لماذا لا تحمي الحكومة هشام طلعت مصطفي؟! - نبيل عمر

[brain]

قد يمضي وقت طويل قبل أن يفيق المصريون من هول الصدمة التي وقعت علي رءوسهم في قضية هشام طلعت مصطفي، وقد يظلون لفترة طويلة يضربون كفا بكف متسائلين: ماذا حدث في مصر؟..وقد لا يصدقون ما حدث إلا بعد صدور حكم قضائي - بغض النظر عن "حقائق" القضية والإجراءات والمرافعات والأدلة ومبدأ المتهم بريء إلي أن تثبت إدانته- حكم قضائي يعيد إليهم معني"القانون" الذي عرفوه قديما وعاشوا في ظله طويلا، قبل أن يتحول في السنوات الأخيرة إلي مطية تركبها الحكومة ومعها القادرون وأصحاب النفوذ ورجال السلطة وقتما يشاءون!

وقد تكون هذه أول صدمة يشعر فيها المصريون ببعض الراحة والأمل المشوب بالترقب، اقصد المصريين الذين لا يرتبطون بمصالح أو تعاملات مع مجموعة طلعت مصطفي، المصريون الذي يتابعون ما يجري علي أرض وطنهم كالغرباء ولا يدرون عن أسبابه شيئا لكنهم يعانون منه اشد المعاناة، وبالفعل هم حتي هذه اللحظة لا يصدقون ما حدث..إلي درجة أن مواطنا بسيطا سألني: هل سيحاكمون فعلا الملياردير هشام طلعت مصطفي؟!
وهذا سؤال غير عادي وغير منطقي بالمرة في دولة سيادة القانون، فما الغريب في محاكمة متهم في جريمة منسوب إليه فيها التدبير والتآمر والتحريض علي القتل؟!

وسألني آخر سؤالا موجعا: هو يا بيه دم المغنية اللبنانية سوزان تميم أغلي عند الحكومة من دم ألف مصري غرقوا في العبارة ثم خرج صاحب العبارة من القضية "زي الشعرة من العجين"؟!..هو هذا النوع من النساء مهم جدا إلي هذه الدرجة؟!..يا خسارة.. ياريتها كانت غرقت في العبارة كنا زمنا أخذنا حقوق "الغرقانين" والأرامل والأيتام ، و"طبعا وقتها مكنش حد حيقدر يهرب صاحبها خارج البلاد"!
هذه تساؤلات موجعة ممتلئة بالشك وسوء الظن، لكن المصريين عندهم ألف سبب وسبب يجعل الفأر يلعب في عبهم، فيظنون أن المشهد الحالي هو مجرد فاصل سريع في مسرحية محبوكة بمهارة فائقة تمضي علي نفس الطريق الذي مضت عليه قضيتا هاني سرور وممدوح إسماعيل..ووجد المصريون أنفسهم في حالة "منصوب عليهم" واشتروا فعلا الترماي، ترماي العدالة!

علي الجانب الآخر ذي الألوان والأضواء من ضفة النهر، أقصد الضفة التي يقف عليها رجال "البيزنس" فالحزن شامل وعام وطاغ، والصدمة مخيفة وهائلة، والأحاديث كلها شجون ومخاوف، فالذي سقط بين قبضة القانون "إمبراطور" مالي وحزبي لم يكن أكثر المتشائمين سوداوية يتصور أنه يمكن أن يحال إلي محكمة الجنايات محبوسا ومتهما بالتحريض علي القتل في بيان من النائب العام يتسم بالحرفية العالية والصرامة القانونية!
والصدمة ليست في قرار الإحالة إلي الجنايات محبوسا وفي يده الكلابشات وإنما في مغزي القرار ومدلولاته ..فهل رفعت الحكومة مظلتها الناعمة عن رجال الأعمال الحكوميين وحان وقت إنهاء مرحلة الحضانة والتدليل المفرط المفسد لهم، وأصبح عليهم الآن أن يتحملوا وزر ما يرتكبون؟!

