السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,
أستاذنا القدير د. يحيي الشاعر ,
أولا : أعرب عن عميق سعادتى لأنى التقيت بك هنا , بعدما وجدت اسمك مصادفة فقررت الإنضمام لهذا المكان
وأرجو أن تسمح لي بتعليق بسيط فقط , على ما ورد هنا
في البداية ينبغي أن نؤكد على حقيقة هامة وهى أن التعميم مرفوض في كل شيئ , وبالتالى يصبح من الخفة أن نتعامل بالتعميم مع الشعوب في الإتهامات فنقول أن الفلسطينيون باعوا أرضهم أو ما شاكل ذلك
لأن كل مجتمع فيه من هذا وذاك وفى نفس الوقت التعميم في التبرئة ليس هو بالإجراء السليم في معالجة الحقائق ,
فمن الفلسطينيين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وقدموا تضحيات كنا نتمنى لو أن الإعلام ركز عليها وأبرزها , ولكن كان فيهم أيضا من باعوا القضية وتاجروا بها في القديم والحديث ولعل هذه الحقائق عندما نعرضها نكون مساهمين في تنشئة جيل يعرف الوقائع كما هى , حتى تستقيم أمامه الرؤيا فيترك شرعية الدول العميلة إلى الشرعية الوحيدة المعترف بها لوطن محتل وهى شرعية السلاح
ولا ننسي أن خونة الأمس هم أجداد خونة اليوم ,
وهذا على عموم الخيانة سواء من الفلسطينيين أو من غيرهم ,
وبغير معالجة الأمر بجدية الأمر الواقع لن نطمح في خروج جيل مقاومة لا يعرف إلا المقاومة الحقيقية وحدها
وخيانة جيل اليوم أشد وأنكى من خيانة بيع الأراضي قديما , ولعلك توافقنى على أن جيل منظمة التحرير الفلسطينية والذي تم انتخابه بمؤتمر القمة العربي فى المغرب ليكون الممثل الوحيد للشعب الفلسطينى هو نفسه ذلك الجيل الذى باع ولاءه لإسرائيل وجاهر بعمالته المفضوحة مقابل السيارات الفارهة والتعامل الديبلوماسي والتجارة والإستثمار مع السوق الإسرائيلي وها هو شيمون بيريز في مذكراته يذكر هذا الجيل ويعبر عنهم قائلا :
( هؤلاء ـ يعنى وفد مفاوضات منظمة التحرير والسلطة الوطنية ـ ليسوا فلسطينيين يعبرون عن قضاياهم بل هم يهود بوشاح فلسطينى ! )
في إشارة منه إلى مدى التطويع الذى كان ولا زال عليه هذا الجيل من عرفات إلى أبي مازن إلى دحلان
والثابت أيضا أن بعض الفلسطينيين باعوا أراضيهم لليهود طواعية في سبيل المال في نهاية القرن التاسع عشر , وعلى تلك الأراضي أسس اليهود جاليتهم التي اتسعت في القدس من 154 يهودى إلى 5000 يهودى في أعوام قليلة
وهناك من اللبنانين والسوريين المتملكين للأراضي أيضا باعوا منها الشيئ الكثير
لكن الفلسطينيون شاركوا أيضا فلم تكن أراضيهم كلها مملوكة للسوريين واللبنانيين وعائلاتهم
وقد أورد أستاذنا الكبير محمد حسنين هيكل في ثلاثية المفاوضات السرية ـ الجزء الأول أسماء ومساحات الأراضي التي حصل عليها اليهود وشارك أهل الأرض في بيعها طوعا وكرها , وهذا الأمر معروف في الأدبيات الفلسطينية ذاتها فعبر عنها شعراء الإنتفاضة مثل كمال عبد الحليم وراشد حسين وغيرهم
فقال راشد حسين على لسان إحدى فتيات فلسطين وهى تلعن خطيبها الذى باع أرضه ليجد مصاريف زواجه منها .. فكتب قصيدته ( هى والأرض ) يقول فيها
هي... والأ رض
( باع َ أرضَهُ للصهيونيين لِيدفَع مَهرَ خطيبتِهِ
فكتبت لَهُ)
وبِعتَ التُراب المقدس يا أنذَلَ العاشقينْ
لتدفعَ مهري؟!
وتبتاع َ لي ثوبَ عُرس ٍ ثمينْ.
فماذا أقولُ لطفلك لو قالَ:
«هل لي وطن»؟
وماذا أقولُ لهُ إن تساءل:
«أنتِ الثَمَن»؟!!
سحبتَ الحواكيرَ من شَعرِها
وبعتَ جدائل زيتونها
وأرخَصتَ في السوق ِ عَرضَ السُهول ِ
وخُنتَ وفاءَ بساتينِها
ومزقتَ حلماتِ ليمونِها
وبعتَ جدائلَ زيتونِها!
أتفضحُ والدةً أرضعتكَ لتَستُرَ عِرضي؟
وتترُكَ هذي البيادرَ جوعى
ليَشبَعَ رَوضي؟
أمن وَجعِ الأرض ِ.. تَصنَعُ أفراحَ
قلبي الحزين؟
أعُريُ البيادرَ يا نذلُ
يُلبسني ياسمين؟
وكما قلت سابقا ,
أن المجتمع الفلسطينى احتوى النقيضين وكما أفرز أبطالا مثل عائلة الحسينى أبرز جيلا من أجيال اليهودية المتعربة المتمثل في جيل المفاوضات ,
والفصل بينهم وضرورة التعريف بالنوعين ضرورى ليكون الفلسطينى والعربي على بينة من أمره ,
ولك كل التقدير