62 مليون جنيه مليون جنيه لمصر... أسرار رحلة عبد الحكيم عامر للاتحاد السوفيتى

[د. يحي الشاعر]

الصحف المصرية والعربية

62 مليون جنيه مليون جنيه لمصر
...
أسرار رحلة عبد الحكيم عامر للاتحاد السوفيتى

حقا ،نكتب الكثير عن سنوات عهد جمال عبدالناصر ، وننشر مواضيع عن حروب مصر .... ونتناول أحيانا مواضيع إقتصادية ، لتوثيق التقدم الصناعي الذي بدأت مصر تتسم به خلال تلك السنوات

وهناك العديد من المعلومات ، التي تفيدنا بشكل متوسع في تفهم تلك السنوات ، غير أنهم للأسف في أرشيفات العديدمن الصحف والجرائد والمجلات ... إن لم تكن نخازنهم قد أفرغت من الورق القديم ، للإستفادة من عوائده .....

ما سيفيد أيضا في تعيش إحساسات تلك الأيام ، هو قراءة التعليقات الصحفية والكتب التي صدرت خلال ذلك الوقت ....

وما زالت سطور مقالات محمد حسنين هيكل ، تعتبر ومن أهم المراجع ومن الثروات الفكرية عن تلك السنوات ، وما تتيحه من إمكانية الحصول علي معلومات وملابسات وأحوال أحداث معينة ، بل و تساعد علي زيادة معرفة و (الإندمــاج الفكري وأحيانا العاطفي ) للقاريء وبالتالي ، تخيل و تــفــهــم بعض إحساسات من عاصر ذلك الوقت

تلك المقالات ، ستساعدنا أيضا علي معرفة الكثير ، عن علاقة الصداقة الحميمة بين كل من جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر

ومن هذ المقالات ، ما يتعلق بالقروض المالية السوفيتية لتدعيم بناء المصانع في مصر والتوصل إلي مرحلة الإنتاج الصناعي

حقا ، كان مستوي الصناعة والمصانع الروسية ، يقل في مستواه عن مستوي مصانع ألمانيا (الغربية) وقتها ومصانع أمريكا وفرنسا وإنجلترا ، إلا أن دول الأتحاد السوفييتي كانت تستعمل تلك التقنيات بنجاح ساحق سواء الصين أو كوريا الشمالية أو ألمانيا الشرقية أو بولندا وتشيكوسلوفاكيا وغير ذلك من دول الكتلة الشرقية

المقال التالي ، يكشف ملابسات.. .وأسرار رحلة عبد الحكيم عامر للاتحاد السوفيتتي من أجل حصول مصر علي قرض 62 مليون جنيه مليون جنيه من الأتحاد السوفييتي


د. يحي الشاعر

 

[د. يحي الشاعر]

62 مليون جنيه مليون جنيه لمصر
...
أسرار رحلة عبد الحكيم عامر للاتحاد السوفيتى
-1-