المدهش أن رجال الأعمال الحكوميين ،أي الذين لعبت الحكومة دورا رئيسيا في تكوين ثرواتهم وبناء مكانتهم في المجتمع بتخصيص أراضي الدولة لهم أو إسناد مشروعات إليهم، أو فتح خزائن البنوك العامة أمامهم علي البحري ليغترف كل منهم قروضا بمئات الملايين من الجنيهات، هؤلاء كانوا يظنون أن الحكومة لا يمكن أن تدع هشام طلعت مصطفي يتحول إلي فريسة هشة أمام الرأي العام وأنياب الصحافة والإعلام، وأنها بالقطع ستعمل علي إنقاذه من الوقوف خلف القضبان حتي لو كان متورطا، ولن يخلو جرابها مثل الحاوي من ألاعيب قانونية وإجرائية تضع فيه الفيل في المنديل ويخرج من الناحية الثانية بريئا طاهرا لم تفلح مؤامرات وصراعات بين رجال أعمال "حاقدين" أن تنال منه.

بل إن البعض تمادي في التصور إلي درجة أن أحدهم قال في جلسة خاصة: هذا واجب الحكومة لحماية الاستثمار وسوق العقارات والبورصة وسمعة لجنة السياسات بالحزب!
فسأل أحدهم: والجريمة التي تحدث عنها الجميع وفيها اعترافات "أجير" محترف..ماذا ستصنع فيها الحكومة؟!..وكيف تدفن وقائعها في جب النسيان؟!

فرد عليه: جريمة سهلة جدا..القاتل فيها يمكن أن يعترف علي نفسه ويسحب اعتراف التحريض من علي رقبة هشام..ويمكن أن يشيلها وحده والمليونان يصبحان ثلاثة أو أربعة ملايين، خاصة أن اعترافه علي هشام لن يخفف الحكم عليه، هو مجرد إضافة متهم جديد علي لائحة القضية، إضافة تضر ضررا بالغا ولا تفيد أحدا، يعني هي جت لحد "هشام طلعت مصطفي" ووقفت..يبدو أن الحكومة قرأت الفاتحة عليه!

فقال ثالث: لا..المسألة ليست سهلة، القتل مع سبق الإصرار والترصد عقوبته الإعدام، فماذا تفيده الملايين بعد الموت شنقا، لا تنسوا أن السكري نفي ارتكابه الجريمة واعترف فقط بتحريض هشام عليها، وهنا هو يحاول أن يدفع عن نفسه اتهام القتل ويشير من بعيد إلي أن المحرض ربما كلف شخصا آخر بارتكابها..

فرد محام شهير: هذه ألاعيب دفاعية يصعب أن تغير مسار العدالة، لأن شرطة دبي قدمت عددا من الأدلة الدامغة علي أن السكري هو الفاعل، وأي وكيل نيابة حتي لو كان مبتدئا يمكنه بسهولة ربط السكري بالجريمة ربطا يستحيل فصمه!

فعاد الذي يود أن تحمي الحكومة طلعت مصطفي إلي الكلام وقال: اعتراف السكري علي هشام ليس كافيا لإدانة هشام، مجرد كلام ليس عليه دليل، وهو بشكل أو بآخر قد يستخدمه دفاع هشام طلعت مصطفي في تبرئته من تهمة التحريض علي القتل، خاصة أن السكري قال في التحقيقات إن الاتفاق بينهما هو علي صناعة مشكلة كبيرة تجرجر سوزان تميم إلي السجن بدس مخدرات لها في شقتها ، ثم الإبلاغ عنها، ولم يكن القتل ضمن الاتفاق الجنائي، باختصار الدولة كان أمامها فرصة لإنقاذ هشام من هذه الفضيحة والجرسة التي ستطارده إلي الأبد مهما كان حكم القضاء فيها..لكن يبدو أن الحكومة قرأت فاتحته!

