللجنة الفرعية الثالثة بالتقصير في بذل جهود كافية لتقريب الفجوة بين الأطراف المتصارعة، وطلب مندوب كولومبيا في كلمته أن تعيد الجمعية العامة النظر في تقرير اللجنة الخاصة بشان التقسيم، وعندما رُفض ذلك الطلب اقترح الوفد الفرنسي تأجيل الاجتماع لمدة أربع وعشرين ساعة بحجة احتمال النجاح في إيجاد حل آخر، وأيده في طلبه مندوبو فنزويلا والدانمارك ولوكسمبرج، فوافقت الجمعية العامة على تأجيل الاجتماع بأغلبية 25 صوتاً ضد 15 صوتاً.

    وفي صباح اليوم التالي (29 نوفمبر)، وقبل اجتماع الجمعية العامة بساعات محدودة صرح "أوزوالدو أرنها" رئيس الجمعية العامة، بأنه بات مقتنعاً أن قرار التقسيم سينال الأكثرية اللازمة عند طرحه للتصويت".

    وعند افتتاح الجلسة قدمت الوفود العربية اقتراحاً يقضي بإنشاء دولة اتحادية مستقلة تُقسم إلى مقاطعات يهودية وأخرى عربية ويتضمن أحكاما لحماية الأماكن المقدسة والإشراف عليها، وهو اقتراح شبيه بالمشروع الذي أوصت به أقلية لجنة التحقيق في بداية جهود الأمم المتحدة. وإذ تبين للوفود العربية أن الاقتراح الجديد لن يساعد على إنقاذ الموقف، فقد أعربوا عن استعدادهم لبحث اقتراحات أخرى بديلة، وتقدم الوفد الإيراني باقتراح التأجيل حتى 15 يناير 1948 لإفساح مزيد من الوقت أمام اللجنة الخاصة لبحث القضية الفلسطينية من جديد، إلا أن رئيس الجمعية العامة رفض التصويت عليه قبل التصويت على مشروع قرار التقسيم.

    وعندما طُرح المشروع الأخير للتصويت بعد انتهاء المناقشات لم يكن غريباً بعد كل الضغوط السابقة أن تتحول بعض الدول التي امتنعت عن التصويت في اللجنة الخاصة إلى التصويت لصالح التقسيم في الجمعية العامة (مثل فرنسا وبلجيكا وهايتي وليبيريا ولوكسمبورج وهولندا ونيوزيلندا) وأن يحوز مشروع التقسيم الأغلبية المطلوبة لإجازته (33 صوتاً مؤيداً مقابل 13 صوتاً رافضاً وامتناع 10 عن التصويت وتغيب مندوب واحد).

    وكانت الهند وكوبا واليونان هي الدول الوحيدة من خارج الكتلة العربية والإسلامية في الأمم المتحدة التي صوتت ضد التقسيم بالرغم من كل الضغوط والإغراءات التي تعرضت لها الدولتان الأخيرتان.

    وعند الاقتراع على المشروع وقف "ظفر الله خان" مندوب باكستان في الجمعية العامة يعلق على تلك النتيجة قائلاً: "لقد سعينا لإحقاق الحق الذي استوحيناه من الله، ونجحنا في إقناع عدد من مندوبي الدول ليروا الحق كما لمسناه، ولكن مساعينا ضاعت في التيار الجارف.. نحن لا نحقد على زملائنا المندوبين الذين أُكرهوا تحت الضغط والإغراء الشديدين أن يبدلوا مواقفهم ويقترعوا على مشروع لا تقره العدالة والإنصاف".




    [1] كانت المصانع اليهودية في فلسطين تصنع مدافع الهاون والقنابل اليدوية وذخائر الأسلحة الصغيرة.


    [2] درج الزعماء والقيادات اليهودية على وصف نشاطاتها العسكرية بالدفاعية، والأعمال العسكرية العربية المشروعة لمنع اغتصاب أراضيها بالأعمال العدوانية.

    [3] تشكلت اللجنة الفرعية الأولى من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي وكندا وبولندا وتشيكوسلوفاكيا وجنوب أفريقيا وجواتيمالا وأورجواي وفنزويلا.

    [4] تشكلت اللجنة الفرعية الثانية من مصر والمملكة العربية السعودية والعراق وسورية ولبنان واليمن وباكستان وأفغانستان وكولومبيا.

    [5] الفريد ليلينتال هو دبلوماسي أمريكي يهودي شغل عدة مناصب هامة في وزارة الخارجية الأمريكية وخدم في الشرق الأوسط لمدة 5 سنوات كما عمل مستشاراً للوفد الأمريكي في مؤتمر سان فرانسيسكو لهيئة الأمم المتحدة، وهو أحد معارضي السياسة الصهيونية وكان لمقاله الذي نشر عام 1949 في مجلة "ريدرز دايجست" بعنوان "راية إسرائيل ليست رايتي" صدى بعيد في جميع أنحاء العالم.
    [6] كانت المصانع اليهودية في فلسطين تصنع مدافع الهاون والقنابل اليدوية وذخائر الأسلحة الصغيرة.

    [7] درج الزعماء والقيادات اليهودية على وصف نشاطاتها العسكرية بالدفاعية، والأعمال العسكرية العربية المشروعة لمنع اغتصاب أراضيها بالأعمال العدوانية.

     

     



    التعديل الأخير تم بواسطة أسامة الكباريتي ; 12th November 2009 الساعة 01:45 PM
     
    رد مع اقتباس

    قديم 12th November 2009, 03:04 PM أسامة الكباريتي غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 19
    أسامة الكباريتي
    Field Marshal
     






    أسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond repute

    أسامة الكباريتي's Flag is: Palestinian

    افتراضي

    أنا : أسامة الكباريتي




    قرار رقم 181 (الدورة 2) بتاريخ 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1947


    التوصية بخطة لتقسيم فلسطين

    (أ)

    إن الجمعية العامة،
    وقد عقدت دورة استثنائية بناء على طلب السلطة المنتدبة، لتأليف لجنة خاصة وتكليفها الإعداد للنظر في مسألة حكومة فلسطين المستقبلة في الدورة العادية الثانية،
    وقد ألفت لجنة خاصة، وكلفتها التحقيق في جميع المسائل والقضايا المتعلقة بقضية فلسطين، وإعداد اقتراحات لحل المشكلة،
    وقد تلقت وبحثت في تقرير اللجنة الخاصة (الوثيقة أ /ج ع / 364) 1 بما في ذلك عدد من التوصيات الإجتماعية ومشروع تقسيم مع اتحاد اقتصادي أقرته أكثرية اللجنة الخاصة،
    تعتبر أن من شأن الوضع الحالي في فلسطين إيقاع الضرر بالمصلحة العامة والعلاقات الودية بين الأمم.
    تأخذ علماً بتصريح سلطة الانتداب لأنها تسعى لإتمام جلائها عن فلسطين في 1 آب (أغسطس) 1948.
    توصي المملكة المتحدة، بصفتها السلطة المنتدبة على فلسطين، وجميع أعضاء الأمم المتحدة الآخرين، فيما يتعلق، بحكومة فلسطين المستقبلة، بتبني مشروع التقسيم والاتحاد الاقتصادي المرسوم أدناه وتنفيذه.

    وتطلب:
    (أ) أن يتخذ مجلس الأمن الإجراءات الضرورية، كما هي مبينة في الخطة، من أجل تنفيذها.
    (ب) أن ينظر مجلس الأمن، إذا كانت الظروف خلال الفترة الانتقالية تقتضي مثل ذلك النظر، فيما إذا كان الوضع في فلسطين يشكل تهديداً للسلم. فإذا قرر مجلس الأمن وجود مثل هذا التهديد،وجب عليه، في سبيل المحافظة على السلم والأمن الدوليين، أن يضيف إلى تفويض الجمعية العامة اتخاذ إجراءات تمنح لجنة الأمم المتحدة، تمشياً مع المادتين 39 و 41 من الميثاق، وكما هو مبين في هذا القرار، سلطة الاضطلاع في فلسطين بالمهمات المنوطة بها في هذا القرار.
    (جـ) أن يعتبر مجلس الأمن كل محاولة لتغيير التسوية التي ينطوي عليها هذا القرار بالقوة، تهديداً للسلام، أو خرقاً له، أو عملاً عدوانياً، وذلك بحسب المادة 39 من الميثاق.
    ( د ) أن يبلغ مجلس الوصاية بمسؤولياته التي تنطوي عليها هذه الخطة.
    تدعو سكان فلسطين إلى القيام، من جانبهم، بالخطوات اللازمة لتحقيق هذه الخطة.
    تناشد جميع الحكومات والشعوب أن تحجم عن القيام بأي عمل يحتمل أن يعيق هذه التوصيات أو يؤخر تنفيذها.
    تفوض الأمين العام تغطية نفقات السفر والمعيشة لأعضاء اللجنة المشار إليها في الجزء الأول، القسم ب، الفقرة 1 أدناه، وذلك بناء على الأساس والصورة اللذين يراهما ملائمين في هذه الظروف، وتزويد اللجنة بالموظفين اللازمين للمساعدة على الاضطلاع بالمهمات التي عينتها الجمعية العامة لها. *

    (ب)2

    إن الجمعية العامة
    تفوض الأمين العام سحب مبلغ من صندوق رأس المال العامل لا يتجاوز 2.000.000 دولار، للأغراض المبينة في الفقرة الأخيرة من القرار المتعلق بحكومة فلسطين المستقبلة.

