خلص تقرير صادر عن فريق لجنة الخبراء حول ليبيا إلى استمرار عدد من الدول بتصدير الأسلحة والمقاتلين الأجانب إلى ليبيا، من بينها الإمارات وروسيا وتركيا، وخرق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
ورفع الفريق الأممي التقرير لمجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي، ونُشر رسمياً الثلاثاء في نيويورك.
وكان فريق الخبراء المعني بليبيا، والمنشأ عملاً بقرار مجلس الأمن رقم 1973 (2011)، قد قدم تقريره النهائي رسمياً لمجلس الأمن الدولي حول عدد من القضايا المتعلقة بحظر تصدير الأسلحة والأصول المجمدة والمقاتلين الأجانب وتهريب النفط والأموال وغيرها.
ويغطي التقرير، الذي جاء في أكثر من 555 صفحة تشمل الصور والمرافق، الفترة من تاريخ تقديم التقرير السابق أي 25 أكتوبر/ تشرين الأول للعام 2019 إلى 24 من يناير/ كانون الثاني.
حظر توريد الأسلحة
ويخلص التقرير إلى أن حظر توريد الأسلحة ما زال غير فعال على الإطلاق، مؤكداً أن الانتهاكات، التي تقوم بها الدول التي تدعم طرفي النزاع، بالغة وصارخة وتغفل تدابير الجزاءات بشكل تام.
وأضاف أن سيطرة "هذه الدول على سلسة الإمداد بأكملها أمر يعقد من عمليات كشف الانتهاكات أو تعطيلها أو منعها، ويزيد هذان العاملان من صعوبة أي مساع لتنفيذ حظر توريد الأسلحة".
ورأى تقرير الخبراء أن عدداً من الدول "لم تفتش شحنات السفن التجارية أو الطائرات المشبوهة المتوجهة إلى ليبيا، سواء كانت أراضيها منشأ تلك الشحنات أو مجرد أرض عبور لها، وذلك على الرغم من وجود أساس معقول للاشتباه بتلك الشحنات، أما تلك الدول فهي الأردن والإمارات العربية المتحدة وتركيا والجمهورية العربية السورية ومصر".
تورط الشركات الأمنية الخاصة والجماعات المسلحة والمقاتلين الأجانب
ويشير التقرير إلى استمرار تواجد الجماعات المسلحة ونشاطها في ليبيا، ويذكر أن "جماعات مسلحة تشادية وسودانية تشارك في النزاع حيث نشر العديد من المقاتلين السودانيين في الخطوط الأمامية للحملة التي شنتها قوات حفتر على طرابلس من أجل تأدية مهام أمنية ودفاعية".
وفي هذا السياق، يذكر التقرير أن المقاتلين السودانيين وصلوا إلى ليبيا بعدد من الطرق وبدعم من عدد من الجهات، مشيراً إلى أن اتفاق جوبا للسلام في السودان، الذي وقع بين الحكومة السودانية الانتقالية وتحالف الجماعات المسلحة يدعى "الجبهة الثورية السودانية"، أدى إلى خروج عدد كبير من أعضاء الجماعات المسلحة من السودان إلى ليبيا.
فريق الخبراء: شركة "بلاك شيلد للخدمات الأمنية"، ومقرها الإمارات العربية المتحدة، جندت 611 مواطنا سودانياً
إلى ذلك، أفاد التقرير أن شركة "بلاك شيلد للخدمات الأمنية"، ومقرها الإمارات العربية المتحدة، جندت 611 مواطنا سودانياً، تحت ادعاءات مخادعة من خلال شركتين تتعامل معهما في السودان، إحداهما تحمل اسم "مكتب الأميرة للتوظيف الخارجي" والأخرى اسم "مكتب أماندا".
وحسب التقرير، فإن السودانيين تلقوا تدريبات في معسكر الغياثي في الإمارات العربية المتحدة وتحت إشراف ضباط إماراتيين.
ويشير التقرير أن مجموعة من المقاتلين السودانيين، 276 شخصاً، نُقلوا في يناير/كانون الثاني من العام 2020 إلى ليبيا دون علمهم وكلفتهم جماعة الكتيبة 302 التابعة لقوات حفتر بحماية المنشآت النفطية في رأس لانوف. وبعد قيامهم باحتجاجات تم سحبهم من ليبيا بعد ستة أيام".
فريق الخبراء: ما بين 4 آلاف إلى 13 ألف مقاتل سوري في ليبيا منذ أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2019
ويذكر التقرير وجود عدد كبير من المقاتلين السوريين في صفوف جانبي الصراع، مشيراً إلى أن ذلك أدى إلى تفاقم حالة انعدام الأمن داخل ليبيا، ويُقدر أن يكون عددهم ما بين 4 آلاف إلى 13 ألف مقاتل سوري في ليبيا منذ أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2019.
