السبت, 13 فبراير 2016 10:54
مظاهرات الأطباء معركة وطن أصبح أطباء مصر أبرز من يقود مواجهة مع السلطات منذ عام 2013 لأسباب غير سياسية، ونجحوا فى تنظيم أكبر حشدٍ يخرق قانون التظاهر الذي يضع قيوداً قاسية على أداء المعارضين. ووجد مشهد تجمع ومظاهرات الأطباء اليوم تأييداً واسعاً من معظم الجهات فى مصر، ولاسيما من قبل النقابات والمنظمات الحقوقية والسياسيين ممن لا يتضامنون بالضرورة مع معارضي السيسي، فقد أعربت 13 منظمة حقوقية عن تضامنها الكامل مع الأطباء، قبيل اجتماع جمعيتها مثمنة مساعيها لحماية كرامة الأطباء وضمان سلامتهم الشخصية وحمايتهم. وأعربت نقابات الصحفيين والمهندسين والمعلمين والنقل العام والنقل البرى عن تضامنها. وأصبح هاشتاج "#ادعم_نقابة_الأطباء" الأكثر تداولاً اليوم على "تويتر" ليس فى مصر وحدها بل عالمياً، وتفاعل معه عددٌ كبير من السياسيين المصريين رغم اختلافاتهم. من جانبها، اعتبرت الدكتورة سيف عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة فى تغريدة أن معركة نقابة الأطباء لا تخص الأطباء وحدهم بل معركة وطن يحاول انتزاع حريته. كما يرى الباحث السياسى علاء بيومى فى عودة المظاهرات شعوراً شعبياً بفشل النظام وفشل معارضيه على السواء وشعوراً من الناس أن الثورة سرقت ولكنها لم تمت. ومن جانبه، أضاف بيومى عبر حسابه على فيس بوك "مظاهرات الألتراس ثم حشود الأطباء أضف إليهم الحالة الاقتصادية المقلقة للغاية تعنى أن النظام أمامه عامٌ صعب للغاية، وممكن وتيرة المظاهرات تتسارع بشرط أن تفسح لها القوى السياسية المجال، هى مجرّد عودة بمظاهر جزئية، لا يجب التسرع بتسييسها أو اعتقاد أنها ثورة". شهد أمس الجمعة تجمع أكثر من 10 آلاف طبيب أمام مقر نقابة الأطباء بشارع قصر العينى قاطعين الطريق القريب من مؤسسات الدولة العليا كالبرلمان ووزارة الداخلية. هدف التجمع كان مواجهة انتهاكات الشرطة المصرية بحق الأطباء وذلك إثر اعتداء مجموعة من أمناء الشرطة على أطباء مستشفى المطرية (شرق القاهر). وكان طبيبان فى مستشفى المطرية التعليمي، قد اتهما 9 أمناء شرطة بقسم المطرية بالاعتداء عليهما فى 28 يناير الماضي، فيما قررت النيابة الإفراج عن الأمناء التسعة بعد 24 ساعة من استدعائهم لـ"استكمال التحقيقات الجنائية، وهو ما أثار غضب الأطباء. وتطالب النقابة بإحالة أمناء الشرطة إلى محاكمة جنائية بشكل عاجل، إضافة إلى وضع آلية لمنع تكرار ظاهرة الاعتداء على الأطباء، كما طالبت الجمعية العمومية بالإطاحة بوزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين بسبب تصريحه بأن عدداً كبيراً من الأطباء لا يصلحون لمزاولة الطب، كما قررت النقابة إحالة وزير الصحة، للتحقيق معه فى لجنة آداب المهنة داخل نقابة الأطباء تمهيداً لسحب لقب طبيب منه. كما دعا الأطباء وزير العدل المستشار أحمد الزند إلى تحويل أمناء الشرطة المتهمين فى واقعة الاعتداء على أطباء مستشفى المطرية للمحاكمة. وطالبوا مجلس النواب بتعديل قانون العقوبات لتغليظ عقوبة الاعتداء على الأطباء خلال ممارستهم لأعمالهم من جنحة إلى جناية و شدّدوا على ضرورة إلغاء هيئة التدريب الإلزامى التى قرّر وزير الصحة إنشاءها واعتبرها الأطباء إهانة لهم. وهدّد الأطباء بالتصعيد فى حال عدم الاستجابة لتلك المطالب خلال أسبوعين من بينها الامتناع عن تقديم أى خدمة بأجر للمواطن فى المستشفيات الحكومية وتحويل الخدمة الطبية بالكامل للمجّان، والإضراب الجزئى عن العمل. وإثر ذلك أصدر رئيس الوزراء