    خطة التقسيم مع الاتحاد الاقتصادي

    الجزء الأول - دستور فلسطين وحكومتها المستقبلة

    أ - إنهاء الانتداب: التقسيم والاستقلال
    1 - ينتهي الانتداب على فلسطين في أقرب وقت ممكن، على ألا يتأخر، في أي حال، عن 1 آب (أغسطس) 1948.
    2- يجب أن تجلو القوات المسلحة التابعة للسلطة المنتدبة عن فلسطين بالتدريج، ويتم الانسحاب في أقرب وقت ممكن، على ألا يتأخر، في أي حال، عن 1 آب (أغسطس) 1948.
    يجب أن تعلم السلطة المنتدبة اللجنة، في أبكر وقت ممكن، بنيتها إنهاء الانتداب والجلاء عن كل منطقة.
    تبذل السلطة المنتدبة أفضل مساعيها لضمان الجلاء عن منطقة واقعة في أراضي الدولة اليهودية، تضم ميناء بحرياً وأرضا ًخلفية كافيين لتوفير تسهيلات لهجرة كبيرة، وذلك في أبكر موعد ممكن، على ألا يتأخر، في أي حال، عن 1 شباط (فبراير) 1948.
    3 - تنشأ في فلسطين الدولتان المستقلتان العربية واليهودية، والحكم الدولي الخاص بمدينة القدس، المبين في الجزء الثالث من هذه الخطة، وذلك بعد شهرين من إتمام جلاء القوات المسلحة التابعة للسلطة المنتدبة، على ألا يتأخر ذلك، في أي حال، عن 1 تشرين الأول (أكتوبر) 1948. أما حدود الدولة العربية، والدولة اليهودية، ومدينة القدس، فتكون كما وضعت في الجزأين الثاني والثالث أدناه.
    4 - تكون الفترة ما بين تبني الجمعية العامة توصيتها بشأن مسألة فلسطين، وتوطيد استقلال الدولتين العربية واليهودية، فترة انتقالية.
    ب - خطوات تمهيدية للاستقلال
    1 - تؤلف لجنة مكونة من ممثل واحد لكل دولة من خمس دول أعضاء. وتنتخب الجمعية العامة الأعضاء الممثلين في اللجنة على أوسع أساس ممكن، جغرافياً وغير جغرافي.
    2 - في الوقت الذي تسحب فيه السلطة المنتدبة قواتها المسلحة، تسلم إدارة فلسطين بالتدريج إلى اللجنة التي ستعمل وفق توصياتالجمعية العامة بتوجيه مجلس الأمن. وعلى السلطة المنتدبة أن تنسق، إلى أبعد حد ممكن، خططها للانسحاب مع خطط اللجنة لتسلم المناطق التي يتم الجلاء عنها وإدارتها.
    في سبيل تنفيذ هذه المسؤولية الإدارية، تخول اللجنة سلطة إصدار الأنظمة الضرورية واتخاذ الإجراءات الأخرى، كما يقتضي الحال.
    على السلطة المنتدبة ألا تقوم بأي عمل يحول دون تنفيذ اللجنة للإجراءات التي أوصت بها الجمعية العامة، أو يعرقله، أو يؤخره.
    3 - تمضي اللجنة، لدى وصولها إلى فلسطين، في تنفيذ الإجراءات لإقامة حدود الدولتين العربية واليهودية ومدينة القدس، بحسب الخطوط العامة لتوصيات الجمعية العامة بشأن تقسيم فلسطين على أن الحدود الموصوفة في الجزء الثاني من هذه الخطة، يجب تعديلها كقاعدة بحيث لا تقسم حدود الدولة مناطق القرى ما لم تقتض ذلك أسباب ملحة.
    4 - تختار اللجنة وتنشئ في كل دولة بأسرع ما يمكن، بعد التشاور مع الأحزاب الديمقراطية والمنظمات العامة الأخرى في الدولتين العربية واليهودية، مجلس حكومة موقتاً، وتسير أعمال مجلسي الحكومة الموقتين، العربي واليهودي، بتوجيه اللجنة العام.
    إذا لم يكن في الإمكان اختيار مجلس حكومة موقت لأي من الدولتين في 1 نيسان (أبريل) 1948، أو إذا انتخب (المجلس) ولم يستطع الاضطلاع بمهماته، فعلى اللجنة أن تبلغ مجلس الأمن بالأمر ليتخذ، إزاء هذه الدولة، التدابير التي يراها ملائمة، كما تبلغ الأمين العام به كي يحيط أعضاء الأمم المتحدة علماً بذلك.
    5 - مع مراعاة نصوص هذه التوصيات، يكون لكل من المجلسين، في أثناء فترة الانتقال - بإشراف اللجنة - كامل السلطة في المناطق التابعة لها، وبنوع خاص السلطة في القضايا المتعلقة بالهجرة وتنظيم الأراضي.
    6 - يتسلم، بالتدريج، كل من المجلسين الموقتين في كل دولة من اللجنة التي يعملان تحت إشرافها، كامل التبعات الإدارية لكل منهما، خلال الفترة التي تنقضي بين إنهاء الانتداب وتثبيت استقلال الدولة.
    7 - توعز اللجنة إلى مجلسي الحكومة الموقتين لكل من الدولتين العربية واليهودية، بعد تكوينهما، المضي في إنشاء أجهزة الحكومة الإدارية، المركزية منها والمحلية.
    8 - يجند مجلس الحكومة الموقت لكل دولة، في أقصر وقت ممكن، ميليشيا مسلحة من سكان تلك الدولة، تكون كافية في عددها للمحافظة على النظام الداخلي، وللحيلولة دون اشتباكات على الحدود.
    يجب أن تكون هذه الميليشيا المسلحة في كل دولة، من أجل أغراض العمليات، تحت إمرة ضباط يهود أو عرب مقيمين في تلك الدولة. بيد أن السيطرة السياسية والعسكرية العامة على الميليشيا، بما فيها اختيار قيادتها العليا، يجب أن تمارسها اللجنة.
    9- يجري مجلس الحكومة الموقت لكل دولة انتخابات "الجمعية التأسيسية" على أسس ديمقراطية، بحيث لا يتأخر ذلك عن شهرين اثنين من انسحاب القوات المسلحة التابعة للسلطة المنتدبة.
    يضع مجلس الحكومة الموقت أنظمة الانتخاب في كل دولة، وتوافق عليها اللجنة. ويكون مؤهلاً لهذا الانتخاب في كل دولة، من تجاوزت سنهم ثمانية عشر عاماً، على أن يكونوا (أ) مواطنين فلسطينيين مقيمين في تلك الدولة، و (ب) عرباً ويهوداً مقيمين في الدولة، وإن لم يكونوا مواطنين فلسطينيين، ولكنهم وقعوا قبل الاقتراع بياناً أعربوا فيه عن نيتهم أن يصبحوا مواطنين في تلك الدولة.
    يحق للعرب واليهود المقيمين في مدينة القدس، ممن وقعوا بياناً أعربوا فيه عن نيتهم أن يصبحوا مواطنين، والعرب في الدولة العربية واليهود في الدولة اليهودية، أن يقترعوا في الدولتين العربية واليهودية بالترتيب المذكور.
    يمكن للنساء أن يقترعن، وأن ينتخبن للجمعية التأسيسية.
    في أثناء الفترة الانتقالية، لا يسمح ليهودي بأن يجعل إقامته في منطقة الدولة العربية المقترحة، ولا لعربي بأن يجعل إقامته في منطقة الدولة اليهودية المقترحة، إلا بإذن خاص من اللجنة.
    10 - تضع الجمعية التأسيسية لكل دولة مسودة دستور ديمقراطي، وتختار حكومة موقتة لتخلف مجلس الحكومة الموقت الذي عينتهتحت إشراف اللجنة، يجب أن تنتقل بالتدريج، من السلطة المنتدبة إلى اللجنة، مسؤولية جميع مهمات الحكومة، بما فيها المحافظة على القانون والنظام في المناطق التي انسحبت منها قوات الدولة المنتدبة.
    14 - تسترشد اللجنة، في أعمالها، بتوصيات الجمعية العامة، وبالتعليمات التي قد يرى مجلس الأمن ضرورة إصدارها.
    تصبح الإجراءات التي تتخذها اللجنة، ضمن توصيات الجمعية العامة، نافذة فوراً ما لم تكن اللجنة قد تسلمت قبل ذلك تعليمات مضادة من مجلس الأمن.
    وعلى اللجنة أن تقدم إلى مجلس الأمن تقريراً كل شهر عن حالة البلاد، أو أكثر من تقرير إذا كان ذلك مرغوبا فيه.
    15 - ترفع اللجنة تقريرها النهائي إلى الدورة العادية المقبلة للجمعية العامة، وإلى مجلس الأمن في الوقت نفسه.
    جـ - تصريح
    ترفع الحكومة الموقتة في كل دولة مقترحة قبل الاستقلال، تصريحاً إلى الأمم المتحدة يتضمن، في جملة ما يتضمنه، النصوص التالية:
    حكم عام

    تعتبر الشروط التي يتضمنها التصريح قوانين أساسية للدولة، فلا يتعارض قانون، أو نظام، أو إجراء رسمي مع هذه الشروط أو يتدخل فيها، ولا يقدم عليها أي قانون أو نظام أو إجراء رسمي

    الفصل الأول

    الأماكن المقدسة والأبنية والمواقع الدينية

    1 - لا تنكر أو تمس الحقوق القائمة المتعلقة بالأماكن المقدسة والأبنية والمواقع الدينية.
    2 - فيما يختص بالأماكن المقدسة، تضمن حرية الوصول والزيارة والمرور، بما ينسجم مع الحقوق القائمة، لجميع المقيمين والمواطنين في الدولة الأخرى وفي مدينة القدس، وكذلك للأجانب، دون تمييز في الجنسية، على أن يخضع ذلك لمتطلبات الأمن القومي والنظام العام واللياقة.
    كذلك تضمن حرية العبادة بما ينسجم مع الحقوق القائمة، على أن يخضع ذلك لصيانة النظام العام واللياقة.
    3 - تصان الأماكن المقدسة والأبنية والمواقع الدينية، ولا يسمح بأي عمل يمكن أن يمس، بطريقة من الطرق، صفتها المقدسة. فإذا بدا للحكومة، في أي وقت، أن أي مكان مقدس، أو مبنى أو موقعاً دينيا معيناً بحاجة إلى ترميم عاجل، جاز للحكومة أن تدعو الطائفة أو الطوائف المعنية إلى إجراء الترميم. وإذا لم يتخذ إجراء خلال وقت معقول، أمكن للحكومة أن تجريه بنفسها على نفقة الطائفة أو الطوائف المعنية.
    4 - لا تفرض ضريبة على أي مكان مقدس، أو مبنى أو موقع ديني، كان معفى منها في تاريخ إنشاء الدولة.
    يجب ألا يحدث أي تغيير في وقع هذه الضريبة، يكون من شأنه التمييز بين مالكي أو قاطني الأماكن المقدسة أو الأبنية، أو المواقع الدينية، أو يكون من شأنه وضع هؤلاء المالكين أو القاطنين في موضع أقل شأناً بالنسبة إلى الوقع العام للضريبة مما كان عليه حالهم وقت تبني توصيات الجمعية.
    5 - يكون لحاكم مدينة القدس الحق في تقرير ما إذا كانت أحكام دستور الدولة، المتعلقة بالأماكن المقدسة والأبنية والمواقع الدينية ضمن حدود الدولة والحقوق الدينية المختصة بها، تطبق وتحترم بصورة صحيحة، وله أن يبت، على أساس الحقوق القائمة، الخلافات التي قد تنشب بين الطوائف الدينية المختلفة، أو من طقوس طائفة دينية واحدة بالنسبة إلى هذه الأماكن والأبنية والمواقع. ويجب أن يلقى الحاكم تعاوناً تاماً، ويتمتع بالامتيازات والحصانات الضرورية للاضطلاع بمهماته في الدولة.

