قرن من الجهاد - ثورات شعب فلسطين - ونكباته - الصفحة 3 - منتديات المطاريد
بسم الله الرحمن الرحيم
وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84) وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) "الزخرف"

منتديات المطاريد | الهجرة الى كندا | الهجرة الى استراليا

 


DeenOnDemand


BBC NEWS

    آخر 10 مشاركات

    Arabic Discussion Forum with a Special Interest in Travel and Immigration

    Immigration to Canada, Australia, and New Zealand

    Egypt and Middle East Politics, History and Economy

    Jobs in Saudi Arabia, USA, Canada, Australia, and New Zealand

    العودة   منتديات المطاريد > سياسة واقتصاد > فلسطين أرض الرباط

    فلسطين أرض الرباط    FREE PALESTINE

    فلسطين أرض الرباط

    قرن من الجهاد - ثورات شعب فلسطين - ونكباته


    الهجرة إلى كندا والولايات المتحدة واستراليا

    مواقع هامة وإعلانات نصية

    إضافة رد
     
    أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
    قديم 13th November 2009, 01:15 PM أسامة الكباريتي غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 21
    أسامة الكباريتي
    Field Marshal
     






    أسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond repute

    أسامة الكباريتي's Flag is: Palestinian

    افتراضي

    أنا : أسامة الكباريتي




    ثانياً: سمات مسرح عمليات الجولة العربية الإسرائيلية الأولى





    1. موقع مسرح العمليات

    يقع مسرح عمليات فلسطين في القسم الجنوبي من الساحل الشرقي للبحر المتوسط بين خطي طول 13 َ 34° و34 َ 35° شرقاً، وخطي عرض 30 َ 29° و19 َ 33° شمالاً، حيث تشترك فلسطين فى الحدود مع أربع دول عربية هي: لبنان وسورية في الشمال وشرق الأردن في الشرق ومصر في الجنوب الغربي، وقد جعل هذا الموقع من فلسطين على مدى التاريخ كله معبراً للغزاة والفاتحين، وحلبة للصراع البشري سواء بين القوى العظمي أو القوى الإقليمية والمحلية.


    2. السمات الطبوغرافية للمسرح
    لما كانت طبوغرافية الأرض هي التى تقرِّر ديناميكية المعارك التى تدور على ثراها فقد تأثرت ديناميكية جولة الصراع الأولى بين العرب وإسرائيل بتضاريس مسرح العمليات التى تنوعت طبيعتها بين المرتفعات والسهول والمستنقعات في الشمال والسهول والكثبان الرملية في الغرب، والصحارى والجبال في الجنوب والشرق.
    وتنقسم فلسطين من الناحية الطبوغرافية إلى أربع مناطق مميزة هي:

    · منطقة السهول الساحلية والداخلية.
    · منطقة المرتفعات الوسطى والشمالية.
    · غور الأردن.
    · منطقة النقب.

    أ. منطقة السهول الساحلية والداخلية
    وتشمل هذه المنطقة السهل الساحلي (الذي يتكون من سَهلَي فلستيا والشعرون في الجنوب وسهل عكا في الشمال)، ثم وادي جزريل (مرج بن عامر) الذي يربط عكا بكل من سهل الحولة في شمال شرقي فلسطين ووادي الأردن في شرقها، وتبلغ مساحة هذه السهول جميعها (عدا وادي الأردن) 4659 كم3.
    ويحف السهول السابقة غرباً ساحل البحر المتوسط الذي يفصله عنها سلسلة من الكثبان الرملية يتراوح عرضها ما بين بضع مئات وعدة عشرات من الأمتار، ولا يتجاوز أعلاها 45م فوق مستوى سطح البحر.
    وتمتد الأراضي الخصبة لهذه السهول لمسافة 20 – 25 كم شرق الكثبان الرملية وتتدرج في الارتفاع حتى تصبح هضبة منبسطة تكثر بها التعاريج والثنيات الأرضية، وتقطعها الوديان الصغيرة التى تكسوها المزروعات بين شهري أبريل ويونيه من كل عام.
    وتعتبر منطقة السهل الساحلي والهضبة الداخلية صالحة للعمليات الحربية، ولا يعوق تحركات الجيوش عبرها سوى مجرى نهر العوجاء الذي يصب في البحر شمال يافا بستة كيلو مترات، ونهر الحاضرة الذي يصب بين قيصرية والحاضرة، ونهر المقطع الذي يصب شمال حيفا بأربعة كيلو مترات، ثم لسان التل الممتد جنوب شرق جبل الكرمل ويفصل بين سهل صارونة ووادي جزريل ويشكل نهري العوجاء والأردن مجاري المياه المتدفقة طوال العام.


    ب. منطقة المرتفعات الوسطى والشمالية
    وتمتد هذه المنطقة شرق منطقة السهول وتشمل على هضبة ضيقة يبلغ ارتفاعها نحو 725 متراً يتخللها خمس سلاسل جبلية تمتد من الشمال للجنوب جملة مساحتها 6500 كيلو متراً، وهذه السلاسل هي:
    (1) مرتفعات الجليل وتشمل جبال الجليل الأعلى وأكثر قممها ارتفاعاً هي "جرمق" (1208م) قرب صفد، وتعد جبال الطور شمال وشرق الناصرة امتداداً لهذه السلسلة.

    (2) جبل الكرمل جنوب شرق حيفا.

    (3) جبال نابلس وأشهرها جبلا عيبال وجرريم التى تقع بينهما مدينة نابلس.

    (4) جبال القدس وأشهرها جبل الزيتون.

    (5) جبال الخليل التى تمتد نحو الجنوب حتى تتلاشى شمال شرق بئر السبع.

    ويقطع المنطقة الجبلية من الشرق إلى الغرب منخفضان يختلفان في طبيعة أرضهما اختلافاً بيِّناً هما وادي جزريل (الشهير بمرج ابن عامر) وسهل صارونة، ويمتد وادي جزريل من وادي الأردن ماراً ببيسان والعفولة حتى حيفا في شكل مثلث خصب التربة تبلغ مساحته 301 كم3، أما سهل صارونة فيمتد من تلال اليهودية والسامرة ثم يتجه في شبه قَوْس ماراً بحوض نهر العوجاء إلى البحر المتوسط.
    وتعتبر جبال الخليل والقدس مرتفعات ضيقة يبلغ متوسط ارتفاعها نحو 800 م، بينما تصل أعلى قممها إلى 1200 م، ويخرج منها كثير من الألسنة الجبلية العمودية عليها، والتى تنحدر بشكل عام نحو الشرق والغرب، وتقع بين هذه الألسنة عدة وديان عميقة تعرقل تقدم الجيوش في هذه المرتفعات من الشمال إلى الجنوب والعكس ـ وخاصة في وجه مقاومة منظمة ـ بينما يكون التقدم نحو الشرق أو الغرب أكثر يسراً نتيجة لطبيعة تضاريس هذه المرتفعات.

    ج. غور الأردن
    يمتد غور الأردن من بحيرة الحولة في الشمال إلى البحر الميت في الجنوب، وهو يمثل جزءاً من الأخدود الكبير الذي يمتد جنوباً حتى باب المندب ماراً بالبحر الميت ووادي عَرَبَة ثم خليج العقبة والبحر الأحمر، ويقف هذا الأخدود عقبة كئود في وجه أية تحركات عسكرية بين منطقة المرتفعات الوسطى التى تقع غربه وجبال معاب في شرقه، وتقدر مساحة الغور بنحو 1065 كم3.
    ويزداد الغور انخفاضاً عن سطح البحر كلما اتجهنا جنوباً، حيث يبلغ انخفاضه عن سطح البحر عند بحيرة الحولة نحو مترين ثم يزداد هذا الانخفاض حتى يبلغ خمسة وعشرين متراً عند بحيرة طبرية وثلاثمائة وتسعين متراً عند البحر الميت.
    ولا يُعَدّ نهر الأردن الذي يجري في هذا الغور مانعاً مائياً كبيراً في ذاته رغم سرعة تياره وانتشار المستنقعات حول شاطئيه، حيث لا يزيد عرضه عن 24 م في أوسع أجزاءه. إلا أن شدة انحدار المرتفعات التي تحد الغور من الشرق والغرب وانعدام المواصلات عبره وحرارته الشديدة وجوه الخانق يجعله مانعاً يعتد به يحد من التحركات العسكرية عبره، كما يمثل هذا الغور وكل من بحيرة طبرية والبحر الميت ووادي عربة الحدود الطبيعية التي تفصل فلسطين عن سورية وشرق الأردن.


    د. منطقة النقب
    تمتد منطقة النقب في شكل مُثلث مقلوب قاعدته خط المجدل/ الخليل ورأسه على خليج العقبة يحده من الشرق البحر الميت ثم الحدود الفلسطينية الأردنية ومن الغرب الحدود الفلسطينية المصرية، وتبلغ مساحة منطقة النقب 12576 كم3، أي نحو نصف مساحة فلسطين، ويعد النقب منطقة صحراوية تكثر بها التلال والكثبان الرملية وتبرز في وسطها سلسلة من المرتفعات الجبلية التي تمتد في اتجاه المنطقة الوسطى من الحدود الفلسطينية المصرية وجنوباً في اتجاه خليج العقبة، ويتراوح ارتفاع هذه السلسلة الجبلية بين ستمائة متر وألف ومائتي متر فوق سطح البحر.
    ويتدرج النصف الشمالي من النقب في الانخفاض في اتجاه الغرب حتى يتصل بالسهل الساحلي عند كنتور 150 م، بينما ينحدر في اتجاه الشرق نحو البحر الميت حتى يصل إلى كنتور صفر، ثم ينحدر بشكل حاد عند حافة البحر الميت إلى منسوب ثلاثمائة وتسعين متراً تحت سطح البحر. أما النصف الجنوبي من النقب فيتدرج في الانخفاض نحو الحدود المصرية عدا سلسلة المرتفعات والمنطقة الواقعة جنوبها فيتدرج في الارتفاع كلما اتجهنا غرباً حيث تبلغ أقصى ارتفاعها قرب الحدود المصرية (نحو 1200 م)، بينما تنحدر في اتجاه الشرق نحو وادي عربة حيث تزداد درجة الانحدار كلَّما اقتربنا من ذلك الوادي الذي يراوح منسوبه بين ثلاثمائة وخمسين متراً تحت سطح البحر جنوب البحر الميت ونحو عشرين متراً فوق سطح البحر بقرب نهاية خليج العقبة.
    وتصلح منطقة النقب للتحركات العسكرية من الشمال للجنوب في محورين محدَّدين الأول يمتد من الشمال إلى الجنوب محازياً لوادي عربة والثاني يمتد من الشمال إلى الجنوب مخترقاً وسط النقب وماراً ببئر السبع وسلسلة مرتفعات النقب ثم يسير محازياً الحد الأيمن لهذه المرتفعات حتى خليج العقبة. أما المحاور العرضية فهي أربعة وتقع كلها في النصف الشمالي من النقب، حيث يمر أولها من الخليل شرقاً في اتجاه بيت جبرين ثم أسدود علىساحل البحر المتوسط، يليه جنوباً ثلاثة محاور ترتكز على مدينة بئر السبع، هي بئر السبع ـ غزة، وبئر السبع ـ رفح، وبئر السبع ـ عسلوج ـ العوجة.


    3. الموانئ والمرافئ
    كانت فلسطين حتى نهاية الانتداب البريطاني فقيرة في الموانئ والمرافئ الطبيعية، فباستثناء ميناء حيفا في الشمال ويافا في الوسط لم يكن هناك سوى بضع جونات ومراسي قليلة الأهمية، ومنذ ذلك التاريخ انشئ ميناء أسدود عند مصب نهر المقطع (قيشون) وميناء إيلات عند قمة خليج العقبة.


    4. المطارات وأراضي الهبوط
    عند نهاية الانتداب البريطاني كان يوجد في فلسطين أربع قواعد جوية هي رامات دافيد في الشمال وعكير (تل نوف) وحاتسور (كاستينا) واللد في الوسط بالإضافة إلى عدد من المطارات الأقل شأناً هي مجدو وعين شيمر في الشمال وبتاح تكفاه وبيت دراس في الوسط فضلاً عن عدة أراض للهبوط تنتشر في شمال ووسط فلسطين ومنطقتي القدس والنقب.


    5. الطرق والسكك الحديدية
    خلَّف الانتداب البريطاني في فلسطين شبكة طرق عصرية، تمَّ إعداد أغلبها لخدمة التحركات العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية وتمتد معظم هذه الطرق من الشمال إلى الجنوب، بعض منها بحذاء البحر، وبعضها الآخر داخل البلاد، فضلاً عن عدد من الطرق العرضية التى تربط المنطقة الساحلية بالداخل كان أبرزها طريق غزة ـ بئر السبع، وتل أبيب ـ القدس، وحيفا ـ الناصرة ـ طبرية، أما السكك الحديدية التى خلفها الانتداب فكانت تربط حيفا برفح، وتل أبيب ويافا بالقدس.


    6. الاتجاهات التعبوية والتكتيكية

    تحدد تضاريس فلسطين والأراضي العربية المتاخمة لها الاتجاهات التعبوية والتكتيكية التي عملت عليها القوات المتصارعة فيهذا المسرح منذ فجر التاريخ، ففي الشمال يوجد اتجاهان تعبويان واتجاه تكتيكي أقل أهمية وسعة، ويمتد الاتجاهان التعبويان من الجليل الأسفل فيرتقي أحدهما هضبة الجولان عند جسر بنات يعقوب ويمتد شرق جبل الشيخ في اتجاه الشمال الشرقي إلى القنيطرة ودمشق، بينما يتجه الآخر شمالاً نحو سهل البقاع ماراً بين جبل الشيخ في الشرق وجبلا نيحا والباروك في الغرب، أما الاتجاه التكتيكي فيمتد بحذاء ساحل البحر المتوسط من عكا إلى صيدا وبيروت.

    كما يوجد في الشرق اتجاهان تعبويان آخران: الأول يمتد من حيفا في شكل قوس عبر وادي جزريل إلى جنوب بحيرة طبرية، ثم يعبر وادي الأردن ليصعد جبل جلعاد حتى إربد والثاني يمتد من يافا وتل أبيب في اتجاه الجنوب الشرقي حتى يبلغ القدس ويستمر شرقاً نحو أريحا، ثم يعبر وادي الأردن ليمتد حتى عمان.

    أما في الجنوب الغربي فيمتد ثلاثة اتجاهات تعبوية بين فلسطين وشبه جزيرة سيناء: الأول يمتد محاذياً لساحل البحر المتوسط من غزة إلى رفح والعريش ويستمر غرباً حتى قناة السويس عند القنطرة، والثاني يمتد من بئر السبع إلى العوجة ومنها إلى قناة السويس عبر الهضبة الداخلية حتى الإسماعيلية. أما الاتجاه التعبوي الثالث فيمتد من جنوب النقب عند وادي الجرافي في اتجاه الجنوب الغربي نحو الكونتلا ومنها إلى السويس عبر السفوح الشمالية لهضبة التيه.

    كما يمتد اتجاه تكتيكي محدود السعة بحذاء الساحل الغربي لخليج العقبة من رأس مثلث النقب شمالاً حتى شرم الشيخ ورأس محمد جنوباً، حيث يلتقي مع الاتجاه التكتيكي الآخر الممتد على الضفة الشرقية لخليج السويس ما بين السويس ورأس محمد.

    7. المناخ
    يتميز مسرح عمليات فلسطين بفصلين مناخيين رئيسيين، صيف حار مشمس وشتاء بارد ممطر، ويبدأ فصل الصيف عادة في شهر مايو ويستمر حتى شهر أكتوبر، ويكون الطقس فيه حاراً والهواء جافاً والسماء صافيةً، إلا أن المناطق الساحلية يكثر بها الضباب صباحاً والندى ليلاً، وتتراوح متوسط درجة الحرارة في فصل الصيف بين 18 و20°م في جبال القدس والجليل وبين 30 و 40°م في أقصى جنوب النقب، ويُعد البحر الميت ووادي عربة أشد مناطق فلسطين حرارة نظراً لوقوعها تحت سطح البحر، وتتعرض منطقة النقب لرياح الخماسين في أوائل فصل الصيف وقرب نهايته فترتفع درجة حرارة الجو وتكثر الرمال المثارة، وباستثناء فترات الضباب الصباحية والفترات التى تهب فيها رياح الخماسين فالطقس صالح للطيران وأعمال القتال الجوية طوال فصل الصيف.

    أما فصل الشتاء فيبدأ في فلسطين خلال شهر نوفمبر ويمتد حتى شهر أبريل حيث يستمر الطقس بارداً في مناطق السهول شديدة البرودة في مناطق المرتفعات، وتختلف شدة الأمطار خلال فصل الشتاء فتسقط غزيرة بين شهري نوفمبر وفبراير قليلة فيما عدا ذلك، وقد تنهمر السيول فجأة فتسبب الفيضانات التى تجرف التربة، وتتحول مساحات كبيرة من السهول إلى بحر من الطين تصعب فيه التحركات على غير الطرق المرصوفة، ويكسو الجليد مناطق الجليل الأعلى التى تعد أكثر مناطق المسرح الفلسطيني برداً وأكثرها مطراً، بينما يعتدل الطقس نسبياً وتقل الأمطار تدريجياً كلما اتجهنا جنوباً في السهل الساحلي ومنطقة النقب، وباستثناء الأيام التى تكثر بها السحب الرعدية وتهطل فيها الأمطار والثلوج، فالطقس صالح للطيران وأعمال القتال الجوية.

     

     



    التعديل الأخير تم بواسطة أسامة الكباريتي ; 13th November 2009 الساعة 01:32 PM
     
    رد مع اقتباس

    قديم 14th November 2009, 03:34 AM أسامة الكباريتي غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 22
    أسامة الكباريتي
    Field Marshal
     






    أسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond repute

    أسامة الكباريتي's Flag is: Palestinian

    افتراضي

    أنا : أسامة الكباريتي





    أرى في التفاصيل التي أوردها الأساسات التي بنيت عليها نكبة الأمة في فلسطين .. لهذا ألتمس العذر منكم في الإطالة ..
    ولسوف نعود بإذن الله لنضع تفاصيل وأخرى ومواقف تأريخية كانت لها أهميتها القصوى في تلك الحقبة التأريخية ..
    نحن هنا لا نعلق أوزار النكبة على شماعة بعينها ..
    بل نحاول تلمس طريقنا وسط ظلام دامس وتعتيم قاتل .. محاولات متعددة الأطراف لطمس الحقيقة .. والعودة باللائمة على الشعب الذي نُكِبَ وتبعثر على البسيطة .. ودمغه بالانهزامية والهرب والبيع وووووو.
    أرجو أن تأخذوني بروية وتأن وطول بال وسعة صدر حفظكم الله ورعاكم
    أسامة



    ثالثاً: تطور موقف الأمم المتحدة

    عندما أصدرت هيئة الأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين فإنها أوكلت تنفيذه إلى اللجنة الخماسية التى نص عليها ذلك القرار، وكان من المقرر أن تعمل هذه اللجنة بدعم من مجلس الأمن وتحت إشرافه.

    وبدأت اللجنة الخماسية أعمالها بدعوة كلٍّ من اللجنة العربية العليا لفلسطين والوكالة اليهودية وحكومة الانتداب لتعيين مندوبين عنهم لمساعدتها والتشاور معها، إلا أن اللجنة العربية العليا رفضت هذه الدعوة على أساس عدم اعترافها بشرعية قرار التقسيم، أما الوكالة اليهودية فقد أرسلت مندوبها وحرصت على التعاون مع اللجنة، كما أرسلت حكومة الانتداب مندوباً عنها، إلا أنها رفضت أن يكون لها دور إيجابي في تنفيذ قرار التقسيم امتداداً لسياستها السلبية تجاه ذلك القرار، وأصرت على رفض قيام اللجنة بمهمتها أو التعاون معها حتى موعد انتهاء انتدابها رسمياً في 15 مايو، بل إنها رفضت السماح للجنة بدخول فلسطين بدعوى خوفها على سلامتها.
    وإزاء رفض العرب والبريطانيين التعاون معها عجزت اللجنة الخماسية عن القيام بمهامها لترتيب نقل السلطة من حكومة الانتداب وإنشاء الميلشيات العربية واليهودية، بالإضافة إلى رسم الحدود والإعداد للإتحاد الاقتصادي للدولتين المقترحتين، وعلى ذلك بقيت اللجنة في نيويورك اكتفاءاً بإرسال مندوب عنها إلى فلسطين، كما تباطأ مجلس الأمن في تنفيذ التزاماته طبقاً لما جاء في قرار التقسيم، ولم يتناول قضية فلسطين بشكل جاد إلا في 24 فبراير عندما ناقش التقرير الأول للجنة الخماسية التى اتهمت فيه العرب بمحاولة تعديل قرار التقسيم باستخدام القوة، وطالبت المجلس بتزويدها بالمساعدة العسكرية للنهوض بمسؤولياتها ومنع إراقة الدماء فور جلاء القوات البريطانية عن فلسطين.

    وإزاء تفجر القتال بين اليهود والعرب وإعلان الأخيرين تصميمهم على مقاومة التقسيم بالقوة، وإصرار الحكومة البريطانية على رفض استخدام قواتها لفرض قرار التقسيم، أصبحت الإدارة الأمريكية أقل تمسكاً بذلك القرار الذي ظنت أنه يمكن تنفيذه دون اللجوء إلى استخدام القوة، وقد ساعد على هذا التحول في الموقف الأمريكي تزايد العداء العربي تجاه الولايات المتحدة الأمريكية لدورها في إصدار قرار التقسيم ودعمها الكامل للمطامع الصهيونية، وتخوف الإدارة الأمريكية من التهديدات العربية بالتدخل في تدفق البترول إلى الغرب في الوقت الذي تزايد فيه ضغط السوفيت في أوروبا والشرق الأوسط[1].

    وعندما اجتمع مجلس الأمن القومي الأمريكي في 17 فبراير 1948 لمناقشة الورقة التى قدمها جهاز التخطيط في وزارة الخارجية بشأن التخلي عن قرار التقسيم أوضح الجنرال "ألفريد جرونتر" أن فرض التقسيم يتطلب إرسال ما بين 80 ألف و 160 ألف جندي إلى فلسطين، وأن على الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الحالة أن تعلن التعبئة الجزئية، وهو ما لم تكن الإدارة الأمريكية مستعدة لتنفيذه.

    وهكذا نجحت وزارتا الدفاع والخارجية الأمريكية في التغلب مؤقتاً على الضغوط التى يواجهها الرئيس ترومان من المؤسسات الصهيونية والمشايعين لها من أعضاء الكونجرس ووسائل الإعلام الأمريكية، ومن ثَمَّ رفضت الولايات المتحدة الأمريكية استخدام القوة لفرض التقسيم وأوضح "وارين أوستن" ـ رئيس الوفد الأمريكي ـ يوم 24 فبراير في مجلس الأمن أن ميثاق الأمم المتحدة لا يمنح المجلس صلاحية فرض قرار التقسيم، واقترح أن يقوم ممثلو الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن بالاتفاق على ما يجب عمله بعد ذلك، وبالرغم من تصويت مجلس الأمن بالموافقة على اقتراح "أوستن"، إلا أن ممثلي الدول الخمس لم يتوصلوا إلى اتفاق جماعي بالرغم من تقديم ممثلي الولايات المتحدة الأمريكية والصين الوطنية وفرنسا مذكرة للمجلس أوضحوا فيها أنه لا يمكن تنفيذ التقسيم بطريقة سلمية.

    وعندما تبين للصهيونيين تآكل المساندة الأمريكية لقرار التقسيم، قاموا وأنصارهم بحملة ضغط شديدة على الإدارة الأمريكية ، وخلال أسبوع واحد من فبراير تلقت الخارجية الأمريكية 22 ألف برقية بشأن فلسطين، وخلال أسبوعين كان قد تم جمع 35 مليون دولار من يهود الولايات المتحدة الأمريكية لدعم مشروع الدولة اليهودية، في الوقت الذي اشتد فيه النقد للتحول الجديد في الموقف الأمريكي تجاه فلسطين، والذي وصفته جريدة "نيويورك تايمز" بأنه استسلام واضح أمام التهديد باستخدام القوة، كما وصفه بعض الأمريكيين بأنه "انتصار لسياسة النفط وتهدئة مُخزيَة للعرب".
    وبالرغم من الضغوط السابقة، فقد استمر تمسك الإدارة الأمريكية بموقفها الجديد من قرار التقسيم، وأعلن "أوستن" في 19 مارس أن مجلس الأمن لا يستطيع أن يفرض بالقوة مشروعاً لا يمكن تنفيذه بالطرق السلمية، وأن المجلس غير مستعد للمضي في جهوده الرامية إلى تنفيذ قرار التقسيم في ظل الظروف القائمة، مشيراً إلى أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة مجرد توصيات، ومن ثَمَّ اقترح رئيس الوفد الأمريكي قيام هدنة مؤقتة بين الجانبين العربي واليهودي، ووضع فلسطين تحت وصاية الأمم المتحدة إلى أن تُعقَد دورة خاصة ثانية للجمعية العامة بهدف إجراء مزيد من الدراسة لمستقبل فلسطين.
    وإزاء هذا الموقف كثَّفَت المنظمات الصهيونية جهودها وضغوطها على الرئيس الأمريكي نفسه، الذي سرعان ما أعلن في الخامس والعشرين من مارس أن مشروع الوصاية المقترح ليس بديلاً عن مشروع التقسيم، وإنما هو تدبير مؤقت لتنظيم الإدارة في فلسطين بعد انتهاء سلطة الانتداب البريطانية وجلاء قواتها عن تلك البلاد.
    وفي الثلاثين من مارس قدَّم "أوستن" في مجلس الأمن مشروع قرار يدعو زعماء العرب واليهود في فلسطين إلى إرسال مندوبين عنهم إلى مجلس الأمن لمناقشة قيام هدنة بين الجانبين كما يدعو الطرفين إلى التوقف فوراً عن أعمال العنف، كما كرر "أوستن" طلب الولايات المتحدة الأمريكية عقد دورة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة نظام الحكم الذي يجب إرساؤه في فلسطين بعد انتهاء الانتداب.