حوار في منتهي الغرابة والظلم..كان يمكن أن يقال في القرون الوسطي حين ساد حكم الإقطاع والأمراء الذين تحكموا في كل شيء، حتي في حياة البشر دون أن يطرف لهم جفن أو يؤرق لهم ضمير، فالسادة لهم كل الحقوق وبقية البشر مجرد "أدوات" للخدمة والمتعة، ولهم أعمار افتراضية يحددها السادة وهم في مأمن من المساءلة!
المهم أن عبارة "اتقرت فاتحته" شهيرة جدا في عالم السياسة والبيزنس بنفس شهرتها وقوتها في عالم الجريمة والأسرار التحتية، تسمعها من رجال كبار وشخصيات مرموقة، كما تسمعها من البلطجية وتجار المخدرات والسلاح والمجرمين تماما سواء في الواقع أو في أفلام السينما ومسلسلات التليفزيون، وقد سمعتها بنفسي عن رجال أعمال دخل بعضهم السجن في قضايا "خائبة" لم يكن حسام أبو الفتوح آخرهم!

وبعد ساعات من هذا الحوار..عادت عبارة "اتقرت فاتحته" مرة ثانية مع رجل أعمال..

فسألته: وماذا فعل هشام طلعت مصطفي ليقرأوا فاتحته؟!

وقص علي حكاية عجيبة بمنتهي الجدية..حكاية يصعب تصديقها..وهي أن هشام طلعت مصطفي كان علي متن طائرته قادما إلي الإسكندرية، فتأخرت في الهبوط، فسأل الطيار عن السبب، فقال له: البرج طلب مني أن أدور دورتين لأن طائرة الوزير رشيد محمد رشيد ستقلع الآن من المطار وتشغل "الرن واي"، فغضب هشام وارتفع الدم في عروقه، وطلب من الطيار أن يطلب البرج، فاستجاب الطيار..وتحدث هشام إلي البرج وهاج وماج وكال من السباب الكثير، سباب مس الدولة والحزب الحاكم بشكل أو بآخر..
لم يقبل موظف البرج ما قيل له، وأخذ الشريط المسجل للحوار، وطار به إلي الوزير أحمد شفيق الذي بدوره سلمه إلي رئاسة الجمهورية..فكان ما كان!

فسألت الراوي: ما علاقة حادث مطار الإسكندرية المزعوم بجريمة القتل؟!

أجاب بنفس الجدية: لسانه أوقعه في شر أعماله مثلما حدث مع شخصيات أخري موجودة في سجن طره الآن..
قلت: هذه ليست إجابة..نحن نتحدث عن جريمة قتل جرت علي أرض دولة عربية ترتبط بها مصر بمصالح عامة وعلاقات شخصية، والقتيلة من دولة ثالثة..ما دخل رشيد والبرج والشريط في هذا؟!

قال: سوء اللسان هو الذي رفع أيد الدولة عن حمايته، يعني بما أنه "غلط يبقي يشيل ويتحمل ويدخل السجن"، لكن لو لم يقع هذا لكانت الدولة قد تدخلت بشكل ما وأوجدت له مخرجا..هي تخلت عنه عقابا له علي طول لسانه المفلوت!

حكاية في منتهي العجب..ولن تخلو من مثلها منتديات القاهرة ، فالقضية ستكون طبق الحلو علي موائد رمضان وما بعد رمضان..وهي تكشف حالة الشك المسيطرة والتي تصنع الشائعات علي عجالة وتسوقها كما لو أنها حقائق..ولم تكف الشائعات عن مطاردة مقتل سوزان تميم منذ تسرب الخبر عبر رسائل الموبايل والمكالمات التليفونية العاجلة بين دبي والقاهرة بعد اكتشاف الجثة بأيام.

