التعليم فى مصر : لماذا يجب أن يكون الهم الوطنى الأول لحكومات ما بعد الثورة؟

[م الغزالى]

الصحف المصرية والعربية

فى أوائل التسعينات أراد أحد المصريين فى الإلتحاق بجامعة ألمانية فى الجنوب لدراسة الهندسة الكهربائية حيث أنه مهندس كهرباء متخرج من جامعة مصرية كبيرة ...
فوجئ هذا المهندس بوضعه على السيمستر الأول بمعنى أنه سيدخل السنة الأولى ... الرجل آثر السلامة ورجع مصر ...
الحقيقة وقفت أمام هذا الموقف وقتها وحزنت أن معظم الطلبة وخاصة خريجى الهندسة بيدرسوا مرة أخرى من البداية وهو شئ محبط لأى دارس. هذا فى عام 90 أو 91 ..
أنا أعلم تمام العلم أن التعليم الجامعى تدهور فى خلال السنوات العشرين الماضية ! مابالك إنه كان من الأصل متدهور .. إذاً نحن فى محنة تعليمية حقيقية !!!

فى هذا التوبيك سأحاول ألا أتكلم عن المشاكل ولكن سأدخل مباشرة عن الحلول وسأبدأ بالتعليم الجامعى الذى كنت ولفترة ليست بالقليلة أحد أبناؤه سواء فى مصر أو فى ألمانيا

وحتى لايتهمنى أحد بأنى معجب بالغرب سأحكى أولاً عن التجربة التونسية ويبدوا أننا مكتوب علينا أن نأخذ تونس أيضاً كمثال فى موضوع التعليم !!!

يتبع

 

[م الغزالى]

ملحوظة كلامى هنا ينصب هنا على الجامعات الحكومية الخاصة لاشأن لى بها !
-----------------------------

ثلاثى أضلاع المثلث لأى تعليم جامعى : 1-المكان وهى الجامعة
2-ألأستاذ
3- الطالب او المتلقى (لأنه مش شرط يكون طالب)

سأبدأ بالركن الأهم وهو الأستاذ وهو أهم ركن فى العملية التعليمية وكذلك البحث العلمى لأنه من البديهى أن " فاقد الشئ لا يعطيه" , يعنى لو الأستاذ مش متعلم كويس يبقى تلامذته عليه العةض فيهم سواء فى الدرسات العليا أو السفلى

و فى ظل مناهج التعليم البائسة و التى كلها عبارة عن حصص إملاء لاأكثر ولا أقل ومع نقص ألمعامل والمواد الأولية الضرورية فى المختبرات ونقص المراجع يخرج طالب الدراسات العليا كما هو فى الدراسات السفلى فاقد الهوية العلمية يحفظ نظرى أكثر ممايطبق ... علاقته بالمعمل علاقة عابرة

نظام التفريخ المتبع اصلا لتعيين النواة الأولى للأستاذ فاشل أى ان المعيد يصبح مدرس مساعد.. ثم مدرس - ثم أستاذ مساعد ثم أستاذ

بفرض أن المعيد كان متفوق فى التحصيل العلمى كطالب (دحيح يعنى) أو بيحفظ كويس لأن مناهج التعليم كلها عندنا بتقوم على التلقين ..., فمن المعروف أن ليس كل طالب ناجح فى التحصيل هو بالقطع باحث جيد أو أستاذ جيد هذا إن لم يكن إبن أستاذ بياخذها بالوراثة كما فى كليات كثيرة فى مصر وأشهرها كليات الطب !!!

النتيجة أن نسبة كبيرة من هؤلاء أصبحوا أساتذة غير متعلمين أو أنصاف متعلمين وطبعا لابد من نقل خبراتهم السيئة أو بالأصح اللاحبرات لتلمذتهم و لذا تجد لكى يحصل طالب الدراسات العليا على درجته مع مثل هؤلاء الأساتذة فلابد من تقديم الهدايا وتقديم الخدمات إبتداء من تصحيح الأوراق بدلاً عن الأستاذ وإنتهاءً بشيل شنطته !!!

وحتى من رحمه الله من المدرسين المساعدين (المتحصلين على الماجستير) وخرج ليحصل على الدكتوراة فيخرج وهو على مشارف الثلاثين حيث بداية النهاية لقدرته على الإستيعاب ولاعجب إن وجد رئيس المعهد او أستاذه ألاجنبى فى سنه او أكبر منه قليلاً !

أو من خرج لمدة سنتين لجمع المادة العلمية (Channel System) نجد أنه يستغرق فترة من الزمن لابأس بها لتعلم اللغة وبما ان خروج هذا الطالب هى فرصته الأولى وبمكن الأخيرة للخارج فهمه الأول ليس هو التحصيل بل محاولة جمع اكبر مبلغ من المال ممكن يساعده على إستكمال أدوات الوجاهة الإجتماعية من سيارة وخلافه ...