    وفي أول أبريل قرر مجلس الأمن ـ بناءاً على اقتراح أمريكي ـ دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة لعقد دورة خاصة تبحث فيها من جديد مستقبل الحكم في فلسطين، كما اتخذ المجلس في 17، 13 أبريل قرارين آخرين: الأول يدعو إلى وقف الاشتباكات وإقرار هدنة بين طرفي الصراع في فلسطين، والثاني يدعو إلى إنشاء لجنة هدنة تتكون من قناصل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبلجيكا في القدس لمراقبة أي هدنة يتفق عليها.

    قرار رقم 46 ( 1948 ) بتاريخ 17 نيسان ( إبريل ) 1948.

    الدعوة إلى وقف العمليات العسكرية في فلسطين

    إن مجلس الأمن،

    بعد أن نظر في قراره رقم 43 ( 1948 ) في 1 نيسان ( إبريل ) 1948، والأحاديث التي أجراها رئيسه مع ممثلي الوكالة اليهودية لفلسطين والهيئة العربية العليا لغرض ترتيب هدنة بين العرب واليهود في فلسطين،

    ونظراً إلى أنه، كما ورد في ذلك القرار، من الضرورة الملحة بمكان وضع حد فوراً لأعمال العنف في فلسطين، وإقامة الظروف الملائمة للسلام والنظام في ذلك البلد، ونظراً إلى أن حكومة المملكة المتحدة، ما دامت هي الدولة المنتدبة، مسؤولة عن صيانة السلام والنظام في فلسطين وعليها أن تستمر في اتخاذ جميع الخطوات الضرورية من أجل هذه الغاية، وأنها، في عملها هذا، يجب أن تحظى بتعاون وتأييد مجلس الأمن بصفة خاصة، وكذلك أعضاء الأمم المتحدة،

    1 - يدعو جميع الأشخاص والمنظمات في فلسطين، وخصوصاً الهيئة العربية العليا والوكالة اليهودية، إلى أن تتخذ حالاً، دون إجحاف بحقوقها ومطاليبها ومواقفها، وكمساهمة منها في المنفعة العامة والمصالح الدائمة لفلسطين، الإجراءات التالية:

    أ - إيقاف جميع الأعمال ذات الصبغة العسكرية أو شبه العسكرية، وكذلك أعمال العنف والإرهاب والتخريب،

    ب - الامتناع من إحضار ومساعدة وتشجيع وإدخال العصابات المسلحة والرجال المحاربين إلى فلسطين، جماعات كانوا أم أفراداً، مهما كان أصلهم،

    جـ - الامتناع من استيراد أو حيازة الأسلحة والمواد الحربية، ومن المساعدة أو التشجيع على استيرادها أو حيازتها،

    د - الامتناع، لحين مواصلة النظر في حكومة فلسطين المستقبلة من قبل الجمعية العامة، من أي نشاط سياسي قد يجحف بحقوق أو مطاليب أو موقف إحدى الطائفتين.


    قرار رقم 48 ( 1948 ) بتاريخ 23 نيسان ( أبريل ) 1948.
    إقامة لجنة الهدنة لفلسطين

    إن مجلس الأمن،

    إذ يشير إلى قراره رقم 46 ( 1948 ) في 17 نيسان ( أبريل ) 1948، الذي يدعو جميع الأطراف المعنية إلى الإذعان لشروط معينة من أجل إقامة هدنة في فلسطين،

    يقيم لجنة هدنة لفلسطين مؤلفة من ممثلين عن أعضاء مجلس الأمن الذين لهم قناصل متفرغون في القدس، ويلاحظ، مع ذلك، أن ممثل سورية أشار إلى أن حكومته ليست مستعدة للمساهمة في اللجنة. إن مهمة اللجنة ستكون مساعدة مجلس الأمن في الإشراف على تنفيذ القرار 46 ( 1948 ) من قبل الأطراف.

    يطلب من اللجنة أن تقدم تقريراً إلى رئيس مجلس الأمن خلال أربعة أيام بخصوص نشاطها وتطور الوضع، وبعد ذلك أن تبقي مجلس الأمن على علم دائم بمجريات هذين الأمرين.

    يحق للجنة ولأعضائها ومساعديهم ولموظفيها السفر مجتمعين أو منفردين حيثما ترى اللجنة في ذلك ضرورة للقيام بمهماتها.

    سيزود الأمين العام اللجنة بحاجتها من الموظفين والمساعدة كما تراه ضرورياً، آخذاً بعين الاعتبار الحالة الملحة الخاصة بالنسبة إلى فلسطين.

    تبنى المجلس هذا القرار، في جلسته رقم 287، بـ 8 أصوات
    مقابل لا شيء وامتناع 3 كالآتي:

    مـع القرار :

    الأرجنتين، بلجيكا، كندا، الصين، فرنسا، سورية، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة الأميركية.

    ضد القرار :

    -

    امتنــاع :

    كولومبيا، أوكرانيا، الاتحاد السوفياتي.



    وقد استقبل العرب الموقف الأمريكي الجديد بارتياح حذر، وأعلن مندوبو الدول العربية في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية استعدادهم لدراسة اقتراح الوصاية وقبول الهدنة في فلسطين، إلا أن اللجنة العربية العليا التى كانت أقل تقبلاً لفكرة الوصاية أبلغت مجلس الأمن أنه مادامت الهجرة اليهودية مستمرة، ومادام الصهاينة ماضيين في خططهم لإنشاء دولة يهودية، فإن عرب فلسطين لن يستطيعوا التوقف عن القتال.
    وعلى الجانب اليهودي أكدت الوكالة اليهودية رفضها لاقتراح الوصاية وطالبت الأمم المتحدة بتطبيق قرار التقسيم بالقوة إذا استدعي الأمر، كما أبدت استياءها من الموقف الأمريكي الجديد الذي اعتبرته خيانة لقضيتهم، في الوقت الذي تزايدت فيه حدة الدعاية والضغط الصهيوني داخل الولايات المتحدة الأمريكية لاستعادة التأييد الأمريكي لقرار التقسيم، واتهمت الوكالة بريطانيا بالتواطؤ مع العرب في جهودهم للتسلل من الدول المجاورة إلى فلسطين، أما بالنسبة للهدنة، فقد أبدت الوكالة استعدادها لقبولها إذا تمَّ سحب كل المتطوعين العرب الذين دخلوا ذلك البلد، ومُنعت التحرشات العربية في المستقبل وسُمِح باستمرار الهجرة اليهودية دون قيود ولم تؤخر هذه الهدنة تحقيق الاستقلال.

    وفي 17 أبريل كرَّر مجلس الأمن دعوته للعرب واليهود بإيقاف جميع الأعمال الحربية وشبه الحربية، وبعد خمسة أيام تشكلت لجنة للهدنة من قناصل كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبلجيكا وفرنسا في القدس.

    وفي 20 أبريل بدأت الدورة الثانية للأمم المتحدة مناقشة ورقة العمل الأمريكية التي اقترحت إنشاء وصاية مؤقتة تتولى فيها الأمم المتحدة سلطة الإدارة من خلال مجلس الوصاية وحاكم عام تُعيِّنه الأمم المتحدة مع السماح بهجرة خمسة آلاف يهودي شهرياً، وبالرغم من اعتراض العرب على بعض جوانب ورقة العمل الأمريكية فقد وجدوا أنفسهم مضطرين ـ إزاء ضيق الوقت المتبقي على انتهاء الانتداب ـ لأن يقبلوا مشروع الوصاية باعتباره الوسيلة العملية الوحيدة لوأد قرار التقسيم.
    وخلال مناقشة ورقة العمل الأمريكية أبدى العرب قدراً أكبر من المرونة، وأيدتها الدول التى ساندتها في رفض مشروع التقسيم منذ البداية، كما بدأت بعض الدول التي صوَّتت ـ على مَضضٍ ـ إلى جانب التقسيم في 29 نوفمبر 1947 تُعرب عن استيائها أو اعتراضها الجاد عليه ورأت بعض الدول ان التقسيم كان خطأ يجب تصحيحه.
    وفي الثالث والعشرين من أبريل أعلنت الهيئة العربية العُليا استعدادها المشروط للنظر في اقتراح الوصاية على أنه تدبير مؤقت فقط يرمي في النهاية إلى حل مقبول يرضى به العرب.
    وعلى ضوء المناقشات السابقة أُحيل مشروع الوصاية الأمريكي إلى اللجنة الأولى، كما تقَّرر تشكيل لجنة فرعية (اللجنة رقم 9) لبحث جميع الموضوعات المتعلقة بتأسيس نظام انتقالي في فلسطين يستند على نظام الوصاية المقترح، وانتهت اللجنة الأخيرة إلى الموافقة على تعديل مشروع الوصاية وإقراره، كما وافقت على دعم جهود مجلس الأمن من أجل التوصل إلى هدنة في فلسطين، وتكليف وسيط الأمم المتحدة، الذي سيختاره الأعضاء الدائمون بالتوصل إلى تسوية سلمية.

    وفي الوقت الذي كانت فيه اللجنة رقم (9) تبحث مشروع الوصاية، كثَّفت المنظمات الصهيونية ضغوطها لوأد ذلك المشروع والإبقاء على قرار التقسيم دون تعديل أو على الأقل تمييع الموقف في المنظمة الدولية حتى انتهاء الانتداب في 15 مايو.
    وقبل بضعة أيام من ذلك اليوم الموعود، صرح حاييم وايزمان قائلاً: "لقد تمكنت من توطيد علاقتنا بأصدقائنا في واشنطن، وتأكدت انه سيتم الاعتراف بالدولة اليهودية في اللحظة التى يعلن فيها عن إنشاءها".

    ومع اقتراب الانتداب البريطاني من نهايته بدأت جهود الضغط والإغراء الصهيوني تؤتي ثمارها مرة أخرى[2]، فقد تخلت الولايات المتحدة الأمريكية عن مشروع الوصاية في الوقت الذي فقدت فيه معظم الدول في الجمعية العامة حماسها لذلك المشروع، خاصةً وأن الحكومة الأمريكية لم تُبد أي استعداد للمشاركة في تنفيذه، وعلى ذلك لم يكن غريباً أن يفشل مشروع الوصاية في الحصول على أغلبية الثلثين اللازمة لإجازته عند التصويت عليه في الجمعية العامة يوم 14 مايو.

    ولم تنتظر الوكالة اليهودية انتهاء الانتداب البريطاني في الساعة الثانية عشرة من مساء ذلك اليوم، فقد بادرت بعقد اجتماع للمجلس الوطني اليهودي الذي أُعلن في الساعة الرابعة من بعد ظهر 14 مايو قيام الدولة اليهودية في فلسطين باسم "إسرائيل"[3].

    انظر: (اُنظر ملحق تقريري القائمقام حافظ بكري عن اجتماعات رؤساء أركان حرب الجيوش العربية (1 و10 مايو 1948))
    https://www.moqatel.com/openshare/Beh...44.doc_cvt.htm


    وفي الساعة الخامسة من مساء نفس اليوم (بتوقيت نيويورك والحادية عشرة بتوقيت فلسطين) – قبل ساعة واحدة من انتهاء الانتداب البريطاني على ذلك البلد – اجتمعت الجمعية العامة لمناقشة مشروع قرار أمريكي مُعدل كانت اللجنة الأولى قد أجازته على عجل في ذلك اليوم لتدارك الموقف بعد رفض مشروع الوصاية، وقد تضمَّن ذلك المشروع ما يلي:

    1. اختيار الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وسيطاً يمثل الأمم المتحدة.

    2. استخدام وسيط الأمم المتحدة مساعيه الحميدة مع السلطات والأطراف المختلفة في فلسطين لترتيب إدارة المرافق العامة الحيوية، وضمان حماية الأماكن المقدسة والعمل على التسوية السلمية للموقف في تلك البلاد.

    3. انهاء مهمة اللجنة الخاصة بفلسطين.

    4. تعاون كل من الحكومات والمنظمات على تنفيذ قرارات مجلس الأمن.

    وبينما كانت الجمعية العامة تناقش مشروع القرار السابق، أعلن في الساعة السادسة مساءً (بتوقيت نيويورك و 12 مساءً بتوقيت فلسطين) نبأ نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين وبعد ذلك بدقيقةٍ واحدةٍ كان الرئيس ترومان يعلن اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالدولة اليهودية الجديدة، دون التشاور مع وزارة الخارجية الأمريكية.


    وقد أثار هذا الانقلاب المفاجئ في الموقف الأمريكي لدى العرب من المرارة ضد الولايات المتحدة الأمريكية ما لم يحدث في أي وقت مضى، فقد أحس العرب أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمدت خداع الجميع حتى ينتهي الانتداب قبل أن توافق الجمعية العامة على أي قرار مضاد للتقسيم.

    وبينما كان "السير آلن كننجهام" ـ المندوب السامي البريطاني ـ يغادر ميناء حيفا طاوياً آخر عهود الانتداب البريطاني في المشرق العربي كانت الأطراف العربية واليهودية تعد نفسها لجولة جديدة من الصراع الدامي.


    أما الجمعية العامة للأمم المتحدة فقد وافقت – بعد فوات الأوان – على مشروع القرار الأمريكي الذي قدمته اللجنة الأولى وكان يدعو إلى اختيار وسيط دولي. وجاءت نتيجة التصويت 31 صوتاً مقابل 7 أصوات وامتناع 16 صوتاً.


    رابعاً: تطور الموقف الصهيوني في فلسطين


    لتحقيق النصر على العرب وفرض الدولة اليهودية عليهم لخص بين جوريون الإجراءات الواجب عملها فيما يلي:


    · التعبئة الشاملة للقوة البشرية اليهودية للعمل العسكري والاقتصادي بأفضل الطرق الممكنة مع إعطاء الأسبقية لاعتبارات الأمن.


    · الإعداد لإنتاج وشراء المعدات والمهمات اللازمة للعمل العسكري في البر والبحر والجو وفقاً للتحضيرات التي تمت والتي لا تزال تجرى.


    · عمل الإجراءات اللازمة لمعالجة النواحي المالية والصناعية والزراعية والصادرات والواردات، وتوزيع المواد الغذائية والمواد الخام، بحيث تعمل على دعم القوة العسكرية اليهودية دون الإضرار بالمجتمع اليهودي في فلسطين (الييشوف).


    · الإعداد لوراثة حكومة الانتداب بتشكيل هيئة مركزية واحدة تمارس سلطاتها على شؤون الدفاع والصناعة والزراعة والتمويل والحكومة، على أن تتلقى هذه الهيئة الدعم الكامل من الحركة الصهيونية والشعب اليهودي في الشتات.


    · التحول إلى الهجوم على طول الجبهة في الوقت المناسب، مع عدم قصر العمليات الهجومية داخل حدود الدولة اليهودية أو في فلسطين فحسب بل يجب مهاجمة العدو حيثما وُجد.
    وقد مثلت الإجراءات السابقة برنامج العمل الذي سارت عليه الوكالة اليهودية والمؤسسات الصهيونية واليهودية المختلفة داخل فلسطين وخارجها لتأمين قيام الدولة اليهودية في الوقت المحدد لها.



    1. التعبئة اليهودية للقوى البشرية


    أ. تعبئة القوة البشرية اليهودية داخل فلسطين

    على ضوء الإحصاء الذي أجرته الوكالة اليهودية في نهاية عام 1947 لوضع خطة التعبئة كان هناك 185 ألف من الذكور يمكن أن يشكلوا وعاء القوة البشرية للمجهود الحربي (97 ألف رجل تراوح أعمارهم بين 18، 35 عاماً و 78 ألف آخرين تراوح أعمارهم بين 36 و 50 عاماً، بالإضافة إلى 9500 شاب تراوح أعمارهم بين 16، 17 عاماً)، أما بالنسبة للنساء فقد كان هناك 41 ألف امرأة تراوح أعمارهم بين سن 18 و 25 عاماً بالإضافة إلى 9 آلاف فتاة.

    وعلى ذلك كان وعاء التعبئة البشرية يسمح بدعم الهجناه بأعداد كافية لصد أي هجوم عربي محتمل، ومن ثم أصدر مركز الإحصاء للخدمة الشعبية في اليوم التالي لصدور قرار التقسيم أول أمر لتعبئة الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و 25 عاماً ولم يتم تأهيلهم بعد، حتى يجرى تجنيدهم وتدريبهم، ونظراً لأن المتقدمين خلال شهر ديسمبر 1847 ويناير 1948 لم يزد عددهم عن 23212 فرد، فقد أصدر مركز الإحصاء أمره الثاني في 18 فبراير 1948 يستدعي فيه الرجال غير المتزوجين والذين ليس لهم أولاد حتى سن 35 عاماً، وفي نهاية فبراير أعلنت التعبئة العامة.

    وكان قد تم قبل ذلك استدعاء فئات معينة عديدة من بينها الضباط والرقباء، والذين خدموا في الجيش البريطاني وجيوش أخرى في أثناء الحرب العالمية الثانية (تقدر أعدادهم بنحو 5500 شخص)، والممرضات من جميع الأعمار (2000 ممرضة). ووصل عدد الذين تقدموا للخدمة حتى 15 مارس 1948 إلى 52000 رجل وامرأة. إلا أن إجراءات الرقابة ومناخ الحرب في ربيع عام 1948 رفعت أعداد المعبئين حتى منتصف أبريل إلى 82500 فرد، وعندما أعلن التجنيد لوحدات المعاونة النسائية في 29 أبريل ارتفعت الأعداد السابقة إلى 94500 رجل وامرأة، وفي 20 يونيه ارتفع سن التجنيد حتى سن 41 عاماً، مما أضاف أعداداً جديدة إلى الفئات السابقة.
    أما في المستعمرات العمالية (الكيبوتزات) فقد جرت التعبئة وفقاً لأسلوب خاص تعود جذوره إلى الحرب العالمية الثانية، حيث حُددت نسبة 7% من العاملين في المستعمرات لأداء الخدمة بصورة كاملة، أما مستعمرات الحدود فقد أُعفيت من الخدمة الإجبارية، على اعتبار أن وجود المستوطنين في هذه المستعمرات أحد عوامل الأمن الرئيسية، كما أُعفى من الخدمة الإجبارية كل المستعمرات الزراعية التي لا يتجاوز عدد العاملين فيها 25 رجلاً ومن ضمنها كل مستعمرات النقب كما أُعفى من نفس الخدمة الأعضاء الذين يعملون في مستعمرات الموشاف. وقد جُند عملياً من المستعمرات للخدمة الكاملة 1987 فرد حتى نهاية مايو 1948.


    كما أضافت عمليات الهجرة الشرعية وغير الشرعية التي تمت خلال شتاء وربيع عام 1948 دعماً جديداً للقوة البشرية اليهودية في فلسطين، وخلال تلك الفترة تراجعت الدوافع الإنسانية عند اختيار المهاجرين الذين سيتم ترحيلهم لتفسح المجال لجلب الشباب اللائقين للحرب، وكانت التعليمات التي أُعطيت لرجال مؤسسة الهجرة في تلك الفترة، هى أن يرسلوا على ظهر سفن الهجرة غير الشرعية ـ على قدر ما يستطيعون ـ شباباً مستعداً للانضمام إلى قوات الهجناه المحاربة فور نزولهم من تلك السفن، وخلال الشهور الخمسة الأولى من عام 1948 وصل إلى فلسطين أكثر من ستة آلاف فرد عن طريق الهجرة غير الشرعية ممن تنطبق عليهم المواصفات المطلوبة.


    ب. التجنيد من خارج فلسطين (غاحل)
    في أوائل عام 1948 تقدمت مؤسسة الهجرة إلى قيادة الهجناه في أوروبا باقتراح القيام بعمل مشترك من أجل تجنيد الشباب لحمل السلاح وبناء الاقتصاد اليهودي، وكان على الهجناه أن تجند هؤلاء الشباب وتدربهم على أن تقوم مؤسسة الهجرة بنقلهم إلى فلسطين، وفي فبراير من نفس العام دُعيت مؤسسة الهجرة والهجناه إلى مؤتمر طارئ في "براغ" شارك فيه ممثلون عن حركات الشبيبة اليهودية في أوروبا، وعلى أثر هذا المؤتمر تم إنشاء مركز جديد لتنظيم عملية التجنيد.

    وفي نهاية فبراير أصدرت الوكالة اليهودية أمراً صريحاً إلى قيادة الهجناه في أوروبا بالعمل خلال الأشهر الخمسة التالية على تدريب أقصى عدد من الشباب اليهودي وتشكيلهم في فصائل مع قادتهم تمهيداً لترحيلهم إلى فلسطين، وكانت الأوامر التي تلقتها قيادة الهجناه في أوروبا صريحة "بأن يأخذوا الأشخاص الملائمين مع الجهازين الآخرين (مؤسسة الهجرة ومؤسسة الهروب) بلا رحمة، فالأمن الآن أصبح قبل كل شيء".


    وبناءاً على الأمر السابق قامت قيادة الهجناه في أوروبا بتنظيم عملية التجنيد والتدريب بمساعدة القوى المحلية، وشكلت لجان تجنيد في معظم دول أوروبا وأمريكا اللاتينية وشمال أفريقيا، ولم تكن مهمة هذه اللجان تنظيم التجنيد فحسب، وإنما أيضاً الجباية المالية لتمويل العملية، وأنشأت قاعدتان لتجهيز المجندين: الأولى في منطقة مرسيليا جنوب فرنسا والثانية في إيطاليا، كما كانت فرنسا بمثابة قاعدة لتجميع وفرز المجندين القادمين من معسكرات ألمانيا وشمال أفريقيا وإنجلترا وأمريكا في ثماني معسكرات كان أكبرها في مرسيليا يستوعب ألف فرد في الدفعة الواحدة.


    وعندما بدأ العمل المنتظم في منتصف مارس 1948 كانت لجان التجنيد تُولي اهتماماً خاصاً للخبراء (مثل الضباط والطيارين وأطقم الدبابات والمدفعية ورجال البحرية والكوماندوز والفنيين في مجالات اللاسلكي والطيران والبحرية والأطباء والممرضات، حيث كان يتم فرزهم عن باقي المجندين وإرسالهم إلى فلسطين بأسرع ما يمكن، أما باقي المجندين فقد كان يتم تدريبهم لمدة ثلاثة أو أربعة أسابيع ثم يحولون إلى معسكرات انتقالية لانتظار دورهم في الترحيل إلى فلسطين. وحتى 15 مايو 1948 كانت حركة التجنيد خارج فلسطين قد دعمت القوة البشرية العسكرية اليهودية بعشرين ألف مجند، كان منهم عدة آلاف من الضباط والطيارين ورجال البحرية والفنيين في المجالات العسكرية المختلفة، الذين اكتسبوا خبرات الحرب العالمية الثانية.


    ج. المتطوعون من خارج فلسطين (ماحل)

    على التوازي من الجهود السابقة للتجنيد الإجباري لليهود داخل فلسطين وخارجها، بُذلت جهود ماثلة لتجنيد المتطوعين من المحترفين اليهود وغير اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وجنوب أفريقيا لتغطية النقص في بعض الكوادر والتخصصات العسكرية المختلفة، فمع بداية عام 1948 أُنشئ في الولايات المتحدة الأمريكية مكتب لتجنيد المتطوعين باسم Land and labor for Palestine. وقد وصل إلى فلسطين عن طريق هذا المكتب 1500 متطوع من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، وفي ربيع عام 1948 جرت عملية خاصة لتجنيد المتطوعين اللازمين للسلاح الجوي التابع للهجناه ممن خدموا في السلاح الجوي الأمريكي خلال سنوات الحرب العالمية الثانية، وتمت هذه العملية بالتوازي مع عمليات شراء الأسلحة من الولايات المتحدة الأمريكية.


    وقد ظهر من تحقيق قامت به المخابرات العسكرية الأمريكية في مايو 1948، أن العقيد "أليوت نلز" ـ أخو "دافيد نلز" مساعد الرئيس ترومان ومن أكثر الناس نفوذاً في البيت الأبيض ـ قام ومعه شخص آخر يعمل في مكتب حفظ سجلات الضباط، بتصوير ستة وستين سجلاً من سجلات الضباط الصالحين للعمل لحساب الهجناه وأرسلاها إلى فلسطين، واعتبرت هذه السجلات مع ملفات سرية جداً أخرى، الأساس الذي اعتمدت عليه قيادة الهجناة في اختياراتها للضباط الذين تم تجنيدهم أو التعاقد معهم.


    وكانت العروض المالية التي قُدمت للطيارين الذين سيذهبون إلى فلسطين أعلى مما كان الطيارون يتقاضونه في القوات الأمريكية آنذاك حتى يمكن إغراؤهم بالسفر، مع قيام المنظمات الصهيونية بالولايات المتحدة الأمريكية بتذليل أي مصاعب تعوق سفرهم إلى فلسطين حتى لو كانوا لا يزالون بالخدمة.
    وتمت عمليات تجنيد مماثلة في جنوب أفريقيا للخدمة في القوات الجوية، وطبقاً لرواية سلوتسكي: "وصل المتطوعون الأوائل في أبريل 1948 وكان عددهم أحد عشر طيـاراً".
    وقد غطت عمليات تجنيد المرتزقة والمتطوعين كلاً من كندا وبريطانيا وفرنسا وهولندا، والدول الإسكندنافية ودول أمريكا اللاتينية، وقد تزايد عدد المتطوعين حتى نهاية الحرب فوصل إلى ثماني مائة شخص في القوة الجوية. وقدر الأخوان كمش عدد الطيارين فيهم بمائة ستة وخمسين طياراً. وكان باقي هؤلاء المتطوعين والمرتزقة من الملاحين وعمال اللاسلكي والتسليح، والمهندسين. "وكانت خبرة هؤلاء المتطوعين أوسع كثيراً من خبرة زملائهم في أرض إسرائيل".

    وبلغ جملة المتطوعين المحترفين الذين تم تجنيدهم خلال مراحل الحرب المختلفة نحو ثلاثة آلاف من الضباط والطيارين ورجال البحرية والفنيين والأخصائيين والأطباء. وقد شكل هؤلاء المتطوعون ما يقرب من 75% من طياري السلاح الجوي الإسرائيلي في ذروة أيام الحرب في خريف عام 1948، وما يقرب من 30% من رجال السلاح البحري و 20% من أطباء جهاز الخدمات الطبية.



