شهدت التظاهراتالجارية ضد الأوضاع الاقتصادية في لبنان تحول المتظاهرين نحو الهتافات غيرالتقليدية للاحتجاج على المسؤولين عبر توجيه "أقذع الشتائم" والعباراتالتي لم يسبق تدوالها في تظاهرات العالم العربي على نطاق واسع.
ولجأ المتظاهرون فيلبنان إلى "تكييف" الشتائم والعبارات النابية، لتتناسب مع هجومهم علىبعض السياسيين، الذين طالبوا بالإطاحة بهم بعد اتهامهم بالمسؤولية عما آلت إليهالأوضاع الاقتصادية في البلاد.
وسبق تظاهرات لبنانخروج الناشط المصري وائل غنيم، والذي لعب دورا في الحشد لثورة 25 يناير في مصر،بمقاطع مصورة على الهواء امتلأت بالشتائم والألفاظ الخارجة عن المألوف ضد رئيسالانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي، وأبنائه خاصة محمود، الذي يعمل نائبا لرئيسجهاز المخابرات المصرية، ومتهم بإدارة ملفات داخل مصر.
إقرأ أيضا: فيفي عبده تعتذر عن الشتائم.. أنا مش متعودة أتكلم كده (فيديو)
وبرر غنيم مرارا لجوءهلمثل هذا الأسلوب في توجيه الرسائل للسيسي، بأن "المداراة وخداع الذات لاتجدي نفعا". بالإضافة إلى ذلك ظهر الفنان والمقاول محمد علي إلى ذات الأسلوببشكل أقل حدة، وأطلق على السيسي ألقابا ووجه له شتائم، في إطار كشفه لملفات فسادفي النظام.
وانقسم بعض المغردين العربخاصة في لبنان، بشأن اللجوء للتشائم والألفاظ النابية، في مواجهة فساد المسؤولينوبينما رفضها البعض، اعتبر آخرون أن مستويات الفساد لا تقارن بما يقال:
هل المظاهرة بدون مسبات بنقال عنها مظاهرة؟ آي دونت ثينك سو
— أمّونة (@1948refugee) October 21, 2019
هالعالم عندا كبت مسبات بحس ،ونزلت تفشن بس
— Mhmd kanaan (@mhmdkanaan77) October 21, 2019
مع كل تأييدي للحراك بدون مسبات وكلام نابي
— Samir (@Samirphl) October 21, 2019
يا زلمي بتعرفو لو عندكم ذرة شرف وكرامة مش بتفلو بس. بتنتحرو. عقد ما صرتو اكلين مسبات من الشعب
— roger hilal (@HilalRoger) October 21, 2019
الثورة لديها مسبات تصل إلى ما بعد ما بعد حيفا
— Rabih El-Amine (@RabihElAmine) October 21, 2019
ناوية اتعلم مسبات اكبر بركي بينفش قلبي????
— M.oudeh?? (@mmod103) October 21, 2019
أستاذ علم الاجتماع فيالجامعة الأردنية الدكتور حسين الخزاعي قال: إن "لجوء الإنسان لهذا النوع منأساليب الاحتجاج، يعود لحجم الضغط الواقع عليه وعدم قدرته على مواجهة القهر والظلم".
وأوضح الخزاعيلـ"عربي21" أن الكبت "يدفع الإنسان لإخراج ما عنده بطريقة عنيفة،يفقد معها السيطرة على السلوك والألفاظ، بعد وصوله لنقطة الصفر، بالفقر والبطالةورؤية حقوقه تسلب أمام عينيه وغيره يتنعم بها".
وأكد أن الوصول لهذهالمرحلة لدى البشر يعني أن "الرجوع خطوة إلى الخلف أصبح مستحيلا، والحياةوالموت تتساوى عندهم، وهذا ما لمسناه في الجزائر والسودان واليوم في لبنان"،مضيفا "لا أعتقد أن اللبنانيين سيتراجعوا بعد خسارتهم كل شيء، ولذلك خرجواإلى الشارع لمخاطبة المسؤولين بأبشع الألفاظ والشتائم التي يستحقونها من وجهةنظرهم".