    الفصل الثاني

    الحقوق الدينية وحقوق الأقليات

    1 - تكون حرية العقيدة والممارسة الحرة لجميع طقوس العبادة، المتفقة مع النظام العام والآداب الحسنة، مضمونة للجميع.
    2 - لا يجوز التمييز بين السكان بأي شكل من الأشكال، بسبب الأصل، أو الدين، أو اللغة، أو الجنس.
    3 - يكون لجميع الأشخاص الخاضعين لولاية الدولة الحق في حماية القانون.
    4 - يجب احترام القانون العائلي والأحوال الشخصية لمختلف الأقليات، وكذلك مصالحها الدينية، بما في ذلك الأوقاف.
    5 - باستثناء ما يتطلبه حفظ النظام وحسن الإدارة، لن يتخذ أي تدبير من شأنه أن يعيق أو يتدخل في نشاط المؤسسات الدينية أو الخيرية لجميع المذاهب، أو يجحف بحقوق أي ممثل لهذه المؤسسات أو عضو فيها بسبب الدين أو القومية.
    6 - تؤمن الدولة للأقلية العربية أو اليهودية القدر الكافي من التعليم الابتدائي والثانوي بلغتها، ووفق تقاليدها الثقافية.
    ولن ينكر حق كل طائفة في الاحتفاظ بمدارسها لتعليم أبنائها بلغتها الخاصة، ما دامت تلتزم بمقتضيات التعليم العامة التي قد تفرضها الدولة. أما مؤسسات التعلم الأجنبية فتداوم على نشاطها، على أساس حقوقها القائمة.
    7 - لن تفرض أية قيود على حرية أي مواطن في استعمال أية لغة في المحادثات الخاصة أو في التجارة أو الدين أو الصحافة أو المنشورات على أنواعها، أو في الاجتماعات العامة.3
    8 - لا يجوز أن يسمح بنزع ملكية أي أرض تخص عربياً في الدولة اليهودية، أو يهودياً في الدولة العربية، 4 إلا للمنفعة العامة.
    وفي جميع الحالات، يجب دفع تعويض كامل وبالمقدار الذي تحدده المحكمة العليا، وأن يتم الدفع قبل تجريد المالك من أرضه.

    الفصل الثالث

    المواطنة والاتفاقيات الدولية والالتزامات المالية

    1 - المواطنة (Citizenship):
    إن المواطنين الفلسطينيين المقيمين في فلسطين خارج مدينة القدس، والعرب واليهود المقيمين في فلسطين خارج مدينة القدس، وهم غير حائزين على الجنسية الفلسطينية، يصبحون مواطنين في الدولة التي يقيمون فيها، ويتمتعون بالحقوق المدنية والسياسية جميعها بمجرد الاعتراف باستقلال الدولة. ويجوز لكل شخص تجاوز الثامنة عشرةمن العمر، خلال سنة من يوم الاعتراف باستقلال الدولة التي يقيم فيها، أن يختار جنسية الدولة الأخرى، شرط ألا يكون لأي عربي يقيم في الإقليم العربي المقترح، الحق في اختيار جنسية الدولة اليهودية المقترحة، وألا يكون لأي يهودي يقيم في الدولة اليهودية المقترحة، الحق في اختيار جنسية الدولة العربية المقترحة. وكل شخص يمارس حق الاختيار هذا يعتبر أنه، في الوقت ذاته، قد أجرى الاختيار بالنسبة إلى زوجته وأولاده الذين هم دون الثامنة عشرة من العمر.
    ويجوز للعرب المقيمين في إقليم الدولة اليهودية المقترحة، ولليهود المقيمين في إقليم الدولة العربية المقترحة، الذين وقعوا تصريحاً برغبتهم في اختيار جنسية الدولة الأخرى، أن يشتركوا في انتخابات الجمعية التأسيسية لهذه الدولة، ولكن ليس في انتخابات الجمعية التأسيسية للدولة التي يقيمون فيها.
    2 - الاتفاقيات الدولية:

    (أ) تربط الدولة بجميع المعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصفة العامة والخاصة التي قد أصبحت فلسطين طرفاً فيها.

    وعلى الدولة أن تحترم هذه المعاهدات والاتفاقيات طوال المدة المقررة لها لمدى عقدها، مع عدم الإخلال بأي حق في الإنهاء قد تنص عليه هذه الاتفاقيات.

    (ب) كل نزاع بشأن إمكان تطبيق الاتفاقيات أو المعاهدات الدولية التي وقعتها أو انضمت إليها حكومة الانتداب نيابة عن فلسطين، أو بشأن استمرار صحتها، يرفع إلى محكمة العدل الدولية وفق أحكام نظام المحكمة.

    3 - الالتزامات المالية:

    (أ) على الدولة أن تحترم وتنفذ جميع أنواع الالتزامات المالية التي أخذتها الدولة المنتدبة على عاتقها نيابة عن فلسطين في أثناء ممارستها الانتداب، والتي تعترف بها الدولة. وهذا الشرط يشمل حق الموظفين في مرتبات التقاعد والتعويضات والمكافآت.

    (ب) تفي الدولة، عن طريق اشتراكها في المجلس الاقتصادي المختلط، بتلك الفئة من الالتزامات التي تشمل عموم فلسطين، وتفي بصورة فردية بتلك التي يمكن التفاهم عليها وتوزيعها بالعدل بين الدولتين.

    (جـ) يجب إنشاء محكمة ادعاءات (Court of Claims) تابعة للمجلس الاقتصادي المشترك، ومكونة من عضو تعينه منظمة الأمم المتحدة ومن ممثل للمملكة المتحدة وممثل للدولة ذات الشأن، ويرفع إلى هذه المحكمة كل نزاع بين المملكة المتحدة وهذه الدولة خاص بالمطاليب غير المعترف بها من قبل هذه الأخيرة.

    (د) تبقى الامتيازات التجارية الممنوحة بالنسبة إلى أي جزء من فلسطين، في موافقة الجمعية العامة على القرار، صالحة وفق شروطها، ما لم تعدل بطريق الاتفاق بين صاحب الامتياز والدولة.

    الفصل الرابع

    أحكام متنوعة

    1 - تضمن الأمم المتحدة أحكام الفصلين الأول والثاني من التصريح، ولا يجرى عليها أي تعديل دون موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة. ويحق لأي عضو في الأمم المتحدة أن ينبه الجمعية العامة إلى أي خرق لهذه البنود، أو إلى خطر خرقها. ويجوز للجمعية العامة، بناء على ذلك، أن توصي بما تراه ملائماً للظروف.

    2 - يحال كل خلاف متعلق بتطبيق هذا التصريح أو تفسيره على محكمة العدل الدولية، بناء على طلب أحد الطرفين، ما لم يتفق الطرفان على أسلوب تسوية آخر.

    د - الاتحاد الاقتصادي والعبور


    1 - يشترك مجلس الحكومة الموقت لكل دولة في وضع مشروع اتحاد اقتصادي وعبور (ترانزيت). وتحرر اللجنة المنصوص عليها في الفقرة 1 من القسم ب، نص هذا المشروع منتفعة إلى أبعد مدى ممكن بمشورة ومعاونة المؤسسات والهيئات الممثلة لكل من الدولتين. ويجب أن يتضمن هذا المشروع نصوصاً لإنشاء الاتحاد الاقتصادي لفلسطين، وأن ينظم مسائل أخرى ذات نفع مشترك. وإن لم يتم اتفاق المجلسين الحكوميين الموقتين على هذا المشروع حتى أول نيسان (أبريل) 1948، فإن اللجنة ستقوم بوضعه.



    الاتحاد الاقتصادي الفلسطيني:


    2 - تكون للاتحاد الاقتصادي الفلسطيني الأهداف التالية:

    (أ) إيجاد وحدة جمركية.
    (ب) إقامة نظام نقدي مشترك يتضمن سعر صرف واحداً.
    (جـ) إدارة السكك الحديدية، والطرق المشتركة بين الدولتين، ومرافق، البريد، والبرق والهاتف، والموانئ، والمطارات المستعملة في التجارة الدولية، على أساس من عدم التمييز في سبيل المصلحة العامة.




    ( د ) الإنماء الاقتصادي المشترك، وخصوصاً فيما يتعلق بالري، واستصلاح الأراضي، وصيانة التربة.

    (هـ) تمكين الدولتين ومدينة القدس من الوصول إلى المياه ومصادر الطاقة، على أساس من عدم التمييز.