    2. تصنيع وشراء المعدات والأسلحة والذخائر


    أ. تصنيع الأسلحة والذخائر

    عندما اندلع القتال بين العرب واليهود في أعقاب قرار التقسيم كانت الصناعة العسكرية اليهودية تمر بمرحلة انتقال إلى وضع صناعي أكثر تقدماً ـ بعد النجاح الذي حققه بن جوريون في توفير معدات صنع الأسلحة خلال جولاته في الولايات المتحدة الأمريكية في صيف عام 1946 ـ في الوقت الذي كان عليها أن تمد قوات الهجناه بالعديد من الأسلحة والذخائر التي كانت في أمس الحاجة إليها، والتي لم يتم شراؤها اعتماداً على قدرة الصناعة العسكرية اليهودية على تصنيعها، مثل مدافع وقذائف الهاون والقنابل اليدوية وذخائر الأسلحة الصغيرة، وعلى ذلك بُذلت جهود كبيرة للتغلب على ذلك القصور بعمليات التصنيع المحلي.

    ومع بداية استخدام طائرات السلاح الجوي الصغيرة التي تم الحصول عليها من المخلفات البريطانية قبل نهاية الانتداب، ظهرت الحاجة إلى قنابل طائرات صغيرة تناسب تلك الطائرات. وبُدئ بتصنيع قنابل طائرات مرتجلة تسلم السلاح الجوي أول دفعة منها في أبريل 1948، وحتى وصول طائرات القتال والقاذفات وقنابلها بعد انتهاء الانتداب كان قد تم تصنيع 700 قنبلة محلية.

    إلا أن الإنتاج الغزير الذي تدفق على قوات الهجناه كان في الرشاشات الخفيفة، والتي بلغ ما تسلمته القوات اليهودية منها حتى مايو 1948 نحو 10404 رشاشاً. وقد بلغ إنتاج ذخائر هذا السلاح آنذاك نحو 400 ألف طلقة شهرياً، وخلال الفترة من أكتوبر 1947 حتى مايو 1948 كان قد تم إنتاج أكثر من مليوني طلقة. كما بلغ إنتاج القنابل اليدوية في نفس الفترة 77 ألف قنبلة، أما مدافع الهاون فقد أُنتج منها 31 مدفعاً خلال شهري أبريل ومايو بالإضافة إلى ما يزيد على 130500 قذيفة عيار 3 بوصة خلال الشهور الستة السابقة على تدخل الجيوش العربية. وقبل أن تغادر آخر القوات البريطانية أرض فلسطين في ربيـع عام 1948 كان هناك عشرة مصانع حربية حديثة تنتج الأسلحة والذخائر للقوات اليهودية.

    ولم تقتصر صناعة الأسلحة وذخائرها على المصانع الحربية اليهودية فقد كُلفت بعض المصانع المدنية بصناعة بعض الأسلحة المضادة للدبابات مثل "البيات" والذي انتج منه 648 قطعة حتى نهاية مايو 1948، والألغام بكافة أنواعها والتي بلغ ما أُنتج منها خلال ربيع عام 1948 ما يقرب من 30 ألف لغم ضد الأفراد و2570 لغم ضد المركبات.


    ب. شراء الأسلحة والطائرات
    على ضوء التقدير المبكر لتدخل الجيوش العربية لوأد الدولة اليهودية عند إعلانها، كان على القيادة الصهيونية أن تعد لهذا الأمر عدته بتوفير السلاح على نطاق واسع على نحو ما سلف. إلا أن مشتريات الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية لم تتوقف عند الكميات والأنواع التي سبقت الإشارة إليها وخاصة بالنسبة لاحتياجات السلاح الجوي، فطبقاً لرواية "كاجان"[1]، فإنه بُذلت جهود مكثفة للحصول على الطائرات من كل أرجاء العالم، إلا أن الجهود الناجحة تركزت في النهاية في أربعة مصادر رئيسية هى، جنوب أفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، ثم تشيكوسلوفاكيا.

    (اُنظر مذكرة الأدميرال ر.هـ. هيلنكوتر إلى الرئيس هاري ترومان (12 أبريل 1948 في الأسفل))

    ففي جنوب أفريقيا نجحت جهود الوكالة اليهودية في الحصول على ثلاث طائرت من طراز " داكوتا C-47 " من شركة " يونيفرسال للخطوط الجوية " في أواخر عام 1947، كما قدم لها المليونير الهولندي "فان لير" ثلاث طائرات أخرى، فضلاً عن طائرتين أحضرها "بوريس سينور". كما تم شراء بعض الطائرات الأخرى من مخلفات الحرب، وقد استخدمت هذه الطائرات في أعمال النقل وقذف القنابل.

    وفي الولايات المتحدة الأمريكية، نجح مندوبو الوكالة اليهودية في شراء عشر طائرات من نوع "كوماندو C-46"[2]، وثلاث طائرات من نوع "كونستليشن L-049" خلال شهر مارس 1948، وطائرتان من نوع "سكاي ماستر C-54" في مايو 1948، استخدمت في نقل الأسلحة والطائرات المقاتلة من تشيكوسلوفاكيا، فضلاً عن قذف القنابل.

    بينما نجح أحد مندوبي الوكالة اليهودية في شراء عشرين طائرة من نوع "نورسمان C-64A" للنقل الخفيف من المخلفات الأمريكية في ألمانيا في شهر أبريل، تحت ستار شركة بلجيكية وهمية وقادها طيارون مجندون في الخارج إلى هولندا حيث تم إصلاحها، ووصلت أولى ثلاث منها إلى تل أبيب في الثاني من مايو وهى محملة بالأسلحة، بينما وصلت 14 طائرة فيما بعد إلى إسرائيل.

    ويضيف "روبنشتاين" و"جولدمان"، أنه تم تزويد القوة الجوية الإسرائيلية بعشرين طائرة خفيفة (للاستطلاع والمواصلات) من نوع "بيبركب Piper Cup" وصلت إلى إسرائيل مبكراً في أوائل الصيف رغم الحظر الأمريكي، ودخلت في الخدمة فور وصولها[3].

    أما في بريطانيا، فقد قام أحد عملاء الوكالة اليهودية بشراء أربع طائرات من نوع "أنسن M Ansonl 652" القاذفة في أوائل عام 1948.

    وكانت الطائرات المقاتلة من نصيب تشيكوسلوفاكيا، فقد أثمرت الاتصالات السياسية مع الحكومة التشيكية علاقة خاصة، باركها الاتحاد السوفيتي، وكانت نتيجتها توفير احتياجات القوة الجوية الإسرائيلية من الطائرات المقاتلة والأسلحة، حيث عُقدت عدة صفقات كان أبرزها قبل 15 مايو 1948، صفقتي طائرات من نوع "مسر شميث" المصنعة في تشيكوسلوفاكيا تحت اسم "أفيا اس 199" "Avia S 199"، الأولى في شهر أبريل وقوامها عشر طائرات، والثانية في أعقابها وقوامها خمس عشرة طائرة.

    وعلى حد قول "زئيف شيف"، "لقد تمادت تشيكوسلوفاكيا في تقديم العون ووافقت على إقامة قاعدة إسرائيلية فوق أراضيها، وأقيمت القاعدة بالقرب من بلدة "جاتتش" واشتملت على مطار، وأطلق على القاعدة في البداية اسم "زيبرا" وبعد ذلك أطلق عليها اسم "عتصيون"، وعُين يهودا بريفر "قائداً لها وأديرت القاعدة طبقاً للنظم العسكرية. وقد استخدمت هذه القاعدة لتجميع الأسلحة والعتاد والطائرات، سواء المشتراة من أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية، وعمل التجهيزات الفنية لها ثم إرسالها إلى فلسطين بعد ذلك.

    وباستثناء طائرات النقل التي كانت تقوم بتهريب الأسلحة من الخارج إلى داخل الأراضي الفلسطينية التي كانت تسيطر عليها القوات اليهودية، وطائرات النورسمان التي وصلت إلى فلسطين قبل 15 مايو 1948 وطائرات الأوستر العشرين التي تم شراؤها من المخلفات البريطانية في فلسطين، فقد ظلت باقي الطائرات المشتراة من الخارج في مناطق تجميعها في أوروبا، انتظاراً لساعة الصفر عند انتهاء الانتداب.




    مذكرة سرية


    الأدميرال ر.هـ. هيلنكوتر


    إلى الرئيس هاري ترمان


    (12 أبريل 1948)


    وكالة المخابرات المركزية
    واشنطن 25 د.س
    12 أبريل 1948

    مذكرة إلى: الرئيس،
    وزير الخارجية،
    وزير الدفاع،
    الموضوع: عمليات النقل الجوي السرية في أوروبا.

    تتزايد عمليات النقل السرية للذخائر بواسطة الطائرات إلى مناطق أجنبية شديدة الحساسية، مثل شمال إيطاليا وفلسطين، كما أن الطائرات التي تعود ملكيتها للولايات المتحدة والطواقم الأمريكية، تشارك بشكل مباشر في هذه النشاطات، ويبدو أنه لا تتم ممارسة أية ضوابط أمريكية فعالة خارج الولايات المتحدة لمنع هذه العمليات.

    تشتمل أمثلة العمليات السرية على ما يلي:
    (أ) هبطت طائرة نقل من طراز C-46 تعود ملكيتها لشركة طيران أمريكية غير ُمجَدوَلَة في جنيف يوم 11 آذار (مارس)، حيث لوحظ أن محتوياتها تشتمل على أسلحة صغيرة، ثم رحلت الطائرة في اليوم ذاته متوجهة إلى روما، إلا أنه تم الإبلاغ أنها وُجدت فارغة تماماً وقد تركها طاقمها في أحد المطارات بالقرب من "بيروجيا" في إيطاليا. وكانت وزارة الخارجية قد رخصت لتلك الطائرة بالطيران إلى إيطاليا، حيث زُعِمَ أنها حُولت لاستخدام الركاب المدنيين.

    (ب) هبطت طائرة نقل أمريكية من طراز C-54 مجهزة بأربعة محركات، في مطار براغ يوم 31 شهر آذار (مارس)، وقامت الشرطة السرية على الفور بتطويق الطائرة وحملتها بعدد من الصناديق الثقيلة جداً، وأقلعت الطائرة دون حصولها على الترخيص المطلوب، وقام كبير ضباط الشرطة السرية بفرض سلطانه على مسؤولي المطار التشيكي، وأبلغهم أن رحلة الطائرة كانت عملية حكومية، وعندما عادت الطائرة إلى براغ في اليوم التالي حاول الطاقم الأمريكي تجنب التحقيق إلا أنه في النهاية اعترف بأنه نقل شحنة من المعدات والأدوات الطبية إلى إحدى القرى الصغيرة في فلسطين، وعلاوة على ذلك، فقد أكد الطاقم أن مالك الطائرة لم يكن يعلم بالعملية.
    (ج) طلبت شركة الطيران التشيكية CSA من مكتب الحاكم العسكري الأمريكي في ألمانيا في أوائل شهر آذار (مارس) ترخيص لتشغيل رحلتين جويتين أسبوعياً لمدة ستة أسابيع كاملة إلى إيطاليا ـ عن طريق "ميونخ" و"انسبروك" ـ من أجل نقل الخشب المقطوع، وكانت الطائرة ستهبط في مطار يقع على الساحل الإيطالي بين جنوا والحدود الفرنسية. (لا يوجد في هذا المطار أي مسؤول عن الجمارك الإيطالية، كما أن الموقع يسمح نقل حمولة الطائرات إلى السفن ليتم شحنها بحراً). وعلى الرغم من أنه يبدو أن أي من تلك الرحلات الجوية لم تتم طبقاً لخطوط السير المذكورة آنفاً، فهنالك داع للاعتقاد أن عمليات عديدة قد نُفذت في شمال إيطاليا بصورة سرية. (اُنظر الملحق لمزيد من المعلومات حول الأمثلة السابقة).
    ومن الواضح أن النشاطات الإضافية غير المسؤولة للطائرات التي تعود ملكيتها للقطاع الأمريكي الخاص والخطوط الجوية الأمريكية غير المجدولة (التى تقوم برحلات غير منتظمة) يمكن أن يكون لها الآثار السلبية التالية على الأمن القومي الأمريكي:
    (أ) زيادة نشاط الشيوعيين الإيطاليين، وخاصة في شمال إيطاليا.
    (ب) إحراج الولايات المتحدة بسبب تهريب الأسلحة لأي من الجانبين في ظل أعمال القتال الجارية في فلسطين.
    (ج) اعتراضات الحكومات الصديقة.
    (د) تعزيز أهداف الدول المعادية بنشاطات ليس للولايات المتحدة سيطرة عليها.

    ر.هـ. هيلنكوتر


    رير أدميرال، بحرية الولايات المتحدة


    مدير إدارة المخابرات المركزية


    ملحق

    مثال (أ)

    إن طائرة النقل طراز C-46 التي ذكر أنها هبطت في إيطاليا بعد رحيلها من جنيف في 11 آذار (مارس) مع شحنة من الأسلحة الصغيرة، اكتشفت في اليوم ذاته في "كاستلونيا دي لارجو" وسلم الطيار الطائرة في هذا المطار إلى شركة طيران إيطالية (شركة الطيران الإيطالية) لتحويلها واستخدامها كطائرة للركاب، وعلى الرغم من أن موظفي الجمارك الإيطاليين، الذين أرسلهم مدير الطيران المدني الإيطالي إلى المطار مقدماً، قاموا بفحص الطائرة وأوراق طاقمها، فإنه لم يرد ذكر طبيعة الحمولة، التي من المحتمل أن يكون قد تم تفريغها الآن، وصرح الطيار أنه عند وصوله إلى وجهته أكد له المسؤولون الإيطاليون بأن الإشعار المطلوب سيتم إعطاؤه للسلطات الجوية المختصة. ومن ناحية أخرى، فإن المسؤولين الأمريكيين لم يُبَلغوا بشكل رسمي عن وصول الطائرة، ووُجِد أن جميع تراخيص الطائرة والرحلة الجوية كانت مستوفاة، وقد أبلغ US MAA في روما أن جميع أفراد طاقم الطائرة كانوا من اليهود بشكل واضح، ويشك أن الرحلة الجوية قد يكون لها علاقة بالحركة السرية اليهودية، بالرغم من أنه يشير أيضاً إلى إمكانية قيام طاقم الطائرة ببيع السلع المهربة كعمل إضافي إلى جانب عمله الشرعي. وعلى الرغم من أن A-2 قد أبرق بطلب الحصول على معلومات كاملة بخصوص الشحنة، فإن MAA في روما لم يشر في إجابته إلى أنه أجرى تحقيقاً مع الطيار بخصوص هذه المسألة.
    وتعود ملكية الطائرة C-46 إلى شركة نقل أمريكية غير مجدولة هي "خدمات الخطوط الجوية المتحدة" (يملكها عدد من الأشخاص الأمريكيين المحترمين مثل الرئيس "مارتن بيلي فوند" ونائب الرئيس "وليم بور الصغير" الذي كان يعمل من قبل نائباً لمدير التشغيل السابق لخط ولاية نيويورك الجوي) وتلك الطائرة هي الأولى من عدد من طائرات C-46 التي تحصل لها هذه الشركة على أذون رحلات جوية عن طريق وزارة الخارجية، لتسليمها إلى شركة الطيران الجوية الإيطالية المذكورة آنفاً. وقد ارتاب مكتب المباحث الفيدرالية في نشاطات شركة "خدمات الخطوط الجوية المتحدة" في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي أثناء التحقيق في تصدير المتفجرات بواسطة أحد الزوارق من ميناء نيوآرك" في "نيوجرسي". ويبدو أن بعض الشخصيات المتورطة في عملية التصدير غير الشرعية هذه متورطة أيضاً في تمويل نقل الأسلحة والذخائر إلى أوروبا. والشخص الرئيسي الخاضع للتحقيق هو رجل يدعي "وايزمان" وقد تم تتبع نشاطاته، حيث ظهر اسمه في شيكات عديدة بمبالغ ضخمة جداً من المال (وقد أشارت التقارير أن تحت تصرفه مبلغاً تصل قيمته إلى 2.5 مليون دولار)، وقد تم الاتصال بشركة "خدمات الخطوط الجوية" بواسطة مجموعة من الأفراد منهم "وايزمان" الذي ظهر في إحدى ليالي كانون الثاني (يناير) في مكاتب شركة "برات ـ ستيم شب" في نيويورك. وقد وافقت شركة "خدمات الخطوط الجوية المتحدة" الموجودة في "بروبانك" بكاليفورنيا على أن تُرتب مع شركة "لوكهيد" شراء وتجديد ثلاثة طائرات من طراز "كونستليشن"، كما حصلت أيضاً على مجموعة من طائرات C-46 بلغ عددها اثنتي عشرة طائرة. وفي نفس الوقت تم تأسيس شركة فرعية في باناما تحت اسم "طيران باناما" انضم عليها عدد من طائرات C-46 وواحدة من طراز "كونستليشن" سُجلت كطائرات با نامية. وقد أُبلغت سلطات الطيران المدنية الأمريكية في حينه، وتم شطب هذه الطائرات من قائمة الطائرات الأمريكية واكتسبت الآن وضعاً أجنبياً ولما كانت الحكومة الأمريكية تمنح آلياً تراخيص المرور للطائرات المسجلة في بلدان أجنبية تربطها معها اتفاقيات جوية متبادلة، فقد أصبحت شركة "خدمات الخطوط الجوية" قادرة على الحصول على مثل هذه التراخيص، والمطالبة بوقفات محددة في الولايات المتحدة في طريقها إلى أمريكا الجنوبية، ومنطقة البحر الكاريبي أو أوروبا، كما أن بيانات الحمولة أو قوائم الشحنة لمثل هذه الطائرات تُرخص عادة دون مناقشة، فضلاً أنه لا يتم تفتيش الشحنة الحقيقية حتى في الحالات التى تتطلب وجود تراخيص بالتصدير. ويبدو أن شركة خدمات الخطوط الجوية قد استوفت جميع الإجراءات المطلوبة، فبالرغم من الإشارات العديدة لعمليات الشركة غير الشرعية فإنه يبدو أن الدليل المتوفر حاليا ليس كافياً لمحاكمتها على تلك النشاطات. ومع ذلك فإن التحقيق الذي يقوم به مكتب المباحث الفدرالية مستمر، ومن الواضح أن الحكومة الإيطالية تعاونت تعاوناً وثيقاً مع شركة "خدمات الخطوط الجوية"، إلا أن إهمال المسؤولين الإيطاليين ذوي المراتب الدنيا في التبليغ عن واقعة الطائرة C-46 إلى السلطات الأمريكية في إيطاليا قد يشير إلى أن شحنة الأسلحة قد تم ترتيبها وإفراغها بعلمهم، وربما بتواطئهم أيضاً. (يمكن توقع التعاون النشط بين الإيطاليين اليساريين وعناصر الحركة السرية اليهودية ما دام الاتحاد السوفيتي يؤيد تقسيم فلسطين).
    مثال (ب)

    وصلت طائرة نقل أمريكية من طراز C-54 إلى براغ في الحادي والثلاثين من شهر آذار (مارس)، وقامت الشرطة السرية التشيكية بتطويقها وعزلها على الفور، وتقدمت منها شاحنتان ضخمتان نقل منهما خمسة وثلاثون صندوقاً ضخماً إلى الطائرة، ثم أقلعت الطائرة على الفور ودون إجراء التراخيص اللازمة مع مسؤولي المطار، كما قام قائد الشرطة السرية بإخماد احتجاجات هؤلاء المسؤولين على أساس أن تلك عملية حكومية. وفي اليوم التالي عادت الطائرة وقام ممثلي السفارة الأمريكية والملحق العسكري باستجواب الطيار وطاقم الطائرة. واعترف "سيمور ليرنر" صراحة أنه مسؤول عن رحلة الطائرة، وكشف النقاب أن الطائرة تعود ملكيتها إلى "رالف كوكس" من نيويورك، الذي يقوم بتشغيل رحلات جوية طارئة تحت اسم خطوط المحيط الجوية التجارية. وكانت الطائرة مؤجرة في باريس من قِبل "ليرنر" إلى شخص بريطاني يدعى "كوبر" دون علم "رالف كوكس" وإن كان وفق التفويض العام الذي منحه "كوكس" إلى "ليرنر" لنقل الحمولات من براغ إلى أماكن مختلفة. وحُملت الطائرة في براغ بحمولة وزنها أربعة عشر ألف رطل أُعلن عنها في بيان الحمولة أنها أدوات وآلات جراحية، ثم أقلعت الطائرة في رحلة بلا توقف إلى بيت "دراس" في فلسطين. وعادت الطائرة إلى براغ بعد أن أفرغت الحمولة في مكانها المحدد. ويعتقد السفير الأمريكي "ستين هاردت" أن كل ما ذكر آنفاً من حقائق صحيح في جوهره، وأن الصناديق كانت تحتوى غالباً على أسلحة صغيرة أو ذخيرة. (وقرية بيت دراس هى قرية عربية تقع على مقربة من الساحل الفلسطيني)، وطبقاً للموقف المائع القائم في المنطقة لم يُعرف ما إذا كانت الشحنة سُلمت إلى وكلاء يهود أو عرب.
    إن التحقيق مع هذه الشركة الجوية في الولايات المتحدة قد كشف النقاب عن المعلومات التالية: إن خطوط المحيط الجوية التجارية تعمل من أحد المطارات في "لورينبورج ماكستون" شمال كارولينا، على بعد نحو خمسة وعشرين ميلاً من "بوب فيلد" (قاعدة جوية تابعة للقوات المسلحة الأمريكية). وأن الخطوط الجوية الأمريكية تستخدم السيد "كوكس" ومعظم الموظفين العاملين معه على أساس العمل بعض الوقت، وعندما يعمل طاقم الطائرات لحساب خطوط المحيط الجوية التجارية، فإنه يرتدي بزات تابعة للخطوط الجوية الأمريكية مع إزالة الشارات المميزة للشركة. ومن الواضح أن للشركة الجوية برنامجاً كثيفاً من التعهدات، وتقوم باستخدام طائرات من طراز C-59, DC-3 في مهمات إلى كل من أمريكا الجنوبية وأوروبا.
    مثال (ج)

    لم تُستلم أية معلومات مؤكدة بخصوص عمليات شركة الخطوط الجوية التشيكية في سلسلة من الرحلات الخاصة إلى "فيلانوفا دي ألبيجنا" الواقعة بالقرب من الساحل الإيطالي بين جنوا والحدود الفرنسية (كانت فيلانوفا البيجنا قد أقامت خدمة طيران إلى تريستا عن طريق ميلانو والبندقية. ويتم تشغيل الرحلات المقررة ثلاث مرات أسبوعياً). وقد ذكر مهندس طيران أمريكي أن طائرة تشيكية تحمل أحرف التعارف OAJ حلقت في اليوم الثاني من نيسان (أبريل) فوق ميونخ، ومن الواضح أنها كانت في طريقها إلى نيس في فرنسا، ولم يُطلب أو يُمنح لها أي ترخيص للتحليق فوق المنطقة الأمريكية.



