اقترحت اللجنة المالية في البرلمان العراقي، على حكومةمصطفى الكاظمي عقد "صفقة" مع سراق المال العام، تقضي بإسقاط جميع الدعاوىالمرفوعة ضدهم مقابل استرجاع من 80 إلى 90 بالمئة من الأموال التي سرقوها.
وقال عضو اللجنة جمال كوجر في تصريح صحفي، الثلاثاء،إن "إعادة الأموال المنهوبة مسار صحيح ندعمه، في حال كان هناك خطوات جدية منالحكومة إزاء هذا الملف، على أن تحمل تأكيدا فعليا من المتهمين بسرقة المال العام بإعادةمن 80 إلى 90 بالمئة من الأموال التي بحوزتهم إلى خزينة الدولة".
وأوضح كوجر أن "إعادة المتهمين الجزء الأكبر منالأموال التي بحوزتهم، من أجل إسقاط التهم المرفوعة عليهم هي إشارة ندم يشعرون بها"،لافتا إلى أن "الأمر يبقى مرهونا بنية المتهمين بإعادة الأموال لخزينة الدولة".
تشجيع للسرقة
لكن النائب في البرلمان وعضو اللجنة المالية أحمد الحاجرشيد، أكد في حديث لـ"عربي21" أن "اللجنة المالية لا تتبنى مثل هذاالمقترح، وأنا لا أؤيد مثل هذا الطرح، لأن هذا يشجع السرق مرة أخرى على سرقة الأموالالعامة أكثر وإخفائها، وبالتالي هذا تشجيع على الفساد".
وبخصوص حديث النائب كوجر، قال الحاج رشيد إن "حديثهمقتبس من مشروع قانون طرح في تونس والمغرب، لكن لا يمكن قياس العراق على هذين البلدينباعتبار أنهما ليسا دولتين غنيتين، وأن معدل ما سرق منهما لا يعادل 5 بالمئة مما سرقمن العراق".
اقرأ أيضا: الكاظمي يلتقي ترامب بهذا الموعد.. وملفات هامة لبحثها
الحاج رشيد، أكد أن "مثل هذا القانون كان قد جرىمناقشته في وقت سابق بحكومة عادل عبد المهدي المستقيلة، لاسترداد الأموال المنهوبةإلى حد عام 2003، لكن لم يأخذ طريقه إلى التشريع ويصبح قانونا".
وبخصوص حجم الأموال المنهوبة من العراق، قال عضو اللجنةالمالية؛ إنه لا يوجد أرقام دقيقة، لكن ما دخل إلى البلد من مبيعات النفط أكثر من ترليونومائتين مليون دولار، وإذا قارنا هذا المبلغ بما موجود من بنى تحتية ومشاريع، فإنكلا ترى شيئا كثيرا.
وتابع الحاج رشيد: "صحيح جزء من هذه الأموال ذهبتإلى رواتب الموظفين، لكن مجمل ما خصص للاستثمارات وقطاع الكهرباء على سبيل المثال،لم ينتج عنه سوى سرقة الأموال".
مليارات منهوبة
من جهته، قال الخبير القانوني العراقي علي التميمي فيحديث لـ"عربي21" إن "حجم الأموال المنهوبة من العراق منذ عام 2003 وحتى2016 تقدر بنحو 500 مليار دولار"، لافتا إلى أن "جرائم الرشوة واختلاس وسرقةالمال العام لا تسقط بالتقادم، وإنما يحاسب عليها السارق، والمواد القانونية تلزمهبإرجاع المال".
وأشار إلى أن "الأمر الآخر يتعلق بزمان حصول الجريمة،فإن أغلب الأموال التي سرقت وهربت إلى خارج البلد عن طريق غسيل الأموال، وتقدر بنحو500 مليار دولار، كانت قبل تشريع قانون العفو العام رقم (27) في آب/ أغسطس 2016، الذييقضي بإرجاع السارق للمال فقط ولا يسجن".
وتابع: "أما من ارتكب جرائم سرقة المال بعد عام2016، سواء استغلال المنصب الوظيفي أو الإهمال، فهنا لا تسقط هذه الجرائم فهي متعلقةبالحق العام، وعلى الادعاء العام تحريك دعاوى ضدهم، لكن إذا شرع قانون خاص فالإمكانأن تسقط هذه الدعاوى مقابل تسليم المال".
اقرأ أيضا: صراع مبكر بالعراق حول الجهة المعنية بتشكيل الحكومة المقبلة
ورأى التميمي أن "تشريع مثل هذا القانون لا يلائمطبيعة الجريمة والعقوبة التي تهدف إلى الردع لتحقيق العدالة الاجتماعية، لأنه لا يمكنالإفراج عن وزير مختلس للأموال، وفي المقابل يسجن شخص فقير اختلس مبلغا بسيطا وحكم15 عاما ولم يشمله القانون، فهذا الأمر يخل بمبدأ العدالة بالقانون".
ونوه إلى أن "القانون رقم 120 الصادر عام 1994 فيعهد النظام السابق كان رادعا، فهو يلزم السارق أن يعيد المال دفعة واحدة أو يقضي بقيةحياته في السجن، لكن السلطات بعد عام 2003 طعنوا في القانون أمام في المحكمة الاتحادية،وأصبح للسارق الحق بتقسيط ما سرقه".
أزمة مالية
وتكافح الحكومة العراقية لتأمين رواتب الموظفين والنفقاتالتشغيلية الأخرى، جراء تراجع أسعار النفط بفعل جائحة كورونا، التي شلت قطاعات واسعةمن اقتصاد العالم.
ويعتمد العراق على إيرادات بيع النفط لتمويل 95 في المئةمن نفقات الدولة، فيما خسرت البلاد نحو 11 مليار دولار منذ بداية العام الجاري، جراءتراجع أسعار النفط، وفقا لبيانات وزارة النفط العراقية.
وفي 24 حزيران/ يونيو الماضي، أقر البرلمان العراقي قانونايتيح للحكومة اقتراض نحو 18 مليار دولار من الداخل والخارج، لسد العجز المالي في البلاد.
وجاء في نص القانون "تخويل وزير المالية الاتحادي،صلاحية الاقتراض محليا وخارجيا من خلال إصدار حوالات الخزينة والسندات والقروض المحلية".
كما يتيح القانون للحكومة أيضا "الاقتراض من المؤسساتالمالية الدولية والبنوك الأجنبية لتمويل النفقات العامة، على أن تخصص مبالغ القروضالخارجية للمشاريع الاستثمارية وتنمية الأقاليم المستمرة، مع مراعاة أن تكون أولويةالتمويل للمحافظات الأقل تمويلا في السنوات السابقة".
وحدد قانون البرلمان الجديد، سقفا أعلى للاقتراض بـ5مليارات دولار من الخارج، و15 تريليون دينار (نحو 13 مليار دولار) من الداخل.
وقبل ذلك، خولت الحكومة العراقية وزير المالية علي علاوي،صلاحية التفاوض وتوقيع قروض تصل إلى أكثر من مليار يورو (1.126 مليار دولار)، لتمويل مشاريعالطاقة الكهربائية في البلاد.
مزيد من التفاصيل