    3 - ينشأ مجلس اقتصادي مشترك يتكون من ثلاثة ممثلين لكل من الدولتين، ومن ثلاثة أعضاء أجانب يعينهم المجلس الاقتصادي والاجتماعي لمنظمة الأمم المتحدة، ويعين الأعضاء الأجانب، أول مرة لفترة ثلاث سنوات، ويمارسون وظائفهم بصفتهم الشخصية وليس كممثلين لدول.
    4 - تكون وظيفة المجلس الاقتصادي المشترك تنفيذ التدابير اللازمة لبلوغ أهداف الاتحاد الاقتصادي بطريقة مباشرة أو بالانتداب، ويفوض جميع سلطات التنظيم والإدارة اللازمة لأداء مهمته.
    5 - تتعهد الدولتان بتنفيذ قرار المجلس الاقتصادي المشترك. وتؤخذ قراراته بالأكثرية.
    6 - يجوز للمجلس في حال تقصير إحدى الدولتين في إجراء العمل اللازم، أن يقرر بأكثرية ستة من أعضائه، حبس جزء ملائم من الحصة التي تعود إلى الدولة المذكورة من عائدات الجمارك بموجب الاتحاد الاقتصادي. فإن تمادت الدولة في عدم التعاون، يجوز للمجلس أن يقرر بالأكثرية البسيطة اتخاذ ما يراه ملائماً من العقوبات، بما في ذلك التصرف في الأموال التي يكون احتبسها.
    7 - تكون وظيفة المجلس، فيما يتعلق بالإنماء الاقتصادي، تخطيط برامج مشتركة به الدولتين ودراستها وتشجيعها، ولكن لا يجوز له تنفيذ هذه المشاريع بغير موافقة الدولتين وموافقة مدينة القدس في حال تأثرها مباشرة بمشروع الإنماء.
    8 - فيما يتعلق بالنظام النقدي المشترك يكون إصدار العملات المتداولة في الدولتين وفي مدينة القدس تحت سلطة المجلس الاقتصادي المشترك، الذي يكون سلطة الإصدار الوحيدة والذي يحدد الاحتياطي الذي يحتفظ به كضمان لهذه العملات.
    9 - يجوز لكل دولة - بما يتفق مع البند 2 (ب) أعلاه - أن تدير مصرفها المركزي الخاص، وأن تتحكم بسياستها المالية والائتمانية، وبإيراداتها ونفقاتها من القطع الأجنبي، وبمنح رخص الاستيراد، وأن تقوم بعمليات مالية دولية اعتماداً على ائتمانها الذاتي. ويكون للمجلس الاقتصادي المشترك، خلال السنتين التاليتين مباشرة لانتهاء الانتداب، سلطة اتخاذ جميع ما قد يلزم من تدابير كي يكون متوفراً لكل دولة، في أية فترة مدتها اثنا عشر شهراً، مبلغ من القطع الأجنبي كاف لكي يضمن للإقليم ذاته مقداراً من البضائع والخدمات المستوردة لأجل الاستهلاك المحلي، مساوياً لمقدار من البضائع والخدمات التي استهلكها الإقليم خلال الاثني عشر شهراً المنتهية في 31 كانون الأول (ديسمبر) 1947، وذلك بالقدر الذي يسمح به مجموع الدخل من القطع الأجنبي الذي تحصل عليه الدولتان من تصدير البضائع والخدمات، وشرط أن تتخذ كل دولة التدابير الملائمة لصيانة مواردها الخاصة من القطع الأجنبي.
    10 - تتمتع كل دولة بجميع السلطات الاقتصادية غير الموكولة صراحة إلى المجلس الاقتصادي المشترك.
    11 - توضع تعريفة جمركية تترك حرية التجارة كاملة بين الدولتين، وكذلك بين الدولتين ومدينة القدس.
    12 - تضع جداول التعريفة لجنة خاصة للتعريفات مكونة من ممثلين متساوي العدد عن كل دولة من الدولتين، وتعرض على المجلس الاقتصادي المشترك للموافقة عليها بأكثرية الأصوات. وفي حال وقوع خلاف في لجنة التعريفة، فإن المجلس الاقتصادي المشترك يقوم بالتوسط في النقاط المتنازع عليها، كما يضع التعريفة بنفسه في حال عدم توصل لجنة التعريفة إلى وضع جدول للتعريفة في المهلة المحددة.
    13 - يكون لتكاليف البنود التالية الأولوية من دخل الجمارك وغيرها من بنود الدخل العام للمجلس الاقتصادي المشترك.
    أ - نفقات المصالح الجمركية، ومصاريف إدارة المصالح المشتركة.
    ب - نفقات إدارة المجلس الاقتصادي المشترك.
    جـ - الالتزامات المالية لإدارة فلسطين، وهي:
    (1) نفقات إدارة الدين العام.
    (2) معاشات التقاعد التي تدفع حالياً أو التي ستدفع في المستقبل، وفقاً للقوانين، وعلى النطاق المنصوص عليه في البند (3) من الفصل الثالث أعلاه.
    14 - بعد تغطية هذه الالتزامات بتمامها، يوزع فائض الدخل من الجمارك والخدمات المشتركة على الصورة التالية:
    تمنح مدينة القدس مبلغاً لا يقل عن 5% ولا يزيد على 10%، ويوزع المجلس الاقتصادي المشترك الباقي بصورة عادلة على الدولتين، هادفاً المحافظة على مستوى معقول وملائم للخدمات الحكومية والاجتماعية في كلتا الدولتين. غير أنه لا يجوز أن تزيد حصة أي منهما على المقدار الذي ساهمت به في دخل الاتحاد الاقتصادي بأكثر من أربعة ملايين جنيه في السنة. ويجوز للمجلس الاقتصادي المشترك، بعد انقضاء خمس سنوات، أن يعيد النظر في مبادئ توزيع الإيرادات المشتركة، مستلهماً في ذلك اعتبارات العدالة.
    15 - تشترك الدولتان في عقد جميع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الخاصة بالتعريفات الجمركية، وبمرافق المواصلات الموضوعة تحت سلطة المجلس الاقتصادي المشترك. وتلزم الدولتان، في هذه الأمور، بأن تتصرفا طبقاً لقرار أكثرية المجلس الاقتصادي المشترك.
    16 - يبذل المجلس الاقتصادي المشترك جهده ليوفر لصادرات فلسطين منفذاً عادلاً ومتساوياً إلى الأسواق العالمية.
    17 - على جميع المشاريع المدارة من المجلس الاقتصادي المشترك، أن تدفع أجوراً عادلة على أساس واحد.

    حرية المرور والزيارة:

    18 - يتضمن التعهد أحكاماً تحفظ حرية المرور والزيارة لجميع سكان أو مواطني كلتا الدولتين ومدينة القدس، ضمن اعتبارات الأمن، على أن تضبط كل دولة ومدينة القدس الإقامة داخل حدودها.

    إنهاء التعهد وتعديله وتغييره:

    19 - يبقى التعهد وأية اتفاقية صادرة عنه نافذين مدة عشر سنين، ويستمر كذلك حتى يطلب أي من الطرفين إنهاءه فينهي بعد ذلك بعامين.

    20 - لا يجوز، خلال فترة السنوات العشر الأولى، تعديل هذا التعهد أو أية اتفاقية صادرة عنه، إلا بقبول كلا الطرفين وموافقة الجمعية العامة.
    21 - كل نزاع متعلق بتطبيق، أو تفسير التعهد وأية اتفاقية صادرة عنه يرجع فيه، بناء على طلب أي من الفريقين، إلى محكمة العدل الدولية، ما لم يتفق الطرفان على وسيلة أخرى للتسوية.
    هـ - الموجودات
    1 - توزع أموال إدارة فلسطين المنقولة بين الدولتين العربية واليهودية ومدينة القدس على أساس عادل، ويجب أن يرى التوزيع بواسطة لجنة الأمم المتحدة المذكورة في القسم (ب) بند (1) أعلاه، وتصبح الأموال غير المنقولة ملكاً للحكومة التي توجد هذه الأموال في إقليمها.
    2 - يجب على الدولة المنتدبة، خلال الفترة التي تنقضي بين تاريخ تعيين لجنة الأمم المتحدة وانتهاء الانتداب، أن تتشاور مع اللجنة في أي إجراء تفكر في اتخاذه، متضمنا تصفية أموال حكومة فلسطين والتصرف بها أو رهنها، مثل فائض الخزينة المتراكم، وريع السندات التي أصدرتها الحكومة، وأراضي الدولة، وأية موجودات أخرى.
    و - الدخول في عضوية الأمم المتحدة

    عندما يصبح استقلال الدولة العربية أو اليهودية نافذاً (كما هو منصوص عليه في المشروع الحاضر)، ويكون البيان والتعهد المنصوص عليهما في هذا المشروع، قد وقِّعا من قبل الدولة، يصبح عندئذ من الملائم أن ينظر بعين العطف إلى طلب قبولها عضواً في الأمم المتحدة طبقاً للمادة (4) من ميثاق الأمم المتحدة.

    الجزء الثاني - الحدود 5

    أ - الدولة العربية

    يحد منطقة الدولة العربية في الجليل الغربي من الغرب البحر الأبيض المتوسط ومن الشمال حدود لبنان من رأس الناقورة إلى نقطة شمالي الصالحة، ومن هناك يسير خط الحدود في اتجاه الجنوب تاركاً منطقة الصالحة المبنية في الدولة العربية، فيلاقي النقطة الواقعة في أقصى جنوبي هذه القرية. ومن ثم يتبع خط الحدود الغربية لقرى علما والريحانية وطيطبه، ومنها يتبع خط الحد الشمالي لقرية ميرون فيلتقي بخط حدود قضاء عكا - صفد. ويتبع هذا الخط إلى نقطة غربي قرية السموعي، ويلاقيه مرة أخرى في نقطة في أقصى شمالي قرية الفراضية. ومن هناك يتبع خط حدود القضاء إلى طريق عكا - صفد العام، ومن هنا يتبع الحدود الغربية لقرية كفر عنان حتى يصل خط حدود قضاء طبريا - عكا، ماراً بغربي تقاطع طريقي عكا - صفد ولوبية - كفر عنان، ومن الزاوية الجنوبية الغربية لقرية كفر عنان يتبع خط الحدود، الحدود الغربية لقضاء طبريا إلى نقطة قريبة من خط الحدود بين قريتي المغار وعيلبون، ومن ثم يبرز إلى الغرب ليضم أكبر مساحة من الجزء الشرقي من سهل البطوف لازمة للخزان الذي اقترحته الوكالة اليهودية لري الأراضي إلى الجنوب والشرق تعود الحدود فتلتقي بحدود قضاء طبريا في نقطة على طريق الناصرة - طبريا إلى الجنوب الشرقي من منطقة طرعان المبنية، ومن هناك تسير في اتجاه الجنوب، تابعة بادئ الأمر حدود القضاء، ثم مارة بين مدرسة خضوري الزراعية وجبل تابور إلى نقطة في الجنوب عند قاعدة جبل تابور. ومن هنا تسير إلى الغرب، موازية لخط التقاطع العرضي 230 إلى الزاوية الشمالية الشرقية من أراضي قرية تل عداشيم.* ثم تسير إلى الزاوية الشمالية الغربية من هذه الأراضي، ومنها تنعطف إلى الجنوب والغرب حتى تضم إلى الدولة العربية مصادر مياه الناصرة في قرية يافا. وحين تصل جنجار، تتبع حدود أراضي هذه القرية الشرقية والشمالية والغربية إلى زاويتها الجنوبية الغربية، ومن هناك تسير في خط مستقيم إلى نقطة على سكة حديد حيفا - العفولة على الحدود ما بين قريتي ساريد والمجيدل. وهذه هي نقطة التقاطع.

    تتخذ الحدود الجنوبية الغربية من منطقة الدولة العربية في الجليل، خطاً من هذه النقطة، ماراً نحو الشمال على محاذاة حدود ساريد وغفات الشرقية إلى الزاوية الشمالية الشرقية من نهلال، ماضياً من هناك عبر أراضي كفار هاحوريش إلى نقطة متوسطة على الحدود الجنوبية لقرية عيلوط، ومن ثم نحو الغرب محاذيا حدود تلك القرية إلى حدود بيت لحم الشرقية، ومنها نحو الشمال فالشمال الشرقي على حدودها الغربية إلى الزاوية الشمالية الشرقية من ولدهايم، ومن هناك جنوب الشمال الغربي عبر أراضي قرية شفا عمرو إلى الزاوية الجنوبية الشرقية من رامات يوحانان . ومن هنا يسير شمالاً فشمالاً شرقياً إلى نقطة على طريق شفا عمرو - حيفا، إلى الغرب من اتصالها بطريق عبلين. ومن هناك يسير شمالاً شرقياً إلى نقطة على الحدود الجنوبية من طريق عبلين للبروة. ومن هناك يسير على تلك الحدود إلى أقصى نقطة غربية لها، ومنها ينعطف إلى الشمال فيمضي عبر أراضي قرية تمرة إلى أقصى زاوية شمالية غربية، وعلى محاذاة حدود جوليس الغربية حتى يصل إلى طريق عكا - صفد. بعد ذلك يسير صوب الغرب على محاذاة الجانب الجنوبي من طريق عكا - صفد إلى حدود منطقة الجليل - حيفا، ومن هذه النقطة يتبع تلك الحدود إلى البحر.