    3. الإعداد لوراثة حكومة الانتداب
    عندما صدر قرار التقسيم في التاسع والعشرين من نوفمبر 1947 غمرت مشاعر الفرح والنشوة معظم اليهود داخل فلسطين وخارجها، لأن ذلك القرار قد هيأ الأسس القانونية والسياسية اللازمة لقيام دولتهم في فلسطين، وقد ساعد صدور هذا القرار على توحيد كثير من الجماعات اليهودية خلف التقسيم بما في ذلك الجماعات اليهودية التي كانت على استعداد لقبول دولة اتحادية ثنائية القومية والمجلس اليهودي الأمريكي المناهض للصهيونية السياسية.
    إلا أن بعض الجماعات المتطرفة مثل "الأرجون تسفائي ليئومي" لم تكن راضية عن التقسيم لأنها كانت ترى أن الدولة اليهودية يجب أن تشمل كل فلسطين، وحذرت قيادة الأرجون من أن التقسيم لا يعني السلام وطالبت اليهود بحمل السلاح، ليس فقط لردع الهجمات العربية المحتملة بل أيضاً لتمكين اليهود من الاستيلاء على كل فلسطين.
    وعلى الفور بدأت المؤسسات اليهودية في فلسطين بوضع الخطط اللازمة لإقامة الدولة اليهودية لتحل محل دولة الانتداب، فشُكلت لجنة الطوارئ، التي شارك فيها عدد متساو من الوكالة اليهودية والمجلس القومي، وبُحث موضوع الدوائر الحكومية وتقدير الأعداد المطلوبة من الموظفين، وبدأت الاتصالات بالموظفين اليهود في حكومة الانتداب والعاملين في الوكالة اليهودية، كما تم إعداد الميزانية المالية السنوية الأولى، إلا أن شكل السلطة المركزية للدولة التي ستخلف حكومة الانتداب لم يُحسم إلا في اجتماعات اللجنة التنفيذية الصهيونية التي عُقدت في تل أبيب خلال الفترة من 7 إلى 12 أبريل، حيث تقرر في هذه الاجتماعات تشكيل مجلس وطني أُطلق عليه اسم مجلس الشعب، من 37 عضواً يمثلون جميع أحزاب وتيارات التجمع اليهودي في فلسطين (الييشوف)، كما تم انتخاب ثلاثة عشر عضواً (أطلق عليهم مؤقتاً اسم المديرين) لتشكيل هيئة تنفيذية مصغرة لإدارة شؤون الدولة، سُميت بالهيئة التنفيذية لمجلس الشعب.
    وخلال اجتماعات اللجنة التنفيذية الصهيونية المشار إليها تم اتخاذ الخطوة الرسمية الأولى لمعالجة الانشقاق في المجال العسكري بين الهجناة والأيتسل (الأرجون تسفائي ليئومي) بإقرار صيغة للاتفاق بين الجانبين.
    وفي 20 أبريل أنتخب "دافيد بين جوريون" رئيساً للهيئة التنفيذية لمجلس الشعب، كما بدأ مديرو ذلك المجلس في تشكيل الدوائر الحكومية اليهودية ونقل ملكية مكاتب حكومة الانتداب الراحلة وممتلكاتها إلى دوائرهم، وتحولت دوائر المجلس القومي الخاصة بالتعليم والصحة والمعونة الاجتماعية إلى دوائر حكومية، كما طُلب من جميع موظفي الحكومة اليهود الاستمرار في عملهم حتى لا تتضرر الخدمات العامة مع زوال حكومة الانتداب.
    وفي الثالث من أبريل تم إنشاء مكتب مركزي يهودي للتموين له فرعان في القدس وتل أبيب، كما أُنشئ بنك الدولة لتمويل الخدمات من حصيلة الضرائب، وفور تصفية دائرة البريد البريطانية في نهاية أبريل، قامت بخدمات البريد دائرة يهودية.
    وقد ساعد وجود ا لعديد من المؤسسات اليهودية في عهد الانتداب، مثل المجلس القومي والوكالة اليهودية وهيئات عامة أخرى كانت تقوم بمهام رسمية في مجال الاستيطان والزراعة المالية والتربية والتعليم والصحة والدفاع على استخدام كوادر هذه المؤسسات في تسهيل عملية نقل السلطة من دوائر حكومة الانتداب إلى الدوائر اليهودية.
    وفي الثاني عشر من مايو 1948، اجتمعت الهيئة التنفيذية لمجلس الشعب لتحديد موقفها من الهدنة وإعلان الدولة اليهودية، بعد أن تزايدت عليها الضغوط الدولية، فعلى الجانب العربي كانت اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية قد حددت موقفها من الهدنة منذ منتصف أبريل، وعلقت موافقتها على الهدنة بإيقاف الهجرة اليهودية ومغادرة اليهود غير الفلسطينيين البلاد، في مقابل وقف التسلل العربي ومبارحة الفدائيين لفلسطين مع نزع سلاح الجانبين (الفلسطيني واليهودي).
    كما كانت "جولدا مائير" قد عادت من لقاء الملك عبدالله في الليلة السابقة مؤكدة دخول جيش الأردن إلى فلسطين، على غير ما وعد الملك عبدالله خلال الاتصالات اليهودية السابقة معه في شهري يناير وفبراير من نفس العام.
    ومن ناحية الولايات المتحدة الأمريكية، كان "موسى شرتوك" قد عاد منها، يحمل تحذيراً من "جورج مارشال" وزير الخارجية الأمريكية ، بصدد تأجيل قرار إعلان الدولة اليهودية، وعقد هدنة مدتها ثلاثة أشهر، وقيل لشرتوك بوضوح، إنه "إذا سار اليهود في طريقهم، فيجب ألا يطلبوا مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية، في حالة حدوث غزو".
    ولما كان "شرتوك" قد تلقى أيضاً تأكيداً من أصدقاء الدولة اليهودية في واشنطن بأنه سيتم الاعتراف بها فور إعلانها، فلم يكن القرار سهلاً على القياد الصهيونية، فرفض الهدنة، كان يعني تمرداً على قرارات المنظمة الدولية التي أقرت قيام الدولة اليهودية، قبل أن تكتمل شرعيتها الدولية باعتراف المجتمع الدولي بها، كما كان يعني احتمالاً لتخلي الولايات المتحدة الأمريكية عنها عند اشتعال الحرب المنتظرة بينها وبين الدول العربية، بينما كان الوعد بالاعتراف بالدولة عامل مشجع في الاتجاه نحو إعلانها، إلا أنه كان على المجتمعين أولاً أن يتأكدوا من الموقف العسكري فيما لو تدخلت الجيوش العربية. وعلى ذلك طلب المجتمعون الاستماع إلى رأي الهجناة عن الوضع العسكري واحتمال غزو الجيوش العربية بعد إعلان قيام الدولة، ودُعي إلى الجلسة كل من "إسرائيل جاليلي"، الذي كان بمثابة قائد الهجناة، و "إيجال سكونيك" (يادين) المسؤول عن العمليات.
    وبالنسبة للغزو العربي المنتظر، قال يادين أن الهجناة متأهبة على أساس افتراض أن الغزو مؤكد، وبالتالي ركزت كل قواتها وأسلحتها في الأماكن المحتملة كميدان للاشتباك في المعركة الأولى، وذكر أن هناك خططاً لعمليات هجومية على الحدود وما وراءها حين حدوث الغزو، ولخص يادين رأيه في أن الدول العربية تتمتع بتفوق مطلق في السلاح والمدرعات والطيران[7]، إلا أنه بقدرة المقاتلين ومعنوياتهم والتخطيط والتكتيك الجيدين، فإنه يمكن التغلب على القوة العربية، خاصة وقد كان يرى أن العرب لم ينجحوا في تركيز قوتهم في جبهة واحدة، ومن ثم، فإن الفرص العسكرية متعادلة في الجانبين. إلا أنه ـ من وجهة النظر العسكرية ـ نصح بتوخي الحذر، نظراً لانخفاض معنويات قسم كبير من الرجال، ويحتمل انخفاضها أكثر في كل مكان تضطر فيه الهجناة للعمل ضد المدرعات والمدفعية التي تفتقر لها حتى ذلك الوقت.

    أما إسرائيل جاليلي فقد تلخص رأيه، في أن نتيجة التصدي لجيوش الدول العربية مرهونة بالتغلب على المدى المتفوق لنيران العرب (المدفعية والطيران)، فضلاً عن مدرعاتهم، ولذا، فإنه لابد من بذل جهد كبير لجلب الطائرات (المقاتلات والقاذفات) والمدافع التي تم شراؤها من الخارج، الأمر الذي سيؤدي إلى تحسن موقف السلاح خلال سبعة إلى عشرة أيام.
    وسأل المجتمعون ممثلي الهجناة، عما إذا كانت منظمتهم معنية من الناحية العسكرية بهدنة مدتها ثلاثة أشهر، وكان جوابهما أنه من الناحية العسكرية، ستكون للهدنة ميزة كبرى، فيما إذا استغل الوقت لجلب السلاح من الخارج وتدريب المقاتلين وما شابه، "ولكن لا يمكن للهدنة أن تكون منفصلة ومقطوعة الجذور عن ظروف سياسية محيطة، يمكن أن تُفشل كل ما أنجزناه سابقاً، حتى من الناحية العسكرية".

    وأشار بن جوريون إلى موقف التسلح، قائلاً: "لدينا كنوز من السلاح، لكن ليس في البلد، ولو كان جميع السلاح الذي في حيازتنا في مكان ما هنا، لاستطعنا أن نصد بقلب مطمئن ولدخلنا هذه المعركة بسهولة أكثر، حتى لو عملت مصر والعراق ضدنا".

    وفي نهاية الاجتماع تم الاقتراع على الهدنة، وأسفر تصويت الهيئة التنفيذية على رفضها للهدنة بأغلبية ستة أصوات ضد أربعة[8]. ومن ثم، تقرر تلقائياً إعلان قيام الدولة اليهودية باسم "إسرائيل" مع نهاية فترة الانتداب البريطاني. وفي الساعة الرابعة بعد ظهر الجمعة 14 مايو 1948 أُعلن رسمياً قيام الدولة اليهودية.


    ---------------------------------------------------

    [1] شهد شهر فبراير 1948 انقلاباً شيوعياً في تشيكوسلوفاكيا في الوقت الذي كان فيه الاتحاد السوفيتي يمارس ضغوطه وتهديداته ضد النمسا وإيران وتركيا.

    [2] في صباح يوم 14 مايو تمكن "كلارك كليفورد" ـ مستشار ترومان الذي كان على اتصال مستمر بالقيادات الصهيونية وزعماء الحزب الديمقراطي ـ من إقناع الرئيس الأمريكي بوجوب القيام بعمل فوري لإنقاذ ذلك الحزب من هزيمة محققة في الانتخابات القادمة، خاصة وأن قادة الحملة الانتخابية قد أبلغوه أن مشروع الوصاية الذي قدمته الإدارة الأمريكية سيؤدي بالحزب والرئيس ترومان إلى فشل ذريع، وأنه هناك ثورة داخلية في الحزب ضد الرئيس.

    [3] عندما اجتمع المجلس الصهيوني العام في تل أبيب يوم 16 أبريل 1948، قرَّر إقامة مجلس وطني يهودي من ممثلين عن الحركة الصهيونية المقيمين في فلسطين والهيئات اليهودية الأخرى فيها، على أن يتكون ذلك المجلس من 37 عضواً، مع تشكيل مجلس مديرين من 13 عضواً يكون مسؤولاً أمام المجلس الوطني الذي اجتمع للمرة الأولى في 18 أبريل.

    [4] الكولونيل (عقيد) "بنجامين كاجان" كان أحد المسؤولين عن مشتروات الطائرات من تشيكوسلوفاكيا عام 1948، ثم من فرنسا في الخمسينيات، وأصبح مديراً لمشتروات القوات الجوية بعد ذلك.


    [5] أصيبت إحداها في حادث أثناء إقلاعها في أوروبا، واستخدم الباقي في النقل وقذف القنابل.


    [6] يحتمل وصولها بعد 15 مايو أو خلال شهر يونيه 1948.


    [7] قامت وزارة الدفاع الأمريكية في أوائل شهر مايو 1948 بإجراء دراسة لتقدير الموقف على ضوء الأوضاع في فلسطين، وجاء في ذلك التقدير أن القوات اليهودية كانت متفوقة على جميع القوات العربية بالرجال والسلاح والعتاد والتدريب.


    [8]كان اثنان من الهيئة التنفيذية محاصرين في القدس والثالث في الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى ذلك حضر الجلسة المصيرية عشرة فقط من الهيئة التنفيذية.



    ملحوظة:
    حقيقة أن العرب مجتمعين قد واجهوا الاستعدادات الصهيونية الموضحة بعاليه بما يتناسب معها ..
    فقد رصد المجلس السياسي للجامعة العربية المنعقد في صوفر بلبنان (مصيف جميل كان الراحل الموسقار محمد عبد الوهاب يتخذ منه مقرا صيفيا له بالتبادل مع بلودان السورية .. التبولة هناك غاية في الإبداع) رصد مبلغ مليون دولار امريكي لدعم مقاومة الشعب الفلسطيني والمتطوعين العرب .. يا فرحة "بن جوريون" بيعرب بن قحطان .. انظر رسالة شهيد القسطل "عبد القادر الحسيني" للأمين العام للجامعة العبرية .. آسف أقصد العربية .

     

     


     
    رد مع اقتباس

    قديم 14th November 2009, 07:17 PM أسامة الكباريتي غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 23
    أسامة الكباريتي
    Field Marshal
     






    أسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond repute

    أسامة الكباريتي's Flag is: Palestinian

    افتراضي

    أنا : أسامة الكباريتي





    خامساً: تطور الموقف البريطاني
    1. الموقف البريطاني تجاه جهود الأمم المتحدة
    عندما قررت الحكومة البريطانية عرض القضية الفلسطينية على الأمم المتحدة لم تكن تنوي حينئذ التخلي عن الانتداب، فقد كان كل ما تسعى إليه هو أن تزكي الأمم المتحدة حلاُ ما للمشكلة، وقد انقسمت الحكومة البريطانية حيال معالجة القضية الفلسطينية بشكل غير مسبوق، ففريق كان يرى البقاء في فلسطين حفاظاً على المصالح البريطانية في المنطقة، وفريق آخر يحبذ الانسحاب منها بعد أن تزايدت أعباء الحكم البريطاني فيها ومُنيت بالفشل كل الجهود التي بُذلت للتوصل إلى حل يرتضيه الطرفـان فيها، وفريق ثالث يدعو إلى التدرج في الانسحاب منها.
    وفي بحث الحكومة البريطانية عن بديل حاولت إشراك الأمريكيين في إيجاد حل للمشكلة على أمل أن يستطيعوا إقناع الصهاينة بقبول الحل الوسط، إلا أنهم كانوا كمن يستجير من الرمضاء بالنار، فآثرت الانفصال عنهم حينما انحازوا بشكل كامل للتوجهات الصهيونية واتهموا بريطانيا بعدم الإنسانية لرفضها تحمل مسؤولية حل مشكلة اليهود الأوروبيين بعد الحرب، ولم يكن سعيها للتوصل إلى حل بالاتصال المباشر بين العرب واليهود أقل فشلاً. وعندما يئست الحكومة البريطانية من التوصل إلى حل للمشكلة الفلسطينية يرتضيه الطرفان قررت إحالتها إلى المنظمة الدولية دون أن تهدف إلى التخلي عن الانتداب، إلا أن تزايد الإرهاب الصهيوني أرغمها في نهاية المطاف على اتخاذ قرار الانسحاب.
    وعندما اجتمعت اللجنة الخاصة التي شكلتها الجمعية العامة للأمم المتحدة لدراسة تقرير لجنة التحقيق التي انبثقت منها والتوصيات والمشروعات التي تضمنها أعلن المندوب البريطاني "كرتس جونز" يوم 26 سبتمبر 1947 أمام اللجنة أن بلاده توافق على توصيات لجنة التحقيق وتطرح المبادئ الثلاثة التالية بوجه خاص: إنهاء الانتداب على فلسطين، منحها استقلالها التام، وأن تقوم الأمم المتحدة بالإجراءات الدولية اللازمة لمعالجة مشكلة اللاجئين الأوروبيين اليهود وغير اليهود، وأضاف أن بريطانيا لا ترغب في قيام قواتها بتنفيذ أي قرار يتعلق بفلسطين لا يرتضيه العرب واليهود.
    وعندما شُكلت اللجنة الخماسية بعد التصويت على قرار التقسيم الذي رآه وزير الخارجية البريطانية مجحفاً بالعرب، رفضت الحكومة البريطانية أن تقوم تلك اللجنة بأي إجراء لنقل السلطة إليها قبل انتهاء ا لانتداب، كما أفهم مندوبها في الأمم المتحدة تلك اللجنة أنه يستحيل على حكومة الانتداب أن توفر ميناء لتسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين قبل خروج آخر القوات البريطانية منها، فقد كانت وزارة الخارجية البريطانية في ذلك الوقت ترى أن كل مشروعاتها في الشرق الأوسط ستنهار لو لعبت بريطانيا أي دور في قيام الدولة اليهودية التي قررتها الأمم المتحدة، ومن هنا جاء قرارها بأن يكون الانسحاب كاملاً حتى يتبين للعرب أنها لا تشارك بأية حل في تقسيم فلسطين.
    وقد وافق مجلس الوزراء على هذه السياسة في 4 ديسمبر 1947 وقرر إنهاء الحكم البريطاني في 15 مايو من العام التالي، على أن تحكم بريطانيا فلسطين حكماً اسمياً خلال الشهور الخمسة التالية، مع استخدام قواتها أساساً في الدفاع عن النفس وحفظ النظام في المناطق التي لم تنسحب منها.
    وعندما حاولت الولايات المتحدة الأمريكية في منتصف أبريل 1948 إشراك كل من بريطانيا وفرنسا معها في تبني مشروع لوضع فلسطين تحت وصاية مؤقتة من الدول الثلاث لحفظ السلام فيها حتى يتم التوصل إلى تسوية لمشكلاتها رفضت فرنسا تبني مشروع الوصاية وإن أبدت استعدادها للموافقة عليه من حيث المبدأ بعد أن تقدم به الوفد الأمريكي. أما الحكومة البريطانية فلم ترحب بالمقترحات الأمريكية ، لأنها رأت أن الأمل ضعيف في التوصل إلى هدنة فعالة، وأنه من التعسف أن تُطالب بريطانيا في هذه المرحلة المتأخرة بالعدول عن الانسحاب من فلسطيـن وأن تضطلع بالتزامات جديدة تحتم على قواتها مواجهة موقف نتج عن تدخل الآخرين.
    وأوضح وزير الخارجية البريطانية للأمريكيين أن الموقف المضطرب في فلسطين نتج عن عدم اكتراث الجمعية العامة بوجهة النظر البريطانية – التي كانت ترى ضرورة التوصل إلى حل يرتضيه طرفا النزاع – وأخذها بخطة منحازة إلى أحد الطرفين المتنازعين، ومن ثم فإن الحكومة البريطانية لا توافق على فرض أي تسوية بالقوة، وأن قيام القوات البريطانية والأمريكية بأعمال حربية ضد القوات العربية أو اعتراض تحقيق الأماني العربية سيكون له أثر سيئ على علاقات الدولتين بالدول العربية مما سيفسح المجال للتغلغل الشيوعي في المنطقة.
    ولما كانت الحكومة البريطانية قد قررت عدم التراجع عن الانسحاب من فلسطين، فقد حرصت على عدم التقدم بأية مقترحات جديدة حتى لا يؤدي ذلك إلى الضغط عليها من أجل إطالة أمد بقاء قواتها في هذا البلد، إلا أنها ساندت فكرة الهدنة التي قررها مجلس الأمن، وزكت إقامة حكومة مؤقتة على أساس أن مشروع الوصاية الأمريكي لا يحسم الحل النهائي وأنه دعا إلى إيجاد إطار يمكن العرب واليهود من التفاوض بعد قيام هدنة حقيقية.
    وعلى ذلك باشرت الحكومة البريطانية ضغطاً شديداً على الحكومات العربية لقبول الهدنة وعدم التدخل في فلسطين قبل 15 مايو بالرغم من العمليات الهجومية اليهودية في ذلك الوقت، وكان لدى ا لحكومة البريطانية من الأسباب ما يدعوها إلى الاعتقاد أن العرب سيقبلون مناقشة مقترحات الهدنة الأمريكية في ما لو قُدمت لهم رسمياً، إلا أن الإدارة الأمريكية لم تتقدم بتلك المقترحات على الإطلاق.

    2. الموقف البريطاني من تدخل الجيوش العربية
    فور صدور قرار التقسيم صمَّمت الحكومة البريطانية على الانسحاب من فلسطين كليةً، وعدم تحمل أية التزامات قِبل الأمم المتحدة، فضلاً عن الامتناع عن المشاركة في أية إجراءات من شأنها فرض التقسيم على العرب حتى لا تضر سياستها الدفاعية الجديدة في الشرق الأوسط والتى تعتمد على تعاون دول المنطقة معها. فقد كان وزير الخارجية البريطاني يفاوض الحكومتين المصرية والعراقية طيلة عام 1947 من أجل الحفاظ على التسهيلات البريطانية وحماية قناة السويس وامتيازات النِّفط، وتكوين كتلة دفاعية تشمل مصر والمشرق العربي بأسره، وعلى ذلك قرَّر مجلس الوزراء في 4 ديسمبر 1947 إنهاء الانتداب البريطاني في 15 مايو من العام التالي.
    ويوضح الحوار الذي جرى بين توفيق أبو الهدى باشا رئيس الوزراء الأردني ووزير الخارجية البريطاني ـ الذي سبقت الإشارة إليه ـ أن الحكومة البريطانية حاولت متأخراً أن تتخذ موقفاً محايداً بين العرب واليهود، وإن كانت لا تمانع من تنفيذ التقسيم على ألا تتحمل مسؤوليته أمام الرأي العام العربي، وأنها اختارت الملك عبدالله ليقوم باحتلال القسم العربي من فلسطين سواء بالاتفاق مع اليهود إن أمكن أو بمساعدة الدول العربية الأخرى إذا فشل ذلك الاتفاق.
    وبهذه السياسة فإن بريطانيا كانت ترضى الولايات المتحدة الأمريكية ـ التى تمارس الضغط عليها بشأن قيام الدولة اليهودية في فلسطين ـ من ناحية، وتحد من أي احتمال لسيطرة القوات اليهودية على كل أو أغلب فلسطين من ناحية أخرى، وهو ما كانت تنذر به موازين القوى بين طرفي الصراع في ذلك الوقت، الأمر الذي لو سمحت به فإنه كان سيقضى على آمال الملك عبدالله في ضم القسم العربي من فلسطين إلى مملكته ويزيد موقفها سوءً في المنطقة.
    ومن ناحية أخرى كان وزير الخارجية البريطانية يرى أن اشتعال القتال بين الجيوش العربية والقوات اليهودية سيدفع العرب إلى اللجوء لبريطانيا طلباً للعون والسلاح، فضلاً عن كونه سيحرج الولايات المتحدة الأمريكية، التى تحاول إزاحتها من المنطقة، فمعاونة الأخيرة لليهود في قتالهم ضد الجيوش العربية، سيجعلها تدخل في صدام مباشر مع الدول العربية في المنطقة التى تحاول إزاحة بريطانيا منها، مما يوقف أو يحد على الأقل من التغلغل الأمريكي في المنطقة، وهو ما كان يثير فعلاً قلق وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين في ذلك الوقت.
    ومن هنا جاء عدم اعتراض الحكومة البريطانية عل تدخل الجيوش العربية في فلسطين بشرط ألا تتجاوز تلك الجيوش القسم العربي فيها، وهو الأمر الذي كان يتمشى مع المصالح البريطانية في ذلك الوقت.

    3. الموقف البريطاني من تطور الأحداث في فلسطين
    انعكست السياسة البريطانية السابقة على الموقف الرسمي للحكومة البريطانية من أحداث الحرب غير المعلنة التى اندلعت بين العرب واليهود فور صدور قرار التقاسيم، فقد حاولت الحكومة البريطانية أن تتخذ موقفاً محايداً دون أن تتدخل إلا لحماية قواتها ومنشآتها والمرافق العامة للبلاد.
    وفي تقريرها الذي قدمته إلى اللجنة التنفيذية للأمم المتحدة في 21 يناير 1948 عن مجريات الأمور في فلسطين ألقت الحكومة البريطانية بمسؤولية الاضطراب والفوضى التى نشأت في ذلك البلد على عاتق اليهود وقسوة العمليات الانتقامية التى تقوم بها المنظمات الصهيونية، وأنَّ التكوين اليهودي المحض لقوات الهجناه يحول دون الاعتراف بها كقوة دفاع شرعية، ولمَّحت إلى احتمال موافقة الوكالة اليهودية على النشاطات الإرهابية لمنظمتي "الأرجون" و"شتيرن" بينما أشادت بموقف الهيئة العربية العليا التى تتعاون مع السلطات البريطانية لكبح جماح المتطرفين في الشارع العربي.
    وأشار التقرير البريطاني إلى "أن العرب يظهرون فقط عدم استعدادهم للخضوع لقرار الأمم المتحدة الخاص بالتقسيم، في الوقت الذي يحاول فيه اليهود استغلال المناقشات السياسية في الأمم المتحدة عن طريق أعمال إرهاب وابتزاز".
    وحاولت حكومة الانتداب فرض حصار على سواحل فلسطين وحدودها لمنع تهريب الأسلحة وتسلُّل المهاجرين والمتطوعين إلى داخل البلاد، إلا أن استمرار انسحاب القوات البريطانية جعل جهودها في هذا الشأن قليلة الفاعلية، خاصة في الشهور الثلاثة الأخيرة للانتداب.
    ومن ثمَّ أرسل وزير الخارجية البريطانية منشوراً دورياً إلى البلاد العربية يلفت فيه نظر حكوماتها إلى ضرورة عدم تسببها في أية تعقيدات داخل فلسطين في الوقت الذي لا تزال فيه السلطات البريطانية مسؤولة عن الوضع في هذا البلد ويطالبها بكبح جماح المتطوعين الذين يحاولون شق طريقهم إلى فلسطين، وكذلك بالنسبة للتنظيمات والأشخاص الذين يحاولون إثارة الاضطراب فيها من الخارج، ويعني بذلك سورية ولبنان بصفة خاصة.
    وفي منشور دوري آخر أوضحت الحكومة البريطانية للدول العربية أنها لن تسمح لقواتها أو إدارتها ـ خلال الشهور المتبقية على الانسحاب ـ أن تُسخر لفرض تسوية لا يقبلها كلٌّ من العرب واليهود، وبالتالي فإن لها الحق في مقابل ذلك أن تطلب من الدول العربية ألا تقوم بما يؤدي إلى عرقلة انسحابها المنظم أو يرغمها على اتخاذ إجراءات لقمع الاضطرابات في فلسطين.
    وبالنسبة لتسلل المتطوعين العرب عَبر حدود الدول العربية المجاورة إلى فلسطين فقد تأثر الموقف البريطاني بثلاثة عوامل هي:
    أ. أثر التسلل على القانون والنظام خلال الشهور المتبقية للانتداب.
    ب. علاقة الحكومة البريطانية بالعالم العربي وانعكاسها على سياسته الدفاعية الجديدة.
    ج. الأهداف الاستراتيجية البريطانية تجاه فلسطين.
    وعلى ذلك كان المندوب السامي في فلسطين يرى أنه يستحيل على حكومته أن تبقى ساكنة إزاء
    أعمال التسلل العربية، وأنه قد لا يمكنه تجنب اتخاذ إجراءات أشد تشدداً تجاه ذلك التسلل، إلا أنه من
    ناحية أخرى كان لا يريد اتخاذ موقف معادٍ للملك عبدالله[1]. إلا أنه مع قرب نهاية الانتداب قلَّ تشدد الحكومة البريطانية تجاه تسلل المتطوعين العرب، فقد أرسلت تلك الحكومة تعليماتها إلى قائد القوات البريطانية في فلسطين ومندوبها السامي فيها بعدم مهاجمة أي قوات تَعبُر حدود فلسطين إلا إذا هاجمت تلك القوات المواقع أو المواصلات البريطانية أو المواقع والمستوطنات اليهودية، ولفتت الحكومة البريطانية نظرهما إلى ما يمكن أن يؤديه أي إجراء يتخذانه إلى نتائج سياسية خطيرة في البلدان المجاورة.
    وحاولت القوات البريطانية خلال مراحل الانسحاب المختلفة حماية نفسها ومنشآتها وخطوط مواصلاتها. وللتخفيف من مسؤوليات الأمن بدأت القوات والشرطة البريطانية إخلاء قواتها من مناطق نابلس وتل أبيب ـ بتاح تكفا إبتداءاً من 15 ديسمبر 1948، إلا أنها لم تتردَّد في ردع أعمال القتال العربية أو اليهودية في المناطق التى كانت لا تزال تسيطر عليها، وفي مرات عديدة لم يتردد البريطانيون في إطلاق النار على القوات العربية التى تهاجم المستعمرات اليهودية، وفي مقابل ذلك كانت تطلب من القوات اليهودية وقف أعمالها الانتقامية، إلا أنها كانت تسمح لأي من الطرفين بالقتال للسيطرة على المناطق المخصَّصة له في قرار التقسيم كما حدث في حيفا بالنسبة لليهود والمستعمرات اليهودية قرب القدس بالنسبة للعرب.
    وقد اضطر العرب واليهود، على السواء، أن يأخذوا في اعتبارهم وجود القوات البريطانية وردود فعلها حيال أعمال قتالهم مما عقَّد خططهم وحدَّ من عملياتهم حتى آخر مارس 1948، عندما بدأت القوات اليهودية هجومها العام، كما أدى وجود هذه القوات وتحذيرات الحكومة البريطانية إلى تأخر تدخل الجيوش العربية على نحو ما سبقت الإشارة إليه.
    أما موقف الشرطة البريطانية في فلسطين فقد كان مختلفاً، فإزاء تصاعد الأعمال الإرهابية لمنظمتي "الأرجون" و"شيترن" ضد البريطانيين خلال السنوات الثلاث الأخيرة للانتداب، ومقتل 77 شرطياً بريطانياً في اشتباكات كان معظمها مع هاتين المنظمتين، وكبح جماح الحكومة البريطانية لردود فعل قواتها ضد اليهود في فلسطين فقد استقال عددٌ كبيرٌ من رجال الشرطة البريطانيين القدامى في هذا البلد. وساد أوساط الشرطة البريطانية عداء صريح للمنظمات العسكرية والإرهابية على حد سواء.
    وفي أجواء الفوضى التى أعقبت تآكل أجهزة حكومة الانتداب بدأ بعض رجال الشرطة والعسكريون البريطانيون يستغلون الموقف لحسابهم الخاص، والقيام بعمليات بيع للأسلحة والعتاد العسكري إلى أي طرف قادر على دفع الثمن المطلوب.