المصرى شريف إسماعيل بياناً صحفياً غامضاً دعا فيه لمعاقبة المخالفين فى واقعة الاعتداء على الأطباء، وقال "من المهم استكمال التحقيقات القضائية الجارية، فى واقعة الاعتداء على الأطباء ومعاقبة المخالفين والمدانين فيها" فى إشارة إلى اعتداء عناصر أمن، على طبيبين، الشهر الماضي. وأضاف "إن الحكومة، حريصة على الحفاظ على كرامة المواطن، ومنع أى اعتداء عليه"، وكما قلنا، فالمشهد أمام مقرّ نقابة الأطباء اليوم بدا غريباً على الساحة المصرية التى لم تشهد تظاهرات "غير مسيسة" بهذا الحجم منذ نهاية عام 2013 عندما صدر قانون التظاهر، وتمّ الزج بعشرات النشطاء فى السجن عندما تظاهروا احتجاجاً على ذلك القانون. نفس ذلك القانون، إضافة إلى تهمة الإرهاب، كان وراء الزج بأكثر من 40 ألفاً من معارضى السلطة من أنصار الرئيس محمد مرسى إلى السجون. كيف تصاعد المشهد؟ ولكن الأطباء والإخوان لم يعودوا شيئاً واحداً، وهذا مبعث القلق فى مظاهراتهم، ففى ديسمبر 2013 وبعد أشهر قليلة من الإطاحة بالرئيس محمد مرسى -العضو فى جماعة الإخوان المسلمين- أطاح الأطباء بسيطرة الإخوان على النقابة التى امتدت 3 عقود، وانتخبوا مجلساً ليس على خصومة مع النظام الجديد. وبعيداً عن الدلالة السياسية للإطاحة بمجلس نقابة الأطباء القريب من الإخوان، عبر أطباء عديدين عن تأييدهم لعزل مرسى، بعض الفيديوهات التى انتشرت بشكلٍ هائل فى ذلك الوقت للتعبير عن حبٍّ يصل درجة التقديس للرئيس عبد الفتاح السيسى كان أبطالها أطباء، أحد تلك الفيديوهات الشهيرة كان لطبيبة تتحدث عنه بعبارة "بحبه قوى قوى قوي" حتى صارت مثلاً. المدهش أن ذات الطبيبة، التى "تحبه قوى قوى قوي" اضطرت بعد أشهر قليلة للخروج فى مظاهرة محدودة ضد سياسة التفرقة التى تمارس ضد الأطباء العاملين فى المستشفيات الحكومية ولا يحصلون إلا على 1/7 من راتب أقرانهم فى مستشفيات الجيش، وقالت فى الفيديو أنها لا تريد أن تتحدث أكثر حتى لا تشمت الإخوان، مؤكدة أن حال الطبيب لم يتحسن فى عهد السيسي. فى فبراير 2014 اضطرت الأمين العام الجديد لنقابة الأطباء الدكتورة منى مينا إلى التقدم باستقالتها من منصبها النقابى احتجاجاً على عدم استجابة وزارة الصحة لمطالب الأطباء فى رواتب عادلة، وظروف عمل محترمة. ومع تصاعد وتيرة اعتقال العديد من الأطباء بدعوى الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين بدأت العلاقة المتوترة بين النقابة والسلطة تتزايد. ففى فبراير 2014 قررت الجمعية العمومية تشكيل لجنة لمتابعة أوضاع الأطباء "المعتقلين منذ عزل الرئيس السيسى فى 3 يوليو" وطالبت السلطات بإطلاق سراحهم فوراً. وخلال الجمعية أعلن الدكتور خيرى عبد الدايم نقيب الأطباء "إن النقابة لن تنسى الأطباء المعتقلين والمصابين فى الأحداث الأخيرة وأسرهم ولن تدّخر جهداً فى المطالبة بالإفراج عنهم. تصاعد الغضب المشهد الغاضب لأطباء مصر اليوم والذى أطلقوا عليه "يوم الكرامة" احتجاجاً على اعتداء مجموعة من أمناء الشرطة على طبيبين، لم يكن الحالة الأولى، فقد تكررت وقائع الاعتداء على الأطباء من قبل رجال الشرطة أو المواطنين بسبب غياب التأمين الكافى للمؤسسات الصحية. المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رصد -بالتزامن مع اجتماع الجمعية العمومية اليوم- 14 واقعـة اعتداء على مزودى خدمات صحية عـام 2014، وزادت إلى 39 واقعـة عام 2015 وتنوعت أشكال الاعتداء من السب والضرب إلى التهديد بالقتل والسجن وإشهار الأسلحة فى وجوههم.
مزيد من التفاصيل