    تبدأ حدود منطقة السامرة واليهودية الجبلية على نهر الأردن في وادي المالح إلى الجنوب الشرقي من بيسان، وتسير نحو الغرب فتلتقي بطريق بيسان - أريحا، ثم تتبع الجانب الغربي من ذلك الطريق في اتجاه شمالي غربي إلى ملتقى حدود أقضية بيسان ونابلس وجنين. ومن هذه النقطة تتبع حدود مقاطعة نابلس - جنين في اتجاه الغرب إلى مسافة تبلغ نحو ثلاثة كيلومترات، ثم تنعطف نحو الشمال الغربي، مارة بشرقي المنطقة المبنية من قرى جلبون وفقوعة إلى حدود مقاطعتي جنين وبيسان في نقطة إلى الشمال الشرقي من نورس. ومن هنا تسير بادئ الأمر نحو الشمال الغربي إلى نقطة شمالي المنطقة المبنية من زرعين، ثم شطر الغرب إلى سكة حديد العفولة - جنين، ومن ثم في اتجاه شمالي غربي على طول خط حدود المنطقة إلى نقطة التقاطع على الخط الحديدي الحجازي. ومن هنا تتجه الحدود إلى الجنوب الغربي، بحيث تكون المنطقة المبنية وبعض أراضي خربة ليد ضمن الدولة العربية، ثم تقطع طريق حيفا - جنين في نقطة على حدود المنطقة بين حيفا والسامرة، إلى الغرب من المنسي. وتتبع هذه الحدود إلى أقصى نقطة جنوبي قرية البطيمات. ومن هنا تتبع الحدود الشمالية والشرقية لقرية عرعرة، ملتقية مرة أخرى بخط حدود المنطقة بين حيفا والسامرة في وادي عارة، ومن هناك تتجه نحو الجنوب فالجنوب الغربي في خط مستقيم تقريباً ملتقية بحدود قاقون الغربية، ومتجهة معها إلى نقطة تقع إلى الشرق من سكة الحديد على حدود قرية قاقون الشرقية. ومن هنا تسير مع سكة الحديد مسافة إلى الشرق منها نحو نقطة تقع شرقي محطة سكة الحديد في طولكرم، ومن هناك تتبع الحدود خطاً في منتصف المسافة بين سكة الحديد وبين طريق طولكرم - قلقيلية - جلجولية - رأس العين حتى نقطة تقع شرقي محطة رأس العين، التي تسير منها في اتجاه سكة الحديد مسافة إلى الشرق حتى نقطة على سكة الحديد جنوبي ملتقى سكك حيفا - اللد - بيت نبالا، ومن هنا تسير في اتجاه حدود مطار اللد الجنوبية إلى زاويته الجنوبية الغربية، ومن ثم في اتجاه جنوبي غربي إلى نقطة المنطقة المبنية من صرفند العمار، ومن هناك تنعطف شطر الجنوب، مارة غربي المنطقة المبنية من أبو الفضل إلى الزاوية الشمالية الشرقية من أراضي بير يعقوب. (يجب تحديد خط الحدود بحيث يسمح باتصال مباشر بين الدولة العربية ومطار اللد)، ومن هناك يتبع خط الحدود حدود بلدة الرملة الغربية والجنوبية، إلى الزاوية الشمالية الشرقية من قرية النعماني، ومن ثم يسمى في خط مستقيم إلى نقطة في أقصى الجنوب من البرية، على محاذاة حدود تلك القرية الشرقية وحدود قرية عنابة الجنوبية. ومن هناك ينعطف شمالاً فيتبع الجانب الجنوبي من طريق يافا - القدس حتى القباب، ومنها يتبع الطريق إلى حدود أبي شوشة، ويسير في محاذاة الحدود الشرقية لأبي شوشة وسيدون وحلدة حتى نقطة في أقصى الجنوب من حلدة. ويسير من هنا نحو الغرب في خط مستقيم إلى الزاوية الشمالية الشرقية من أم كلخا، ومنها يتبع الحدود الشمالية لأم كلخا والقزازة وحدود المخيزن الشمالية والغربية إلى حدود منطقة غزة، ومنها يسير عبر أراضي قريتي المسمية الكبيرة وياصور إلى النقطة الجنوبية من التقاطع الواقع في منتصف المسافة بين المناطق، المبنية من ياصور وبطاني شرقي.

    تتجه خطوط الحدود من نقطة التقاطع الجنوبية نحو الشمال الغربي بين قريتي غان يفنه وبرقة إلى البحر، في نقطة تقع في منتصف المسافة بين النبي يونس وميناء القلاع، ونحو الجنوب الشرقي إلى نقطة غربي قسطينة، ومنها تنعطف في اتجاه جنوبي غربي مارة شرقي المناطق المبنية من السوافير الشرقية وعبدس. ومن الزاوية الجنوبية الشرقية من قرية عبدس تسير إلى نقطة في الجنوب الشرقي من المنطقة المبنية من بيت عفة، قاطعة طريق الخليل - المجدل إلى الغرب من المنطقة المبنية من عراق سويدان، ومن هناك تسير في اتجاه جنوبي على محاذاة الحدود الغربية لقرية الفالوجة إلى حدود قضاء بئر السبع. ثم تسير عبر الأراضي القبلية لعرب الجبارات إلى نقطة على الحدود ما بين قضاءي بئر السبع والخليل إلى الشمال من خربة خويلفة، ومن هناك تسير في اتجاه جنوبي غربي إلى نقطة على طريق بئر السبع - غزة العام على بعد كيلومترين إلى الشمال الغربي من البلدة. ثم تنعطف شطر الجنوب الشرقي فتصل وادي السبع، في نقطة واقعة على بعد كيلومتر واحد إلى الغرب منه. ومن هنا تنعطف في اتجاه شمالي شرقي، وتسير على محاذاة وادي السبع وعلى محاذاة طريق بئر السبع - الخليل مسافة كيلومتر واحد، ومن ثم تنعطف شرقاً وتسير في خط مستقيم إلى خربة كسيفة لتلتقي بحدود المقاطعة بين بئر السبع والخليل. ثم تتبع حدود بئر السبع - الخليل في اتجاه الشرق إلى نقطة شمالي رأس الزويرة، ثم تنفصل عنها فتقطع قاعدة الفراغ من بين خطي الطول 150 و 160.

    وعلى بعد خمسة كيلومترات تقريباً إلى الشمال الشرقي من رأس الزويرة، تنعطف الحدود شمالاً، بحيث تستثني من الدولة العربية قطاعاً على محاذاة ساحل البحر الميت، لا يزيد عرضه على سبعة كيلومترات، وذلك حتى عين جدي، حيث تنعطف من هناك إلى الشرق لتلتقي حدود شرق الأردن في البحر الميت.
    تبدأ الحدود الشمالية للجزء العربي من السهل الساحلي من نقطة بين ميناء القلاع والنبي يونس، مارة بين المناطق المبنية من غان يفنه وبرقة حتى نقطة التقاطع. ومن هنا تسير في اتجاه الجنوب الغربي، مارة عبر أراضي بطاني شرقي، على محاذاة الحد الشرقي من أراضي بيت داراس وعبر أراضي جوليس، تاركة المناطق المبنية من بطاني شرقي وجوليس في الغرب، وماضية حتى الزاوية الشمالية الغربية من أراضي بيت طيما. ومن هناك تتجه إلى الشرق من الجية عبر أراضي قرية البربره، على محاذاة الحدود الشرقية من قرى بيت جرجا ودير سنيد ودمرة. ومن الزاوية الجنوبية الشرقية لدمرة تعبر حدود أراضي بيت حانون، تاركة الأراضي اليهودية من نير عام صوب الشرق. ومن الزاوية الجنوبية الشرقية لبيت حانون تتجه الحدود إلى الجنوب الغربي نحو نقطة إلى الجنوب من خط التوازي 100، ثم تنعطف نحو الشمال الغربي مسافة كيلومترين، وتنعطف ثانية في اتجاه جنوبي غربي وتمضي في خط مستقيم تقريباً إلى الزاوية الشمالية الغربية من أراضي خربة اخزاعة، ومن هناك تتبع خط حدود هذه القرية إلى أقصى نقطة جنوبية منها. بعد ذلك تسير في اتجاه جنوبي على محاذاة خط الطول 90 حتى نقطة تقاطعه مع خط العرض 70. ثم تنعطف في اتجاه جنوبي شرقي إلى خربة الرحيبة وتمضي في اتجاه جنوبي إلى نقطة معروفة باسم البها، حيث تعبر من خلفها طريق بئر السبع - العوجا العام إلى الغرب من خربة المشرف، ومن هناك تلتقي بوادي الزياتين إلى الغرب من السبيطه، ومن هناك تنعطف إلى الشمال الشرقي ثم إلى الجنوب الشرقي تابعة هذا الوادي ثم تمضي إلى الشرق من عبدة فتلتقي بوادي النفخ. وتبرز بعد ذلك إلى الجنوب الغربي على محاذاة وادي النفخ ووادي عجرم ووادي لسان حتى المنطقة التي تقطع فيها وادي لسان الحدود المصرية.
    تتكون منطقة قطاع يافا العربي من ذلك الجزء من منطقة تخطيط مدينة يافا التي تقع إلى الغرب من الأحياء اليهودية الواقعة جنوبي تل أبيب، وإلى الغرب من امتداد شارع هرتسل حتى التقائه بطريق يافا - القدس، وإلى الجنوب الغربي من ذلك الجزء من طريق يافا - القدس الواقع إلى الجنوب الشرقي من نقطة الالتقاء تلك، وإلى الغرب من أراضي مكفيه يسرائيل، وإلى الشمال الغربي من منطقة مجلس حولون المحلي، وإلى الشمال من الخط الذي يصل الزاوية الشمالية الغربية من حولون بالزاوية الشمالية الشرقية من منطقة مجلس بات يام المحلي، وإلى الشمال من منطقة مجلس بات يام المحلي. أما مسألة حي الكارتون فستبتها لجنة الحدود، بحيث تأخذ بعين الاعتبار، إضافة إلى الاعتبارات الأخرى، الرغبة في ضم أقل عدد ممكن من سكانه العرب وأكبر عدد ممكن من سكانه اليهود إلى الدولة اليهودية.



    ب - الدولة اليهودية

    تحد القطاع الشمالي الشرقي من الدولة اليهودية (الجليل الشرقي) من الشمال والغرب الحدود اللبنانية، ومن الشرق حدود سورية وشرق الأردن. ويضم كل حوض الحولة وبحيرة طبريا وكل مقاطعة بيسان، حيث يمتد خط الحدود إلى قمة جبال الجلبوع ووادي المالح. ومن هناك تمتد الدولة اليهودية نحو الشمال - الغربي ضمن الحدود التي وصفت فيما يتعلق بالدولة العربية.