    يتبع .........

     

     


     
    رد مع اقتباس

    قديم 14th November 2009, 07:56 PM أسامة الكباريتي غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 24
    أسامة الكباريتي
    Field Marshal
     






    أسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond repute

    أسامة الكباريتي's Flag is: Palestinian

    افتراضي

    أنا : أسامة الكباريتي




    تطور الموقف العربي بعد قرار التقسيم

    أولاً: الموقف العربي تجاه المشروع الصهيوني عشية قرار التقسيم
    إزاء تطور الموقف في الأمم المتحدة في خريف عام 1947 وما بدا من اتجاه اللجنة الخاصة بفلسطين نحو التقسيم، دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية لعقد مؤتمر لمجلس الجامعة على مستوى رؤساء الحكومات في عالية بلبنان في الفترة من 7 إلى 10 أكتوبر 1947 لبحث الموقف واتخاذ القرارات اللازمة لمواجهته.
    وعندما انعقد المؤتمر حاول الحاج أمين الحسيني المشاركة في أعماله، إلا أن أعضاء مجلس الجامعة اختلفوا حول هذه الخطوة التى رفضها كلٍّ من شرق الأردن والعراق، كما اختلفوا حول أسلوب معالجة المشكلة، فبينما كانت مصر وسورية والمملكة العربية السعودية تؤيد التمثيل الفلسطيني المستقل بزعامة مفتي فلسطين، وتؤيدان طلب الأخير بتشكيل جيش فلسطيني تحت قيادته، كانت كل من العراق وشرق الأردن تعارضان فكرة التمثيل المستقل وتطالبان باستخدام القوات العربية النظامية لمواجهة المنظمات الصهيونية.
    وقد انبثق عن المؤتمر لجنة عسكرية (برئاسة اللواء إسماعيل صفوت من العراق وعضوية ممثل من كل دولة عربية) كُلفت بدراسة الجوانب العسكرية للموقف وتقديم توصياتها إلى مجلس الجامعة، وفي التاسع من أكتوبر قدَّمت تلك اللجنةإلى المؤتمر تقريرها الذي أوضحت فيه أن المنظمات اليهودية في فلسطين تضم ما لا يقل عن 60 ألف فرد يمكن تعبئة ما بين 30 و50% منهم على الفور، وأن من بين هذه القوات عدداً من الضباط المجربين الذي خاضوا غمار الحرب العالمية الثانية، كما يتوفر لهذه القوات أسلحة جديدة وعتاد ومعامل للذخيرة، فضلاً عن القدرة على جلب مزيد من الأسلحة، بعكس عرب فلسطين الذين يشكون من ضآلة ما لديهم من السلاح وعدم صلاحية أكثره ونُدرة عتاده، بالإضافة إلى افتقارهم إلى المدربين.
    وأوصت اللجنة العسكرية في تقريرها بالإجراءات التالية:
    1. المسارعة إلى تسليح عرب فلسطين وتزويدهم بما لا يقل عن 10 آلاف بندقية مع تجنيد المتطوعين وتسليحهم فوراً.
    2. وضع ما لا يقل عن مليون دينار تحت تصرف اللجنة العسكرية كدفعة أولى لتمويل احتياجات القوات الفلسطينية.
    3. تشكيل قيادة عربية.
    4. حشد القوات العربية النظامية على مقربة من الحدود الفلسطينية.
    5. حشد عدد كبير من الطائرات العربية في المطارات القريبة من ساحل فلسطين لمراقبة المواصلات البحرية ومنع وصول الإمدادات إلى اليهود. وعند مناقشة تقرير اللجنة العسكرية حذَّر محمود فهمي النقراشي باشا رئيس الوفد المصري في المؤتمر من التورط في أي مغامرة حربية، وفضل تشجيع المتطوعين وإمدادهم بالسلاح، كما أعلن أن مصر غير متحمسة لفكرة الحرب النظامية، وإن كانت توافق على حشد القوات العربية ـ كتوصية اللجنة العسكرية ـ إلا أنها غير مستعدة للمُضيِّ أكثر من ذلك[1].
    ولما كان التقسيم لم يتقرر بعد فقد كان كُل ما انتهى إليه المؤتمر هو:
    1. اتخاذ احتياطات عسكرية على حدود فلسطين بحشد القوات العربية قرب هذه الحدود.
    2. اعتبار قرارات بلودان واجبة التنفيذ في حالة تطبيق أي حل من شأنه أن يمس عروبة واستقلال فلسطين.
    3. دعم عرب فلسطين بالمساعدات المادية والمعنوية لتمكينهم من الدفاع عن كيانهم، مع رصد الأموال اللازمة لذلك.
    وجاءت القرارات السابقة تعبيراً عن الرؤية العسكرية التى استقر عليها مؤتمر "عاليه" لمواجهة التهديدات اليهودية، وقد تلخصت تلك الرؤية فيما يلي:
    1. إقامة لجان في كل مدينة أو قرية تتولى مسؤولية الدفاع عنها.
    2. مرابطة الجيوش العربية قُرب الحدود الفلسطينية لتقديم المساعدة إلى المجاهدين الفلسطينيين.
    وعلى ذلك اقتصر دور اللجنة العسكرية على تزويد المناطق الفلسطينية الأكثر مواجهة لليهود بالسلاح، وجمع أكبر عدد من المتطوعين العرب من فلسطين وخارجها والعمل على تدريبهم وتسليحهم.
    وبدأت اللجنة العسكرية تباشر مهامها بعد أن اتخذت دمشق مقراً رئيسياً لها، وشرعت في إعداد الوسائل وتجهيز المناضلين والمتطوعين من مختلف البلاد العربية، واستخدمت في ذلك معسكر تدريب واسع في منطقة "قطنا" قرب دمشق قام عليه مدربون من الضباط السوريين كما يسرت الدول العربية الأخرى للمتطوعين سُبل التدريب والتجهيز.
    ومن ناحيتها وافقت الهيئة العربية العليا لفلسطين على قرارات مؤتمر "عاليه" لأنها كانت تتمشى مع وجهة نظرها ولأنها تزودها بالدعم المادي والعسكري دون أن تفقدها السيطرة على توجيه الصراع في فلسطين، ولذلك بدأت تعمل على إعداد المنظمات العسكرية وشراء الأسلحة وتزويد قواتها بها، ولم تلبث أن عينت عبدالقادر الحسيني ـ قائد أحد الأفواج التى جهزتها اللجنة العسكرية ـ قائداً عاماً لقوات الجهاد المقدس التى أنشأتها.
    وبالرغم من كل الاستعدادات والمؤتمرات العربية السابقة فلم تصدق الحكومات العربية أن بريطانيا ستنسحب حقاً من فلسطين إلى أن صدر قرار التقسيم وأعلنت بريطانيا إصرارها على الانسحاب، وهو ما يؤكد أنَّ أياً من تلك الحكومات لم تقدر جيداً تطورات الموقف في فلسطين لعلمها بأهمية هذا البلد للسياسة الدفاعية البريطانية في الشرق الأوسط، كما يشير إلى أن هذه الحكومات لم تر بشكل واضح المتغيرات التى طرأت على موازين القوى العالمية وعلاقاتها خلال الحرب العالمية الثانية وما بعدها، وهو ما تنبهت إليه القيادة الصهيونية مبكراً، ممَّا دعاها إلى تبديل الجياد في مؤتمر "بليتمور" على نحو ما سلف، وهو ما يؤكده الدكتور محمد حسين هيكل في مذكراته عند تعليله للتراخي العربي في مواجهة التطورات الخطيرة للمشروع الصهيوني في فلسطين بقوله:
    "لعل هذه الدول لم تقدر مدى ما يجول بخاطر الصهيونيين من مطامع، أو أنها على الأقل لم تكن تقدر أن هذه المطامع ستلقى صدىً قوياً في المجامع الدولية، لهذا كانت تبحث الأمر على هون، مقتنعة دائماً بأن إنجلترا لن تدع اليهود يصبحون أصحاب الكلمة في فلسطين اقتناعاً منهم بأن إنجلترا تحرص على أن تكون فلسطين نقطة ارتكازها الأساسية في الشرق الأوسط كله".
    ثانياً: تطور الموقف العربي تجاه المشروع الصهيوني بعد قرار التقسيم
    كانت موافقة الأمم المتحدة على قرار التقسيم بمثابة صدمة لكل البلدان العربية التى توحدت ردود فعلها الشعبية وتباينت مواقفها الرسمية، فعلى الصعيد الشعبي اشتعل الشارع العربي واجتاحت المدن العربية المظاهرات التى تطالب بالتطوع والتزود بالسلاح لإنقاذ فلسطين وقطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الدول التى أيدت مشروع التقسيم والانسحاب من الأمم المتحدة وتوحيد سياسة الدول العربية تجاه القضية الفلسطينية، فقد استفز قرار التقسيم المشاعر القومية والدينية للشعوب العربية، كما حرك فيها الإحساس بالخطر مما يُستهدف بفلسطين وشعبها العربي الذي يُطرد بالسلاح من أرضه، ووجدت تلك الشعوب في رفضها لقرار التقسيم والدعوة للكفاح المسلح ضد قيام الدولة اليهودية خطوة على طريق مجابهتها للاستعمار العالمي ودافعاً للحركة العربية ضده.
    أما على الصعيد العربي الرسمي فقد كان الخلاف واضحاً منذ البداية، نتيجة لأطماع بعض الحكام العرب من ناحية واختلاف السياسة العربية الإقليمية للبعض الآخر من ناحية أخرى. فقد رأى الملك عبدالله ـ الذي كان يسعى منذ سنين لمد نفوذه ومملكته غربي نهر الأردن ـ في قرار التقسيم فرصة لتحقيق طموحاته بمساعدة بريطانيا، فاقترح على دول الجامعة العربية في اليوم التالي لصدور ذلك القرار أن تمول عملية استيلاء جيشه على فلسطين، خاصة وأن مملكته لم تكن عضواً في الأمم المتحدة وبالتالي كان بإمكانها أن تتحدى قرار التقسيم، إلا أن هذا الاقتراح رُفِض لأسباب تتعلق باختلافات السياسة العربية الإقليمية. حيث كان الملك عبدالله يهدف إلى ضم القسم العربي في فلسطين كخطوة أولى على طريق مشروع سورية الكبرى تحت زعامته، في الوقت الذي كان فيه العراق ـ الذي يحكمه الهاشميون أيضاً ـ يسعى إلى تحقيق مشروع الهلال الخصيب، وإن كان لا يعترض كثيراً على مخططات الملك عبدالله، بينما كانت مصر والمملكة العربية السعودية وسورية تتصدى للمخططات الهاشمية الرامية إلى ابتلاع كل من سورية وفلسطين مما احبط هذه المخططات.
    ومن ناحية أخرى أدى إصرار الحكومة البريطانية على الانسحاب من فلسطين قبل يوم 15 مايو 1948 إلى وضع الأنظمة العربية الحاكمة في موقف دقيق نتيجة لعدم استعدادها لمثل هذا اليوم بالرغم من كل تصريحاتها التى كانت تنذر اليهود بالويل والثبور وعظائم الأمور، وفي ظل هذا العجز العربي والمخاطر التى تهدد الفلسطينيين وأملاكهم، دعا عبدالرحمن عزام باشا الأمين العام للجامعة العربية إلى اجتماع مجلس الجامعة في القاهرة لبحث المشكلة.
    وعندما اجتمع ذلك المجلس يوم 5 ديسمبر 1947 شرح الأمين العام المخاطر التى ستهدد عرب فلسطين نتيجة انسحاب القوات البريطانية على تلك الصورة قبل أن تتخذ الدول العربية التدابير اللازمة لحماية السكان العرب، وبعد مناقشة الموضوع أصدر مجلس الجامعة قراراً سرياً بتفويض الأمين العام أن يطلب من الحكومة البريطانية باسم الجامعة العربية أن تمد انتدابها على فلسطين عاماً آخر، إلا أن الحكومة البريطانية اعتذرت بأن قرار انسحابها من فلسطين لا رجعة فيه.
    وعلى ذلك عقد مجلس الجامعة العربية اجتماعاً في القاهرة على مستوى رؤساء الحكومات خلال الفترة من 12 إلى 18 ديسمبر لبحث الموقف والتطورات المنتظرة، إلا أنه نتيجة للأطماع والشكوك المتبادلة فقد عجز المؤتمرون عن اتخاذ قرارات فعالة لمواجهة المشروع الصهيوني وتهديداته التى أصبحت على الأبواب.
    فبينما أصرَّ العراق على ضرورة حشد الجيوش العربية حول فلسطين مع تسليح الفلسطينيين والتدخل بالمتطوعين تنفيذاً لقرارات مؤتمر "عاليه"، رأى رئيس الوزراء الأردني ضرورة التدخل بالجيوش العربية النظامية، في الوقت الذي عارضت فيه كلٍّ من مصر والمملكة العربية السعودية والهيئة العربية العليا لفلسطين الزج بالجيوش العربية إكتفاءاً بالمجاهدين والمتطوعين، خوفاً من أطماع الملك عبدالله في فلسطين، بالإضافة إلى الأسباب الخاصة بمصر، التى رأى رئيس وزرائها عدم الزج بجيشها في حرب بينما تقف القوات البريطانية خلف ظهره في منطقة القناة.
    وبعد نقاش طويل استقر رأي رؤساء الحكومات العربية على "ضرورة العمل الحثيث لإحباط مشروع تقسيم فلسطين"، أما كيف سيتم ذلك؟ فقد رأوا الإجابة عليه في مقررات مؤتمر "عاليه"، ومن ثم تراجع التدخل بالجيوش العربية مؤقتاً على مضض من المطالبين به، أما المعارضون له فيبدو أنهم عدوه حلا أخيراً إذا فشلت الحلول الأخرى، ففي الخامس من يناير1948، نشرت جريدة الأساس المصرية– لسان حال الحزب الحاكم – تصريحاً لأسعد داغر (من مكتب الصحافة بجامعة الدول العربية) جاء فيه: "إن الدول العربية أعلنت في مجلس الجامعة أن قواتها ستدخل فلسطين عقب جلاء القوات البريطانية وأن الاحتلال سيشمل فلسطين كلها".
    ومع بداية عام 1948 تبلورت الأفكار العربية تجاه معالجة القضية الفلسطينية في ثلاثة اتجاهات واضحة هي:
    1. حل القضية الفلسطينية باستخدام الكفاح المسلح غير الرسمي بالمجاهدين الفلسطينيين أساساً مع دعمهم بالمتطوعين العرب، وكان من أنصار هذا الاتجاه كل من مصر والمملكة العربية السعودية واليمن.
    2. إقامة الدولة الفلسطينية بالقوة المسلحة، وكان من أنصار هذا الاتجاه كل من سورية ولبنان والأمين العام لجامعة الدول العربية، إلا أن بعض أنصار هذا الاتجاه كانوا يرون استخدام الجيوش العربية النظامية لفرض الدولة الفلسطينية مثل سورية ولبنان، والبعض الآخر يرى أن تقتصر القوة العسكرية على المجاهدين الفلسطينيين أساساً وبعض العناصر العربية النظامية حتى تبقى المسألة قضية داخلية لا تعطى الغير حق التدخل فيها.
    3. قبول التقسيم وضم القسم العربي من فلسطين إلى شرق الأردن بالاحتلال العسكري، وكان من أنصار هذا لرأي كل من الأردن والعراق، إلا أن أصحاب هذا الرأي لم يجاهروا به[2].
    ويبدو أن نجاح كتائب المجاهدين الفلسطينيين والمتطوعين العرب خلال الشهور الثلاثة الأولى من عام 1948 شجع الحكام العرب على عدم بحث تدخل الجيوش العربية في ذلك الوقت نظراً للمعارضة الشديدة لهذا الاتجاه من كل من مصر والمملكة العربية السعودية والهيئة العربية العليا لفلسطين صاحبة الشأن، إلا أنه مع تحول القوات اليهودية إلى الهجوم العام بعد تلقيها شحنات الأسلحة التى كانت تنتظرها، والهزائم التي بدأت تواجهها كتائب المجاهدين الفلسطينيين والمتطوعين العرب، واقتراب موعد نهاية الانتداب، عقد مجلس الجامعة العربية سلسلةً من الاجتماعات في القاهرة ابتداءاً من 10 أبريل ولمدة اثنتي عشر يوماً، عرض خلالها اللواء إسماعيل صفوت الموقف العسكري والهزائم التى واجهت القوات العربية وشدَّد على ضرورة تدخل الجيوش العربية النظامية لإنقاذ الموقف المتدهور.
    ولما كان الملك عبدالله على علم كامل بالأوضاع العسكرية في فلسطين بحكم اتصاله بالبريطانيين ووجود قسم من جيشه يعزز القوات البريطانية فيها، فقد أبرق للجنة السياسية لجامعة الدول العربية المجتمعة في القاهرة يعرض عليها استعداده للزج بجيشه لإنقاذ فلسطين.
    وتحت ضغط الموقف العربي المتدهور في هذا البلد والتيار الشعبي الجارف في كل البلدان العربية قررت اللجنة السياسية يوم 12 أبريل قبول عرض الملك عبدالله، وتخلت مصر و المملكة العربية السعودية عن معارضتهما لتدخل الجيوش العربية وقبلت اللجنة العربية العليا الأمر على مضض.
    إلا أنه يمكن القول أن موافقة أيٍّ من اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية أو مصر على عرض الملك عبدالله لم يكونا دون تحفظ، فبينما اشترط الأمين العام لجامعة الدول العربية في رسالته إلى الملك عبدالله، ضرورة الاستيلاء على فلسطين كلها وبقائها عربية مع عدم قبول الملك بالتقسيم، فإن مصر ـ في مواجهة ضغط العراق بضرورة تدخل الدول العربية الأخرى ـ علقت اشتراك قواتها باشتراك جيوش تلك الدول، وأنها لا يمكن أن تتأخر عما تقوم به البلاد العربية. وتخوفاً من أطماع الملك عبدالله في فلسطين، فإن الملك فاروق في مقابلته لرؤساء الوفود باللجنة السياسية يوم 12 أبريل 1948 ـ وهو نفس اليوم الذي اتُخذ فيه قرار التدخل بالجيوش العربية ـ أمر رئيس ديوانه أن يتلو عليهم ما يلي:
    "إن دخول الجيوش العربية إلى فلسطين لا يمكن أن يكون إلا كحل خال من كل صفة من صفات الاحتلال أو التجزئة، وأنه يجب أن يُفهم أنه بعد إتمام تحريرها تُسلم إلى أهلها لحكمها".
    وفي 17 أبريل نقل الأمين العام لجامعة الدول العربية للسفير البريطاني في القاهرة طلب اللجنة السياسية مرة أخرى بمد الانتداب البريطاني تمهيداً لقيام دولة فلسطينية مستقلة ووقف العمل بقرار التقسيم، ولمَّح الأمين العام إلى أن البديل لذلك سيكون الحرب، إلا أن الحكومة البريطانية تمسكت بموقفها من الانسحاب في الموعد الذي حدَّدته.
    وإزاء إصرار الحكومة البريطانية إلى إنهاء الانتداب في 15 مايو لم يكن أمام جامعة الدول العربية من خيار سوى تنفيذ قرارات اللجنة السياسية للجامعة الصادرة يوم 12 أبريل. ونظراً لأن مصر قد علقت تدخل جيشها في فلسطين بتدخل جيوش الدول العربية الأخرى، فقد كان على تلك الدول أن تحدد متى وكيف ستدفع قواتها إلى فلسطين.
    وعلى ذلك عُقد في عمان ـ بدعوة من الأمين العام لجامعة الدول العربية ـ مؤتمر في التاسع والعشرين من أبريل حضره الملك عبدالإله والأمير عبدالله الوصي على عرش العراق والوزراء الأردنيون والعراقيون، فضلاً عن الأمين العام لجامعة الدول العربية (وكان من المنتظر أن يلحق بهم رئيس الوزراء اللبناني ووزير دفاعه) لبحث التدابير العسكرية لإنقاذ فلسطين، بعد أن أكد رئيس الوزراء المصري للأمير عبدالإله تعهده بدخول الجيش المصري إلى جنوب فلسطين إذا دخلتها الجيوش العربية في نفس الوقت، وعلى ذلك تقرر من حيث المبدأ المبادرة بزج الجيوش العربية إلى فلسطين يوم 8 مايو.
    إلا أن العسكريين العرب كانوا يرون أن أقل ما يجب تدبيره وتجهيزه من قوات عربية للتدخل هو ما لا يقل عن خمس فرق كاملة من المشاة والأسلحة المعاونة مع القوات الجوية المصرية والعراقية، التى يجب ألا تقل عن ستة أسراب مقاتلة وقاذفة قنابل، لكن الحكام العرب لم يَرُق لهم هذا التقدير، واتهموا قادتهم العسكريين بالمغالاة وأمروهم بالدخول بالقوات المتيسرة لديهم والعمل على زيادتها تدريجياً.
    وعلى ذلك اجتمع رؤساء أركان حرب الجيوش العربية بعمان في أول مايو، حيث انضم إليهم القائمقام (المصري) حافظ بكري ـ كضابط اتصال بين الجيش المصري والجيوش العربية الأخرى ـ لبحث احتياجات التدخل وحجم القوات المطلوبة، كما بحث رؤساء الأركان العرب موقف القوات العربية التى يمكن الاعتماد عليها فوراً للتدخل.
    وقد ثار بعد اجتماعات عمان خلافان رئيسيان، الأول حول توقيت دخول الجيوش العربية فلسطين، والثاني حول قيادة القوات المسلحة العربية التى سيُزج بها في هذا البلد وبالنسبة لهذين الخلافين فإن رسالة عبدالرحمن عزام باشا ـ الأمين العام لجامعة الدول العربية ـ التى بعث بها من دمشق إلى الحكومة المصرية في السادس من مايو، توضح الأمر على الوجه التالي:
    1. كانت حكومات الدول العربية الممثلة في اجتماعات عمان قد اتفقت على المبادرة إلى العمل الحربي داخل فلسطين قبل يوم 15 مايو، وحددت 8 مايو تاريخاً لبدء تدخلها، ولما هدَّد الملك عبدالله بتنفيذ ذلك اعترض الإنجليز بشدة، فاضطر إلى تأجيل العمل إلى يوم 16 مايو، ولكن حكومتي سورية ولبنان طلبتا يوم 4/5/1948 إنجاز ما اتُفق عليه، وجرت اتصالات بجلالة الملك عبدالله فأوفد جلالته يوم 5/5/1948 رسولاً خاصاً إلى دمشق يحمل رده، وهو يشترط لتنفيذ ما اتُفق عليه من تدخل قبل 16 مايو أن يكون ذلك بالإجماع، وجلالته يقصد بذلك اشتراك مصر مع توحيد القيادة التى طلب جلالته أن يتولاها مصري. وقد وجه جلالته إلى حضرة صاحب الجلالة مولانا الملك (فاروق) رسالة في هذا الشأن."
    ثم استطرد عزام باشا في رسالته يحث الحكومة المصرية على التدخل بقوله: "المفهوم أن الجيش الأردني سيقاتل والعراق أخذ في زيادة قوات جيشه (في شرق الأردن)، وقد حشدت سورية ولبنان ما لديهم على الحدود".
    "ويتساءل الجميع عن موقف مصر. هل أرسلت جنوداً بصفة متطوعين كمقدمة لتدخلها.
    2. أرجو المبادرة إلى إيفاد ممثل مصر العسكري حافظ بك (بكري) إلى عمان فوراً بمعلومات قطعية عن مدى وكيفية اشتراك مصر سواء قبل 15 مايو أو بعده، وأخشى أن تُصور مصر على غير حقيقتها، فتُرمى بأنها هي العقبة في سبيل إنقاذ فلسطين، أو على الأقل في سبيل محو العار اللاحق بالبلاد العربية بسبب الحالة في فلسطين.
    3. ورأيي أن تدخل الجيوش العربية في فلسطين سيحدث ارتباكاً في صفوف اليهود ويضطرهم إلى طلب الصلح من العرب.
    4. حاولت على (معرفة) رأي الإنجليز في سورية وشرق الأردن، فيما إذا كان تدخل الجيش المصري يترتب عليه رد فعل سيئ في العلاقات المصرية ـ الإنجليزية، ولم أتبين حتى الآن أن مثل هذا التدخل يحدث نتيجة خاصة بالنسبة لهذه العلاقات، وإنما يُنظر إلى تدخل الجيش المصري بنفس المنظار الذي ينظر به إلى تدخل الجيوش العربية الأخرى، ولكن الإنجليز المذكورين يلاحظون أن الجيش المصري مُعَد بكيفية تفوق إعداد جيوش الدول العربية الأخرى بما فيها شرق الأردن.
    5. ستتخذ القوات المصرية منطقة "غزة" مسرحاً لنشاطها في البداية إلى أن ينجلي الموقف إلى مسافة بعيدة في الرقعة المخصصة للدولة العربية في مشروع التقسيم، ويمكن الحصول في هذه الحالة من سكان منطقة غزة على دعوة منهم للقوات المصرية لحمايتهم، ومهما يكن من شئ فإنه يجب منذ الآن إعداد مبررات الحركة".
    ورسالة الأمين العام لجامعة الدول العربية لا تحفز مصر على التدخل بقواتها المسلحة فحسب، بل وتطمئن حكومتها بالنسبة للمسألتين اللتين يتخوف منهما رئيس وزرائها، وهما حالة الجيش وموقف بريطانيا من التدخل.
    فبالنسبة للأولى نجد أن الأمين العام يهوِّن من أمر التدخل بالقوات العربية، فاليهود ـ في رأيه ـ سيرتبكون ويطلبون الصلح بمجرد دخول الجيوش العربية فلسطين، فضلاً عن شهادة الإنجليز بتفوق الجيش المصري على قرنائه في الدول العربية .أما بالنسبة لموقف بريطانيا، فإنه يطمئن النقراشي باشا أنها لا تعارض التدخل بشرط أن يتم بعد نهاية الانتداب، كما أنها ترى أن تدخل مصر العسكري مثله مثل تدخل باقي الدول العربية
    أما من ناحية القيادة العامة، فتوضح الرسالة رغبة الملك عبدالله في إسنادها لأحد المصريين "لأنه يعتقد أن مصر إذا وعدت أنجزت وأن جانبها مأمون ولا يُخشى منها غدر". إلا أنه يبدو أن العراق اعترض على ذلك، بينما اعترض الأردن علي تولى القيادة ضابط عراقي، ولما كان قائد الفيلق الأردني ضابطاً بريطانيا مُعاراً، فقد تُوج ذلك الخلاف العربي بإسناد تلك القيادة إلى الملك عبدالله في العاشر من مايو، رغم المعارضة التى لاقاها ذلك الاختيار من بعض الدول العربية، وعُين اللواء نور الدين (العراقي) نائباً عنه.
    وتشير الوثائق المصرية إلى أن عدم الاتفاق حول تولي قيادة عسكرية موحدة لجميع الميادين – كما كانت ترى مصر – دفع بها إلى إرسال هيئة مستشارين عسكريين إلى عمان "للحصول على التفاهم والتعاون التام بين الجيش لمصري والأردني في العمليات المنتظرة في فلسطين".
    وتوضح رسالة عبدالرحمن عزام باشا أن موقف مصر النهائي، بالنسبة لمدى اشتراكها في التدخل العسكري ومتى يتم ذلك، لم تكن واضحة للأمين العام والدول العربية الأخرى حتى تاريخ تلك الرسالة في 6 مايو، رغم أن مبدأ التدخل كان متفقاً عليه، مما دعا عزام باشا إلى استعجال تحديد موقف مصر النهائي.
    كما تبين تلك الرسالة أن الأمين العام لجامعة الدول العربية ـ المحرك الأول لتيار التدخل بالجيوش العربية وحامل لوائه ـ كان غير قادر على استيعاب الموقف وتقديره بشكل سليم. فهو لا يتوقع قتالاً حقيقياً، ويرى أن مجرد دخول الجيوش العربية في فلسطين سيربك اليهود ويدفعهم إلى طلب الصلح.
    ولما كانت رسالة الأمين العام تشير إلى أن اعتراض بريطانيا كان على موعد التدخل العربي فحسب، فإن ذلك يعني موافقة ضمنية من بريطانيا على تدخل الجيوش العربية في فلسطين ـ بما في ذلك القوات المصرية ـ بعد انتهاء الانتداب البريطاني فيها، وهو ما فسره بعض الكتاب والسياسيين فيما بعد على أنه كان توريطاً للعرب في تلك الحرب لإظهار عجزهم العسكري وحاجتهم إلى بريطانيا للدفاع عنهم، إلا أن ما دار بين توفيق أبو الهدي باشا، رئيس الوزراء الأردني في لقائه مع أرنست بيفن وزير الخارجية البريطاني في لندن في ربيع عام 1948 قبل أن تشتعل الحرب، يلقي الضوء على أهداف السياسة البريطانية والأردنية في ذلك الوقت.
    ففي ذلك اللقاء ـ الذي أدى فيه الجنرال "جلوب"[3] دور المترجم ـ استعرض توفيق أبو الهدى باشا الموقف المنتظر في فلسطين بعد جلاء البريطانيين ونهاية الانتداب، وأوضح أن اليهود يملكون البنية الأساسية لتولي السلطة، كما أعدوا جيشاً قوياً من قوات الهجناة، بينما يفتقر عرب فلسطين إلى الزعامة، وليس لديهم جيش، كما أنهم يفتقرون إلى الوسائل الضرورية اللازمة لإقامة مثل هذا الجيش. وعلى ذلك، "إذا نفذت بريطانيا قرارها بالانسحاب فسيحدث أحد أمرين، إما أن يتجاهل اليهود قـرارات التقسيم ويحاولوا احتلال فلسطين بأسرها وتحويلها إلى دولة يهودية، أو يعود الحاج أمين الحسيني إلى فلسطين ويحاول فرض زعامته فيها، وهذا ما لا نريده، ولا تريدونه أنتم .. ولذلك فإن الأردن قرر دخول فلسطين (بعد) انتهاء الانتداب، واحتلال المناطق المخصصة للعرب بموجب مشروع التقسيم.
    "وقد رد بيفن على ذلك بقوله .. من حقكم أن تفعلوا ذلك ولكن لا تتجاوزا هذه المناطق ولا تهاجموا المناطق المخصصة لليهود. فقال أبو الهدى، حتى لو أردنا ذلك فإننا لا نستطيعه".
    وتوضح الرواية السابقة " للجنرال جلوب "، السياسة البريطانية والأردنية تجاه القضية الفلسطينية في ذلك الوقت، والتي تهدف إلى تنفيذ قرار التقسيم بواسطة العرب أنفسهم وبقواتهم. ومن ثم، جاء قبولهم لدخول الفيلق العربي إلى الضفة الغربية للأردن ـ المخصصة للدولة الفلسطينية العربية في قرار التقسيم ـ دون تجاوزها إلى المناطق اليهودية، ثم الموافقة الضمنية بعد ذلك على دخول الجيوش العربية الأخرى باقي المناطق العربية المخصصة في مشروع التقسيم، حيث يمكن للقوات العراقية تدعيم القوات الأردنية في الضفة الغربية، أو تدعيم سورية ولبنان للسيطرة على الجليل الأعلى، بينما تسيطر مصر على قطاع غزة، وهى المناطق التي تقع خارج إمكانات الفيلق الأردني.
    ولم تكن رسالة الأمين العام لجامعة الدول العربية في السادس من مايو، هى رسالته الوحيدة للضغط على النقراشي باشا وحثه على إشراك القوات المسلحة المصرية في عملية التدخل العسكري، حيث أرسل بعد يومين من رسالته الأولى برقية موجهة إلى مجلس الوزراء المصري تؤكد ما جاء في رسالته من عدم اعتراض بريطانيا على تدخل الجيوش العربية، وأن بريطانيا وافقت على تدخل الجيش الأردني في فلسطين لاعتقادها أن الدول العربية كلها ستدخل بعد 15 مايو، وأنها لن تعترضهم. وأضاف عزام باشا في برقيته، أنه فهم من الوزير البريطاني[4]، أنهم يظنون "أن مجهوداً كبيراً سيُبذَل في أمريكا لمنع هذه الجيوش العربية من دخول الأرض المقدسة، نظراً لأن اليهود قد أصيبوا بذعر شديد من احتمال تدخل هذه الجيوش وأنهم قد يميلون إلى الصلح قبل اجتياحها لهم، وقد اتضح أن القوات اليهودية كان مبالغاً فيها".
    وفي العاشر من مايو اجتمعت اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية في دمشق. وحضر ذلك الاجتماع الممثلون العسكريون للجيوش العربية، الذين طُلب منهم وضع خطة نهائية للعمليات المقبلة في فلسطين. إلا أن الأمر انتهى إلى تعيين هدف لكل جيش عربي يصل إليه في وقت محدد ثم تصدر أوامر أخرى بعد ذلك تبعاً للموقف.
    (اُنظر ملحق تقريري القائمقام حافظ بكري عن اجتماعات رؤساء أركان حرب الجيوش العربية (1 و10 مايو 1948))
    https://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Siasia2/Harb48/mol44.doc_cvt.htm
    وقد كانت الأهداف المبدئية التي حُددت للجيوش العربية لكي تصلها، ثم تصدر إليها الأوامر بعد ذلك طبقاً للموقف، تقع في جملتها داخل الدولة العربية التي حددها قرار التقسيم باستثناء رءوس الكباري المحدودة عبر نهر الأردن لكل من سورية والعراق، والتي لم تكن تتجاوز مستعمرات الحدود. فكل من "نابلس ورام الله" المحددين كهدفين للقوات الأردنية "وغزة والمجدل" المحددين للقوات المصرية، بالإضافة إلى "نهارية" التي حددت للقوات اللبنانية، تقع جميعها في إطار الدولة العربية في مشروع التقسيم[5].
    (اُنظر ملحق تقريري القائمقام حافظ بكري عن اجتماعات رؤساء أركان حرب الجيوش العربية (1 و10 مايو 1948))
    https://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Siasia2/Harb48/mol44.doc_cvt.htm
    و