اقتباس مليون جنيه لمصر... أسرار رحلة عبد الحكيم عامر للاتحاد السوفيتى روسيا تقدم لمصر مصانع بـ 62 مليون جنيه وتبدأ فى تقاضى الثمن بالتقسيط بعد 5 سنوات مصر تسدد ثمن المصانع لروسيا من انتاج هذه المصانع ماوتسى تونج يتحدث مع عبد الحكيم عامر فى الكرملين تليفون من جمال عبد الناصر يرفع المبلغ 10 مليون جنيه عاد محمد حسنين هيكل من موسكو، حيث كان يتابع أخبار رحلة اللواء عبد الحكيم عامر فى الاتحاد السوفيتى. إن محمد حسنين هيكل يروى فى تحقيقه الصحفى الأول بعد عودته من موسكو السر الحقيقى فى رحلة اللواء عبد الحكيم عامر التى استغرقت عشرين يوماً. لقد دارت محادثات سياسية هامة. ودارت محادثات اقتصادية أسفرت عن اتفاق مصرى - روسى، يقدم الاتحاد السوفيتى بمقتضاه إلى مصر 62 مليون جنيه مصانع وآلات وعدد للمساهمة فى تنفيذ مشروع السنوات الخمس لتصنيع مصر. تبدأ روسيا فى تقاضى ثمن هذه المصانع بعد خمس سنوات. وتتقاضى الثمن على أقساط بحيث يسدد الثمن من جزء من أرباح إنتاج هذه المصانع. ودارت محادثات عسكرية. وهذا هو أول تحقيق كتبه محمد حسنين هيكل حول أسرار العشرين يوماً فى موسكو. *** الآن، وقد عاد اللواء عبد الحكيم عامر القائد العام للقوات المسلحة المصرية، من رحلة العشرين يوماً إلى الاتحاد السوفيتى يمكن أن يقال: "إن هذه الرحلة كانت فى حقيقتها أخطر مما بدا من مظاهرها حتى الآن". لقد قام عبد الحكيم عامر فى موسكو بمحادثات بالغة الأهمية، شملت: 1 - مسائل سياسية. 2 - مسائل اقتصادية. 3 - مسائل عسكرية. ولقد بقيت دائرة هذه المحادثات ومداها سراً محفوظاً حتى الآن، رغم كل الجهود التى بذلت فى موسكو، لاستطلاع حقيقة المهمة التى طار لها القائد العام المصرى، فى طائرة نفاثة تسير بسرعة ألف كيلو متر فى الساعة، وتقطع المسافة من موسكو للقاهرة، فى خمس ساعات، وكان يمكن أن تقطعها فى أربع فقط، لو أن الحكومة التركية سمحت لها بالطيران فوق أراضيها! ولقد ظلت ثلاث سفارات على الأقل فى موسكو: سفارة بريطانيا، وسفارة فرنسا، وسفارة إسرائيل، تتابع باهتمام غير عادى حركات القائد العام، لدرجة أن سفير فرنسا لم يتورع ذات يوم فى الكرملين، وهو يرى خروشتشيف يهمس فى أذن عبد الحكيم عامر، أن يقترب منهما بنفسه، وأن يدير إليهما أذنه فى غير خفاء ولا مواربة! ولكن السفارات الثلاث، وغيرها من الجهات التى ظلت تحوم حول السر، وبالقرب منه، وقعت جميعاً فى الشرك، فإن البرنامج اليومى لتحركات القائد العام، زيارة المدارس العسكرية، والوحدات والمنشآت، جعل فضولهم جميعاً يستقر فى خاتمة المطاف على أن رحلة القائد المصرى رحلة عسكرية بحتة فى نطاق الاستعراضات والمناورات... وتفتيش حرس الشرف بينما الموسيقى تدق! بداية السر: بداية السر ذات يوم فى الكرملين. سيارة سوداء من طراز زيس، تمرق من الباب الرئيسى للكرملين، وتلف حول القصر الرئيسى، ثم تعبر أمام الكنائس الصغيرة بقبابها المتعددة التى تقع وسط الساحة الكبرى للكرملين، ثم تتجه إلى اليسار حيث باب صغير لأحد القصور الكبيرة فى هذا المكان العجيب، الذى يلعب سادته دوراً هائلاً فى توجيه مجرى الحوادث فى العالم، ويسيطرون على قوى هائلة، تبدأ بالفكرة الحمراء نفسها، وتنتهى بالأقمار السابحة فى الفضاء.. تنتظر أقماراً أخرى فى الطريق إليها.. ربما هذه الدقيقة بالذات وربما الليلة أو غداً..من يدرى؟! السيارة السوداء الكبيرة طراز "زيس" تتوقف. يهبط منها عبد الحكيم عامر، يتبعه الماريشال "مالاندين" الذى كان مكلفاً بمرافقته طوال فترة إقامته فى الاتحاد السوفيتى! سلم صغير دائرى.. مفروش ببساط أحمر. ثم يدخل القائد المصرى، والماريشال الروسى فى مصعد يرتفع إلى الدور الثانى من هذا القصر الذى شهد الأيام الأخيرة من حياة ستالين، وشهد النهاية المثيرة لهذه الحياة.. ثم يتوقف المصعد.. ويخرج عبد الحكيم عامر، والماريشال الروسى وراءه. ثم.. على باب المصعد، رجل يثير اليوم من اهتمام العالم، ما لا يثيره رجل آخر عـلى الأرض: نيكيتا خروشتشيف السكرتير الأول للجنة المركزية للحزب الشيوعى. والقيصر الأحمر الجديد، الذى يحكم فى الكرملين، ويحكم منه! اتجه خروشتشيف وعبد الحكيم عامر وحدهما إلى حجرة مكتب. وبدأ الكلام فى الموضوع على الفور. قال نيكيتا خروشتشيف: - لقد تلقيت من الرئيس جمال عبد الناصر خطاباً منذ أسبوع طلب منى فيه أن أعتبرك، ليس فقط مجرد قائد أو وزير، وإنما أعتبرك ممثلاً شخصياً له. و استطرد خروشتشيف: والآن تلقيت من الرئيس جمال عبد الناصر خطاباً قال فيه: "إن عبد الحكيم عامر، مفوض منى، تفويضاً كاملاً، فى أن يتحدث فى جميع الموضوعات التى تثار للبحث فى موسكو". الموقف السياسى: وبدأت محادثات موسكو.. بدأ منها أولاً: القسم السياسى.. تبادل لوجهات النظر، فى الموقف الدولى بوجه عام، ثم وقفة طويلة منفصلة عن الموقف فى الشرق الأوسط.. تطوراته، واحتمالاته المتوقعة. ثم، بلورة لسياسة مصر تجاه الاتحاد السوفيتى، وسياسة الاتحاد السوفيتى تجاه مصر. ...... ....

