نشرت صحيفة "البايس" الإسبانيةتقريرا، تحدثت فيه عن اتهامات وزير الداخلية الليبي لموسكوباستخدام القوات شبه العسكرية الروسية لتوسيع نفوذها في البلاد.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته"عربي21"، إن الحرب التي بدأها المشير خليفة حفتر في نيسان/ أبريل، عندماحاول الاستيلاء على طرابلس، لا تزال مطروحة. ومع ذلك، يمكن أن يخل وجود مرتزقة روسفي الأسابيع الأخيرة، المرتبطين بشكل وثيق ببيئة الكرملين، والذين يقاتلون لدعمحفتر، بالتوازن.
اقرأ أيضا: نيويورك تايمز: النفوذ الروسي عاد إلى الساحة الدولية وسيبقى
وأوضحت الصحيفة أن هذه الوحدة العسكرية، التيأكدتها مصادر مختلفة، والتي نفاها بوضوح المتحدث باسم حفتر والحكومةالروسية، وصلت بعد أن ضمنت موسكو مجدها العسكري في سوريا وبصدد محاولة توسيعنفوذها في أفريقيا.
من جهتها، اتهمت السلطة التنفيذية الليبية المدعومة من الأممالمتحدة روسيا باستخدام هذه الجماعات شبه العسكرية لتوسيع نفوذها في البلاد، التيتعد من أهم المنتجين الاستراتيجيين للنفط.
وأوضحت الصحيفة أن هؤلاء الجنود السريين المدربينوالمجهزين بشكل جيد يشكلون جزءا من مجموعة فاغنر المبهمة. وبحسب عدة مصادر، فهيتتكون من حوالي 200 فرد، من بينهم قناصة.
ووفقا لتحقيقات مختلفة، ترتبط فاغنر برجلالأعمال يفغيني بريجوزين، المقرب للغاية من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
ظهرت فاغنر لأول مرة في ساحات القتال في أوكرانيا، وزاد عددهم وسلطتهم معالعمليات في سوريا. وفي البداية، كانت تنتشر عندما لا تستطيع موسكو التدخل رسميا،أو لا ترغب في أن تكون في العلن. في المقابل، لم يعترف الكرملين أبدا بنشاطها، حتىفي هذه المرة.
ونقلت الصحيفة عن وزير داخلية طرابلس فتحي باشاغا، في إحدى المقابلات: "لقد تدخل الروس لمزيد من تأجيج فتيل الحرب، وزيادةتفاقم الأزمة بدلا من إيجاد حل". كما أكد أيضا أن "الولايات المتحدةالأمريكية لديها التزام أخلاقي وقانوني بحل النزاع، ومنذ أن أطلق حفتر هجومه علىطرابلس، وقع تسجيل حوالي ألف ضحية، من بينهم حوالي 100 مدني، وفقا لمنظمة الأممالمتحدة".
وأوضحت الصحيفة أن روسيا أبدت اهتماما كبيرابليبيا منذ سنة 2018. وفي نهاية السنة الماضية، زار خليفة حفتر موسكو رفقة وفدعسكري، ثم التقى بوزير الدفاع سيرغي شويغو، أحد أعضاء الحكومة المقربين لبوتين، وغيره من كبار المسؤولين العسكريين. لكن في ذلك التاريخ، كان رجل الأعمال الروسييفغيني بريغوزين جالسا على الطاولة نفسها، حيث نشرت القيادة العامة للقوات المسلحةالليبية الصور على قناة اليوتيوب.
وتجدر الإشارة إلى أن الكرملين التزم الصمت في ذلكالوقت. في المقابل، أكدت مصادر مقربة من الحكومة الروسية أن بريغوزين كان حاضراهناك كمقدم للحدث. إلى جانب ذلك، أكدت بعض وسائل الإعلام الروسية المستقلة بسخريةأن "هناك شيئا ما يطبخ في ليبيا، نظرا لأن بريغوزين يعرف شعبيا باسم"طاهي بوتين".