    ولما كان الأمين العام لجامعة الدول العربية لم يتلق رسمياً رد الحكومة المصرية على رسائله حتى العاشر من مايو، فقد اتصل لاسلكياً بالنقراشي باشا مساء نفس اليوم لاستعجاله، فأخبره الأخير أنه سيرسل كامل عبدالرحيم صباح اليوم التالي إلى دمشق لحضور جلسات اللجنة السياسية ومعه التعليمات اللازمة.
    وقبل أن يصل ممثل الحكومة المصرية إلى دمشق، أرسل الأمين العام رسالة أخرى ـ حملها القائمقام حافظ بكري ومؤرخة في 11 مايو ـ إلى وزير الخارجية المصرية يخطره فيها "باجتماع اللجنة السياسية في وقت تحرجت فه الحاجة (الحالة) في البلاد العربية وأوضحت حكوماتها نتيجة انفعال الرأي العام أنها لا تستطيع التخلف عن التقدم بجيوشها مخافة الثورات الداخلية، وهو الآن لا يعرف ماذا سيكون موقف مصر بالضبط، ومن المحتمل إحراجها إلى أقصى حد إذا كان هناك تردد في التعاون ..".
    ويستطرد الأمين العام في رسالته السابقة موضحاً "أن الملك عبدالله سيتحرك بجيشه يوم 15 مايو مهما فعل الآخرون، ومعنى ذلك أنه إذا لم يتقدم الآخرون فسيحتل هو القسم العربي، ويرجع مسؤولية الفشل على باقي الدول، وهذا ما لا يستطيع العراق وسورية ولبنان أن تقبله، ولذا قررت الدخول يوم 15 بجيوشها إلى فلسطين، فيجب التوكل على الله والعمل لأن كل ما يحدث أقل ضرراً من التردد والإحجام".
    وفي نفس اليوم الذي أرسل فيه الأمين العام رسالته السابقة كانت تجرى في البرلمان المصري الإجراءات الدستورية لدفع قوات الجيش المتمركزة في العريش إلى فلسطين، وبدأت هذه القوات تحركها فعلاً إلى رفح على الحدود الفلسطينية صباح الثاني عشر من مايو بعد موافقة البرلمان المصري على قرار التدخل بالجيش المصري في فلسطين.
    وبينما كانت القوات المصرية في طريقها إلى رفح، أعلن الملك عبدالله رسمياً رفضه لمشروع الهدنة الذي تبنته كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وجاء هذا الإعلان متزامناً مع وصول لجنة الهدنة التي عينها مجلس الأمن إلى عمان. وحتى يقطع خط الرجعة على الحكومات العربية التي كانت تميل إلى قبول الهدنة ـ وهو ما كان سيفسد عليه خطته في ضم القسم العربي من فلسطين ـ أعلن في الإذاعة أنه لن يسير في ركاب الجامعة العربية إذا قبلتها، وسيأمر جيشه بالزحف على فلسطين بعد 15 مايو، ولما كان الملك عبدالله هو الذي تقدم ليقود المسيرة فما كان الحكام العربي ليظهروا أقل منه حماساً للتدخل، حتى وان اختلفت أهدافهم ونواياهم.




    [1] كان من أسباب التحفظ التى أبداها النقراشي باشا أن القوات البريطانية ما زالت تحتل قواعدها في منطقة القناة، وعلى ذلك فإنه يتعذر مجابهتها في فلسطين، فلم تكن الحكومة البريطانية قد أعلنت بعد موعد إنهاء انتدابها على فلسطين.


    [2] أكد توفيق أبو الهدى باشا، رئيس الوزراء الأردني، للبريجادير "تشارلز كلايتون" ضابط الاتصال البريطاني في ديسمبر1947 ثم لأرنست بيفن وزير الخارجية البريطاني في ربيع عام 1948 أن القوات الأردنية سوف تعمل على احتلال المنطقة التى تقع في القسم العربي من التقسيم دون تجاوزه.


    [3] الجنرال "جون باجوت جلوب" رئيس أركان الجيش الأردني عام 1948، وهو ضابط بريطاني كان معاراً لمملكة شرق الأردن، يميل للبدو ويجيد اللغة العربية.


    [4] الأرجح أنه وزير بريطانيا المفوض في الأردن.


    [5] تكاد تجمع المصادر العربية الأخرى على تلك الأهداف، إلا أن لبنان تغير هدفه فيما بعد ليكون الدفاع عن الحدود اللبنانية، بعد أن تغيرت أوضاع القوات السورية.

     

     


     
    رد مع اقتباس

    قديم 15th November 2009, 03:28 AM أسامة الكباريتي غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 25
    أسامة الكباريتي
    Field Marshal
     






    أسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond repute

    أسامة الكباريتي's Flag is: Palestinian

    افتراضي

    أنا : أسامة الكباريتي




    !For Medical Professionals Only

    هنا نجد لزاما أن نتوقف قليلا امام الدور المباشر والمؤثر للعمل المقاوم للمجاهدين الفلسطينيين والذي تلاحم بشكل فوري مع تدفقات المجاهدين من المتطوعين العرب الذين هبوا من مختلف البلدان بأعداد متفاوتة ..

    وقد ذكر لي والدي رحمه الله أنه كان يلازمه مجاهد حجازي طوال العام 1947 وحتى مغادرة معظم سكان يافا قبيل انسحاب الانكليز منها أوائل أيار/مايو 1948 ..
    وأن قواته التي كانت ترابط في منطقة تل الريش المتاخمة لحدود مستوطنة يهودية تلقت بعضا من الدعم في العتاد من جيش الإنقاذ العربي، وإن كانت الأسلحة المستلمة قديمة وكثير منها قد علاه الصدأ .. وأن كثير من الذخائر المستلمة لم تكن مناسبة لتلك الأسلحة والبعض منها كان تالفا ..

    وخير مثال لإيجابية الدعم العسكري المباشر للمتطوعين العرب هو ما أورده الدكتور حسان حتحوت رحمه الله في مذكراته عن الفترة التي أمضاها متطوعا في الهلال الأحمر المصري الذي كان له دور بارز ومؤثر في تقديم الخدمات الطبية الميدانية في مختلف مواقع القتال بين المجاهدين الفلسطينيين وعصابات اليهود التي كانت تهاجم كافة المدن والقرى بشكل منتظم ..
    وقد أمضى د. حتحوت فترة عصيبة في مدينة اللد القريبة من يافا حيث تعرضت لعشرات الهجمات العنيفة من قوات الهاجاناة والأرجون تسفاي ليؤمي ..
    وقد سرد د.حتحوت وصفا مؤثرا للخدمات التي كان يقدمها المشفى الذي كان يديره -رغم حداثة تخرجه-
    وذكر في مذكراته الدور المباشر للنجدات التي كان يهِبّث خلالها فرسان بلدة الكرك الأردنية على خيولها لتقديم العون العسكري المباشر للمقاومين المدافعين عن المدينة وتأثير تلك النجدات على دحر قوات العصابات الصهيونية وكسر هجومها وتراجعها عن المدينة ..

    وهنا يحضرني تدفق رجال كنانة العرب الأشاوس على جنوب ووسط فلسطين وسيطرتهم المطلقة على مساحات شاسعة من المناطق التي اجتاحوها بالتنسيق مع المجاهدين الفلسطينيين أولا ومع قوات الجيشين المصري والأردني بعد دخولهما إلى فلسطين بعد 15 أيار/مايو 1948 ..
    وكان للضباط المصريين الذين قادوا عمليات المتطوعين البواسل الدور المبرز في تقديم نمطا غير طبيعي لما يمكن للشعوب أن تفعل عندما يجد الجد ..

    الشهيد البطل أحمد عبد العزيز وقبره في بيت لحم القريبة من القدس ومافعله الجيش الصهيوني بشاهده يوم دخولهم بيت لحم خير مثال على القدرات الحقيقية للمجاهدين العرب .. وما يمكن لهم أن يصنعوه عندما تتاح لهم الظروف المناسبة ..



    وقد عرضت قناة الجزيرة مؤخرا فيلما تسجيليا عن البطل أحمد عبد العزيز قائد الفدائيين في حرب فلسطين 48 ، تحت عنوان "الطريق إلى القدس"

    الفيلم موجود على يوتيوب في 13 جزء
    وهذا رابط الجزء الأول




    أحمد عبد العزيز

    قائد فرقة الكوماندوس المصري في حرب 1948

    الرابط : فضاءات عربية

    من اعداد : حسين حسنين - مصر

    قبل الهدنة الأولى، وخلال أسابيع معدودة، كتائب الفدائيين (المتطوعين) المصريين، والقوات النظامية اللجيش المصري كانت :

    - تطهر قضاء غزة من العصابات الصهيونية

    - تسيطر على بئر السبع ومحيطها فتقطع خطوت اتصال شمال فلسطين بجنوبها.

    - بعد معركة استمرت 13 يوما تمكنوا من السيطرة على القدس القديمة بالكامل.

    - تحاصر القدس الغربية.

    - صباح الخميس 4 يونيو 1948 وصلت القوات النظامية المصرية الى" بيت لحم " قادمة من " بيت جبرين " بعد انتصار ساحق على القوات اليهودية.

    - القوات النظامية تصل إلى المجدل واسدود.

    - عند تنفيذالهدنة كانت القوات المصرية تشطر فلسطين الى شطرين من جنوب القدس مباشرة الى الساحل بشمال أشدود.


    · أين ذهبت كل هذه الانتصارات المذهلة ؟

    · المذهل أن ما كان يحرره الفدائيون ويسلمونه للجيش الأردني، يقوم بإعادته ثانية لليهود !!

    · بامر عسكري مباشر على جهاز اللاسلكي وبشهادة (حسن التهامي) .. قام الجيش الأردني بتسليم مدينتي اللد والرملة (قرب يافا) لليهود.

    · هنا ياتي تطبيق اتفاقية (فيصل – وايزمن)..

    · من الذي كان وراء اغتيال أحمد عبد العزيز.


    ولد أحمد محمد عبد العزيز فى 29 يوليو عام 1907 بمدينة الخرطوم حيث كان والده الأميرالاى (عميد) محمد عبد العزيز قائد الكتيبة الثامنة مشاه فى مهمة عسكرية مصرية بالسودان.
    قضى أحمد عبد العزيز مراحل تعليمه الأولى بالسودان وعاد مع أسرته الى القاهرة فى عام 1919 وهو فى المرحلة الثانوية . يذكر أنه شارك فى مظاهرات ثورة 1919 وعمره لم يتعد بعد الثانية عشره .
    فى عام 1923 دخل أحمد عبد العزيز السجن بتهمة قتل أحد الضباط الإنجليز وأفرج عنه وتم إبعاده من القاهرة الى المنصورة . وعندما حصل على شهادة البكالوريا التحق بالمدرسة الحربية ، وتخرج منها ضابطا بسلاح الفرسان ، ثم التحق بسلاح الطيران .
    بعد ذلك طلب إحالته إلى الاستيداع ليقوم بتشكيل فرقة من المتطوعين الفدائيين لإنقاذ فلسطين من أيدى اليهود . ومع فرقته من الفدائيين اقتحم العريش ومنها الى خان يونس التى وقع بها قتال ضار مع اليهود ، وفى هذه الواقعة رفض المسئولون المصريون إمداده بالأسلحة المتطورة ، ثم جاءت أحداث الأسلحة الفاسدة التى أثرت كثيرا على فرقته من الفدائيين .

    عندما قررت الحكومة المصرية دخول حرب 1948 عارض أحمد عبد العزيزذلك القرار بشدة ، وشرح موقفه للقيادة المصرية بأن الحرب مع اليهود لا تتطلب سوى كتائب خاصة لأنها تقوم على أساس حرب عصابات ومن ثم فهى لا تتطلب جيشا نظاميا لأن الغلبة سوف تكون فى أيدي من ينفذ حرب العصابات على الأرض . وعلى الرغم من رفضه دخول الجيش المصرى النظامى الى ساحة حرب العصابات، قام أحمد عبد العزيز وفرقته من الفدائيين بعمليات تطهير لمدخل غزة لتأمين دخول القوات المصرية النظامية ، وقداستعان فى عمليات التطهير تلك بسلاح المدفعية الذى ساعده فى السيطرة على قطاع غزة والمسالك المؤدية إليها.
    وقد واصل أحمد عبد العزيز زحفه وسيطرته على الأرض حتى مستعمرة " بيرون اسحاق " التى استولى عليها فى 15 مايو 1948. فى الوقت نفسه كانت الطائرات المصرية تقوم بضرب مواقع العصابات الصهيونية فى ( بيت حانون ) ، فى الوقت الذى كانت تتقدم فيه المشاه المصرية .

    فى ليلة 18 مايو 1948 ذهب أحمد عبد العزيزالى قيادة القوات المصرية التى كانت ترابط فى غزة وطلب منهم الحصول على مدفعين فقط كى يقوم بالاستيلاء على بئر السبع الذى يعد موقعا إستراتيجيا هاما وعقدة المواصلات فى فلسطين والمفتاح الى النقب ، لكن القيادة المصرية رفضت تزويده بالمدافع بسبب نقص فى العتاد وربما لأسباب أخرى . ومع ذلك ذهب احمد عبد العزيز ورفاقه من الفدائيين الى بئر السبع معتمدا على عنصر المفاجأة، ولما وصل إلى بئر السبع أستقبله الأهالي هناك بحفاوة بالغة .

    وفى هذا الخصوص يقول الصاغ صلاح سالم فى مجلة التحرير: كان القتال بيننا وبين الاعداء شديدا ، وكثيرا ما كانت قوافل اليهود تقع فى كمائن القوات المصرية. ( يذكر أن صلاح سالم أصبح فيما بعد من أعضاء مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952) .
    فى نفس السياق قال اليوزباشى حسن التهامى (أصبح فيما بعد عضو قيادة ثورة 1952) : بعد أن عقد القائد أحمد عبد العزيز اجتماعا لوضع خطة السيطرة على بئر السبع واتفق على أن يتم البدء بالسيطرة على مستعمرة ( بيت ايشل ) وهى أقرب المستعمرات الى بئر السبع. وبالفعل تمت الإغارة على المستعمرة، وإستشهد فى تلك الإغارة أنور الصبحى . وبعد صراع دام ثلاثة أيام تمت السيطرة على المستعمرة ، لكن حدث ما لم يكن متوقعا ، فقد كان من المفترض أن يتم التنسيق بين أحمد عبد العزيز والقائد الأردنى "حكمت مهيار" ، لكن بعد معركة المستعمرة اتجه القائد حكمت مهيار وجنوده الى السلب والنهب وانتزاع الغنائم دون الاهتمام بتعقب العدو وتطهير أرض المعركة من ذيول وأثار العدو ، فى الوقت نفسه صدرت أوامرالقيادة الأردنية العليا لأحمد عبد العزيز بترك المستعمرة تحت تصرف حكمت مهيار (يذكرأن قيادة الأردن كانت مسئولة عن ذلك القطاع وكان أحمد عبد العزيز يخضع لأوامرها)، وتقدم أحمد عبد العزيز وجنوده للإقامة فى معسكر بمدرسة " صور باهر " . لكن فى مساء نفس اليوم صدرت أوامر القيادة العامة الأردنية إلى حكمت مهيار بالانسحاب من المستعمرة ، وهو ما أثار العديد من التساؤلات خاصة وأن ذلك أدى الى عودة اليهود الى المستعمرة ثانية وأحكموا قبضتهم عليها؟!!!!!!!! .
    أما أحمد عبد العزيز فقد تقدم الى منطقة الخليل ومنها الى الأراضى المقدسة . وفى 29 مايو 1948 صرح أحمد عبد العزيز للصحفى محمد حسنين هيكل الذى كان يعمل لجريدة لإيجبسيان جازيت الإنجليزية بالقاهرة ، فقال : إننا الآن على أبواب القدس ، والجيش المصرى يدك حصون مستعمرتي " راماتن راحيل " و " تل بيوت " وسوف نقتحم الطريق الجنوبى الى القدس .
    فى هذا الخصوص يقول حسن التهامى: " لقد نفذنا بقيادة أحمد عبد العزيز هجمات عنيفة على العصابات اليهودية وأستمر ذلك الصراع نحو 13 يوما بعدها سقطت القدس القديمة فى أيدى المصريين" .
    فى الوقت نفسه كانت القوات المصرية النظامية قد انطلقت من شمال غزة الى دير سنيد ثم الى المجدل وأسدود، واتجهت شرقا فاحتلت الفالوجا و" بيت جبرين" ، ثم " نجية " ، و" أسرمد" ، وفى طريقها الى تل أبيب كانت الطائرات المصرية تضرب " تل أبيب " و" بتاح " و " راخابوت ". فى الوقت نفسه اتخذت القوات المصرية النظامية طريقها الى القدس ، كما أخذ أحمد عبد العزيز طريقه الى مركز قيادة الجيش العربى فى القدس وكان معظمه مع الأردنيين ، لكن التفاهم معهم كان صعبا للغاية (السبب وراء تلك العرقلة الأردنية غير مفهوم!!!) ، فقد رفضوا إعطاء المصريين المعلومات الكافية عن سير المعركة أو حتى خرائط الوضع الميدانى أو إعطاء أية تسهيلات ميدانية .
    وفى صباح الخميس 4 يونيو 1948 وصلت القوات النظامية المصرية الى" بيت لحم " قادمة من " بيت جبرين " بعد انتصار ساحق على القوات اليهودية ، وأقيم لذلك النصر الميدانى حفل كبير وتم رفع العلمين المصرى والفلسطيني على بيت لحم فى احتفال عسكرى مهيب .