 

 

[د. يحي الشاعر]

62 مليون جنيه مليون جنيه لمصر
...
أسرار رحلة عبد الحكيم عامر للاتحاد السوفيتى
-2-

اقتباس .... وكانت النقط البارزة فى موقف مصر هى: 1 - إن مصر تؤمن باستقلالها الذى حصلت عليه بعد كفاح مئات السنين، حريصة على هذا الاستقلال، إلى درجة أن يصل الأمر إلى حد العقد النفسية. 2 - إن مصـر تبنى سياستها الخارجية على أساسين هما: الحياد الإيجابى، والقومية العربيـة... وتفهم مصر حيادها الإيجابى، لا على أنه مضاربة بين الكتل الكبرى، ولا على أنه مركز مساومة أفضل، ولا على أنه موقف سلبى أنانى لا يهتم بما يجرى على الأرض من حوله، وإنما تفهمه على أنه تأييد للحق حيث يكون الحق، وعلى أنه وسيلة عملية لتدعيم السلام. وتفهم مصر القومية العربية، لا على أنها دعوة إلى التعصب، ولا إلى إنشاء إمبراطورية جديدة، وإنما على أساس أنها نداء عاطفى وتاريخى وطبيعى، وعلى أنها أمن مشترك لشعوب يتحد ماضيها وحاضرها ومستقبلها. 3 - إن مصر تنشد تعاوناً حراً متكافئاً مع جميع الشعوب المحبة للسلام. 4 - إن مصر تقدر للاتحاد السوفيتى، كل ما قام به فى سبيل التعاون معها، فى جميع المـيادين، وتقدر كل ما قام به فى سبيل سوريا، وتقدر أيضاً تأييده المستمر لقضايا التحرير فى المنطقة العربية، أو فى الدائرة المتسعة التى تشمل أفريقيا وآسيا. 5 - إن مصر تتقبل كل عون غير مشروط، يساعدها على دعم حريتها، هذه الحرية التى لم تقتصر فائدتها على مصر، وإنما امتدت لتشمل العالم، ذلك أن مصر برفضها لأن تكون أراضيها قاعدة ذرية أو هيدروجينية للعدوان على الاتحاد السوفيتى أو غيره من الدول، إنما قامت برسالة عالمية نبيلة، جلبت عليها سخط الاستعمار وحقده.. وحديده وناره أيضاً. وكانت النقط البارزة فى موقف الاتحاد السوفيتى هى: 1 - إن الاتحاد السوفيتى حريص على استقلال كل الشعوب. 2 - إن الاتحاد السوفيتى أيد ومازال يؤيد حق تقرير المصير لكل شعب. 3 - إن الاتحاد السوفيتى يفهم ويحترم إيمان مصر بالحياد الإيجابى وبالقومية العربية. 4 - إن الاتحاد السوفيتى ينشد تعاوناً حراً متكافئاً مع جميع الشعوب المحبة للسلام. 5 - إن الاتحاد السوفيتى سعيد بدوره فى التعاون مع مصر وسوريا والشعوب العربية كلها. 6 - إن الاتحاد السوفيتى على استعداد لأن يقدم كل عون غير مشروط فى طاقته، وهو لا يسعى وراء قواعد، ولا يجرى وراء بترول. مع ماوتسى تونج: وكان المشهد التالى من السر الكبير، سر العشرين يوماً فى روسيا، فى قاعة الاستقبال الكبرى فى قصر الكرملين... ليلة الاحتفال بعيد الثورة. القاعة الكبرى بمراياها المذهبة، وثرياتها التى تضوى كالماس تشع الأضواء الباهرة، واللوحات الملونة الرائعة تبدو كأنها مشهد فى أسطورة ‍! كان هناك