    يمتد الجزء اليهودي من السهل الساحلي من نقطة بين ميناء القلاع والنبي يونس في مقاطعة غزة، ويضم مدينتي حيفا وتل أبيب، تاركاً يافا قطاعاً تابعاً للدولة العربية. وتتبع الحدود الشرقية للدولة اليهودية الحدود التي وصفت فيما يتصل بالدولة العربية.


    جـ - مدينة القدس

    تكون حدود مدينة القدس كما هي محددة في التوصيات المتعلقة بمدينة القدس.( راجع أدناه الجزء الثالث، القسم ب).

    الجزء الثالث - مدينة القدس(6)

    أ - نظام خاص

    يجعل لمدينة القدس كيان منفصل (Corpus Separatum) خاضع لنظام دولي خاص، وتتولى الأمم المتحدة إدارتها، ويعين مجلس وصاية ليقوم بأعمال السلطة الإدارية نيابة عن الأمم المتحدة.


    ب - حدود المدينة

    تشمل مدينة القدس بلدية القدس الحالية، مضافاً إليها القرى والبلدان المجاورة، وأبعدها شرقاً أبو ديس، وأبعدها جنوباً بيت لحم، وأبعدها غرباً عين كارم. وتشمل معها المنطقة المبنية من قرية قالونيا، كما هو موضح على الخريطة التخطيطية المرفقة (ملحق ب).(7)


    جـ - نظام المدينة الأساسي

    على مجلس الوصاية، خلال خمسة أشهر من الموافقة على المشروع الحاضر، أن يضع ويقر دستوراً مفصلاً للمدينة، يتضمن جوهر الشروط التالية:

    1 - الإدارة الحكومية، مقاصدها الخاصة:
    على السلطة الإدارية أن تتبع، في أثناء قيامها بالتزاماتها الإدارية، الأهداف الخاصة التالية:
    أ - حماية المصالح الروحية والدينية الفريدة، الواقعة ضمن مدينة العقائد التوحيدية الكبيرة الثلاث المنتشرة في أنحاء العالم - المسيحية واليهودية والإسلام - وصيانتها، والعمل لهذه الغاية بحيث يسود النظام والسلام - السلام الديني خاصة - مدينة القدس.
    ب - دعم روح التعاون بين سكان المدينة جميعهم، سواء في سبيل مصلحتهم الخاصة أم في سبيل تشجيع التطور السلمي للعلاقات المشتركة بين شعبي فلسطين في البلاد المقدسة بأسرها، وتأمين الأمن والرفاهية، وتشجيع كل تدبير بناء من شأنه أن يحسن حياة السكان، آخذاً بعين الاعتبار العادات والظروف الخاصة لمختلف الشعوب والجاليات.
    2 - الحاكم والموظفون الإداريون:
    يقوم مجلس الوصاية بتعيين حاكم للقدس يكون مسؤولاً أمامه.
    ويكون هذا الاختيار على أساس كفايته الخاصة دون مراعاة لجنسيته، على ألا يكون مواطناً لأي من الدولتين في فلسطين.
    يمثل الحاكم الأمم المتحدة في مدينة القدس، ويمارس نيابة عنها جميع السلطات الإدارية، بما في ذلك إدارة الشؤون الخارجية. وتعاونه مجموعة من الموظفين الإداريين، يعتبر أفرادها موظفين دوليين وفق منطوق المادة (100) من الميثاق. ويختارون، قدر الإمكان، من بين سكان المدينة ومن سائر فلسطين دون أي تمييز عنصري. وعلى الحاكم أن يقدم مشروعاً مفصلاً لتنظيم إدارة المدينة إلى مجلس الوصاية، لينال موافقته عليه.
    3 - الاستقلال المحلي:
    ( أ ) يكون للوحدات القائمة حالياً ذات الاستقلال المحلي في منطقة المدينة (القرى والمراكز والبلديات) سلطات حكومية وإدارية واسعة ضمن النطاق المحلي.
    ( ب ) يدرس الحاكم مشروع إنشاء وحدات بلدية خاصة، تتألف من الأقسام اليهودية والعربية في مدينة القدس الجديدة، ويرفعه إلى مجلس الوصاية للنظر فيه وإصدار قرار بشأنه.
    وتستمر الوحدات البلدية الجديدة في تكوين جزء من البلدية الحالية لمدينة القدس.
    4 - تدابيرالأمن:
    ( أ ) تجرد مدينة القدس من السلاح، ويعلن حيادها، ويحافظ عليه، ولا يسمح بقيام أيةتشكيلات أوتدريب أونشاط عسكري ضمن حدودها.
    (ب) في حال عرقلة أعمال الإدارة في مدينة القدس بصورة خطيرة أومنعها، من جراء عدم تعاون أو تدخل فئة أو أكثر من السكان، يكون للحاكم السلطة باتخاذ التدابير اللازمة لإعادة سير الإدارة الفعال.
    (ج) للمساعدة على استتباب القانون والنظام الداخلي، وبصورة خاصة لحماية الأماكن المقدسة والمواقع والأبنية الدينية في المدينة، يقوم الحاكم بتنظيم شرطة خاصة ذات قوة كافية، يجد أفرادها من خارج فلسطين، ويعطى الحاكم الحق في التصرف في بنود الميزانية بحسب الحاجة للمحافظة على هذه القوة والإنفاق عليها.
    5 - التنظيم التشريعي:
    تكون السلطة التشريعية والضرائبية بيدمجلس تشريعي منتخب بالاقتراع العام السري، على أساس تمثيل نسبي لسكان مدينة القدس البالغين، وبغير تمييز من حيث الجنسية. ومع ذلك، فيجب ألا يتعارض أي إجراء تشريعي أو يتناقض مع الأحكام المنصوص عليها في دستور المدينة، كما يجب ألايسود هذه الأحكام أي قانون أولائحة أو تصرف رسمي ويعطي الدستور الحاكم الحق في الاعتراض (VETO) على مشاريع القوانين المتنافية معا لأحكام المذكورة، ويمنحه كذلك سلطةإ صدارأوامر وقتية في حال تخلف المجلس عن الموافقة في الوقت الملائم على مشروع قانون يعتبر جوهرياً بالنسبة إلى سير الإدارة الطبيعي.
    6 - القضاء:
    يجب أن ينص القانون على إنشاءنظام قضائي مستقل، يشتمل على محكمة استئناف يخضع لولايتها سكان المدينة.
    7 - الاتحاد الاقتصادي والنظام الاقتصادي:
    تكون مدينة القدس داخلة ضمن الاتحاد الاقتصادي الفلسطيني، ومقيدة بأحكام التعهد جميعها وبكل معاهدة تنبثق منه، وكذلك بجميع قرارات المجلس الاقتصادي المشترك. ويقام مقر المجلس الاقتصادي في منطقة المدينة، ويجب أن يحتوي الدستور على أحكام للشؤون الاقتصادية التي لا تقع ضمن نظام الوحدة الاقتصادية، وذلك على أساس من عدم التمييز والمساواة في المعاملة بالنسبة إلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ورعاياها.
    8 - حرية العبور TRANSIT والزيارة والسيطرة على المقيمين:
    تكون حرية الدخول والإقامة ضمن حدود المدينة مضمونة للمقيمين في الدولتين العربية واليهودية ولمواطنيهما، وذلك بشرط عدم الإخلال باعتبارات الأمن، مع مراعاة الاعتبارات الاقتصادية كما يحددها الحاكم وفقاً لتعليمات مجلس الوصاية. وتكون الهجرة إلى داخل حدود المدينة والإقامة فيها، بالنسبة إلى رعايا الدول الأخرى، خاضعة لسلطة الحاكم وفقاً لتعليمات مجلس الوصاية.

    9 - العلاقات بالدولتين العربية واليهودية:
    يعتمد الحاكم للمدينة ممثلي الدولتين العربية واليهودية، ويكونان مكلفين بحماية مصالح دولتيهما ورعاياهما لدى الإدارة الدولية للمدينة.

    10 - اللغات الرسمية:
    تكون العربية والعبرية لغتي المدينة الرسميتين، ولا يحول هذا النص دون أن يعتمد في العمل لغة أو لغات إضافية عدة بحسب الحاجة.
    11 - المواطنة:
    يصبح جميع المقيمين بحكم الواقع مواطنين في مدينة القدس، ما لم يختاروا جنسية الدولة التي كانوا رعاياها، أو ما لم يكونوا عرباً أو يهوداً قد أعلنوا نيتهم أن يصبحوا مواطنين في الدولة العربية والدولة اليهودية طبقاً للفقرة (9) من القسم (ب) من الجزء الأول من المشروع الحاضر. ويتخذ مجلس الوصاية التدابير لتوفير الحماية القنصلية لمواطني المدينة خارج أرضها.
    12 - حريات المواطنين:
    أ - يضمن لسكان المدينة بشرط عدم الإخلال بمقتضيات النظام العام والآداب العامة، حقوق الإنسان والحريات الأساسية، مشتملة حرية العقيدة والدين والعبادة واللغة والتعليم، وحرية القول، وحرية الصحافة، وحرية الاجتماع والانتماء إلى الجمعيات وتكوينها، وحرية التظلم.
    ب - لا يجري أي تمييز بين السكان بسبب الأصل، أو الدين، أو اللغة، أو الجنس.
    جـ - يكون لجميع المقيمين داخل المدينة حق متساو في التمتع بحماية القانون.
    د - يجب احترام قانون الأسرة والأحوال الشخصية لمختلف الأفراد ومختلف الطوائف، كما تحترم كذلك مصالحهم الدينية.
    هـ - مع عدم الإخلال بضرورات النظام العام وحسن الإدارة، لا يتخذ أي إجراء يعوق أو يتدخل في نشاط المؤسسات الدينية أو الخيرية لجميع المذاهب، ولا يجوز عمل أي تمييز نحو ممثلي هذه المؤسسات أو أعضائها بسبب دينهم أو جنسيتهم.
    و - تؤمن المدينة تعليماً ابتدائياً وثانوياً كافيين للطائفتين العربية واليهودية كل بلغتها، ووفق تقاليدها الثقافية. وإن حقوق كل طائفة في الاحتفاظ بمدارسها الخاصة لتعليم أفرادها بلغتهم القومية، شرط أن تلتزم بمتطلبات التعليم العامة التي قد تفرضها المدينة، لن تنكر أو تعطل. أما مؤسسات التعليم الأجنبية فتتابع نشاطها على أساس الحقوق القائمة.
    ز - لا يجوز أن تحد حرية أي فرد من سكان المدينة في استخدام أية لغة كانت في أحاديثه الخاصة، أو في التجارة، أو الأمور الدينية، أو الصحافة، أو المنشورات بجميع أنواعها، أو الاجتماعات العامة.
    13 - الأماكن المقدسة:
    أ - لا يجور أن يلحق أي مساس بالحقوق القائمة الحالية المتعلقة بالأماكن المقدسة، والأبنية والمواقع الدينية.
    ب - تضمن حرية الوصول إلى الأماكن المقدسة، والأبنية والمواقع الدينية، وحرية ممارسة العبادة، وفقاً للحقوق القائمة، شرط مراعاة حفظ النظام واللياقة.
    جـ - تصان الأماكن المقدسة، والأبنية والمواقع الدينية، ويحرم كل فعل من شأنه أن يسيء بأية صورة كانت إلى قداستها. وإن رأي الحاكم، في أي وقت، ضرورة ترميم مكان مقدس أو بناء موقع ديني ما، فيجوز له أن يدعو الطائفة أو الطوائف المعنية إلى القيام بالترميمات اللازمة. ويجوز له القيام بهذه الترميمات على حساب الطائفة أو الطوائف المعنية أن لم يتلق جواباً عن طلبه خلال مدة معقولة.
    د - لا تجبى أية ضريبة على مكان مقدس أو مبنى أو موقع ديني كان معفى منها وقت إقامة المدينة (بوضعها الدولي)، ولا يلحق أي تعديل في هذه الضريبة يكون من شأنه التمييز بين مالكي الأماكن والأبنية والمواقع الدينية أو ساكنيها، أو يكون من شأنه وضع هؤلاء المالكين أو الساكنين من أثر الضريبة العام في وضع أقل ملاءمة مما كان عليه حالهم وقت تبني توصيات الجمعية العامة.
    14 - سلطات الحاكم الخاصة فيما يتعلق بالأماكن المقدسة والأبنية والمواقع الدينية في المدينة وفي أي جزء من فلسطين:
    أ- إن حماية الأماكن المقدسة والأبنية والمواقع الدينية الموجودة في مدينة القدس، يجب أن تكون موضع اهتمام الحاكم بصورة خاصة.
    ب - وفيما يتعلق بالأماكن والأبنية والمواقع المماثلة الموجودة في فلسطين خارج المدينة، يقرر الحاكم، بموجب السلطات التي يكون قد منحه إياها دستور الدولتين، ما إذا كانت أحكام دستوري الدولتين العربية واليهودية في فلسطين، والخاصة بهذه الأماكن وبالحقوق الدينية المتعلقة بها، مطبقة ومحترمة كما يجب.