    فى الوقت نفسه قام أحمد عبد العزيز بتشديد حصاره على اليهود الموجودين فى القدس الجديدة (القدس الغربية ) . لكن ما حدث بعد ذلك كان غير متوقع، فقد أعلنت الهدنة الأولى لمدة أربعة أسابيع ، وبدأ تنفيذها فى 11 يونيو عام 1948، وتلك كانت مفاجأة مذهلة للقوات المصرية لأنها كانت نقطة التحول الكبرى فى تاريخ الصراع العربى الاسرائيلى .
    فى هذا الصدد قال احمد عبد العزيز: لم نكن نريد الهدنة على الإطلاق ، وكان هدفنا إحكام السيطرة الكاملة على كافة الأراضى الفلسطينية وطرد اليهود منها ، وكنا قاب قوسين أو أدنى من عودة فلسطين للعرب ، لكن التدخل البريطاني كان واضحا وسافرا وكان هدفهم واضح للعيان وهو عدم سيطرة العرب على فلسطين.
    وطبقا لرواية المراسل الحربى لجريدة الأساس ومجلة المصور جميل عارف الذى قال: عند تنفيذ الهدنة كانت القوات المصرية تشطر فلسطين الى شطرين من جنوب القدس مباشرة الى الساحل بشمال أشدود ، وكان اليهود فى جزع شديد على مصير نحو ثلاثين مستعمرة يهودية فى جنوب فلسطين قد عزلتها القوات المصرية تماما . وحاولت قوات اليهود أن تكسرالحلقة المصرية لكن دون جدوى . لذلك أخذ اليهود فى تموين المستعمرات تارة بواسطة الطائرات البريطانية وأخرى بتهريب القوافل ليلا لكن كثيرا ما كانت هذه القوافل تقع فى كمائن القوات المصرية التى كان يصنعها أحمد عبد العزيز ومن معه من الفدائيين وعلى رأسهم كمال الدين حسين قائد المدفعية .
    المؤسف هنا أن اليهود استفادوا كثيرا من تلك الهدنة . وفى هذا الصدد يقول حسن التهامى: " عندما انتهت الهدنة الأولى فى 9 يوليو 1948 كان معي قائد الوحدة الأردنية اليوزباشى قاسم الناصر فى منطقة ( عطوف ) وهى أقرب المناطق الى القدس، وسمعته بأذني وهو يتحدث عبر جهازه اللاسلكي مع القيادة العامة الأردنية ، وكانت القيادة تأمره بالانسحاب من مناطق ( اللد والرملة ) وهما أقرب المناطق الى القدس من جهة الغرب ، وقد رفض القائد الاردنى الانسحاب ، وعندما أصر قاسم على الاستمرار مع القوات المصرية، هددته القيادة العامة الأردنية بأنه سوف يتحمل وحده نتيجة عصيانه تنفيذ الأوامر العسكرية ، ولن يتم إرسال عتاد وذخيرة له بعد اليوم .
    ويضيف التهامى: وفى اليوم التالى فوجئت بإنسحاب الجيش الاردنى من اللد والرملة ، وتم تركها لليهود .
    تلك كانت نقطة تحول فارقة فى تاريخ المعركة أيضا . فقد قامت القوات اليهودية بإنشاء طريق جديد الى القدس الغربية بعد أن قام أحمد عبدالعزيز وقواته بإغلاق الطريق الأصلى المؤدى الى القدس . وهنا حضر اللواء أركان حرب محمد نجيب ليستطلع الأمر بنفسه ".
    فى الوقت الذى كان يقوم فيه حسن التهامى بمطاردة اليهود فى طريق ( جرعة ) عبر الجبال ، جاء زكريا محيى الدين الى منطقة عطوف التى انسحب منها الأردنيون ومكث بها حتى عودة حسن التهامى وقواته وطلب منهم زكريا الانسحاب الفورى من عطوف بناء على تعليمات القيادة العسكرية المصرية ، وعندما رفضت قوات الفدائيين الانسحاب هددها زكريا محيى الدين بأنه لن يتم إمدادهم بالذخائر وأن رفضهم سوف يعرضهم للمحاكمة العسكرية . وبالفعل انسحبت قوات حسن التهامى الى ( بيت جبرين ) التى كانت آخر معاقل الخط المصرى فى هذا الاتجاه .
    لقد تبين بعد ذلك أن سبب انسحاب القوات المصرية والأردنية راجع الى الضغوط الشديدة التى فرضتها القيادة البريطانية على النظامين المصرى والأردنى وطالبتهما بانسحاب قواتهما والا ستتدخل بريطانيا عسكريا لحسم الموقف على الأرض لصالح اليهود .
    كان الهدف واضحا، وهو انسحاب القوات العربية لتمكين القوات اليهودية من الاستيلاء على الأرض دون أدنى خسائر فى القوات اليهودية التى فقدت الكثير فى المعارك الأولى . فى ذلك الوقت كان أحمد عبد العزيز قد أقام نقاطا دفاعية حصينة مع قواته من الفدائيين فى منطقة (صور باهر) واستطاع بذلك أن يسيطر على المستعمرات المحيطة بالقدس الغربية التى كانت تهدد الطريق المؤدى الى القدس من الجنوب .
    فى منتصف أغسطس 1948 انتهت القوات المصرية من وضع تخطيط لخطوط الهدنة وتحديد القطاعات على طول الجبهة تحت إشراف مراقبي الهدنة . لكن بعد ذلك مباشرة توالت اعتداءات اليهود .
    ففى 19 أغسطس 1948 شن اليهود هجوما عنيفا على قوات أحمد عبد العزيز وتصدى لهم بقوة وأوقف تحركهم ، واستمرت اعتداءاتهم مما أدى الى تحويل خرق الهدنة على مجلس الأمن . وبالفعل أصدر مجلس الأمن قرارا بوقف الاعتداء لكن إسرائيل لم تنفذه وتعللت بأن القوات المصرية احتلت جبل المكبر وأن اليهود لن يتركوا المناطق التى احتلوها إلا إذا انسحبت القوات المصرية من ذلك الموقع الحيوي.
    وفى النهاية تمت الموافقة على عقد مؤتمر تحضره الأطراف المتنازعة للعمل على إيجاد منطقة محايدة تمس جبل المكبر بحيث تؤدى الى انسحاب قوات الفدائيين بقيادة القائد السنغالي الشجاع عبد الله الافريقى الذى كان يرفض تماما الانسحاب من منطقة جبل المكبر الاستراتيجية .


    إغتيال أحمد عبد العزيز:

    فى 20 أغسطس 1948 تسلم أحمد عبدالعزيز مذكرة من مندوب الهدنة الامريكى تشير الى عقد اجتماع مع القائد اليهودي ورئيس المراقبين الدوليين ومندوب الصليب الأحمر للنظر فى المشاكل التى نتجت عن احتلال اليهود للمنطقة المحرمة الخاضعة للصليب الأحمر، وعندما حان موعد الاجتماع قصد أحمد عبد العزيز تجاه القدس لكن خلال الطريق تعرض لإطلاق الرصاص على سيارته من قبل اليهود ، فأضطر احمد عبد العزيز الى العودة، وبعث احتجاجا لمندوب الهدنة الامريكى الجنرال زايلى. وفى يوم الأحد 23 أغسطس دعي احمد عبد العزيز لحضور المؤتمر مرة أخرى بعد تقديم الاعتذار له . وفى المؤتمر أصر احمد على تسجيل العدوان اليهودي على أموال وأرواح العرب ، وكان يمثل اليهود فى ذلك المؤتمر موشى ديان .

    وبعد مباحثات مطولة انتهى الاجتماع بقرارات تقضى بسحب القوات اليهودية خلال 24 ساعة من المناطق التى احتلتها ووقف اطلاق النار على طول الجبهة فورا ومطالبة حكومات الدول بالنظر فى موضوع خلق منطقة حرام .
    وبعد الاجتماع عاد أحمد عبد العزيز الى موقعه وتناول غداءه ، وأصر على التوجه مباشرة الى مقر القيادة العامة فى غزة لإبلاغهم بما حدث بالمؤتمر وذلك على الرغم من مناشدة رجال أحمد عبد العزيز بعدم السفر ليلا وتأجيل ذلك للصباح الباكر إلا أنه أصر على ذلك واصطحب معه الصاغ صلاح سالم الذى قاد سيارته بدلا من السائق الذى جلس فى الخلف وكان معهما الضابط الوردانى أحد رجال احمد عبد العزيز المقربين . وكان صلاح سالم يعرف كلمة السر التى كانت فى تلك الليلة (غزة) . ويقول صلاح سالم : عندما اقتربت السيارة من بلدة ( عراق المنشية ) التى تبعد عن الفالوجا نحو 2 كيلومتر سمع صوت طلق نارى خارجا من أحد خنادق البلدة وسمع فى الوقت نفسه أنين أحمد عبد العزيز الذى ارتمى على صلاح سالم ممسكا بذراعه (حسب رواية صلاح سالم فيما بعد) . وحاول صلاح سالم ومن معه بالسيارة حمله الى مستشفى ميدانى بالفالوجا لكن قبل وصوله الى المستشفى كان أحمد عبد العزيز قد فارق الحياة فى ليلة 23 أغسطس 1948 عن عمر لا يزيد عن 41 عاما .

    وتتعدد الروايات حول مقتله أو إغتياله : فقد نشر بجريدة الأهرام رواية صلاح سالم وهى الرواية الرسمية السابق الإشارة إليها . وهناك رواية أخرى تقول أن الذى اغتاله مجموعة فلسطينية مقاتلة كانت تقوم بعمليات عشوائية واشتبهت فى السيارة التى كان يركبها .
    أما الرواية الثالثة فتشير إلى دور قيادة الجيش المصرى الغاضبة من أحمد عبدالعزيز وحماسه وعدم التزامه التام بأوامر قادة الجيش .

    والرواية الرابعة توجه أصابع الإتهام إلى الحكومة المصرية التى كانت تخشى من تصاعد نجم أحمد عبدالعزيز بعد أن بدأت الصحافة المصرية تصفه بـ«البطل» خاصة بعد أن نشر محمد حسنين هيكل يومياته وصوره فى الجبهة فى جريدة الإيجيبيان جازيت ، ثم فى أخبار اليوم ، وبدأت الناس تنتظر أخباره من فلسطين . والرواية الخامسة كانت من جانب الإخوان المسلمين الذين لمحوا إلى ما قاله حسن التهامى من أن كتيبة «عراق المنشية» كانت فى ذلك الوقت تحت قيادة جمال عبدالناصر.

     

     



    التعديل الأخير تم بواسطة أسامة الكباريتي ; 15th November 2009 الساعة 04:09 AM
     
    رد مع اقتباس

    قديم 15th November 2009, 09:07 AM أسامة الكباريتي غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 26
    أسامة الكباريتي
    Field Marshal
     






    أسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond repute

    أسامة الكباريتي's Flag is: Palestinian

    افتراضي

    أنا : أسامة الكباريتي






    رصاصة صهيونية أصابت شاهد القبر بعد احتلال الضفة في العام 1967



    المحتلون يحاصرون البطل أحمد عبد العزيز بعد 58 عاما من انتهاء الحرب


    بيت لحم ـ مؤسسة فلسطين للثقافة
    أدت أعمال استيطانية متواصلة في ضريح قبة راحيل الإسلامي، شمال بيت لحم، الذي حولته سلطات الاحتلال الإسرائيلية إلى كنيس يهودي، إلى محاصرة نصب تذكاري في المقبرة الإسلامية التابعة للضريح، يعود لقائد المتطوعين المصريين في حرب فلسطين عام 1948.
    واحيط النصب الذي يخلد ذكرى الضابط الشهير أحمد عبد العزيز، بأسلاك شائكة بينما ارتفعت بجانبه الأسوار العالية وفتحات المراقبة التي يشهر منها الجنود أسلحتهم، حيث يشكل الكنيس اليهودي جيب استيطاني وسط محيط عربي.




    الجدران والاسلاك الشائكة تحيط بنصب احمدعبدالعزيز

    وتعمل الجرافات بداب لتوسيع الكنيس الذي لم تتوقف أعمال التوسع فيه منذ حزيران (يونيو) 1967، وتسعى سلطات الاحتلال إلى ضم المنطقة إلى حدود بلدية القدس الإسرائيلية ونزعها من حدود بلدية بيت لحم.
    وحسب حارس المقبرة فان للإسرائيليين "ثأر قديم مع البطل أحمد عبد العزيز" يعود إلى تلك الحرب التي انهزمت فيها الجيوش العربية، وكان من نتائجها إقامة دولة إسرائيل وتشريد الشعب الفلسطيني.

     

     


     
    رد مع اقتباس

    قديم 16th November 2009, 01:38 AM أسامة الكباريتي غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 27
    أسامة الكباريتي
    Field Marshal
     






    أسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond repute

    أسامة الكباريتي's Flag is: Palestinian

    افتراضي

    أنا : أسامة الكباريتي




    نكبة فلسطين الكبرى


    1948



    د. كمال إبراهيم علاونه
    أستاذ العلوم السياسية
    فلسطين العربية المسلمة


    1. مجريات حرب فلسطين 1948

    عند إعلان قرار تقسيم فلسطين عن الجمعية العامة للأمم المتحدة اندلعت نيران الثورة في فلسطين بصورة عفوية دون إعداد عربي مسبق لها ، بينما كان الجانب اليهودي يعد العدة لذلك في شتى مجالات التسليح والتدريب والخطط العسكرية والتهيئة النفسية والحربية الشاملة .
    ثم أنشأت الهيئة العربية العليا قيادة عامة للعمليات فقسمت فلسطين سبع مناطق يتولى كل منها قائد عسكري : القدس ، بيت لحم ، رام الله ، المنطقة الغربية ( يافا والرملة واللد ووادي الصرار والمجدل ) ، والجنوب ، ومنطقة طولكرم وجنين ، والمنطقة الشمالية [1] .

    وقد زودت الهيئة العربية العليا عرب فلسطين ببعض التجهيزات والعتاد العسكري التالي : 5396 بندقية ، و499 مدفعا رشاشا ، و364 بندقية تومي ، و309 مسدسات ، و124 مدفعا مضادا للمصفحات ، و66 مدفعا مضادا للدبابات ، و23 مدفعهاون ، و1609 صندوق متفجرات ، و46،740 قنبلة ، و3867 لغما جاهزا ، وبعض كميات الذخيرة والتجهيزات الأخرى ، بينما قدمت اللجنة العسكرية العربية للفلسطينيين 1600بندقية فقط . [2]

    وكانت الحركة الصهيونية أعدت العدة لاحتلال كامل أجزاء فلسطين بعد جلاء قوات الاحتلال البريطاني عنها . تمثلت بوضع خطط استراتيجية منذ عام 1942 وهوعام إنشاء الجيش اليهودي في مؤتمر بلتيمور في نيويورك . وكذلك بناء المستعمرات اليهودية ورفدها بالمهاجرين اليهود الجدد ، والعمل على التواصل الجغرافي بين هذه المستعمرات . وفي السياق ذاته ، وضعت خطة عسكرية يهودية للإستيلاء على فلسطين ( خطة د ) خطط لها وأعدتها الهاغاناة اليهودية بهدف السيطرة على السلطة على جميع البلاد ، وفي البداية السيطرة على السلطة ضمن حدود قرار التقسيم وحماية المستعمرات اليهودية وتدمير القرى العربية قرب المستعمرات اليهودية وتهجير السكان الأصليين ، وحصارالمدن العربية لتفريغها من أهلها العرب [3] .

    وقدرت القوات العربية التي جاءت لإنقاذ فلسطين بنحو 20 ألف جندي : منهم 10 آلاف جندي مصري من ضمنهم سرايا من الجيشين السوداني والسعودي ومتطوعين ليبيين وتونسيين وجزائريين ، و4500 جندي أردني، و3000 جندي عراقي ، و3000 جندي سوري ، و1000 جندي لبناني .
    في حين كان عدد قوات المنظمات اليهودية - الصهيونية الإرهابية حسبما تبين من دار الوكالة اليهودية : 20ألف جندي مدربين ومزودين بالسلاح كاملا ، و10 آلاف جندي مدربين كاملا لم يتم تزويدهم بالسلاح كاملا ، و30 ألف جندي دربوا جزئيا ولم يزودوا بالسلاح ، و60 ألف جندي ينتمون لمنظمة الهاغاناة ، و6000 آلاف جندي ينتمون لمنظمة الارغون وكان بعضهم مسلحا ، و1000 جندي ينتمون لمنظمة شتيرن وكان بعضهم مسلحا[4].
    وهنا مصادر تاريخية تقول ، إن الهاغاناة تكونت فعليا من الأقسام التالية : 40 ألف قوة ثابتة ، و16 ألف قوة ميدانية ، و6 آلاف قوة دائمة التعبئة ، إضافة إلى 5 آلاف قوات الأرغون و3 آلف قوات شتيرن أي نحو سبعين ألف جندي[5]مدرب ومنظم جيدا بعتاد جديد وكميات أسلحة متنوعة وهائلة.

    ودخلت وحدات الجيوش العربية فلسطين صباح يوم 15أيار 1948 ، وكانت معظم أراضي فلسطين تحت سيطرة المنظمات الصهيونية فاندفعت القوات العربية مسيطرة على مساحة كبيرة من فلسطين خلال أيام قليلة وحتى الأشهر الأربعة الأولى كان الموقف العسكري حليفا للعرب فسيطرت الجيوش العربية السبعة إضافة إلى قوات الجهاد المقدس بقيادة عبد القادر الحسيني وقوات فوزي القاوقجي من المتطوعين على مناطق واسعة من فلسطين وحاصرت قوات المنظمات اليهودية – الصهيونية .

    واستخدم العرب طريقة تفجير السيارات المليئة بالمتفجرات في الأحياء اليهودية مما أدى إلى إلحاق عشرات القتلى في صفوف اليهود .
    كما عزلت المستعمرات اليهودية عن بعضها البعض وكان عدد المستعمرات اليهودية في فلسطين آنذاك نحو 300 مستعمرة ، مما أدى إلى خنق الإمدادات والتموين .
    ودمرت قوافل يهودية أثناء تنقلها بين المستعمرات ، وألقيت الصخور في طرق القوافل اليهودية .

    فطلب اليهود عبر دافيد بن غوريون وقف إطلاق النارلإنقاذ القدس المحاصرة فاتصل بن غوريون بالوسيط الدولي ( الكونت برنادوت ) داعيا لتنفيذ الهدنة بينما رفض الهدنة الحاج أمين الحسيني تحسبا لفقدان حماسة الجنود العرب والانقسام العربي الرسمي .

    فجمعت الهاغاناة قواها وشنت هجوما معاكسا على قوات الجيوش العربية فأوقف الزحف المصري تجاه تل أبيب وقد لوحظ أن كميات من بنادق الجنود العرب كانت تتوقف عن إطلاق النيران فجأة ، وأحيانا انفجرت القنابل اليدوية في أيديهم ، كما كانت القوات العربية تعاني من نقص الذخائر والأسلحة الثقيلة وشبه انعدام للأدوية والأطعمة والمياه والوقود بينما وصلت شحنات أسلحة من أوروبا لليهود .

    وقد عانت القوات العربية من ضعف التنظيم وقلة الإمداد والتموين وغياب الخطة العسكرية الموحدة . وفي الهدنة الثانية من الحرب أعطى الوسيط الدولي النقب للعرب ،وقد قتل يهود الكونت برنادوت الوسيط الدولي في 17 أيلول 1948 ، لأنه كان يخطط لمنح القدس إلى العرب .

    ثم تجددت المرحلة الثانية من الحرب بعد زيادة عدد جيش الهاغاناة اليهودية واستقدام شحن أسلحة تشيكوسلوفاكية . وقد أعلن عن تشكيل الجيش اليهودي (جيش الدفاع الإسرائيلي – تساهل ) فخصص له زي موحد برتب عسكرية فاستوعب الجيش جميع أفراد المنظمات العسكرية اليهودية – الصهيونية ، وزود الجيش الإسرائيلي بالطائرات الحربية .

    وعلى الجانب العربي برزت الخلافات والانقسامات بين قيادات الجيوش العربية والأنظمة الحاكمة . وفي المرحلة الرابعة والأخيرة في الحرب العربية – الصهيونية عام 1948 تحول الموقف العسكري لصالح الجيش الإسرائيلي في الفترة ما بين 18 حزيران - 19تموز 1948 حيث استولت قوات الجيش الإسرائيلي على معظم أرجاء فلسطين .
    وفيما بعد وقعت إتفاقات الهدنة فكانت مصر أول من وقع الهدنة في رودس في 24 شباط/فبراير 1949 ، ثملبنان في 23 آذار/مارس 1949 ، فالأردن في نيسان/ابريل 1949 ، تبعتها سوريا في 20 تموز/يوليو1949 بينما لم يوقع العراق على أي إتفاق للهدنة مع الكيان الصهيوني .

    وانسحبت قوات الجيشالعراقي وأخذ مكانها الجيش الأردني [6].
    فكانت الهدن السابقة تتم بين كل دولة عربية على حدة مع الكيان الصهيوني الجديد ، وقد وضعت هذه الهدن المتعددة نهاية لحرب فلسطين دون أن تحدد حدودا سياسية للكيان اليهودي باستثناء نص الاتفاقيات الأربع للهدنة على الحفاظ على خطوط الهدنة التي لا تمس الحق في التسوية النهائية لقضية فلسطين .


    المراجع:
    [1] محمدالشاعر ، الحرب الفدائية في فلسطين ، ط. 3 ( بيروت : 1969 ) ، ص 245 – 260 .
    [2]ناجيعلوش ، المقاومة العربية في فلسطين 1917 – 1948 ( عكا : مكتبة الأسوار ن 1979 ) ، ص 162 .

    [3] هنري كتن ، قضية فلسطين ، ترجمة : د. رشدي الأشهب ( رام الله : وزارة الثقافة الفلسطينية ، 1999 ) .
    [4] عبد الستار قاسم ، وغازي ربابعة ، الحروب العربية – الإسرائيلية ، في جواد الحمد وآخرون ، المدخل للقضية الفلسطينية ( عمان : مركز دراسات الشرق الأوسط ، 1998 ) ، ص 261 .
    [5] وليد الخالدي ، " بناء الدولة اليهودية 1897 – 1948 – الأداة العسكرية " مجلة الدراسات الفلسطينية ، بيروت ، العدد 39 ، صيف 1999 ص 87
    [6] عبد الستار قاسم ، وغازي ربابعة ، مرجع السابق ، ص 262 – 274 .




    يتبع ...

     

     



    التعديل الأخير تم بواسطة أسامة الكباريتي ; 16th November 2009 الساعة 02:00 AM
     
    رد مع اقتباس

    قديم 16th November 2009, 03:41 AM أسامة الكباريتي غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 28
    أسامة الكباريتي
    Field Marshal
     






    أسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond repute

    أسامة الكباريتي's Flag is: Palestinian

    افتراضي

    أنا : أسامة الكباريتي




    2.مجازر صهيونية ضد شعب فلسطين


    من أبرز مظاهر الحرب اليهودية – الصهيونية ضد أبناء شعب فلسطين ، هي عملية ارتكاب المنظمات والعصابات الصهيونية نحو خمس وثلاثين مجزرة جماعية ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني فوق أرض وطنهم وخاصة في الجليل والمثلث والنقب والساحل ، لم ولن تنسى من الذاكرة الجماعية الوطنية للشعب الفلسطيني ، عبر الأجيال السابقة ، ويبدو أنها لن تنسى أيضا على مدى الأجيال القادمة كذلك . فقد تعددت المذابح الجماعية التي ارتكبتها عصابات الهاجاناة والبالماخ اليهودية ، وعصابات الارغون وشتيرن ، أو جنود الاحتلال الإسرائيلي فيما بعد ، في أوقات الحرب وفي غير أوقات الحرب .

    وكانت تلك المجازر أو المذابح الجماعية المنظمة رسميا من قبل عصابات المنظمات اليهودية - الصهيونية تهدف إلى زعزعة الأمن الفلسطيني وتهجير وترحيل المواطنين الفلسطينيين من أراضيهم وفقا لسياسة التفريغ والملئ الصهيونية القاضية بطرد أهل البلاد الأصليين لإحلال المستوطنين المستعمرين بدلا منهم في هذه البلاد . وقد تعددت أشكال وصور هذه المذابح أو المجازر الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في مختلف المدن والقرى الفلسطينية التي أبدى سكانها دفاعا مشروعا عن أنفسهم ، أو حتى الذين لم يقاتلوا بتاتا ، فكانت عملية التقتيل والذبح للمواطنين العرب الفلسطينيين تتم بالجملة ، بتخطيط من قادة عصابات المنظمات اليهودية الصهيونية وتنفيذ فعلي على أرض الواقع .

    وقد صاحب هذه المجازر البشعة عملية دعاية مغرضة هدفت إلى انتزاع الفلسطيني من أرضه بشتى الطرق والوسائل الصهيونية المتاحة من الترويج بصورة فظة أن جنود الاحتلال يغتصبون النساء ويقتلون الرجال بغض النظر عن مشاركتهم في عمليات الجهاد والكفاح ضد المحتلين أم لا، وبهذا فان سياسة بث الرعب في نفوس الفلسطينيين نجحت إلى حد ما من الجانبين العربي الرسمي والاحتلالي الصهيوني . فكان الفلسطينيون عرضة للنهب والسلب والاعتداء الجسدي والمالي الذي تمارسه قوات الاحتلال الصهيوني على تعدد عصاباته العسكرية والسياسية . يؤكد فايز صايغ أن الدولة اليهودية لجأت إلى تفريغ الأرض من أصحابها بارتكاب المجازر ضد العرب الفلسطينيين ، أهل البلاد الأصليين ، بقوله :
    " فقد لجأت دولةالمستوطنين الصهيونيين منذ لحظة ولادتها عام 1948 إلى اعتماد العنف كأداتهاالمختارة لإرهاب العرب وإجلائهم ، ولم تكن المجازر التي ارتكبها الصهاينة في دير ياسين وعين الزيتون وصلاح الدين ( في نيسان/ابريل 1948 ) سوى إجراءات مدروسة ، ومقررة كجزء من برنامج رسمي لإجلاء العرب عن طريق إرهابهم " [7].

    وعلى كل الأحوال ، فإن المذابح الجماعية التي ارتكبتها العصابات الصهيونية عام 1948 ، بصورة خاصة ، أدت إلى هجرة عربية فلسطينية مكثفة إلى خارج البلاد على شكل جماعات وأفواج متتابعة، شملت نحو مليون مهجر فلسطيني تركوا أموالهم وممتلكاتهم ، وفروا من جحيم الاعتداءات الصهيونية الوحشية .
    فمثلا ، نزح نحو 430 ألف فلسطيني إلى الضفة الغربية، ونحو مئة ألف لاجئ إلى الأردن ، والى لبنان لجأ نحو مئة وعشرة آلاف لاجئ ، والى سوريا حوالي مئة ألف لاجئ ، والى غزة ما يقارب مائتين وعشرة آلاف نازح ، والى مصر حوالي خمسة آلاف لاجئ ، والى العراق نحو خمسة آلاف لاجئ ، وعشرات الآلاف لجأت إلى دول أخرى وبقي نحو مئة وستين ألف فلسطيني في وطنهم بالمدن والقرى رغم الأوضاع الصعبة [8].