وتابع: "لغةالشتائم إذا خرجت من المظلوم والمقهور، يعني أنها وجهت لأشخاص فقدوا الأخلاقوالحياء في التعامل مع الشعوب".
ورأى أن هذه الظاهرة"صحية، لتصل الرسالة بكل وضوح وشفافية لأصحاب القرار، لأن الشعوب الآن باتتأكثر ثقافة وعلما ولم تعد كالسابق يغلب عليها الجهل ويمكن قيادتها بسهولة دونتقديم خدمات وحياة كريمة لها".
وأضاف: "على سبيلالمثال اللافتات التي شاهدها الجميع في لبنان، تشير إلى أكثر أنواع الجرأة لدىالشعوب والشفافية والاستهزاء واحتقار المسؤولين، لأن ما يفعلونه بالشعوب أبشعوأكثر قسوة من هذه العبارات".
حكام أفظع من الشتائم
من جانبه قال الكاتبالساخر سليم عزوز إن حالة الغضب الشديد التي تسود الشوارع العربية، نتيجة قمع الأنظمةالذي فاق الحدود، يضع الجميع أمام طريق مسدود لا ينفع معه إلا هذه اللغة.
وأضاف عزوزلـ"عربي21": إن "هناك رافدا جديدا دخل على خط الثورات والعملالنضالي والسياسي، وهو من خارج الأطر التقليدية والمدارس السياسية في الوطنالعربي، ورأى أن الناس التي تعاملت بأخلاق في الموجة الأولى من الربيع العربي، جرىالتنكيل بها وانتهاك حرماتها من الأنظمة الموجودة".
إقرأ أيضا: الغارديان: احتجاجات لبنان هي الأضخم منذ ثورة الأرز
وتابع: "فكرةالنظام الممارس للاستبداد في حدود معروفة للجميع اختفت، ونحن اليوم أمام مشهدتدهور واستكانة وتفريط أمام الأعداء بصورة لا يمكن تخليها، فضلا عن حكام لصوص فيسلوكهم ويقدمون نزواتهم ومصالحهم أمام، فقر مدقع وحرمان لا يوصف للشعوب ليخرجالبعض ويلوم من يشتمون الحكام".
وشدد على أن الربيعالعربي "كان ربيعا مهذبا، استغلت الثورة المضادة أخلاقه أبشع استغلال، وقامتبإهانة الناس والتنكيل بهم بشكل لا قدرة لمن ثار على مجاراته، ونحن لم نكن أمامعمل إعلامي مضاد فقط بل أمام خوض في الأعراض وسمعة العائلات، لذلك مكان من الطبيعيبروز أناس يواجهون هؤلاء بنفس الأدوات".
وقال عزوز: "أنا لا لم أمارس هذهالطريقة الاحتجاجية حتى بحدها الأدنى سابقا، لكن أنظمة أولاد السفلة لا ينفع معهااللغة الراقية واستطاع الشباب اليوم أن يوجعوا هؤلاء الحكام الذين مارسوا الابتذالفي المجتمعات وتجاوزوا كل المحرمات، والنموذج الموجود الآن من الحكام من أرذل منيمكن تخيلهم".
لكن في المقابل رأى الكاتب والصحفي المصري أن"الاحساس بالانتصار، يخلق نوعا ما من الهدوء واللطف، ويعيد الأمور إلىنصابها، والشعوب ليست غاوية شتائم وألفاظ نابية، لكنها اضطرت في لحظة ما للخروجعلى بذاءة أكبر يمارسها الحكام".
وختم بالقول: "خلال الثورات العربيةومنها المصرية، رأينا الناس كيف كانت تمسح وتكنس الشوارع بعد الاحتجاجات، فضلا عنالتفاعل في مبادرات اجتماعية، لأنها أخرجت أسوأ ما لديها حين شعرت بعدم قدرتها علىالانتصار وانتزاع الحقوق وهو أمر مؤقت".
مزيد من التفاصيل