    جـ - وللحاكم كذلك الحق في اتخاذ القرارات، على أساس الحقوق القائمة، في حال حدوث خلاف بين مختلف الطوائف الدينية أو بشأن شعائر طائفة ما بالنسبة إلى الأماكن المقدسة والأبنية والمواقع الدينية في سائر أنحاء فلسطين. ويجوز للحاكم أن يستعين في أثناء قيامه بهذه المهمة، بمجلس استشاري مؤلف من ممثلين لمختلف الطوائف يعملون بصفة استشارية.

    د - مدة نظام الحكم الخاص
    يبدأ تنفيذ الدستور الذي يضعه مجلس الوصاية، في ضوء المبادئ المذكورة أعلاه، في ميعاد أقصاه أول تشرين الأول (أكتوبر) 1948. ويكون سريانه، أول الأمر، خلال عشر سنوات، ما لم ير مجلس الوصاية وجوب القيام، في أقرب وقت، بإعادة النظر في هذه الأحكام. ويجب، عند انقضاء هذه المدة، أن يعاد النظر في مجموع النظام من قبل مجلس الوصاية في ضوء التجارب المكتسبة خلال هذه الفترة من العمل به. وعندئذ يكون للمقيمين في المدينة الحرية في الإعلان، بطريق الاستفتاء، عن رغباتهم في التعديلات الممكن إجراؤها على نظام المدينة.


    الجزء الرابع - الامتيازات

    إن الدول التي يكون رعاياها قد تمتعوا في الماضي في فلسطين، بالمزايا والحصانات القنصلية التي كانت ممنوحة لهم في أثناء الحكم العثماني بموجب الامتيازات أو العرف، مدعوة إلى التنازل عن جميع حقوقها في إعادة تثبيت المزايا والحصانات المذكورة في الدولتين العربية واليهودية المنوي إنشاؤهما، وكذلك في مدينة القدس.

    تبنت الجمعية العامة هذا القرار، في جلستها العامة رقم 128، بـ 33 صوتاً مقابل 13 وامتناع 10 كالآتي:



    مع القرار :
    استراليا، بلجيكا، بوليفيا، البرازيل، بييلوروسيا، كندا، كوستاريكا، تشيكوسلوفاكيا، الدانمارك، جمهورية الدومينيكان، ايكوادور، فرنسا، غواتيمالا، هاييتي، ايسلندا، ليبيريا، لوكسمبورغ، هولندا، نيوزيلندا، نيكاراغوا، النروج، بنما، باراغواي، بيرو، الفيليبين، بولندا، السويد، أوكرانيا، جنوب أفريقيا، الاتحاد السوفياتي، الولايات المتحدة الأميركية، أوروغواي، فنزويلا.


    ضد القرار:


    افغانستان، كوبا، مصر، اليونان، الهند، ايران، العراق، لبنان، باكستان، المملكة العربية السعودية، سورية، تركيا، اليمن.


    امتنــاع:


    الارجنتين، تشيلي، الصين، كولومبيا، السلفادور، الحبشة، هندوراس، المكسيك، المملكة المتحدة، يوغسلافيا.




    الملحق أ

    مخطط تقسيم فلسطين



    الملحق ب

    حدود مدينة القدس





    --------------------------

    1. انتخبت الجمعية العامة، في جلستها العامة رقم 128 التي انعقدت في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1947، وفقا لنصوص القرار المذكور أعلاه، الدول الأعضاء التالية كأعضاء في لجنة الأمم المتحدة لفلسطين: بوليلفيا، وتشيكوسلوفاكيا، والدانمارك، وبنما، والفيليبين

    2. تبني هذا القرار دون الرجوع إلى اللجنة.

    3.يضافالبند التالي إلى التصريح المتعلق بالدولة اليهودية : "يمنح المواطنون الناطقون بالعربية في الدولة اليهودية تسهيلات كافية لاستعمال لغتهم، سواء في الكلام أم في الكتابة، في التشريع وأمام المحاكم وفي الإدارة."

    4. في التصريح المتعلق بالدولة العربية تحل عبارة "يملكها عربي في الدولة اليهودية"،


    5. الخريطة مرفقة مع القرار. إن الخريطة الأساسية المستعملة في تحديد ووصف هذه الحدود، هي "فلسطين 1 : 250.000" المنشورة في "مسح فلسطين" The Survey of Palestine.

    6. بالنسبة إلى مسألة تدويل القدس، اُنظر أيضا قرارات الجمعية العامة 185 (الدورة الاستثنائية - 2) الصادر في 26 نيسان (أبريل) 1948، و187 (الدورة الاستثنائية - 2) الصادر في 6 أيار (مايو) 1948، و303 (الدورة 4) الصادر في 9 كانون الأول (ديسمبر) 1949، وقرارات مجلس الوصاية (القسم 4).

    7. الخريطة مرفقة مع القرار "ملحق ب".


    * تل عدس.



     

     



    التعديل الأخير تم بواسطة أسامة الكباريتي ; 12th November 2009 الساعة 03:42 PM
     
    رد مع اقتباس

    قديم 13th November 2009, 10:57 AM أسامة الكباريتي غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 20
    أسامة الكباريتي
    Field Marshal
     






    أسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond repute

    أسامة الكباريتي's Flag is: Palestinian

    افتراضي

    أنا : أسامة الكباريتي




    موقف الأمم المتحدة
    والموقف الصهيوني والبريطاني
    بعد قرار التقسيم

    أولاً: مراحل الجولة العربية الإسرائيلية وسمات كل منها

    عندما اشتعل القتال بين بعض جيوش الدول العربية والقوات الإسرائيلية في الخامس عشر من مايو 1948، في شكل حرب مُعلَنَة، لم تكن تلك بداية الجولة العربية الإسرائيلية الأولى في حقيقة الأمر، فقد اشتعل أوار تلك الجولة عقب صدور قرار التقسيم في التاسع والعشرين من نوفمبر 1947، واستمرت أكثر من خمسة أشهر في شكل حرب غير معلنة، بين فصائل الفلسطينيين المجاهدين والمتطوعين العرب من ناحية، والمنظمات الصهيونية العسكرية والإرهابية من ناحية أخرى.
    وعلى ذلك، ذهبت المصادر التاريخية الإسرائيلية وبعض المصادر الغربية والعربية إلى أن البداية الحقيقية لتلك الحرب، هي بداية تفجُّر الصراع المسلح في فلسطين في الأسبوع الأول من ديسمبر عام 1947، بين الفصائل الفلسطينية والمنظمات الصهيونية، ذلك الصراع الذي تصاعد بالعنف من مجرد أعمال التخريب والإغارات وكمائن الطرق ـ كما كان في الشهور الأربعة الأولى لتلك الحرب ـ إلى المعارك والعمليات الحربية في الشهرين التاليين وحتى إعلان قيام الدولة الإسرائيلية في منتصف شهر مايو 1948.
    ومن ثمَّ، فإنه يمكن القول بأن الحرب العربية ـ الإسرائيلية الأولى اشتملت على مرحلتين:
    الأولى، هي مرحلة الحرب غير المعلنة التى سبقت الإشارة إليها،
    والثانية، هي مرحلة الحرب المعلنة التى اشتركت فيها بعض جيوش الدول العربية إلى جانب الفصائل الفلسطينية والمتطوعين العرب إبتداءً من 15 مايو 1948، ودُعِمت فيها المنظمات العسكرية الإسرائيلية بالمجندين الذين تمَّ تعبئتهم من يهود دول العالم المختلفة، خاصةً من أوروبا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية وجنوب أفريقيا، فضلاً عن المتطوعين والمرتزقة الذين تدفقوا على إسرائيل من العديد من دول العالم.
    وقد انقسمت المرحلتين السابقتين ـ على ضوء تطور موازين القوى ومبادرات الطرفين خلالها ـ إلى أربع مراحل فرعية متميزة لكلٍّ منها سماتها الخاصة كما يلي:
    1. المرحلة الفرعية الأولى (1 ديسمبر 1947 ـ 31 مارس 1948)
    وقد بدأت هذه المرحلة الفرعية مع بدء الصراع العسكري في مرحلة الحرب غير المعلنة وانتهت مع انتزاع اليهود للمبادأة في أول أبريل 1948، وقد تميزت هذه المرحلة الفرعية بالمد العربي، وتمتع العرب خلالها بمزايا عامل المبادأة لمدة 121 يوماً حاول فيها عرب فلسطين والمتطوعون الذين يساندونهم الحفاظ على عروبة ذلك البلد، واتخذ القتال خلالها شكل الكمائن والإغارات وأعمال القناصة ونسف المنشآت، بالإضافة إلى أعمال الحصار.
    وبنهاية المرحلة الفرعية الأولى كان الفلسطينيون والمتطوعون العرب قد سيطروا على أغلب خطوط المواصلات ونجحوا في عزل الحي اليهودي في القدس القديمة والقدس اليهودية الجديدة.