فى القاعة الهائلة التى تحمل آثار غنى القيصرية وبذخها وعزها، إحساس عميق بوجود التاريخ، حياً ماثلاً، يرى ويسمع ويحس. كان نصف العالم على الأقل ممثلاً فى هذه القاعة الكبرى بزعمائه، وكان النصف الآخر على أى حال، ممثلاً فيها، على الأقل بسفرائه. وفى صدر القاعة، فى المكان الذى خصص لكبار الزوار كان عبد الحكيم عامر واقفاً يتحدث مع ماوتسى تونج زعيم الصين الأشهر قائد ستمائة مليون، ووراءهما كان هوشى منه زعيم الهند الصينية الذى أصبحت حياته وقصة كفاحه كأنها الخرافات، يتحدث إلى أسقف كانتربرى، أسقف بريطانيا الشهير ذى الأفكار الثائرة المتحررة. وكان ماوتسى تونج مازال ممسكاً بيد عبد الحكيم عامر بعد أن انتهى من مصافحته، وكان بين الاثنين، زعيم الصين العجوز.. والقائد المصرى الشاب حديث ممتع. قال ماو: قل لجمال عبد الناصر إنى أريد أن أراه، إننى معجب بكفاحه وصلابته فى سبيل استقلال بلاده وحريتها.. أنا أحب جميع الذين يحبون حريتهم. ورد عبد الحكيم عامر: دعنى أقدم لك شكرنا على ما لقينا منكم من تأييد بينما نحن وسط المعركة نقاتل. وقال ماو وهو يشير بيده: هـ.. يه لا تقل هذا أنت أخى. ثم استطرد ماو: اسمع.. أنا سعيد أن وزير حربية مصر شاب إلى هذه الدرجة، إن المجهود العسكرى اليوم يقتضى جهداً لا يقدر عليه غير الشباب. وسكت ماو لحظة ثم استطرد يقول لعبد عبد الحكيم عامر: - جنرال..لا تدخر جهداً فى الاستعداد وفى تدريب جنودك.. لن يتركوكم، لا تتصورا أنهم سوف يسكتون عنكم ‍! فى هذه اللحظة من الحديث كانت هناك يد تربت على ظهر القائد العام. والتفت عبد الحكيم عامر، ووجد وراءه سيمونوف، نائب وزير الخارجية الروسية، المختص بمشاكل الشرق الأوسط. وهمس سيمونوف: - أريد أن أتحدث إليك بعد أن تفرغ من ماوتسى تونج.. إننى أنتظرك هناك مع القونى. وفرغ عبد الحكيم عامر من حديثه مع ماوتسى تونج، واتجه إلى حيث كان ينتظره سيمونوف مع الأستاذ محمد القونى سفير مصر فى موسكو، وكانا يقفان قرب مائدة فى جانب القاعة الهائلة. خروشتشيف يعين وفد المفاوضات: فى هذه القاعة، فى هذا الجو، فى هذه الليلة، وضع تنظيم محادثات العشرين يوماً فى موسـكو. وقف عبد الحكيم عامر ومحمد القونى، مع سيمونوف، ثم انضم إليهم بعد قليل تسائيسيف رئيس قسم الشرق الأوسط فى وزارة الخارجية الروسية. وقال سيمونوف للقائد العام المصرى: - هل تفضل ترتيباً معيناً للمحادثات؟ ثم استطرد سيمونوف: - أعنى هل تفضل أن تتحدث مع أحد بالذات؟ وقال اللواء عبد الحكيم عامر: - كما تشاءون. وقال سيمونوف: - إنك لم تقل لخروشتشيف شيئاً عن الموضوعات التى تريد إثارتها، فهل لى أن أعرفها مـنك، حتى أستطيع أن أذهب الآن إلى خروشتشيف وأتحدث معه؟ ...... ....

