هاجم حقوقيون ومحامون مصريون تحول المراقبة بعدالإفراج عن المعتقلين السياسيين، إلى شكل جديد من أشكال العقوبة والمهانة بحقالمعارضين؛ بهدف إذلالهم، وتقييد حركتهم.
ويواجه آلاف المعتقلين في مصر بعد الإفراج عنهمعقوبة المراقبة التي تقضي بأن يسلم المفرج عنه نفسه لقسم الشرطة من 6 مساء حتى 6صباح اليوم التالي، ويمكث في زنزانة صغيرة جدا مثل "الكشك"، وهو أشبهبالحبس الاختياري، تتراوح مدته حسب مدة عقوبة السجن.
الناشط السياسي علاء عبد الفتاح، أحد المفرج عنهمحديثا، قضى عقوبة السجن لمدة خمس سنوات لمشاركته في إحدى المظاهرات، يعاني منعقوبة "المراقبة" لمدة مماثلة لمدة حبسه، ويصفها في منشوراته على وسائلالتواصل الاجتماعي، بـ"المهانة والمذلة".
ويقول حقوقيون ونشطاء في تصريحاتلـ"عربي21" إنه يجب تسليط الضوء على معاناة آلاف المصريين المفرج الذينصدرت بحقهم عقوبة "المراقبة" المكملة لفترة الحكم بالسجن، ويعتبرهاالكثير من المفرج عنهم أصعب من السجن لأنه يُسجن كل يوم.
حملة حقوقية
وتدافع السلطات المصرية عن عقوبة"المراقبة" وتصفها بأنها "غير سالبة للحريات"، وأنها نوع منالتدابير الاحترازية بهدف التأكد من أن المراقب لا يرتكب أي مخالفات جديدة، كماأنها رقابة على انضباط المراقب وحسن سيره وسلوكه.
ووفقا للقانون رقم 99 لسنة 1945 الخاص بالوضع تحتمراقبة البوليس يلتزم الشخص المُراقَب بالتواجد يوميا داخل محل المراقبة "قسمالشرطة"، في أغلب الأحوال من السادسة مساء وحتى السادسة صباحا لمدة لا تتجاوزالخمسة سنوات حسب العقوبة المقررة له.
اقرأ أيضا: إخفاء بعد إخلاء.. انتهاكات جديدة للمعتقلين بمصر
ودشنت منظمات حقوقية، ومحامون ونشطاء وسياسيون حملاتعلى مدار الأيام الماضية، مناهضة لنظام "المراقبة"، تحت هاشتاج#من_أجل_حرية_غير_مشروطة، و#نصف_حر_نصف_سجين، مطالبين بإلغائها تماما، واحترامحقوق المفرج عنهم.
"فيلمترويجي وثائقي ضمن حملة حرية غير مشروطة، لمعتقلين مفرج عنهم من التيار المدني ،وجماعة الإخوان، و6 إبريل، وغيرهم، يقضون عقوبة المراقبة".
ويطالب مسؤول الدعوة والمناصرة بالجبهة المصريةلحقوق الإنسان، كريم طه، بوقف عقوبة المراقبة، قائلا: "يجب على النظام المصريوقف استخدام عقوبة المراقبة الشرطية والتدابير الاحترازية بالإفراج غير المشروط عنالخاضعين لها؛ كون هذه الإجراءات تُقيد حريات من تطبق عليهم، وهو ما يمكن اعتبارهامتدادا لسياسات السلطات المصرية الممنهجة لتطويق حرية الرأي والتعبير، كما تعربالمنظمات عن كامل تضامنها مع الخاضعين لتلك العقوبات والإجراءات التعسفية".
ويضيف طه لـ"عربي21" أن ذلك "يأتيبالتزامن مع توسع القضاء المصري في استبدال الحبس الاحتياطي لنشطاء وصحفيينوحقوقيين بالتدابير الاحترازية، بعد توجيه اتهامات فضفاضة لهم"، مشيرا إلىأنه منذ يوليو 2013 توسعت المحاكم المصرية في اعتبار الفعل السياسي كالتظاهروالانتماء لتيارات سياسية فعلا مجرما، الأمر الذي سمح لها بالتوسع في استخدامعقوبة المراقبة الشرطية كعقوبة تكميلية".
اقرأ أيضا: "النقض" المصرية تقضي على آمال 262 من شباب الإخوان
وحذر من أن "إشراف وزارة الداخلية على تنفيذتلك العقوبة أو التدابير يؤدي إلى تعرض الُمراقَبين متهمين كانوا أو مدانين،لأنماط مختلفة من الانتهاكات الإضافية، فبجانب الاحتجاز في قسم الشرطة لساعات تمتدطوال الليل، يتعرض خلالها الخاضعين للمراقبة لمعاملة غير إنسانية، وتقييد لحريتهمفي الحركة وحقهم في العمل؛ تؤثر أيضا هذه التدابير بالسلب على قيام المُراقَببمسئوليته تجاه أسرته".
ويرى طه أن الهدف من المراقبة "هو تعسيفالمراقَبين وتعطيل رجوعهم إلى حياتهم بشكل طبيعي، ناهيك عن عدم جاهزية أقسام الشرطة، أو قدرتها على استيعاب كلهذه الأعداد الخاضعة للمراقبة، يتضح أن الهدف من اللجوء إلى مثل هذا التدبير هوالتنكيل بأولئك الأفراد".
وطالب بوقف "الإجراءات الممنهجة المقيدة الحقوقوالحريات، وإعادة النظر في عقوبة المراقبة الشرطية والتدابير الاحترازية الواردةفي مواد القانون رقم 99 لسنة 1945 والمادة 201 من قانون الإجراءات الجنائية وآلياتتنفيذها لكل من المتهمين أو المدانين".
انتقام وتشفي
من جانبه، وصف المحامي والناشط الحقوقي عمروعبدالهادي، عقوبة المراقبة "بغير القانونية"، وأن الهدف منها "الانتقاموالتشفي في المعارضين بعد انتهاء فترة عقوبتهم في السجون"، قائلا:"عقوبة المراقبة هو انتقام وذل ومهانة أكثر من السجن نفسه".
ويضيف عبدالهادي لـ"عربي21": "هذهالمراقبة توضع فقط للجنائيين الذين يرتكبون جرائم سرقة وسطو في جنح الليل، بينماالنشطاء السياسيين يتحركون حينما يكون هناك تحرك سياسي خاطئ من الحكومة فلا يرتبطبموعد؛ لذلك يستخدم السيسي نظام المراقبة كاستكمال للعقوبة".
ويرى أن السلطات المصرية بهذه العقوبة تحاول أنتتجنب انتقادات الغربية المطالبة بالإفراج عن المعارضين، قائلا: "يحاول نظامالسيسي أن يتلافى الضغط الأوروبي الذي يطالب بالإفراج عن النشطاء غير الإسلاميين،فيضطر إلى افتعال تلك العقوبة التكميلية ليمد أجل العقوبة على النشطاءالسياسيين"، مؤكدا أنه "إجراء غير آدمي، وغير قانوني، ولكنه يطبق في مصرو دول العالم الثالث".
مزيد من التفاصيل