    وقد نتج هذا التدفق الترحيلي الهائل من المهجرين من مواطني فلسطين لعدة أسباب منها : ضعف الإمكانات العربية الفلسطينية العسكرية في الدفاع عن البلاد ، والفقر المنتشر بين السكان في تلك الفترة ، والحرب النفسية التي شنتها عصابات الهاجاناة ضد المواطنين العرب والتي صورت لهم أن من يبقى سيقتل أو يمس شرفه وعرضه . ومن بين سياسة التخويف المخططة أن : " بعض نماذج الحرب النفسية التي استخدمها الإسرائيليون ، عندما أشاع الإسرائيليون أن من يبقى من الفلسطينيين سيقتل وستغتصب زوجته وبناته ، لقد اقترف الجنود الإسرائيليون وحشيات كثيرة تضمنت المجازر الجماعية والقتل والاغتصاب والتخريب " [9].

    وفيما يلي بعض النماذج على المجازر الجماعية التي ارتكبها الصهاينة ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني سواء قبل إعلان قيام الدولة ( دولة إسرائيل ) بأيام أو شهور قليلة أوبعدها ، والتي خلفت الدماء الحمراء الكثيرة التي غسلت بعض شوارع البلاد ، والدموع الساخنة الغزيرة التي سالت على وجنات الأمهات والنساء المترملات الثكالى ، والأطفال الصغار على السواء ، منذ حقبة طويلة وما زالت جراحها تدمي ولم تندمل ، لأن جذورها ما زالت باقية في مسرح الحياة اليومية .

    وكانت ابرز هذه المجازر وأكثرها شهرة تلك التي ارتكبها المحتلون الصهيونيون في دير ياسين قرب القدس الشريف ، ومجزرة الطنطورة قرب مدينة حيفا ، ومجزرة ناصر الدين قرب طبرية والمجزرة البشعة في قرية كفر قاسم في المثلث ، ومجزرة يوم الأرض في الجليل فيما بعد وغيرها من المجازر الجماعية .
    وعدا عن هذه المجازر الجماعية اليهودية ضد الفلسطينيين في أرضهم ، هناك العديد من المجازر الجماعية التي ارتكبتها الأيدي اليهودية العنصرية المتطرفة ، وقد وصل عددها على مدار العقود الستة الماضية ما يزيد عن خمس ثلاثين مذبحة جماعية ضد الفلسطينيين المرابطين في أرض الإسراء والمعراج ، في الأرض المقدسة ، ولكننا ذكرنا بعض هذه المجازر كنماذج على الغطرسة اليهودية – الصهيونية ضد المواطنين العرب الفلسطينيين ، مسلمين ومسيحيين ، أهل البلاد الأصليين .



    3.حكومة عموم فلسطين
    قرر مجلس الجامعة العربية إنشاء إدارة مدنية في فلسطين ولكن الحكومة الأردنية عارضت هذا الإعلان ساعية لدمج الأراضي الفلسطينية المتبقية لها . وفي 1 تشرين الأول 1948 عقد مؤتمر وطني فلسطيني في مدينة غزة اقر دستورا جديدا لفلسطين حدد فيه النظام السياسي الفلسطيني الناشئ على النحو التالي [10]:

    1.المجلس الوطني : يضم ممثلي فلسطين . ترأسه الحاج أمين الحسيني رئيس الهيئة العربية العليا . وأعلن قرارا باستقلال فلسطين جميعها بحدودها الطبيعية ( استقلالا تاما ، وإقامة دولة حرة ديموقراطية ذات سيادة ، يتمتع فيها المواطنون بحرياتهم وحقوقهم ، وتسير هي وشقيقاتها الدول العربية متآخية في بناء المجد العربي ، وخدمة الحضارة الإنسانية مستلهمين في ذلك روح الأمة ، وتاريخها المجيد ، ومصممين على صيانة استقلالنا والذود عنه " [11].

    2.المجلس الأعلى : يتألف من رئيس المجلس الوطني ورئيس المحكمة العليا ورئيس الحكومة ،يتولى رئاسته رئيس المجلس الوطني . يقوم هذا المجلس بمهام رئيس الجمهورية ويدعولعقد المجلس الوطني ، ويختار رئيس الدولة ، كما يصادق على تأليف الوزارة .

    3.الحكومة : تتكون من رئيس الحكومة والوزراء . ترأسها أحمد حلمي عبد الباقي، وضمت عدة وزراء من بينهم : جمال الحسيني وزير الخارجية ، ورجائي الحسيني وزيرالدفاع ، وعوني عبد الهادي وزير الشؤون الاجتماعية ، ود. حسين الخالدي وزير الصحة ، وعلي حسنا وزير العدل ، وأنور نسيبة سكرتير الحكومة .

    4.مجلس الدفاع : يتألف من رئيس المجلس الوطني رئيسا وعضوية رئيس الحكومة ووزيرالدفاع.

    وبعد إعلان هذا التشكيل القيادي الفلسطيني الجديد ، أعلم رئيس الحكومة الفلسطينية الحكومات العربية ومجلس جامعة الدول العربية بهذا الأمر ، فاعترفت بها جميع دول الجامعة العربية ما عدا الأردن ، إلا أن حكومة عموم فلسطين لم تستطع الحياة لفترة طويلة . فالدول العربية المجاورة لم تدعمها ، فقد عقد مؤتمر في عمان ( في 1 / 10 / 1948 ) في ذات يوم مؤتمر غزة برئاسة سليمان التاجي الفاروقي ومشاركة عجاج نويهض وغيرهم استنكروا فيه مؤتمر غزة وبايعوا الملك عبد الله ملكا على ما بقي من فلسطين ، بعد ضمها لشرق الأردن . وتبع ذلك (مؤتمر عمان) المنادي بوحدة الأردن وفلسطين ( الضفتين الشرقية والغربية ) في 1 كانون الأول 1948، و( مؤتمر أريحا ) في 1 كانون الأول 1948 برئاسة الشيخ محمد علي الجعبري تمت فيه مبايعة الملك عبد الله ملكا على الأردن وما تبقى من ارض فلسطين لم يسيطر عليها اليهود الصهاينة .
    كما عقد ( مؤتمر رام الله ) في 31 كانون الأول 1948 بايع المشاركون فيه الملك عبد الله ملكا على فلسطين كلها وطالبوا بالوحدة الفلسطينيةالأردنية .

    من جهة أخرى ، استدعت الحكومة المصرية الحاج أمين الحسيني رئيس المجلس الأعلى إلى القاهرة في 6 تشرين الأول 1948 لبعثرة نشاط الحكومة الفلسطينية .

    وفي بداية عام 1950 أعلن رئيس الوزراء الأردني رفع الحواجز بين الضفتين الغربية والشرقية باعتبارهما وحدة واحدة تلاه مصادقة مجلس النواب الأردني في 24 نيسان 1950 على قرار الوحدة الأردنية – الفلسطينية فنال سكان الضفة الغربية إثر ذلك الجنسية الأردنية ، بينما وضع قطاع غزة تحت إشراف الإدارة المصرية فلم يعد هناك كيان فلسطيني مستقل .

    تابع المراجع:


    [7] فايز صايغ ، الاستعمار الصهيوني في فلسطين ، ترجمة : عبد الوهاب كيالي ( بيروت : مركز الأبحاث – منظمة التحرير الفلسطينية ، 1965 ) ، ص 41 .
    [8] أكرم زعيتر ، القضية الفلسطينية ( القاهرة: دار المعارف بمصر ، 1955 ) ، ص 255 .
    [9] يوسي مليمان ، الإسرائيليون الجدد – مشهد تفصيلي لمجتمع متغير ، ترجمة : مالك فاضل البديري ( عمان : الأهلية للنشر والتوزيع ، 1993 ) ، ص 77
    [10] ناجي علوش ، المرجع السابق ، ص 165 .




    يتبع......


    اقتباس
    فلم يعد هناك كيان فلسطيني مستقل .



    فشة خُلق:
    ممكن ألاقي تفسير .. تعليل .. تبرير .. لما حصل منذ أن دخلت جيوش عربية تمثل 7 دول وبالزغاريد لاقيناهم ..
    واجتاحوا أجزاء واسعة من فلسطين .. وخلال أيام معدودات بعثروا جهود الصهاينة تماما ..

    ثم فجأة .. انكفأت الجيوش العربية .. في حالات كثيرة بدون قتال .. وتركت لليهود 77.7% من فلسطين !!!!!!
    وبعدين
    دولة الكيان الصهيوني أعلنت ونالت الاعتراف الدولي في دقائق بموجب قرار التقسيم ..
    وقتل العرب (الأردن ومصر) الدولة الفلسطينية المعلنة في المهد ..
    ماذا جرى ياعرب ؟

    مين اللي باع؟
    مين اللي أقام دولته على حسابنا ؟
    مين اللي ............
    ألا لا برأتكم من دمائنا فلسطين
    ستبقى لعنة تطال من ضيعوا فلسطين ..

     

     


     
    رد مع اقتباس

    قديم 16th November 2009, 02:22 PM أسامة الكباريتي غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 29
    أسامة الكباريتي
    Field Marshal
     






    أسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond reputeأسامة الكباريتي has a reputation beyond repute

    أسامة الكباريتي's Flag is: Palestinian

    افتراضي

    أنا : أسامة الكباريتي




    .نتائج حرب 1948




    نجم عن الحرب العربية – اليهودية عام 1948 عدة نتائج عسكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية مخلفة آثارا خطيرة على الوضع الفلسطيني العام من أهمها :
    1 - إعلان الكيان الصهيوني ( دولة إسرائيل ) وتدعيمه بالأسلحة البرية والبحرية والجوية .

    2- هزيمة نكراء للعرب والفلسطينيين واستيلاء اليهود على 4 ر77 % منمساحة فلسطين التاريخية بواقع 770 ر20 كم2 ، بزيادة كبيرة عما خصصه لها قرار تقسيمفلسطين الذي حدد للدولة اليهودية 47 ر 56 % تقريبا من مساحة فلسطين الكبرى . وقد نجم عن الحرب العربية – الصهيونية عام 1948 تدمير نحو 45 % من قرى ومدن فلسطين بواقع 374 قرية فلسطينية تم تدميرها كليا فاختفت عن الخارطة الجغرافية والسياسية للبلاد ، فسلمت حكومة الاحتلال أراضي هذه القرى الفلسطينية للمستعمرين اليهود .

    3 - عددالشهداء في فلسطين ( فلسطينيين وعرب ) :
    استشهاد 050 ،13 فلسطيني ،
    و161 ، 1 مصري ( منهم 971 ضابط وجندي والباقي متطوعون ) ،
    و562 أردني ( منهم 362 ضابط وجندي والباقيمتطوعون ) ،
    و511 سوريا ، و399 عراقي ،
    و161 لبناني ،
    و173 سعودي ،
    وبلغ عدد الشهداء من جيش الإنقاذ 512 مجاهدا عربيا ،
    إضافة إلى 21 يمنيا و15 ليبيا و12تونسيا وجزائريا ومغربيا [12]
    . وإصابة الآلاف بجراح .

    4- تهجير حوالي مليون فلسطيني على شكل حركات نزوح داخل البلاد ، من الجليل والساحل والمثلث والنقب ، إلى مناطق عرفت فيما بعد بالضفة الغربية وقطاع غزة وترك المدن والقرى إلى مناطق أخرى ، وعلى شكل هجرة لاجئين إلى خارج فلسطين للأردن ولبنان وسوريا ومصر والعراق والكويت وغيرها . وقد سكن معظم هؤلاء المهجرين في مخيمات لاجئين في خيم . وقد تمثلت أسباب هجرة الفلسطينيين كنازحين داخل أرض فلسطين الكبرى ، ولاجئين خارج أرض فلسطين بعدة أسباب هي :
    أولا : ملاحقة المنظمات الصهيونية الإرهابية لهم عبر المجازر والاعتداء الاجتماعي على النساء .
    ثانيا : إنهيار الأمن العام بعد خروج قوات الاحتلال البريطاني من فلسطين ، فأصبح المواطن الفلسطيني غير آمن في البيت والشارع والمسجد ومكان العمل .
    ثالثا : إنتهاء الحكم السياسي وفقدان القانون والنظام والاستقرار في البلاد .

    5 - اعتراف الدول الكبرى كالولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي بالكيان الصهيوني كدولة .

    6 - مقتل نحو ستة آلاف يهودي في فلسطين أثناء حرب عام 1948 .

    7- تقسيم فلسطين بين ثلاثة أنظمة سياسية هي : النظام الإسرائيلي على الجليل والمثلث والنقب والساحل الفلسطيني ، ومساحتها20،770 كم2بما يعادل 77.4%من مساحة فلسطين احتلها اليهود ، وإلحاق الضفة الغربية بالأردن ( مساحتها5،878 كم2 بما يعادل 20.3% من مساحة فلسطين ) ، وإلحاق قطاع غزة بمصر ( مساحته 363 كم2 أو ما يعادل
    2.3 % من مساحة فلسطين ).

    8- عدم الاعتراف الدولي بحكومة عموم فلسطين التي أنشأت في غزة 1948 . وملاحقتها عربيا ودوليا .


    5.أسباب هزيمة العرب في الحرب

    اشتركت سبعة جيوش عربية رمزيا إضافة لقوات الجهاد المقدس وقوات المتطوعين العرب الأخرى ، في الدفاع عن فلسطين ، ومحاولة إنقاذها من سيطرة المنظمات اليهودية – الصهيونية إلا أنها فشلت في حماية فلسطين من الاحتلال الصهيوني لعدة أسباب من أهمها :

    1 - القيادة السياسية : كانت الهيئة العربية العليا غير متجذرة جماهيريا بين أبناء شعب فلسطين ، وأرسلت أفواجها العسكرية قليلة العدد وضعيفة التدريب في وقت متأخر .

    2- غياب القيادة العسكرية العربية الرسمية الموحدة وبالتالي فقدان الخطة العسكرية الواحدة . وفي المقابل كانت هناك خطة يهودية دعيت باسم خطة د ( دالت ) تقضي بشن هجوم صهيوني كبير على المدن والقرى العربية وتدميرها وتهجير أكبر عدد ممكن من العرب من أراضيهم ، وارتكاب مجازر متعددة ضد العرب ، والاستيلاء على معظم أرض فلسطين .


    3-عدم وجود منظمات فلسطينية مسلحة تعمل على تعبئة الشباب الفلسطيني وتدريبهم ، كما هو الحال لدى اليهود . وتكونت قوات العرب في فلسطين من القوى المنظمة ضمت نحو 10 آلاف شخص قدمت لهم الهيئة العتاد والسلاح . وقوى تضم 15 ألف شخص سلحوا أنفسهم بأنفسهم .

    4- الحصار البريطاني على فلسطين منذ عام 1917حتى 14 أيار 1948 . فلم يتمكن شعب فلسطين من إدخال السلاح أو التدرب عليه أو إدخال جيوش أو متطوعين عرب إلا بعد انسحاب الاحتلال البريطاني .

    5- الإعداد الصهيوني الجيد من العدد والعدة والدعاية الشاملة . فقد بلغ عدد جنود الهاغاناة أكثر من 70 ألف مقاتل مدربين تدريبا جيدا ومزودين بأحدث أنواع الأسلحة ، فقد ورثوا كميات كبيرة من الأسلحة من قوات الاحتلال البريطاني قبل انسحابها من فلسطين . كما أستخدمت الصهيونية دعاية مؤثرة بعد مجزرة دير ياسين وغيرها أدت إلى تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من مواطنهم الأصلية.

    6- سيطرة المنظمات اليهودية على أجزاء كبيرة من فلسطين قبل انتهاء الانتداب البريطاني تنفيذا لخطة ( د ) التي بدأ تطبيقها في 1 نيسان 1948 القاضية باحتلال المدن والقرى العربية وترحيل سكانها عنها باستخدام أي طريقة لذلك . فقد أحتلت مدن عديدة قبل نهاية الانتداب مثل احتلال طبريا في 19 نيسان/ابريل وحيفا في 22 نيسان/ابريل ويافا في 28 نيسان/ابريل والأحياء العربية في القدس الجديدة في 30 نيسان/ابريل ، وبيسان في 8 أيار/مايو وصفد في 10 أيار/مايو وعكا في 14 أيار/مايو 1948 . بمعنى أن شمال فلسطين بأكمله كان تحت سيطرة اليهود فعليا .

    7- دخول عدد قليل من أفراد الجيوش العربية لإنقاذ فلسطين ، والتفرد الرسمي العربي بخوض الحرب غير المتكافئة مع المنظمات اليهودية - الصهيونية . وكذلك فإن أسلحة الجنود العرب كانت قديمة عفا عليها الزمن ، والإمدادات بين القواطع العسكرية العربية كانت مبتورة . إضافة لتصاعد الخلافات في صفوف القيادة السياسية العربية حول من يقود المعركة العسكرية .

    8 - انسحاب قوات عربية من عدة مدن ومناطق فلسطينية واسعة قبل وصول قوات الهاغاناة إليها لأسباب سياسية وعسكرية .

    9- تقاعس معظم عرب فلسطين في الدفاع عن أرضهم بصورة فعلية . فالقسم الأعظم من الفلسطينيين لم يشترك في الحرب ولجأ إلى الهجرة القسرية بسبب ملاحقة المنظمات اليهودية الإرهابية لهم . فالدعوات لخوض الجهاد في سبيل الله للدفاع عن حياض الوطن لم تلق أذانا صاغية لدى أهل فلسطين لأسباب نفسية وسياسية واقتصادية واجتماعية . من أهمها حالة اليأس والإحباط من التصرفات التي مارستها الأحزاب والقيادات الفلسطينية السابقة من خلاف وتناحر على الكراسي وفرض الأوامر القبلية والعشائرية وغيرها .

    10 - قصر أمد الحرب ، والموافقة على الهدن بين العرب واليهود مما ساعد اليهود على التقاط أنفاسهم واستيلائهم على مناطق جديدة أثناء فترات الهدن وجلب السلاح بكميات هائلة وخاصة الأسلحة التشيكية ( بدعم من روسيا ). فقوات الهاغاناة لم تكن تقوى على خوض حرب استنزاف طويلة الأمد .

    11- التدخل الأجنبي ودعمه غير المحدود لقوات الهاغاناة اليهودية وقد وقع العرب في أحابيل الحيل والمؤامرات الأجنبية الأوروبية والأمريكية والسوفيتية .

    ويمكن إجمال أسباب هزيمة العرب والفلسطينيين في حرب عام 1948 وانتصار اليهود وإنشاء دولة يهودية خاصة بهم بعدة عوامل دولية وإقليمية ومحلية . فعلى الصعيد الدولي كان هناك صراع نفوذ بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي ، فسعت الولايات المتحدة للسيطرة على الوطن العربي لتحل محل الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية فانتصر التحالف الاستعماري الأميركي – الصهيوني في هذه المعركة المصيرية . وعلى الصعيد الإقليمي تمثل في وقوع البلاد العربية تحت الهيمنة الأجنبية مباشرة أو بشكل غير مباشر وبالتالي عدم تمكنها من الدفاع بصورة حقيقية عن فلسطين . وعلى الصعيد الفلسطيني سادت حالة الانقسام والتمزق بين قيادة الهيئة العربية العليا ، والأحزاب السياسية الفلسطينية وعدم تجذرها في أوساط الشعب الفلسطيني كونها عبارة عن قيادات وزعامات ووجاهات قبلية عشائرية متصارعة ، كما برزت الخلافات بين الهيئة العربية العليا والحكام العرب [13] .

    لقد طبق قرار تقسيم فلسطين من جانب قوات الهاجاناة الصهيونية وتم إنشاء الدولة اليهودية ( دولة إسرائيل ) على مساحة أكثر مما خصصه لها قرار التقسيم الظالم ، فأصبح ظلما مزدوجا لشعب فلسطين ، ظلم استعماري دولي وظلم يهودي – صهيوني ، حيث استولت المنظمات الإرهابية اليهودية على مساحة نحو 20،770 كم2 من ارض فلسطين الإجمالية أي ما يعادل 4 ر77 % من مساحة فلسطين التاريخية بزيادة أكثر من المساحة المحددة بنحو 5 ر21 % عما كان محددا ( بالتبرع ) لها أصلا في قرار التقسيم البالغ 5ر56 % أو ما يعادل14.5 ألف كم2.
    ورغم مرور الذكرى الحادية والستون على نكبة فلسطين الكبرى ( 15 أيار 1948-2009) فلا زالت عيون النكبة دامعة وحزينة بكل معنى الكلمة من إكتئاب سياسي ومصيري على مستقبل فلسطين وشعبها ، فالحكومة الصهيونية منذ دافيد بن غوريون الذي أعلن عن قيام الكيان الصهيوني أواسط أيار/مايو 1948 حتى الحكومة الصهيونية الحالية أواسط أيار/مايو 2009 بزعامة اليهودي الليكودي المتطرف بنيامين نتانياهو الذي لا يرفض فكرة تقسيم فلسطين وحسب بل يرفض الاعتراف بوجود دولتين في فلسطين ( فلسطينية وإسرائيلية ) . ويبقى العرب يجترون ويبلعون ريقهم من هول النكبة الحزينة التي شرد فيها قرابة مليون فلسطيني أصبح عددهم الآن أكثر من خمسة ملايين في المنافي والشتات، والجزء الأصلي من الشعب الفلسطيني الذي يعيش في وطنه لا زال ملاحقا ومحروما من تقرير مصيره وإقامة دولة فلسطين المستقلة أسوة ببقية شعوب العالم ، بالاحتلال الإمبريالي الصهيوني بدعم العم سام الأمريكي لا زال يتحكم بمصير البلاد والشعب في الأرض المقدسة . فصبر جميل والله المستعان . إنا لله وإنا إليه راجعون .


    المراجع:

    [11] محمد عزة دروزة ، القضية الفلسطينية في مختلف مراحلها ، الجزء الثاني ، ط . 2 ، 1960 ، ص 190 – 194 ، ص 210 – 213 .


    [12] محمد بويصر ، جهاد شعب فلسطين خلال نصف قرن ( القدس – رام الله ، منشورات وزارة الثقافة الفلسطينية ) ، ص 438 – 439 .

    [13] ناجي علوش ، ص 169 – 174 .



    خرائط النكبة (اضغط على الخارطة لتكبيرها):





     

     



    التعديل الأخير تم بواسطة أسامة الكباريتي ; 16th November 2009 الساعة 03:08 PM
     
    رد مع اقتباس

    قديم 16th November 2009, 03:00 PM alwadouda غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 30
    alwadouda
    Member
     






    alwadouda is on a distinguished road

    hearts

    أنا : alwadouda




    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته و يعطيك الف عافيه على هالمجهود و في المقابل اقول ملناش غير رب العالمين عشان نتضرعلو بالدعاء لعل يقك اسرهم و ينعم عليهم بشئ من الحرية انه ولي دلك و القادر عليه و اتوجه لكل الاخوة بالنداء انضموا لحملة مناصري الاقصى الي موجودة على قناة الناس و لا تنسوا اخوانكم بالدعاء

     

     


     
    رد مع اقتباس

    إضافة رد

    مواقع النشر (المفضلة)

    الكلمات الدلالية (Tags)
    الجهاد, ثورات, فلسطين, ونكباته

    قرن من الجهاد - ثورات شعب فلسطين - ونكباته

    « الموضوع السابق | الموضوع التالي »

    الانتقال السريع

    المواضيع المتشابهه
    الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
    شعب أمريكا....أغبى شعب || مع احترامي لهم|| ايمان ايمان منقوووووووووووولات 22 1st July 2010 05:45 AM
    الجهاد: موقع "فلسطين الآن الحمساوي" يعمل على افتعال الفتن ALEXANDER فلسطين أرض الرباط 0 15th April 2010 04:52 PM
    النوبة.. قرن من المرارة (الحلقة الأولى) هاني مليجي شؤون مصر الداخلية 0 2nd February 2009 02:27 PM
    خــرائط جميع معــارك حرب فلسطين 1948 ... حتي لا ننسي أي شعب تمزق كيانه د. يحي الشاعر تاريخ مصر 0 22nd January 2009 08:04 PM

    Currency Calculator
    Your Information
    RSS RSS 2.0 XML MAP HTML


    Powered by vBulletin® Version 3.8.8
    .Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
    (جميع الأراء والمواضيع المنشورة تعبِّر عن رأي صاحبها وليس بالضرورة عن رأي إدارة منتديات المطاريد)
    SSL Certificate   DMCA.com Protection Status   Copyright  


    تنبيه هام

     يمنع منعاً باتاً نشر أى موضوعات أو مشاركات على صفحات منتديات المطاريد تحتوى على إنتهاك لحقوق الملكية الفكرية للآخرين أو نشر برامج محمية بحكم القانون ونرجو من الجميع التواصل مع إدارة المنتدى للتبليغ عن تلك الموضوعات والمشاركات إن وجدت من خلال البريد الالكترونى التالى [email protected] وسوف يتم حذف الموضوعات والمشاركات المخالفة تباعاً.

      كذلك تحذر إدارة المنتدى من أى تعاقدات مالية أو تجارية تتم بين الأعضاء وتخلى مسؤوليتها بالكامل من أى عواقب قد تنجم عنها وتنبه إلى عدم جواز نشر أى مواد تتضمن إعلانات تجارية أو الترويج لمواقع عربية أو أجنبية بدون الحصول على إذن مسبق من إدارة المنتدى كما ورد بقواعد المشاركة.

     إن مشرفي وإداريي منتديات المطاريد بالرغم من محاولتهم المستمرة منع جميع المخالفات إلا أنه ليس بوسعهم إستعراض جميع المشاركات المدرجة ولا يتحمل المنتدى أي مسؤولية قانونية عن محتوى تلك المشاركات وإن وجدت اى مخالفات يُرجى التواصل مع ادارة الموقع لإتخاذ اللازم إما بالتبليغ عن مشاركة مخالفة أو بالتراسل مع الإدارة عن طريق البريد الالكترونى التالى [email protected]