 

 

[د. يحي الشاعر]

62 مليون جنيه مليون جنيه لمصر
...
أسرار رحلة عبد الحكيم عامر للاتحاد السوفيتى
-3-

اقتباس مليون جنيه لمصر... أسرار رحلة عبد الحكيم عامر للاتحاد السوفيتى ...... ... وقال عبد الحكيم عامر: - إن جدول أعمالى يضم: مسائل سياسية، واقتصادية، وعسكرية. وقال سيمونوف: - إذن دعنى أذهب وأتحدث إلى الرجل الكبير. واتجه سيمونوف إلى حيث كان يقف خروشتشيف، بينما اتجه إلى المكان الذى يقف فيه القائد العام... مع السفير المصرى... رجل قصير راح يتطلع بفضول إلى حيث وقف الرجلان يتحدثان مع تسائيسيف رئيس قسم الشرق الأوسط فى وزارة الخارجية الروسية... ثم مضى الرجل القصير يتطلع إلى الثلاثة يتكلمون، ويعلق أنظاره على حركات شفاههم، وكان الرجل القصير هو... سفير إسرائيل! وأقبل سيمونوف وأمسك بيد عبد الحكيم عامر وهو يقول: - تعال لتتحدث بنفسك إليه. واتجه عبد الحكيم عامر إلى حيث كان يقف خروشتشيف.. وبدأ همس بينهما... والتفت السفير المصرى، فرأى رجلاً غريباً آخر يقترب. ويلقى بأذنه يتسمع إلى ما يدور أمامه.. وكان الرجل هو سفير فرنسا. وقال خروشتشيف: - يظهر أنه سوف يستحيل علينا الكلام الليلة على أى حال، لقد فهمت رؤوس المسائل التى تريد أن تتحدث فيها، وسوف نتفق على الذين يمثلوننا فى المحادثات معك. وفى الصباح تلقى القائد العام رسالة من خروشتشيف... كانت الرسالة هى أسماء الذين سيمثلون الاتحاد السوفيتى فى المحادثات مع القائد العام فى المسائل الثلاث التى يضمها جدول أعماله وكانت الأسماء... أقوى أسماء فى الاتحاد السوفيتى: 1 - فى المسائل السياسية: يتحدث مع القائد العام كل من خروشتشيف وبولجانين وجروميكو. 2 - فى المسائل الاقتصادية: يتحدث مع القائد العام كل من ميكويان نائب رئيس الوزراء للمسائل الاقتصادية، وبيروفكين المشرف العام على التنظيم الاقتصادى الخارجى للاتحاد السوفيتى. 3 - فى المسائل العسكرية: يتحدث مع القائد العام كل من الماريشال مالينوفسكى وزير الدفاع والماريشال سوكولوفسكى نائبه. مشروع السنوات الخمس: وعقد اجتماع كبير مبدئى فى الكرملين... حضره الجميع. ثم بدأت الاجتماعات الفرعية تتوالى بعده. عقد القائد العام مع خروشتشيف وبولجانين اجتماعاً لبحث المسائل السياسية، وكانت الخطوط الرئيسية فى المسائل السياسية قد تم تحديدها فى أول اجتماع عقد بين عبد الحكيم عامر ونيكيتا خروشتشيف فى الكرملين. وهكذا كانت المسائل الاقتصادية هى الهدف الذى بدأ الاهتمام يتجه إليه. ولقد تشابكت المسائل الاقتصادية فى صميم المسائل السياسية، وهكذا انضم خروشتشيف وبولجانين وجروميكو، إلى ميكويان وبيروفكين، وبدأ الاقتصاد يحتل الدور الرئيسى فى اجتماعات العشرين يوماً فى موسكو. وكانت لدى مصر فكرة واضحة عما تريده. كان القائد العام يحمل فى حقيبته، مع أسرار العشرين يوماً، مشروع السنوات الخمس للتصنيع فى مصر. وكانت وجهة النظر المصرية واضحة. "إن مصر لا تستطيع أن تقف مكتوفة اليدين أمام الحصار الاقتصادى الذى يفرضه عليها الغرب، أو على الأقل يحاول أن يفرضه. إن مصر تريد أن تأخذ مكانها كدولة قوية. ومصر تريد كذلك أن تواجه مشاكلها الحقيقية وأبرزها مشكلة زيادة عدد السكان. ومعنى ذلك أن برامج التنمية الصناعية فى مصر يجب أن تمضى فى طريقها. إن مصر أعدت مشروعاً للتصنيع، يستغرق تنفيذه خمس سنوات، ويمكن الإسراع بما يتم تنفيذها فى أربع سنوات خصوصاً وأن مرحلة الصناعة الثقيلة قد تمت فعلاً بإنشاء مصنع الحديد والصلب. إن المشروع كله يتكلف 150 مليون جنيه. ومصر تستطيع أن تدبر جزءاً من هذه التكاليف من تمويلها المحلى. ولكن مصر فى حاجة إلى تعاون من الخارج. إنها ليست فى حاجة إلى مال... ولكنها فى حاجة إلى مصانع: إلى مصانع كثيرة... إلى عدد وآلات للمناجم وهى جزء كبير فى برنامج السنوات الخـمس... إلى معدات فنية حديثة تدفع المشروع إلى مرحلة الحقائق، بعد أن تمت للمشروع مراحل التخطـيط، والدراسة الفنية. لا تريد مصر هذه المصانع هدية ولا هبة. وإنما مصر تريد أن تدفع ثمن هذه المصانع بالتقسيط. تتسلم مصر منها هذه المصانع فوراً... وتركبها... وتضغط أزرتها السحرية لتدور العجـلات، ويبدأ الإنتاج. وتطلب مصر خمس سنوات بعد انتهاء التسليم. ثم تبدأ بعد هذه السنوات الخمس تدفع ثمن المصانع بالتقسيط.. أى تدفعه من إنتاج هذه المصانع.. ثم هى على استعداد بعد ذلك لأن تدفع مع الثمن، فائدة على رأس المال.. فائدة معقولة محتملة لا تزيد على 2.5 فى المائة.. على أن يكون التقسيط ممتداً على فترة طويلة.. فترة 12 أو 15 سنة. 62 مليون جنيه: ولم يكن فى برنامج القائد العام أن يتفق على التفاصيل، وإنما كانت مهمته هى الاتفاق: على المبدأ أولاً. على حدود المبلغ الذى تتولى روسيا فى حدوده تسليم المصانع الجديدة لمصر. ولم يكن هناك شد وجذب. ولقد حدد عبد الحكيم عامر فى الدقائق العشر الأولى، للاجتماع الاقتصادى الأول منهاجه فى الآتى: - إنه لم يجئ إلى الاتحاد السوفيتى ليساوم. - إن مصر طلبت فعلاً ما هى فى حاجة إليه. - إن مصر لا تريد أن يتحمل أصدقاؤها أكثر مما يطيقون فى سبيلها. وانتهت المحادثات إلى رقم كبير... إلى 52 مليوناً من الجنيهات. ...... ....