قد يتسآل أحد و يقول وأين لجان الترقيات للأساتذه؟ فعنها حدث ولا حرج ... فهناك معايير أخرى للترقية تبدأ بالعلاقات العامة والنفع المادى و المصالح وأشياء أخرى ليس لها أدنى علاقة بالبحث العلمى و لاداعى الخوض فيها لأنها مخزية !!!

فقليلاً بل من النادر ما نجد بحث علمى مصرى يخرج من مصر فى أحد الدوريات العلمية المحترمة وإن حدث يعتبر فى حد ذاته حدث علمى ...!

فيه محاولات فردية ناجحة ورائعة لأن أصحابها تعلموا تعليم محترم وإكتسبوا خبرات فى كيفية عمل بحث علمى ..

تونس عملت حاجة جميلة جداً ألا وهى :
عاملة إتفاقيات بينها وبين فرنسا وألمانيا بيشرف فيها الجانب الغربى على الطلبة المبتعثين لديهم وهذه نقطة هامة جداً

- بتاخد أوائل الثانوية العامة (وهى على فكرة لا تقارن أبداً بمستوى الثانوى العام البائس لديناّّ) مثلاً الأربعين طالب وطالبة حسب درجاتهم وميولهم العلمية وترسل من يريد دراسة الهندسة إلى ألمانيا و من يريد دراسة الطب و علوم أخرى إلى فرنسا ...

فى المانيا بيدرسوا سنة كاملة لغة مع بعض المواد كالفيزياء والرياضيات ثم يتم توزيعهم على كليات الهندسة فى المانيا و نخلى بالنا إنهم فى سن مابين 16 و 17 سنة وبعدها حسب الإتفاقية يشتغلوا فى أحد المؤسسات الكبرى لمدة سنة على الأقل و بعدها يرجع بلده أما من يريد أن يواصل لنيل درجة الدكتوراه فعليه إثبات ذاه وبالتالى يحصل على منحة لإستكمال درجة الدكتوراه

ولأن هؤلاء العائدون يتقاضون مرتيات محترمة ... نجد أن نسبة كبيرة كم من يخرج يعود ليساهم فى بناء بلده حتى ولو كان تحت نظام المخلوع بن على

ومن هنا لاعجب أن ترى نسبة كبيرة فى Bosch أو Siemens أو Daimler مهندسين كبار من تونس

من حصل على الدكتوراه يعود ليساهم فى التعليم أو مراكز البحوث المختلفة ولكن نجد أنه يواصل الإتصال بالخارج لتجده يعود دائماً للجامعة أو مركز الأبحاث الذى كان به ليعمل أبحاث مشتركة ويطلع على الجديد دائماً

يتبع

 

 

[VERDI]

تسجيل متابعة وإعجاب بالرؤية والتحليل العميق في موضوع في غاية الأهمية مثل هذا.

 

 

[aymanology]

 

 

[م الغزالى]

المفروض أن الجامعة بجانب صفتها كهيئة تعليمية فى المدينة او البلدة التى تقع فيها فهى فى مفهومها الأساسى والأشمل وجدت لحل

المشاكل الخاصة بهذه المدينة أو المحافظة ولتتفاعل مع مواطني هذه المدينة -الذى من المفروض فى حالة الجامعات الحكومية - هم الممولون لهذه الجامعة من ضرائبهم


كما أنها يجب أن تكون مفتوحة لكل مواطن يحب أن يتعلم بدون أن يأخذ شهادة فلاعجب أن ترى إناس خرجوا على المعاش يجلسون فى محاضرات معينة فى علم محدد لتعلم ما يريدون
وهذا حقهم الديمقراطى الطبيعى فلا حرس جامعى ولا الدخول بكارنيه و بمنتهى البساطة أن يرفع المرأ التليفون ويأخذ من سكرتارية أستاذ ما موعد لعرض مشكلته أو حتى الإستنارة برأيه !!!




فهل معنى أن تكون الجامعة حكومية أن تكون الدراسة مجانية ؟

وماهى معايير نجاح عميد أى كلية أو رئيس قسم ؟
يتبع

 

 

[م الغزالى]

بأشكر الأخ الفاضل فيردى و الأخ أيمن وكذلك الأخت الفاضلة أم محمد إيهاب على تكرمهم بالمشاركة والتشجيع
تقبلوا خالص تحياتى

 

 

[م الغزالى]

المفروض زى مافى كل الدنيا تقام إعلانات لشغل وظائف الجامعات إبتداء من الكادر المساعد وحتى رئيس القسم والفيصل هنا للسيرة العلمية والأبحاث والإنجازات للمتقدمين ومن رؤساء الأقسام ينتخب عميد الكلية أو المعهد