لكن القراءة المتأنية المنصفة للوقائع تبين أن الدولة المصرية قررت من أول لحظة أن تمضي في سكة العدالة دون مجاملات، بغض النظر عن الأسباب التي دفعتها إلي ذلك، فدون شك لا يمكن تجاهل دولة الإمارات وتأثيرها في تحديد مسار التحقيقات، ويبدو أن هم الحكومة المصرية الأول كان حماية البورصة وسوق العقار من الإصابة بحالة ذعر تسبب انهيارا لهما..فكان لابد من استدراج هشام طلعت مصطفي للعودة إلي مصر بكل الطرق الممكنة، وأتصور أن قرار حظر النشر كان وسيلة من الوسائل، لأن لو أن هشام علم بوقائع التحقيقات وأقوال محسن السكري، ربما ما فكر في العودة إلي البلاد، حتي ظهوره في برنامجي صباح الخير يا مصر والبيت بيتك علي شاشات التليفزيون الرسمي كان جزءا من اللعبة، فهو لم يتحدث عن اتهامات أو شائعات تتعلق بالقتل، ولكن عن شائعات تتعلق بالهروب إلي الخارج..وحين استكملت التحقيقات ووقع في يقين النيابة العامة أن لديها من الأدلة ما يتيح له أن تحيله إلي محكمة الجنايات..فعلت علي الفور، ويمكن أن نخمن أن القيادات السياسية في مصر كانت علي علم بأمر الجريمة وتفاصيل الاعترافات والاتهامات فهذا أمر سهل..ولا يبقي لنا سوي الانتظار مع كثير من الشائعات ومتابعة المحاكمة التي ستكون هي أكثر المحاكمات إثارة في العامين المقبلين علي أقل تقدير!

https://www.elfagr.org/TestAjaxNews.a...388&secid=2749

 

[hoppa]

مش عارفة ليه حاسة ان المقال الطويل العريض ده بيخلينى اتعاطف معاه
و كل من يكره السلطة حيتعاطف معاه اكتربفعل الاستنتاجات المذكورة فى المقال

 

 

[ابتسامــة]

بالنسبة لي يا هبة المقال الطويل العريض ده
جعلني أتمنى أن توقعهم ألسنتهم جميعا في شر أعمالهم

 

 

[hoppa]

و مين يوقع الكبار فى شر اعمالهم
امتى يتجسد امامنا مثل "على نفسها جنت براقش"

 

 

[Excellence]

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hoppa و مين يوقع الكبار فى شر اعمالهم امتى يتجسد امامنا مثل "على نفسها جنت براقش"

هي لسة ما جنتش؟

دي عمالة تجني على نفسهاوعلى اللي حواليها

..والعرض مستمر وينتشر ويتوغل ويتسارع

سبحان الله.. يمهل ولا يهمل

 

 

[Muhammad Zidan]

أعتقد والله اعلم أن الرأي العام في مصر منقسم إلى نصفين

نصف يؤيد محاكمة طلعت والزج بيه في السجون ويبقى عبرة .. وتبقى الحكومة قطعت في بعضها

ونصف متعاطف مع طلعت ويتمنوا خروجوه لأنه مصري والقتيلة مطربة نصف مشهورة وليست فوق مستوى الشبهات وواضح من كل مانشر عنها أنها بتتلاعب بالأغنياء والحكام وتستاهل القتل في النهاية .. كمان كون طلعت مصري والمطربة لبنانية فده يجعل الشارع المصري متعاطف معاه

وأنا لا مع النص ده ولا ده

 

 

[ابتسامــة]

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Muhammad Zidan وأنا لا مع النص ده ولا ده

أمال انت مع مين؟!

 

 

[Muhammad Zidan]

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابتسامــة أمال انت مع مين؟!

طبعاً مع سوزان تميم أو مع اللوجو الجديد

 

 

[toronto]

هشام طلعت من عيلة سوزان ...قريبها يعني...و انتم عارفين الباقي..وبكرة الموضوع يتنسي ..و السلام عليكم و رحمة الله.