جاءت التحذيراتالتي أطلقها الرئيس التركي ضد أي أنشطة في البحر المتوسط، لكل من مصر وقبرص واليونانوإسرائيل، لتطرح بعض التساؤلات حول تمكين الاتفاقية الأخيرة مع دولة ليبيا لتركيا منالسيطرة الفعلية على التنقيب في "المتوسط"، في ظل استمرار حالة الجدل حولهذه الخطوة.
وأكد الرئيسأردوغان أنه لا يمكن لهذه الدول الأربع إنشاء خط نقل غاز طبيعي من هذه المنطقة دونموافقة تركيا، مضيفا: لن نتساهل بهذا الصدد، وإن تركيا أثبتت عبر مذكرة التفاهم معليبيا تصميمها على حماية حقوقها المنبثقة عن القانون الدولي.
وشن الرئيس التركيهجوما شرسا على هذه الدول وكل من انتقد الاتفاقية الأخيرة مع حكومة الوفاق الليبية، التي سمحت قانونيا بتواجد تركيا بقوة في شرق المتوسط، وجعلها تحرك سفنها فعليا لبدءعملية التنقيب هناك، وذلك خلال مقابلة موسعة مع التلفزيون الرسمي (تي آر تي).
قوات لدعم"الوفاق"
وبخصوص التقاربمع حكومة الوفاق الليبية، أكد أردوغان استعداد بلاده لإرسال قوات عسكرية إلى ليبياإذا طلبت ذلك الحكومة الشرعية في طرابلس، كما شدد على أنه سيبحث مع نظيره الروسي، فلاديميربوتين، موضوع دعم موسكو لقوات حفتر، رافضا أن "تتحول ليبيا إلى سوريا جديدة"،كما قال.
وطرحت هذه التحذيراتعدة استفسارات حول تمكن تركيا فعليا من السيطرة على التنقيب في "المتوسط"بعد توقيع الاتفاقية.
اقرأ أيضا: تركيا تحذر اليونان وقبرص وإسرائيل ومصر من التنقيب دون إذنها
"قوة وقدرةتركيا"
من جهته، أكدرئيس كتلة حزب "العدالة والبناء" بمجلس الدولة الليبي، عبد السلام الصفراني، أن "ليبيا وتركيا مارستا حقهما الذي يكفله القانون، ووقعتا اتفاقيتين بحرية وأمنيةلم يمسا من سيادة أي دولة، وإنما قطعتا الطريق على من كان يسعى لاستغلال الظرف الذيتمر به ليبيا ليستفيد ويستحوذ على خيراتها".
وأوضح في تصريحاتلـ"عربي21" أن "ليبيا الآن فرضت سيادتها على ما يزهو على 40 ألف كم مربعمن المياه، وستمارس ليبيا وتركيا كامل حقوقهما في التنقيب والحماية والاستثمار في ثروات"المتوسط" وقد بدا واضحا من تعليق الرئيس التركي أن أنقرة لن تفرط في حقهاوحقوق شركائها الليبيين".
وتابع:"وتعلم الدول الإقليمية الممتعضة من هاتين الاتفاقيتين قدرات الدولة التركية فيإنجاز ما عبر عنه الرئيس أردوغان في تصريحاته الأخيرة".
"تصحيحمواقف دولية"
وزير التخطيطالليبي الأسبق، عيسى التويجر، أشار إلى أن "الاتفاقية الأخيرة فتحت الباب لتعاوناستراتيجي بين ليبيا وتركيا، وها هو الرئيس أردوغان يعلن استعداده لإرسال قوات عسكريةلدعم حكومة الوفاق الشرعية، وأصبح من الضروري أن يتدخل الأخير لدى كل من ترامب وبوتينلإيضاح حقيقة ما يجري في ليبيا، ويطالبهما بتصحيح مواقفهما تجاه القضية الليبية، بالإضافةإلى دعمه العسكري واللوجستي".
وأكد لـ"عربي21"أن "تركيا لم تتدخل سابقا بالقدر الذي تفعله الإمارات ومصر وفرنسا وروسيا مع حفتر،ودعوة تركيا للتدخل يبقى الملاذ الوحيد لمنع اقتحام طرابلس وتدميرها، وإعادة ليبيا إلىعصر الظلم والاستبداد، وقد لا يأخذ هذا التدخل شكلا عسكريا، وقد يكفي الدعم اللوجستيوالفني، إلا أن التدخل المباشر يبقى خيارا لا يمكن استبعاده".
"تدخل أردوغانطبيعي"
ورأت الناشطةمن الغرب الليبي، حنان خليفة، أن "تصريحات الرئيس التركي ليست مجرد أقوال، بل حتماسينفذ ما يقول في الحال، وبما أن ليبيا أصبحت ساحة لصراعات دول خارجية، فمن الطبيعيأن تتدخل تركيا في الملف الليبي، وتحاول جاهدة لتكون في موقع قوة".
واستدركت قائلة:"هذا لا يعني أننا راضون بما يحدث، وبالرغم من رفضنا تماما للتدخل الخارجي، إلا أنالعسكر وللمرة الثانية يكون سببا في التدخلات الخارجية، فقد فعلها القذافي سابقا، عندمارفض التخلي عن السلطة، إلى أن تدخل "الغرب"، والآن حفتر يعيد التاريخ نفسهبحربه على العاصمة".
وأضافت لـ"عربي21":"عدوان حفتر على العاصمة كان على عكس توقعاته، وتسبب في حدوث التدخل الأجنبي من جديد،والحقيقة أن ليبيا بحاجة إلى قوات حفظ سلام؛ لوقف الحرب أولا، وجمع السلاح من كل التشكيلاتالمسلحة، ثم الشروع في العملية السياسية والانتخابات".
اقرأ أيضا: أردوغان يلوح بإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا (شاهد)
"نفوذ وليستسيطرة"
الصحفي الليبيمحمد الشامي اعتبر أن "ما يحدث الآن ليست سيطرة، بل زيادة نفوذ، وأصبح الأكبر نسبيا، خصوصا أن أغلب خطوط الإنتاج والتصدير أصبحت بنسبة 80 % تمر عبر الحدود البحرية الليبية التركية، فهذا يستلزمفوائد عبور ونقل، كما سيتم التنقيب عن الغاز في المنطقة المشتركة".
وبخصوص دعم أردوغانللوفاق، قال: "أمر طبيعي لعلاقة البلدين التاريخية أولا، ولأن الاتفاقية مع الحكومةأعطت تركيا قوة للتواجد في الملف الليبي، وأن "الوفاق" ضمنت بذلك وساطة قويةحتى لا تلعب بها تركيا بمساومات أخرى سياسية، على غرار سوريا مثلا"، كما صرح لـ"عربي21".
مزيد من التفاصيل