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الجيش الخاص المرتبطبحليف بوتين بدأ القتال على الخطوط الأمامية في أيلول/ سبتمبر الماضي مع القواتالموالية لحفتر. وبعد ذلك بفترة وجيزة، وثقت عدة وسائل إعلام روسية الوفاةالمزعومة لعشرات من مواطنيها المرتزقة خلال القصف الذي قامت به قوات حكومة الوفاق الوطني، المدعومة من الأمم المتحدة، ضد جيب كان تحت سيطرةالمشير.
وأضافت الصحيفة أن حفتر حظي بدعم واضح من مصروالإمارات العربية المتحدة بشكل خاص، فضلا عن روسيا التي لم ترغب في الإفصاح عنذلك. في المقابل، تحظى حكومة الوفاق الوطني بالدعم الرسمي للأمم المتحدة، لكنشريكها العسكري الرئيسي هو كل من تركيا وقطر. ومن جهتها، أعربت فرنسا عن دعمهالطرابلس، الحكومة الوحيدة التي يعترف بها المجتمع الدولي رسميا. في المقابل، دعمتفرنسا حفتر في مختلف العمليات العسكرية.
وخلف كواليس الصراع، كانت موسكو على اتصال معالجانبين. وفي هذا السياق، أكد الخبير بمعهد وارسو ومؤلف عدة مقالات تحليلية حولهذا الموضوع، جرزيجورز كوتشينسكي، أن "موسكو حاولت ضمان مصلحة الشخص الذييتولى السلطة في ليبيا. ويعتقد جرزيجورز أنه بالنسبة لروسيا، سيكون الرجل الرئيسيهو حفتر، الذي لديه أيضا علاقة مع موسكو.
وأبرزت الصحيفة أنه من خلال دعم روسيا لهذا الرجل القويفي المستقبل، لا يتوقع الكرملين أن يتفكك الصراع. ويؤكد الخبير أنه "وفقالخطة روسيا، سيوافق حفتر على إنشاء قواعد عسكرية روسية في منطقة البحر الأبيضالمتوسط، ما يسمح لشركات موسكو بدخول قطاع النفط المحلي. وستشتري كذلك أسلحةروسية الصنع ستعمل مع مصر وسوريا، كحلقة وصل قوية في المحور الموالي للكرملين فيالشرق الأوسط".
اقرأ أيضا: حكومة "الوفاق" تتهم روسيا بتأجيج الصراع في ليبيا
من جهتهم، أكد محللون آخرون أن موسكو ستستخدم خطةتشبه إلى حد كبير تلك التي استخدمتها في الصراع السوري. وبناء على ذلك، صرحدبلوماسي غربي فضل عدم الكشف عن هويته، قائلا: "لا توجد قوات روسية نظامية فيليبيا. وسيكون من الضروري أن نسأل الطرف الذي يدفع بهذه الشركة، خاصة أن هؤلاءالجنود لا يتنقلون إلا مقابل 80 دولارا في اليوم".
وأوردت الصحيفة أن يفغيني بريجوزين أصبح لاعبارئيسيا في السياسة الخارجية الروسية التي تتسع شيئا فشيئا. وجرى الكشف عن وجودكبير للجماعات المسلحة المرتبطة بفاغنر في كل من سوريا والسودان وجمهورية أفريقياالوسطى. وفي هذه الدولة، خدم هؤلاء الجنود السريون كمستشارين عسكريين ومدربينوحراسا مسلحين مقابل الحصول على امتيازات في مجال استخراج الذهب والماس، وذلك وفقالعدة تحقيقات. بالإضافة إلى ذلك، هناك مجموعات أقل أهمية تتألف مما يسمونه"الخبراء" أو "المستشارين" في بلدان مثل الكونغو وموزمبيقوفنزويلا.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أنه بغض النظر عنالنوايا المحتملة لروسيا، فإن وصول المرتزقة المفترض يشير بوضوح إلى أن حفتر لايملك حاليا الوسائل الضرورية لغزو طرابلس. ومنذ هجومه في الرابع من نيسان/ أبريل،كانت الحركة المهمة الوحيدة التي تم تسجيلها هي استعادة مدينة غريان، الواقعة علىبعد 80 كيلومترا جنوبي العاصمة، الأمر الذي أدى إلى تدهور صورته، باعتباره الرجلالوحيد القادر على فرض النظام في ليبيا تماما حتى قبل حلفائه، مصر والإماراتالعربية المتحدة.
مزيد من التفاصيل