    2. المرحلة الفرعية الثانية (1 أبريل 1948 ـ 14 مايو 1948)
    وقد بدأت هذه المرحلة الفرعية مع تحول اليهود إلى الهجوم العام وانتهت بنهاية مرحلة الحرب غير المعلنة عشية تدخل الجيوش العربية في 15 مايو 1948، وقد تميَّزت هذه المرحلة الفرعية بالمد الصهيوني، وتمتع اليهود فيها بمزايا عامل المبادأة لمدة 44 يوماً حاولوا خلالها فرض التقسيم على العرب وتوسيع رقعة الأرض التى اختصتهم بها الأمم المتحدة واتخذ القتال فيها شكل العمليات الهجومية والإغارات، وجرت فيها أربع عشرة معركة، ركزت خمسٌ منها على فتح وتأمين الطرق، وثلاث للاستيلاء على موانئ فلسطين الرئيسية لتأمين استقبال المهاجرين والأسلحة والذخائر، واثنتان لتأمين الجليل وواحدة لحث الفلسطينيين على الفرار، وثلاث لأغراض متفرقة أخرى.
    وبنهاية المرحلة الفرعية الثانية كان اليهود قد حقَّقوا معظم أهدافهم وأصبحوا يسيطرون على 20% من مساحة فلسطين بعد أن كانوا يسيطرون على 3.3% من مساحتها، كما سيطروا على الموانئ الفلسطينية الرئيسية الثلاثة وفتحوا الطريق إلى القدس.

    3. المرحلة الفرعية الثالثة (15 مايو 1948 ـ 11 يونيه 1948)
    وقد بدأت هذه المرحلة الفرعية مع بدء الحرب المعلنة وتدخل الجيوش العربية في 15مايو 1948 وانتهت مع بداية الهدنة الأولى في 11 يونيه 1948، وتميزت هذه المرحلة الفرعية بالمد العربي على كافة الجبهات، واتَّسمت بتمتع العرب خلالها بمزايا عامل المبادأة لمدة 27 يوماً، حاول العرب فيها الحفاظ على عروبة فلسطين، واتخذ القتال فيها شكل العمليات والمعارك التقليدية بين القوات المتحاربة وجرت فيها تسع عشرة معركة انتهت بفرض مجلس الأمن الهدنة الأولى على أطراف الصراع.
    وبنهاية المرحلة الفرعية الثالثة كان العرب قد سيطروا على معظم رقعة الأرض التى اختصت بها الأمم المتحدة عرب فلسطين في قرار التقسيم.

    4. المرحلة الفرعية الرابعة (8 يوليه 1948 ـ 13 مارس 1949)
    وقد بدأت هذه المرحلة الفرعية في 8 يوليه 1948 فور انتهاء الهُدنة الأولى، وانتهت في 13 مارس 1949 عندما انتهت آخر العمليات الإسرائيلية في تلك الحرب، وتميَّزت هذه المرحلة الفرعية بالمد الإسرائيلي على كافة الجبهات العربية، واتَّسمت بتمتُّع الإسرائيليين بالمبادأة لمدة 51 يوماً غطت فترات القتال الأربعة في هذه المرحلة الفرعية، التى عمل الإسرائيليون خلالها على توسيع رقعة الأرض التى يسيطرون عليها، واتخذ القتال فيها شكل العمليات والمعارك التقليدية التى بلغ عددُها 34 عمليةً ومعركةً فصَلَت بينها أربع هُدنات فرضها مجلس الأمن وبلغت مُددها 224 يوماً.
    ونظراً لطول مدد تلك الهدنات، فإنها كانت بمثابة وقفات استراتيجية تغيَّرت خلالها مواقف طرفي الصراع تغيراً جذرياً نتيجة للجهود التى بذلها كلٌّ منهم لتغيير موازين القوى وتهيئة المسرح للعمليات القتالية التالية.
    وقد برز خلال هذه المرحلة الفرعية تكرار تدخل الوساطة الدولية بين طرفي الصراع ونجاح تلك الوساطة في إيقاف القتال بينهما دون استخدام قوات محايدة للفصل بين قواتها، مما كان يسمح بتجدُد القتال عند أول بادرة تسنح لأيٍ من الطرفين.
    وخلال هذه المرحلة الفرعية ظهر عجز جامعة الدول العربية وضعف التحالف الذي أقامته، وانكشاف أهداف أطرافه، وطغى على السطح المشاكل الداخلية لكل بلد وكل جيش عربي، كما ازدادت المشكلة الفلسطينية تعقيداً وتدهوراً بعد أن لعبت السياسة الدولية والمؤامرات الخارجية دوراً بارزاً في تقرير مسار الحرب ونتائجها.
    وعندما انتهت تلك الجولة من الصراع بتوقيع اتفاقيات الهدنة بين الدول العربية وإسرائيل كانت الأخيرة قد وسَّعت رقعتها على حساب دولة فلسطين العربية التى وُئدت قبل مولدها، وتفتت ما تبقى من أراضيها، فجزء ضمه الملك عبدالله إلى دولته والجزء الآخر وضعته مصر تحت إدارتها.

    وقد اتسمت مراحل الحرب السابقة بمجموعة من السمات العامة كان أبرزها ما يلي:
    أ. ضعف معلومات العرب ـ أحد طرفي الصراع ـ عن الطرف الآخر، بالرغم من طول المعايشة والجوار معه، وسوء تقديرهم لقدراته الظاهرة والكامنة.
    ب. ضعف الدعم العربي المالي والعسكري الذي قُدِم للمقاومة الفلسطينية قبل التدخل بالجيوش العربية مقارنة بالدعم الذي حصلت عليه المنظمات الصهيونية العسكرية.
    ج. اختلال موازين القوى بين أطراف الصراع في تناسب عكسيٍّ مع إمكاناتهم وتعدادهم البشري نتيجة لتعبئة الطرف الصهيوني كل إمكاناته البشرية والاقتصادية والمعنوية لهذا الصراع، على عكس الطرف العربي الذي لم يعبئ له إلا جزءاً يسيراً من إمكاناته وقدراته.
    د. امتلاك اليهود لنظرية قتال وأسلوب عمل مستمد من خبرة طويلة سابقة من عملهم ضمن قوات الحلفاء واللواء اليهودي في الحرب العالمية الثانية، بينما كان العرب يفتقرون إلى نظرية قتال أو أسلوب عمل متفق عليه، فضلاً عن اختلاف أهدافهم.
    هـ. الثقة العربية المفرطة بالنفس والتقليل من شأن العدو، بما صور لهم الأمر وكأنه مجرد حملة لردع العصابات الصهيونية، أو تأديبها.
    و. تكرار تدخل القيادات السياسية العربية في عمليات قواتها بعد أن حدَّدت لها أهدافاً غامضة، ثم عرقلت تحقيق هذه الأهداف بتكرار قبولها لوقف إطلاق النار، مما أضَّر بأوضاع قواتها المسلحة.
    ز. الافتقار للتعاون الاستراتيجي والتعبوي بين الجبهات العربية – وخاصة بعد الهدنة الأولى ـ مما سمح للقوات الإسرائيلية بالانفراد بكل من هذا الجبهات على حدة وإيقاع الهزيمة بها.

    يتبع ..................

     

     


     
    رد مع اقتباس

    إضافة رد

    مواقع النشر (المفضلة)

    الكلمات الدلالية (Tags)
    الجهاد, ثورات, فلسطين, ونكباته

    قرن من الجهاد - ثورات شعب فلسطين - ونكباته

    « الموضوع السابق | الموضوع التالي »

    الانتقال السريع

    المواضيع المتشابهه
    الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
    شعب أمريكا....أغبى شعب || مع احترامي لهم|| ايمان ايمان منقوووووووووووولات 22 1st July 2010 05:45 AM
    الجهاد: موقع "فلسطين الآن الحمساوي" يعمل على افتعال الفتن ALEXANDER فلسطين أرض الرباط 0 15th April 2010 04:52 PM
    النوبة.. قرن من المرارة (الحلقة الأولى) هاني مليجي شؤون مصر الداخلية 0 2nd February 2009 02:27 PM
    خــرائط جميع معــارك حرب فلسطين 1948 ... حتي لا ننسي أي شعب تمزق كيانه د. يحي الشاعر تاريخ مصر 0 22nd January 2009 08:04 PM

    Currency Calculator
    Your Information
    RSS RSS 2.0 XML MAP HTML


    Powered by vBulletin® Version 3.8.8
    .Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
    (جميع الأراء والمواضيع المنشورة تعبِّر عن رأي صاحبها وليس بالضرورة عن رأي إدارة منتديات المطاريد)
    SSL Certificate   DMCA.com Protection Status   Copyright  


    تنبيه هام

     يمنع منعاً باتاً نشر أى موضوعات أو مشاركات على صفحات منتديات المطاريد تحتوى على إنتهاك لحقوق الملكية الفكرية للآخرين أو نشر برامج محمية بحكم القانون ونرجو من الجميع التواصل مع إدارة المنتدى للتبليغ عن تلك الموضوعات والمشاركات إن وجدت من خلال البريد الالكترونى التالى [email protected] وسوف يتم حذف الموضوعات والمشاركات المخالفة تباعاً.

      كذلك تحذر إدارة المنتدى من أى تعاقدات مالية أو تجارية تتم بين الأعضاء وتخلى مسؤوليتها بالكامل من أى عواقب قد تنجم عنها وتنبه إلى عدم جواز نشر أى مواد تتضمن إعلانات تجارية أو الترويج لمواقع عربية أو أجنبية بدون الحصول على إذن مسبق من إدارة المنتدى كما ورد بقواعد المشاركة.

     إن مشرفي وإداريي منتديات المطاريد بالرغم من محاولتهم المستمرة منع جميع المخالفات إلا أنه ليس بوسعهم إستعراض جميع المشاركات المدرجة ولا يتحمل المنتدى أي مسؤولية قانونية عن محتوى تلك المشاركات وإن وجدت اى مخالفات يُرجى التواصل مع ادارة الموقع لإتخاذ اللازم إما بالتبليغ عن مشاركة مخالفة أو بالتراسل مع الإدارة عن طريق البريد الالكترونى التالى [email protected]