وتتفاوت أعدادهم بحسب التمويل ومجريات النزاع والوضع الإقليمي، ويردف التقرير أن "ما لا يقل عن 4 آلاف مقاتل سوري يعملون تحت قيادة حكومة الوفاق الوطني ويتلقون تدريبات في معسكرات ليبية، أما الذين ينتسبون إلى قوات حفتر فيعلمون مع شركة فاغنر العسكرية."
ويذكر التقرير أن عدداً من الشركات الأمنية الأخرى المتورطة بتوريد الأسلحة والمقاتلين بعضها مقره الإمارات والبعض الأخر روسية وتركية.
اختلاس الأموال وهجمات على مؤسسات الدولة والموانئ
ويشير تقرير لجنة الخبراء إلى "أن هيئة الاستثمار العسكري التابعة للجيش الوطني الليبي، تقوم منذ إنشائها عام 2015 بتصدير الخردة المعدنية خارج نطاق القانون، وبيع الوقود بطرق غير قانونية، ناهيك عن بيع تراخيص الصيد البحري و التأشيرات للمواطنين الأجانب وبمصادرة الشركات العامة والأراضي الزراعية ومزارع الماشية والفنادق والمنتجعات الشاطئية... وأتاح ذلك لقوات حفتر الموارد لدعم الأنشطة العسكرية وتمكين القيادة العليا من مزايا مالية".
ويلفت إلى استمرار "سلطات المنطقة الشرقية بتصدير النفط الخام بصورة غير مشروعة لاستيراد وقود الطائرات"، ويشير كذلك إلى انعدام الشفافية فيما يخص "التعاملات المالية، ومراقبة الاستثمار داخل الكيانات المدرجة على قائمة الجزاءات"، كما كشف حالة من عدم الامتثال لإجراء تجميد الأصول" .
ويشير التقرير إلى ضرورة التوصل إلى حل لمختلف المشاكل المتعلقة بالوصول إلى الأموال المجمدة ولغياب نهج موحد في تجميد الأصول. كما يلفت الانتباه إلى انعدام تنفيذ تدابير تجميد.
خروقات حقوق الإنسان والاتجار بالبشر وتعذيب المهاجرين
ويؤكد تقرير الخبراء على استمرار ممارسة الاحتجاز التعسفي في ليبيا وإساءة معاملة السجناء حتى داخل مرافق الاحتجاز الرسمية، وذلك وبحسب شهادات تلقاها الفريق من محتجزين سابقين لدى قوات الردع الخاصة في سجن معيتيقة.
ويشير التقرير إلى إفادات سجناء عن "حالات من الاحتجاز التعسفي والتعذيب ومصادرة الممتلكات وتعرض النساء المحتجزات للإذلال الجنسي على أيدي الحراس الذكور. وقيل إن خالد الهيشيري (المعروف باسم البوتي) كان يضطلع بدور قيادي." ولم تستجب قوات الردع الخاصة في طرابلس لطلبات فريق الخبراء بعقد لقاء مع ممثلين عنها، بحسب التقرير.
ويلفت التقرير إلى أن ليبيا ما زالت تشكل مقصداً ومحطة عبور للمهاجرين وطالبي اللجوء على الرغم من القيود المفروضة بسبب جائحة كورونا. ويشير إلى "تسجيل حالات، وعلى نطاق واسع، من الاتجار بالبشر والاختطاف طلبا للفدية والتعذيب والعمل القسري والعنف الجنسي والجنساني والقتل".
ويشير التقرير إلى أن مصير مئات المهاجرين الذي يقبض عليهم خفر السواحل الليبية وسط البحر، وهم في طريقهم إلى أوروبا، ما زال مجهولاً، في حين ينتهي المطاف بأغلبهم في مراكز تعج بانتهاكات حقوق الإنسان.
وتوقف التقرير مطولاً عند عدد من مرافق الاحتجاز غير الرسمية والتعذيب والقتل والاستغلال الذي يتعرض له المهاجرون فيها.
ويرصد التقرير عشرات الهجمات خلال العام الماضي التي استهدفت المدارس والبنية التحتية الصحية، بما فيها المستشفيات والمرافق الطبية. واحتلت ليبيا، خلال العام الماضي، المرتبة الرابعة دولياً في عدد الهجمات التي تنفذ ضد المنشآت الصحية والعاملين فيها.
مزيد من التفاصيل