الدولة تبنى الجامعة وتقيم المعامل بفلوس دافعى الضرائب كما أنها تدفع مرتبات العاملين بها و تكاليف الصيانة السنوية ... كل هذه الأمول التى ليست بالقليلة من الضرائب التى يجب أن تعود على دافعيها وعلى أبنائهم الذين من المفروض يتعلموا تعليم محترم طالما أن الإمكانات متوافرة

هنا خلص دور الحكومة ويبقى كفاءة الأستاذ فى تشغيل معهده أو قسمه بصورة إقتصادية سليمة بمعنى أن نشاطه العلمى وكفاءته جديرة بإشراك الشركات الصناعية فى مشاريعه البحثية أو أن فى الصناعة هناك مشكلة ما أو بحث علمى لتطوير المنتج يدفعها للإستعانة بالخبرات العلمية أو عمل مشاريع مشتركة وهذا يدر مزيد من المال للمعهد أو القسم ويضيف إليه أجهزة علمية قد لاتستطيع أموال دافعى الضرائب أن تغطيها لذا نجد أن الباحث والأستاذ دائماً فى سباق مع الزمن لإنجاز تلك المشاريع وبالتالى تشغيل الكوادر المساعدة فيها و دعمهم مالياً وبالتالى تخفيف العبئ المالى المعتمد على المشاعدات الحكومية
إذاً يجب أن تدار الجامعة أيضاً بإسلوب علمى وإقتصادى وهذا وحده كفيل بإستمرارية التفوق العلمى والتعليمى

يتبع

 

 

[أم محمد إيهاب]

دعوه لموضوعي

مش موضوعي لكنه مهم جدا جدا... بداية النهاية هل اقتربت ؟؟؟ د. مصرية جزاها الله خيرا

في البداية أشكر حضرتك على هذا الموضوع القيم
ولقد اعتقدت من عنوانه أن الحديث سيكون عن التعليم ككل أو التعليم من البداية
لأن النبتة الصغيرة حين تتوفر لها في مراحل نموها الأولى كل مقومات الحياة فإنها تنمو سليمة معافاة بلا مشاكل
وإصلاح اعوجاجها في صغرها يؤتي أثره دائما
بعكس الحال عند التقويم في الكبر فهو غالبا ما يجد مقاومة عاتية من الجسم نفسه بتأثير من العادات التي نشأ عليها من صغره.
لكنني أتفهم أننا مضطرون حاليا أن نعمل على كل المحاور-في نفس الوقت- لمحاولة اصلاح ما أفسده خبراء التعليم في بلدنا حتى الآن.


لكن بعد طرح كل هذه المشاكل عندنا وبعد المقارنة بما يحدث في الدول الأخرى الأحرص منا على أبنائها وتحصيلهم العلمي ............. فما هي خطوات الحل الممكن اتباعها في رأي حضرتك بصفتك تعمل في هذا المجال وأهل مكة أدرى بشعابها كما يقال؟؟؟

 

 

[إكرام يوسف]

ياااااااه يا أستاذ الغزالي.. أثرت شجونا عميقة.. موضوعك رائع بالفعل ومفيد للغاية.. لا أدؤي كيف تأخرت في الالتفات إليه.. قاتل الله ضيق الوقت.. حضرتك تثير بالفعل موضوعًا مهمًأ، ويتوقف عليه إلى حد كبير تحسينين قدرتنا على اللحاق بركب التحضر.. وتطوير ثقافة الشعب ، وكفاءة الخريجين، وما يترتب عليه من تحسين حتى السلوكيات..
في العصور القديمة كانت أعظم جامعتين في العالم جامعة "أون" (عين شمس) وجامعة "طيبة" وكان يفد إليهما المهتمون بالتبحر في العلم والمعرفة من جميع أنحاء العالم.. فدرس فيهما أفلاطون وأرسطو وفيثاغورث وغيرهم من فطاحل علماء العالم.
كان ذلك في الوقت الذي كانت شمس الحضارة تشرق من بلادنا على العالم.. ومعها تعلم العالم الأخلاقيات والمبادئ والمعرفة كما يقول هنري برستد في "فجر التاريخ".
لست من الحريصين على أن تظل مصر "الأفضل، والأعلى والأهم" في كل شيء.. لكننا كنا كذلك فعلا في مجال العلم والثقافة.. ولا أقل من أن نصل لأن نكون "من بين" الدول "الأرقى والأفضل".. فنحن نستطيع.. ونستحق.. فقط علينا أن نبدأ بإصلاح البيت واجتثاث جذور الفساد.. وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحقيقية القائمة على مبدأ المساواة في المواطنة ، وإعطاء الأولوية للعلوم والتكنولوجيا.
وليس عيبا أن نتعلم من تونس.. فيبدو أننا سنظل فترة ليست قليلة نقول "الإجابة تونس"
تحياتي أستاذ "الغزالي" فقد نكأت جرحا ينزف منذ زمن

 

 

[مودة]

دعوه لموضوعي

مدونة مودتي بلا حدود

تسجيل متابعة وتقدير لكاتب الموضوع