 

 

[د. يحي الشاعر]

62 مليون جنيه مليون جنيه لمصر
...
أسرار رحلة عبد الحكيم عامر للاتحاد السوفيتى
-4-

اقتباس مليون جنيه لمصر... أسرار رحلة عبد الحكيم عامر للاتحاد السوفيتى ...... ... وقال عبد الحكيم عامر: - سأتصل بالرئيس جمال عبد الناصر الليلة فى القاهرة. وفى المساء كان القائد العام على اتصال برئيس الجمهورية فى القاهرة. وفى اجتماع الصباح سأل خروشتشيف، القائد العام: - ماذا قال الرئيس جمال عبد الناصر؟ وقال القائد العام: إنه يشكركم. وابتسم خروشتشيف وقال: - يظهر أنه غير راض تماماً عما فعلنا هنا.. وأنت أيضاً.. إننا نريدكم أن تشعروا أننا نقدر مشاكلكم، ونريدك أن تشعر أن مهمتك فى موسكو لم تذهب هباءً. - سوف نبحث المسألة مرة أخرى. وفى اجتماع المساء كان هناك نبأ جديد.. لقد زاد المبلغ أكثر من عشرة ملايين جنيه.. أصبح 700 مليون روبل أى 62 مليون جنيه.. أى 200 مليون دولار. وهكذا تم الاتفاق على المبادئ.. وبقيت التفاصيل. واليوم أو غدا يبدأ الدكتور عزيز صدقى وزير الصناعة فى حزم حقائبه استعداداً للسفر إلى موسكو، وفى حقائبه مشروع السنوات الخمس، إن مهمته هى أن يبحث التفاصيل، ويتفق على مواعيد وصول المصانع الجديدة إلى مصر. هذا هو الرد: بقيت المسألة الثالثة فى مهمة العشرين يوماً: "المسألة العسكرية" ولكن هنا مشكلة... ما الذى أستطيع أن أقوله عن المسائل العسكرية فى مهمة العشرين يوماً فى موسكو؟ الرد باختصار هو: - ولا كلمة‍!!!

د. يحي الشاعر